“مُعَيْرِض” أو معرض بيروت العربي الدولي للكتاب (على
الأبواب3/12/2010)
كتبهابلال عبد الهادي ، في 18 تشرين الثاني 2010 الساعة: 10:35 ص
صورة من
"معيرض" ! كتاب سابق
كتبت
هذه التدوينة قبل المعرض الذي سيفتتح في 3/12/2010
بناء لتجارب سابقة مع " للعرض فقط"
تعمّدت أن أضع في
العنوان كلمة "مُعَيْرض" لا "معرض" حتّى لا اكون ممن
يسقطون في فخ الكلمات. فأنا من المدمنين على زيارة هذا المعيرض من
يوم ان عدت الى لبنان، أزوره على الاقلّ مرتين، وكلمة مرّتين، أيضا، فيها فخّ.لأنّه
من الممكن أن يقول لي شخص أنا زرته أربع مرّات مثلا. فيكون ظاهر الكلام أنّه عاشق
للكتب أكثر مني. ولكنّه قد يزوره أربع مرّات وهذا صحيح ولكن قد يقضي فيه، في كلّ
زيارة، ساعة، وعليه فهو ذهب اربع ساعات لا اربع زيارات. وأربع ساعات في العرض قد
يكون نصفها في كافتيريا المعرض أو المعيرض، ثمّ انّه قد يكون ذهب اربع
مرّات إلى المعرض ليس للتجوال في الكتب وانما لحضور محاضرة، ويعتبر من الوجاهة
الثقافية والعلمية والاجتماعية ان يكون بين الحاضرين في الصفوف الثقافيّة الأولى.
وعليه، فانا آخذ حذري الشديد من الكلمات التي اسمعها.لأنّ الكلمات لا تقول ما تقول،
وأحيانا تقول عكس ما تقول. ليس هناك امهر من الكلام في اللعب على
الحبال.
حين أذهب إلى المعرض أكرّس له على الأقلّ يوما،
يوما كاملا، أي من الصباح الى المساء، واحيانا اكون من أوائل الداخلين وأواخر
الخارجين. اتجوّل في كل الأجنحة، أحاول ان تلقط عيني كلّ العناوين، ما يهمني وما لا
يهمّني، لا احتقر أي عنوان، ولا اي كتاب، ليس الموضوع هو الذي يشدّ انتباهي وانما
تناول الموضوع، طريقة عرض الأفكار التي فيه.من يشاركني رحلتي إلى المعرض تتعب قدماه
لهذا أفضّل أن أذهب بمفردي، لا أضع ميزانيّة للكتب التي اريد شراءها، الشيء الوحيد
الذي لا اخصص له ميزانية في حياتي هو الكتاب. ميزانيتة مفتوحة، هو يامر وما عليّ
الاّ والتنفيذ، الكتاب عندي اهم من الذهاب الى مطعم، وأهمّ من شراء الألبسة، واهمّ
من آخر صرعة في شكل الهاتف المحمول. لعلّي لا ادلل شيئا في حياتي كما أدلّل
الكتاب.
ولكن ، وقبل الذهاب الى المعيرض أتزوّد بنصيبي من الغصّة، ليس لضيق
زاد اليد أو ذاتها، وانّما لضيق زاد المعرض. ونادرا ما فلتت دور الخليج من لعناتي،
ليس كل الخليج، وانّما دور النشر التي تأتي من الخليج، وهي تعرض كتبها، ولكن تضع
ورقة قذرة، غبيّة، متعالية " للعرض
فقط". قل لي ماذا تكره في المعرض، أقول لك هذه العبارة. أكرهها
وأكره كل دار تلتزم بوضعها، والعن كل الموظفين الذين يحرسون هذه العبارة. انها اشبه
بشواء خروف امام عيني جائع ممنوع عليه أن يتقدّم ليشارك الآكلين الاكل. اعتبر الدار
التي تضع هذه العبارة في معرض الكتاب دارا لا تستحق الحياة ولا يحق لها الدخول الى
حرم المعرض. هي دار نشر يأكلها البطر، وقصر النظر، والتشاوف، والغباء. كل الرذائل
البشرية أراها في دور النشرالتي تكتفي بعرض ثمراتها. قارنتها مرّة أي هذه الدور
بالمومس التي تقوم بعرض"ستريب تيز" ولكن لا تسمح لأحد بملامستها لأنّها سيّدة في
العفّة.
أريحونا من "للعرض فقط" الله يستر على
عرضكم!
وكشف الله عرض من يضع " للعرض فقط " على أجنحته المقصوصة التي لا
تعرف كيف يكون التحليق.
هذه نقطة من سيئات المعيرض. لو كنت قيّما على المعرض لكان
البيع من صلب شروط المشاركة وإلاّ فليرحلوا هم وكتبهم إلى الجحيم.
النقطة الثانية هي فلسفة المعرض نفسه.
قيمة المعرض ليست ، بالنسبة لي، ان اعرف آخر
اصدارات دور النشر اللبنانية. انا في لبنان، وهذا يعني أنّ الكتاب اللبناني في
متناول الرغبة. وظيفة المعرض ان يقرّب لي البعيد، ان يقدم لي المنتوج العربي من
الكتب وليس المنتوج اللبناني. نرى غيابا كبيرا لمصر. دور النشر المصرية غائبة،
الكتاب المصري يأتي بالقطّارة، البحث عن كتاب مصري كتعفير حبّات الزيتون. كالبحث عن
إبرة في سلّة قشّ . ومصر ليست أمّ الدنيا ولكنّها ام الكتاب العربي. كما تغيب دول
المغرب الغربي، لا يصل الينا من منتوجات مطابعهم الا ما لا يقيم الأود ويبقي الشوق
عارما.
إدخال مسألة "الربح والخسارة" في معرض الكتاب
العربيّ مسألة غبية، لأنّ الكتاب في زمن الأميّة العربية المتفشية رسالة رسوليّة.
والرسالة تضحية، والتضحيات لا يقوم بها إلاّ دولة ذات حلم نهضويّ.
لكلّ هذه الاسباب لا يمكنني ان اقاطع المعرض،
ويستحيل ان اعارض المعرض. انتظره بشغف، انتظره كما ينتظر عاشق معشوقته على موعد.
ولكنّي، في كلّ مرّة، أخرج من المعرض بفرح قليل وخيبة أمل كبيرة.
حبّي للكتاب هو الذي خطّ هذه الكلمات، وان كان
من جرح أصاب أحداً فانّ ما يريحني ان الجرح لم يصب الا الاغبياء من العارضين
المكتفين بعرض عضلاتهم وأكتافهم لا كلّ العارضين.
العلم يا "للعرض فقط" لا يسخو الاّ
ببذله!
خافوا الله وقوموا بتمزيق عبارة "للعرض
فقط" المشبوهة واللعينة.
كتبهابلال عبد الهادي ، في 18 تشرين الثاني 2010 الساعة: 10:35 ص
صورة من
"معيرض" ! كتاب سابق
كتبت
هذه التدوينة قبل المعرض الذي سيفتتح في 3/12/2010
بناء لتجارب سابقة مع " للعرض فقط"
تعمّدت أن أضع في
العنوان كلمة "مُعَيْرض" لا "معرض" حتّى لا اكون ممن
يسقطون في فخ الكلمات. فأنا من المدمنين على زيارة هذا المعيرض من
يوم ان عدت الى لبنان، أزوره على الاقلّ مرتين، وكلمة مرّتين، أيضا، فيها فخّ.لأنّه
من الممكن أن يقول لي شخص أنا زرته أربع مرّات مثلا. فيكون ظاهر الكلام أنّه عاشق
للكتب أكثر مني. ولكنّه قد يزوره أربع مرّات وهذا صحيح ولكن قد يقضي فيه، في كلّ
زيارة، ساعة، وعليه فهو ذهب اربع ساعات لا اربع زيارات. وأربع ساعات في العرض قد
يكون نصفها في كافتيريا المعرض أو المعيرض، ثمّ انّه قد يكون ذهب اربع
مرّات إلى المعرض ليس للتجوال في الكتب وانما لحضور محاضرة، ويعتبر من الوجاهة
الثقافية والعلمية والاجتماعية ان يكون بين الحاضرين في الصفوف الثقافيّة الأولى.
وعليه، فانا آخذ حذري الشديد من الكلمات التي اسمعها.لأنّ الكلمات لا تقول ما تقول،
وأحيانا تقول عكس ما تقول. ليس هناك امهر من الكلام في اللعب على
الحبال.
حين أذهب إلى المعرض أكرّس له على الأقلّ يوما،
يوما كاملا، أي من الصباح الى المساء، واحيانا اكون من أوائل الداخلين وأواخر
الخارجين. اتجوّل في كل الأجنحة، أحاول ان تلقط عيني كلّ العناوين، ما يهمني وما لا
يهمّني، لا احتقر أي عنوان، ولا اي كتاب، ليس الموضوع هو الذي يشدّ انتباهي وانما
تناول الموضوع، طريقة عرض الأفكار التي فيه.من يشاركني رحلتي إلى المعرض تتعب قدماه
لهذا أفضّل أن أذهب بمفردي، لا أضع ميزانيّة للكتب التي اريد شراءها، الشيء الوحيد
الذي لا اخصص له ميزانية في حياتي هو الكتاب. ميزانيتة مفتوحة، هو يامر وما عليّ
الاّ والتنفيذ، الكتاب عندي اهم من الذهاب الى مطعم، وأهمّ من شراء الألبسة، واهمّ
من آخر صرعة في شكل الهاتف المحمول. لعلّي لا ادلل شيئا في حياتي كما أدلّل
الكتاب.ولكن ، وقبل الذهاب الى المعيرض أتزوّد بنصيبي من الغصّة، ليس لضيق زاد اليد أو ذاتها، وانّما لضيق زاد المعرض. ونادرا ما فلتت دور الخليج من لعناتي، ليس كل الخليج، وانّما دور النشر التي تأتي من الخليج، وهي تعرض كتبها، ولكن تضع ورقة قذرة، غبيّة، متعالية " للعرض فقط". قل لي ماذا تكره في المعرض، أقول لك هذه العبارة. أكرهها وأكره كل دار تلتزم بوضعها، والعن كل الموظفين الذين يحرسون هذه العبارة. انها اشبه بشواء خروف امام عيني جائع ممنوع عليه أن يتقدّم ليشارك الآكلين الاكل. اعتبر الدار التي تضع هذه العبارة في معرض الكتاب دارا لا تستحق الحياة ولا يحق لها الدخول الى حرم المعرض. هي دار نشر يأكلها البطر، وقصر النظر، والتشاوف، والغباء. كل الرذائل البشرية أراها في دور النشرالتي تكتفي بعرض ثمراتها. قارنتها مرّة أي هذه الدور بالمومس التي تقوم بعرض"ستريب تيز" ولكن لا تسمح لأحد بملامستها لأنّها سيّدة في العفّة.
أريحونا من "للعرض فقط" الله يستر على عرضكم!
وكشف الله عرض من يضع " للعرض فقط " على أجنحته المقصوصة التي لا تعرف كيف يكون التحليق.
هذه نقطة من سيئات المعيرض. لو كنت قيّما على المعرض لكان البيع من صلب شروط المشاركة وإلاّ فليرحلوا هم وكتبهم إلى الجحيم.
النقطة الثانية هي فلسفة المعرض نفسه.
قيمة المعرض ليست ، بالنسبة لي، ان اعرف آخر اصدارات دور النشر اللبنانية. انا في لبنان، وهذا يعني أنّ الكتاب اللبناني في متناول الرغبة. وظيفة المعرض ان يقرّب لي البعيد، ان يقدم لي المنتوج العربي من الكتب وليس المنتوج اللبناني. نرى غيابا كبيرا لمصر. دور النشر المصرية غائبة، الكتاب المصري يأتي بالقطّارة، البحث عن كتاب مصري كتعفير حبّات الزيتون. كالبحث عن إبرة في سلّة قشّ . ومصر ليست أمّ الدنيا ولكنّها ام الكتاب العربي. كما تغيب دول المغرب الغربي، لا يصل الينا من منتوجات مطابعهم الا ما لا يقيم الأود ويبقي الشوق عارما.
إدخال مسألة "الربح والخسارة" في معرض الكتاب العربيّ مسألة غبية، لأنّ الكتاب في زمن الأميّة العربية المتفشية رسالة رسوليّة. والرسالة تضحية، والتضحيات لا يقوم بها إلاّ دولة ذات حلم نهضويّ.
لكلّ هذه الاسباب لا يمكنني ان اقاطع المعرض، ويستحيل ان اعارض المعرض. انتظره بشغف، انتظره كما ينتظر عاشق معشوقته على موعد. ولكنّي، في كلّ مرّة، أخرج من المعرض بفرح قليل وخيبة أمل كبيرة.
حبّي للكتاب هو الذي خطّ هذه الكلمات، وان كان من جرح أصاب أحداً فانّ ما يريحني ان الجرح لم يصب الا الاغبياء من العارضين المكتفين بعرض عضلاتهم وأكتافهم لا كلّ العارضين.
العلم يا "للعرض فقط" لا يسخو الاّ ببذله!
خافوا الله وقوموا بتمزيق عبارة "للعرض فقط" المشبوهة واللعينة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق