كتبهابلال عبد الهادي ، في 25 نيسان 2011 الساعة: 08:19 ص
المقصد الأول
في بيان أن
اللغة هل هي توقيفية أو اصطلاحية نقل السيوطي في المزهر عن أبي الفتح بن برهان في
كتاب الوصول إلى الأصول: اختلف العلماء في اللغة هل تثبت توقيفا أو اصطلاحا، فذهبت
المعتزلة إلى أن اللغات بأسرها تثبت اصطلاحا، وذهبت طائفة إلى أنها تثبت توقيفا،
وزعم الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني أن القدر الذي يدعو به الإنسان غيره إلى التواضع
يثبت توقيفا، وما عدا ذلك يجوز أن يثبت بكل واحد من الطريقتين، وقال القاضي أبو
بكر: لا يجوز أن يثبت توقيفا، ويجوز أن يثبت اصطلاحا ويجوز أن يثبت بعضه توقيفا
وبعضه اصطلاحا، والكل ممكن.
ونقل أيضا
عن إمام الحرمين أبي المعالي في البرهان: اختلف أرباب الأصول في مأخذ اللغات، فذهب
ذاهبون إلى أنها توقيف من الله تعالى، وصار صائرون إلى أنها تثبت اصطلاحا
وتواطؤا.
ونقل عن
الزركشي في البحر المحيط: حكى الأستاذ أبو منصور قولا أن التوقيف وقع في الابتداء
على لغة واحدة، وما سواها من اللغات وقع عليها التوقيف بعد الطوفان، من الله تعالى،
في أولاد نوح، حين تفرقوا في الأقطار. قال: وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن
أول من تكلم بالعربية المحضة إسماعيل، وأراد به عربية قريش التي نزل بها القرآن،
وأما عربية قحطان وحمير فكانت قبل إسماعيل عليه السلام.
وقال في
شرح الأسماء: قال الجمهور الأعظم من الصحابة والتابعين من المفسرين إنها كلها توقيف
من الله تعالى.
وقال أهل
التحقيق من أصحابنا: لابد من التوقيف في أصل اللغة الواحدة، لاستحالة وقوع الاصطلاح
على أول اللغات، من غير معرفة من المصطلحين بعين ما اصطلحوا عليه، وإذا حصل التوقيف
على لغة واحدة، جاز أن يكون ما بعدها من اللغات اصطلاحا، وأن يكون توقيفا، ولا يقطع
بأحدهما إلا بدلالة.
ثم قال:
واختلفوا في لغة العرب، فمن زعم أن اللغات كلها اصطلاح فكذا قوله في لغة العرب، ومن
قال بالتوقيف على اللغة الأخرى وأجاز الاصطلاح فيما سواها من اللغات، اختلفوا في
لغة العرب، فمنهم من قال: هي أول اللغات، وكل لغة سواها حدثت فيما بعد إما توقيفا
أو اصطلاحا، واستدلوا بأن القرآن كلام الله تعالى، وهو عربي، وهو دليل على أن لغة
العرب أسبق اللغات وجودا، ومنهم من قال: لغة العرب نوعان: أحدهما عربية حمير، وهي
التي تكلموا بها من عهد هود ومن قبله، وبقي بعضها إلى وقتنا، والثانية العربية
المحضة، التي بها نزل القرآن، وأول من أطلق لسانه بها إسماعيل، فعلى هذا القول يكون
توقيف إسماعيل على العربية المحضة يحتمل أمرين: إما أن يكون اصطلاحا بينه وبين جرهم
النازلين عليه بمكة، وإما أن يكون توقيفا من الله تعالى، وهو الصواب.
قال
السيوطي: وأخرج ابن عساكر في التاريخ، عن ابن عباس، أن آدم عليه السلام كان لغته في
الجنة العربية، فلما عصى سلبه الله العربية فتكلم بالسريانية، فلما تاب لله، رد
الله عليه العربية. وأخرج عبد الملك بن حبيب: كان اللسان الأول الذي نزل به آدم من
الجنة عربيا إلى أن بعد العهد وطال حرف وصار سريانيا، وهو منسوب إلى سورية، وهي أرض
الجزيرة، بها كان نوح عليه السلام وقومه قبل الغرق، قال: وكان يشاكل اللسان العربي،
إلا أنه محرف، وهو كان لسان جميع من في السفينة إلا رجلا واحدا يقال له جُرهم، فكان
لسانه لسان العربي الأول، فلما خرجوا من السفينة تزوج إرم بن سام بعض بناته، فمنهم
صار اللسان العربي في ولده عوص أبي عاد، وعبيل، وجاثر أبي جديس وثمود، وسميت عاد
باسم جرهم، لأنه كان جدهم من الأم، وبقي اللسان السرياني في ولد أرفخشذ بن سام إلى
أن وصل إلى يشجب بن قحطان من ذريته، وكان باليمن، فنزل هناك بنو إسماعيل فتعلم منهم
بنو قحطان اللسان العربي. وقال ابن دحية: العرب أقسام: الأول عاربة عرباء، وهم
الخلص، وهم تسع قبائل من ولد إرم بن سام بن نوح، وهي: عاد، وثمود، وأميم، وعبيل،
وطسم، وجديس، وعمليق، وجرهم، ووبار، ومنهم تعلم إسماعيل عليه السلام العربية.
والثاني المتعربة، وهم الذين ليسوا بخلص وهم بنو قحطان. والثالث المستعربة: وهم بنو
إسماعيل وهم ولد معد بن عدنان، انتهى.
وقال أبو
بكر بن دريد في الجمهرة: العرب العاربة سبع قبائل: عاد، وثمود، وعمليق، وطسم،
وجديس، وأميم، وجاسم، وقد انقرض أكثرهم إلا بقايا متفرقين في القبائل. قال: وسمي
يعرب بن قحطان لأنه أول من انعدل لسانه عن السريانية إلى العربية، وهذا معنى قول
الجوهري في الصحاح: أول من تكلم العربية يعرب بن قحطان. وقال الحاكم في المستدرك،
وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان: عن بريدة رضي الله عنه، في قوله تعالى: بلسان
عربي مبين قال: بلسان جرهم.
وقال محمد
بن سلام: وأخبرني يونس، عن أبي عمرو بن العلاء، قال: العرب كلها ولد إسماعيل، إلا
حمير وبقايا جرهم، ولذلك يروى أن إسماعيل جاورهم وأصهر إليهم.
وقال
الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه: قيل إن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل عليه
السلام، والصحيح المشهور أن العرب العاربة قبل إسماعيل وهم: عاد، وثمود، وطسم،
وجديس، وأميم، وجرهم، والعماليق. وأمم آخرون كانوا قبل الخليل عليه السلام، وفي
زمانه أيضا، فأما العرب المستعربة وهم عرب الحجاز فمن ذرية إسماعيل عليه السلام،
وأما عرب اليمن، وهم حمير، فالمشهور أنهم من قحطان، واسمه مهزم. قال ابن ماكولا،
وذكروا أنهم كانوا أربعة إخوة، وقيل: من ذريته، وقيل: إن قحطان ابن هود، وقيل:
أخوه، وقيل: من ذريته، وقيل: إن قحطان من سلالة إسماعيل عليه السلام، حكاه ابن
إسحاق وغيره، والجمهور أن العرب القحطانية من عرب اليمن وغيرهم ليسوا من سلالة
إسماعيل عليه السلام. وقال الشيرازي في كتاب الألقاب، بسنده إلى مسمع بن عبد الملك،
عن محمد بن علي بن الحسين، عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول من فتق
لسانه بالعربية المبينة إسماعيل عليه السلام، وهو ابن أربع عشرة سنة . وفي جزء
الغطريف بسنده إلى عمر بن الخطاب أنه قال: يا رسول الله، مالك أفصحنا، ولم تخرج من
بين أظهرنا? قال: كانت لغة إسماعيل قد درست، فجاء بها جبريل عليه السلام فحفظنيها
فحفظتها أخرجه ابن عساكر في تاريخه.
وأخرج
الديلمي في مسند الفردوس عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلت
لي أمتي في الماء والطين وعلمت الأسماء كلها كما علم آدم الأسماء كلها.
المقصد
الثاني- في سعة لغة العرب
في المزهر:
قال أبو الحسن أحمد بن فارس في فقه اللغة: باب القول على لغة العرب، وهل يجوز أن
يحاط بها، قال بعض الفقهاء: كلام العرب لا يحيط به إلا نبي. قال ابن فارس: وهذا
كلام حري أن يكون صحيحا، وما بلغنا عن أحد ممن مضى أنه ادعى حفظ اللغة كلها، فأما
الكتاب المنسوب إلى الخليل، وما في خاتمته من قوله: هذا آخر كلام العرب فقد كان
الخليل أورع وأتقى لله تعالى من أن يقول ذلك. قال السيوطي: وهذا الذي نقله عن بعض
الفقهاء نص عليه الإمام الشافعي رضي الله عنه، فقال في أول الرسالة: لسان العرب
أوسع الألسنة مذهبا، وأكثرها ألفاظا، ولا نعلم أنه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي،
ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها، حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه، والعلم عند
العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه، لا يعلم رجل جميع السنن، فلم يذهب منها عليه
شيء، فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فرق علم كل واحد منهم
ذهب عليه الشيء منها ثم كان ما ذهب عليه منها موجودا عند غيره، وهم في العلم طبقات،
منهم الجامع لأكثره وإن ذهب عليه بعضه، ومنهم الجامع لأقل مما جمع غيره، وليس قليل
ما ذهب من السنن على من جمع أكثرها دليلا على أن يطلب علمه عند غير طبقته، من أهل
العلم، بل يطلب عند نظرائه ما ذهب عليه حتى يؤتى على جميع سنن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، بأبي هو وأمي، فتفرد جملة العلماء بجملتها، وهو درجات فيما وعوا منها،
وهذا لسان العرب عند خاصتها وعامتها لا يذهب منه شيء عليها، ولا يطلب عند غيرها،
ولا يعلمه إلا من قبله منها، ولا يشركها فيه إلا من اتبعها في تعلمه منها ومن قبله
منها فهو من أهل لسانها وعلم أكثر اللسان في أكثر العرب أعم من علم أكثر السنن في
العلماء. هذا نص الإمام الشافعي بحروفه، انتهى.
وقال ابن
فارس في موضع آخر: اعلم أن لغة العرب لم تنته إلينا بكليتها، وأن الذي جاء عن العرب
قليل من كثير، وأن كثيرا من الكلام ذهب بذهاب أهله، والله أعلم.
المقصد
الثالث - في عدة أبنية الكلام
في المزهر
نقلا عن مختصر كتاب العين للزبيدي ما نصه: عدة مستعمل الكلام كله ومهمله ستة آلاف
ألف وتسعة وخمسون ألفا وأربعمائة، المستعمل منها خمسة آلاف وستمائة وعشرون، والمهمل
ستة آلاف ألف وستمائة ألف وثلاثة وتسعون ألفا وسبعمائة وثمانون، عدة الصحيح منه ستة
آلاف ألف وستمائة ألف وثلاثة وخمسون ألفا وأربعمائة، والمعتل ستة آلاف، المستعمل من
الصحيح ثلاثة آلاف وتسعمائة وأربعة وأربعون، والمهمل منه ستة آلاف ألف وتسعة
وثمانون ألفا وأربعمائة وستة وخمسون، والمستعمل من المعتل ألف وستمائة وستة وسبعون،
والمهمل منه أربعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وعشرون. عدة الثنائي سبعمائة وخمسون،
المستعمل منه أربعمائة وتسعة وثمانون، والمهمل مائتان وواحد وستون، الصحيح منه
ستمائة، والمعتل مائة وخمسون، المستعمل من الصحيح أربعمائة وثلاثة، والمهمل مائة
وسبعة وتسعون، والمستعمل من المعتل ستة وثمانون، والمهمل أربعة وستون. وعدة الثلاثي
تسعة عشر ألفا وستمائة وخمسون، المستعمل منه أربعة آلاف ومائتان وتسعة وستون،
والمهمل خمسة عشر ألفا وثلاثمائة وواحد وثمانون، الصحيح منه ثلاثة عشر ألفا
وثمانمائة، والمعتل سوى اللفيف خمسة آلاف وأربعمائة، واللفيف أربعمائة وخمسون،
المستعمل من الصحيح ألفان وستمائة وتسعة وسبعون، والمهمل أحد عشر ألفا ومائة وأحد
وعشرون، والمستعمل من المعتل سوى اللفيف ألف وأربعمائة وأربعة وثلاثون، والمهمل
ثلاثة آلاف وتسعمائة وستة وستون، والمستعمل من اللفيف مائة وستة وخمسون، والمهمل
مائتان وأربعة وتسعون. وعدة الرباعي ثلاثمائة ألف وثلاثة آلاف وأربعمائة، المستعمل
ثمانمائة وعشرون، والمهمل ثلاثمائة ألف وألفان وخمسمائة وثمانون. وعدة الخماسي ستة
آلاف ألف وثلاثمائة ألف وخمسة وسبعون ألفا وستمائة، المستعمل منه اثنان وأربعون،
والمهمل ستة آلاف ألف وثلاثمائة ألف وخمسة وسبعون ألفا، وخمسمائة وثمانية
وخمسون.
قال
الزبيدي. وهذا العدد من الرباعي والخماسي على الخمسة والعشرين حرفا من حروف المعجم
خاصة، دون الهمزة وغيرها، وعلى أن لا يتكرر في الرباعي والخماسي حرف من نفس الكلمة،
ثم قال: وعدة الثنائي الخفيف والضربين من المضاعف على نحو ما ألحقناه في الكتاب
ألفا حرف ومائتا حرف وخمسة وسبعون حرفا، المستعمل من ذلك مائة واثنان، والمهمل ألفا
حرف ومائة حرف وثلاثة وسبعون حرفا، الصحيح من ذلك ألف حرف وثمانمائة وخمسة وعشرون،
والمعتل أربعمائة وخمسون، المستعمل من الصحيح تسعة وخمسون، والمهمل ألف وسبعمائة
وستة وستون، والمستعمل من المعتل ثلاثة وأربعون، والمهمل أربعمائة وسبعة،
انتهى.
المقصد
الرابع- في المتواتر من اللغة والآحاد
قال
العلامة أبو الفضل: نقلا عن لمع الأدلة لابن الأنباري، اعلم أن النقل على قسمين:
تواتر وآحاد، فأما التواتر فلغة القرآن، وما تواتر من السنة وكلام العرب، وهذا
القسم دليل قطعي من أدلة النحو، يفيد العلم أي ضروريا، وإليه ذهب الأكثرون، أو
نظريا، ومال إليه آخرون، وقيل: لا يفضي إلى علم البتة، وهو ضعيف، وما تفرد بنقله
بعض أهل اللغة ولم يوجد فيه شرط التواتر، وهو دليل مأخوذ به، فذهب الأكثرون إلى أنه
يفيد الظن، وقيل: العلم وليس بصحيح، لتطرق الاحتمال فيه، ثم قال: وشرط التواتر أن
يبلغ عدد النقلة إلى حد لا يجوز على مثلهم الاتفاق على الكذب في لغة القرآن، وما
تواتر من ألسنة العرب، وقيل: شرطه أن يبلغوا خمسة، والصحيح هو الأول. قال قوم من
الأصوليين: إنهم أقاموا الدلائل على خبر الواحد أنه حجة في الشرع، ولم يقيموا
الدلالة على ذلك في اللغة، فكان هذا أولى.
وقال
الإمام فخر الدين الرازي، وتابعه الإمام تاج الدين الأرموي صاحب الحاصل: إن اللغة
والنحو والتصريف ينقسم إلى قسمين، قسم منه متواتر، والعلم الضروري حاصل بأنه كان في
الأزمنة الماضية موضوعا لهذه المعاني، فإنا نجد أنفسنا جازمة بأن السماء والأرض
كانتا مستعملتين في زمانه صلى الله عليه وسلم في معناهما المعروف، وكذلك الماء
والنار والهواء وأمثالها، وكذلك لم يزل الفاعل مرفوعا، والمفعول منصوبا، والمضاف
إليه مجرورا، ثم قال: ومنه مظنون، وهو الألفاظ الغريبة، والطريق إلى معرفتها
الآحاد، وأكثر ألفاظ القرآن ونحوه وتصريفه من القسم الأول، والثاني منه قليل جدا،
فلا يتمسك به في القطعيات ويتمسك به في الظنيات، انتهى.
وأما
المنقطع ففي لمع الأدلة: هو الذي انقطع سنده، نحو أن يروي ابن دريد عن أبي زيد، وهو
غير مقبول، لأن العدالة شرط في قبول النقل، وانقطاع سند النقل يوجب الجهل بالعدالة،
فإن من لم يذكر لم تعرف عدالته. وذهب بعضهم إلى قبوله، وهو غير مرضي.
وأما
الآحاد فهو ما انفرد بروايته واحد من أهل اللغة، ولم ينقله أحد غيره، وحكمه القبول
إذا كان المنفرد به من أهل الضبط والإتقان، كأبي زيد الأنصاري، والخليل، والأصمعي،
وأبي حاتم، وأبي عبيدة وأقرانهم، وشرطه أن لا يخالف فيه أكثر عددا منه.
وأما
الضعيف فهو ما انحط عن درجة الفصيح. والمنكر أضعف منه وأقل استعمالا. والمتروك ما
كان قديما من اللغات ثم ترك واستعمل غيره. وأما الفصيح من اللغة، ففي المزهر ما
نصه: المفهوم من كلام ثعلب أن مدار الفصاحة على كثرة استعمال العرب لها،
انتهى.
ومثله قال
القزويني في الإيضاح: وقالوا أيضا: الفصاحة في المفرد خلوصه من تنافر الحروف، ومن
الغرابة، ومن مخالفة القياس اللغوي، وبيان ذلك مذكور في محله. قال ابن دريد في
الجمهرة واعلم أن أكثر الحروف استعمالا عند العرب الواو والياء والهمزة، وأقل ما
يستعملون لثقلها على ألسنتهم الظاء، ثم الذال، ثم الثاء، ثم الشين، ثم الخاء، ثم
القاف، ثم العين، ثم النون، ثم اللام، ثم الراء، ثم الباء، ثم الميم، فأخف هذه
الحروف كلها ما استعملته العرب في أصول أبنيتهم من الزوائد، لاختلاف المعنى،
انتهى.
وفي
عروس الأفراح: رتب الفصاحة منها متقاربة، فإن الكلمة تخف وتثقل بحسب الانتقال من
حرف إلى حرف لا يلائمه قربا أو بعدا، فإن كانت الكلمة ثلاثية فتراكيبها اثنا عشر
فذكرها، ثم قال: وأحسن هذه التراكيب وأكثرها استعمالا ما انحدر فيه من الأعلى إلى
الأوسط إلى الأدنى، ثم ما انتقل فيه من الأوسط إلى الأدنى إلى الأعلى، ثم من الأعلى
إلى الأدنى، وأقل الجميع استعمالا ما انتقل فيه من الأدنى إلى الأعلى إلى الأوسط،
هذا إذا لم ترجع إلى ما انتقلت عنه، فإن رجعت فإن كان الانتقال من الحرف إلى الحرف
الثاني في انحدار من غير طفرة، والطفرة الانتقال من الأعلى إلى الأدنى أو عكسه، كان
التركيب أخف وأكثر، وإلا كان أثقل وأقل استعمالا. فيه أيضا أن الثلاثي أفصح من
الثنائي والأحادي، ومن الرباعي والخماسي، انتهى.
وذكر حازم
القرطاجني وغيره: من شروط الفصاحة أن تكون الكلمة متوسطة من قلة الحروف وكثرتها،
والمتوسطة ثلاثة أحرف.
المقصد
الخامس- في بيان الأفصح
قال أبو
الفضل: أفصح الخلق على الإطلاق سيدنا ومولانا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال
صلى الله عليه وسلم أنا أفصح العرب رواه أصحاب الغريب، ورووه أيضا بلفظ أنا أفصح
من نطق بالضاد بيد أني من قريش وإن تكلم في الحديث.
ونقل عن
أبي الخطاب بن دحية: اعلم أن الله تعالى لما وضع رسوله صلى الله عليه وسلم موضع
البلاغ من وحيه، ونصبه منصب البيان لدينه، اختار له من اللغات أعربها، ومن الألسن
أفصحها وأبينها، ثم أمده بجوامع الكلم، انتهى.
ثم قال:
وأفصح العرب قريش، وذلك لأن الله تعالى اختارهم من جميع العرب، واختار منهم محمدا
صلى الله عليه وسلم، فجعل قريشا سكان حرمه وولاة بيته، فكانت وفود العرب من حجاجها
وغيرهم يفدون إلى مكة للحج، ويتحاكمون إلى قريش، وكانت قريش مع فصاحتها، وحسن
لغاتها، ورقة ألسنتها، إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن
لغاتهم، وأصفى كلامهم، فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طبعوا
عليها، فصاروا بذلك أفصح العرب، ألا ترى أنك لا تجد في كلامهم عنعنة تميم ولا عجرفة
قيس ولا كشكشة أسد ولا كسكسة ربيعة. قلت: قال الفراء. العنعنة في قيس وتميم تجعل
الهمزة المبدوء بها عينا، فيقولون في إنك عنك، وفي أسلم عسلم. والكشكشة في ربيعة
ومضر يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينا، فيقولون رأيتكش ومررت بكش. والكسكسة
فيهم أيضا يجعلون بعد الكاف أو مكانها سينا في المذكر. والفحفحة في لغة هذيل يجعلون
الحاء عينا.
والوكم
والوهم كلاهما في لغة بني كلب، من الأول يقولون عليكم وبكم، حيث كان قبل الكاف ياء
أو كسرة، ومن الثاني يقولون منهم وعنهم وإن لم يكن قبل الهاء ياء ولا
كسرة.
والعجعجة
في قضاعة، يجعلون الياء المشددة جيما، يقولون في تميمي تميمج. والاستنطاء لغة سعد
بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار يجعلون العين الساكنة نونا إذا جاورت الطاء،
كأنطى في أعطى. والوتم في لغة اليمن يجعل الكاف شينا مطلقا، كلبيش اللهم لبيش. ومن
العرب من يجعل الكاف جيما كالجعبة، يريد الكعبة.
وفي فقه
اللغة للثعالبي اللخلخانية تعرض في لغة أعراب الشحر وعمان، كقولهم مشا الله، أي ما
شاء الله. والطمطمانية تعرض في لغة حمير، كقولهم طاب امهواء أي طاب
الهواء.
المقصد
السادس- في بيان المطرد والشاذ والحقيقة والمجاز والمشترك والأضداد
والمترادف والمعرب والمولد
أما الكلام
على الاطراد والشذوذ، فقال ابن جنى في الخصائص إنه على أربعة أضرب. مطرد في القياس
والاستعمال جميعا، وهذا هو الغاية المطلوبة، نحو قام زيد وضربت عمرا. ومطرد في
القياس شاذ في الاستعمال، وذلك نحو الماضي من يذر ويدع. ومطرد في الاستعمال شاذ في
القياس كاستحوذ، واستنوق الجمل، واستفيل الجمل. وشاذ في الاستعمال والقياس جميعا
كقولهم ثوب مصوون، وفرس مقوود، ورجل معوود من مرضه. ومن الشواذ باب فعل يفعل بكسر
العين فيهما كورث وومق ووري وولي، وقد يأتي الكلام عليه في محله.
أما
الحقيقة والمجاز.ففي النوع الرابع والعشرين من المزهر، قال العلامة فخر الدين
الرازي: جهات المجاز يحضرنا منها اثنا عشر وجها. أحدها التجوز بلفظ السبب عن
المسبب، ثم الأسباب أربعة: القابل، كقولهم سال الوادي، والصوري، كقولهم لليد إنها
قدرة، والفاعل، كقولهم نزل السحاب أي المطر، والغائي كتسميتهم العنب الخمر. الثاني
بلفظ المسبب عن السبب، كتسميتهم المرض الشديد بالموت. الثالث المشابهة، كالأسد
للشجاع. والرابع المضادة، كالسيئة للجزاء. الخامس والسادس بلفظ الكل للجزء، كالعام
للخاص، واسم الجزء للكل، كالأسود للزنجي. والسابع اسم الفعل على القوة، كقولنا
للخمرة في الدن إنها مسكرة. والثامن المشتق بعد زوال المصدر. والتاسع المجاورة،
كالراوية للقربة. والعاشر المجاز العرفي وهو إطلاق الحقيقة على ما هجر عرفا،
كالدابة للحمار. والحادي عشر الزيادة والنقصان، كقوله ليس كمثله شيء، واسأل القرية.
والثاني عشر اسم المتعلق على المتعلق به، كالمخلوق بالخلق، انتهى.
وقال
القاضي تاج الدين السبكي في شرح المنهاج بعد كلام طويل: والفرض أن الأصل الحقيقة،
والمجاز خلاف الأصل، فإذا دار اللفظ بين احتمال المجاز واحتمال الحقيقة فاحتمال
الحقيقة أرجح، انتهى.
وقال
الإمام وأتباعه: الفرق بين الحقيقة والمجاز إما أن يقع بالتنصيص أو بالاستدلال، أما
التنصيص فأن يقول الواضع: هذه حقيقة، وهذا مجاز، وتقول ذلك أئمة اللغة، وأما
الاستدلال فبالعلامات، فمن علامات الحقيقة تبادر الذهن إلى فهم المعنى، والعراء عن
القرينة، ومن علامات المجاز إطلاق اللفظ على ما يستحيل تعلقه به، واستعمال اللفظ في
المعنى المنسي، كاستعمال لفظ الدابة في الحمار، فإنه موضوع في اللغة لكل ما يدب على
الأرض، انتهى.
قال ابن
برهان: وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: لا مجاز في لغة العرب. وحكى التاج
السبكي عن خط الشيخ تقي الدين بن الصلاح أن أبا القاسم بن كج حكى عن أبي علي
الفارسي إنكار المجاز، فقال إمام الحرمين في التلخيص، والغزالي في المنخول: لا يصح
عن الأستاذ هذا القول، وأما عن الفارسي فإن الإمام أبا الفتح بن جني تلميذ الفارسي،
وهو أعلم الناس بمذهبه، ولم يحك عنه ذلك، بل حكى عنه ما يدل على إثباته. ثم قال ابن
برهان بعد كلام أورده: ومنكر المجازات في اللغة جاحد للضرورة، ومعطل محاسن لغة
العرب، قال امرؤ القيس:
فقلت له
لما تمطى بصلبـه وأردف أعجازا وناء بكلكل
وليس لليل
صلب ولا أرداف. وأما المشترك. فهو اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر
دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة، واختلف الناس فيه، فالأكثرون على أنه ممكن
الوقوع، لجواز أن يقع إما من واضعين بأن يضع أحدهما لفظا لمعنى، ثم يضعه الآخر
لمعنى آخر، ويشتهر ذلك اللفظ ما بين الطائفتين في إفادة المعنيين، وهذا على أن
اللغات غير توقيفية، وإما من واضع واحد لغرض الإبهام على السامع، حيث يكون التصريح
سببا لمضرة، كما روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد سأله رجل عن النبي صلى
الله عليه وسلم وقت ذهابهما إلى الغار: من هذا? قال: هذا رجل يهديني السبيل.
والأكثرون أيضا على أنه واقع لنقل أهل اللغة ذلك في كثير من الألفاظ، ومن الناس من
أوجب وقوعه، قال: لأن المعاني غير متناهية، والألفاظ متناهية، فإذا وزع لزم
الاشتراك، وذهب بعضهم إلى أن الاشتراك أغلب، كذا في المزهر، ومن أمثلة المشترك
الرؤية والعين والهلال والخال، وسيأتي بيان ذلك كله في مواضعه.
وأما
الأضداد: فنقل السيوطي عن المبرد في كتاب ما اتفق لفظه واختلف
معناه: في كلام العرب اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى
واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين. فالأول كقولك: ذهب وجاء وقام وقعد، ورجل
وفرس ويد ورجل. وأما الثاني فكقولك: حسبت وظننت وقعدت وجلست، وذراع وساعد وأنف
ومرسن. وأما الثالث فكقولك وجدت شيئا، إذا أردت وجدان الضالة، ووجدت على الرجل، من
الموجدة، ووجدت زيدا كريما أي علمت، ومنه ما يقع على شيئين متضادين، كقولهم جلل
للصغير وللكبير، والجون للأسود والأبيض. قلت: ومثله كلام ابن فارس في فقه اللغة،
وبسطه أبو الطيب اللغوي في كتاب الأضداد.
وأما
المترادف : فقال الإمام فخر الدين الرازي: هو الألفاظ المفردة الدالة
على شيء واحد باعتبار واحد، والفرق بينه وبين التوكيد، أن أحد المترادفين يفيد ما
أفاده الآخر، كالإنسان والبشر، وفي التوكيد يفيد الثاني تقوية الأول، والفرق بينه
وبين التابع، أن التابع وحده لا يفيد شيئا، كقولنا عطشان نطشان. قال التاج السبكي
في شرح المنهاج: وذهب بعض الناس إلى إنكار المترادف في اللغة العربية، وزعم أن كل
ما يظن من المترادفات فهو من المتباينات التي تتباين بالصفات، كما في الإنسان
والبشر، فإن الأول موضوع له باعتبار النسيان أو الإنس، والثاني باعتبار أنه بادي
البشرة، وكذا الخندريس والعقار، فإن الأول باعتبار العتق، والثاني باعتبار عقر
الدن، لشدة ما فيها، قال: واختاره ابن فارس في كتابه الذي ألفه في فقه اللغة
العربية. ونقل الجلال عن الكيا في تعليقه في الأصول: الألفاظ التي لمعنى واحد تنقسم
إلى ألفاظ مترادفة، وألفاظ متواردة. فالمترادفة كما يسمى الخمر عقارا وصهباء وقهوة،
والسبع ليثا وأسدا وضرغاما. والمتواردة هي التي يقام لفظ مقام لفظ، لمعان متقاربة،
يجمعها معنى واحد، كما يقال: أصلح الفاسد، ولم الشعث، ورتق الفتق، وشعب الصدع،
انتهى.
قال: وهذا
تقسيم غريب، وقد ألف فيه القاضي مجد الدين الشيرازي كتابا وسماه الروض المسلوف فيما
له اسمان إلى الألوف.
وأما
المعرب : فهو ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير
لغتها، قال الجوهري في الصحاح: تعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها،
تقول: عربته العرب وأعربته وقال أبو عبيد القاسم بن سلام، وأما لغات العجم في
القرآن فروي عن ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة أنهم قالوا في أحرف كثيرة إنها بلغات
العجم، وقال أهل العربية: إن القرآن ليس فيه من كلام العجم شيء، لقوله تعالى قرآنا
عربيا وقوله بلسان عربي مبين : قال أبو عبيد والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين
جميعا، وذلك أن هذه الحروف أصولها أعجمية، كما قال الفقهاء، إلا أنها سقطت إلى
العرب فأعربتها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، ثم نزل القرآن وقد
اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال إنها عربية فهو صادق، ومن قال عجمية فهو
صادق، اه.
وقد ألف
فيه الإمام أبو منصور الجواليقي وغيره. ثم ذكر الجلال فائدة نصها: سئل بعض العلماء
عما عربته العرب من اللغات واستعملته في كلامها: هل يعطي حكم كلامها فيشتق ويشتق
منه? فأجاب بما نصه: ما عربته العرب من اللغات واستعملته في كلامها، من فارسي ورومي
وحبشي وغيره، وأدخلته في كلامها، على ضربين. أحدهما أسماء الأجناس كالفرند
والإبريسم واللجام والآجر والباذق والقسطاس والإستبرق. والثاني ما كان في تلك
اللغات علما فأجروه على علميته كما كان، لكنهم غيروا لفظه، وقربوه من ألفاظهم،
وربما ألحقوه بأبنيتهم، وربما لم يلحقوه، ويشاركه الضرب الأول في هذا الحكم لا في
العلمية، إلا أنه ينقل كما ينقل العربي، وهذا الثاني هو المعتد بعجمته في منع
الصرف، بخلاف الأول، وذلك كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء إلا ما
استثني منها من العربي كهود وصالح ومحمد صلى الله عليه وسلم، وغير الأنبياء كبيروز
وتكين ورستم وهرمز، وكأسماء البلدان التي هي غير عربية، كإصطخر ومرو وبلخ وسمرقند
وقندهار وخراسان وكرمان وكوركان وغير ذلك. فما كان من الضرب الأول فأشرف أحواله أن
يجري عليه حكم العربي فلا يتجاوز به حكمه. فقول السائل: يشتق. جوابه المنع، لأنه لا
يخلو أن يشتق من لفظ عربي أو عجمي مثله، ومحال أن يشتق العجمي من العربي أو العربي
منه، لأن اللغات لا تشتق الواحدة منها من الأخرى، مواضعة كانت في الأصل أو إلهاما،
وإنما يشتق في اللغة الواحدة بعضها من بعض، لأن الاشتقاق نتاج وتوليد، ومحال أن تلد
المرأة إلا إنسانا، وقد قال أبو بكر محمد بن السري في رسالته في الاشتقاق وهي أهم
ما وضع في هذا الفن من علوم اللسان: ومن اشتق العجمي المعرب من العربي كان كمن ادعى
أن الطير من الحوت. وقول السائل: ويشتق منه. فقد لعمري يجرى على هذا الضرب المجرى
مجرى العربي كثير من الأحكام الجارية على العربي، من تصرف فيه، واشتقاق منه، ثم
أورد أمثلة كاللجام وأنه معرب من لغام، وقد جمع على لجم ككتب، وصغر على لجيم، وأتى
للفعل منه بمصدر وهو الإلجام، وقد ألجمه فهو ملجم وغير ذلك، ثم قال: وجملة الجواب
أن الأعجمية لا تشتق، أي لا يحكم عليها أنها مشتقة، وإن اشتق من لفظها، فإذا وافق
لفظ أعجمي لفظا عربيا في حروفه، فلا ترين أحدها مأخوذا من الآخر كإسحاق ويعقوب،
فليسا من لفظ أسحقه الله إسحاقا، أي أبعده، ولا من اليعقوب اسم الطائر، وكذا سائر
ما وقع في الأعجمي موافقا لفظ العربي، انتهى
وأما
المولد: فهو ما أحدثه المولدون الذين لا يحتج بألفاظهم، والفرق
بينه وبين المصنوع أن المصنوع يورده صاحبه على أنه عربي فصيح، وهذا بخلافه، وفي
مختصر العين للزبيدي أن المولد من الكلام: المحدث، وفي ديوان الأدب للفارابي: يقال:
هذه عربية، وهذه مولدة، كذا في المزهر، وستأتي أمثلته إن شاء الله
تعالى.
المقصد
السابع- في معرفة آداب اللغوي
وفيه
تنبيه، قال السيوطي في المزهر: أول ما يلزمه الإخلاص وتصحيح النية، ثم التحري في
الأخذ عن الثقات، مع الدأب والملازمة عليهما، وليكتب كل ما رآه ويسمعه، فذلك أضبط
له، وليرحل في طلب الغرائب والفوائد كما رحل الأئمة، وليعتن بحفظ أشعار العرب، مع
تفهم ما فيها من المعاني واللطائف، فإن فيها حكما ومواعظ وآدابا يستعان بها على
تفسير القرآن والحديث، وإذا سمع من أحد شيئا فلا بأس أن يتثبت فيه، وليترفق بمن
يأخذ عنه ولا يكثر عليه ولا يطول بحيث يضجر، ثم إنه إذا بلغ الرتبة المطلوبة صار
يدعى الحافظ، ووظائفه في هذا العلم أربعة: أحدهما وهي العليا الإملاء، كما أن
الحفاظ من أهل الحديث أعظم وظائفهم الإملاء، وقد أملى حفاظ اللغة من المتقدمين
الكثير، فأملى أبو العباس ثعلب مجالس عديدة في مجلد ضخم، وأملى ابن دريد مجالس
كثيرة رأيت منها مجلدا، وأملى أبو محمد القاسم بن الأنباري وولده أبو بكر ما لا
يحصى، وأملى أبو علي القالي خمس مجلدات وغيرهم، وطريقتهم في الإملاء كطريقة
المحدثين يكتب المستملي أول القائمة: مجلس أملاه شيخنا فلان، بجامع كذا، في يوم
كذا، ويذكر التاريخ، ثم يورد المملي بإسناده كلاما عن العرب والفصحاء، فيه غريب
يحتاج إلى التفسير، ثم يفسره، ويورد من أشعار العرب وغيرها بأسانيده، ومن الفوائد
اللغوية بإسناد وغير إسناد، مما يختاره، وقد كان هذا في الصدر الأول فاشيا كثيرا،
ثم ماتت الحفاظ، وانقطع إملاء اللغة من دهر مديد، واستمر إملاء الحديث. قال
السيوطي: ولما شرعت في إملاء الحديث سنة 873 وجددته بعد انقطاعه عشرين سنة من سنة
مات الحافظ أبو الفضل بن حجر أردت أن أجدد إملاء اللغة وأحييه بعد دثوره فأمليت
مجلسا واحدا، فلم أجد له حملة ولا من يرغب فيه فتركته، وآخر من علمته أملى على
طريقة اللغويين أبو القاسم الزجاجي، له أمالي كثيرة في مجلد ضخم، وكانت وفاته في
سنة 339 ولم أقف على أمالي لأحد بعده. ومن آدابه: الإفتاء في اللغة، وليقصد التحري
والإبانة والإفادة والوقوف عند ما يعلم، وليقل فيما لا يعلم: لا أعلم. ومن آدابه
الرواية والتعليم، ومن آدابهما الإخلاص وأن يقصد بذلك نشر العلم وإحياءه والصدق في
الرواية والتحري والنصح والاقتصار على القدر الذي تحمله طاقة المتعلم. ومن آداب
اللغوي أن يمسك عن الرواية إذا كبر ونسي وخاف التخليط، ولا بأس بامتحان من قدم
ليعرف محله في العلم، وينزل منزلته، لا لقصد تعجيزه وتنكيسه فإن ذلك
حرام.
تنبيه قال
أبو الحسين أحمد بن فارس: تؤخذ اللغة اعتيادا، كالصبي العربي يسمع أبويه وغيرهما،
فهو يأخذ اللغة عنهم على ممر الأوقات، وتؤخذ تلقنا من ملقن، وتؤخذ سماعا من الرواة
الثقات، وللمتحمل بهذه الطرق عند الأداء والرواية صيغ، أعلاها أن يقول: أملى علي
فلان، ويلي ذلك: سمعت، ويلي ذلك أن يقول: حدثني فلان، وحدثنا إذا حدثه وهو مع غيره،
ويلي ذلك أن يقول: قال لي فلان، وقال فلان، بدون لي، ويلي ذلك أن يقول: عن فلان،
ومثله: إن فلانا قال. ويقال في الشعر: أنشدنا، وأنشدني، على ما تقدم، وقد يستعمل
فيه حدثنا وسمعت ونحوهما.
وفي المزهر
في باب معرفة طرق الأخذ والتحمل وهي ستة: أحدها السماع من لفظ الشيخ أو العربي.
ثانيها القراءة على الشيخ ويقول عند الرواية قرأت على فلان. ثالثها السماع على
الشيخ بقراءة غيره ويقول عند الرواية قرئ على فلان وأنا أسمع، وقد يستعمل في ذلك
أيضا أخبرنا قراءة عليه وأنا أسمع وأخبرني فيما قرئ عليه وأنا أسمع، ويستعمل في ذلك
أيضا حدثنا فيما قرئ عليه وأنا أسمع. رابعها الإجازة، وذلك في رواية الكتب والأشعار
المدونة، قال ابن الأنباري: الصحيح جوازها. خامسها الكتابة، سادسها الوجادة
وأمثلتها في كتب اللغة كثيرة.
المقصد
الثامن - وفيه أنواع
النوع
الأول في بيان مراتب اللغويين وفيه نوعان:
الأول في
بيانه أئمة اللغة من البصريين وبيان أسانيدهم ووفياتهم وكناهم. نقل السيوطي في
المزهر عن أبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي في كتابه مراتب النحويين ما حاصله:
إن أول من رسم للناس النحو واللغة أبو الأسود الدؤلي، وكان أخذ ذلك عن أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان من أعلم الناس بكلام العرب مات سنة 69
قال أبو حاتم: تعلم منه ابنه عطاء بن أبي الأسود، ثم أبو سليمان يحيى بن يعمر
العدواني، ثم أبو عبد الله ميمون الأقرن، ثم عنبسة الفيل، قيل هو لقب أبيه. ثم أخذ
عن يحيى عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وكان أعلم أهل البصرة بها، وكان في عصره
أبو عمرو بن العلاء المازني، اختلف في اسمه على أحد وعشرين قولا، أصحها زبان بالزاي
والباء المشددة موحدة، وقيل: اسمه كنيته، مات سنة 159 أخذ عن يحيى وميمون وغيرهما،
وكان أعلم الناس بالعربية، أخذ عنه جماعة، منهم أبو عمر عيسى بن يوسف الثقفي، مات
سنة 150، ويونس بن حبيب الضبي، مات سنة 182 عن 72 سنة وأبو الخطاب عبد المجيد بن
عبد الحميد الأخفش الكبير، فكان هؤلاء الثلاثة أعلم الناس وأفصحهم. وممن أخذ عن أبي
عمرو أبو جعفر محمد بن الحسن الرؤاسي عالم الكوفة، وهو أستاذ الكسائي، فأخذ عن عيسى
بن عمر أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، مات في سنة 175 وكان أعلم الناس
وأتقاهم، وعنه وعن أبي الخطاب ويونس الإمام أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري مات سنة
215 عن 93 وقيل غير ذلك، وأبو عبيدة معمر بن المثنى مات سنة 209 وأبو سعيد عبد
الملك بن قريب الأصمعي ولد سنة 123 ومات سنة 212 وأخذ الثلاثة هؤلاء عن أبي عمرو بن
العلاء أولا، ثم عمن ذكر من تلاميذه، وأخذ الثلاثة أيضا عن أبي مالك عمرو بن كركرة
النميري صاحب النوادر، وابن الدقيش الأعرابي، وأخذ الخليل أيضا عن هؤلاء، وكان أبو
زيد أحفظ الناس للغة بعد مالك، وعنه أخذ إمام النحو واللغة أبو بشر عمرو بن عثمان
بن قنبر الملقب بسيبويه، مات بشيراز سنة 180 عن 32 وقال ابن الجوزي: مات بساوة سنة
194 وقيل غير ذلك، وإليه انتهى النحو. وأما أبو عبيدة فإنه أول من صنف الغريب، وكان
أعلم الناس بأيام العرب وأخبارهم وعلومهم، كان يقول: ما التقى فرسان في جاهلية أو
إسلام إلا عرفتهما وعرفت فارسيهما. وأما الأصمعي فكان أتقن القوم باللغة، وأعلمهم
بالشعر، وأحضرهم حفظا، وكان تعلم نقد الشعر من خلف بن حيان الأحمر، وكان مولى أبي
بردة بن أبي موسى الأشعري، مات سنة 180 في حدودها، وكان أخذ النحو عن عيسى بن عمر،
واللغة عن أبي عمرو، وأخذ عن الخليل أيضا حماد بن سلمة الراوية، وأبو الحسن النضر
بن شميل، مات سنة 203 وأبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي، مات بخراسان سنة 202 عن
84 وأبو فيد المؤرخ بن عمرو السدوسي، مات سنة 195 وأبو الحسن علي بن النضر الجهضمي،
وأخذ عن يونس بن حبيب ممن اختص به دون غيره أبو علي محمد بن المستنير قطرب، مات سنة
202 وأخذ عنه أيضا وعن خلف الأحمر محمد بن سلام الجمحي صاحب الطبقات، وأخذ عن
سيبويه جماعة، منهم أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي الملقب بالأخفش، وكان غلام
أبي شمر، وكان أسن من سيبويه ولكن لم يأخذ عن الخليل، مات سنة 210 وكان أخذ عن أبي
مالك النميري. وممن أخذ عن أبي عبيدة وأبي زيد والأصمعي والأخفش: أبو عبد الله
التوزي ويقال التوجي، مات سنة 238 وأبو علي الحرمازي وأبو عمر صالح بن إسحاق
الجرمي، وهؤلاء أكبر أصحابهم، ومن دونهم في السن أبو إسحاق إبراهيم الزيادي، وأبو
عثمان بكر بن محمد المازني مات سنة 245، وأبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي، قتله
الزنج بالبصرة وهو يصلي الضحى في مسجده في سنة 257 وأبو حاتم سهل بن محمد
السجستاني، مات سنة 250. ودون هذه الطبقة جماعة، منهم أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي
وعبد الرحمن ابن عبد الله بن قريب الأصمعي، وهما ابنا أخي الأصمعي وقد رويا عنه.
وأخذ عن المازني والجرمي جماعة، منهم أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، مات سنة 282
وعنه أخذ أبو إسحاق الزجاجي، وأبو بكر محمد بن السراج، ومحمد بن علي بن
إسماعيل
الملقب
بمبرمان. واختص بالتوجي أبو عثمان سعيد بن هارون الأشنانذاني. وبرع من أصحاب أبي
حاتم أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، ولد سنة 223 ومات بعمان سنة 311 وإليه
انتهى علم لغة البصريين، تصدر في العلم 60 سنة، وفي طبقته في السن والرواية أبو علي
عيسى بن ذكوان. وكان أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أخذ عن أبي حاتم
والرياشي وابن أخي الأصمعي ومات سنة 267 وقد أخذ ابن دريد عن هؤلاء كلهم وعن
الأشنانذاني. فهذا جمهور ما مضى عليه علماء البصرة.قب بمبرمان. واختص بالتوجي أبو
عثمان سعيد بن هارون الأشنانذاني. وبرع من أصحاب أبي حاتم أبو بكر محمد بن الحسن بن
دريد الأزدي، ولد سنة 223 ومات بعمان سنة 311 وإليه انتهى علم لغة البصريين، تصدر
في العلم 60 سنة، وفي طبقته في السن والرواية أبو علي عيسى بن ذكوان. وكان أبو محمد
عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أخذ عن أبي حاتم والرياشي وابن أخي الأصمعي
ومات سنة 267 وقد أخذ ابن دريد عن هؤلاء كلهم وعن الأشنانذاني. فهذا جمهور ما مضى
عليه علماء البصرة.
الفرع
الثاني في بيان أئمة اللغة من الكوفيين وبيان أسانيدهم وألقابهم
ووفياتهم.
كان لهم
بإزاء من ذكر، المفضل الضبي، ثم خالد بن كلثوم وحماد الراوية وقد أخذ عنه أهل
المصرين، وخلف الأحمر، وروى عنه الأصمعي شعرا كثيرا، وهو حماد بن هرمز الديلمي، وقد
تكلم فيه، ثم أبو يحيى محمد بن عبد الأعلى بن كناسة، توفي بالكوفة سنة 207. وكان
إمامهم غير مدافع أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي، مات بالري سنة 189 جزم به أبو
الطيب، وقيل غير ذلك. ثم أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، مات بطريق مكة سنة 207 أخذ
عن الكسائي وعمن وثق بهم من الأعراب مثل ابن الجراح وابن مروان وغيرهما، وأخذ عن
يونس وعن أبي زيد الكلابي. وممن أخذ عن الكسائي أبو الحسن علي الأحمر وأبو الحسن
علي بن حازم اللحياني صاحب النوادر، وقد أخذ اللحياني عن أبي زيد وأبي عبيدة
والأصمعي، إلا أن عمدته الكسائي. ومن علمائهم في عصر الفراء أبو محمد عبد الله بن
سعيد الأموي، أخذ عن الأعراب، وعن أبي زيد الكلابي، وأبي جعفر الرؤاسي ونبذا عن
الكسائي، وله كتاب النوادر. وفي طبقته أبو الحسن علي بن المبارك الأخفش الكوفي، مات
سنة 210 وأبو عكرمة الضبي صاحب كتاب الخيل، وأبو عدنان الراوية صاحب كتاب القسي،
وقد روى عن أبي زيد. ومن أعلمهم باللغة وأكثرهم أخذا عن الأعراب، أبو عمرو إسحاق بن
مرار الشيباني صاحب كتاب الجيم وكتاب النوادر، مات سنة 213 عن مائة وعشر سنين، روى
عنه أبو الحسن الطوسي، وأبو سعيد الحسن بن الحسين السكري، وأبو سعيد الضرير، وأبو
نصر الباهلي، واللحياني، وابن السكيت. وأما أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي
فإنه أخذ العلم عن المفضل الضبي، وعن البصريين، وعن أبي زيد، وعن أبي زياد، وجماعة
من الأعراب، مثل الفضيل وعكرمة، ولد ليلة ولد الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، ومات
سنة 221. وأما أبو عبيد القاسم بن سلام فقد روى عن الأصمعي وأبي عبيدة، ولم يسمع من
أبي زيد شيئا، مات سنة 223. واختص بعلم أبي زيد من الرواة ابن نجدة، وبعلم أبي
عبيدة أبو الحسن الأثرم، وكان أبو محمد سلمة بن عاصم راوية الفراء. وانتهى علم
الكوفيين إلى أبي يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت، مات سنة 244 وأبي العباس أحمد بن
يحيى ثعلب ولد سنة 200 ومات سنة 291 أخذ الأول عن أبي عمرو والفراء، وكان يحكي عن
الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد من غير سماع، وقد أخذ عن ابن الأعرابي شيئا كثيرا،
والثاني اعتماده على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة في النحو، وكان يروي عن ابن
نجدة كتب أبي زيد، وعن الأثرم كتب أبي عبيدة، وعن أبي نصر كتب الأصمعي، وعن عمرو بن
أبي عمرو كتب أبيه. وأما أبو طالب المفضل فأخذ عن أبيه سلمة، وعن يعقوب وعن ثعلب.
فهذا جمهور ما مضى عليه أهل الكوفة.
النوع
الثاني: في بيان أول من صنف في اللغة وهلم جرا.
قال
السيوطي في المزهر أول من صنف في جمع اللغة الخليل بن أحمد، ألف كتابه العين
المشهور. والذي حققه أبو سعيد السيرافي أنه لم يكمل، وإنما كمله الليث بن نصر. وقال
النووي في تحرير التنبيه: كتاب العين المنسوب إلى الخليل إنما هو جمع الليث عن
الخليل. وقد ألف أبو بكر الزبيدي كتابا سماه مختصر العين، استدرك فيه الغلط الواقع
في كتاب العين، وهو مجلد لطيف، وأبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم الكوفي من تلامذة
ثعلب، ألف كتابه الاستدراك على العين، وهو متقدم الوفاة على الزبيدي، ثم ألف الإمام
أبو غالب تمام بن غالب المعروف بابن التياني كتابه العظيم الذي سماه فتح العين،
وأتى فيه بما في العين من صحيح اللغة دون الإخلال بشيء من الشواهد المختلفة، ثم زاد
فيه زيادات حسنة، ويقال إن أصح ما ألف في اللغة على حروف المعجم كتاب البارع لأبي
علي البغدادي، والموعب لأبي غالب ولكن لم يعرج الناس على نسخهما، ولذا قل وجودهما،
بل مالوا إلى الجمهرة الدريدية والمحكم وجامع ابن القزاز والصحاح والمجمل وأفعال
ابن القوطية وأفعال ابن طريف. وكان أبو العباس المبرد يرفع قدر كتاب العين للخليل
ويرويه وكذا ابن درستويه، وقد ألف في الرد على المفضل بن سلمة فيما نسبه من الخلل
إليه، ويكاد لا يوجد لأبي إسحاق الزجاج حكاية في اللغة العربية إلا منه. وروى أبو
علي الغساني كتاب العين عن الحافظ أبي عمر بن عبد البر، عن عبد الوارث بن سفيان، عن
القاضي منذر بن سعيد. _ قلت؛ وهو صاحب النسخة المشهورة التي كتبها بالقيروان وعورضت
بنسخة شيخه بمكة _ عن أبي العباس أحمد ابن محمد بن ولاد النحوي. _ قلت: وله كتاب
المقصور والممدود، جليل الشأن، بدأ فيه من حرف الهمزة _ عن أبيه، عن أبي الحسن علي
بن مهدي، عن ابن معاذ عبد الجبار بن يزيد، عن الليث بن المظفر بن نصر بن سيار، عن
الخليل. ثم قال: ومن مشاهير كتب اللغة التي صنفت على منوال كتاب العين كتاب الجمهرة
لأبي بكر بن دريد، قال بعضهم: أملاها بفارس ثم بالبصرة وبغداد من حفظه، ولم يستعن
عليها بالنظر في شيء من الكتب إلا في الهمزة واللفيف، ولذلك تختلف النسخ والنسخة
المعول عليها هي الأخيرة، وآخر ما صح من النسخ نسخة عبيد الله بن أحمد، لأنه كتبها
من عدة نسخ وقرأها عليه. قال السيوطي وظفرت بنسخة منها بخط أبي اليمن أحمد بن عبد
الرحمن بن قابوس الطرابلسي اللغوي، وقد قرأها على ابن خالويه بروايته لها عن ابن
دريد، وكتب عليها حواشي من استدراك ابن خالويه على مواضع منها، ونبه على بعض أوهام
وتصحيفات، وقال بعضهم: كان لأبي علي القالي نسخة من الجمهرة بخط مؤلفها، وكان قد
أعطي بها ثلاثمائة مثقال، فأبى فاشتدت الحاجة فباعها بأربعين مثقالا، وكتب عليها
هذه الأبيات:
أنست بها
عشرين عاما وبعتها وقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان
ظني أنني سأبيعـهـا ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لعجز
وافتقار وصـبـية صغار عليهم تستهل شـؤنـي
فقلت ولم
أملك سوابق عبرتي مقالة مكوي الفـؤاد حـزين
وقد تخرج
الحاجات يا أم مالك كرائم من رب بهن ضـنـين
قال:
فأرسلها الذي اشتراها، وأرسل معها أربعين دينارا أخرى. قال السيوطي: وجدت هذه
الحكاية مكتوبة بخط القاضي مجد الدين الفيروزابادي صاحب القاموس على ظهر نسخة من
العباب للصاغاني، ونقلها من خطه تلميذه أبو حامد محمد بن الضياء الحنفي، ونقلها من
خطه، ثم قال: وقد اختصر الجمهرة الصاحب إسماعيل ابن عباد في كتاب سماه الجوهرة. ثم
صنف أتباع الخليل وأتباع أتباعه وهلم جرا كتبا شتى في اللغة، ما بين مطول ومختصر
وعام في أنواع اللغة، وخاص بنوع منها، كالأجناس للأصمعي، والنوادر واللغات للفراء،
والأجناس والنوادر واللغات لأبي زيد الأنصاري، والنوادر للكسائي وأبي عبيدة، والجيم
والنوادر والغريب لأبي عمرو الشيباني، والغريب المصنف لأبي عبيد، والنوادر لابن
الأعرابي، والبارع لأبي طالب المفضل بن سلمة، واليواقيت لأبي عمر الزاهد المطرز
غلام ثعلب، والمجرد لكراع، والمقصد لابنه سويد، والتذكرة لأبي علي الفارسي،
والتهذيب للأزهري، والمجمل لابن فارس، وديوان الأدب للفارابي، والمحيط للصاحب بن
عباد والجامع للقزاز، وغيرها مما لا يحصى. وأول من التزم الصحيح مقتصرا عليه الإمام
أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، ولهذا سمى كتابه بالصحاح وسيأتي ما يتعلق به
وبكتابه عند ذكره. وقد ألف الإمام أبو محمد عبد الله بن بري الحواشي على الصحاح،
وصل فيها إلى أثناء حرف الشين، فأكملها الشيخ عبد الله بن محمد البسطي. وألف الإمام
رضي الدين الصغاني التكملة على الصحاح، ذكر فيها ما فاته من اللغة، وهي أكبر حجما
منه. وكان في عصر صاحب الصحاح أبو الحسن أحمد بن فارس، فالتزم أيضا في مجمله
الصحيح، قال في أوله: قد ذكرنا الواضح من كلام العرب والصحيح منه دون الوحشي
المستنكر، وقال في آخره قد توخيت فيه الاختصار وآثرت فيه الإيجاز، واقتصرت على ما
صح عندي سماعا، ولولا توخي ما لم أشكك فيه من كلام العرب لوجدت مقالا. وأعظم كتاب
ألف في اللغة بعد عصر الصحاح كتاب المحكم والمحيط الأعظم لأبي الحسن علي بن سيده
الأندلسي الضرير، توفي سنة 458. ثم كتاب العباب للإمام رضي الدين الصاغاني، وقد وصل
فيه إلى بكم. قلت: ولسان العرب للإمام جمال الدين محمد بن جلال الدين مكرم بن نجيب
الدين أبي الحسن الأنصاري الخزرجي الإفريقي نزيل مصر، ولد في المحرم سنة 630 وسمع
من ابن المقير وغيره، وروى عنه السبكي والذهبي وتوفي سنة 711 التزم فيه جمع الصحاح
والتهذيب والنهاية، والمحكم، والجمهرة وأمالي ابن بري، وهو ثلاثون مجلدا، وهو مادة
شرحي هذا في غالب المواضع، وقد اطلعت منها على نسخة قديمة يقال إنها بخط المؤلف
وعلى أول الجزء منها بخط سيدنا الإمام جلال الدين أبي الفضل السيوطي، نفعنا الله
به، ذكر مولده ووفاته. ثم كتاب القاموس للإمام مجد الدين محمد بن يعقوب
الفيروزابادي، شيخ شيوخنا، ولم يصل واحد من هذه الثلاثة في كثرة التداول إلى ما وصل
إليه صاحب الصحاح، ولا نقصت رتبة الصحاح ولا شهرته بوجود هذه، وذلك لالتزامه ما صح،
فهو في كتب اللغة نظير صحيح البخاري في الحديث، وليس المدار في الاعتماد على كثرة
الجمع، بل على شرط الصحة. قلت: وقوله ولم يصل واحد من الثلاثة..إلخ، أي هذا بالنسبة
إلى زمانه، فأما الآن فإن القاموس بلغ في الاشتهار مبلغ اشتهار الشمس في رابعة
النهار، وقصر عليه اعتماد المدرسين، وناط به قصوى رغبة المحدثين، وكثرت نسخه حتى
إني حين أعدت درسه في زبيد حرسها الله تعالى على سيدنا الإمام الفقيه اللغوي رضي
الدين عبد الخالق بن أبي بكر الزبيدي الحنفي متع الله بحياته، وحضرت العلماء
والطلبة، فكان كل واحد منهم بيده نسخة. ثم قال: ومع كثرة ما في القاموس من الجمع
للنوادر والشوارد، فقد فاته أشياء ظفرت بها في أثناء مطالعتي لكتب اللغة حتى هممت
أن أجمعها في جزء مذيلا عليه. قلت: وقد يسر هذا المقصد للفقير، فجمعت ما ظفرت من
الزوائد عليه في مسودة لطيفة، سهل الله علي إتمامها وما ذلك على الله
بعزيز.
المقصد
التاسع - في ترجمة المؤلف
هو الإمام
الشهير أبو طاهر محمد بن يعقوب بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عمر بن أبي بكر بن
محمود ابن إدريس بن فضل الله بن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف قاضي
القضاة مجد الدين الصديقي الفيروزابادي الشيرازي اللغوي، قال الحافظ ابن حجر: وكان
يرفع نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولم يكن مدفوعا فيما قاله. ولد بكارزين
سنة 729 ونشأ بها، وحفظ القرآن وهو ابن سبع، وكان سريع الحفظ بحيث إنه يقول: لا
أنام حتى أحفظ مائتي سطر، وانتقل إلى شيراز وهو ابن ثمان سنين، وأخذ عن والده، وعن
القوام عبد الله بن محمود وغيرهما من علماء شيراز، وانتقل إلى العراق، فدخل واسط
وبغداد، وأخذ عن قاضيها ومدرس النظامية بها الشرف عبد الله ابن بكتاش، وجال في
البلاد الشرقية والشامية، ودخل بلاد الروم والهند، ودخل مصر وأخذ عن علمائها، ولقي
الجماء الغفير من أعيان الفضلاء، وأخذ عنهم شيئا كثيرا بينه في فهرسته، وبرع في
الفنون العلمية ولا سيما اللغة، فقد برز فيها وفاق الأقران، وجمع النظائر، واطلع
على النوادر، وجود الخط، وتوسع في الحديث والتفسير، وخدمه السلطان أبو يزيد بن
السلطان مراد العثماني، وقرأ عليه، وأكسبه مالا عريضا، وجاها عظيما، ثم دخل زبيد في
رمضان سنة 796 فتلقاه الملك الأشرف إسماعيل، وبالغ في إكرامه، وصرف له ألف دينار،
وأمر صاحب عدن أن يجهزه بألف دينار أخرى، وتولى قضاء اليمن كله، وقرأ عليه السلطان
فمن دونه، واستمر بزبيد عشرين سنة، وقدم مكة مرارا، وجاور بها، وأقام بالمدينة
المنورة، وبالطائف وعمل بها مآثر حسنة، وما دخل بلدة إلا أكرمه أهلها ومتوليها
وبالغ في تعظيمه، مثل شاه منصور بن شاه شجاع في تبريز، والأشرف صاحب مصر، وأبي يزيد
صاحب الروم، وابن إدريس في بغداد، وتيمورلنك وغيرهم، وقد كان تيمور مع عتوه يبالغ
في تعظيمه، وأعطاه عند اجتماعه به مائة ألف درهم، هكذا نقله شيخنا، والذي رأيته في
معجم الشيخ ابن حجر المكي أنه أعطاه خمسة آلاف دينار، ورام مرة التوجه إلى مكة من
اليمن، فكتب إلى السلطان يستأذنه ويرغبه في الإذن له بكتاب من فصوله _ وكان من عادة
الخلفاء سلفا وخلفا أنهم كانوا يبردون البريد بقصد تبليغ سلامهم إلى حضرة سيد
المرسلين _ فاجعلني _ جعلني الله فداك _ ذلك البريد، فإني لا أشتهي شيئا سواه ولا
أريد. فكتب إليه السلطان.
إن هذا شيء
لا ينطق به لساني، ولا يجري به قلبي، فبالله عليك إلا ما وهبت لنا هذا العمر، والله
يا مجد الدين يمينا بارة، إني أرى فراق الدنيا ونعيمها ولا فراقك أنت اليمن
وأهله.
وكان
السلطان الأشرف قد تزوج ابنته، وكانت رائعة في الجمال، فنال بذلك منه زيادة البر
والرفعة، بحيث إنه صنف له كتابا وأهداه له على طباق، فملأها له دراهم.
كان
واسع الرواية، سمع من محمد ابن يوسف الزرندي المدني صحيح البخاري، ومن ابن الخباز،
وابن القيم، وابن الحموي، وأحمد بن عبد الرحمن المرداوي، وأحمد بن مظفر النابلسي،
والتقي السبكي، وولده التاج، ويحيى ابن علي الحداد وغيرهم بدمشق، وفي القدس من
العلائي، والبياني، وابن القلانسي، وغضنفر، وابن نباتة، والفارقي، والعز بن جماعة،
وبكر بن خليل المالكي، والصفي الحراوي، وابن جهبل، وغيرهم وله التصانيف الكثيرة
النافعة الفائقة، منها هذا الكتاب المسمى بالقاموس المحيط، وبصائر ذوي التمييز في
لطائف كتاب الله العزيز، في مجلدين، وتنوير المقياس في تفسير ابن عباس في أربع
مجلدات، وتيسير فائحة الإهاب في تفسير فاتحة الكتاب، في مجلد كبير، والدار النظيم
المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم، وحاصل كورة الخلاص في فضائل سورة الإخلاص، وشرح
قطبة الخشاف في شرح خطبة الكشاف، وشوارق الأسرار العلية في شرح مشارق الأنوار
النبوية، في أربع مجلدات، ومنح الباري لسيل الفيح الجاري في شرح صحيح البخاري، كما
منه ربع العبادات في عشرين مجلدا، والاسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد، في ثلاث
مجلدات، وعدة الحكام في شرح عمدة الأحكام، في مجلدين، وافتضاض السهاد في افتراض
الجهاد، في مجلدة، والنفحة العنبرية في مولد خير البرية، والصلات والبشر في الصلاة
على خير البشر، والوصل والمنى في فضل منى، والمغانم المطابة في معالم طابة، وتهييج
الغرام إلى البلد الحرام، وروضة الناظر في درجة الشيخ عبد القادر، والمرقاة الوفية
في طبقات الحنفية، والمرقاة الأرفعية في طبقات الشافعية، والبلغة في تراجم أئمة
النحو واللغة، ونزهة الأذهان في تاريخ أصبهان، وتعيين الغرفات للمعين على عرفات،
ومنية المسئول في دعوات الرسول، ومقصود ذوي الألباب في علم الإعراب، والمتفق وضعا
المختلف صنعا، والدر الغالي في الأحاديث العوالي، والتجاريح في فوائد متعلقة
بأحاديث المصابيح، وتحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين، تتبع فيه أوهام المجمل
في نحو ألف موضع، والروض المسلوف فيما له اسمان إلى الألوف، وتحفة القماعيل فيمن
تسمى من الملائكة إسماعيل، وأسماء السراح في أسماء النكاح، والجليس الأنيس في أسماء
الخندريس، وأنواء الغيث في أسماء الليث، وترقيق الأسل في تصفيق العسل، وزاد المعاد
في وزن بانت سعاد، وشرحه في مجلدين، والتحف والظرائف في النكت الشرائف، وأحاسن
اللطائف في محاسن الطائف، والفضل الوفي في العدل الأشرفي، وإشارة الحجون إلى زيادة
الحجون، عمله في ليلة واحدة على ما قيل، وفي الدرة من الخرزه في فضل السلامة على
الخبزه، وهما قريتان بالطائف، وتسهيل طريق الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع
الأصول، في أربع مجلدات، صنفه للناصر ولد الأشرف، وأسماء العادة في أسماء الغاده،
واللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب، كمل منه خمس مجلدات، وسفر
السعادة، وغير ذلك من مطول ومختصر، وتوفي رحمه الله ممتعا بحواسه قاضيا بزبيد، وقد
ناهز التسعين، في ليلة الثلاثاء الموفية عشرين من شوال سنة سبع أو ست عشرة
وثمانمائة. وفي ذيل ابن فهد: وله بضع وثمانون سنة، ودفن بتربة القطب الشيخ إسماعيل
الجبرتي، وهو آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل واحد منهم بفن فاق في الأقران،
على رأس القرن الثامن، منهم السراج البلقيني في فقه الشافعي، وابن عرفه في فقه
مالك، والمجد اللغوي في أسرار اللغة ونوادرها، والذي في معجم ابن حجر المكي بعد
البلقيني الزين العراقي في الحديث، وابن الملقن في كثرة التصانيف، والفناري في
الاطلاع على العلوم، ترجمه الحافظ ابن حجر في أنباء الغمر، واقتفى أثره تلميذه
الحافظ السخاوي في الضوء اللامع، والسيوطي في البغية، وابن قاضي شهبة في الطبقات،
والصفدي في تاريخه، والمقري في أزهار الرياض.
ومن
مفاخره ما قاله السيوطي في البغية أنه سئل بالروم عن قول سيدنا علي كرم الله وجهه
لكتابه ألصق روانفك بالجبوب، وخذ المزبر بشناترك واجعل حندورتيك إلى قيهلي حتى لا
أنغي نغية إلا وقد وعيتها في حماطة جلجلانك ما معناه فقال: ألزق عضرطك بالصلة، وخذ
المسطر بأباخسك، واجعل جحمتيك إلى أثعباني، حتى لا أنبس نبسة إلا وعيتها في لمظة
رباطك فعجب الحاضرون من سرعة الجواب، ومنها في أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض
للمقري، ونقله عنه شيخ مشايخنا سيدي أحمد زروق بن محمد بن قاسم البوني التميمي في
كراسة إجازة له ما نصه: ومن أغرب ما منح الله به المجد صاحب القاموس أنه قرأ بدمشق
بين باب النصر والفرج تجاه نعل النبي صلى الله عليه وسلم، على ناصر الدين أبي عبد
الله محمد بن جهبل صحيح مسلم في ثلاثة أيام، وصرح بذلك في ثلاثة أبيات
فقال:
قرأت بحمد
الله جامع مـسـلـم بجوف دمشق الشام جوفا لإسلام
على ناصر
الدين الإمام ابن جهبل بحضرة حفاظ مشاهير أعـلام
وتم بتوفيق
الإلـه وفـضـلـه قراءة ضبـط فـي ثـلاثة أيام قلت: وفي ذيل ابن
فهد على ذيل الشريف أبي المحاسن في بيان طبقات الحفاظ ما نصه: وقرأ الحافظ أبو
الفضل العراقي صحيح مسلم على محمد بن إسماعيل الخباز بدمشق في ستة مجالس متوالية،
قرأ في آخر مجلس منها أكثر من ثلث الكتاب، وذلك بحضور الحافظ زين الدين ابن رجب وهو
يعارض بنسخته، وقرأت في تاريخ الذهبي في ترجمة إسماعيل بن أحمد الحيري النيسابوري
الضرير ما نصه: وقد سمع عليه الخطيب البغدادي بمكة صحيح البخاري سماعه من الكشميهني
في ثلاثة مجالس، قال: وهذا شيء لا أعلم أحدا في زماننا يستطيعه، انتهى.
المقصد
العاشر
في
أسانيدنا المتصلة إلى المؤلف
حدثنا
شيخنا الإمام الفقيه اللغوي رضي الدين عبد الخالق بن أبي بكر الزين ابن النمري
المزجاجي الزبيدي الحنفي، وذلك بمدينة زبيد حرسها الله تعالى بحضور جمع من العلماء،
بقراءتي عليه قدر الثلث، وسماعي له فيما قرئ عليه في بعض منه قال: أذن لنا شيخنا
الفقيه عبد الفتاح بن إسماعيل بن عبد الفتاح الخاص السراج الحنفي، الزبيدي،
والعلامة علاء الدين بن محمد باقي المزجاجي الحنفي الأشعري الزبيدي قالا: أخبرنا
الإمام أبو الفداء إسماعيل بن عبد الفتاح الخاص، وهو والد الأول قراءة من الثاني
عليه في البعض، وإجازة منه في سائره، وإجازة للأول ومناولة للكل عن والده فخر الدين
عبد الفتاح ابن الصديق بن محمد الخاص، وعمه العلامة عبد الرحيم بن الصديق قالا:
أخبرنا عمنا العلامة إمام المدرسين شرف الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد الخاص،
وصنونا العلامة وجيه الدين أبو بكر، وشيخ الإسلام جمال الدين أبو عبد الله محمد،
ابنا الصديق ابن محمد الخاص قالوا: أخبرنا خاتمة المحدثين واللغويين رضي الدين أبو
محمد الصديق، والعلامة شجاع الدين أبو حفص عمر، والعلامة نور الدين أبو عمر، وعثمان
أبناء محمد بن الصديق الخاص السراج قالوا: أخبرنا والدنا الحافظ المعمر شيخ الإسلام
خاتمة المحققين جمال الدين محمد بن الصديق بن إبراهيم الخاص السراج الحنفي الزبيدي
قال: أخبرنا العلامة شرف الدين أبو القاسم بن عبد العليم ابن إقبال القريتي الحنفي
الزبيدي، عن الإمام المحدث الأصيل زين الدين أبي العباس أحمد بن عبد اللطيف الشرجي
الحنفي الزبيدي قال: قرأته على المؤلف. وهذا السند كما ترى مسلسل بالحنفية
وبالزبيديين، وأجاز شيخنا المذكور فيه أيضا شيخ الجماعة الشريف عماد الدين يحيى بن
عمر ابن عبد القادر الحسيني الحرار الزبيدي، أخبرنا المحدث اللغوي الفقيه حسن ابن
علي بن يحيى الحنفي المكي، أخبرنا عبد الرحيم بن الصديق الخاص عاليا.
وأجازني به أيضاً شيخي الفقيه أَبو عبد الله محمد ابن
الشيخ علاء الدين بن عبد الباقي المزجاجي عن والده عن أخيه عفيف الدين عبد الله عن
العلامة عبد الهادي بن عبد الجبار بن موسى بن جنيد القرشي عن العلامة برهان الدين
إبراهيم بن محمد بن جعمان عن الشريف الطاهر ابن حسين الأهدل قال : أخبرنا شيخنا
الحجة وجيه الدين عبد الرحمن ابن علي بن الديبع الشيباني الزبيدي
ح وأخبرنا شيخنا المحدث الأصولي اللغوي نادرة العصر أَبو عبد الله محمد ابن محمد بن موسى الشرفي الفاسي نزيل طَيْبَة طاب ثراه فيما قَرِئ عليه في مواضع منه وأنا أسمع ومناولة للكل سنة 1164 قال : قرأته قراءةَ بحثٍ وإتقان على شيخنا الإمام الكبير أبي عبد الله محمد بن أحمد المناوي والعلامة أَبِي عبد الله محمد بن أحمد الشاذلي وسمعت كثيراً من مباحثه وموادّه على شيخنا البركة نحويِّ العصرِ ولُغويِّه أَبِي العباس أحمد بن علي الوجاري الأندلسي الثلاثة عن الشيخ المسند أَبِي عبد الله محمد الصغير ابن الشيخ الحافظ أَبِي زيد عبد الرحمن ابن الإمام سيدي عبد القادر الفاسي عن الإمام محمد بن أحمد الفاسي عن الإمام النظار أَبِي عبد الله محمد بن قاسم الغرناطي القيسي الشهير بالقصّار عن الإمام أَبِي عبد الله محمد اليسيتني عن علامة المغرب أَبِي عبد الله محمد بن غازي المِكناسي والعلامة أَبِي عبد الله محمد الحطاب هما وابنُ الربيع عن الحافظ أَبِي الخير شمس الدين محمد ابن عبد الرحمن السخاوي
ح وزاد حسن بن على المكي عن المحدث المعمَّر أَبِي الوفاء محمد بن أحمد ابن العجل بن العجيل الشافعي الصوفي اليمني عن إمام المقام يحيى بن مكرم ابن محب الدين محمد بن محمد بن أحمد الطبري الحسيني عن الإمام الحافظ جلال الدين أَبِي الفضل عبد الرحمن بن أَبِي المناقب أَبِي بكر السيوطي قال : أخبرني به التقي محمد بن فهد وأخوه ولي الدين أَبو الفتح عطية وولداه فخر الدين أبو بكر والحافظ نجم الدين عمر والشرف إسماعيل بن أَبِي بكر الزَّبيدي والفخر أَبو بكر بن محمد بن إبراهيم المرشدي وأمين الدين سالم بن الضياء محمد بن محمد بن سالم القرشي المكي وعلم الدين شاكر ابن عبد الغني بن الجيعان والمحب محمد بن علي بن محمد المعروف بابن الألواحي ورضي الدين أَبو حامد محمد ابن محمد بن ظهيرة المكي وأخوه وليّ الدين ومسند الدنيا على الإطلاق محمد ابن مقبل الحلبي كلهم ما بين سماع وإجازة ومناولة عن المؤلف
ح وأخذ ابن غازي أيضاً عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري هو والسخاوي وابن فهد عن الإمام الرحلة الحافظ شهاب الدين أحمد بن محمد بن حجر العسقلاني قال : اجتمعت به أَي بالمجد اللغوي في زبيد وفي وادي الحصيب وناولني جُلَّ القاموس وأذِن لي وقرأت عليه من حديثه وكتب لي تقريظاً على بعض تخاريجي وأنشدني لنفسه في سنة ثمانمائة بزبيد وكتبهما عنه الصلاح الصفدي في سنة 57 بدمشق :
أحِبَّتَنا الأماجِدَ إنْ رحلْتُمْ … ولمْ تَرْعوا لنا عهداً وإلاَّ
نُودِّعُكُمْ ونودِعُكُمْ قُلوباً … لَعلَّ الله يجْمعُنا وإلاَّ وزاد السخاوي والتقي بن فهد عن الحافظ جمال الدين أَبِي عبد الله محمد ابن أَبِي بكر بن محمد بن صالح الهمداني التفري الجبلي عُرِف بابن الخيّاط عن المؤلف وسماعه عنه صحيح رأيته في الذَّيل على طبقات الحفّاظ وهناك أسانيد أُخر غير هذه عالية ونازلة أعرضنا عنها خوف الإطالة وفي هذا القدر الكفاية وقد طال البحث ووجب أن نكفّ العِنان ونُوجِّه الوِجْهَة إلى ما هو الأهمّ من افتنان ما حواه الكتاب من الأفنان وقد ابتدأ المصنف كغيره بقوله : بسم الله الرحمن الرحيم
ح وأخبرنا شيخنا المحدث الأصولي اللغوي نادرة العصر أَبو عبد الله محمد ابن محمد بن موسى الشرفي الفاسي نزيل طَيْبَة طاب ثراه فيما قَرِئ عليه في مواضع منه وأنا أسمع ومناولة للكل سنة 1164 قال : قرأته قراءةَ بحثٍ وإتقان على شيخنا الإمام الكبير أبي عبد الله محمد بن أحمد المناوي والعلامة أَبِي عبد الله محمد بن أحمد الشاذلي وسمعت كثيراً من مباحثه وموادّه على شيخنا البركة نحويِّ العصرِ ولُغويِّه أَبِي العباس أحمد بن علي الوجاري الأندلسي الثلاثة عن الشيخ المسند أَبِي عبد الله محمد الصغير ابن الشيخ الحافظ أَبِي زيد عبد الرحمن ابن الإمام سيدي عبد القادر الفاسي عن الإمام محمد بن أحمد الفاسي عن الإمام النظار أَبِي عبد الله محمد بن قاسم الغرناطي القيسي الشهير بالقصّار عن الإمام أَبِي عبد الله محمد اليسيتني عن علامة المغرب أَبِي عبد الله محمد بن غازي المِكناسي والعلامة أَبِي عبد الله محمد الحطاب هما وابنُ الربيع عن الحافظ أَبِي الخير شمس الدين محمد ابن عبد الرحمن السخاوي
ح وزاد حسن بن على المكي عن المحدث المعمَّر أَبِي الوفاء محمد بن أحمد ابن العجل بن العجيل الشافعي الصوفي اليمني عن إمام المقام يحيى بن مكرم ابن محب الدين محمد بن محمد بن أحمد الطبري الحسيني عن الإمام الحافظ جلال الدين أَبِي الفضل عبد الرحمن بن أَبِي المناقب أَبِي بكر السيوطي قال : أخبرني به التقي محمد بن فهد وأخوه ولي الدين أَبو الفتح عطية وولداه فخر الدين أبو بكر والحافظ نجم الدين عمر والشرف إسماعيل بن أَبِي بكر الزَّبيدي والفخر أَبو بكر بن محمد بن إبراهيم المرشدي وأمين الدين سالم بن الضياء محمد بن محمد بن سالم القرشي المكي وعلم الدين شاكر ابن عبد الغني بن الجيعان والمحب محمد بن علي بن محمد المعروف بابن الألواحي ورضي الدين أَبو حامد محمد ابن محمد بن ظهيرة المكي وأخوه وليّ الدين ومسند الدنيا على الإطلاق محمد ابن مقبل الحلبي كلهم ما بين سماع وإجازة ومناولة عن المؤلف
ح وأخذ ابن غازي أيضاً عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري هو والسخاوي وابن فهد عن الإمام الرحلة الحافظ شهاب الدين أحمد بن محمد بن حجر العسقلاني قال : اجتمعت به أَي بالمجد اللغوي في زبيد وفي وادي الحصيب وناولني جُلَّ القاموس وأذِن لي وقرأت عليه من حديثه وكتب لي تقريظاً على بعض تخاريجي وأنشدني لنفسه في سنة ثمانمائة بزبيد وكتبهما عنه الصلاح الصفدي في سنة 57 بدمشق :
أحِبَّتَنا الأماجِدَ إنْ رحلْتُمْ … ولمْ تَرْعوا لنا عهداً وإلاَّ
نُودِّعُكُمْ ونودِعُكُمْ قُلوباً … لَعلَّ الله يجْمعُنا وإلاَّ وزاد السخاوي والتقي بن فهد عن الحافظ جمال الدين أَبِي عبد الله محمد ابن أَبِي بكر بن محمد بن صالح الهمداني التفري الجبلي عُرِف بابن الخيّاط عن المؤلف وسماعه عنه صحيح رأيته في الذَّيل على طبقات الحفّاظ وهناك أسانيد أُخر غير هذه عالية ونازلة أعرضنا عنها خوف الإطالة وفي هذا القدر الكفاية وقد طال البحث ووجب أن نكفّ العِنان ونُوجِّه الوِجْهَة إلى ما هو الأهمّ من افتنان ما حواه الكتاب من الأفنان وقد ابتدأ المصنف كغيره بقوله : بسم الله الرحمن الرحيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق