كل الناس يعترضهم
مصروف غير منظور. تأتي الانسان دفعة لم يكن يتوقعها او لم يحسب حسابها. مصروف
يخلخل ميزانية الانسان. هنا احب لفت النظر الى فعل " الخلخلة". كما قد
يأتيه مدخول غير متوقع. احب من هذا المنطلق ان اتناول الثقافة غير المنظورة.
الانسان تتدفق عليه الدلالات من كل حدب وصوب. وتمتعني جدا هذه الثقافة غير
المنظورة او غير المتوقعة. سأعطي مثلا بسيطا، جريدة السفير
وجرائد اخرى تقدم في مطلع كل شهر كتابا مجانيا مع العدد. واغلب الاحيان يكون
الكتاب اعادة طباعة لكتاب سبق نشره. هناك كتاب كنت احلم باقتنائه واسمه "
مذكرات دجاجة" للكاتب الفلسطيني اسحاق موسى الحسيني، وهو كان قد نشر عام 43
اي قبل زرع الفتنة الاسرائيلية في العالم العربي، ضمن سلسلة "اقرأ" وكان
طه حسين قد قام بتقديم الكتاب. كنت في ذلك الوقت مفتونا بطه حسين وبكتاباته وكنت
احب قراءة الكتاب بسبب ان طه حسين اعجب بالكتاب، هذا الامر عمره اكثر من ثلاثين
سنة، ثلاثون سنة لم يغب عن بالي الكتاب، وهو غير متوفر في الاسواق، وكنت قاطعا
الأمل من الحصول عليه واذ به يصلني مع عدد السفير على باب المستريح كما يقال.
وصلني من حيث لا اتوقع. هو مدخول ثقافي غير متوقع، لانه ما كان يخطر لي ببال انني
سأحظى بهذا الكتاب.
ثمة كتب كثيرة دخلت
مكتبتي بالصدفة. ليس لانني لا اريدها. اي ليست كتبا متطفلة على حياتي وانما
بالصدفة لأنه كان مقطوع منها الأمل كما يقال مثل كتاب زوجة الشاعر ادونيس،خالدة
سعيد. عندها كتاب منشور في الستينيات بعنوان:"البحث عن الجذور". ذات يوم
كنت في معرض الكتاب في بيرون وكان احد الاحنحة يعرض في سلة مجموعة من الكتب
القديمة بسعر هزلي وهو الف ليرة وكان كتاب خالدة سعيد على وجه السلّة، لم اصدق عيناي،
اخذته بالف ليرة. كان من الممكن ان اشتريه بعشرين الف ليرة ، لو رأيته في مكتبة
عادية تنتهز فرصة نفاد الكتب لتسعيرها على ذوقها. كانت لحظة فرح في حياتي ليس بسبب
التوفير وانما بسبب العثور عليه في مكان غير متوقع.
اللامتوقع في حياة
الناس يغير كثيرا من حياة الناس.
اللامتوقع هو القضاء
والقدر.
اللامتوقع في الثقافة
هو القضاء والقدر الثقافيان.
مؤمن بالقدر الثقافي
وبالقضاء الثقافي.
ثقافتنا ليست بنت
اختياراتنا فقط.
ولا ينكر ذلك الا
مكابر أو مثقف مزيّف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق