Pages

الأربعاء، 28 مارس 2018

رمز叶 ودلالاته ، الشاي، أتاي،



هذا الرمز الصيني صار جزءا من كلمة عربية كثيرة الدوران على الشفاه العربية.
وهو 叶، وقد يستغرب البعض ، ويذهب في مخيلته للتفتيش عنه في متن الكلمات العربية، وقد يسهل البحث في حال ذهبنا الى عالم الشراب، والشراب الصيني الأوّل بالتحديد، قصدت كلمة الشاي.
من طريف الكلمات قدرتها على الاتصال والانفصال حين تغير موقعها على الأطلس اللغوي العالمي.
كلمة شاي العربية هي كلمة واحدة، وان كانت طبيعة الكتابة العربية تفصل هنا بين الشا وال ي.
لحرف الياء هنا استقلالية ناجزة ، فعلاقة حرف الألف والياء علاقة فيها نقسيم أدوار عادل في بعض المطارح، يكفي أن ترى بأم عينك بين كلمتين من كلمات اللغة العربية، وهما: يا و أي.
حين تتقدم الياء على الألف تضحّي ببعض جسدها، بخلاف ما لو وجدت بعد الألف حيث تحافظ الياء على جسدها غير منقوص منه ولا شعرة واحدة.
قلت هذا لأصل الى القول ان كلمة شاي هي رمزان صينيان 茶+叶: تشا+ ي بينما في العربية صارا كالزواج الكنسي جسدا واحدا !
والترجمة الحرفية للرمزين الصينيين هي : ورقة شاي، أو ورق الشاي.
توارت كلمة ورقة عن الأنظار عبر تحولها الى جزء نهائي لكلمة الشاي العربية.
وكلامي عن الياء في الشاي يمكن أن يقال بكيفية أخرى عن حرف الشين، فحرف الشين في الشاي يتحول الى تاء في اللهجة المغربية، ويحافظ على كيانه الصوتي عبر اسقاط المفعول الشمسي لحرف التاء، فيكتب " اتاي" وليس " التاي"، والتاء المغربية التي هي شين شرقية وصلت اليهم عن طريق اللغة الغربية التي راجت عندها التاء بدلا مو الشين كما في الفرنسية thé.
ما أردت قوله ان اسم الشاي تغير عبر الأنظمة اللغوية للغات التي احتضنت مفعوله السحري، من جهة، ومن جهة أخرى، أحببت تسليط الضوء على رخاوة حروف اللغات، وعدم ثباتها على شكل واحد صارم.
فكل صوت لغوي في حال تتبعنا مسيره عبر اللغات لوجدنا ان ه عبارة عن مجموعة من الأصوات، كما حرف الهاء العربي الذي قررت اللغة الصينية ان تعامله كما لو كان شينا، فاسم ابراهيم مثلا يصير يي بو لا شين.
طارت الهاء وغطّت مكانها الشين، والشين جوكر لغوي بامتيار، فهو طورا جيم، أو سين، أو تاء.
كل حرف لغويّ قطعة عجين طريّة!

قد تكون قيمة الشيء بنت الخطأ لا الصواب.


قد تكون قيمة الشيء بنت الخطأ لا الصواب.
ومثالا على ذلك برج بيزا " المائل"!
" ميله" مصدر رزق إيطالي لا يستهان به!
اخترع خطأ جذّابا ، وأحسن تسويقة يصر قبلة صور " السيلفي".

الثلاثاء، 27 مارس 2018

الحواسّ في الدراسات السرديّة




الحواسّ في الدراسات السرديّة

ما لم يُدرس أكثر بكثير ممّا درس، ولكن على المرء أن يخرج من الدروب المطروقة والتسكّع في دروب مهملة لا يعيرها الناس كثير اهتمام، أو طرق " قادوميّة" في الدراسة.لا يمكن للمرء أن يذهب إلى دروب غير مطروقة إلاّ من طرق مطروقة. وليس هناك أشدّ متعة من أن يكون ما هو مألوف طريق المرء إلى ما هو غير مألوف. مثلاً يمكنك أن تدخل إلى وجه من وجوه السرد في رواية، أو تعمد إلى دراسة تشكيل المعنى  في الأدب المنثور او المنظوم من خلال الكيفية التي يتعامل بها الكاتب مع عالم الحواس.
ما هو الدور الذي تؤديه حاسة اللمس مثلا، أو حاسّة الشمّ في مفاصل هذه الرواية أو هذه القصيدة؟ كيف توظّف الحواس في رسم ملامح المعنى؟
أحياناً نذهب الى المضمون فننسى الطريق التي أخذتنا إلى المضمون في حين أن الطريق هي جزء من المضمون، تماماً كما أن الطريق إلى الرحلة هي جزء من الرحلة، وهذا ما يحدث كثيرا في القراءة، أي انني حين آخذ المضمون وحده بعين الاعتبار تسقط منّي أشياء كثيرة، فحين يقول مثلا ابو نوّاس " الصهباء" وتصل الى أذني أو عيني أو أنفي! " الخمرة" فهذا يعني أنها لم تصل تماما، أو هذا، في الأقلّ، احتمال وارد. تطير الصاد والهاء والباء والألف والهمزة، وهي حروف اختارها الشاعر ولم يختر غيرها، ولم يقلها اعتباطا. انه اختارها، والاختيار معنى. وكثيرون يقعون ضحايا عبارة " الضرورة الشعرية"، وهي عبارة تعمي الأبصار، فيكفّ القارىء أو الناقد عن مساءلة هذه الضرورة، ولا يحاول القارىء أن يتساءل لماذا اختار الشاعر هذه الضرورة، وهي عمليا، ليست ضرورة، إذ لا احد " يفرض " عليه أن يختار الضرورة إلاّ تصوّراته ومراداته.
قلت : ينسى الطريق، والطريق "أسلوب" الرجل. الاختيار اللغوي للشاعر تحديدا هو من لبّ الشعريّة!
يمتعني وأنا أقرأ رواية أو قصيدة البحث عن الأبواب التي يمكن الدخول منها الى عالم الرواية أو القصيدة، وهي أبواب بعضها يشبه الأبواب السرية. والحواس أبواب الى المعنى المتواري. فهناك شخصية شمية وأخرى ترجّح حاسة النظر وثالثة ذوقية ورابعة لمسيّة وخامسة تنشّط حاسة السمع لديك.
لقد اصطاد الروائي الفرنسي مارسك بروست ذكرياته وزمنه المفقود عبر رمي حاسّة الشمّ في أوقيانوس الذاكرة! وعليه، هل يمكن لنا أن نقرأ بروست ونحن في حالة زكام أو دون أن ندسّ أنفنا في ما كتب؟

سفينة أبي العتاهية

ترجو النجاةَ ولم تسلكْ مسالكها
إنَّ السفينة لا تجري على اليَبَسِ

كلامي هنا سيكون فقط على الشطر الثاني من البيت المنسوب لأبي العتاهية . "السفينة لا تجري على اليَبَس" تعبير واقعي، فلم يسبق لأحد منّا أن رأى باخرة تمخرعباب شيء آخر. التعبير منطقيّ، لا تنكره العين، بل لا يخطر ببال العين أن ترى ما يخالفه. وبقي هكذا حال هذا القول إلى أن جاء محمّد الفاتح ونقض قول أبي العتاهية. وقصة سقوط القسطنطينية على يد السلطان العثمانيّ لا يمكنها أن تغيّب دور السفن . كانت الدفاعات البحرية تمنع سفن السلطان العثماني من القيام بدورها البحريّ. خطرت ببال محمد الفاتح خطّة جهنّمية وهي أن تغيّر السفن طبيعتها فبدلا من أن تمخر عباب البحر وجدها صالحة لأن تمخر عباب الجبال، أي أنّه تخيّل الجبال شكلا من أشكال البحر، نظرته الاستراتيجية غيّرت طبيعة البحر وطبيعة الجبل فقرّر ان يمشّي سفنه البحرية في الجبال، السفينة تجري - بخلاف ما قاله أبو العتاهية - على اليبس، فغيّر محمد الفاتح بسلوكه  مصير القسطنطينيّة ومجرى التاريخ! ونزل على أعدائه من مكان لا يخطر ببال. وما لا يخطر ببال غيرك سلاح فتّاك بين يديك!
تعبير أبي العتاهية يدعو الى الاستسلام للواقع. الرضوخ للواقع مدعاة للخمول، قرّر محمد الفاتح نسف القول بالبرهان، والتمرّد على ما نعتبره تحصيل حاصل،  فخلق واقعا جديدا.
السفينة تمشي على اليابسة، وتتسلّق الجبال من وجهة نظر محمد الفاتح !

في التضمين
" التضمين" مصطلح بلاغيّ وهو شكل من أشكال التناصّ، أي إدخال نصّ في نصّ آخر، والتضمين قد يكون كلمة وقد يكون جملة أو أكثر.
وسأعطي مثالاً :
جبل التوباد حيّاك الحيا
وسقى الله صبانا ورعى
هذا البيت من مسرحية " مجنون ليلى" التي وضعها أحمد شوقي. أخذ الشاعر المصري الراحل أمل دنقل هذا البيت وجعله على الوجه التالي:
جبل التوباد حياك الحيا
وسقى الله ثرانا الأجنبي.
لو لم ينوجد بيت شوقي لما وجد بيت دنقل. ولكن نلحظ ان التضمين لم يكن، هنا، تضمينا تاما. "الثرى الأجنبي" أعطى بعدا جديدا للبيت وجارحا، ليصف تغير الأحوال وواقع الاحتلال  الأجنبي للثرى العربيّ.
وكان أمل دنقل ماهراً في استخدام هذه الحلية البلاغية بقصد تبليغ رسالته الهجائية للواقع العربي. والتضمين قد يكون كاملا أحياناً، ولكن حتى الكامل بمجرد وضعه في سياق جديد يكتسي دلالة جديدة هي بنت علاقاته المستجدة مع بيئته المستحدثة.

في المترادفات
المترادافات لها عدّة وظائف في الاستعمال اللغوي. المترادفات هي مترادفات أحيانا بالمعنى لا بالاستعمال، فكلمتان مترادفتان لا يعني بالضرورة أنّه يمكن استبدال واحدة بواحدة دون أن يتغيّر المعنى المتعدد: اجتماعي، نفسي، عاطفي، فكري، عقائدي... هناك مترادفات يفصل بينها العمر: فكلمة أبي تعني بابا وتعني پاپّي. فبابا هي پاپي، ولكن بابا ليست پاپّي، تخيّل رجلا، بالغا، جدّيّاً، عاقلا، يرى والده فيقول له : أهلاً پاپي! سيتحوّل القول هنا إلى مقطع كوميدي جارح!
أردت هنا ان اشير الى الحدود العمرية التي تبيح أو تمنع المترادفات. الزمن نقطة مهمة في فهم استخدام المترادفات سواء كانت المترادفات من جذر واحد أو من جذور مختلفة. هذا الاختلاف في دلالات المترادفات يعطي القائل أو الكاتب مروحة من الأساليب ومن الخيارات.
الاستخدام اللغوي للمترادفات لعبة يجيدها كلّ الناس في درجات متفاوتة فهي أي المترادفات ضرورة حياتية وضرورة لغوية إذ من المتعذّر أن تجد لغة لا تتعاطى مع المترادفات . وهي - أي المترادفات - تدخل في حيّز الاستخدام الهزلي والجدّي، أي أنّه يمكن للممثّل الهزليّ أن يستثمرها لتوليد قهقهة في شفاه السامعين!

بلال عبد الهادي

#الكنّة و #الحماة و #ألاعيب_المعنى


#الكنّة و #الحماة و #ألاعيب_المعنى

ما الذي يعطي الأشياء دلالتها؟ وما الذي يعطي الكلمات دلالاتها؟

أظنّ أنّ معنى الكلمات لا ينتج من تفاعل الكلمات فيما بينها، بل من الغايات والمقاصد والأهداف.

الهدف يغيّر معنى الشيء، أو معنى الكلمة. وحين يعيب عني الهدف يغيب عنّي المعنى، والمعنى الفعليّ لا شأن له أحيانا بالمعنى المعجميّ.

قد يذهب القول في طريق ويسلك المعنى طريقا آخر، فقد يقال القول لأذن لا تريدها أن تسمع إلى أذن لا تسمع وهي لا تسمع ولكنك تريدها أن تسمع.

ففي بلادنا تعبير عن علاقة #الكنة_والحماة، وهي في أغلب الأمثال والأقوال والسرديات علاقة متشنجة فيها الكثير من الكنايات. ومن الطريف ذلك الشبه اللغوي بين الكنّة والكناية!
القول الكنائيّ بطبعه حذر، يحسب خطّ الرجعة، الكناية بهلوان يحسن اللعب على الحبال، ومتمرّس في ألاعيب الخفّة، وألاعيب الاختفاء.
من التعابير التي تلعب على الحبلين، كلام خارج من فم شفتي الحماة! وهو " عم حكّيكي ياجارة تتسمعي يا كنّة".

الحكي لا يهدف الى الوصول إلى أذن الجارة، الجارة مطيّة لا أكثر. يذكرني هذا المثل بقول لابن أبي ربيعة حين ينقل عن لسان فتاة خبيرة في التمويه، واللعب بجهات النظر.

إذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا

كَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ

وهنا كما في المثل، يذهب النظر إلى حيث لا يرغب أن يذهب، فيحسب الناظر أن الحقيقة فيما يراه بينما الحقيقة تكمن فيما لا يراه

لا شيء تنتهي مدّة صلاحيته!


عبارة " تنتهي مدة صلاحيته" ذات معنى مجازيّ، مرتبط بوجهة نظر واحدة، والإنسان لا ينتبه إلى أنّه يستفيد كثيرا من انتهاء مدّة صلاحية الأشياء عبر مفهوم آخر هو التدوير.
أعتقد أنّ كلمة التدوير موفقة جدا.
فهي من رحم الدائرة، والدائرة هي رمز الحركة بامتياز.
كم عدد الذين يعيشون بفضل أشياء انتهت مدّة صلاحيتها؟
للمرء قدرة على تزويد الأشياء بوظائف جديدة، مبتكرة، تنقذها من الموت أو من انتهاء الصلاحية!
وللمرء أيضا قدرة عجائبيّة في منح ما لا قيمة له قيمة لا تقدّر بثمن!
عظمة من عظام إنسان ميّت منذ زمن سحيق، تنتظر من يكتشف قيمتها.
كنت أقرأ ذات يوم في كتاب عن الطعام وأبعاده الأنتروبولوجية وفنون الطهي، استوقفني فصل عن أرشفة الجوع، وكيف يمكن الاستفادة من عظام الموتى لمعرفة أسباب المجاعات.
كان الكاتب يروي قصّة عظمة كما لو كان يروي فقرة من كتاب. وقال إنّ العظام تتضمّن معلومات عن المآكل التي كانت سائدة في ذلك الوقت .
حتّى الميت لا تنتهي مدّة صلاحيته! ولكن لمآرب أخرى.
ما عدد الموتى الذين لم تنتهِ بعد مدّة صلاحيتهم؟
هل انتهت مدّة صلاحية #قايين مثلا؟
ألا يزال أستاذا يلقي محاضراته في مشرق الأرض ومغربها

واو العطف الصينية #和



الكلمة الواحدة في الصين لها حضور في عدّة ميادين لغوية.
فالكلمة الواحدة دون أي تغيير فيها قد تكون فعلا وقد تعيش حياة الأسماء وقد يتم التعامل معها على اساس انها من الحروف.
ليونة شديدة في طبيعة الرمز الواحد، أو الكلمة الواحدة.
ومن الطريف أن تتبّع الدلالات التي تحملها الكلمة الواحدة في أحوالها المتعددة.
وما لفت نظري ان واو العطف أو ما يعادل واو العطف في العربية هو كلمة 和 التي تعني أو تستعمل في سياقات أخرى بمعنى الوئام أو الانسجام.
وكلمة الانسجام #和谐 كلمة من صميم الفكر الصينيّ ، الطبيعي، وهو فكر يتعامل مع الكون من هذا المنظور. منظور الانسجام بين عناصر الكون كلّها، وبين أفراد المجتمع الواحد او الأسرة الواحدة. 

#构建和谐社会



لعلّ هذه الكلمة هي سرّ من الأسرار الصينية، وتتجلّى هذه الكلمة في أمور كثيرة، حتى في اسم العلم.

فالصينيّ لا يتشبّث كثيرا باسمه، ولا يشعر انه تخلى عن ذاته حين يقتبس اسما اجنبيا لنفسه أو لبسه العار. اسمه الصغير يشبه اللباس لا الجلد، فهو حين يعيش في بلد عربي مثلا تجده يختار لنفسه اسما عربيا، واذا عاش في فرنسا يختار لنفسه اسما فرنسيا. الصيني حين يتبنّى اسما عربيا في بلد عربي يمنحك شعورا بالأمان. اسمه هنا يحكي، يمدّ بينه وبينك جسرا وطيدا، يشعرك بالألفة معه، وهو بهذه الطريقة يقيم نوعا من التناغم بينه وبين المكان الذي هو فيه. الاسم هنا مكان حميم، يغريك بودّ اسميّ مبارك.
التناغم او الانسجام بين الاسم العربي المكتسب والمكان العربيّ يفتح أمامه المجال ليعيش بألفة مع اهل المكان الجديد. 
وهذه الطريقة في التسمية لم اسمع بها في غير بلد، وقد تكون موجودة. 
تخيّل شخصا عربيا اسمه في بلده مصطفى وفي فرنسا فرانسوا، سوف نصحك عليه، نعتبره قليل أصل وعديم الوفاء، وتنقصه الروح الوطنية، والسبب ان مفهوم " التناغم" لا يعتبر جزءا جوهريا من طريقتنا في التفكير، ونعتبر تغيير الاسم انسلاخا وعقوقا!
أعرف مستعربا صينيا اسمه يو يونغ في الصين، وفيصل في علاقته مع زملاء له عرب.
فالصين تحب بناء مجتمع متناغم
#构建和谐社会

لا تخلو طريقة كتابة الرموز من طرافة.



لا  تخلو طريقة كتابة الرموز من طرافة.
تدفعك دفعا أحيانا إلى أن تفكّر بما لم يكن ببالك أن تفكّر فيه، وتتدبّر دلالاته ووجوه الشبه الغائرة بين الأشياء.
كما حال الرمز الذي يعني الزواج 婚。 فهذا الرمز يكشف لك من خلال الصوت والصورة، علاقة ما بين 婚 و 昏。
الشبه الشكليّ بين، والشبه الصوتي بيّن!
ولكن هل يكتفي الشكل بدلالة الشكل؟
أليس الشكل مضمونا في أحيان كثيرة يغيّر من مجرى المضمون ويرفده بدلالات جدد

#اللون_الأحمر



كنت أقرأ في كتاب عن الألوان، والعلاج بالألوان. لا أحد فيما أتصوّر ينجو من سلطان الألوان.
ويلفت نظري سؤال يطرحه صحافيّون في مقابلاتهم عن اللون المفضّل عند فلان أو علاّن.
يعتبر البعض ان الحضارات تتمايز بين بعضها البعض بالألوان، فكل حضارة تبني لظروف عديدة علاقة مميّزة مع هذا اللون أو ذاك.
فالإسلام مثلا له علاقة مميّزة مع اللون الأخضر،
هنا سأحكي عن نقطة واحدة وبسيطة هي القلم الأحمر، صار اللون الأحمر في المدرسة وعلى كراريس الطلاب امتدادا مجازيا لعصا الأستاذ القديمة التي كان يعاقب بها الطلاب المقصرّين أو المشاغبين.
انتبهت مديرة مدرسة على الدور السلبي الذي يلعبه القلم الأحمر الذي يجرّح في أوراق الطلاب، فاقترحت طرده من المدرسة، كانت النتيجة صادمة " #صدمة_ إيجابية" ولكن ليس على غرار صدمة سعد الحريري الإيجابية !
لقد قلّت أخطاء الطلاّب بعد مغادرة اللون الأحمر لصفحاتهم.
اللون الأحمر لون يربكهم، يشوّش تفكيرهم، يشلّ بعض قدراتهم، فعل فعل مراقب فظّ في الامتحانات لا يضحك حتّى لرغيف الخبز الساخن والطالع بكامل أبّهته للتوّ من بيت النار!

城乡简史 تاريخ مختصر للمدينة والريف

تاريخ مختصر للمدينة والريف
城乡简史
عنوان قصّة قصيرة بقلم الكاتب الصيني فان شياو تشينغ #范小青
نواة القصة دفتر يوميات ضائع، وهو دفتر يوميات، عادي، بسيط، يكتب فيه الكاتب مشترياته ونفقاته مع بعض التعليقات البسيطة، النثرية جدا.
ولكن بطل القصة متعلّق بدفاتر يومياته التي تتراكم عنده، فراح يبحث عنه، وكان الدفتر قد وقع في يد طالب صغير، راح يقرأ لوالده محتوياته، ووالده شبه أمّي. كانت تعترض بعض المفردات طريق فهم الابن والأب ويستغربان معا أسعار بعض الأشياء.
الكاتب يظهر عبر الأسعار تطورات المجتمع وتحولاته بعد عصر الإصلاح والانفتاح الذي رسم معالمه الرئيس الراحل دينغ شياو بينغ.
حتى الأشياء البسيطة جدا جدا كدفتر اليوميات الساذج يمكن أن تكون نواة انطلاقة سردية جذّابة، ومشوّقة

كيمياء اللغة



شيء من الكيمياء تعيشه اللغات.
ولعلّ المجاز والاستعارات والكنايات ضرب من الكيمياء.
كان العالم اللغوي القدير عبد القاهر #الجرجاني قد اطلق على نوع من المعنى عبارة #معنى_المعنى وكان يقصد به الكناية، فالمعنى معنيان بل معان.
هناك تعابير كثيرة معناها الحرفي يبلبل الذهن ويبلبل السياق.
فلنأخذ طالبا تقع أمامه عبارة #زنود_الست، ولم يكن قد سبق له أن ذاق زنود الستّ أو سمع به، فقد يظن أن الزنود زنود والستّ ستّ.
وقد يظن القارىء إنّ كان السياق جملة واحدة" فلان يحبّ أكل زنود الستّ " ان هذا الشخص من أكلة اللحوم البشرية.
لا تخلو لغة من هذه التراكيب، ولكن نسبة هذه التراكيب في اللغة الصينية عالية النسبة.
الفستق السوداني مثلا هو 🥜 花生 ويمكن ترجمتها ب زهرة الحياة!
وشرق غرب

حكاية من كتاب صيني

في الصورة فتى يقرأ .
وثمّة شيء يشبه المصباح يتدلّى من سقف الغرفة.
القارىء اسمه تشه ين #车胤 。
لم تكن قدراته تسمح له بشراء زيت للسراج، وكان يحب أن يقرأ.
الليل عدوّ بعض القراء.
كان يأتي الليل، فيلتهم حروف الكتب.
الحروف تحبّ الضوء، والضوء في الليل في قديم الزمان لم يكن متوفرا للجميع،
كان بعض الأهل لا يملك ثمن زيت السراج. وعائلة تشه ين ما كان بمقدورها ان تملك الضوء الليلي.
وكان عليه في النهار أن يعمل لمساعدة أهله.
ذات يوم لفت نظره ان بعض الحشرات جسدها ضوئيّ (#ضوء_الليل).
خطرت بباله فكرة وهي اصطياد هذه الحشرات الضوئية وجمعها في كيس شفّاف لتكون سراجا وإن خافتا يسمح له بالقراءة.
وهكذا راح يقرأ على ضوء تلك الحشرات التي تبث ضوءا باهتا يكفي لاصطياد الكلمات من الصفحات.
هذا الطفل صار حين كبر احد رجالات الفكر في #الصين، وصار رمزا من رموز المثابرة وتحقيق الأهداف ولو بضوء مستعار من جسد حشرة هشة.
عاش تشه ين في القرن الرابع الميلادي، ولا تزال قريته تكرمه اليوم عبر تسمية احدى مدارسها باسمه.
الأقدار عجينة في يد الإصرار!
الحكاية موجودة في كتاب صيني يدرس للأطفال ، وهو يشبه ديوان شعري يشبه بلطافته تلك القصائد التي كتبها احمد شوقي على لسان الحيوانات للأطفال، مع فوارق في الغايات!
ويسمى الكتاب بكتاب الرموز الثلاثة، لأنّ كل جملة مؤلفة من ثلاثة رموز موجزة تضمر حكاية أو عظة.
والحكاية أعلاه مضمرة في رباعية ثلاثية الرموز:
如囊萤
如映雪
家虽贫
学不辍
والابيات الأربعة تحكي قصة شخص آخر كان يقرأ على ضوء الثلج في الليل، الضوء الذي تستعيره الثلوج من ضوء القمر.
المقطعان الشعريان الاخيران يقولان ما معناه:
الفقر ليس عائقا أمام طلب العلم!
كثيرون يبررون كسلهم وتوانيهم بالفقر.
الفقر ليس حجة لتبرير الجهل، هذا ما تقوله الحكاية لأطفال الصين.

كتاب 三字经 ( الرموز الثلاثة)

كتاب 三字经 ( الرموز الثلاثة) مكتنز بالحكايات التي تدفع إلى العلم والمعرفة عبر قصص كثيرة تحمّس، وتحفّز، وتبثّ الرغاب النبيلة في نفوس الأطفال.
ولا يزال هذا الكتاب رفيقا حميما للطلاب عبر قصصه .
في الكتاب حكاية حطّاب، #朱买臣 عاش يتيما، وكان يكتسب لقمة عيشه عبر التحطيب.
ولكن لم تكن تفارقه الأوراق.
الكتاب شجرته التي يحتطب منها شيئا آخر.
كان حين يتعب من التحطيب، يقعد ليرتاح ، ولكنها راحة خاصّة به، كان يفتح كتابا من كلاسيكيات الكتب ويقرأ، كانت فترات الراحة فترة تمتين عضلاته الفكرية.
وبعد ان ينتهي من التحطيب ، يضع الحطب على كتفه، ولكن حتى طريق العودة لم تكن فقط طريق العودة ، وإنما كانت فرصة لمراجعة ما قرأه خلال فترة الراحة، وتحليل المعاني التي تزوّد بها للتوّ.
كان وهو عائد الى القرية لبيع الحطب لا يشعر بالعبء الذي على ظهره شغله تحليل ما قرأ عن التفكير بالأعباء المحمولة.
إسع يا عبدي كي أسعى معك يقول مأثور عربيّ، ويبدو انه ايضا مأثور صيني.
صار الى جانب عمله كحطاب يكتب مقالات ويبعث بها الى العاصمة لنشرها، تلقاها القراء بترحاب وإعجاب، ووصلت آثار مقالاته إلى الامبراطور فعينه في منصب رسميّ .

#禅让 شان جانغ


مصطلح صيني قديم وكان يعني توريث الأكفأ حتّى ولم لم يكن يرتبط بنسب مع الحاكم.
وتروي الحكايات الصينية عدة قصص عن توريث غير الابن أو الأخ أو الأخت أو الزوجة أو ( الصهر) مقاليد السلطة!
والطريف ان رمز 禅 له لفظان ودلالتان.
الأولى شان وتعني تنازل، والثانية تْشْهان وتعني تأمّل بالمفهوم البوذي وهو الرمز الذي ازدهر بلفظه الياباني في #بوذية_الزن #zen وزن تكتب باليابانية كما في الصينية بطريقة واحدة.
في أي حال، ألا يفر ض التأمّل الحقيقي الى التنازل لمن هو أكفأ في الحكم بغضّ النظر عن القرابة.
يبدو ان البوذية #禅 هي علاجنا من مرض التوريث الرثيث الناهش في لحم الوطن

#الفانغ_شوي #fengshui #风水


#الفانغ_شوي #fengshui #风水 لم تدخل إلى عاداتنا بعد. ولكنّها ستدخل ليس بفضل الصين، وإنّما بفضل الغرب.
فلا نزال مفتونين بالغرب فتنة ساحقة ماحقة ولا نستورد إلا ما يجعلنا أكثر غربية وغرابة. 
والغرب بدأ يدرك أهمية الفانغ شوي.
ومن يسألني عن الفانغ شوي ما عليه الا الاستعانة بالعم غوغل وهو لن يبخل بالإجابة الدسمة.
وفي الفانغ شوي يمكن لنا أن نرى نمط التفكير الصيني في العلاقة مع الأشياء ومع الذات ومع الطبيعة!
والفانغ شوي ليس حكرا على الصين بل هو انتشر كالثقافة الصينية في عدد من بلدان الشرق الأقصى بما فيها اليابان.

عن لغة ادوارد سعيد



"لم أكن أشعر أنّني مرتاح تماما في أيّ منهما على الرغم من أنّي أحلم بكليهما".
هذه العبارة من كتاب المفكّر الفلسطيني #إدوارد_سعيد ( #خارج_المكان) ، وردت في سياق كلامه على علاقته بلغته العربية ولغته الإنكليزية، استوقفني فيها دخول #الحلم .
هل من علاقة بين الحلم واللغة؟
ذكرتني عبارة سعيد بسؤال كنت قد طرحته في مقابلة أجريتها مع #أمين_معلوف ونشرت في مجلة الأسبوع العربي.
كان سؤالي هو محاولة معرفة أي لغة أقرب الى معلوف، واعتقدت ان #المنام ذو قدرة على منح جواب عادل. قلت له: بأي لغة ترى مناماتك. أذكر بسمته التي رافقت جوابه: بالعربية.
كلام سعيد جعلني أشعر ان لغة الحلم هي اللغة الأم، اللغة الجوانية. وسعيد انما كان يشعر بحيرة لغوية وعدم شعور بالراحة في الإقامة بين لغتين، وهذه الحيرة تجلّت في الشاهد المنامي

عن #اللغة_الكردية


عن #اللغة_الكردية
الكلام ، هنا، عن الشكل المكتوب للغة الكردية.
والشكل المكتوب لأيّ لغة من اللغات يخضع لعوامل غير لغوية، وغير صوتية.
اللغات الحضارية تعيش في شكلين: منطوق، ومكتوب.
الشكل المكتوب شكلٌ يأتي اللغة من أبواب غير لغوية.
وما سأقوله عن الكتابة الكردية يمكن أن يقال عن كتابة لغات أخرى كالهندية مثلا.
لاحظت ان الأكراد يستعملون نمطين من الألفباء في كتابة لغتهم. يكتبونها بالحرف العربي والحرف اللاتيني.
أي أن رداء اللغة الكردية المكتوبة ممزّق على غرار الرقعة الجغرافية الكردستانية الممزقة بين أكثر من دولة أو أكثر من لغة، فالكردية هي ضحية اللغة العربية والفارسية والتركية، كل لغة من اللغات الثلاث تنهش في لحم الألفباء الكردية وشحمه

نظرية غرايس



 نظرية لغوية تقوم على فكرة التعاون، وسأستعين بكتاب ابن أبي عون لدحض أو تأكيد وجود خطاب يقوم على نقيض نظرية #غرايس. والخطاب المناهض هو ما نجده في #المُسْكِتات التي تقوم على #تسكيت المخاطِب عبر أجوبة تشبه الرمال المتحركة التي تغري المخاطِب بالسير في رمالها.
لابن أبي عون كتاب بعنوان :#الأجوبة_المسكتة وفيه كل الاستراتيجيات المسكتة مأخوذة من ألسنة العلماء والساسة والفقهاء وغيرهم.
ما يلفتني من أشكالها هو استخدام السؤال نفسه في تشكيل الجواب.
كيف يكون سؤال الخصم هو نفسه السهم الذي يصيبه في مقتل أو يبلبل حججه وأسئلته فيفرفط بين يديك مثل كعك الهواء الهشّ.

الكلمات أفكار.

كلّ كلمة فكرة تشبه حبّة قمح تولد من أحشائها سنبلة.
كنت أقرأ قصة صينية قصيرة بعنوان " سمك الشعب人民的鱼".
للكاتب سو تونغ 苏童
وهي قصة تروي التحولات الاجتماعية التي تعيشها الصين بعد عصر الانفتاح الدي افتتحه الرئيس الصيني الراحل دنغ شياو بينغ.
لن أحكي عن القصة، وإنما سأحكي عن كلمة صينية ، الكلمة ليست جديدة عليّ، فهي من أوائل الكلمات التي تمرّ في حياة الطالب الصيني، وما سأقوله عنها يمكن أن يقال عن كلمات صينية كثيرة، وهو كيف ان الكلمة فكرة، أو قل كيف ان الكلمة هي في الوقت نفسه طريقة تعامل وطريقة تفكير في الأشياء.
أغلب كلمات اللغة الصينية الحديثة تتألف من رمزين أو أكثر.
وهذا ما يميّز الصينية الحديثة عن الصينية القديمة او الكلاسيكية، الصينية القديمة كان الإيجاز عمودها الفقريّ.
والكلمة التي سأتوقف عندها اليوم هي التجارة، وكما في اي لغة من لغات العالم ، لها مترادفات متعددة.
المترادفات ضرورة براغماتية للغات، لغة بلا مترادفات أشبه بالعيش في زنزانة لا تدخلها الشمس!
شانغ يي #生意 تعني تجارة، ولكنها لا تعني تجارة فقط، وانما تعني ايضا بترجمتها الحرفية "ولادة فكرة"، اي ان التجارة فكرة، التاجر لا ينقل البضائع فقط وإنما الأفكار ايضا، وهذا ما تقوله طريق الحرير مثلا او طريق التوابل او إيلاف قريش.
يقال إن الإسلام وصل الى اندونيسيا عن طريق التجار لا عن طريق اهل الدعوة أو التبشير.
ربط التجارة بايجاد فكرة وولادة فكرة ورعاية فكرة.
هل يموت صاحب فكرة من جوع؟
لا أظنّ!
الأفكار مصدر رزق ومصدر متعة.
ولكن المشكلة هي ان البعض يرى في التفكير " وجعة راس".

حظوظ الحروف


حروف لغة ما ليست سواسية كأسنان المشط . فهناك حروف تتمتّع بحظّ وافر أكثر من غيرها. 
فحرف #الواو العربي مثلا يتمتع بميزة لا يتمتع بها حرف #الطاء.
فاللعة العربية حمّلت هذا الحرف ( على علّته) وظيفة لم تحمّلها لحروف صحيحة، فالواو حرف معلول، فهو واحد من حروف العلّة، ومع هذا فضلته على غيره من الحروف التي لا تعاني من أي مرض ، وجعلته يؤدي وظيفة العطف، ( حتى كلمة عطف لا تخلو من حنّيّة ما!).
ولكن اللغة نفسها أو ناس اللغة يرفعون حرفا إلى عليين رغم ندرة استعماله في اللغة ورغم عدم تحميله أي وظيفة دلالية كما الواو أو الفاء أو الباء أو التاء أو الياء أو السين أو الهمزة الاستفهامية أو اللام.
حرف لا يملك وظيفة وظيفة نحوية أو بلاغية والمفردات التي يكون جزءا منها ضئيل العدد، ولكنها تقرّر أن تنسب نفسها إليه، فالعربية لغة حرف الضاد!
وقد يأتي ظرف ما في زمن فيغيّر مو استخدام حرف ما كما هو حال حرف الدال المدلّل في هذا الزمن ، حرف الدال الذي تتبعه نقطة ( د.) بسبب " طحشة" الناس عليه، وخصوصا أنّه اختصار لحرف مستورد من اللغة الأجنبية D الذي يشير إلى لقب دكتور.
وما أقوله عن العربية ينطبق على كل اللغات ، فحرف W مثلا له عزّ قلّ نظيره مع الثورة الرقمية، عزّ مثلث نراه في WWW.
ولا أحد يعرف ما تضمره رحم الأيام من أقدار ألفبائيّة، ولا أحد يعرف متى تنزل ليلة القدر على هذا الحرف أو ذاك ولا على هذا الاسم أو ذاك، ففي رحم الأيام ما لا يخطر ببال الألفبائيات نفسها.
من كان يخطر بباله مثلا أنّ شهرة علي بابا سوف تأتي على يد رجل أعمال صينيّ قرّر أو يمنح اسم علي بابا #阿里巴巴 لموقعه ذي الفاعلية المليارديرية، وأن يصير علي بابا اسما صينيا يتداول في الصين أكثر مما يتداول في العالم العربي؟



الورقة في الزمن الرقمي


اعتاد المرء لفترة مديدة أن تكون الورقة هي التي تحضن الكلمات.
جاء العصر الرقمي وزعزع أركان هذه العادة ، وبعثر الورق في مهبّ الرياح الرقمية العاصفة.
أعلنت جرائد إفلاسها الورقيّ، ورفعت موسوعات ورقية مثل الموسوعة البريطانية أصابعها العشر.
هذا لا يعني ان علاقة الورقة بالكلمة قد انهزمت، للورق خبرة تفوق الألف سنة، وهي خبرة تعرف كيف تدجّن العاصفة الرقمية في أي حال، وسيكون لها وظيفة جديدة تشبّه موزّع الألحان الذي يمنح أغنية ما رنّة موسيقية جديدة.
سيأتي يوم تستعمل الورقة فيه ذكاءها الخارق الذي يعرف كيف يستقطب الألياف الضوئية إلى صفّه وحرفه المطبوع على الورق

الكلام نوعان:



الكلام نوعان:
- كلام هو كلام.
- كلام هو فعل.
الكلام الذي هو فعل كلام كثير، ولا يمكن للحياة الانسانية أن تكون على ما هي عليه لولاه. ومثال عن الكلام الذي هو فعل: كلام المحاكم، حين يقول رجل ذو منصب ديني مثل الشيخ مثلا اني زوجتك فلانة يتم الزواج بمجرّد التلفظ بالقول، يصير الكلام فعلا ناجزا، وحين يعلن القاضي براءة فلان يصير فلان بريئا بمجرّد التلفظ به.

النسيان نوعان:


النسيان نوعان:
- نسيان انك ناس.
- عدم نسيان أنّك ناس.
النسيان الأول، هو عن وجود له شكل العدم، أمّا الثاني فهو وجود يلوح لك من وراء الضباب!

سلسلة جبال لبنان البحرية!



جبل جديد يتكوّن على ضفاف مدينة #الفيحاء.
جبل جديد ينبثق من شاطىء المنطقة الصناعية في #طرابلس.
الطموح شرعيّ!
والجبال يدفعها الطموح الى التنافس.
وذلك الجبل الوليد على الشاطىء يطمح ربّما الى منافسة جبل تربل المشرف على مدينة #طرابلس.
جبل من النفايات دمّر ما تبقّى من اسم الفيحاء.
لم تعد تفوح في فصل الإزهار رائحة زهر #الليمون الذي التهمه الباطون حتى آخر زهرة تقريبا.
فيحاء النفايات.
طرابلس الفيحاء صارت تفوح مع طلعات الريح رائحة تزكم الأنوف وتنتشر انتشار #الفساد !
جبل ينمو على اللسّ اللسّ ويخطف الأنفاس.
فيحاء النفايات !
وكأنّ المدينة لا تحبّ أن تعيش بلا فوح عطر أو غير عطر.
أيّ زعيم يحمي رأس هذا الجبل البازغ؟
تتحوّل النتانة إلى أمر واقع بل قل الى عطر واقع فرض نفسه على أنوف الجميع رغم أنف الجميع!
عطر يضوع في مدينة تضيع!
ومع الأيام قد يقولون واشتهرت مدينة طرابلس باسم #الفيحاء لفرط ما كان يفوح من جبلها الأشمّ من عطر غبيّ الرائحة .
فشكرا لجبل #النفايات الفوّاح!
لكأن فوحه المعطار! هو السيرة الذاتية للقيّمين على هذه #المدينة_الفاضلة.
ويا جبل ما يهزّك تصـ(ريح).

الثلاثاء، 6 مارس 2018

وصية حنا مينه



أنا حنا بن سليم حنا مينه، والدتي مريانا ميخائيل زكور، من مواليد اللاذقية العام 1924، أكتب وصيتي وأنا بكامل قواي العقلية، وقد عمّرت طويلاً حتى صرت أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من الدنيا، مع يقيني أنه «لكل أجل كتاب».
لقد كنت سعيداً جداً في حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور، وأنا منذورٌ للشقاء، وفي قلب الشقاء حاربت الشقاء، وانتصرت عليه، وهذه نعمة الله، ومكافأة السماء، وإني لمن الشاكرين.
عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يُذاع خبر موتي في أية وسيلةٍ إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطاً في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي، وليس لي أهلٌ، لأن أهلي، جميعاً، لم يعرفوا من أنا في حياتي، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف في شيء، أن يتحسروا علي عندما يعرفونني، بعد مغادرة هذه الفانية.
كل ما فعلته في حياتي معروفٌ، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض، وبعد أن ناضلت بجسدي في سبيل هذا الهدف، وبدأت الكتابة في الأربعين من عمري، شرّعت قلمي لأجل الهدف ذاته، ولما أزل.
لا عتبٌ ولا عتابٌ، ولست ذاكرهما، هنا، إلا للضرورة، فقد اعتمدت عمري كله، لا على الحظ، بل على الساعد، فيدي وحدها، وبمفردها، صفّقت، وإني لأشكر هذه اليد، ففي الشكر تدوم النِعم.
أعتذر للجميع، أقرباء، أصدقاء، رفاق، قُرّاء، إذا طلبت منهم أن يدعوا نعشي، محمولاً من بيتي إلى عربة الموت، على أكتاف أربعة أشخاصٍ مأجورين من دائرة دفن الموتى، وبعد إهالة التراب علي، في أي قبر مُتاح، ينفض الجميع أيديهم، ويعودون إلى بيوتهم، فقد انتهى الحفل، وأغلقت الدائرة.
لا حزنٌ، لا بكاءٌ، لا لباسٌ أسود، لا للتعزيات، بأي شكلٍ، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثمّ، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التأبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، استغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها.
كلُّ ما أملك، في دمشق واللاذقية، يتصرف به من يدّعون أنهم أهلي، ولهم الحرية في توزيع بعضه، على الفقراء، الأحباء الذين كنت منهم، وكانوا مني، وكنا على نسب هو الأغلى، الأثمن، الأكرم عندي.
زوجتي العزيزة مريم دميان سمعان، وصيتي عند من يصلّون لراحة نفسي، لها الحق، لو كانت لديها إمكانية دعي هذا الحق، أن تتصرف بكلّ إرثي، أما بيتي في اللاذقية، وكل ما فيه، فهو لها ومطوّب باسمها، فلا يباع إلا بعد عودتها إلى العدم الذي خرجت هي، وخرجت أنا، منه، ثم عدنا إليه.

#الفكر_الصينيّ ذو خبرة عالية في التعامل مع الأشياء الخفيّة.


#الفكر_الصينيّ ذو خبرة عالية في التعامل مع الأشياء الخفيّة.
ويقال إن هذه الخبرة العالية جعلتهم يكتشفون قبل غيرهم أمورا غيّرت العالم، منها على سبيل المثال: #البوصلة.
البوصلة اختراع صينيّ بامتياز.
ولا يمكن فصل البوصلة عن تغيير علاقة الإنسان مع البحر، ومع مجاهيل البحار

#وللمذاق_ذاكرة

 من ليس له مع شفتيه ذكريات؟
 من لا تتحوّل شفتاه في لحظة ما وهو يضع في فمه لقمةً ما ذات مذاقٍ معيّن إلى شاشة سينما؟

الشقّ الأيمن من #الدماغ!


كنت قد قرأت ذات يوم أنّ #اللغة_الصينيّة تفرض على الإنسان الصينيّ أن يتعامل مع الشقّ الأيمن من دماغه أكثر من الشقّ الأيسر أو قل إن للشقّ الأيمن دورا لغويا بسبب طبيعة اللغة الصينية نفسها من حيث إنّها تتعامل ، كتابة، مع صور!
فالكتابة الصينية كتابة " دلالية" لا كتابة " صوتية"، لغة تعتمد كتابة المدلول لا الدالّ.
واليوم كنت أقرأ في كتاب عن دماغ الأطفال، وعن وظائفه، فعرضت الكاتبة نقطة وهي أنّ معرفة السياق من وظائف الشقّ الأيمن، واللغة الصينيّة ( هيك الله خلقا) تعتمد اعتمادا كلّيا على السياق، فليس هناك مفرد وجمع، وليس هناك إعراب، وليس هناك تصريف أفعال، وليس هناك مذكّر ومؤنث، لغة تستعيض عن كلّ هذه المحذوفات، فالسياق يقول لك: هذا المفرد جمع، وهذا المذكر مؤنّث.
السياق هو الحكم، حكم حكيم لا يكفّ عن تشغيل الشقّ الأيمن بخلاف لغات أخرى يتقلّص فيها دور السياق الى حدّ كبير

لغاتٌ ساميّة


يكاد لا يخلو معجم من معاجم اللغات الحضارية من المفردات الساميّة لأسباب عديدة منها دينيّة، فالتوراة والإنجيل والقرآن مثلّثٌ سماويّ مقدّسٌ جوّابُ آفاقٍ وقارّاتٍ ولغات. وقد لا تكون المفردات السامية وصلت الى اللغات الأخرى عن طريق العربية او العبرية او السريانية او الفينيقية او الحبشية، وانما من لغات لا تنتمي الى سلالة اللغات السامية. كما انه من حيث المبدأ لا يوجد هناك لغات نقيّة ( الاّ اذا اصابها مسّ من جنون!) ترفض استقبال مفردات من لغات أخرى، وتغلق حدودها وأبواب معاجمها ولا تسمح لأية كلمة غريبة بالدخول الى حرمها اللغويّ.

الكلمات تحبّ السفر، وحبّها للسفر لا يختلف عن حبّ المآكل نفسها للسفر. ولا يختلف مسار اللغات عن مسار الأطعمة، وهو مسار مليء بالتعرّجات والنكهات. فهناك ما يأتيك من طرق مباشرة وهناك ما يصلك من طرق مواربة. فالبندورة، على سبيل المثال، يكشف اسمها عن مصدر لها مزيّف، فكلمة "بندورة " على بساطتها تحمل مكنوناً دامياً في لبنان كلونها الأحمر خلال حرب السنتين، وصار اسمها كميناً قاتلاً، فالفلسطسنيّ يلفظها بتسكين النون " بَنْدورة" بينما اللبنانيّ يميل الى وضع الفتحة على حرف النون " بَنَدورة"، وعدد لا بأس به من الفلسطينيين دفع حياته ثمناً بسبب سكون النون. في اي حال، كلامي عن البندورة يعود الى سبب آخر، هناك من يعرف ماذا تعني هذه الكلمة، وهناك من لا يعرف كيف وصلت الكلمة الينا، ولكن حين وضعها بلفظها الأجنبيّ قد تلوح دلالة هي، في اي حال، مزيفة أيضاً، "pomma dora"، وهي كلمة ايطالية تعني "التفاحة الذهبية". حين يعرف القارىء مصدر اسمها قد يظنّ ان البندورة نبتة ايطالية، لأنّ الأسماء، كأشياء كثيرة في العالم، أفخاخ، وخصوصا ان ايطاليا شهيرة جدّا بالبيتزا، والبندورة مكون اساسيّ من مكوناتها، ولكن واقع الحال والتاريخ يقول ان البندورة هي نبتة لم تعرفها اوروبا الا بعد اكتشاف اميركا، واحضارها الى اوروبا وتدجينها واستعمالها، بداية، كنبتة للزينة لأنّ الناس اعتبروها نبتة سامّة وقاتلة . ماذا نلحظ؟ ان التسمية من احدى لغات القارة الاوروبية بينما المصدر لها هو اميركا، وهكذا كلمات كثيرة منها، على سبيل المثال، كلمة " ديوان"، وتعني، أساساً، في اللغة الفارسية " مجمع الشياطين" ، ولكن الكلمة موجودة في العربية وموجودة في الفرنسيّة مثلاً في صيغة " divan"، من اين أخذتها الفرنسية؟ لم تأخذها من العربية، وأمر البيتزا لا يختلف عن امر الديوان. البيتزا ايطالية، ولكن هل وصلتنا عبر ايطاليا ام اميركا البعيدة عنّا؟ وكذلك أمر الأكلة اليابانيّة الفاخرة "سوشي"، وفي حال طرحنا السؤال: من أين وصلت السوشي الى أفواهنا؟ هل وصلت الينا من اليابان ام من الولايات المتحدة الاميركية؟  بالتأكيد لم تصل الينا الا بعد أن ألقت برحلها ومذاقها في بلاد "العمّ سام" ، هذا العمّ الذي يحسن "عولمة" الأشياء.