Pages

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

قصص من اليايان

القصـة الأولـى : 『 العفاريت ذات الأنوف الطويلة 』 :

يُحكى أنه في قديم الزمان، كان هناك عفريتان، لهما أنفان طويلان، يعيشان في الجبال العالية في شمال اليابان. كان أحدهما عفريتاً أزرق و الآخر عفريتاً أحمر. و كان الاثنان فخورين بأنفيهما اللذين يستطيعان مدهما مسافات بعيدة عبر الحقول، و كانا دائماً يتجادلان عمّن أنفه هو الأجمل.
و في أحد الأيام، كان العفريت الأزرق يستريح على قمة الجبل، حين شمّ رائحة زكية تنساب من مكان ما في السهول.
حينها قال لنفسه: " ياه، ثمة شيء له رائحة زكية، يا ترى ماذا عساه يكون ؟ "
ثم بدأ يمد أنفه أطول فأطول مقتفياً أثر الرائحة الزكية. و تمدد أنفه حتى عبر سبعة جبال و هبط إلى السهول، و أخيراً انتهى به المطاف عند قصر لأحد الأثرياء.
في داخل القصر كانت ابنة السيد، الأميرة " الزهرة البيضاء "، تقيم حفلة. و كانت دعت إلى تلك الحفلة العديد من صديقاتها الأميرات الصغيرات الأخريات. و كانت الأميرة الزهرة البيضاء تعرض أمامهن كل مالديها من ثياب نادرة و ثمينة و جميلة. و كانت الأميرات قد فتحن كنز الملابس و أخرجن ما فيه من قطع القماش الرائعة، تلك التي كانت تعطرها روائح البخور الفواحة. ذلكم هو العطر الذي شمّه ذلك العفريت الأزرق.
في تلك اللحظة، كانت الأميرة تبحث عن مكان تعلق عليه تلك الأقمشة لتراها الأميرات على نحو أفضل. و حين رأت أنف العفريت الأزرق قالت: " أنظروا، أنظروا، إن أحدهم قد نصب لي قضيباً أزرقاً في الشرفة. لنعلق عليه الأقمشة "
و دعت الأميرة و صيفاتها فعلّقن قطع القماش الرائعة على أنف العفريت. و شعر العفريت الذي كان يستلقي بعيداً على قمة الجبل أن شيئاً يدغدغ أنفه. فأخذ يسحبه إلى حيث هو هناك على قمة الجبل.
و حين رأت الأميرات قطع القماش الجميلة تطير في الهواء، دُهشن كثيراً و حاولن الإمساك بها و لكن بعد فوات الأوان.
و حين رأى العفريت الأزرق القماش الجميل معلّقاً على أنفه فرح كثيراً، و جمع الأقمشة و أخذها معه إلى البيت. ثم قام بدعوة العفريت الأحمر، الذي يعيش في الجبل المجاور لزيارته و قال له: " أنظر إلى أنفي الرائع. لقد جاءني بكل هذا القماش الجميل ".
شعر العفريت الأحمر بالحسد عندما رأى ذلك و تمنى من شدة الحسد لو كان بإمكانه أن يتحول إلى عفريت أزرق، ذلك أن العفاريت الحمراء لا يمكن أن تُصبح عفاريت الأزرق.
و بانفعال قال العفريت الأحمر موجهاً كلامه للعفريت الأزرق: " سأريك أن أنفي مازال هو الأفضل. ما عليك إلا أن تنتظر و سوف ترى "
منذ ذلك الوقت و العفريت الأحمر ظل يداوم على الجلوس على قمة جبله كل يوم، يدعك أنفه، و يتشمم الهواء. مرت أيام عديدة و لكنه لم يشم أية روائح عطره. نفذ صبره، و قال: " حسناً لن أنتظر أكثر من ذلك. سأمد أنفي إلى السهول حيثما اتفق، و من المؤكد أنه سيعثر على شيء ذي رائحة زكية هناك ".
بدأ العفريت الأحمر يمد أنفه أطول فأطول حتى عبر سبعة جبال و هبط إلى السهول، و أخيراً استقر به المطاف عند قصر الثري نفسه.
و في تلك اللحظة كان ابن الثري " الأمير الشجاع " و أصدقاؤه الصغار يلهون في الحديقة. و حين رأى الأمير الشجاع أنف العفريت الأحمر هتف: " أنظروا إلى هذا القضيب الأحمر الذي وضعه أحدهم هنا، هيا بنا نتأرجح عليه ", و أخذوا حبالاً قوية و ربطوها بالقضيب الأحمر و صنعوا منها عدة أرجوحات. و راحوا يلهون و يلهون !.. بل كان عدد من الفتيان يتعلقون بأرجوحة واحدة و يحلقون بها عالياً نحو السماء. و كانوا يتسلقون على القضيب الأحمر و يتقافزون عليه صعوداً و نزولاً، بل إن أحدهم بدأ يحفر بالسكين على ذلك القضيب الحروف الأولى من اسمه.
كم كان ذلك يسبب من الألم الشديد للعفريت الأحمر المستلقي على قمة جبله !.. لقد أضحى أنفه ثقيلاً لدرجة أنه أصبح لا يتمكن من تحريكه. و لكن حين بدأ ذلك الفتى يحفر عليه حروف اسمه سحب العفريت الأحمر أنفه بكل ما لديه من قوة و نفض عنه جميع الفتيان. ثم سحبه إلى الجبل بأكبر سرعة ممكنة.
ضحك العفريت الأزرق، و ظل يضحك و يضحك على هذا المنظر. بينما العفريت الأحمر لم يكن ليملك إلا الجلوس و دعك أنفه قائلاً: " هذا جزائي بسبب حسدي للناس. لن أمد أنفي إلى السهول مرة أخرى ".


القــصة الثانيــة : 『 سيد القشة المحظوظ 』 :

يُحكى أنه في قديم الزمان،كان هناك شاب اسمه " شوبي " يعيش في قرية في ريف اليابان.
و في أحد الأيام، لماكان عائداً إلى بيته من العمل في الحقل، تعثرت قدمه بحجر، و سقط يتدحرج على الأرض. و بعد أن توقف عن التدحرج، اكتشف أن قشة قد علقت بقدمه.
قال: " حسناً، إن القشة شيء لا قيمة له، و لكن يبدو بأنه قد كتب لي أن ألتقط هذه القشة، و لذلك فلن أرميها ". و بينما كان يمضي في سبيله ماسكاً القشة بيده، جاءت حشرة اليعسوب تحلق و تئز فوقرأسه بصوت مزعج.
قال شوبي: " يالها من حشرة مزعجة !.. سألقن هذا اليعسوب درساًلن ينساه ", أمسك باليعسوب، و ربط القشة حول ذنبه، ثم واصل السير ماسكاً اليعسوب،حتى التقى بامرأة تمشي مع طفلها الصغير.
و حين رأى الطفل الصغير حشرة اليعسوب،أرادها لنفسه بإلحاح و قال: " أماه، أرجوكِ أن تحصلي لي على ذلك اليعسوب. أرجوكِ،أرجوكِ ! "
قال شوبي، معطياً القشة للطفل الصغير: " خذ أيها الصغير، سأعطيك اليعسوب "
أعطت أم الطفل إلى شوبي ثلاث برتقالات مما كانت تحمله معها, تعبيراًعن امتنانها له.
شكرها شوبي، و مضى في سبيله. و لم يمض وقت طويل حتى التقى شوبي ببائع متجول يكاد أن يُغمى عليه من شدة العطش. و لم يكن ثمة ماء في الجوار. أشفق شوبي على البائع و أعطاه كل البرتقالات ليتمكن من شرب عصيرها.
كان البائع شديدالامتنان، و رداً للجميل، أعطى شوبي ثلاث قطع من القماش.
مضى شوبي حاملاً القماش. و التقى بأميرة تستقل عربة جميلة يحرسها عدد كبير من الخدم والحشم.
نظرت الأميرة من نافذة العربة إلى شوبي، و قالت: " آه، ياله من قماش جميل هذا الذي تحمله. أرجوك أن تعطيني هذا القماش ".
أعطى شوبي القماش للأميرة، و هي بدورها أعطته مقابل ذلك مبلغاً كبيراً من المال.
أخذ شوبي ماحصل عليه من مال، واشترى به حقولاً عديدة. وزّع الحقول على سكان قريته. أصبح لدى كل واحد منهم قطعة أرض خاصة به. عمل الجميع في حقولهم بجد و نشاط . ازدهرت القرية و شُيد فيها الكثيرمن المخازن الجديدة.
كان الجميع تنتابهم الدهشة حين يتذكرون أن كل هذه الثروة جاءت من القشة الصغيرة التي كان شوبي قد التقطها.
أصبح شوبي أكبر وجهاء القرية. كان يحظى باحترام كبير من جميع سكانها. و ظل كل أهالي القرية ينادونه طيلة حياته " سيد القشة المحظوظ ".


الــقصة الثالــثة : 『 الغرنوق الساحر 』 :

يُحكى أنه في قديم الزمان, كان هناك رجل طاعن في السن، يعيش في الريف وحيداً مع زوجته العجوز، و لم يكن لديهما أطفال. و في أحد الأيام كان الشيخ يمشي على جانب الطريق، بمحاذاة حقل من حقول الرز، حين بلغ سمعه فجأة صوت غريب: " فلاب فلاب فلاب ", تتبع مصدر الصوت فعثر على غرنوق أبيض جميل واقع في فخ. قال الرجل العجوز: " يا لك من طائر مسكين. سأساعدك على النجاة ", و أطلق سراح الغرنوق، الذي طار محلقاً عالياً في السماء.
عاد الرجل العجوز إلى البيت، و بينما كان يحدث زوجته عن الغرنوق، سمع طرقاً على الباب، و سمع أحدهم يقول بصوتٍ رقيق: " هل أستطيع الدخول ؟ ", فتحت المرأة العجوز باب البيت فوجدت فتاة صغيرة حلوة لطيفة.
قالت الفتاة الصغيرة: " لقد ضللت الطريق. أرجوكما أن تسمحا لي بالبقاء الليلة في بيتكما ".
فرح الزوجان العجوزان فرحاً شديداً بوجود مثل هذه الفتاة اللطيفة في بيتهما. و حين أخبرتهما أنها يتيمة الوالدين، طلبا منها أن تكون بمثابة ابنتهما، و أن تعيش معهما على الدوام. و هكذا بقيت الفتاة الصغيرة معهما.
و في أحد الأيام قالت الفتاة الصغيرة لوالديها الجديدين: " إذا وعدتما أن لا تنظرا إلي أبداً حين أعمل، فإنني سوف أحيك لكما بعض القماش على النول الموجود في غرفة النسيج " و منذ ذلك الحين كانا يسمعان صوت النول كل يوم: " تون .. كا .. را .. ري ، تون .. كا .. را .. ري ".
و في بداية كل ليلة كانت الفتاة الصغيرة تعطيهما قطعة قماش جميلة حاكتها في ذلك النهار. كانت أجمل الأقمشة في العالم كله، و كان يتوافد جميع الجيران لرؤيتها.
استبد الفضول بالمرأة العجوز، و قالت لنفسها: " كيف بحق السماء، يمكن لهذه الفتاة الصغيرة أن تحيك مثل هذه الأقمشة الجميلة ؟ ". و أخيراً، و ذات يوم اختلست النظر إلى داخل غرفة النسيج.
ياله من مشهد عجيب ذلك الذي رأته !.. إن الجالس أمام النول لم يكن تلك الفتاة الصغيرة, و إنما غرنوق أبيض جميل، يستخدم ريشه الأبيض الناعم لحياكة القماش.
و في ذلك المساء، حين عاد الرجل العجوز إلى بيته، خرجت الفتاة من غرفة النسيج و قالت: " إنني الغرنوق الذي أنقذته, لقد كنت أحيك القماش لأرد بعضاً من معروفك الذي تفضلت عليّ به في ذلك اليوم منذ زمن بعيد و لكن الآن، و قد اكتشفتما أمري، لم يعد بمقدوري البقاء معكما ".
ندمت المرأة العجوز على فعلتها باختلاس النظر، و بكى الرجل العجوز بدموع حارة، و لما عرفا أن ابنتهما لم تكن في الواقع سوى غرنوقاً، فقد تفهما أن عليها أن تعود إلى بيتها، هناك في أعالي السماء.
قالت الفتاة: " وداعاً، وداعاً، و حظاً سعيداً لكما ", و فجأة تحولت إلى غرنوق أبيض ساحر جميل، و حلقت بخفة نحو السماء بجناحيها الأبيضين الجميلين.


القـــصة الرابــعـة : 『 الهاون السحري』 :

يُحكى أنه في قديم الزمان، كان هناك شقيقان يعيشان في قرية صغيرة في اليابان.
كان الأخ الأكبر يعمل بدأب طوال الوقت, و لكن الأخ الأصغر كان كسولاً لا يصلح لشيء.
و في أحد الأيام، توجه الأخ الأكبر إلى الجبال للعمل هناك. و فيما كان منهمكاً في العمل أقبل إليه رجل عجوز و أعطاه هاوناً مصنوعاً من الحجر، و الذي يستخدم لطحن الرز و الحنطة.
قال الرجل العجوز: " إن هذا هاون سحري، سيعطيك كل ما تتمنى. أرجوك أن تأخذه معك إلى البيت ".
كان الأخ الأكبر سعيداً للغاية. أخذ الهاون و عاد مسرعاً إلى البيت.
" أرجوك أن تعطيني رزاً. إننا بحاجة إلى رز " و بعد أن قال ذلك، حرك العصا داخل الهاون، و في الحال بدأ الرز ينهال، و أضحى لديه منه كميات كبيرة حتى أنه أخذ يعطي رزاً لكل من في القرية.
" هذا رائع !.. هذه مساعدة كبيرة، شكراً جزيلاً ", لقد كان القرويون سعداء جداً، أو بالأحرى أن الجميع كانوا سعداء ما عدا الأخ الأصغر الكسول، فقد تمتم مع نفسه قائلاً: " أتمنى لو كان لدي ذلك الهاون. لكنت استخدمته استخداماً أفضل ", و في أحد الأيام سرق الهاون السحري و هرب به.
فكر الأخ الأصغر و هو يركض باتجاه الشاطئ: " لن يدركني, إذا ما بلغت المحيط أحد "
و حين وصل إلى الشاطئ عثر على زورق صغير. فأخذه و راح يجدف بقوة إلى أعالي البحر. و سرعان ما ابتعد و أصبح في وسط الأمواج العاتية.
توقف عن التجديف و بدأ يفكر ماذا عساه يريد أن يطلب من الهاون " وجدتها !.. أريد كثيراً من الكعك الحلو الصغير اللذيذ ", قال ذلك و بدأ يحرك العصا داخل الهاون, " أعطني كعكاً !, أعطني كعكاً ! ", و أخذ الكثير من الكعك الأبيض اللذيذ يتدحرج خارجاً من الهاون.
قال: " آه، ياله من كعك لذيذ !.. آه كم لدي الكثير منه ! ", إلتهم كل الكعك. أكل منه الكثير. كان الكعك حلو المذاق جداً لذلك شعر بالرغبه في تناول شيء مالح المذاق لإزالة الحلاوة الشديدة من فمه.
هكذا شرع يطحن في الهاون من جديد قائلاً: " أعطني ملحاً هذه المرة, أريد ملحاً, أريد ملحاً ", فأخذ الملح يتدفق من الهاون ، ملح أبيض و لماع. و استمر الملح بالتدفق...
صرخ: " كفى !, لدي مايكفي !, قف " و لكن الملح ظل يتدفق و يتدفق و امتلأ به الزورق فبدأ يغرق. و فيما كان يغرق مع الزورق كان يصرخ: " كفى !, كفى ! ", و لكن الهاون استمر يعطي ملحاً، بل و المزيد من الملح، حتى عندما وصل إلى قاع المحيط، و مازال يفعل ذلك.... و ذلك هو السبب في أن ماء البحر مالح !!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق