الخميس، 14 فبراير 2013

دماغه ودماغها(*)


يتبين أن دماغي الذكر والأنثى يختلفان إلى حد ما في البنيان

والنشاط. ويمكن أن يؤدي البحث في هذه الاختلافات إلى معالجات جنسانية(1)

للاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والفصام.




في يوم غائم في أواسط الشهر 1، اقترح رئيس جامعة هارڤارد<L.سومرز>أن الفروق الفطرية في بنيان دماغي الذكر والأنثى يمكن أن تكون أحد عوامل الندرة النسبية لتخصص النساء في مجالات العلوم. وقد أزكت ملاحظاته مجددا وطيس نقاش كان يتخامد طوال قرن من الزمن منذ أن شرع بعض العلماء الذين قاموا بقياس حجوم أدمغة من الجنسين، باستخدام اكتشافهم الرئيسي ـ بأن أدمغة الإناث غالبا ما تكون أصغر حجما من أدمغة الذكور ـ في تعزيز الرأي بأن النساء، من الناحية العقلية، أدنى من الرجال.


لم يكتشف أحد حتى الآن أي دليل على أن الاختلافات التشريحية يمكن أن تحول دون تحقيق النساء تميزا أكاديميا في الرياضيات أو في الفيزياء أو في الهندسة [انظر الإطار في الصفحة71]. وقد تبين بوضوح تام تشابه دماغي الرجال والنساء في عدة نواح. ومع ذلك فقد وثق الباحثون طوال العقد الماضي سلسلة مذهلة من الاختلافات البنيوية والكيميائية والوظيفية في أدمغة الذكور والإناث.


وليست هذه الاختلافات مجرد خاصيات مهمة قد تفسر لماذا يستمتع الرجال عموما بما قد لا تستمتع به النساء، بل إنها تبرز إمكانية أننا قد نحتاج إلى إيجاد علاجات جنسانية(1) لكثير من الحالات، بما في ذلك الاكتئاب والإدمان والفصام والاضطراب الكربي بعد الرضح post-traumatic stress disorder. فضلا عن ذلك، فإن هذه الفروق تعني ضمنا أن على الباحثين الذين يتقصون بنية الدماغ ووظيفته، أن يأخذوا في الحسبان جنس مرضاهم حين تحليل بياناتهم، كما يجب أن تتضمن دراساتهم المستقبلية كلا من النساء والرجال خشية التوصل إلى نتائج مضللة.


وقبل زمن ليس ببعيد كان العلماء يعتقدون أن الفروق في الدماغ بين الجنسين تقتصر على المناطق المسؤولة عن سلوكيات التزاوج. ففي إحدى مقالات مجلة ساينتفك أمريكان لعام 1966(2)، وصف<ليڤين>[من جامعة ستانفورد] دور الهرمونات الجنسية في توجيه السلوكيات التناسلية عند الفئران، حيث يعكف الذكور على الاعتلاء وتعكف الإناث على تقويس ظهورها ورفع أردافها لاجتذاب شركاء من الجنس الآخر. ولم يذكر<ليڤين>إلا منطقة دماغية واحدة في عرضه هذا، وهي الوطاء hypothalamus الذي يمثل بنية صغيرة عند قاعدة الدماغ، تعنى بتنظيم الإنتاج الهرموني والتحكم في سلوكيات أساسية، مثل الأكل والشرب والجنس؛ ثم نضج جيل من علماء الأعصاب على الاعتقاد أن «الفروق بين الجنسين في الدماغ» تعود بشكل رئيسي إلى كل من سلوكيات التزاوج والهرمونات الجنسية والوطاء.


نظرة إجمالية/ الأدمغة(**)



■ يعمل علماء الأعصاب على كشف فروق تشريحية ووظيفية بين أدمغة الرجال والنساء.

■ توجد هذه الاختلافات في أرجاء الدماغ، وبالتحديد في المناطق المعنية باللغة والذاكرة والانفعال والرؤية والسمع.

■ يعمل الباحثون على تحديد علاقة هذه الاختلافات الجنسانية (المبنية على الجنس) بالمعرفة cognition والسلوك لدى الأنثى والذكر. ويمكن أن تشير مكتشفاتهم إلى معالجات نوعية جنسانية فيما يتعلق بالمصابين من الرجال والنساء بحالات مثل الفصام والاكتئاب والإدمان وداء الكرب بعد الرضحي.


ولكن حدث الآن نبذ هذا الرأي بفضل موجة من المكتشفات تُبرز تأثير الجنسانية في نواحي معرفة (استعرافٍ) cognition وسلوك عديدة، تتضمن الذاكرة والانفعال والرؤية والسمع وتشخيص الوجوه والاستجابة الدماغية لهرمونات الكرب stress. وقد تسارع هذا التقدم في السنوات الخمس أو العشر الأخيرة، بفضل الاستخدام المتنامي لتقنيات التصوير المعقدة غير الباضعة noninvasive، مثل التخطيط المقطعي الطبقي بالإصدار الپوزيتروني (PET) والتصوير التجاوبي المغنطيسي الوظيفي (fMRI) الذي ينعم النظر في أدمغة الأفراد الأحياء.


تكشف تجارب التصوير هذه أن التباينات التشريحية موجودة في تشكيلة منوعة من المناطق في أرجاء الدماغ. فعلى سبيل المثال، استخدمت<M .J.گولدشتاين>[من كلية طب هارڤارد] وزملاؤها تقانة التصوير التجاوبي المغنطيسي في قياس العديد من الباحات areas القشرية وتحت القشرية الدماغية. ووجد هؤلاء الباحثون، إضافة إلى أشياء أخرى، أن أجزاء من القشرة الجبهية frontal cortex، التي تُعد مقر العديد من الوظائف المعرفية العليا، تكون لدى النساء أكبر منها لدى الرجال، وكذلك الحال مع أجزاء من القشرة الحوفية limbic cortex التي تُعنى بالاستجابات الانفعالية. وفي المقابل، تكون عند الذكور أجزاء من القشرة الجدارية parietal cortex، التي تعنى بإدراك الحيز space، أكبر مساحة منها لدى الإناث، ولا سيما اللوزة المخية amygdala التي تمثل بنية لوزية الشكل تستجيب للمعلومات التي تثير الانفعالات ـ أي إلى كل شيء يسبب خفقان القلب وتدفق الأدرينالين. ونشير هنا إلى أن هذه الفروق في الحجم وكذلك الفروق الأخرى المذكورة في تلك المقالة هي فروق نسبية؛ فهي تشير إلى الحجم الإجمالي للبنية بالقياس إلى الحجم الإجمالي للدماغ.


يُعتقد عموما أن الفروق في حجوم البنى الدماغية تعكس أهميتها النسبية لدى الحيوان. فعلى سبيل المثال، تعتمد الرئيسات primates على الرؤية بقدر أكبر من اعتمادها على الشم خلافا لما هي عليه الحال عند الجرذان. ونتيجة لذلك تحتفظ أدمغة الرئيسات بمناطق أكبر نسبيا لغرض الرؤية، في حين تخصص الجرذان حيزا أكبر لغرض الشم. ولهذا فإن وجود تباينات تشريحية واسعة بين الرجال والنساء يوحي بأن الجنسانية تؤثر فعلا في طريقة عمل الدماغ.






وثمة أبحاث أخرى تكتشف فروقا تشريحية بين الجنسين على المستوى الخلوي. فعلى سبيل المثال اكتشفت<S.ويتلسون>وزملاؤها [في جامعة مَكْماستر] أن النساء يمتلكن كثافة كبيرة من العصبونات في أجزاء من قشرة الفص الصدغي temporal lobe تُعنى بمعالجة اللغة وفهمها. فعند عد العصبونات في عينات منها بعد الموت، وجد الباحثون طبقتين، من أصل الطبقات الست الموجودة في تلك القشرة، تحويان عددا من العصبونات (في وحدة الحجم) أكبر لدى الإناث منه لدى الذكور. وقد ذكرت مثل هذه المكتشفات لاحقا فيما يخص الفص الجبهي. وبتوفر مثل هذه المعلومات، يستطيع علماء الأعصاب الآن استقصاء ما إذا كانت الفروق بين الجنسين في عدد العصبونات تتلازم مع فروق في المقدرات المعرفية؛ أي، على سبيل المثال، استقصاء ما إذا كان تعاظم تلك الكثافة في القشرة السمعية لدى الأنثى، يرتبط بالأداء المتفوق للنساء في اختبارات الطلاقة اللفظية عندهن.


تضيف بضع دراسات سلوكية أدلة على ظهور بعض الفروق

الجنسانية في الدماغ قبل أن يبدأ الوليد أول نفس له.

يمكن أن يكون مثل هذا التنوع التشريحي قد حدث، في قسم كبير منه، بفضل نشاط الهرمونات الجنسية التي تغمر دماغ الجنين. فهذه الستيرويدات تساعد على الإشراف على تنظيم وتشبيك الدماغ أثناء التنامي، وتؤثر في البنية والكثافة العصبونية لمختلف المناطق. ومما يثير الاهتمام أن الباحات الدماغية، التي وجدت<گولدشتاين>أنها تختلف بين الرجال والنساء، هي نفسها التي تحتوي عند الحيوانات على أكبر عدد من مستقبلات receptors الهرمونات الجنسية أثناء التشكل والتنامي. وهذا الترابط بين حجم المنطقة الدماغية لدى البالغين والفعل الستيرويدي في الرحم يوحي بأن بعض الفروق الجنسانية (بين الجنسين)، في الوظيفة المعرفية على الأقل، لا تنجم عن التأثيرات الثقافية أو عن التغيرات الهرمونية التي تصاحب المراهقة؛ أي إنها قائمة منذ الولادة.


ميول موروثة(***)

تضيف بضع دراسات سلوكية مثيرة للاهتمام أدلة على أن بعض الفروق الدماغية بين الجنسين تنشأ قبل أن يبدأ الطفل أول أنفاسه. فعلى مر السنين، أوضح كثير من الباحثين أن الغِلْمان والبنات الصغار يفترقان في انتقاء الدمى. فالغلمان يميلون للانجذاب إلى الكُرات أو دمى السيارات، في حين تسعى البنات عادة إلى دمى البشر. ولكن ما من أحد استطاع أن يقول بحق ما إذا كانت هذه التفضيلات تمليها الثقافة أو تمليها البيولوجيا الدماغية الفطرية.


وللتصدي إلى هذا السؤال التفتت كل من<M.هاينز>[من City University London] و<M .G.ألكساندر>[من Texas A&M University] إلى النسانيس التي هي من الحيوانات الأكثر قرابة منا؛ إذ عرضت الباحثتان أمام مجموعة من نسانيس الڤرْڤِت vervet تشكيلة من الدمى، بما في ذلك دمى من القماش وشاحنات وبعض ألعاب حيادية النزعة بالنسبة إلى الجنس، مثل الكتب المصورة. فتبين لهما أن ذكور النسانيس أمضت وقتا أطول تلهو بالدمى الذكورية masculine من إناث النسانيس، في حين أمضت إناث النسانيس مزيدا من الوقت تلهو بدمى تفضلها البنات عادة. كما أمضى كل من الجنسين زمنا متساويا يعبث بالكتب المصورة والدمى الأخرى الحيادية للجنسين.


ولما كان من غير المحتمل أن تتأثر نسانيس الڤرڤت بالضغوط الاجتماعية للثقافة البشرية، فإن هذه النتائج تعني ضمنا أن تفضيلات الدمى لدى الأطفال إنما تنتج، ولو جزئيا على الأقل، من فروق بيولوجية فطرية. ويرجح أن هذا الافتراق divergence، وجميع الفروق التشريحية الدماغية بين الجنسين في الواقع، قد نشأت نتيجة لضغوط الانتقاء (الانتخاب) أثناء التطور. وفي حالة دراسة الدمى هذه، فإن الذكور، من البشر والرئيسات على حد سواء، تفضل الدمى التي يمكن تحريكها من مكان إلى آخر، وهذا يعزز لديها لعب العراك. ومن المعقول أن نستنتج أن هذه السمات قد ترتبط بالسلوكيات المفيدة للصيد وتأمين التزاوج. وعلى نحو مشابه يمكن أن يفترض المرء كذلك أن الإناث، في المقابل، تنتقي الدمى التي تسمح لهن بصقل المهارات التي سيحتجن إليها ذات يوم لتنشئة صغارهن.


لقد انتهج<S.بارون-كوهن>ومعاونوه [في جامعة كِمبردج] مقاربة خلاقة مختلفة لدراسة أثر الطبيعة مقابل أثر التربية فيما يخص الفروق بين الجنسين. فلقد ذكر الكثير من الباحثين تباينات في توجيه الناس للولدان الذكور والإناث. وعلى سبيل المثال، وجد <بارون ـ كوهن>وتلميذته <S.لوتشمايا>أن البنات في سنتهن الأولى يقضين زمنا أطول في النظر إلى أمهاتهن من الذكور بذات العمر. وحينما عُرضت على هؤلاء الأطفال تشكيلة أفلام لمشاهدتها، حدقت البنات لمدة أطول في فيلم يتعلق برؤية وجه ما، في حين حدق الغلمان لمدة أطول في فيلم يعرض سيارات.


وبالطبع، فإن هذه التفضيلات يمكن أن تنسب إلى فروق في طريقة تعامل البالغين مع الغلمان والبنات الصغار سلوكا ولعبا. ولاستبعاد هذه الإمكانية، تقدم<بارون ـ كوهن>وتلاميذه خطوة أبعد، إذ أخذوا كاميرة ڤيديو video camera إلى جناح الولادة في أحد المستشفيات بغية فحص ما يفضله رُضّع عمرهم يوم واحد. وقد عرض على هؤلاء الرضع مشهد من اثنين: إما وجه بشوش لطالبة حية، أو قطعة خشب متحركة تشبه وجه الطالبة لونًا وحجما وشكلا ولكنها تتضمن خليطا ملخبطا من ملامح وجهها. وتحاشيا لأي انحياز، لم يكن القائمون بالتجربة يعرفون جنس الرضيع أثناء الاختبار. ولدى مشاهدة أشرطة الفيلم وجد هؤلاء الباحثون أن البنات أمضين وقتا أطول في النظر إلى الطالبة، في حين صرف الغلمان وقتا أطول في النظر إلى الجسم الآلي. لقد اتضح هذا الفرق في الاهتمام الاجتماعي في اليوم الأول من حياة الرضيع، مما يعني ضمنا أننا نولد من الرحم ونحن نملك بعض الفروق الفطرية المعرفية (الاستعرافية) cognitive.


وطأة الكرب(****)

في حالات عديدة، تحدد الفروق بين الجنسين في كيمياء الدماغ وبنيانه كيفية استجابة الذكور والإناث للبيئة أو التفاعل مع حوادث الكرب وتذكرها. لنأخذ على سبيل المثال اللوزة المخية amygdala، فقد ذكرت <گولدشتاين>وآخرون أن اللوزة المخية تكون لدى الرجال أكبر منها لدى النساء. وفي الجرذان، تقيم العصبونات في هذه المنطقة عددا من الاتصالات البينية interconnections يفوق ما يقابلها لدى الإناث. ويتوقع من هذه الاختلافات التشريحية أن تولِّد فروقا في طريقة تأثّر الذكور والإناث بالكرب.


ومن أجل تقدير ما إذا كانت لوزتا الذكر والأنثى تستجيب بشكل مختلف تجاه الكرب، أبعدت <K.براون>ومعاونوها [في جامعة Otto von Guericke في مگديبورگ بألمانيا] وَلْدَةً واحدة من جِراء إحدى إناث جرذان ديگو Dego pups عن أمها. ونذكر هنا فيما يخص هذه القوارض الاجتماعية في أمريكا الجنوبية، والتي تعيش في مستعمرات كبيرة، على غرار السنجاب النباح prairie dogs 3 ، أن مثل هذا الفصل، حتى لو كان موقّتا، يمكن أن يكون شديد الإزعاج. ومن ثم قاس هؤلاء الباحثون تركيز مستقبلات السيروتونين serotonin receptors في مناطق دماغية مختلفة، مع العلم بأن السيروتونين هو ناقل عصبي neurotransmitter، أي جزيء حامل للإشارة يؤدي دورا رئيسيا في إدارة السلوك الانفعالي (إن الپروزاك Prozac، على سبيل المثال، يؤثر عن طريق تعزيز وظيفة السيروتونين).


وهنا سمح العاملون للجراء بسماع نداء أمها خلال فترة فصلها عنها، فوجدوا أن هذا الدخل السمعي auditory input زاد من تركيز مستقبلات السيروتونين في اللوزة المخية لدى الذكور، ولكنه أنقص من تركيز هذه المستقبلات ذاتها لدى الإناث. ومع أنه يصعب استقراء مدلول هذه الدراسة على سلوك البشر، فإن هذه النتائج تشير إلى أنه إذا كان شيء مشابه يحدث في الأطفال، فإن قلق الفصل separation يمكن أن يؤثر بشكل تفاضلي في الحياة الانفعالية لدى الأطفال الذكور والإناث. وثمة حاجة إلى تجارب من هذا القبيل إذا كان لنا أن نفهم سبب شيوع اضطرابات القلق لدى البنات بقدر يفوق كثيرا شيوعها لدى الغلمان.


اختلاف دماغي كبير(*****)



هناك فروق تشريحية في كل فص من فصوص الدماغ لدى الذكر والأنثى. فمثلا، حينما قاست <M.J.گولدشتاين> [من كلية طب هارڤارد] ومعاونوها حجوم باحات areas منتقاة من قشرة المخ بالنسبة إلى الحجم الكلي للدماغ، وجدوا أن العديد من المناطق تكون لدى الإناث أكبر منها لدى الذكور. ولكن توجد بالمقابل باحات أخرى تكون لدى الذكور أكبر منها لدى الإناث (الرسم أدناه). وليس من المعروف ما إذا كان هذا التباين التشريحي يتمخض عن فروق في القدرات المعرفية cognitive ability.









هناك منطقة دماغية أخرى يعرف الآن أنها تتباين بين الجنسين من الناحية التشريحية ومن ناحية الاستجابة للكرب. إنها الحُصَيْن hippocampus، وهو بنية حاسمة من أجل اختزان الذاكرة ومن أجل التمثيل الحيّزي للبيئة المادية. ونشير هنا إلى أن التصوير يبين دائما أن الحصين هو لدى النساء أكبر منه لدى الرجال. ويمكن أن ترتبط هذه الفروق التشريحية على نحو ما بفروق الطريقة التي يتبعها الذكور والإناث عند الترحال؛ إذ توحي عدة دراسات أن الرجال غالبا ما يبدؤون عند ترحالهم بتقدير المسافات والاتجاهات، في حين تبدأ النساء عند ترحالهن بتعرف معالم الطريق. وإنه لمن الشيق وجود فروق مشابهة بين الجنسين عند الجرذان. فالجرذان الذكور تنحو إلى تحديد حركتها في المتاهات mazes باستخدامها معلومات عن الموضع والاتجاه، في حين تنحو إناث الجرذان إلى استخدام معالم الطريق المتاحة.


وحتى العصبونات في الحصين، فإن سلوكها يختلف لدى الذكور عنه لدى الإناث، على الأقل فيما يتعلق بكيفية تجاوبها مع خبرات التعلم. فعلى سبيل المثال، بينت <M .J.جوراسكا>وزملاؤها [في جامعة إيلينوي] أن وضع الجرذان في «بيئة غنية» أي في أقفاص مملوءة بالدمى وبقوارض أخرى بقصد تعزيز التآثرات الاجتماعية، قد ولّد تأثيرات غير متشابهة في بنية العصبونات الحُصينية لدى الجرذان الذكور والجرذان الإناث. فلدى الإناث، عززت الخبرة «تَدَغُّل» bushiness الأغصان في الأشجار التغصنية للخلايا (أي البنى المتعددة الأذرع التي تتلقى الإشارات من الخلايا العصبية الأخرى). ويُفترض بهذا التغيير أن يعكس زيادة في الاتصالات العصبونية neuronal connections التي يعتقد أنها بدورها تضطلع بتثبيت الذاكرات. أما لدى الذكور، فإن البيئة المعقدة لم يكن لها تأثير في الأشجار التغصنية أو أنها شذبتها قليلا.


لكن ذكور الجرذان تتعلم أحيانا بشكل أفضل في مواجهة الكرب. فقد وجدت <J .T.شورز>[من جامعة رتگرز] ومعاونوها أن التعرض الوجيز لسلسلة صدمات ذيلية (مدة كل منها ثانية واحدة) حسّن أداء الواجب الذي جرى تعلمه، كما زاد كثافة الاتصالات التغصنية مع العصبونات الأخرى في الجرذان الذكور، في حين أفسد الأداء performance وقلل كثافة الاتصالات في الجرذان الإناث. إن لمثل هذه النتائج تضمينات اجتماعية مهمة. فكلما تعمق اكتشافنا للكيفية التي تختلف فيها آليات التعلم بين الجنسين، ازدادت حاجتنا إلى دراسة البيئات المثلى للتعلم التي يحتمل اختلافها لدى الصبيان والبنات.


ومع أن حصين أنثى الجرذ يمكن أن يبدي تناقصا في الاستجابة للكرب الحاد، فإنه يبدو أكثر قابلية للرجوعية resilient 4 من نظيره الذكري في وجه الكرب المزمن. فقد قيدت <D .Ch.كونراد> ومعاونوها [في جامعة أريزونا الحكومية] جرذانا في أحد الأقفاص لمدة ست ساعات، وهذا وضع تجده القوارض مزعجا لها، ثم قدر هؤلاء الباحثون درجة تأثر عصبوناتها الحصينية بالقتل بوساطة أحد السموم العصبية neurotoxin، وهو مقياس معياري لتأثير الكرب في هذه الخلايا. فلاحظوا أن التقييد المزمن جعل الخلايا الحصينية للذكور أكثر تأثرا بالسم، في حين لم يكن له دور لدى الإناث. وتوحي هذه النتائج وغيرها، أن الإناث، فيما يتعلق بتضرر الدماغ، قد تكون أفضل تهيؤا لتحمل الكرب المزمن من الذكور. ومازال من غير الواضح ما الذي يحمي الخلايا الحصينية الأنثوية من التأثيرات المخرِّبة التي يسببها الكرب المزمن، بيد أنه من المحتمل جدا أن يكون للهرمونات الجنسية دور في ذلك.


أفضليات جاهزة التشبيك(******)



أبدت نسانيس الڤرْڤَت التي درسها كل من <G.M.ألكسندر> [من جامعة تكساس A.M] و<M.هينس> [من سيتي يونيفرسيتي لندن] أفضليات في انتقاء الألعاب تتناغم مع الأنماط المجسمة stereo types للصبيان والبنات من بني البشر. فذكور النسانيس قضوا وقتا أكبر في لمس نموذج الشاحنة (الصورة العليا)، في حين انشغلت الإناث بالدمى الشخصانية (الصورة السفلى). وتعني مثل هذه الطرز ضمنا أن الانتقاءات لدى أطفال البشر يمكن أن تنبثق جزئيا من تشبيكهم العصبي وليس حصرا من تنشئتهم.





الصورة الكبيرة(*******)

ولدى توسيع البحث ليشمل كيف يتعامل الدماغ مع الأحداث المُكْرِبة ويتذكرها، وجدت وزملائي تباينات في طريقة ترسيخ ذاكرات الوقائع المثيرة للانفعال، وهي عملية نعرف من البحوث على الحيوانات أنها تتضمن تنشيط اللوزة المخية amygdala. وفي واحدة من أولى تجاربنا على الإنسان، قمنا بعرض سلسلة أفلام مصورة عنيفة على عدد من المتطوعين وقسنا خلال ذلك نشاط أدمغتهم باستخدام التخطيط المقطعي بالإصدار الپوزيتروني (PET). وبعد أسابيع قليلة طرحنا عليهم امتحانا قصيرا لمعرفة ما يتذكرون.


لقد اكتشفنا أن عدد الأفلام المزعجة التي استطاعوا تذكرها يتناسب مع ما كانت عليه درجة نشاط لوزاتهم المخية أثناء رؤيتهم الأفلام. وقد أكدت أبحاث لاحقة أُجريت في مختبرنا وفي مختبرات أخرى هذه النتيجة العامة. بيد أنني لاحظت أمرا غريبا. لقد لاحظت أن تنشيط اللوزة المخية في بعض الدراسات اقتصر على نصف الكرة المخي الأيمن، في حين اقتصر في بعضها الآخر على نصف الكرة المخي الأيسر؛ فتبينتُ حينذاك أن التجارب التي تنشطت فيها اللوزة المخية اليمنى اقتصرت على الرجال، وأن التجارب التي تنشطت فيها اللوزة المخية اليسرى شملت النساء. ومنذ ذلك الحين، أكدت ثلاث دراسات لاحقة (اثنتان صدرتا عن مجموعتي وواحدة أجراها <J.گابرييلّي> و<T.كانلي> ومعاونوها في ستانفورد) هذا الاختلاف في كيفية تعامل أدمغة الرجال والنساء مع الذاكرات الانفعالية.


إن إدراك كون دماغي الذكر والأنثى يعالجان المادة نفسها المثيرة للانفعال في الذاكرة على نحو مختلف، قادنا إلى التساؤل عما يمكن أن يعنيه هذا التفاوت. وكيما نتصدى لهذا السؤال عدنا إلى نظرية عمرها نحو قرن من الزمن وتنص على أن نصف الكرة المخي الأيمن ينحاز نحو معالجة النواحي الأساسية لموقف ما، في حين يميل نصف الكرة المخي الأيسر إلى معالجة التفاصيل الأدق. فإذا صحت تلك الفكرة، يحق لنا أن نتوقع أن يسبب الدواء الذي يخمّد فعالية اللوزة المخية، تعطيل قدرة الرجل على تذكر جوهر قصة انفعالية ما (عن طريق تثبيط لوزته المخية اليمنى)، وتعطيل قدرة المرأة على تذكر التفاصيل الدقيقة (عن طريق تثبيط لوزتها المخية اليسرى).


يعد الپروپرانولول propranolol دواء من هذا القبيل. فهذا الدواء الحاصر للمستقبلات بيتا beta blockers يهدئ نشاط الأدرينالين وابن عمه النورأدرينالين، وهو بهذا الفعل يخمّد تنشيط اللوزة المخية ويضعف استدعاء الذاكرات المثيرة للانفعال. لقد أعطينا هذا الدواء إلى رجال ونساء قبل مشاهدتهم فيلما قصيرا يعرض غلاما يتعرض إلى حادث مرعب أثناء سيره مع أمه. وبعد أسبوع اختبرنا ذاكراتهم، فأظهرت النتائج أن الپروپرانولول جعل من العَصي على الرجال تذكر النواحي الجوهرية في القصة؛ مثل تذكر أن سيارة قد دَهَسَت الغلام. أما تأثيره في النساء، فقد كان على عكس ذلك، إذ اقتصر على تعطيل ذاكرة التفاصيل المحيطية لديهن؛ مثل تذكر أن الغلام كان يحمل كرة قدم.


لقد وجدنا في استقصاءاتنا الأحدث أننا نستطيع اكتشاف فرق بين الجنسين يتعلق بنصفي الكرة المخية من حيث الاستجابة بشكل فوري تقريبا للمواد الانفعالية. فلدى عرض صور منفرة انفعاليا على متطوعين، تفاعل هؤلاء في غضون 300 مليثانية، وظهر ذلك كنبضة عابرة(5) على تسجيل للنشاط الدماغي الكهربائي. وبالاشتراك مع <A.گاسباري> [من جامعة لاكويلا في إيطاليا] وجدنا أن هذه النبضة العابرة السريعة، التي أسميناها الاستجابة P300، كانت لدى الرجال أعلا عند تسجيلها فوق النصف المخي الأيمن، في حين كانت أكبر عند تسجيلها فوق النصف المخي الأيسر لدى النساء. وهكذا، فإن تباينات نصف مخية جنسانية (متعلقة بالجنسين) في الكيفية التي يعالج بها الدماغ الصور الانفعالية تبدأ في غضون 300 مليثانية، قبل أن تتاح للفرد أية فرصة للتأويل الواعي لما يراه، إن كان هناك تأويل.


الحصين المكروب(********)



يرتكس الحصين لدى ذكور الجرذان بشكل مختلف تجاه الكرب الحاد والمزمن عنه لدى الإناث.

الكرب الحاد

سبّب الكرب القصير الأمد زيادة في كثافة النبابيت spines التغصنية في العصبونات الحصينية لدى الذكور، في حين سبب تناقصها لدى الإناث. فالنبابيت (أو الأشواك أو النتوءات) هي الأمكنة التي تتلقى فيها التغصنات dendrites الإشارات الاستثارية excitatory signals الواردة من العصبونات الأخرى. وبما أن الحصين معني بالتعلم والذاكرة، فإن هذه النتائج تثير إمكانية تحريض الكرب القصير الأمد تبدلات تشريحية تيسر التعلم لدى الذكور وتقلله لدى الإناث.




الكرب المزمن

يمكن أن يجعل الكرب الطويل الأمد، على النقيض من ذلك، الحصين لدى الذكر أكثر عرضة للتأذي. فعندما قام <Ch.كونراد> وآخرون بتعريض جرذان ذكرية مكروبة على نحو مزمن إلى ذيفان عصبي nerve toxin، عانت الذكور، وليس الإناث، تخريبا يفوق ما أصاب جُرذان شاهدة controls من الجنس نفسه. والصور المجهرية أدناه مأخوذة من أفراد مكروبة.





يمكن أن يكون لهذه الاكتشافات تفرعات لمعالجة داء الكرب بعد الرَّضحي (PTSD). فقد أثبت بحث سابق أجراه <G.شِيلْنِگ> وزملاؤه [في جامعة لودڤيگ مكسميليان بألمانيا] أن أدوية مثل الپروپرانولول تقلل ذاكرة المواقف الرضحية traumatic إذا ما أعطيت إلى المصاب كجزء من المعالجة المعتادة في وحدة العناية المركزة. وبتحفيز من اكتشافاتنا، وجد هؤلاء الباحثون أن الحاصرات بتا beta blockers، في وحدات العناية المركزة على الأقل، تخفض ذكرى الحوادث الرضحية لدى النساء وليس لدى الرجال. وهكذا، حتى في العناية المركزة، قد يحتاج الأطباء إلى أن يأخذوا في الاعتبار جنس مرضاهم حين تقرير أدويتهم.


ليس داء الكرب بعد الرضحي (PTSD) هو الاضطراب النفسي الوحيد الذي يبدو أنه يختلف بين الرجال والنساء. فقد أظهرت دراسة بالتصوير المقطعي الطبقي بوساطة الإصدار الپوزيتروني (PET) أجراها <M.ديكسيك> وزملاؤه [في جامعة ماگيل] أن إنتاج السيروتونين يفوق بشكل واضح بمقدار 52 في المئة في المتوسط لدى الرجال عنه لدى النساء، الأمر الذي قد يساعد على توضيح سبب كون النساء أكثر عرضة للاكتئاب، الأمر الذي عادة ما يعالج بأدوية ترفع تركيز السيروتونين.


اللوزة المخية والذاكرة الانفعالية(*********)



في بحث أجراه المؤلف ومعاونوه، ارتكست اللوزة المخية، وهي بنية حاسمة في موضوع الذاكرة والحوادث الانفعالية، بشكل مختلف لدى النساء والرجال الذين شاهدوا صورا مثيرة انفعاليا، مثل صور حيوان يتفسخ. فالرجال الذين أعربوا عن استجابات قوية، أظهروا أكبر فعالية في لوزة النصف المخي الأيمن (الصورة المسحية والمخطط الأيمن)، وتَذكّر معظمهم هذه الصور بعد أسبوعين، في حين ظهرت أكبر فعالية لدى النساء (اللواتي شعرن بإثارة أكبر وتذكرن الصور بشكل أفضل) في اللوزة المخية اليسرى (اللوحة اليسرى). وتوحي دراسات لاحقة، أجراها فريق الباحثين هذا، أن الفروق في فعالية اللوزة بين الجنسين تجعل النساء أكثر ميلا لتذكر تفاصيل الحادثة الانفعالية، وتجعل الذكور أكثر ميلا لتذكر جوهر الحادثة.





قد يسود وضع مشابه في الإدمان؛ ففي هذه الحالة، يكون الناقل العصبي ذو الشأن هو الدوپامين، الذي هو مادة كيماوية تضطلع بمشاعر السرور الذي يرافق المخدرات؛ فقد اكتشفت <B.J.بيكر> وزملاؤها الباحثون [في جامعة ميتشيگان بمدينة آن آربر] أن الأستروجين عزز عند إناث الجرذان إطلاق الدوپامين في مناطق دماغية مهمة لتنظيم سلوك السعي للعثور على المخدر. فضلا عن ذلك، كان لهذا الهرمون تأثيرات طويلة الديمومة جعلت إناث الجرذان تسعى للعثور على الكوكائين لمدة أسابيع عقب آخر تناول لهذا المخدر. ويمكن أن تفسر مثل هذه الفروق في التأثرية susceptibility (وبخاصة للمنشطات مثل الكوكائين والأمفيتامين) سبب احتمال أن تكون النساء أكثر استعدادا للتأثر بهذه المخدرات ووقوعهن في شرك الإدمان بصورة أسرع من الرجال.





صور مسحية بالتصوير المقطعي الطبقي بالإصدار الپوزيتروني (PET). تكشف هذه المسوح المصورة أعلاه أن أدمغة الذكور تولد السيروتونين بمعدل أسرع منه لدى أدمغة الإناث، علما أن السيروتونين يؤثر في المزاج mood. وبناء على ذلك، فإن هذا الاكتشاف قد يساعد على فهمنا ما نرى من تعرض النساء للاكتئاب أكثر من الرجال.


وثمة شذوذات دماغية معينة تخص الفصام يبدو أنها تختلف لدى الرجال عنها لدى النساء. فقد أمضى <روبن گور> و<راكيل گور> وزملاؤهما [في جامعة پنسلڤانيا] سنوات عديدة يدرسان الفروق الجنسانية فيما يخص تشريح الدماغ ووظائفه. وفي أحد مشروعاتهم، قاسوا حجم القشرة المخية الجبهية الحجاجية orbitofrontal cortex، وهي منطقة تعنى بتنظيم العواطف والانفعالات، وقارنوه بحجم اللوزة المخية amygdala ذات الشأن الأكبر في توليد ردود الفعل العاطفية والانفعالية. وهنا وجد هؤلاء الباحثون أن نسبة القشرة الجبهية الحجاجية إلى اللوزة (OAR) لدى النساء تفوق نظيرتها لدى الرجال. ويستطيع المرء أن يستشف من هذه المكتشفات أن النساء قد يمتلكن ـ في المتوسط ـ قدرة أكبر في السيطرة على استجاباتهن الانفعالية.


وفي تجارب إضافية، اكتشف الباحثون أن هذا التوازن يختل ـ على ما يبدو ـ في مرض الفصام، وإن كان ذلك بشكل غير متماثل في حالتي الرجال والنساء. فلدى النساء المصابات بالفصام تكون النسبة OAR أقل منها لدى نظيراتهن الصحيحات، حسبما هو متوقع. لكن من المستغرب أن هذه النسبة (OAR) تكون أكبر لدى الرجال المصابين بالفصام مقارنة بنظائرهم الأصحاء. وتبقى هذه المكتشفات محيرة، ولكنها تعني ضمنا على الأقل، أن الفصام مرض مختلف إلى حد ما لدى الرجال والنساء وأن معالجة هذا الداء يجب «تفصيلها» tailored حسب جنس المريض.


مادة سنجابية(**********)



في مطلع هذا العام، ضرب رئيس جامعة هارڤارد <L.سومرز> على الوتر الحساس لدى العديد من الناس، حينما أثار إمكانية أن تستطيع بيولوجية الدماغ أن تفسر سبب قلة نجاح النساء، مقارنة بالرجال، في المهن العلمية. وقد استاءت

[وهي بيولوجية في المعهد MIT] من تأملاته إلى حد أنها غادرت قاعة المؤتمر حيث كان يلقي كلمته.

ماذا تقول الأبحاث في هذا المضمار؟ يصعب العثور على دليل للصلة بين اختلافات التشريح والمقدرة العقلية. فبالنسبة إلى المبتدئين تكون الفروق بين أداء الجنسين في الاختبارات القياسية تافهة، مع كون هذه الفروق في بعض الأحيان لصالح النساء، وفي أحيان أخرى لصالح الرجال. وعلى الرغم من اكتشاف علماء الأعصاب عديدا من الفروق الجنسانية في بنية الدماغ ووظيفته، فلا أحد يستطيع في الوقت الحاضر أن يقول ما إذا كان لهذه الفروق أي تأثير في النجاح المهني في العلوم، أو أنه، إذا صح ذلك، لا يستطيع أحد أن يقارنه بما يمكن أن يكون من تأثير للعوامل الثقافية في هذا الصدد.




التقى سومرز
> بعض الصحفيين وهو في طريقه إلي اجتماع لهيئة التدريس في جامعة هارڤارد
ولكن من الممكن أن تكون أدمغة الرجال والنساء تنجز ذكاءها العام المتكافئ بطريقين مختلفين إلى حد ما. فعلى سبيل المثال، تقترح دراسة حديثة أن الجنسين قد يستخدمان دماغيهما بشكل مختلف لدى حلهما مسائل كتلك الموجودة في اختبارات الذكاء. وفي هذا البحث، استخدم <R.هايير> ومساعدوه [في جامعة كاليفورنيا في إيرفن، وكذلك في جامعة نيومكسيكو] المسح بالتصوير المغنطيسي التجاوبي MRI Scanning والاختبار المعرفي (الاستعرافي) cognitive testing لرسم خرائط تربط بين حجمي المادة السنجابية والمادة البيضاء في أجزاء مختلفة من الدماغ وبين الأداء في اختبارات مُعامل الذكاء (IQ). فالمادة السنجابية تتألف من أجسام خلايا العصبونات التي تعالج المعلومات في الدماغ، في حين تتألف المادة البيضاء من المحاوير axons التي ترسل الخلية عبرها المعلومات إلى خلية أخرى. وهنا وجد هذا الفريق البحثي صلات بين حجمي المادة السنجابية والمادة البيضاء وبين الأداء الاختباري لدى الجنسين كليهما، ولكن الباحات (المناطق) areas الدماغية التي تُظهر هذه الارتباطات اختلفت بين الرجال والنساء.

لم تتكرر هذه المكتشفات حتى حينه. وحتى لو تكررت، فسيبقى مع ذلك أمام الباحثين سؤال من دون جواب: ما علاقة مثل هذه الفروق، إن وجدت، بالكيفية التي يفكر بها الرجال والنساء؟


أمور جنسانية(***********)

في تقرير شامل للعام 2001 حول الفروق الجنسانية في الصحة البشرية أكدت الأكاديمية الوطنية للعلوم أن «الأمور الجنسانية (أي الأمور المتعلقة بالذكور وبالإناث كل على حدة) تعد متغيرا بشريا أساسيا مهما ينبغي أخذه في الاعتبار حين تصميم وتحليل دراسات في جميع المستويات الحيوية الطبية، وكذلك في الأبحاث المرتبطة بالصحة.»


لايزال علماء الأعصاب بعيدين عن جمع أجزاء الوقائع بعضها مع بعض، بمعنى تحديد جميع الاختلافات الدماغية الجنسانية وتأثيراتها في المعرفة (الاستعراف) cognition ودورها في الاضطرابات المتعلقة بالدماغ. ومع ذلك، تثبت الأبحاث التي أجريت حتى الآن أنه من المؤكد أن الفروق بين الجنسين تطال ما هو أبعد من الوطاء hypothalamus وسلوك التزاوج. صحيح إنه لم تتضح بعد لدى الباحثين والأطباء السريريين الطريقة الفضلى للمضي قدما في استجلاء التأثيرات الكاملة للجنسانية في الدماغ وفي السلوك وفي الاستجابات للأدوية؛ ولكن يتزايد عدد من يتفقون الآن على أن العودة إلى الادعاء بأننا نستطيع أن نجري بحوثنا على أحد الجنسين، ثم نعتبر أن النتائج المستقاة تصدق أيضا على الجنس الآخر، لم يعد خيارا مقبولا بعد الآن.




المؤلف

Larry Cahil

حصل على الدكتوراه في العلوم العصبية عام 1990 من جامعة كاليفورنيا في إيرڤين. وبعد أن أمضى عامين في ألمانيا، كان يستخدم خلالهما تقنيات التصوير لاستكشاف التعلم والذاكرة في اليربوع gerbil، عاد إلى جامعة كاليفورنيا في إيرڤين، حيث يعمل حاليا أستاذا مشاركا في قسم البيولوجيا العصبية والسلوك، كما أنه زميل في مركز البيولوجيا العصبية للتعلم والذاكرة.




مراجع للاستزادة

Sex Differences in the Brain. Doreen Kimura in Scientific American, Vol. 267, No. 3, pages 80-87; September 1992.

Sex on the Brain: The Biological Differences between Men and Women. Deborah Blum. Viking Press, 1997.

Male, Female: The Evolution of Human Sex Differences. David Geary. American Psychological Association, 1998.

Exploring the Biological Contributions to Human Health: Does Sex Matter? Edited by Theresa M. Wizemann and Mary-Lou Pardue. National Academy Press, 2001.

Brain Gender. Melissa Hines. Oxford University Press, 2004.

Scientific American, May 2005




(*) HIS BRAIN, HER BRAIN

(**) Overview/ Brains

(***) Inborn Inclinations

(****)Under Stress

(*****)Sizable Brain Variation

(******) Wired Preferences?

(*******)The Big Picture

(********)The Stressed Hippocampus

(*********) The Amygdala And Emotional Memory

(**********)A Gray Matter

(***********)Sex Matters




(1) gender أي معالجات خاصة بالذكور وأخرى بالإناث.

(2) [انظر: «الفروق في الدماغ بين الجنسين» Sex Differences in the Brain, " by S. Levine"].

(3) خلافا لما يوحي به الاسم، فإن الprairie dogs ليست كلابا، وإنما هي قوارض حافرة مكتنزة تعيش في السهول المفتوحة في غرب أمريكا الشمالية والمكسيك. (التحرير)

(4) قادر على الارتداد إلى وضعه السابق أو حالته السابقة. (التحرير)

(5) spike: ظاهرة إلكترونية قصيرة الأمد عالية القيمة. (التحرير)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق