كتبهابلال عبد الهادي ، في 26 كانون الأول 2011 الساعة: 19:17 م
محمّد رجب السّامرائي - أبـو ظبي
أبو حيّان التوحيدي " 312هـ-414هـ"، أحد كُتّاب النثر العربي، وصاحب المؤلفات الكثيرة، التي لاقت عناية المؤلفين في تحقيقها ونشرها في مختلف جوانب الثقافة الموسوعية. ووجدنا أنّ المجتمع البغدادي الذي عاش فيه التوحيدي قد أضفى على أدبه الشيء الكثير، لكنّه – المجتمع - قد غضّ الطرف عن مضمونه وفحواه، بمعنى أنّه تسلّى بهِ ولم يستجب لهُ.
ويعد أبو حيّان التوحيدي من أبرز كتّاب النثر العربي القديم الذين نالوا حظوة ومكانة عند الباحثين رغم الاختلاف البيّن في سنة ولادته ونسبه ووفاته"،
وهذا ما أهلّه ليحتل المنزلة، تلك الموسوعية الشاملة التي تبرز للقارئ من خلال مُصنفاته وامتهانه لحِرفة الوراقة والنسخ التي زاولها في بغداد، إضافة إلى معرفته بأمور التصحيف والتحريف، وهو ذو الخط الجميل في الكتابة، مع توفر دقة نقوله. وقد عمل التوحيدي في النسخ والوراقة ببغداد، لكنّه أخذ يحاول التغلب على حرفة الشؤم التي عمل بها مع كثير من زملائه، الذين لم يسعدهم الحظ ليكونوا أصحاب مناصب. وبعد أن فقد ذلك أملَ نفسه الطموحة لكي لا تذهب حرفته بالعمر والبصر منه. وخلّف هذا الأديب العديد من المؤلفات النثرية منها: الإشارات الإلهية، والمقابسات، والصداقة والصديق، وذمّ الوزيرين، ورسائل التوحيدي، وكتابه الموسوعي الكبير" الإمتاع والمُؤانسة" الذي سنتوقف عنده لنتناول فيه " عادات الأكل والضيافة".
فقد حثّ الإسلام الحنيف المسلمين على طلاقة الوجه والإكثار من الحديث عند المؤاكلة بحضور الضيف، وحدثنا التوحيدي في كتابه" الإمتاع والمُؤانسة" الذي يتألف من أربعين ليلة لكنّ الكتاب المُحقق ينقص ليلتين هما" الحادية والثانية عشرة".
وتناول أبو حيّان في ليلتين عادات الأكل والضيافة منها ما جاء في الليلة السادسة، فقد عُرف عن العرب بأنّهم أمة قدّسها اللّه -عزّ وجل- وجبلها على أشرف الأخلاق، وائماً يفتخر العربي:"يفتخر بالمَحْمَدة، وينتحل النجدة، ويضحك في وجه الضيف ويستقبله بالبِشر، ويقول: أحدّثه إِنّ الحديث من القِرَى".121 وردّ التوحيدي على كلام الجيهاني الذي سبَّ العرب ونال من أعراضهم وحطّ من أقدارهم.
بينما عقد صاحب الإمتاع والمُؤانسة الليلة الحادية والثلاثين في بحث شؤون أمر المطعمين والطاعمين، وأفاض في ذكر عادات الأكل والضيافة عند العرب مُستشهداً بأقوال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولأصحابه الكرام، وجمهرة من الأعلام، ولعدد من أقوال الشعراء على اختلاف عصورهم الأدبية، فبدأ حديثه للوزير بأقوال بعض السلف عن الطعام إذ:" هو أهونُ مِن أن يُحثَّ على تناوله"، وإنّ من كرم الضيافة العربية أنّ أسماء بن خارجة قال:" ما صنعت طعاماً قط فدعوتُ عليه نفراً إلاّ كانوا أمنَّ عليَّ مِنِّي عليهم"، وذكر ما حدث لامرأة جاءت إلى الليث بن سعد وقد طلبت عسلاً لزوجها المريض فأعطاها راوية عَسَلاً أكثر ممّا طلبت، ليشير إلى كرم ابن سعد.
وهناك مَن كان يُكْرِم ويُنْفِق على جيرانه حتى لو كانوا أربعين داراً مثل أحد الكرماء الذي كان يبعث لهؤلاء بالأضاحي والكسوة في الأعياد، فضلاً عما يعتق في كلّ يوم عيد مائة مملوك.128 أو ما يؤثر عن طعام النبيّ عليه الصلاة والسلام، بقول السّيدة عائشة رضي اللّه عنها في بكائها عليه:" بأبي مَن لم يَنَم على الوثير، ولم يَشْبَع منِ خُبز الشعير".129 بعدها امتد حديث التوحيدي في أمر المُطعمين والطاعمين إلى الليلة الثانية والثلاثين، فأنشد فيها لطائفة من الشعراء عن الأكل والضيافة العربية، وفي تقديم الطعام بأصنافه للضيوف.
وضمت هذهِ الليلة أشعاراً وأراجيز في حقِّ الضيافة العربية وتقديم الأكل لطائفة من الشعراء وكانت موائد الطعام تُعدُّ إعداداً كبيراً عند العرب، أولئك الذين عرفوا أصناف الأطعمة والمأكولات، والتي كثر عددها خلال الانفتاح الذي حصل إبّان العصر العباسي، واختلاط الأقوام غير العربية في الحضارة الإسلامية بالأقوام الوافدة. وأشار التوحيدي في الليلة السادسة خلال ردِّهِ على الجيهاني الفارسي عندما أشار بقوله إلى أنّ الجاهل عنده مَن:" لبس الثوب الناعم، وأكل الخبز الحُوّارَي، … وشرب الرحيق، وطَعِم العُشْب، وشَرِب الماء القَراح،.
ولكنّ الأطعمة الشعبية وأصنافها العديدة هي مثار اعتزاز عند الناس، فحينما دُعِي أبو خليفة المفضّل بن الحُباب إلى وليمة رأى: الصِّحاف تُرفع وتُرْفَع، فقال: أللِحُسْنِ والَمنْظَرِ دُعينا، أم للأكل والمُخبر؟ فقيل: بل للأكل والمخبر، فقد استغرب ودُهش ابن الحباب ممّا رأى لكثرة الصِّحاف التي وضع فيها الطعام المنوع، فظنّ إنّ ذلك هو للفرجة لا للأكل، حتى إنّه عندما قيل لهُ إنّها للأكل والمخبر قال:" فاتركوا الصَّحفة يُبلَغْ قَعْرُها". أو ماجرى للرجل الذي عشق جارية رُوميّة، فطلب منها أنْ تعمل لهُ أصنافاً من الأطعمة كالسكباجة، والدستجة من نبيذ، وقليَّة جزورية والنّقل، والرؤوس السِمان، وكان ردّ الجارية على هذا الطلب الغريب أنّ كتبت إليه في الليلة الحادية والثلاثين قائلة:" إنّي أرى الحُبَّ يكون في القلب، وحّبك هذا ما تجاوز المعدة.
ثم عددّ التوحيدي لأصناف الأطعمة التي أحبها رسول اللّه محمّد عليه الصلاة والسلام من أسعد بن زرارة كالهريسة، والحَيْس وهو السويطة والرَّغيفة من اللبن المطبوخ، وهي العصيدة، والحريرة، والنَّجيرة، والحَسَُوّ، واللُّوقَة، الرُّطب بالسَّمنِ، والسَّليقة الذرة المدقوقة، والرَّصيعة الحنطة المدقوقة ايضّاً والمطبوخة بالسَّمن، والوجيئة التّمر الذي يوجأ ثم يُؤكل باللبن، ولبن الخَلِفَة والنّخِية والقطيبة وهو لبن الإبل المخلوط بلبن الغنم.
أما عن الفرّاء "ت 207هـ"، فنقل عنه أبو حيّان قوله بأنّ العرب:" تُسمِّي السكَباجَة الصَّعْفَصة"، ويكنون عن الجوع بأبي مالك، وعن أسماء أكل الطعام باليدّ ذكر ما قاله الكِلابيّ بأنّه كان:" يندفُ الطعام إذا أكلَهُ بيدهِ، ويلقم الحَسُوَّ، واللّقْمُ بالشَّفَة، والنّدفُ: الأكل باليد".
لقد تعود الإنسان على تناول لُقيمات لسدِّ رمقه وإقامة صُلبه، وهنا بين التوحيدي في الليلة الثانية والثلاثين لذلك قائلاً:" إذا جمعت اللُّقْمة واللقمة من الثريد والعصائد فيقال لها دُبْلَة، ومنه سمّيت الدُّبَيْلة، وهي الورم الذي يخرج للناس". 141 كما أجاب أحد الأعراب حين سُئل مإذا يصنع لو كان خليفة؟ فقال بأن يأمر الطُهاة:" فيعظمون الثّريدة وُيكثرون العُرَاق".
وعندما تحضر الَصْيحَانيّة المُصَلَّبة كأطيب مُصنفة أكلها الناس بقول بعض العرب145، فهي نوع من التمر الصلب المضغ في المدينة، وهناك طعام يضرّ الإنسان وأشدُّ:" طعام ضُرّاً ما كان من عامٍ إلى عامٍ، وهو الَّلَبأَ الذي لا يوجد إلاّ في الولادة كلَّ عام وإن كان مُزْبداً". وعندما تجدب السنة ويحصل قحط في البلاد، فقد أكل الناس:" التَّناقيط، بأن يُنزع شعر الجلد وُيلقى في النار ثم يؤكل". وأعقب التوحيدي تلك الشواهد بذكرما كتبه ابن دينار لصديق لهُ تأخر عليه، فطلب منه أن يبعث لهُ عن بُرٍّ يُشْبهه ويُشبه صديقه، والذي يُشبِهه:" رغيف وسكُرَّجة حِريّف يثقب اللسان بحرافتهِ". وتمثل بأقوال العرب عن الأطعمة كقولهم:"ماءُ لا تِبْنَ معه ولا غيره خبزَُ قَفار: لا أُدْمَ معهُ، وسُويق جافُّ هو الذي لم يُلَتَّ بِسَمْنٍ ولا زَيت وحنطلُ مُبَسَّل، وهو أنْ يؤكل وَحْدَه" ، مع قول التوحيدي في الليلة الثالثة والثلاثين لبيان أصناف الأطعمة العربية، في خبر أورده عن أبي العيناء عندما تغْدّى عنده ابن مكرم:" فقدَّم إليه عُرَاقاً، فلما جَسَّهُ قال : قِدرُكم هذهِ قدُ طبِخت بشِطْرَنج؟
أبو حيّان التوحيدي " 312هـ-414هـ"، أحد كُتّاب النثر العربي، وصاحب المؤلفات الكثيرة، التي لاقت عناية المؤلفين في تحقيقها ونشرها في مختلف جوانب الثقافة الموسوعية. ووجدنا أنّ المجتمع البغدادي الذي عاش فيه التوحيدي قد أضفى على أدبه الشيء الكثير، لكنّه – المجتمع - قد غضّ الطرف عن مضمونه وفحواه، بمعنى أنّه تسلّى بهِ ولم يستجب لهُ.
ويعد أبو حيّان التوحيدي من أبرز كتّاب النثر العربي القديم الذين نالوا حظوة ومكانة عند الباحثين رغم الاختلاف البيّن في سنة ولادته ونسبه ووفاته"،
وهذا ما أهلّه ليحتل المنزلة، تلك الموسوعية الشاملة التي تبرز للقارئ من خلال مُصنفاته وامتهانه لحِرفة الوراقة والنسخ التي زاولها في بغداد، إضافة إلى معرفته بأمور التصحيف والتحريف، وهو ذو الخط الجميل في الكتابة، مع توفر دقة نقوله. وقد عمل التوحيدي في النسخ والوراقة ببغداد، لكنّه أخذ يحاول التغلب على حرفة الشؤم التي عمل بها مع كثير من زملائه، الذين لم يسعدهم الحظ ليكونوا أصحاب مناصب. وبعد أن فقد ذلك أملَ نفسه الطموحة لكي لا تذهب حرفته بالعمر والبصر منه. وخلّف هذا الأديب العديد من المؤلفات النثرية منها: الإشارات الإلهية، والمقابسات، والصداقة والصديق، وذمّ الوزيرين، ورسائل التوحيدي، وكتابه الموسوعي الكبير" الإمتاع والمُؤانسة" الذي سنتوقف عنده لنتناول فيه " عادات الأكل والضيافة".
فقد حثّ الإسلام الحنيف المسلمين على طلاقة الوجه والإكثار من الحديث عند المؤاكلة بحضور الضيف، وحدثنا التوحيدي في كتابه" الإمتاع والمُؤانسة" الذي يتألف من أربعين ليلة لكنّ الكتاب المُحقق ينقص ليلتين هما" الحادية والثانية عشرة".
وتناول أبو حيّان في ليلتين عادات الأكل والضيافة منها ما جاء في الليلة السادسة، فقد عُرف عن العرب بأنّهم أمة قدّسها اللّه -عزّ وجل- وجبلها على أشرف الأخلاق، وائماً يفتخر العربي:"يفتخر بالمَحْمَدة، وينتحل النجدة، ويضحك في وجه الضيف ويستقبله بالبِشر، ويقول: أحدّثه إِنّ الحديث من القِرَى".121 وردّ التوحيدي على كلام الجيهاني الذي سبَّ العرب ونال من أعراضهم وحطّ من أقدارهم.
بينما عقد صاحب الإمتاع والمُؤانسة الليلة الحادية والثلاثين في بحث شؤون أمر المطعمين والطاعمين، وأفاض في ذكر عادات الأكل والضيافة عند العرب مُستشهداً بأقوال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولأصحابه الكرام، وجمهرة من الأعلام، ولعدد من أقوال الشعراء على اختلاف عصورهم الأدبية، فبدأ حديثه للوزير بأقوال بعض السلف عن الطعام إذ:" هو أهونُ مِن أن يُحثَّ على تناوله"، وإنّ من كرم الضيافة العربية أنّ أسماء بن خارجة قال:" ما صنعت طعاماً قط فدعوتُ عليه نفراً إلاّ كانوا أمنَّ عليَّ مِنِّي عليهم"، وذكر ما حدث لامرأة جاءت إلى الليث بن سعد وقد طلبت عسلاً لزوجها المريض فأعطاها راوية عَسَلاً أكثر ممّا طلبت، ليشير إلى كرم ابن سعد.
وهناك مَن كان يُكْرِم ويُنْفِق على جيرانه حتى لو كانوا أربعين داراً مثل أحد الكرماء الذي كان يبعث لهؤلاء بالأضاحي والكسوة في الأعياد، فضلاً عما يعتق في كلّ يوم عيد مائة مملوك.128 أو ما يؤثر عن طعام النبيّ عليه الصلاة والسلام، بقول السّيدة عائشة رضي اللّه عنها في بكائها عليه:" بأبي مَن لم يَنَم على الوثير، ولم يَشْبَع منِ خُبز الشعير".129 بعدها امتد حديث التوحيدي في أمر المُطعمين والطاعمين إلى الليلة الثانية والثلاثين، فأنشد فيها لطائفة من الشعراء عن الأكل والضيافة العربية، وفي تقديم الطعام بأصنافه للضيوف.
وضمت هذهِ الليلة أشعاراً وأراجيز في حقِّ الضيافة العربية وتقديم الأكل لطائفة من الشعراء وكانت موائد الطعام تُعدُّ إعداداً كبيراً عند العرب، أولئك الذين عرفوا أصناف الأطعمة والمأكولات، والتي كثر عددها خلال الانفتاح الذي حصل إبّان العصر العباسي، واختلاط الأقوام غير العربية في الحضارة الإسلامية بالأقوام الوافدة. وأشار التوحيدي في الليلة السادسة خلال ردِّهِ على الجيهاني الفارسي عندما أشار بقوله إلى أنّ الجاهل عنده مَن:" لبس الثوب الناعم، وأكل الخبز الحُوّارَي، … وشرب الرحيق، وطَعِم العُشْب، وشَرِب الماء القَراح،.
ولكنّ الأطعمة الشعبية وأصنافها العديدة هي مثار اعتزاز عند الناس، فحينما دُعِي أبو خليفة المفضّل بن الحُباب إلى وليمة رأى: الصِّحاف تُرفع وتُرْفَع، فقال: أللِحُسْنِ والَمنْظَرِ دُعينا، أم للأكل والمُخبر؟ فقيل: بل للأكل والمخبر، فقد استغرب ودُهش ابن الحباب ممّا رأى لكثرة الصِّحاف التي وضع فيها الطعام المنوع، فظنّ إنّ ذلك هو للفرجة لا للأكل، حتى إنّه عندما قيل لهُ إنّها للأكل والمخبر قال:" فاتركوا الصَّحفة يُبلَغْ قَعْرُها". أو ماجرى للرجل الذي عشق جارية رُوميّة، فطلب منها أنْ تعمل لهُ أصنافاً من الأطعمة كالسكباجة، والدستجة من نبيذ، وقليَّة جزورية والنّقل، والرؤوس السِمان، وكان ردّ الجارية على هذا الطلب الغريب أنّ كتبت إليه في الليلة الحادية والثلاثين قائلة:" إنّي أرى الحُبَّ يكون في القلب، وحّبك هذا ما تجاوز المعدة.
ثم عددّ التوحيدي لأصناف الأطعمة التي أحبها رسول اللّه محمّد عليه الصلاة والسلام من أسعد بن زرارة كالهريسة، والحَيْس وهو السويطة والرَّغيفة من اللبن المطبوخ، وهي العصيدة، والحريرة، والنَّجيرة، والحَسَُوّ، واللُّوقَة، الرُّطب بالسَّمنِ، والسَّليقة الذرة المدقوقة، والرَّصيعة الحنطة المدقوقة ايضّاً والمطبوخة بالسَّمن، والوجيئة التّمر الذي يوجأ ثم يُؤكل باللبن، ولبن الخَلِفَة والنّخِية والقطيبة وهو لبن الإبل المخلوط بلبن الغنم.
أما عن الفرّاء "ت 207هـ"، فنقل عنه أبو حيّان قوله بأنّ العرب:" تُسمِّي السكَباجَة الصَّعْفَصة"، ويكنون عن الجوع بأبي مالك، وعن أسماء أكل الطعام باليدّ ذكر ما قاله الكِلابيّ بأنّه كان:" يندفُ الطعام إذا أكلَهُ بيدهِ، ويلقم الحَسُوَّ، واللّقْمُ بالشَّفَة، والنّدفُ: الأكل باليد".
لقد تعود الإنسان على تناول لُقيمات لسدِّ رمقه وإقامة صُلبه، وهنا بين التوحيدي في الليلة الثانية والثلاثين لذلك قائلاً:" إذا جمعت اللُّقْمة واللقمة من الثريد والعصائد فيقال لها دُبْلَة، ومنه سمّيت الدُّبَيْلة، وهي الورم الذي يخرج للناس". 141 كما أجاب أحد الأعراب حين سُئل مإذا يصنع لو كان خليفة؟ فقال بأن يأمر الطُهاة:" فيعظمون الثّريدة وُيكثرون العُرَاق".
وعندما تحضر الَصْيحَانيّة المُصَلَّبة كأطيب مُصنفة أكلها الناس بقول بعض العرب145، فهي نوع من التمر الصلب المضغ في المدينة، وهناك طعام يضرّ الإنسان وأشدُّ:" طعام ضُرّاً ما كان من عامٍ إلى عامٍ، وهو الَّلَبأَ الذي لا يوجد إلاّ في الولادة كلَّ عام وإن كان مُزْبداً". وعندما تجدب السنة ويحصل قحط في البلاد، فقد أكل الناس:" التَّناقيط، بأن يُنزع شعر الجلد وُيلقى في النار ثم يؤكل". وأعقب التوحيدي تلك الشواهد بذكرما كتبه ابن دينار لصديق لهُ تأخر عليه، فطلب منه أن يبعث لهُ عن بُرٍّ يُشْبهه ويُشبه صديقه، والذي يُشبِهه:" رغيف وسكُرَّجة حِريّف يثقب اللسان بحرافتهِ". وتمثل بأقوال العرب عن الأطعمة كقولهم:"ماءُ لا تِبْنَ معه ولا غيره خبزَُ قَفار: لا أُدْمَ معهُ، وسُويق جافُّ هو الذي لم يُلَتَّ بِسَمْنٍ ولا زَيت وحنطلُ مُبَسَّل، وهو أنْ يؤكل وَحْدَه" ، مع قول التوحيدي في الليلة الثالثة والثلاثين لبيان أصناف الأطعمة العربية، في خبر أورده عن أبي العيناء عندما تغْدّى عنده ابن مكرم:" فقدَّم إليه عُرَاقاً، فلما جَسَّهُ قال : قِدرُكم هذهِ قدُ طبِخت بشِطْرَنج؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق