الجمعة، 10 مايو 2013

امرأة على حافّة بئر



سمع رجل حكاياتٍ كثيرة عن كيد النساء، فخطر بباله أن يقوم ويتحقّق بنفسه من هذه الحكايات التي تدور حول كيد النساء. وكيد النساء لا تنكره حضارة من الحضارات، والحكايات حول هذا الكيد يمكن أن يجدها المرء في أرقى الحضارات وأدناها على السواء، فالإجماع، هنا، مثير للريبة، ولا شكّ في أنّ هذه المسألة تستحقّ دراسة اجتماعيّة ونفسيّة لمعرفة الأسباب الكامنة خلف توليد هذا النمط من الحكايات، والنظر إليها من خلال ثنائيّة الذكورة والأنوثة. البعض يقول إنّ الكيد هو بمثابة عضلات المرأة المجازيّة، هو بديل عن عضلات مفتولة يفتقدها جسد المرأة. وهو بديل يظهر ببراعة فائقة هشاشة عضلات الرجال.

 في أيّ حال، أعود إلى حكاية الرجل الباحث عن تجلّيات كيد النساء، التقى وهو في طريق البحث بامرأة عجوز جالسة على حافّة بئر فجلس معها وشرب من البئر وبدأ يحادثها، ثمّ سألها أن تعرّف له ماهيّة كيد النساء. وما ان انهى الرجل كلامه حتى قامت المرأة العجوز ووقفت عند البئر وبدأت تبكي بصوت مرتفع وتصرخ حتى يسمعها أبناؤها فيأتون ليقتلوا الرجل ظنّاً منهم أنه يريد دفعها في البئر. لم يستوعب الرجل سلوك المرأة العجوز، وظنّ أنّ التباساً وقع بينهما، وأنّها ظنّت أنّه ينوي رميها في البئر، فما كان منه إلاّ أن قام بتهدئة روعها وخاطرها، وافهامها انه لا يريد بها شرّاَ. فكفّت عن الصراخ، ولكنّه فوجىء بها وهي تمسك دلو الماء وتسكبه على رأسها وثيابها، فتعجّب الرجل وظنّ أنّه أمام امرأة مخبولة فقال لها: ما بك؟ لماذا فعلت هذا بنفسك؟ وما كاد ينهي كلامه حتى كان ابناء العجوز على مقربة منه فخشي على نفسه من أن يظنّ الأبناء به الظنون، ولكنّه انصت بذهول إلى كلام العجوز مخاطبة أبناءها قائلة: هذا الرجل أنقذني عندما سقطت في البئر،  فقاموا يشكرونه وفرحوا به كثيراً لأنّه انقذ والدتهم العجوز من الغرق في البئر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق