Pages

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

لشو الله خلقو؟



نستعمل عبارة " لشو الله خلقو" في مناسبات عديدة، ولأسباب مختلفة، وأغلب الأحيان نستعملها لأهداف ذات طابع هجائيّ أو ساخر، ونقصد أن لا طعم لوجود هذا الشيء أو ذاك، وقد يكون هذا الشيء أيّ شيء: إنساناً، كائناً حيّاً، او جامداً. وهنا لن أتكلّم الاّ عن نمط واحد من استعمال هذه العبارة، وهي عبارة سيئة السمعة وخبيثة النوايا ومن " يفصفص " أبعادها يكتشف أنّها تنمّ عن قصر نظر، وعجرفة إنسانية بغيضة  واحتقار فظّ لبعض خلق الله. خطر ببالي أن اصيغ فكرتي عن هذه العبارة بحكاية قصيرة لا أظنّ انّها سوريالية على الإطلاق، ومن يتأمّل الحياة الواقعية عن كثب يكتشف أنّ السوريالية عنصر واحد لا أكثر من عناصر الحياة الواقعية. لاحظت أنّ هذه العبارة عادة ما تطلق على شخص هو في نظر مطلقها من قبيل "لزوم ما لا يلزم" أو باعتباره فائضاً بشرياً لا قيمة له ولا وظيفة. ولست من المؤمنين بعبث الموجودات على الإطلاق، ومن يتأمّل هذه العبارة يدرك أنّ قائلها، وإن عن غير قصد، يعترض على مشيئة الله، فالسؤال هنا ليس سؤالاً استفهامياً وإنّما هو سؤال استنكاريّ. وعليه فإنّ الحكمة الإلهية تغرب عن بال مطلق هذه العبارة. وما أكثر الحكم الإلهيّة المضمرة التي يفوتنا معناها!
والحكاية التالية تكشف خفايا ما يغيب عن بال مُطْلقي هذه العبارة الرعناء: ثمّة شخص ولأسمّه "لشو الله خلقو" وهو اللقب الذي غلب عليه لسذاجته الفادحة، فهو انسان "على نيّاته" كما يقال. تزوّج " لشو الله خلقو" فتاة لا تختلف عنه في حالته البسيطة جدّا، وراح الناس يهزلون ويقولون:" "لشو الله خلقو" تزوج من فتاة "لشو الله خلقا" وكأنّهما "شنّ" و"طبقة". وبعد مرور سنة من الزمان انجبا ولدا صغيرا. قال الناس: "لشو الله خلقو" انجب من "لشو الله خلقا" طفلاً سمّاه الناس "لشو الله خلقو الصغير" . كبر الولد، اكتشف الناس أنّ "لشو الله خلقو الصغير" إنسان خارق الذكاء وكان من جملة الألقاب الطريفة التي نالها لقب لم يحلم به والداه، وهو:"الله ما خلق متلو".
تحتاج معرفة الحكمة، أحيانا،ً لوقت. المشكلة أنّ الناس لا يملكون الوقت، ويحبّون قطف المعنى قبل نضجه، ثمّ يتّهمون المعنى بالفجاجة والحموضة، وعليه فهم يظلمون فاكهة الحكمة.
كلّ مخلوق، مهما تفه شأنه، دليل حيّ وناطق على عظمة الله ورحابة حكمته. وغالباً ما أقول لمن يخيب ظنّه وأمله بأولاده، لا بأس، المهمّ أن لا تيأس، فقد تكون البركة - ومن يدري؟- مكنونة في نباهة الأحفاد أو أبناء الأحفاد.
ولكن الانتظار غذاء لا نستسيغ مذاقه!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق