أما آن أن تُنْسى من القوم أضغان فيُبنَي على أسّ المؤاخاة بنيان أما آن يُرمَى التخاذُل جانبا فتكسبَ عزاً بالتناصُر أوطان علام التعادي لأختلاف ديانة وأن التعادي في الديانة عُدوان وما ضَرَّ لو كان التعاوُن ديننا فتَعْمُرَ بلدان وتأمنَ قطّان إذا جمعتنا وحدة وطنيّة فماذا علينا أن تَعَدَّد أديان إذا القوم عَمَّتْهم أمور ثلاثة لسان وأوطان وباللَّه إيمان فأيّ اعتقادٍ مانعٌ من أخوّة بها قال أنجيل كما قال قرآن كتابان لم يُنزلهما اللَّه ربنا على رُسْله إلاّ ليَسعَد أنسان فمن قام باسم الدين يدعو مُفّرِقاً فدعواه في أصل الديانة بُهتان أنَشقى بأمر الدين وهو سعادة إذاً فإتباع الدين يا قوم خُسران ولكن جهل الجاهلين طَحا بهم إلى كل قول لم يؤيّده برهان فهامُوا بتَيْهاء الأباطيل كالذي تخَبَّطَه من شدة المَسّ شيطان مَواطنكم يا قوم أُمّ كريمة تدُرّ لكم منها مدى العمر ألبان ففيِ حضنها مهدٌ لكم ومَباءةٌ وفي قلبها عطف عليكم وتَحْنان فما بالكم لا تُحسنون وواجب على الابن للام الكريمة أحسان أصبراً وقد أمسَى العدوّ يُهينها أما فيكم شَهْم على الام غَيْران أجل أنكم تأبى الحياة نفوسُكم إذا لم يكن فيها على المجد عُنوان ألستم من القوم الذين عَلاؤُهم تَقاعس عنه الدهر وأنحطّ كيوان نمَتْكم إلى المجد المُؤثَّل تغلبٌ كما قد نمتكم للمكارم غَسّان فلا تُنكروا عهد الأخاء وقد أتت تصافحكم فيه نزار وعدنان أجبْ أيها النَدْب المسيحيّ مسلماً صفا لك منه اليوم سرٌّ وأعلان فلا تَحرِما الأوطان أن تتحالفا يداً بيدٍ حتى تؤكَّد أيمان ألا فانهضا نحو العِدي وكلاهما لصاحِبه في المأزِق الضَنْكِ معوان وقولا لمن قد لام صَهْ وَيْك أننا على حال في المواطن أخوان فمَنْ مبلغُ الأعداءِ أن بلادنا مَآسِد لم يَطرُق َذراهنّ سرحان وأنّا إذا ما الشّر أبدى نُيوبه رددناه عنا بالظُبي وهو خَزيان سنَستَصرخ الآساد من كل مَربض فتمشي إلى الهَيْجاءِ شيب وشُبان أسود وغىً تأبى الحياة ذَمِيمةً وتلبس بالعزّ الرَدىَ وهو أكْفان مَقاحِيم تَصْلَى المَعمَعان مُشِيحةً إذا أحتَدَمت في حَوْمة الحرب نيران وتكسو العَراء الرَحب مسْح عجاجة يَمُجّ بها السيفُ الرَدى وهو عُريان سننهض للمجد المخلَّد نهضة يقرّ بها حَوران عيناً ولُبنان وتعتزّ من أرض الشَآم دمشقها وتهتز من أرض العراقَيْن بغدان وتطرَب في البيت المقدَّس صخرة وترتاح في البيت المحرَّم أركان وتَحسُن للعُرب الكرام عواقب فيحمَدها مُفتٍ ويشكر مطران ولو أنصفتنا ساسة الغرب لأغتدت دمشق لها من ساسة الغرب أعوان ورقّت قلوب للعراق وأهله وأصغت إلى شكوى فلسطين آذان ولكنهم رانت عليهم مطامع فأمسَوْا وهم صُمٌّ عن الحق عُميان لقد قيل أن الغرب ذو مدنيّة فقلت وهل معنى التمدن عُدوان وأيّ فَخارٍ كائنٌ في تمَدُّن إذا لم يقُم في الغرب للعدلِ ميزان إذا كانت الأخلاق غير شريفة فماذا عسى تُجْدي علوم وعِرفان بنفسي أفدي في العراق مَنابتاً يفوح بها شِيحٌ ويَعبَق حَوْذان رياض رَعَتْها النائبات بأذْؤب من الجَور فأرتاعت ظباء وغِزلان لقد كان فيها الرَنْد والبان زاهياً فأصبح لا رند هناك ولا بان وأصبح مَرْصوداً بها كل مَنْهَل عليه من التَرْنيق بالظلم ثعبان وظلّ ابنها عن كل حَوْض مُحَلأً يَحُوم على سَلساله وهو عطشان سأبكي عليها كلما هبّت الصَبا فمالت بها من حول دجلة أغصان ومَن ذَرَفت آماقه الدمعَ لؤلؤاً ذرفت عليها أدمُعي وهي مَرْجان |
Pages
▼
الخميس، 4 يوليو 2013
التسامح في شعر معروف الرصافي رحمه الله
-->
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق