كتبهابلال عبد الهادي ، في 27 نيسان 2011 الساعة: 14:12 م
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الجزء الأول
قال الشيخ أبو على إسماعيل بن القاسم القالى
البغدادى رحمه الله: الحمد لله الذى جل عن شبه الخليقة، وتعالى عن الأفعال القبيحة؛
وتنزه عن الجور، وتكبر عن الظلم؛ وعدل فى أحكامه، وأحسن إلى عباده؛ وتفرد بالبقاء،
وتوحد بالكبرياء، ودبر بلا وزير، وقهر بلا معين؛ الأول بلا غاية، والآخر بلا نهاية؛
الذى عزب عن الأفهام تحديده، وتعذر على الأوهام تكييفه؛ وعميت عن إدراكه الأبصار،
وتحيرت فى عظمته الأفكار؛ الشاهد لكل نجوى، السامع لكل شكوى، والكاشف لكل بلوى؛
الذى لا يحويه مكان، ولا يشتمل عليه زمان، ولا ينتقل من حال إلى حال؛ القادر الذى
لا يدركه العجز، والعالم الذى لا يلحقه الجهل؛ والجواد الذى لا ينزح، والعزيز الذى
لا يخضع؛ والجبار الذى قامت السموات بأمره، ورجفت الجبال من خشيته.
والحمد لله الذى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالدلائل الواضحة، والحجج القاطعة، والبراهين الساطعة؛ بشيراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه وسراجا منيرا؛ فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونهض بالحجة، ودعاء إلى الحق، وحض على الصدق؛ صلى الله عليه وسلم.
ثم أما بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على خير البشر صلى الله عليه وسلم، فإنى لما رأيت العلم أنفس بضاعة، أيقنت أن طلبه أفضل تجارة؛ فاغتربت للرواية، ولزمت العلماء للدراية. ثم أعلمت نفسى في جمعه، وشغلت ذهنى بحفظه؛ حى حويت خطيره، وأحرزت رفيعه، ورويت جليله، وعرفت دقيقه؛ وعقلت شارده، ورويت نادره، وعلمت غامضه، ووعيت واضحه، ثم صنته بالكتمان عمن لا يعرف مقداره، ونزهته عن الإذاعة عند من يجهل مكانه؛ وجعلت غرضى أن أودعه من يستحقه، وأبديه لمن يعلم فضله، وأجلبه إلى من يعرف محله؛ وأنشره عند من يشرفه، وأقصد به من يعظمه؛ إذ بائع الجوهر وهو حجر يصونه بأجود صوان، ويودعه أفضل مكان؛ ويقصد به من يجزل ثمنه، ويحمله إلى من يعرف قدره؛ على أنه لا يستحق بسببه أن يوصف بالفضل بائعه ولا مشتريه، ولا يستوجب أن يحمد من أجل المبالغة فى ثمنه مقتنيه، والعلم يذكر بالرجاحة طالبه، وينعت بالنباهة صاحبه ويستحق الحمد عند كل العقلاء حاويه، ويستوجب الثناء من جميع الفضلاء واعيه، ويفيد أسنى الشرف مشرفه ويكتسب أبقى الفخر معظمه فغبرت برهة ألتمس بنشره موضعا، ومكثت دهرا أطلب لإذاعته مكانا، وبقيت مدة أبتغى له مشرفا وأقمت زمناً ارتدى له مشتريا، حتى تواترت الأنباء المتفقة وتتابعت الصفاة الملتئمة التى لا تخالجها الشكوك ولا تمازجها الظنون، بأنه مشرفه فى عصره، أفضل من ملك الورى، وأكرم من جاد البللهى، وأجود من تعمم وارتدى، وأمجد من ركب ومشى، وأسود من أمر ونهى، سمام العدى، فياض الندى، ماضى العزيمة، مهذب الخليقة، محكم الرأى صادق الوأى، باذل الأموال، محقق الآمال، مفشى المواهب، معطى الرغائب أمير المؤمنين، وحافظ المسلمين، وقامع المشركين، ودامغ المارقين، وابن عم خاتم النبيين، محمد صلى الله عليه وسلم، (عبد الرحمن بن محمد) محيى المكارم، ومبتنى المفاخر، الذى إذا رضا غنى، وإذا غضب أردى، وإذا دعا أجاب، وإذا استصرخ أغاث. وأن معظمه مشتريه، وجامعه ومقتنيه، ربيع العفاة، وسم العداة، ذو الفضل والتمام، والعقل والكمال، المعطى قبل السؤال، والمنير قبل أن يستنال (الحكم) ولى عهد المسلمين، وابن سيد العالمين أمير المؤمنين (عبد الرحمن بن محمد) الإمام العادل، والخليفة الفاضل، الذى لم يرى فيما مضى من الأمراء شبهه، ولا نشأ فى الأزمنة من الكرماء مثله، ولا ولد نساء من الأجواد نظيره، ولا ملك العباد من الفضلاء عديله، فخرجت جائداً بنفسى، باذلا لحشاشتى، أجوب متونا قفارى، وأخوض بحج البحار، وأركب الفلوات، وأقتحم الغمرات، مؤملا أن أوصل العلق النفيس إلى من يعرفه، وأنشر المتاع الخطير ببلد من يعظمه، وأشرف الشريف باسم من يشرفه، وأعرض الرفيع على من يشتريه، وأبذل الجليل لمن يجمعه ويغتنيه، فمن الله جل وعز بالسلامة، وحبا تعالى ذكره بالعافية، حتى حللت بعصرة الخواف، وعصمة المضافى، والمحل الممرع، والربيع المخصب، فناء أمير المؤمنين (عبد الرحمن بن محمد) المبارك الطلعة، ميمون الغرة، الجم الفواضل، الكثير النوافل، الغيث فى المحل، الثمال فى الأزل، البدر الطالع، الصبح الساطع، الضوء اللامع، أسراج الزاهر، السحاب الماطر، الذى نصر الدين، وأعز المسلمين، وأذل المشركين، وقمع الطغاة، وأباة العصاة، وأطفىء نار النفاق، وأهمد جمر الشقاق، وذلل من الخلق من تجبر، وسهل من الأمر ما توعد، ولما الشعث، وأمن السبل، وحقن الدماء. أبقاه الله سالماً فى جسمه، معافاً فى بدنه، مسروراً بأيامه، مبتهجاً بزمانه، وخصه بطول المدة، وتتابع النعمة، وأبقى خلفته، وأدام عافيته، وتولى حفظه، ولا أزال عنا ظله. وصحبت الحيا المحسب والجواد المفضل، الذى إذا وعد وفى، وإذا أوعد عفا، وإذا وهب أسنع، وإذا أعطى أقنع، (الحكم) فرأيته - أيده الله - أجَّل الناس بعد أبيه خطره وأرفعه بقدره، وأوسعهم كنفا، وأفضلهم سلفا، وأغذرهم علما، وأعظمهم حلما، يملك غضبه فلا يعجل، ويعطى على العلاة فلا يمل، مع فهم ثاقب، ولب راجح، ولسان عضب، وقلب ندب، فتابعا لدى النعمة، وواترا على الإحسان، حتى أبديت ما كنت له كاتما، ونشرت ما كنت له طاويا، وبذلت ما كنت به ضنينا، ومذلت بما كنت عليه شحيحا، فأمللت هذا الكتاب من حفظا فى الأخمسة بقرطبة، وفى المسجد الجامع بالزهراء المباركة، وأودعته فنون من الأخبار، وضروبا من الأشعار، وأنواع من الأمثال، وغرائب من اللغات، على أنى لم أذكر فيه باباً فى اللغة إلا أشبعته، ولا ضرباً من الشعر إلا اخترته، ولا فناً من الخبر إلا انختلته ولا نوعاً من المعاناة والمثل إلا اسجبته، ثم لم أخله من غريب القرآن، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، على أننى أوردت فيه من الإبدال ما لم يورده أحد وفسرت فيه من الإتباع ما لم يفسره بشر، ليكون الكتاب الذى استنبطه إحسان الخليفة جامعا، والديوان الذى ذكر فيه اسم الإمام كاملا، وأسأل الله عصمة من الزيغ والأشر، وأعوذ به من العجب والبطر، وأستهديه السبيل الأرشد، والطريق الأقصد.
والحمد لله الذى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالدلائل الواضحة، والحجج القاطعة، والبراهين الساطعة؛ بشيراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه وسراجا منيرا؛ فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونهض بالحجة، ودعاء إلى الحق، وحض على الصدق؛ صلى الله عليه وسلم.
ثم أما بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على خير البشر صلى الله عليه وسلم، فإنى لما رأيت العلم أنفس بضاعة، أيقنت أن طلبه أفضل تجارة؛ فاغتربت للرواية، ولزمت العلماء للدراية. ثم أعلمت نفسى في جمعه، وشغلت ذهنى بحفظه؛ حى حويت خطيره، وأحرزت رفيعه، ورويت جليله، وعرفت دقيقه؛ وعقلت شارده، ورويت نادره، وعلمت غامضه، ووعيت واضحه، ثم صنته بالكتمان عمن لا يعرف مقداره، ونزهته عن الإذاعة عند من يجهل مكانه؛ وجعلت غرضى أن أودعه من يستحقه، وأبديه لمن يعلم فضله، وأجلبه إلى من يعرف محله؛ وأنشره عند من يشرفه، وأقصد به من يعظمه؛ إذ بائع الجوهر وهو حجر يصونه بأجود صوان، ويودعه أفضل مكان؛ ويقصد به من يجزل ثمنه، ويحمله إلى من يعرف قدره؛ على أنه لا يستحق بسببه أن يوصف بالفضل بائعه ولا مشتريه، ولا يستوجب أن يحمد من أجل المبالغة فى ثمنه مقتنيه، والعلم يذكر بالرجاحة طالبه، وينعت بالنباهة صاحبه ويستحق الحمد عند كل العقلاء حاويه، ويستوجب الثناء من جميع الفضلاء واعيه، ويفيد أسنى الشرف مشرفه ويكتسب أبقى الفخر معظمه فغبرت برهة ألتمس بنشره موضعا، ومكثت دهرا أطلب لإذاعته مكانا، وبقيت مدة أبتغى له مشرفا وأقمت زمناً ارتدى له مشتريا، حتى تواترت الأنباء المتفقة وتتابعت الصفاة الملتئمة التى لا تخالجها الشكوك ولا تمازجها الظنون، بأنه مشرفه فى عصره، أفضل من ملك الورى، وأكرم من جاد البللهى، وأجود من تعمم وارتدى، وأمجد من ركب ومشى، وأسود من أمر ونهى، سمام العدى، فياض الندى، ماضى العزيمة، مهذب الخليقة، محكم الرأى صادق الوأى، باذل الأموال، محقق الآمال، مفشى المواهب، معطى الرغائب أمير المؤمنين، وحافظ المسلمين، وقامع المشركين، ودامغ المارقين، وابن عم خاتم النبيين، محمد صلى الله عليه وسلم، (عبد الرحمن بن محمد) محيى المكارم، ومبتنى المفاخر، الذى إذا رضا غنى، وإذا غضب أردى، وإذا دعا أجاب، وإذا استصرخ أغاث. وأن معظمه مشتريه، وجامعه ومقتنيه، ربيع العفاة، وسم العداة، ذو الفضل والتمام، والعقل والكمال، المعطى قبل السؤال، والمنير قبل أن يستنال (الحكم) ولى عهد المسلمين، وابن سيد العالمين أمير المؤمنين (عبد الرحمن بن محمد) الإمام العادل، والخليفة الفاضل، الذى لم يرى فيما مضى من الأمراء شبهه، ولا نشأ فى الأزمنة من الكرماء مثله، ولا ولد نساء من الأجواد نظيره، ولا ملك العباد من الفضلاء عديله، فخرجت جائداً بنفسى، باذلا لحشاشتى، أجوب متونا قفارى، وأخوض بحج البحار، وأركب الفلوات، وأقتحم الغمرات، مؤملا أن أوصل العلق النفيس إلى من يعرفه، وأنشر المتاع الخطير ببلد من يعظمه، وأشرف الشريف باسم من يشرفه، وأعرض الرفيع على من يشتريه، وأبذل الجليل لمن يجمعه ويغتنيه، فمن الله جل وعز بالسلامة، وحبا تعالى ذكره بالعافية، حتى حللت بعصرة الخواف، وعصمة المضافى، والمحل الممرع، والربيع المخصب، فناء أمير المؤمنين (عبد الرحمن بن محمد) المبارك الطلعة، ميمون الغرة، الجم الفواضل، الكثير النوافل، الغيث فى المحل، الثمال فى الأزل، البدر الطالع، الصبح الساطع، الضوء اللامع، أسراج الزاهر، السحاب الماطر، الذى نصر الدين، وأعز المسلمين، وأذل المشركين، وقمع الطغاة، وأباة العصاة، وأطفىء نار النفاق، وأهمد جمر الشقاق، وذلل من الخلق من تجبر، وسهل من الأمر ما توعد، ولما الشعث، وأمن السبل، وحقن الدماء. أبقاه الله سالماً فى جسمه، معافاً فى بدنه، مسروراً بأيامه، مبتهجاً بزمانه، وخصه بطول المدة، وتتابع النعمة، وأبقى خلفته، وأدام عافيته، وتولى حفظه، ولا أزال عنا ظله. وصحبت الحيا المحسب والجواد المفضل، الذى إذا وعد وفى، وإذا أوعد عفا، وإذا وهب أسنع، وإذا أعطى أقنع، (الحكم) فرأيته - أيده الله - أجَّل الناس بعد أبيه خطره وأرفعه بقدره، وأوسعهم كنفا، وأفضلهم سلفا، وأغذرهم علما، وأعظمهم حلما، يملك غضبه فلا يعجل، ويعطى على العلاة فلا يمل، مع فهم ثاقب، ولب راجح، ولسان عضب، وقلب ندب، فتابعا لدى النعمة، وواترا على الإحسان، حتى أبديت ما كنت له كاتما، ونشرت ما كنت له طاويا، وبذلت ما كنت به ضنينا، ومذلت بما كنت عليه شحيحا، فأمللت هذا الكتاب من حفظا فى الأخمسة بقرطبة، وفى المسجد الجامع بالزهراء المباركة، وأودعته فنون من الأخبار، وضروبا من الأشعار، وأنواع من الأمثال، وغرائب من اللغات، على أنى لم أذكر فيه باباً فى اللغة إلا أشبعته، ولا ضرباً من الشعر إلا اخترته، ولا فناً من الخبر إلا انختلته ولا نوعاً من المعاناة والمثل إلا اسجبته، ثم لم أخله من غريب القرآن، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، على أننى أوردت فيه من الإبدال ما لم يورده أحد وفسرت فيه من الإتباع ما لم يفسره بشر، ليكون الكتاب الذى استنبطه إحسان الخليفة جامعا، والديوان الذى ذكر فيه اسم الإمام كاملا، وأسأل الله عصمة من الزيغ والأشر، وأعوذ به من العجب والبطر، وأستهديه السبيل الأرشد، والطريق الأقصد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق