كتبهابلال عبد الهادي ، في 3 أيار 2012 الساعة: 10:20 ص
في منازعات الأزواج، في المدح والذم ،
وصفاتهن لهم في منثور الكلام ومنظومه. قال أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي ،
حدثنا أبو معاوية الضرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ( ذات يوم أنا لك كأبي زرع قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما أبو زرع فقال كان نسوة في الجاهلية إحدى عشر امرأة قعدن قتذاكرن أزواجهن فذم
خمس ومدح ست فأما أولى الذوام "فقالت" زوجي لحم جمل غث بجبل وعر لا سهل فيرتقي ولا
سمين فينتقي "تعني" مهزولاً على رأس جبل تصف قلة خيره كالشيء الصعب لا ينال إلا
بالمشقة تقول ليس له نقي أي مخ يقال نقوت العظم ونقيته "يقول الشارح" شبهت قلة خيره
بلحم الجمل الهزيل وشبهت سوء خلقه بالجبل الصعب المرتقى ثم قالت فلا الجبل سهل
فيرتقى لأخذ اللحم ولو هزيلاً لأن الشيء المزهود فيه قد يؤخذ إذا وجد بغير تعب ولا
اللحم سمين فتتحمل المشقة لأجل تحصيله.
وقالت الثانية زوجي عيآياء طباقاء كل داء له داء شحك أو فلك أو جمع كلالك. تقول كل داء من الناس هو فيه ومن أدوائه العياياء، العي الذي لا يحسن شيئاً ولا يحكم عملاً. طبآقاء مثل عيآياء به كل داء من جهل وضعف وخرق والعياياء من الإبل الذي لا يضرب ولا يلقح "يقول الشارح" شحك من الشحاك وهو عود يعرض في فم الجدي يمنعه من الرضاع. فلك المتفكك العظام والمعنى أنها تصفه بالجهل وبأن كل شيء تفرق في الناس من المعاتب موجود فيه وأنه لا خير في معاشرته ولا رجاء في رجوليته.
وقالت الثالثة زوجي إذا أكل لف وإذا شرب اشتف وإذا رقد التف ولا يدخل الكف حتى يعرف البث "يقال" لف في الأكل أكثر مخلطاً من صنوفه واشتف أخذ من الشفافة وهي البقية تبقى في الإناء من الشراب فإذا شربها قيل اشتفها وتشافها تشافاً قال وقولها لا يدخل الكف أنه كان بجسدها عيب أو داء تكتئب له لأن البث الحزن وكان لا يدخل يده في ثوبها ليمس ذلك العيب فيشق عليها تصفه بالكرم "يقول الشارح" في تفسير مؤلف الكتاب للجملة الأخيرة خطأ والصواب أنها تصفه بكثرة الأكل والشرب وقلة الجماع وكل ذلك مذموم عند العرب والعرب تنمدح بقلة الأكل والشرب وكثرة الجماع لدلالتها على صحة الذكورية والرجولية - والمراد باللف الإكثار من الأكل واستقصاؤه حتى لا يترك شيئاً منه والاشتفاف في الشرب استقصاؤه وقولها إذا رقد التف أي رقد إلى ناحية وحده وانقبض عن زوجته أعراضاً فهي حزينة لذلك وكذلك قالت ولا يولج الكف حتى يعرف البث أي لا يمد يده ليعلم ما هي عليه الحزن فيزيله والمراد بالبث الحزن.
وقال الرابعة زوجي العشنق إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق - العشنق المفرط الطول تقول ليس عنده غناء من طوله بلا نفع يقول الشارح العشنق الطويل المذموم الطول ويروي أنه الطويل النجيب الذي يملك أمر نفسه ولا تحكم النساء فيه بل يحكم فيهن بما شاء فزوجته تهابه إن تنطق بحضرته فهي تسكت على مضض - والمراد من قولها أنها منه على حذر فإن نطقت بعيوبه يبلغه كلامها فيطلقها وإن سكتت عنها فإنها عنده معلقة لا هي ذات زوج ولا هي أيم فكأنها قالت أنا عنده لا ذات بعل فأنتفع به ولا مطلقة فأتفرغ لغيره فهي كالمعلقة بين العلو والسفل لا تستقر بأحدهما.
وقالت الخامسة زوجي لا أنيء خبره أخاف أن لا أذره فأظهر عجره وبجره "العجر" أن يتعقد العصب أو العروق حتى تراها ناتئة من الجسد والبجر نحوها إلا أن البجر في البطن خاصة وامرأة بجراء لفلان بجره ورجل أبجر إذا كان عظيمها "يقول الشارح" قولها " لا أنيء خبره " أي لا أحكمه وقولها أن لا أذره أي لا أتركه وقولها عجره وبجره أمره كله أو همومه وأحزانه أو عيوبه الظاهرة والكامنة وأصل معنى عجر وبجر ما ذكره المصنف ثم استعملا فيما ذكرناه والمراد أنها أجملت حال زوجها واكتفت بالإشارة إلى معائبه مخافة أن يطول الخطب بذكر جميعها.
وقالت الأولى من اللواتي مدحن أزواجهن زوجي ليل تهامة ولا حر ولا قر "أي لا برد" ولا مخافة ولا سآمة، سآمة تقول لا يسأمني فيمل صحبتي تقول ليس عنده أذى ولا مكروه وهذا مثل لأن الحر والبرد كلاهما فيه مكروه تقول ليس عنده غائلة ولا شراً أخافه "تصفه بجميل العشرة واعتدال الحال".
وقالت الثانية زوجي المسّ مس أرنب والريح ريح زرنب أغلبه والناس يغلب ريح زرنب وهو ضرب من الطيب تصفه بحسن الخلق ولين الجانب كمس الأرنب إذا وضعت يدك على ظهره "يقول الشارح" وتصفه أيضاً باستعماله الطيب تظرفاً وبأنه مع شجاعته تغلبه هي لكرمه معها وهذا معنى قولها أغلبه والناس يغلب ولو اقتصرت على قولها أغلبه لظن أنه جبان ضعيف فلما قالت والناس يغلب دل على أن غلبها إياه لكرم سجاياه فتمت بهذه الكلمة المبالغة في حسن أوصافه.
وقالت الثالثة زوجي رفيع العماد عظيم الرماد طويل النجاد قريب البيت من الناد "رفيع العماد أي حسبه فوق أحساب قومه كما أن عماد بيوتهم طوال فشبهته بها والنادي مجلس الحي حيث يجتمعون طويل النجاد تصفه بامتداد القامة والنجاد حمائل السيف قريب البيت من النادي أي ينزل بين ظهراني الناس ليعلموا مكانه "يقول الشارح" قولها "رفيع العماد" وصفته بطول البيت وعلوه وهكذا يفعل أشراف العرب ليقصدهم الأضياف والطارقون والوافدون وقولها "عظيم الرماد" تعني أن نار قراه للأضياف لا تطفىء لتهتدي الضيفان إليها فيصير رماد النار كثيراً لذلك وقولها "طويل النجاد" تعني أنه طويل القامة يحتاج إلى طول حمالة سيفه وفي ضمن كلامها أنه صاحب سيف فأشارت إلى شجاعته وقولها "قريب البيت من الناد" الناد "أي النادي" وقفت عليها بالسكون لمواخاة السجع وبقية التفسير ذكره المصنف.
وقالت الرابعة زوجي إن خرج أسد وإن دخل فهد ولا يسأل عما عهد "أسد تصفه بالشجاعة فهد تصفه بكثرة النوم والغفلة في المنزل على وجه المدح" "يقول الشارح" تقول إن خرج على الناس فله شجاعة الأسد جرأة وإقداماً وإن دخل عليها كان كالفهد أما في لينه وغفلته لأنه يوصف بالحياء وقلة الشر وأما في وثوبه فكأن زوجها يثب عليها في جماعة إياها وثوب الفهد "ولا يسأل عما عهد" تعني أنه كريم كثير التغاضي لا يسأل عما ذهب من ماله.
وقالت الخامسة زوجي أبو مالك وما أبو مالك ذوابل كثيرات المبارك قريبات المسارح إذا سمعن صوت مزهر أيقن أنهن هوالك "تقول لا بوجههن ليسرحهن نهار إلا قليلاً لكنهن يتركن بفنائه فإن نزل به ضيف لم تكن الإبل غائبة عنه ولكنها بحضرته فيقريه من ألبانها ولحومها والمزهر العود تقول قد عود إبله إذا نزل به الضيفان أن ينحر لهم ويسقيهم الشراب ويأتيهم بالمعازف "يقول الشارح" المبارك ج مبرك وهو موضع نزول الإبل والمسارح ج مسرح وهو الموضع الذي تطلق لترعى فيه والمزهر آلة من آلات اللهو تصفه بالثروة والاستعداد للكرم ويروي أيضاً "وهو أمام القوم في المهالك" أي في الحروب أي أنه يتقدم لثقته في شجاعته.
وقالت السادسة زوجي أبو زرع وما أبو زرع وجدني في أهل غنيمة بشق فنقلني إلى أهل جامل وصهيل وأطيط ودايس ومنق ملأ من شحم عضدي وأناس من حلى أذني وبجح نفسي فبجحت إليه فأنا أنام فأتصبح وأشرب فأتقمح وأقول فلا أقبح "قولها" وجدني في أهل غنيمة تعني أن أهلها أصحاب غنم ليس بأصحاب خيل قال والتقمح في الشراب مأخوذ من الناقة القامح وهي التي ترد الحوض فلا تشرب قال أبو عبيد فأتقمح أي أروي حتى أدع الشرب من شدة الري وكل رافع رأسه فهو مقامح وجمعه وقامح وقامح فإن فعل ذلك بإنسان فهو مقمح وقد روى قأتقنح والمراد واحد وقولها جعلني في صهيل وأطيط تعني أنه ذهب بها إلى أهله وهم أهل جمال وخيل وابل لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط أصوات الإبل تقول نقلني إلى قوم ذوي خيل دايس يدسون الطعام ومنق ينق الطعام وأناس من حلى أذني أي حلاني قرطه تتنوس والنوس الحركة "بجحها" سرها وفرحها بإحسانه إليها "أنام فأتصبح أي لها من يكفيها ويخدمها فهي لا تكلف بخدمة" أتقنح تقول الماء لها ممكن فهي متى شاءت شربت وقولها فأقول فلا أقبح تريد أن قولي مقبول وخطئي مستور وقال غير ابن الأعرابي أهل دايس منق أي دايس الغنم والمنق الدجاج قال وأتقنح أشرب شربة بعد شربة "يقول الشارح" أذكر هنا ما يزيل الغموض الذي جاء في بعض شرح المصنف وأزيد أيضاً ما فاته شرحه، قولها "بشق" أنهم كانوا في شق جبل أي ناحيته ولقائهم وسعهم، والأطيط أصله صوت أعواد المحامل والرحال على الجمال فأرادت أنهم أصحاب محامل تشير بذلك إلى رفاهتهم وقولها "ودايس ومنق" إما أن يكون المراد من دايس أن الخيل تدوس الطعام أي الحب فكأنها أرادت أنهم أصحاب زراعة أو أن عندهم طعاماً منتقى وهم في دياس شيءٍ آخر أي في بقيته فخيرهم متصل، وقولها ملأ من شحم عضدي، فالعضد إذا سمنت سمن سائر الجسد وإنما خصت العضد بالذكر لأنه أقرب ما يلي بصر الإنسان من جسده وقولها، وأناس من حلى أذني، أنه ملأ أذنيها بالحلى كما جرت عادة النساء.
والمرادمن قولها كله أنه نقلها من شظف عيش أهلها إلى الثروة الواسعة من الخيل والإبل والزرع الخ.
ابن أبي زرع وما ابن أبي زرع تكفيه ذراع الجفرة ومضجعه مثل مسل الشطبة "الجفرة" العناق بنت أربعة أشهر أو خمسة أشهر والذكر جفر والشطبة السعفة وقالوا الحربة تقول هو خفيف العظم وأصل الشطبة ما شطب من جريد النخل وهو بسعفة فأخبرت أنه مهفهف ضرب اللحم "يقول الشارح" الجفرة الأنثى من ولد الماعز إذا كانت بنت أربعة أشهر وفصل عن أمه وأخذ في الرعي والشطبة سيف سل من غمده.
والمراد أنها تصف ابن أبي زرع بقلة الأكل وخفة الجسم وهذان ممدوحان بنت أبي زرع وما بنت أبي زرع ملأ فناءها وصفر رداءها ورضا أمها وعبر جارتها تقول إذا جلست في فنائها ملأته من حسنها وكمالها رضا أمها لا تعتب عليها في شيء عبر جارتها تقول إذا رأتها جارتها استعبرت من جمالها وحسنها "يقول الشارح" صفر ردائها الرداء الثوب يلبس فوق سائر اللباس أي أن رداءها كالخالي الفارغ إذ لا يمس من جسمها شيئاً لأن ردفها وكتفيها يمنعن مسه من خلفها شيئاً من جسمها ونهدها يمنع مسه شيئاً من مقدمها أي أن امتلاء ردفها ومنكبيها وقيام نهديها يرفعان الرداء عن جسمها قال الشاعر:
خادم أبي زرع وما خادم أبي زرع لا ينث حديثنا
تنثيثاً ولا تفرق ميرتنا تنقيثاً ولا تملأ بيتنا "تغشيشاً" لا تنت لا تظهر
"تنقيثاً" تعني الطعام لا تأخذه فتذهب به تصفها بالأمانة والتنقث الإسراع في السير
قال الفراء خرج فلان ينتقث إذا أسرع في سيره.
أم أبي زرع وما أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فساح "العكوم" الاحمال والاعدال التي فيها الأوعية من صنوف الأطعمة والمتاع واحدها عكم ورداح عظام ومنه قيل للمرأة رداح إذا كانت عظيمة الكفل تعني أن المرأة ذات كفل عظيم فإذا استقلت نتأ الكفل بها من الأرض "حتى يصير تحتها فحرة تحري تحتها الرمان وبعضهم يقول هو الثديان " "يقول الشارح"ان الجملة الموضوعة بين قوسين وردت في الأصل ولا يظهر لها معنى في نفسها ولا وجه اتصالها بما قبلها ولا شك أنه عبثت بها أيدي النسخ ومحصل قول زوجة أبي زرع في أمه أنها وصفتها بأنها كثيرة الإناث والمال واسعة البيت فهي في خير وفير عيش رغد وأشارت بهذا الوصف إلى أن زوجها أبا زرع كثير البر بأمه وأنه ليس كبير السن لأن ذلك هو الغالب في من يكون له والدة توصف بمثل ما وصف به هنا.
خرج أبو زرع والأوطاب تمخض فأبصر امرأة معها ولدان لها يلعبان من تحت خصرها برمانتين فنكحها وطلقني فتزوجت بعده رجلاً سرياً ركب شرياً وأخذ خطياً وأراح علي نعماً ثرياً وجعل لي في كل رائحة زوجاً وقال لي يا أم زرع كلي وميري أهلك قالت فوالله لو جمعت جميع ما أعطاني ما بلغ أصغر آنية أبي زرع قالت عائشة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم يا عائشة كنت لك كأبي زرع لأم زرع قولها خطياً رمح سمى خطياً لأنه من قرية يقال لها الخط فنسبت الرماح إليها وانما أصل الرماح من الهند ولكنها تحمل الى الخط في البحر ثم تفرق في البلاد قولها نعماً ثرياً تعني الابل والثري الكثير من المال "يقول الشارح" الأوطاب ج وطب وهو وعاء البن تمخض من المخض وهو اخراج الزبدة من اللبن بالكيفية المعروفة بالمخض والمراد أنه خرج في زمن الخصب والربيع والخيرات في داره وفيرة رجلاً سرياً أي من سراة الناس أي كبراؤهم في حسن الصورة والهيئة ركب شريا. تعني فرساً خياراً فائقاً وأراح علي نعماً ثريا أي جاء بها في الرواح وهو آخر النهار أشارت الى أنه ربحها من الغزو وذلك دليل شجاعته والنعم الابل خاصة ويطلق على جميع المواشي إذا كان فيها إبل .وثريا أي كثيرة رائحة الآتية وقت الرواح زوجاً أي اثنين ميري أهلك أي أطعميهم من الميرة وهي الطعام هكذا بالغ في إكرامها ومع ذلك كانت أحواله عندها محتقرة بالنسبة لأبي زرع لأن أبا زرع كان أول أزواجها فسكنت محبته في قلبها وما الحب إلا للحبيب الأول.
قال أبو الفضل وقد حدثناه الزبير بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب قال حدثنا محمد بن الضحاك بن عثمان عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وآله دخل عليها وعندها بعض نسائه فقال يا عائشة أنا لك كأبي زرع لأم زرع قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حديث أبي زرع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه إن قرية من قرى اليمن كان بطن من بطون أهل اليمن فكان منهم إحدى عشرة امرأة وإنهن خرجن إلى مجلس لهن فقال لهن فقال بعضهن لبعض تعالين فلنذكر بعولتنا بما فيهم ولا نكذب فتعاهدن على ذلك فقيل للأولى تكلمي بنعت زوجك فقالت الليل ليل تهامة والغيث غيث غمامة ولا حر ولا خامة أي ولا وخمة وقيل للثانية تكلمي وهي عمرة بنت عبد عمرو فقالت المس مس أرنب وذكر الكلام وقيل للثالثة تكلمي وهي حبي بنت كعب قالت مالك وما مالك وذكر الكلام وقيل للرابعة تكلمي وهي مهدر بنت أبي هزومة فقالت زوجي لحم جمل وذكر قولها وقيل للخامسة تكلمي وهي كبشة قالت زوجي رفيع العماد وذكر قولها وقيل للسادسة تكلمي وهي هند فقالت زوجي كل داء له داء إن حدثته سبك وان مازحته فلك "أي جرحك في رأسك وجسدك من توحشه في مزاحه " والأجمع كلالك وقيل للسابعة تكلمي وهي ابنة أوس بن عبد فقالت زوجي إذا أكل لف وذكر كلامها وقيل للثامنة تكلمي وهي حبي بنت علقمة فقالت زوجي إذا دخل وذكر كلامها إلا أنه زاد "ولا يرفع اليوم لغد أي أنه حازم في أموره فلا يؤخر ما يجب عمله إلى غد. أو أنه كريم لا يدخر ما حصل عنده اليوم من أجل الغد " وقيل للتاسعة تكلمي فقالت زوجي من لا أذكره ولا أبث خبره أخاف أن لا أذره أن أذكره أذكر عجره و بجره وقيل للعاشرة تكلمي وهي كبيشة بنت الأرقم قالت نكحت العشنق إن سكت علق وإن تكلمت طلق قيل لأم زرع وهي أم زرع بنت أكميمل بن ساعد تكلمي فقالت أبو زرع وما أبو زرع ثم ذكر الحديث إلا أنه زاد في القول بنت أبي زرع وما بنت أبي زرع ملء ازارها وصفر ردائها وزين أمهاتها ونسائها وقالت خرج من عندي أبو زرع والأوطاب تمخض فإذا هو بأم غلامين كالفهدين "أي نجيبين" يرمي من تحت خصرها بالرمانتين "تريد ثدييها" فتزوجها وطلقني فاستبدلت بعده وكل بدل أعور فتزوجت شاباً سرياً ركب اعوجياً "أي فرساً أعوجياً أي كريم الأصل" وأخذ خطياً وأراح نعماً ثرياً وقال كلي أم زرع وميري أهلك فجمعت أوعيته فما تعدل وعاءاً واحداً من أوعية أبي زرع قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه لعائشة فكنت لك كأبي زرع لأم زرع وحدثناه عبد الله بن عمرو قال حدثنا أبو صالح العبدي المؤدب قال أخبرني عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبعي عن هشام بن عروة عن أخيه عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت اجتمعت إحدى عشرة امرأة فتعاقدن وتواثقن إلا يكتمن شيئاً من أخبار أزواجهن ثم ذكر الحديث فقدم وأخر وكل بمعنى واحد ولفظ يزيد وينقص. أبو محلم قالت مدحت امرأة زوجها بكرم الأخلاق وخصب الغنائم فقالت لأمها يا أمه من نشر ثوب الثناء فقد أدى واجب الجزاء وفي كتمان الشكر جحود لما أوجب منه ودخول في كفر النعم فقالت لها أمها أي بنية طيبت الثناء وقمت بالجزاء ولم تدعي للذم موضعاً ومن لم يذم ولا ثناء إلا بعد اختبار قالت يا أمه ما مدحت حتى اختبرت ولا وصفت حتى شممت قال الزوج ما وفيتك حقك ولا شكرت إلا بفضلك ولا أثنيت إلا بطيب حسبك وكريم نسبك والله أسأل أن يمتعني بما وهب لي منك.
أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي قال حدثني محمد بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس ان رجلاً من العرب استبى امرأة فولدت له سبعة بنين ثم قالت له ازرني أهلي ليذهب عني اسم السباء ففعل ووقعت في نفس رجل من أهلها يقال له هلباجة فقال لأصحابه انزعوا هذه المرأة من هذا الرجل فانه سبة عليكم أن تكون سبية وزوجونيها فأراد صاحبها أن يردها فقالت قد أبى القوم إلا أن ينزعوني منك فقال لا أفارقك حتى تثني علي بما تعلمين فقالت العشية إذا اجتمع القوم فاجتمعوا وحضرا فقال:
قالت نعم فقال:
قالت نعم فقال:
قالت نعم وانصرف وزاد في قول هذه الأبيات:
فتزوجها الهلباجة فولدت له بنين ثم تباغضا
فسألته الطلاق فقال لا حتى تثني علي فقالت لا أثني عليك فانه خير لك فأبى فقالت فهو
غدك إذا اجتمع القوم فلما اجتمعوا قالت اعلمك إذا أكلت احتففت وإذا شربت اشتففت
وإذا اشتملت التففت وأعلمك تشبع ليلة تضاف وتنام ليلة تخاف واعلم عينك نؤمة واستك
يقظة وعصاك خشبة ومشيك لبجه قولها احتففت أكلت بيديك جميعاً بشره واشتففت شربت جميع
ما في الإناء من الماء "أحمد" بن الحارث عن علي بن محمد السمري عن مسلمة بن محارب
قال قال الأحنف بن قيس ذكرت بلاغات النساء عند زياد بن أبيه فأخبرته أن قيس بن عاصم
أسلم وعنده امرأة من حنيفة فأبى أهلها وأبوها أن يسلموا وخافوا إسلامها فأقسموا لها
إن فعلت لم يكونوا معها في شيء ما بقيت ففارقها قيس فلما احتملت إلى أهلها وحضرها
بعضهم قال قيس إن كنت لسلوة ولقد فارقتك غير عارة ولا الصحبة منك مملولة ولا
الخلائق منك مذمومة ولولا ما آثرت ما فرق بيننا إلا الموت ولكن الله عز وجل ورسوله
صلى الله عليه وسلم وأمرهما أحق أن يطاع فقالت أثنيت بحسبك وفضلك وأنت والله ان كنت
لدائم المحبة كثير القفية قليل الالية معجب الخلوة بعيد النبوة ولأن تكون أيمتي في
حياتك أهون منها علي لمماتك ولتعلمن أني لا أريح إلى حضن زوجٍ بعدك قال فقال قيس ما
فارقت نفسي شيئاً تتبعه كما تتبعتها.
وقال أحمد بن الحارث حدثني عبد الله بن علي عن أبي عمرو بن العلا قال تزوج رجلٌ في الجاهلية بامرأة من بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر وكان الرجل من بني غدانة ففارقها فدخل عليه من فراقها غمٌ شديد فلما فارقته قال استمعي ويستمع من حضر أما لقد اعتمدتك برغبة وعاشرتك بمحبة ولم أجد عليك زلة ولم تدخلني لك ملة وإن كان ظاهرك لسروراً وباطنك للهوى ولكن القدر غالب وليس له صارف فقالت المرأة مجيبة أثنيت وأنا مثنية فجزيت من صاحب ومصحوب خيراً فما استرثت خيرك ولا شكوت خبرك ولا تمنت نفسي غيرك وما ازددت إليك إلا شرها ولا أحسست في الرجال لك شبهاً قال ثم افترقا.
حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني محمد بن عبد الله بن طمهان قال حدثني محمد بن زياد الأعرابي قال قامت امرأة عروة بن الورد العبسي بعد أن طلقها في النادي أما أنك والله الضحوك مقبلاً السكوت مدبراً خفيف على ظهر الفرس ثقيل على متن العدو رفيع العماد كثير الرماد ترضى الأهل والأجانب قال فتزوجها رجل بعده فقال إثني عليّ كما أثنيت عليه قالت لا تحوجني إلى ذلك فإني إن قلت قلت حقاً فأبى فقالت أن شملتك الالتفاف وإن شربك الاشتفاف وإنك لتنام ليلة تخاف وتشبع ليلة تضاف.
قال بندار بن عبد الله حدثني أبو موسى الطائي الأعرابي قال تذاكر نسوة الأزواج فقالت إحداهن الزوج عزٌ في الشدائد وفي الرخاء مساعد إن رضيت عطف وإن سخطت تعطف وقالت الأخرى الزوج لما عناني كاف ولما شفني شاف رشفة كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل عن قرب ولا بعد وقالت الأخرى الزوج شعار حين أصرد يسكن حين أرقد ومني لذتي شف مفرد وما عاد إلا كان العود أحمد وقالت الأخرى الزوج نعيم لا يوصف ولذة لا تنقطع ولا تخلف.
وقال إسحاق الموصلي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال حدثني أبو دينار بن الزغبل بن الكلب العنبري قال كنت عند صاحب فيد فجاء طائي وطائية فاختلعت منه فتشاتما فقال لها إن كنت والله لطلعة قنعة لما سُئلَت منعة فقالت وأنت والله قليل الخير كثير الشر خفيف العجز ثقيل الصدر.
ذكر لنا المدائني قال تزوج حصن بن خليد بنت الورد بن الحارث ثم طلقها فجاء أخوتها ليحملوها فقالت مروا بي على المجلس بالحي أسلم عليهم فنعم الإحماء كانوا فأقبل هو وهي في قبتها فقالت جزاكم الله خيراً فما أكرم الجوار وأكف الأذى قالوا ما الذي كان عن ملأمنا ولا هوى قالت إني أريد أن أشهد على شهادة فإني حامل فوثب حصن فقال كل مملوك لي كل إن كنت كشفت لها كتفاً قالت الله أكبر إنما أردت أن أعلمكم أني لم أطلق من بغض ولا قلى فعليكم السلام.
حدثنا هرون بن مسلم قال أخبرني حفص بن عمر قال حدثني مورج عن سعيد بن جرير عن أبيه وقال حدثني أبو عبيدة معمر بن المثنى قال تزوج فضالة بن عبد الله الغنوي امرأة بخراسان فأبغضته فنافرته إلى قتيبة بن مسلم قال له هل بينك وبينها قرابة قال لا قال ففيم تحتمل هذا لها وقد جعل الله لك إلى الراحة منها سبيلاً قال إني أحبها ولقد كنت أهزأ بالرجل تبغضه المرأة وهو يحبها فابتليت فقال قتيبة فلا تحبن من لا يحبك فهي والله تنظر إليك بعين فارك ثم قال لها مالك ويحك ولزوجك قالت أبغضته لخصال أذكرها هو والله قليل الغيرة سريع الطيرة كثير العتاب شديد الحساب قد أقبل بخره وأدبر ذفره واسترخى ذكره وطمحت عيناه واضطربت رجلاه يفيق سريعاً وينطق رجيعاً وهو أيضاً يأكل هرساً ويمشي خلساً ويصبح رجساً لا يغتسل من جنابة ولا يأمن من شره أصحابه إن جاع جزع وإن شبع خشع فقال له قتيبة أفٍ لك أن قلت كما تقول طلقها قبح الله رأيك فطلقها "وقال" الأصمعي حدثني عبد الرحمن المدائني قال قلت لأبي جفنة الهذلي وطالت صحبته لامرأته وكانت تدعى أم عقار ما تقول في أم عقار فقال إن كنت متزوجاً فإياك وكل مجفرة منكرة منتفخة الوريد كلامها وعيد وظهرها حديد سعفاء فوهاء قليلة الارعواء دائمة الدعاء طويلة العرقوب عالية الظنبوب مقم سلفع لا تروى ولا تشبع حديدة الركبة سريعة الوثبة قصيرة النقبة شرها يفيض وخيرها يغيض لا ذات رحم قريبة ولا غريبة نجيبة إمساكها مصيبة وطلاقها حريبة بادية القتير عالية الهرير شثنة الكف غليظة الخف وحش غير ذلك سكن تعين على بعلها الزمن وتدفن الحسن لا تعذر بقلة ولا تجاز عن زلة تأكل لمّا وتوسع ذمّاً إذا ذهب هم أحدثت هماً ذات ألوان وأطوار تؤذي الجار وتفشي الأسرار قال فقلت لأم عقار أما تسمعين ما يقول أبو جفنة قال فلعن الله أبا جفنة فبئس والله ما علمت زوج المرأة المسلمة قضمة حطمة أحمر المأكمة محروم اللهزمة له جلدة هرمة وأذن هدباء ورقبة هلباء وشعرة صهباء لئيم الأخلاق ظاهر النفاق أخو ظنن وصاحب هم وحزن وحقد واحن رهين الكأس دائم الإفلاس من كلا خيرٍ يرتجي عند الناس خيره محبوس وشره ملبوس أشأم من البسوس يسأل إلحافاً وينفق إسرافاً لا ألوف يفيد ولا متلاف قصود "أي لا مقصود" شرٌ أشنع وبطنٌ أجمع ورأسٌ أصلع مجمع مضفدع في صورة كلب ويد إنسان هو الشيطان بل أم الصبيان قال فحكينا قولها لأبي جفنة فقال فما فمها ببارد ولا ثديها بناهد ولا بطنها بوالد ولا شعرها بوارد ولا أنا إن ماتت بواجد وذلك إن الشر فيها ليس بواحد فحكينا قوله لها فقالت هو والله ما علمته قصير الشبر ضيق الصدر لئيم النجر عظيم الكبر كثير الفخر.
علي بن الصباح قال أخبرنا هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال بعث النعمان بن امرؤ القيس بن عمرو بن عدي بن نضر إلى نسوة من العرب منهن فاطمة بنت الخرشب وهي من بني أنمار بن بغيض وهي أم الربيع بن زياد وأخوته وإلى قيلة بنت الحسحاس الأسدية وهي أم خالد بن صخر بن الشريد وإلى تماضر بنت الشريد وهي أم قيس بن زهير وأخوته كلهم وإلى الرواع النمرية وهي أم يزيد بن الصعق فلما اجتمعن عنده قال إني قد أخبرت بكن وأردت أن أنكح البكن فأخبرنني عن بناتكن فقالت فاطمة عندي الفتخاء العجزاء أصفى من الماء وأرق من الهواء وأحسن من السماء وقالت تماضر عندي منتهى الوصاف دفية اللحاف قليلة الخلاف وقالت الرواع عندي الحلوة الجهمة لم تلدها أمة وقالت قيلة عندي ما يجمع صفاتهن وفي ابنتي ما ليس في بناتهن فتزوج إليهن جميعاً فلما أهدين إليه دخل على ابنة الأنمارية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي عطري جلدك وأطيعي زوجك واجعلي الماء آخر طيبك ثم دخل على ابنة السلمية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي لا تجلسي بالفناء ولا تكثري من المراء واعلمي أن أطيب الطيب الماء ثم دخل على ابنة النمرية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي لا تطاوعي زوجك فتمليه ولا تعاصيه فتشكيه واصدقيه الصفاء واجعلي آخر طيبك الماء ثم دخل على ابنة الأسدية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي أدني سترك وأكرمي زوجك واجتنبي الإباء واستنظفي بالماء.
قال وقال هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال كانت امرأة من العرب عند رجل فولدت له أولاداً أربعة رجالاً ثم هلك عنها زوجها فتزوجت بعده فنأى بها زوجها عن بنيها وتزوجوا بعدها ثم أنها لقيتهم فقالت يا بني إني سائلتكم عن نسائكم فأخبروني عنهن قالوا نفعل فقالت لأحدهم أخبرني عن امرأتك فقال غلٌ في وثاق وخلقٌ لا يطاق حرمت وفاقها ومنعت طلاقها وقالت للثاني كيف وجدت امرأتك فقال حسنٌ رابع وبيتٌ ضايع وضيفٌ جايع قالت للثالث كيف وجدت امرأتك قال ذلٌ لا يقلى ولذةٌ لا تقضى وعجبٌ لا يفنى وفرحٌ مضل أصاب ضالته وريحٌ روضة أصابت ربابها "سقط الولد الرابع" قالت فهل أصف لكم كيف وجدت زوجي قالوا بلى قالت جملٌ ظعينة وليثٌ عرينه وكل صخرٍ وجوار بحرٍ.
قال وقال أبو المنذر هشام عن أبيه قال كانت ملكة سباء لا تريد الأزواج فقلن لها نسوةٌ كن يكن معها إلا تتزوجين أصلحك الله قالت ويحكم وما التزويج قلن إن فيه من اللذة ما ليس في شيءٍ من الأشياء قالت فلتصف لي كل امرأة منكن زوجها فإن كان يدعو إلى اللذة فبالحرى أن أفعل قلن نحن نصف لك أزواجنا قالت فصفن لي فقالت الأولى هو عزٌ في الشدائد وفي الرخاء مساعد وإن رجعت ألطف وإن غضبت تعطف قالت نعم الشيء هذا قالت الثانية هو عندي كافٍ ولما شفني شافٍ رشفه كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل لطول العهد قالت هذا والله الذي لا عدل له قالت الثالثة هو شعاري حين أصرد وسكني حين أرقد ومنى نفسي لشبقٍ يتردد قالت سبحان الله هذا والله الذي لا يعدله شيء وكلكن قد أحسن الصفة فإن كان كما زعمتن أكرمتكن وأحسنت إليكن وإلا عذبتكمن وأسأت إليكن فتزوجت بابن عمٍ لها يقال له شداد بن زرعة فاحتجبت عن الناس شهراً ثم خرجت فجلست في مجلسها الذي كانت تجلس فيه فجئن النسوة فسألنها عن خبرها فقالت نعيمٌ لا يوصف ولذةٌ لا تنقطع.
قال وأخبرنا هشام عن أبي مسكين قال جلس دريد بن الصمة بفناء بيته وعنده أناس من أصحابه فأنشدهم:
قالت فأخرجت رأسها من جانب الخباء فقالت بئس
لعمر الله ما أثنيت أبا قرة أما والله لقد أطعمتك مأدومي وحدثتك مكتومي وجئتك باهلا
غير ذات صرارٍ فقال اللهم غفرا.
حدثني عبد الله بن عمرو قال حدثني عبد الله بن سعيد قال سمعت الأصمعي يقول طلق رجل امرأته فقالت لم طلقتني فقال لخبث خبرك وسوء منظرك وكثرة سحبك ودوام ذربك وإنك مبغضة في الأهل مستأثرة على البعل إن سمعت خيراً دفنته وإن كان شراً أذعته مؤذية لجارك مستأثرة على عيالك إن شبعت بطرت وإن استغنيت فجرت مشرفة الأذنين جاحظة العينين قصيرة الأنامل ذات قصب متضائق جبهتك ناتئة وعورتك بادية تعطين من كذبك وتحرمين من صدقك فقالت امرأته وأنت والله ما علمت تغتنم الأكلة في غير جوع ملح بخيل إذا نطق الأقوام أقصعت وإذا ذكر الجود أفحمت لما تعلم من قصر باعك ولؤم آبائك مستضعف من تأمن ويغلبك من تخاف ضيفك جائع وجارك ضائع أكرم الناس عليك من أهانك وأهونهم عليك من أكرمك القليل عندك كثير والكثير عندك حقير سود الله وجهك وبيضّ جسمك وقصرّ باعك وطوّل ما بين رجليك حتى إن دخل انثنى وإن رجع التوى.
حدثني عمر بن شبيب قال حدثني الوليد بن هشام القحذمي قال حدثني إبراهيم بن حميد قال قال سحبان بن العجلان في بنته وهو يرقصها:
قال فأخذتها منه وقالت:
فأخذها وقال:
فقالت:
فقال يا عدوة الله ذكرت زوجك الأول قالت وأنت
ذكرت امرأتك الأولى.
أبو حفص عمر بن بدير عن الهيثم بن عدي قال حدثني رجل من كنده من بني بدا قال رحل الحارث بن السليل الأسدي زائراً لعلقمة بن حفصة الطائي وكان حليفاً له فنظر إلى ابنة له يقال لها الرباب وكانت أجمل أهل زمانها فأعجب بها فقال جئتكِ خاطباً وقد ينكح الخاطب ويدرك الطالب وينجح الراغب فقال علقمة أنت كفؤٌ كريم ثم انكفأ إلى أمها فقال الحارث بن السليل سيد قومه حسباً ومنصباً وبيتاً أتانا خاطباً فلا ينصرفن من عندنا إلا بحاجته فأريدي ابنتك على نفسها في أمره فقالت يا بنية أي الرجال أحب إليك الكهل الحجحاج الفاضل الهياج أم الفتى الوضاح الذمول الطماح قالت الجارية الطماح قالت إن الفتى يغيرك وإن الشيخ يميرك وليس الكهل الفاضل الكثيرالنائل كالحدث السن الكثير المن قالت يا أمه إن الفتاة تحب الفتى كحب الرعاة أنيق الكلا قالت يا بنية إن الفتى شديد الحجاب كثير العتاب وإن الكهل لين الجناح قليل الصياح قالت يا أمة أخشى الشيخ أن يدنس ثيابي ويبلي شبابي ويشمت بي أترابي فلم تزل بها أمها حتى غلبتها على رأيها فتزوجها الحارث بن السليل على خمس ديات من الإبل وخادم وألف درهم فابنتى بها ورحل إلى قومه فبينا هو جالس ذات يوم بفناء مظلته وهي إلى جنبه إذ أقبل فتية من بني أسد نشاط يعتلجون ويصطرعون فتنفست صعداء ثم أرخت عينيها بالدموع فقال لها ثكلتك ما يبكيك قالت مالي والشيوخ الناهضين كالفروخ قال ثكلتك أمك تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها فذهبت مثلاً وقال الحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك فقالت أسر من الرفاء والبنين.
قال أبو زيد عمر بن شبة كانت حميدة بنت النعمان بن بشير بن سعد تحت روح بن زنباع فنظر إليها يوماً تنظر إلى قومه جذام وقد اجتمعوا عنده فلامها فقالت وهل أرى إلا جذاماً فوالله ما أحب الحلال منهم فكيف بالحرام وقالت تهجوه:
فقال روح يجيبها:
وقال لها روح:
فقال روح:
وقالت لأخيها أبان بن النعمان:
فقال ابن عمٍ لروح يجيبها ويهجو قومها:
وقال له:
قال وأوس رجل من جذام كان يقال أنه استودع روحاً
مالاً فلم يرده عليه فقال روح:
قال وكان روح قال لها في بعض ما يتنازعان فيه
اللهم إن بقيت بعدي فابلها ببعل يلطم وجهها ويملأ حجرها قيأ فتزوجها بعده الفيض بن
محمد بن الحكم بن عقيل وكان شاباً جميلاً يصيب من الشراب فأحبته وكان ربما أصاب من
الشراب فسكر فيلطمها ويقيء في حجرها فتقول رحم الله أبا زرعة لقد أجيب في "أي أجيب
دعاؤه" وتقول:
وقالت لفيض:
وقالت أيضاً:
قال فولدت من الفيض بنتاً فتزوجها الحجاج بن
يوسف وكانت عند الحجاج قبلها أم أبان بنت بشير فقالت حميدة للحجاج:
"حدثني سعيد بن حميد بن سعيد بن بحر الكاتب قال كنا عند نيران جارية بن الطبطي النحاس ومعنا أبو هفان عبد الله بن أحمد فأخذنا في وصف أخلاقه وجميل مذهبه فقلت لها بالله أيسرك أن أبا هفان مولاك على سنه وسماحته وجميل أخلاقه فقالت عفو الله عز وجل أوسع من ذلك والله ما هو إلا كما قال في نفسه:
"المدائني" قال كانت عند سليمان بن هشام بن عبد
الملك فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام الكبرى وأمها أم
كلثوم بنت عبد الله بن جعفر وأمها زينب بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام الكبرى
وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سليمان بن هشام لها إنما أنت
بعلة لا تلدين فقالت لا والله ولكن يأبى كرمي أن يدنسه لؤمك "المدائني" قال تزوج
المغيرة بن شعبة بامرأة ثم رحل عنها فقيل لها كيف رأيته فقالت عسيلة طائفية في ظرفٍ
خبيث.
"حدثنا" ابن أحمد الحارث قال سمعت أبا عبد الله بن الأعرابي يقول وصفت امرأة رجلاً فقالت لم يجدوا حجرته جافية ولا ضالته كافئة ولا ثنته وافية وإن طلبتموه وجدتموه سريعاً وإن ضفتموه وجدتموه مريعاً.
قال أبو عبد الله الضالة القوس تعمل من شجر الضال وهو جنس من السدر وقولها كافئة أي مائلة والثنة شعر العانة "حدثنا" أبو محلم قال كان خضم المنقري تزوج امرأة ففركته وعجز عنها فقالت كسر أم ولد برده بن مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم وهي بنت دوشن مولى بني حيان الذي راجز جرير بن الخطفي:
"قال" أبو محلم وكان دوشن أحد بني منفر أيضاً
تزوج امرأة فعجز عنها فقالت كسرة:
"الأصمعي" قال طلق أعرابي امرأته وكانت من بني
عامر فقالت له أنك ما علمت لضيق الفناء صغير الإناء قبيح الثناء قال وأنت والله ما
علمت إن كنت لواهية العقد قليلة الرفد مجانية للرشد قالت وأنت والله إن كنت لصارع
السيف في البلاء ضائع الضيف في الكلاء منتهجاً للؤمٍ في الملأ قال وأنتِ والله
لطويلة اللسان مؤذية للجيران عارية المكان قالت وأنتَ والله إن كنت للئيم الصحوة
فاحش العدوة بين الكبوة فاتر النزوة قال مه لا تفحشي فأفحش ولا تسفلي فأسفل قالت ما
أبقينا أكثر من هذا قال إذن اسكتي فلا أنطق.
"حدثنا" أبو زيد قال حدثنا أحمد بن معاوية بن بكر قال قال الأصمعي كتبت امرأة إلى أبيها وكان زوجها بغير أذنها:
"وقال" أبو زيد رأى عبد الملك بن مروان امرأة من
قريش تحت رجل لم يرضه لها فسألها عن ذلك فقالت إن القبور تنكح الأيامى النسوة
الأرامل اليتامى والمرء لا يبقى له سلامى "قال" أبو زيد تزوج حبيب بن أثيم الرياحي
أم غيلان بنت جرير بن الخطفي وكان لها ابن عمٍ يدعى جعداً قد خطبها فأبى جرير أن
يزوجه فجعل جعد وابن عمٍ له يكنا أبو الموزون يقعان بزوجها ويزعمان أنه عنين فقالت
أم غيلان:
"قال" فسمع جرير الشعر فقال والله هذا شعر أعرفه
"قال" أبو زيد عمر بن شبة قالت أم ناشب الحارثية وزوجت شيخاً منهم كبيراً فهربت
وقالت:
"قال" كان رجل ممن قعد عن الخوارج يدعا مجاشعاً
من بكر بن وائل له زوجة تدعى عميرة ترى رأيه ثم أفسدها رجل حتى رأت رأي الخوارج
فدعت زوجها إلى ذلك فأبى وأبت إلا أن تخرج فخرجت فكتب إليها زوجها:
فقالت تجيبه:
"المدائني" قال كانت حمزة امرأة عمران بن حطان
الحروري جميلة فائقة الجمال وكان دميماً شديد الدمامة فقالت له يوماً إنا لعلى خيرٍ
إن شاء الله أعطيت مثلي فشكرت وابتليت بك فصبرت فقال عمران مثلي ومثلك ما قال
الأحوص:
"أحمد" بن معاوية بن بكر عن الأصمعي قال قال أبو
الجنيد الأعرابي رأيت بطريق مكة أعرابية تبيع الحرض لم أرَ قط أجمل منها فوقفت أنظر
إليها متعجباً من جمالها إذ أقبل شيخٌ قصير فأخذ بأذنها فسارها فقلت من هذا قالت
زوجي قلت كيف رضي مثلكِ مثله قالت إن لي قصة ثم قالت:
"وقالت" هند بنت عصم السدوسية وكانت عند ربيعة
بن غزالة الكندي وكان عنيناً تشتاق بلادها:
"قال" رجل يرقص ابنه ويعرض بزوجته:
فقالت:
"وقالت" امرأة رقصت ابنها وعرضت بزوجها:
فقال زوجها:
"وقال" قيس بن عاصم ينزي أنباله وأمه منفوسة بنت
زيد الخيل جالسة تسمع:
فقالت منفوسة:
"أحمد" بن معاوية بن بكر عن الأصمعي قال اتهم
أعرابي امرأته وجاءت بولده أبيض وكان بنوه سوداً فقال لتقعدن مقعد القصي من ذوي
القاذورة المقلى أو تحلفي بربك العلي أني أبو ذيالك الصبي قد رابني ببصر رخي ومقلة
كمقلة الكركي قالت فقامت تمشط رأسه فقال:
فردت عليه فقالت:
وقال أعرابي رقص ابنه وعرض بامرأته:
فقالت امرأته:
"قال" قالت امرأة ضربها زوجها فقيل لها لم ضربك
فقالت طلب عندي ما لم يحلفه فضربني حتى ألثقني بالدم ولقد هجوته فقلت:
أنشدني حماد عن أبيه قال أنشدني إدريس بن أبي
حفصة لجارية له بدوية يقال لها جمل تهجوه:
إسحاق قال قال ربيعة بن رميح أخبرني شيخٌ من أهل
الحجاز أنه حضر رجلاً من الأعراب وامرأته قد حكما بينهما حكمين بعد تطاول من الشر
فحكم بفرقتهما فقالت لزوجها فيما تقول أما والله إن كنت بخيلاً على ما ملكت مقتراً
إذا أنفقت مناناً إذا وهبت تفلاً إذا باشرت فقال زوجها وأنت والله إن كنت لظاهرة
الكسل ميتاء العمل كريهة المقبل شختة المخلخل "قال" إسحاق الموصلي أنشدني بعض
الأعراب لامرأة تذم زوجها:
قال الأصمعي كان شيخ من بني سعد باليمامة ذا مال
فجمع بين أربع نسوة وكان تفلاً مفركاً ففركته جمع وأصلح بينهن بغضة فرصدهن ذات ليلة
وهن يتحدثن ويذكرنه فقالت إحداهن:
قالت الثانية:
قالت الثالثة:
فقالت الرابعة:
فأصبح فطلقهن جميعاً "قال" الجعدي نزل رجل على
امرأة من بني ثعلبة بن يربوع فأحسنت قراه فلما غدا عنها هجاها وذكر أنها سامته
نفسها:
فقالت الثعلبية وهي جهيرة وكانت جهيرة شاعرة:
"المدائني" قال لما زفت ابنة عبد الله بن جعفر
"وكانت هاشمية جليلة" إلى الحجاج بن يوسف ونظر إليها في تلك الليلة وعبرتها تجول في
خديها فقال لها بأبي أنت وأمي مما تبكين قالت من شرف اتضع ومن ضعة شرفت.
"وقال المدائني" قال الحجاج لابنة عبد الله أن أمير المؤمنين عبد الملك كتب إليّ بطلاقك فقالت هو والله أبر بي ممن زوجنيك "حدثنا" عبد الله بن شبيب قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني أيوب بن سلمة قال تزوجت عصيمة بنت زيد النهدية رجلاً من قومها يكنى أبا السميدع واسمه سعيد بن سالم فأبغضته بغضاً شديداً فتأذته فليمت في ذلك فقالت:
"أنشدنا" أبو محلم الأعرابي لامرأة في زوجها
تذمه:
"إسحاق" إبراهيم الموصلي عن أبي عبيدة قال كانت
أم شبيب بنت قيس بن الهيثم السلمي عند جارية بن بدر الغداني ثم حلف عليها بشر بن
شفاف فقالت:
قال قال أبو الجراح الأعرابي وقع بين امرأة يقال
لها ميثاء "قال أبو الجراج وقد رأيتها" وبين زوج لها يقال له خطام من بني مجاشع لحأ
فقالت ميثاء تدعو عليه:
"وقال" استعدت امرأة هشام بن طلبة بن قيس بن
عاصم واختلعت منه عند إبراهيم بن هشام المخزومي ونسبته إلى العجز عنها فلحقها عنده
فقال:
قال فأجابته أمها:
قال فسأل عن أمها وعن خبرها فذكر له أنها ظالمة
فردها إليه "الأصمعي" قال أخبرني يزيد بن ضبة مولى ثقيف قال مرت أعرابية بنادي قومٍ
من بني عامر وفيهم غلام حديث السن ظريف فنكس الكوم رؤوسهم وجعل الغلام يرمقها فدنت
منهم فمازحتهم وأقبلت على الغلام فقالت:
وكان الذي يرمقها من بني معتب بن ثقيف وأمه إحدى
بنات عامر بن جعفر بن كلاب. فقال لها زوجها من عنيت، قالت إياك، قال كذبت وبيت الله
ما أنا الذي عنيت ولا خصري بلطيف ولا قتلتك أو لتخبريني، قالت الصدق يضرني عندك
فأخذت عليه موثقاً أن لا يخبر به الناس فأعطاها ذلك فخبرته فطلقها وأفشى خبرها
فقالت:
قال أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي حدثني داوود
بن داوود قال كان لذي الإصبع العدواني أربع بنات وكن يخطبن فلا يزوجهن وكانت أمهن
تأمره بتزويجهن وتقول إنهن يردن الأزواج فيسألهن فيستحين فيقلن لا نريد حتى خرج
ليلة إلى متحدث لهن فاستمع عليهن وهن لا يعلمن فقلن تعالين فلنتمن ولتصدق كل واحدة
منا فقالت الكبرى:
فقلن لها أنت تحبين رجلاً من قومك فقالت
الثانية:
فقلن لها أنت تحبين رجلاً من قومك فقالت الثالثة:
فقلن لها أنت تحبين رجلاً شريفاً وقيل للرابعة
وهي الصغرى تمني قالت ما أريد شيئاً قلن والله لا يبرحن حتى نعرف ما في نفسك قالت
زوج من عود خير من القعود فلما سمع أبوهن مقالتهن زوجهن أربعة فمكثن برهة ثم اجتمعن
عنده فقال للكبرى يا بنية ما مالكم قالت الإبل قال وكيف تجدونها قالت خير مال نأكل
لحومها مزعاً ونشرب ألبانها جرعاً وتحملنا وضعفتنا معاً قال فكيف تجدين زوجك قالت
خير زوجٍ يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة قال مال عميم وزوجٌ كريم وقال للثانية ما
مالكم قالت البقر قال وكيف تجدونها قالت خير مال تألت الفناء وتملأ الإناء وتودك
السقاء ونساء مع نساء قال كيف تجدين زوجك قالت يكرم أهله وينسى فضله قال حظيت ورضيت
ثم قال للثالثة ما مالكم قالت المعزى قال وكيف تجدونها قالت لا بأس بها نولدها
فطماً ونسلخها أدماً قال كيف تجدين زوجك قالت لا بأس ليس بالبخيل الحتر ولا بالسمح
البذر قال جدوى مغنية ثم قال للرابعة ما مالكم قالت الضان قال وكيف تجدونها قالت شر
مال حوف "أي جلود" لا يشبعن وغنم لا ينفعن وصم لا يسمعن وأمر مغويتهن يتبعن قال
فكيف تجدين زوجك قالت زوجٌ يكرم نفسه ويحترم عرسه قال أشبه أمره بعش بزه.
"قال" وأنشدني مروان بن أبي حفصة لامرأة من آل أبي حفصة كانت أمة لهم تهجو زوجها:
قال الأصمعي حدثني عيسى بن عمر قال كنت بالبادية
فتضيفت امرأة فدخلت الخباء فجعلت تريغ زوجها عن قراي ويريغها فسمعتها تقول أنا ابنة
الأخيل المعم المخول إن كنت تجهلني فعني فاسأل قال فقال الزوج انا ابن بلال صاحب
العين والخال قال فاتتني بقرص مثل فرسن الحلة قال فجعلت الملم منها مثل أثباج القطا
الكدري قال الكلبي امرأة يقال لها أم الورد تزوجت برجل فعجز عنها فتقدمت إليّ وإلى
اليمامة فقالت له والله ما يمسكني بضم ولا بتقبيل ولا بشم ولا بزعزاع ليسلي همي
يطيج منه فتحي في كمي قال ففرق بينهما ثم تزوجت رجلاً آخر فرضيت وحظيت وزوجت أخاها
أخت زوجها فعجز عنها فقالت تهجو أخاها:
"الهيثم" قال مدح قتادة بن مغرب يزيد بن المهلب
فأعطاه وملأ يديه وتزوج بنت يزيد الحنفي فلما بنا بها فركها من ليلتها فلما أصبح
طلقها وقال:
قال فالحقها بأهلها وبلغها قوله فشدت عليها
ثيابها وأتت باب يزيد بن المهلب فاستأذنت عليه فدخلت وقتادة عنده فقالت:
وقال العتبي حدثني أبو أحمد قال سئل أعرابي عن
امرأته وكان حديث عهد بتزويج قال فقال أفنان أثلة وجنى نحلة ومس رملة وكأنني آيب في
كل ساعة من غيبة قال وسئلت عنه فقالت أفنان الجنة وحسن الروضة وطيب الحياة في نعمة
مقيمة.
وقالت الثانية زوجي عيآياء طباقاء كل داء له داء شحك أو فلك أو جمع كلالك. تقول كل داء من الناس هو فيه ومن أدوائه العياياء، العي الذي لا يحسن شيئاً ولا يحكم عملاً. طبآقاء مثل عيآياء به كل داء من جهل وضعف وخرق والعياياء من الإبل الذي لا يضرب ولا يلقح "يقول الشارح" شحك من الشحاك وهو عود يعرض في فم الجدي يمنعه من الرضاع. فلك المتفكك العظام والمعنى أنها تصفه بالجهل وبأن كل شيء تفرق في الناس من المعاتب موجود فيه وأنه لا خير في معاشرته ولا رجاء في رجوليته.
وقالت الثالثة زوجي إذا أكل لف وإذا شرب اشتف وإذا رقد التف ولا يدخل الكف حتى يعرف البث "يقال" لف في الأكل أكثر مخلطاً من صنوفه واشتف أخذ من الشفافة وهي البقية تبقى في الإناء من الشراب فإذا شربها قيل اشتفها وتشافها تشافاً قال وقولها لا يدخل الكف أنه كان بجسدها عيب أو داء تكتئب له لأن البث الحزن وكان لا يدخل يده في ثوبها ليمس ذلك العيب فيشق عليها تصفه بالكرم "يقول الشارح" في تفسير مؤلف الكتاب للجملة الأخيرة خطأ والصواب أنها تصفه بكثرة الأكل والشرب وقلة الجماع وكل ذلك مذموم عند العرب والعرب تنمدح بقلة الأكل والشرب وكثرة الجماع لدلالتها على صحة الذكورية والرجولية - والمراد باللف الإكثار من الأكل واستقصاؤه حتى لا يترك شيئاً منه والاشتفاف في الشرب استقصاؤه وقولها إذا رقد التف أي رقد إلى ناحية وحده وانقبض عن زوجته أعراضاً فهي حزينة لذلك وكذلك قالت ولا يولج الكف حتى يعرف البث أي لا يمد يده ليعلم ما هي عليه الحزن فيزيله والمراد بالبث الحزن.
وقال الرابعة زوجي العشنق إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق - العشنق المفرط الطول تقول ليس عنده غناء من طوله بلا نفع يقول الشارح العشنق الطويل المذموم الطول ويروي أنه الطويل النجيب الذي يملك أمر نفسه ولا تحكم النساء فيه بل يحكم فيهن بما شاء فزوجته تهابه إن تنطق بحضرته فهي تسكت على مضض - والمراد من قولها أنها منه على حذر فإن نطقت بعيوبه يبلغه كلامها فيطلقها وإن سكتت عنها فإنها عنده معلقة لا هي ذات زوج ولا هي أيم فكأنها قالت أنا عنده لا ذات بعل فأنتفع به ولا مطلقة فأتفرغ لغيره فهي كالمعلقة بين العلو والسفل لا تستقر بأحدهما.
وقالت الخامسة زوجي لا أنيء خبره أخاف أن لا أذره فأظهر عجره وبجره "العجر" أن يتعقد العصب أو العروق حتى تراها ناتئة من الجسد والبجر نحوها إلا أن البجر في البطن خاصة وامرأة بجراء لفلان بجره ورجل أبجر إذا كان عظيمها "يقول الشارح" قولها " لا أنيء خبره " أي لا أحكمه وقولها أن لا أذره أي لا أتركه وقولها عجره وبجره أمره كله أو همومه وأحزانه أو عيوبه الظاهرة والكامنة وأصل معنى عجر وبجر ما ذكره المصنف ثم استعملا فيما ذكرناه والمراد أنها أجملت حال زوجها واكتفت بالإشارة إلى معائبه مخافة أن يطول الخطب بذكر جميعها.
وقالت الأولى من اللواتي مدحن أزواجهن زوجي ليل تهامة ولا حر ولا قر "أي لا برد" ولا مخافة ولا سآمة، سآمة تقول لا يسأمني فيمل صحبتي تقول ليس عنده أذى ولا مكروه وهذا مثل لأن الحر والبرد كلاهما فيه مكروه تقول ليس عنده غائلة ولا شراً أخافه "تصفه بجميل العشرة واعتدال الحال".
وقالت الثانية زوجي المسّ مس أرنب والريح ريح زرنب أغلبه والناس يغلب ريح زرنب وهو ضرب من الطيب تصفه بحسن الخلق ولين الجانب كمس الأرنب إذا وضعت يدك على ظهره "يقول الشارح" وتصفه أيضاً باستعماله الطيب تظرفاً وبأنه مع شجاعته تغلبه هي لكرمه معها وهذا معنى قولها أغلبه والناس يغلب ولو اقتصرت على قولها أغلبه لظن أنه جبان ضعيف فلما قالت والناس يغلب دل على أن غلبها إياه لكرم سجاياه فتمت بهذه الكلمة المبالغة في حسن أوصافه.
وقالت الثالثة زوجي رفيع العماد عظيم الرماد طويل النجاد قريب البيت من الناد "رفيع العماد أي حسبه فوق أحساب قومه كما أن عماد بيوتهم طوال فشبهته بها والنادي مجلس الحي حيث يجتمعون طويل النجاد تصفه بامتداد القامة والنجاد حمائل السيف قريب البيت من النادي أي ينزل بين ظهراني الناس ليعلموا مكانه "يقول الشارح" قولها "رفيع العماد" وصفته بطول البيت وعلوه وهكذا يفعل أشراف العرب ليقصدهم الأضياف والطارقون والوافدون وقولها "عظيم الرماد" تعني أن نار قراه للأضياف لا تطفىء لتهتدي الضيفان إليها فيصير رماد النار كثيراً لذلك وقولها "طويل النجاد" تعني أنه طويل القامة يحتاج إلى طول حمالة سيفه وفي ضمن كلامها أنه صاحب سيف فأشارت إلى شجاعته وقولها "قريب البيت من الناد" الناد "أي النادي" وقفت عليها بالسكون لمواخاة السجع وبقية التفسير ذكره المصنف.
وقالت الرابعة زوجي إن خرج أسد وإن دخل فهد ولا يسأل عما عهد "أسد تصفه بالشجاعة فهد تصفه بكثرة النوم والغفلة في المنزل على وجه المدح" "يقول الشارح" تقول إن خرج على الناس فله شجاعة الأسد جرأة وإقداماً وإن دخل عليها كان كالفهد أما في لينه وغفلته لأنه يوصف بالحياء وقلة الشر وأما في وثوبه فكأن زوجها يثب عليها في جماعة إياها وثوب الفهد "ولا يسأل عما عهد" تعني أنه كريم كثير التغاضي لا يسأل عما ذهب من ماله.
وقالت الخامسة زوجي أبو مالك وما أبو مالك ذوابل كثيرات المبارك قريبات المسارح إذا سمعن صوت مزهر أيقن أنهن هوالك "تقول لا بوجههن ليسرحهن نهار إلا قليلاً لكنهن يتركن بفنائه فإن نزل به ضيف لم تكن الإبل غائبة عنه ولكنها بحضرته فيقريه من ألبانها ولحومها والمزهر العود تقول قد عود إبله إذا نزل به الضيفان أن ينحر لهم ويسقيهم الشراب ويأتيهم بالمعازف "يقول الشارح" المبارك ج مبرك وهو موضع نزول الإبل والمسارح ج مسرح وهو الموضع الذي تطلق لترعى فيه والمزهر آلة من آلات اللهو تصفه بالثروة والاستعداد للكرم ويروي أيضاً "وهو أمام القوم في المهالك" أي في الحروب أي أنه يتقدم لثقته في شجاعته.
وقالت السادسة زوجي أبو زرع وما أبو زرع وجدني في أهل غنيمة بشق فنقلني إلى أهل جامل وصهيل وأطيط ودايس ومنق ملأ من شحم عضدي وأناس من حلى أذني وبجح نفسي فبجحت إليه فأنا أنام فأتصبح وأشرب فأتقمح وأقول فلا أقبح "قولها" وجدني في أهل غنيمة تعني أن أهلها أصحاب غنم ليس بأصحاب خيل قال والتقمح في الشراب مأخوذ من الناقة القامح وهي التي ترد الحوض فلا تشرب قال أبو عبيد فأتقمح أي أروي حتى أدع الشرب من شدة الري وكل رافع رأسه فهو مقامح وجمعه وقامح وقامح فإن فعل ذلك بإنسان فهو مقمح وقد روى قأتقنح والمراد واحد وقولها جعلني في صهيل وأطيط تعني أنه ذهب بها إلى أهله وهم أهل جمال وخيل وابل لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط أصوات الإبل تقول نقلني إلى قوم ذوي خيل دايس يدسون الطعام ومنق ينق الطعام وأناس من حلى أذني أي حلاني قرطه تتنوس والنوس الحركة "بجحها" سرها وفرحها بإحسانه إليها "أنام فأتصبح أي لها من يكفيها ويخدمها فهي لا تكلف بخدمة" أتقنح تقول الماء لها ممكن فهي متى شاءت شربت وقولها فأقول فلا أقبح تريد أن قولي مقبول وخطئي مستور وقال غير ابن الأعرابي أهل دايس منق أي دايس الغنم والمنق الدجاج قال وأتقنح أشرب شربة بعد شربة "يقول الشارح" أذكر هنا ما يزيل الغموض الذي جاء في بعض شرح المصنف وأزيد أيضاً ما فاته شرحه، قولها "بشق" أنهم كانوا في شق جبل أي ناحيته ولقائهم وسعهم، والأطيط أصله صوت أعواد المحامل والرحال على الجمال فأرادت أنهم أصحاب محامل تشير بذلك إلى رفاهتهم وقولها "ودايس ومنق" إما أن يكون المراد من دايس أن الخيل تدوس الطعام أي الحب فكأنها أرادت أنهم أصحاب زراعة أو أن عندهم طعاماً منتقى وهم في دياس شيءٍ آخر أي في بقيته فخيرهم متصل، وقولها ملأ من شحم عضدي، فالعضد إذا سمنت سمن سائر الجسد وإنما خصت العضد بالذكر لأنه أقرب ما يلي بصر الإنسان من جسده وقولها، وأناس من حلى أذني، أنه ملأ أذنيها بالحلى كما جرت عادة النساء.
والمرادمن قولها كله أنه نقلها من شظف عيش أهلها إلى الثروة الواسعة من الخيل والإبل والزرع الخ.
ابن أبي زرع وما ابن أبي زرع تكفيه ذراع الجفرة ومضجعه مثل مسل الشطبة "الجفرة" العناق بنت أربعة أشهر أو خمسة أشهر والذكر جفر والشطبة السعفة وقالوا الحربة تقول هو خفيف العظم وأصل الشطبة ما شطب من جريد النخل وهو بسعفة فأخبرت أنه مهفهف ضرب اللحم "يقول الشارح" الجفرة الأنثى من ولد الماعز إذا كانت بنت أربعة أشهر وفصل عن أمه وأخذ في الرعي والشطبة سيف سل من غمده.
والمراد أنها تصف ابن أبي زرع بقلة الأكل وخفة الجسم وهذان ممدوحان بنت أبي زرع وما بنت أبي زرع ملأ فناءها وصفر رداءها ورضا أمها وعبر جارتها تقول إذا جلست في فنائها ملأته من حسنها وكمالها رضا أمها لا تعتب عليها في شيء عبر جارتها تقول إذا رأتها جارتها استعبرت من جمالها وحسنها "يقول الشارح" صفر ردائها الرداء الثوب يلبس فوق سائر اللباس أي أن رداءها كالخالي الفارغ إذ لا يمس من جسمها شيئاً لأن ردفها وكتفيها يمنعن مسه من خلفها شيئاً من جسمها ونهدها يمنع مسه شيئاً من مقدمها أي أن امتلاء ردفها ومنكبيها وقيام نهديها يرفعان الرداء عن جسمها قال الشاعر:
أبت الروادف والنهود لقمصها | من أن تمس بطونها وظهورها |
أم أبي زرع وما أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فساح "العكوم" الاحمال والاعدال التي فيها الأوعية من صنوف الأطعمة والمتاع واحدها عكم ورداح عظام ومنه قيل للمرأة رداح إذا كانت عظيمة الكفل تعني أن المرأة ذات كفل عظيم فإذا استقلت نتأ الكفل بها من الأرض "حتى يصير تحتها فحرة تحري تحتها الرمان وبعضهم يقول هو الثديان " "يقول الشارح"ان الجملة الموضوعة بين قوسين وردت في الأصل ولا يظهر لها معنى في نفسها ولا وجه اتصالها بما قبلها ولا شك أنه عبثت بها أيدي النسخ ومحصل قول زوجة أبي زرع في أمه أنها وصفتها بأنها كثيرة الإناث والمال واسعة البيت فهي في خير وفير عيش رغد وأشارت بهذا الوصف إلى أن زوجها أبا زرع كثير البر بأمه وأنه ليس كبير السن لأن ذلك هو الغالب في من يكون له والدة توصف بمثل ما وصف به هنا.
خرج أبو زرع والأوطاب تمخض فأبصر امرأة معها ولدان لها يلعبان من تحت خصرها برمانتين فنكحها وطلقني فتزوجت بعده رجلاً سرياً ركب شرياً وأخذ خطياً وأراح علي نعماً ثرياً وجعل لي في كل رائحة زوجاً وقال لي يا أم زرع كلي وميري أهلك قالت فوالله لو جمعت جميع ما أعطاني ما بلغ أصغر آنية أبي زرع قالت عائشة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم يا عائشة كنت لك كأبي زرع لأم زرع قولها خطياً رمح سمى خطياً لأنه من قرية يقال لها الخط فنسبت الرماح إليها وانما أصل الرماح من الهند ولكنها تحمل الى الخط في البحر ثم تفرق في البلاد قولها نعماً ثرياً تعني الابل والثري الكثير من المال "يقول الشارح" الأوطاب ج وطب وهو وعاء البن تمخض من المخض وهو اخراج الزبدة من اللبن بالكيفية المعروفة بالمخض والمراد أنه خرج في زمن الخصب والربيع والخيرات في داره وفيرة رجلاً سرياً أي من سراة الناس أي كبراؤهم في حسن الصورة والهيئة ركب شريا. تعني فرساً خياراً فائقاً وأراح علي نعماً ثريا أي جاء بها في الرواح وهو آخر النهار أشارت الى أنه ربحها من الغزو وذلك دليل شجاعته والنعم الابل خاصة ويطلق على جميع المواشي إذا كان فيها إبل .وثريا أي كثيرة رائحة الآتية وقت الرواح زوجاً أي اثنين ميري أهلك أي أطعميهم من الميرة وهي الطعام هكذا بالغ في إكرامها ومع ذلك كانت أحواله عندها محتقرة بالنسبة لأبي زرع لأن أبا زرع كان أول أزواجها فسكنت محبته في قلبها وما الحب إلا للحبيب الأول.
قال أبو الفضل وقد حدثناه الزبير بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب قال حدثنا محمد بن الضحاك بن عثمان عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وآله دخل عليها وعندها بعض نسائه فقال يا عائشة أنا لك كأبي زرع لأم زرع قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حديث أبي زرع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه إن قرية من قرى اليمن كان بطن من بطون أهل اليمن فكان منهم إحدى عشرة امرأة وإنهن خرجن إلى مجلس لهن فقال لهن فقال بعضهن لبعض تعالين فلنذكر بعولتنا بما فيهم ولا نكذب فتعاهدن على ذلك فقيل للأولى تكلمي بنعت زوجك فقالت الليل ليل تهامة والغيث غيث غمامة ولا حر ولا خامة أي ولا وخمة وقيل للثانية تكلمي وهي عمرة بنت عبد عمرو فقالت المس مس أرنب وذكر الكلام وقيل للثالثة تكلمي وهي حبي بنت كعب قالت مالك وما مالك وذكر الكلام وقيل للرابعة تكلمي وهي مهدر بنت أبي هزومة فقالت زوجي لحم جمل وذكر قولها وقيل للخامسة تكلمي وهي كبشة قالت زوجي رفيع العماد وذكر قولها وقيل للسادسة تكلمي وهي هند فقالت زوجي كل داء له داء إن حدثته سبك وان مازحته فلك "أي جرحك في رأسك وجسدك من توحشه في مزاحه " والأجمع كلالك وقيل للسابعة تكلمي وهي ابنة أوس بن عبد فقالت زوجي إذا أكل لف وذكر كلامها وقيل للثامنة تكلمي وهي حبي بنت علقمة فقالت زوجي إذا دخل وذكر كلامها إلا أنه زاد "ولا يرفع اليوم لغد أي أنه حازم في أموره فلا يؤخر ما يجب عمله إلى غد. أو أنه كريم لا يدخر ما حصل عنده اليوم من أجل الغد " وقيل للتاسعة تكلمي فقالت زوجي من لا أذكره ولا أبث خبره أخاف أن لا أذره أن أذكره أذكر عجره و بجره وقيل للعاشرة تكلمي وهي كبيشة بنت الأرقم قالت نكحت العشنق إن سكت علق وإن تكلمت طلق قيل لأم زرع وهي أم زرع بنت أكميمل بن ساعد تكلمي فقالت أبو زرع وما أبو زرع ثم ذكر الحديث إلا أنه زاد في القول بنت أبي زرع وما بنت أبي زرع ملء ازارها وصفر ردائها وزين أمهاتها ونسائها وقالت خرج من عندي أبو زرع والأوطاب تمخض فإذا هو بأم غلامين كالفهدين "أي نجيبين" يرمي من تحت خصرها بالرمانتين "تريد ثدييها" فتزوجها وطلقني فاستبدلت بعده وكل بدل أعور فتزوجت شاباً سرياً ركب اعوجياً "أي فرساً أعوجياً أي كريم الأصل" وأخذ خطياً وأراح نعماً ثرياً وقال كلي أم زرع وميري أهلك فجمعت أوعيته فما تعدل وعاءاً واحداً من أوعية أبي زرع قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه لعائشة فكنت لك كأبي زرع لأم زرع وحدثناه عبد الله بن عمرو قال حدثنا أبو صالح العبدي المؤدب قال أخبرني عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبعي عن هشام بن عروة عن أخيه عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت اجتمعت إحدى عشرة امرأة فتعاقدن وتواثقن إلا يكتمن شيئاً من أخبار أزواجهن ثم ذكر الحديث فقدم وأخر وكل بمعنى واحد ولفظ يزيد وينقص. أبو محلم قالت مدحت امرأة زوجها بكرم الأخلاق وخصب الغنائم فقالت لأمها يا أمه من نشر ثوب الثناء فقد أدى واجب الجزاء وفي كتمان الشكر جحود لما أوجب منه ودخول في كفر النعم فقالت لها أمها أي بنية طيبت الثناء وقمت بالجزاء ولم تدعي للذم موضعاً ومن لم يذم ولا ثناء إلا بعد اختبار قالت يا أمه ما مدحت حتى اختبرت ولا وصفت حتى شممت قال الزوج ما وفيتك حقك ولا شكرت إلا بفضلك ولا أثنيت إلا بطيب حسبك وكريم نسبك والله أسأل أن يمتعني بما وهب لي منك.
أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي قال حدثني محمد بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس ان رجلاً من العرب استبى امرأة فولدت له سبعة بنين ثم قالت له ازرني أهلي ليذهب عني اسم السباء ففعل ووقعت في نفس رجل من أهلها يقال له هلباجة فقال لأصحابه انزعوا هذه المرأة من هذا الرجل فانه سبة عليكم أن تكون سبية وزوجونيها فأراد صاحبها أن يردها فقالت قد أبى القوم إلا أن ينزعوني منك فقال لا أفارقك حتى تثني علي بما تعلمين فقالت العشية إذا اجتمع القوم فاجتمعوا وحضرا فقال:
نشدك هل خبرتني أو علمتـنـي | كريماً إذا أسود الكراسيع ازهرا |
نشدتك هل خبرتني أو علمتنـي | شجاعاً إذا هاب الجبان وقصرا |
نشدتك هل خبرتني أو علمتنـي |
صبوراً إذا ما الشيء ولى فأدبرا |
تبكي علي ليلى بحق بـلادهـا | وأنت عليها بالملا كنت أقـدرا | |
تبغانـي الأعـداء أمـا ذوي دم | وأما أخا شغب العشيات مسعرا | |
إذا المرء لم يبغ المعاش لنفسـه | شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا | |
وكان على الادنين كلا وأوشكت | صلات ذوي القربى أن تنكـرا |
وقال أحمد بن الحارث حدثني عبد الله بن علي عن أبي عمرو بن العلا قال تزوج رجلٌ في الجاهلية بامرأة من بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر وكان الرجل من بني غدانة ففارقها فدخل عليه من فراقها غمٌ شديد فلما فارقته قال استمعي ويستمع من حضر أما لقد اعتمدتك برغبة وعاشرتك بمحبة ولم أجد عليك زلة ولم تدخلني لك ملة وإن كان ظاهرك لسروراً وباطنك للهوى ولكن القدر غالب وليس له صارف فقالت المرأة مجيبة أثنيت وأنا مثنية فجزيت من صاحب ومصحوب خيراً فما استرثت خيرك ولا شكوت خبرك ولا تمنت نفسي غيرك وما ازددت إليك إلا شرها ولا أحسست في الرجال لك شبهاً قال ثم افترقا.
حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني محمد بن عبد الله بن طمهان قال حدثني محمد بن زياد الأعرابي قال قامت امرأة عروة بن الورد العبسي بعد أن طلقها في النادي أما أنك والله الضحوك مقبلاً السكوت مدبراً خفيف على ظهر الفرس ثقيل على متن العدو رفيع العماد كثير الرماد ترضى الأهل والأجانب قال فتزوجها رجل بعده فقال إثني عليّ كما أثنيت عليه قالت لا تحوجني إلى ذلك فإني إن قلت قلت حقاً فأبى فقالت أن شملتك الالتفاف وإن شربك الاشتفاف وإنك لتنام ليلة تخاف وتشبع ليلة تضاف.
قال بندار بن عبد الله حدثني أبو موسى الطائي الأعرابي قال تذاكر نسوة الأزواج فقالت إحداهن الزوج عزٌ في الشدائد وفي الرخاء مساعد إن رضيت عطف وإن سخطت تعطف وقالت الأخرى الزوج لما عناني كاف ولما شفني شاف رشفة كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل عن قرب ولا بعد وقالت الأخرى الزوج شعار حين أصرد يسكن حين أرقد ومني لذتي شف مفرد وما عاد إلا كان العود أحمد وقالت الأخرى الزوج نعيم لا يوصف ولذة لا تنقطع ولا تخلف.
وقال إسحاق الموصلي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال حدثني أبو دينار بن الزغبل بن الكلب العنبري قال كنت عند صاحب فيد فجاء طائي وطائية فاختلعت منه فتشاتما فقال لها إن كنت والله لطلعة قنعة لما سُئلَت منعة فقالت وأنت والله قليل الخير كثير الشر خفيف العجز ثقيل الصدر.
ذكر لنا المدائني قال تزوج حصن بن خليد بنت الورد بن الحارث ثم طلقها فجاء أخوتها ليحملوها فقالت مروا بي على المجلس بالحي أسلم عليهم فنعم الإحماء كانوا فأقبل هو وهي في قبتها فقالت جزاكم الله خيراً فما أكرم الجوار وأكف الأذى قالوا ما الذي كان عن ملأمنا ولا هوى قالت إني أريد أن أشهد على شهادة فإني حامل فوثب حصن فقال كل مملوك لي كل إن كنت كشفت لها كتفاً قالت الله أكبر إنما أردت أن أعلمكم أني لم أطلق من بغض ولا قلى فعليكم السلام.
حدثنا هرون بن مسلم قال أخبرني حفص بن عمر قال حدثني مورج عن سعيد بن جرير عن أبيه وقال حدثني أبو عبيدة معمر بن المثنى قال تزوج فضالة بن عبد الله الغنوي امرأة بخراسان فأبغضته فنافرته إلى قتيبة بن مسلم قال له هل بينك وبينها قرابة قال لا قال ففيم تحتمل هذا لها وقد جعل الله لك إلى الراحة منها سبيلاً قال إني أحبها ولقد كنت أهزأ بالرجل تبغضه المرأة وهو يحبها فابتليت فقال قتيبة فلا تحبن من لا يحبك فهي والله تنظر إليك بعين فارك ثم قال لها مالك ويحك ولزوجك قالت أبغضته لخصال أذكرها هو والله قليل الغيرة سريع الطيرة كثير العتاب شديد الحساب قد أقبل بخره وأدبر ذفره واسترخى ذكره وطمحت عيناه واضطربت رجلاه يفيق سريعاً وينطق رجيعاً وهو أيضاً يأكل هرساً ويمشي خلساً ويصبح رجساً لا يغتسل من جنابة ولا يأمن من شره أصحابه إن جاع جزع وإن شبع خشع فقال له قتيبة أفٍ لك أن قلت كما تقول طلقها قبح الله رأيك فطلقها "وقال" الأصمعي حدثني عبد الرحمن المدائني قال قلت لأبي جفنة الهذلي وطالت صحبته لامرأته وكانت تدعى أم عقار ما تقول في أم عقار فقال إن كنت متزوجاً فإياك وكل مجفرة منكرة منتفخة الوريد كلامها وعيد وظهرها حديد سعفاء فوهاء قليلة الارعواء دائمة الدعاء طويلة العرقوب عالية الظنبوب مقم سلفع لا تروى ولا تشبع حديدة الركبة سريعة الوثبة قصيرة النقبة شرها يفيض وخيرها يغيض لا ذات رحم قريبة ولا غريبة نجيبة إمساكها مصيبة وطلاقها حريبة بادية القتير عالية الهرير شثنة الكف غليظة الخف وحش غير ذلك سكن تعين على بعلها الزمن وتدفن الحسن لا تعذر بقلة ولا تجاز عن زلة تأكل لمّا وتوسع ذمّاً إذا ذهب هم أحدثت هماً ذات ألوان وأطوار تؤذي الجار وتفشي الأسرار قال فقلت لأم عقار أما تسمعين ما يقول أبو جفنة قال فلعن الله أبا جفنة فبئس والله ما علمت زوج المرأة المسلمة قضمة حطمة أحمر المأكمة محروم اللهزمة له جلدة هرمة وأذن هدباء ورقبة هلباء وشعرة صهباء لئيم الأخلاق ظاهر النفاق أخو ظنن وصاحب هم وحزن وحقد واحن رهين الكأس دائم الإفلاس من كلا خيرٍ يرتجي عند الناس خيره محبوس وشره ملبوس أشأم من البسوس يسأل إلحافاً وينفق إسرافاً لا ألوف يفيد ولا متلاف قصود "أي لا مقصود" شرٌ أشنع وبطنٌ أجمع ورأسٌ أصلع مجمع مضفدع في صورة كلب ويد إنسان هو الشيطان بل أم الصبيان قال فحكينا قولها لأبي جفنة فقال فما فمها ببارد ولا ثديها بناهد ولا بطنها بوالد ولا شعرها بوارد ولا أنا إن ماتت بواجد وذلك إن الشر فيها ليس بواحد فحكينا قوله لها فقالت هو والله ما علمته قصير الشبر ضيق الصدر لئيم النجر عظيم الكبر كثير الفخر.
علي بن الصباح قال أخبرنا هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال بعث النعمان بن امرؤ القيس بن عمرو بن عدي بن نضر إلى نسوة من العرب منهن فاطمة بنت الخرشب وهي من بني أنمار بن بغيض وهي أم الربيع بن زياد وأخوته وإلى قيلة بنت الحسحاس الأسدية وهي أم خالد بن صخر بن الشريد وإلى تماضر بنت الشريد وهي أم قيس بن زهير وأخوته كلهم وإلى الرواع النمرية وهي أم يزيد بن الصعق فلما اجتمعن عنده قال إني قد أخبرت بكن وأردت أن أنكح البكن فأخبرنني عن بناتكن فقالت فاطمة عندي الفتخاء العجزاء أصفى من الماء وأرق من الهواء وأحسن من السماء وقالت تماضر عندي منتهى الوصاف دفية اللحاف قليلة الخلاف وقالت الرواع عندي الحلوة الجهمة لم تلدها أمة وقالت قيلة عندي ما يجمع صفاتهن وفي ابنتي ما ليس في بناتهن فتزوج إليهن جميعاً فلما أهدين إليه دخل على ابنة الأنمارية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي عطري جلدك وأطيعي زوجك واجعلي الماء آخر طيبك ثم دخل على ابنة السلمية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي لا تجلسي بالفناء ولا تكثري من المراء واعلمي أن أطيب الطيب الماء ثم دخل على ابنة النمرية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي لا تطاوعي زوجك فتمليه ولا تعاصيه فتشكيه واصدقيه الصفاء واجعلي آخر طيبك الماء ثم دخل على ابنة الأسدية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي أدني سترك وأكرمي زوجك واجتنبي الإباء واستنظفي بالماء.
قال وقال هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال كانت امرأة من العرب عند رجل فولدت له أولاداً أربعة رجالاً ثم هلك عنها زوجها فتزوجت بعده فنأى بها زوجها عن بنيها وتزوجوا بعدها ثم أنها لقيتهم فقالت يا بني إني سائلتكم عن نسائكم فأخبروني عنهن قالوا نفعل فقالت لأحدهم أخبرني عن امرأتك فقال غلٌ في وثاق وخلقٌ لا يطاق حرمت وفاقها ومنعت طلاقها وقالت للثاني كيف وجدت امرأتك فقال حسنٌ رابع وبيتٌ ضايع وضيفٌ جايع قالت للثالث كيف وجدت امرأتك قال ذلٌ لا يقلى ولذةٌ لا تقضى وعجبٌ لا يفنى وفرحٌ مضل أصاب ضالته وريحٌ روضة أصابت ربابها "سقط الولد الرابع" قالت فهل أصف لكم كيف وجدت زوجي قالوا بلى قالت جملٌ ظعينة وليثٌ عرينه وكل صخرٍ وجوار بحرٍ.
قال وقال أبو المنذر هشام عن أبيه قال كانت ملكة سباء لا تريد الأزواج فقلن لها نسوةٌ كن يكن معها إلا تتزوجين أصلحك الله قالت ويحكم وما التزويج قلن إن فيه من اللذة ما ليس في شيءٍ من الأشياء قالت فلتصف لي كل امرأة منكن زوجها فإن كان يدعو إلى اللذة فبالحرى أن أفعل قلن نحن نصف لك أزواجنا قالت فصفن لي فقالت الأولى هو عزٌ في الشدائد وفي الرخاء مساعد وإن رجعت ألطف وإن غضبت تعطف قالت نعم الشيء هذا قالت الثانية هو عندي كافٍ ولما شفني شافٍ رشفه كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل لطول العهد قالت هذا والله الذي لا عدل له قالت الثالثة هو شعاري حين أصرد وسكني حين أرقد ومنى نفسي لشبقٍ يتردد قالت سبحان الله هذا والله الذي لا يعدله شيء وكلكن قد أحسن الصفة فإن كان كما زعمتن أكرمتكن وأحسنت إليكن وإلا عذبتكمن وأسأت إليكن فتزوجت بابن عمٍ لها يقال له شداد بن زرعة فاحتجبت عن الناس شهراً ثم خرجت فجلست في مجلسها الذي كانت تجلس فيه فجئن النسوة فسألنها عن خبرها فقالت نعيمٌ لا يوصف ولذةٌ لا تنقطع.
قال وأخبرنا هشام عن أبي مسكين قال جلس دريد بن الصمة بفناء بيته وعنده أناس من أصحابه فأنشدهم:
إرثٌ جديد الحبل من أمِ معبد | بعاقبةٍ وأخلفت كل مـوعـد | |
وبانت ولم أحمد إليك جوارها | ولم ترج فينا درة اليوم أو غد |
حدثني عبد الله بن عمرو قال حدثني عبد الله بن سعيد قال سمعت الأصمعي يقول طلق رجل امرأته فقالت لم طلقتني فقال لخبث خبرك وسوء منظرك وكثرة سحبك ودوام ذربك وإنك مبغضة في الأهل مستأثرة على البعل إن سمعت خيراً دفنته وإن كان شراً أذعته مؤذية لجارك مستأثرة على عيالك إن شبعت بطرت وإن استغنيت فجرت مشرفة الأذنين جاحظة العينين قصيرة الأنامل ذات قصب متضائق جبهتك ناتئة وعورتك بادية تعطين من كذبك وتحرمين من صدقك فقالت امرأته وأنت والله ما علمت تغتنم الأكلة في غير جوع ملح بخيل إذا نطق الأقوام أقصعت وإذا ذكر الجود أفحمت لما تعلم من قصر باعك ولؤم آبائك مستضعف من تأمن ويغلبك من تخاف ضيفك جائع وجارك ضائع أكرم الناس عليك من أهانك وأهونهم عليك من أكرمك القليل عندك كثير والكثير عندك حقير سود الله وجهك وبيضّ جسمك وقصرّ باعك وطوّل ما بين رجليك حتى إن دخل انثنى وإن رجع التوى.
حدثني عمر بن شبيب قال حدثني الوليد بن هشام القحذمي قال حدثني إبراهيم بن حميد قال قال سحبان بن العجلان في بنته وهو يرقصها:
وهبتها من قلق نطاقـهـا | مشمر عرقوبها عن ساقها | |
يكثر في جيرانها احتراقها |
وهبتها من شيخٍ سوء أنكد | لا حسن الوجه ولا مُسودَ | |
يأتي الأمير بالدواهي الأبد | ولا يبالي جاره إن يبعـد |
وهبتها من ذات خلقٍ سلفع | تواجه القوم بوجهٍ أجـدع | |
من بعد بيضاء سواي أربع | يا لهفي من بدل لي موجع |
لأنكحن خرقاً من الفتـيان | مثل أبي عزة في الأحيان | |
وأجتنب مثل أبي العجلان | كأنه عير وقـربـتـان |
أبو حفص عمر بن بدير عن الهيثم بن عدي قال حدثني رجل من كنده من بني بدا قال رحل الحارث بن السليل الأسدي زائراً لعلقمة بن حفصة الطائي وكان حليفاً له فنظر إلى ابنة له يقال لها الرباب وكانت أجمل أهل زمانها فأعجب بها فقال جئتكِ خاطباً وقد ينكح الخاطب ويدرك الطالب وينجح الراغب فقال علقمة أنت كفؤٌ كريم ثم انكفأ إلى أمها فقال الحارث بن السليل سيد قومه حسباً ومنصباً وبيتاً أتانا خاطباً فلا ينصرفن من عندنا إلا بحاجته فأريدي ابنتك على نفسها في أمره فقالت يا بنية أي الرجال أحب إليك الكهل الحجحاج الفاضل الهياج أم الفتى الوضاح الذمول الطماح قالت الجارية الطماح قالت إن الفتى يغيرك وإن الشيخ يميرك وليس الكهل الفاضل الكثيرالنائل كالحدث السن الكثير المن قالت يا أمه إن الفتاة تحب الفتى كحب الرعاة أنيق الكلا قالت يا بنية إن الفتى شديد الحجاب كثير العتاب وإن الكهل لين الجناح قليل الصياح قالت يا أمة أخشى الشيخ أن يدنس ثيابي ويبلي شبابي ويشمت بي أترابي فلم تزل بها أمها حتى غلبتها على رأيها فتزوجها الحارث بن السليل على خمس ديات من الإبل وخادم وألف درهم فابنتى بها ورحل إلى قومه فبينا هو جالس ذات يوم بفناء مظلته وهي إلى جنبه إذ أقبل فتية من بني أسد نشاط يعتلجون ويصطرعون فتنفست صعداء ثم أرخت عينيها بالدموع فقال لها ثكلتك ما يبكيك قالت مالي والشيوخ الناهضين كالفروخ قال ثكلتك أمك تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها فذهبت مثلاً وقال الحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك فقالت أسر من الرفاء والبنين.
قال أبو زيد عمر بن شبة كانت حميدة بنت النعمان بن بشير بن سعد تحت روح بن زنباع فنظر إليها يوماً تنظر إلى قومه جذام وقد اجتمعوا عنده فلامها فقالت وهل أرى إلا جذاماً فوالله ما أحب الحلال منهم فكيف بالحرام وقالت تهجوه:
بكى الخز من روحٍ وأنكر جلـده | وعجت عجيجاً من جذامِ المطارف | |
وقال العبا قد كنت حيناً لباسـهـم | وأكـسـية كـردية وقـطـائف |
فإن تبك منا تبك ممن يهينـهـا | وإن تهوكم تهوى اللئام المقارف |
اثني عليّ بما علمت فـإنـنـي | مثن عليك بئس حشو المنطـق | |
فقالت أثني عليك بأن باعك ضيق | وبأن أصلك في جذام ملصـق |
فقال اثني علي بما علمت فإنني |
مثن عليك بنتن ريح الجـورب | ||
فقالت فثناؤنا شر الثناء عليكـم | أسوى وأنتن من سلاح الثعلب | |
وقالت فهل أنا إلا مهرةٌ عربية | سليلة أفراس تحللهـا بـغـل | |
فإن نتجت مهراً كريماً فبالحرى | وإن يك أقراف فمن قبل الفحل |
فما بال مهر رايع عرضـت لـه | أتانِ فبالت عند جحفلة الفـحـل | |
إذا هو ولى جانباً ارتـجـت لـه | كما ارتجت قمراء في دمثٍ سهل |
أطال الله شأنك من غلام | متى كانت مناكحنا جذام | |
أترضى بالفراسن والذنابي | وقد كنا يقر لنا السـنـام |
رضى الأشياخ بالقـيطـور نـحـلاً | ونرغب بالـحـمـاقة عـن جـذام | |
يهـودي لـه بـضـع الـعــذارى | فقبحـاً لـلـكـهـول ولـلـغـلام | |
تزف إلـيه قـبـل الـزوج خــود | كان شمـس تـدلـت عـن غـمـام | |
فأبـقـى ذاكـم خــزياً وعـــاراً | بقاء الوحي فـي الـصـم الـسـلام | |
يهـود جـمـعـوا مـن كــل أوبٍ | وليسوا بـالـغـطـاريف الـكـرام | |
وقالت سميت روحاً وأنت الـغـم قـد | علموا لا روح الله عن روح بن زنباع | |
وقال لا روح الله عمن ليس يمنعـهـا | مال رغيب وزوجٌ غـير مـمـتـاع | |
لسلفع حوقة نـحـل خـواصـرهـا | رتـابة شـثة الـكـفـين جــياع |
تكحل عينيك بود العشى | كأنك مومـسة زانـية | |
وأية ذلك بعد الخفـوق | تغلف رأسك بالغالـية | |
وأن بنيك لريبِ الزمان | أمست رقابهم حالـية | |
فلو كان أوس لهم شاهداً | لقال لهم إن ذا مالـية |
إن يكن الخلع من بـالـكـم | فليس الخلاعة من بـالـية | |
وإن كان من قد مضى مثلكم | فأفٍ وتفٍ على المـاضـية | |
فما أن برأ الله فاستـيقـنـيه | من ذات بعـلٍ ولا جـارية | |
شبيهاً بك اليوم فيمن تـقـى | ولا كان في الأعصر الخالية | |
فبعداً لمحـياك مـا حـييت | وبعداً لأعظمك الـبـالـية |
سميت فيضاً ولا شيء تفيض بـه | إلاّ بجعرك بين الـبـاب والـدار | |
فتلك دعوة روح الخير أعرفـهـا | سقى الآله صداه الأوطف الساري |
ألا يا فيض كنت فـيضـاً | فلا فيضاً وجدت ولا فراتاً |
وليس فيضٌ بفياض العطـاء لـنـا | لكن فيضاً لنا بالـسـلـح فـياض | |
ليث الليوث علينـا بـاسـلٌ شـرس | وفي الحروب هيوب الصدر حياض |
إذا تذكرت نكـاح الـحـجـاج | من النهار أو من اللـيل الـداج | |
فاضت له العين بدمـعٍ ثـجـاج | واشتعل القلب بـوجـد وهـاج | |
لو كان النعمان قتـيل الإعـلاج | مستوى الشخص صحيح الأوداج | |
لكنت منها بمكـان الـنـسـاج | قد أرجوا بعض ما يرجوا الراج | |
إن تنكحيه فمـلـكـاً ذا تـاج |
"حدثني سعيد بن حميد بن سعيد بن بحر الكاتب قال كنا عند نيران جارية بن الطبطي النحاس ومعنا أبو هفان عبد الله بن أحمد فأخذنا في وصف أخلاقه وجميل مذهبه فقلت لها بالله أيسرك أن أبا هفان مولاك على سنه وسماحته وجميل أخلاقه فقالت عفو الله عز وجل أوسع من ذلك والله ما هو إلا كما قال في نفسه:
فلو بك كان الله عذب خلقـه | لتابوا ولكن رحمة الله أوسع |
"حدثنا" ابن أحمد الحارث قال سمعت أبا عبد الله بن الأعرابي يقول وصفت امرأة رجلاً فقالت لم يجدوا حجرته جافية ولا ضالته كافئة ولا ثنته وافية وإن طلبتموه وجدتموه سريعاً وإن ضفتموه وجدتموه مريعاً.
قال أبو عبد الله الضالة القوس تعمل من شجر الضال وهو جنس من السدر وقولها كافئة أي مائلة والثنة شعر العانة "حدثنا" أبو محلم قال كان خضم المنقري تزوج امرأة ففركته وعجز عنها فقالت كسر أم ولد برده بن مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم وهي بنت دوشن مولى بني حيان الذي راجز جرير بن الخطفي:
بكفٍ خضمٍ بكرة لو تـلـبـسـت | بجبلِ غلامٍ رابضٍ لاستـقـرت | |
سقاها بماءٍ آجنٍ خيض قبـلـهـا | فقد نهلت منه قلى ثـم عـلـت | |
إذا قال قومي أغد في السير موهناً | وقد أيقنت ورد الشريعة حـنـت | |
دعوا البكرة الإدماء لا تولعوا بهـا | فلم تلق في أوطانكم ما تمـنـت | |
كان شآبيب الدمـوع بـخـدهـا | شآبيب ماء المزن حين استهلـت |
ولو بحبالي لبست عرس دوشن | لما انقلبت مني صحيحاً أديمها | |
تبيت المطايا وهي حائرة السرى | إذا لم تجد أعناقها من يقيمهـا | |
ولكنما عللتهـا إذ لـقـيتـهـا | بعرف الرخامي ثم أنت تلومها |
"حدثنا" أبو زيد قال حدثنا أحمد بن معاوية بن بكر قال قال الأصمعي كتبت امرأة إلى أبيها وكان زوجها بغير أذنها:
أيا ابتا عنيتنـي وابـتـلـيتـنـي | وصيرت نفسي في يدي من يهينها | |
أيا أبتا لولا التـحـرج قـد دعـا | عليك مجاباً دعوة يسـتـدينـهـا |
أصبح جعد وأبو الموزون | يرمون قطاطن بالظنون | |
ما ساق خمساً قبله عنين | يسأل في المهر ويستدين |
لحا الله قوماً جشموا أم ناشب | سرى الليل تغشاه بغير دليل |
نظرت وثوبي قالص دون ركبتي | إلى علم صعب المرام طـويل |
وجداً يصاحبني لعل صبابة | منها ترد خليلة لخـلـيل | |
فلئن قتلت ليقتلن قتيلـكـم | فتيقني أني قتيلٌ قـتـيل |
أبلغ مجاشع إن رجعت فإننـي | بين الأسنة والسيوف مقـيلـي | |
أرجو السعادة لا أحدث سـاعة | نفسي إذ أنا جبتها بـقـفـول | |
ووهبت خدري والفراش لكاعب | في الحي ذات دمالج وحجـول |
إن الحسام وإن ورثت مضاربه | إذا ضربت به مكروهة فصلا |
أيا عجبي للخود يجري وشاحـهـا | تزف إلى شيخٍ من القوم تنـبـال | |
دعـاهـا إلـيه أنـه ذو قـرابةٍ | فويلُ الغواني من بني العم والخال |
ألا أرى ماء الصبـح شـافـياً | نفوساً إلى أمواه بقعاء نزعـاً | |
فمن جاء من ماء الشبال بشربةٍ | فإن له من ماء لينة أربـعـاً | |
وقد زادني وجداً ببقعاء أنـنـا | رأينا مطايانا بلينة ظـلـعـاً |
وهبته من ذات ضغنٍ خـبة | قصيرة الأعضاء مثل الضبة | |
تعيا كلام البعـل الاسـبة |
وهبته من مرعشٍ من الـكـبـر | شر نفحٍ وريده مـثـل الـوتـر | |
بئس الفتى في أهله وفي الحضر |
وهبته من ذي ثفالٍ خـب | يقلب عيناً مثل عين الضب | |
ليس بمعشوق ولا محب |
وهبته من سلـفـع أفـوك | سرح إلى جارتها ضحوك | |
ومن هبل قد عسا حـنـيك | أشيب ذا رأسٍ كرأسِ الديك |
أشبه أبا أمك أو أشبـه عـمـل | وأرقاً إلى الخير زناء في الحبل | |
ولا تكونن كهـلـوفِ وكـل |
أشبه أخي أو أشبهن أباكا | أما أبي فلن تنال ذاكـا | |
تقصر أن تنالـه يداك |
لا تمشطي رأسي ولا تفليني | ما باله أحمر كالهـجـين | |
ليس كألوان بني الجـون |
أن له من قبلـي أجـداداً | بيض الوجوه سادة أنجاداً | |
ما ضرهم يوم لقوا عباداً | أن لا يكون لونهم سواداً |
وهبت مـن أمة سـوداء | ليست بحسناء ولا جملاء | |
كأنها خلفة خـنـسـاء |
وهبته من أشمط المفارق | ليس بمعشوقٍ ولا بعاشق | |
وليس إن فارقني بنافق |
فأنت الـداء لـيس لـه دواء | وأنت الفقر ليس له انجبـار | |
ولو مصت النضار تمج مسكاً | لخبث المسك بعدك والنضار |
يا جمل لو كنت عند الله مسلمة | لما ابتليت بشيخٍ مثـل إدريس | |
لما ابتليت بشيخٍ لا حـراك بـه | أبقى لك الدهر منه شر ملبوس | |
يلقاك منه الذي تهـوين رؤيتـه | عند اللقاء بأدبار وتـنـكـيس | |
أمسى وأصبح مما لا يبوح بـه | مما تحبين رأساً في المفالـيس |
إني ندمت على ما كان من عجبي | واقصر الدهر عني أي اقصـار | |
فليتني يوم قالوا أنـت زوجـتـه | أصابني ذو نيوب سمه ضـاري | |
يا رب إن كان في الجنات مدخله | فاجعل أميمة رب الناس في النار |
قلن جميعاً في فنون عيبه | وغيبه لا مأثم في غيبه |
اقمر عيني بـبـياض شـيبة | وشف جسمي طول شم جيبه |
اللؤم والخيبة حشـو ثـوبـه | فبي فحل الموت صبحاً أو به |
يا ليت ما ينالني من سيبه | تطليقه تخرج من قلبيه |
ووالله ما أرضى الذي قد رضيتـه | لنفسي فكفى لأسقيت من القطـر | |
فإني امرؤٌ أعطـيت ربـي الـية | أرى زانياً ما لاح لي وضح الفجر |
لحا الله قوماً أنت فيهم فأنهـم | لئام مساعيهم سراع إلى الغدر | |
فلو كنت حراً يا لعين وقلت لي | جميلاً ضعفت عن الشـكـر |
"وقال المدائني" قال الحجاج لابنة عبد الله أن أمير المؤمنين عبد الملك كتب إليّ بطلاقك فقالت هو والله أبر بي ممن زوجنيك "حدثنا" عبد الله بن شبيب قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني أيوب بن سلمة قال تزوجت عصيمة بنت زيد النهدية رجلاً من قومها يكنى أبا السميدع واسمه سعيد بن سالم فأبغضته بغضاً شديداً فتأذته فليمت في ذلك فقالت:
يقولون لم تأخذ عصيمة مهـرهـا | كان الذي يلحى عصـيمة لاعـب | |
ولو مارسوا ما كنت فيه لأحرجـوا | ورائي ولم يطلب إلى المهر طالب | |
كأن رياحاً من سعيد بـن سـالـم | رياح طبة بالت عليها الثعـالـب | |
فإن انفلت منه فـإنـي حـبـيسة | طوال الليالي ما عاد الله راغـب |
من عذيري من بعـل سـوء | يراني وأراه بأعين البغضـاء | |
تتهادى منا الضـمـائر وحـياً | بقلى يسكن فـي الأحـشـاء | |
غاض مكنون ما عليه احتوينا | في قلوب إلى الفراق ظمـاء | |
نتنـائى حـديث أثـر وعـين | بادداً أنسـه عـن الأهـواء | |
فكلانا على أسى البغض مبـدٍ | كاذب الود من لـسـان رياء | |
رجل لو تخبر اللـؤم لـؤمـاً | كان أو زائداً ولـي الـلـواء | |
مليء عين من الفواحش كاسي | الوجه من سوءة سليب حـياء | |
يا لقومي داء عـياء فـأنـى | لي بـحـمـل داء عــياء |
ليت لي حية ببعلـي صـمـاء | وأحبب بالحـية الـصـمـاء | |
إن بدت كان دونها لي حجـاب | من حفيف الغراق أو من رقاء | |
أين ابن الـحـمـام أين لـقـد | أحرزه منه اليوم واقي القضاء |
بدلت بشراً بلاء أو مـعـاقـبة | من فارس كان قدماً غير غوار | |
فليتني قبل بشرٍ كان ضاجعنـي | داعٍ إلى الله أو داعٍ إلى النـار |
يا رب رب البيت والحجاج | رزقت ميثاء من الأزواج | |
هجاجة من أحمق الهجاج | عفنججاً يضل في العجاج | |
لا يعرف الديك من الدجاج | أجرأ من ليثٍ بلـيلٍ داج | |
عند المناجاة وعند الحاج |
من ذا الذي يمنع مني أقلقـي | وإني لم أعجز ولم أطـلـق | |
أحمل أيراً مثل أير الابـلـق | ضخم الدينى عظيم المفـرق | |
يصك قرطاس العجان الابرق | يترك ملساء الأديم الأخلـق | |
واهية الخرق رحيب المفتق |
إن هشاماً كـاذب لـم يصـدق | زل هشاماً عمن مزل مزلـق | |
وضرطته طامح لم تـعـشـق | ضرح الشموس عن فلو مرهق | |
يا بن هشام ذي الفروع السمـق | والحسب المحض الذي لم يمذق | |
إن الخبيث كاذب لـم يصـدق |
شهدت وبيت الله أنك طيب الثنايا | وأن الخصر منـك لـطـيف | |
وأنك مشبوح الذراعين خلـجـم | وإنك إذا تخلو بهـن عـنـيف | |
وإنك نعم الكمع في كل حـالة | وانك في رمق النساء عفـيف | |
نمتك إلى العليا عرانين عامـر | وأعمامك الغر الكرام ثـقـيف | |
أناسٌ إذا ما الكلب أنكر أهـلـه | فعندهم حصنٌ أشـم مـنـيف | |
لمن جاءهم يخشى الزمان وريبه | رحيق وزاد لا يصـان وريف | |
فبيت بني غيلان في رأس يافع | وبيت ثقيف فوق ذاك مـنـيف |
غدرت بنا بعد التصافي وخنتنا | وشرمصاً في خلة من يخونها | |
وبحت بسرٍ كنت أنت أمينـه | ولا يحفظ الأسرار إلا أمينها |
ألا ليت زوجي من أناس ذوي غنى | حديث الشباب طيب الروح والعطر | |
طبيب بـأدواء الـنـسـاء كـأنـه | خليفة جانٍ لا ينام علـى هـجـر |
فقلن لها أنت تحبين رجلاً من قومك فقالت الثالثة:
ألا ليته يمـلأ الـجـفـان نـديه | لنا خفنة تشقي بها الناب والحـزر | |
به حكمات الشيب من غير كبـرة | تشين فلا الفاني ولا الضرع الغمر |
"قال" وأنشدني مروان بن أبي حفصة لامرأة من آل أبي حفصة كانت أمة لهم تهجو زوجها:
وما ظربان لبد الفطر متنـه | متى يشأ يلمم بصب فيصطد | |
بأنتن من ريح الهجين وازع | إذا ما غد في مدرع متبـدد | |
له قدمان تحثوان على أسته | إذا أحسن الفتيان مشى التأدد |
يا عمرو لو كنت فتى كريماً | أو كنت ممن يمنع الحريما | |
أو كان رمح استك مستقيماً | نكت به جارية هضـيمـا | |
ناك أخوها أختك الغلـيمـا | بذي خطوطٍ يغلق المشيمـا | |
إذا أحفت نومهـا الأريمـا | واحتدرت من ظهره العتيما | |
سمعت من أصواتها نئيماً |
وتجهزي للطلاقِ وارتحلـي | ذاك دواءٌ للرامح الشمـس | |
لليلةٍ حين بـنـت طـالـقة | ألذ عندي من ليلة العـرس | |
بت لديها بـشـر مـنـزلةٍ | لا أنا في نعمةٍ ولا فرسـي | |
هذا على الخسف لا قضيم له | وبت ما إن يسوغ لي نفسي |
حلفت فلم أكـذب والا فـكـل مـا | ملكت لبيت اللـه أهـديه حـافـية | |
لو أن المنايا أعرضت لاقتحمتـهـا | مخـافة فـيه أن فـيه لـداهــية | |
وكيف اصطباري يا قتادة بـعـدمـا | شممت العدى من فيك أدمى سماخيه | |
فما جيفة الخنزير عند ابن مـغـرب | قتـادة إلا ريح مـسـكٍ وغـالـية |
الأهل أراها مرة وضـجـيعـهـا | أشم كنصل السيف غير مـهـنـد | |
لصوق بأكباد الـنـسـاء وأصـلـه | إذا ما انتمى من أهل سرى ومحتدي |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق