ذهبت بالأمس الى معرض الكتاب في بيروت. واعرف ان
الوقت قد لا يسمح لي بزيارة مديدة في ايام لاحقة فاجد من باب الاحتياط ان اتعامل مع
زيارتي الأولى على اساس انها الزيارة الأخيرة. وإذا صح لي ان اذهب في مرّة لاحقة
فهو ما يمكن ان يسمى بأطراف النعم. ولهذا السبب فانني اذهب باكرا ، وصلت الى باب
المعرض الساعة الحادية عشرة قبل الظهر ولم اغادر المعرض الا قبل غلقه بدقائق معدودة
اي بقيت في حرم الكتب حوالي احدى عشرة ساعة. كنت اتنقل من جناح الى آخر، وعندما
تتعب قدماي ويداي من الحمل اذهب الى كافتيريا المعرض لشرب فنجان قهوة او قنينة ماء
او ما يسدّ الجوع. وبسبب وجود بعض الاصدقاء من الناشرين كنت اخفف عبء يديّ بوضع
اكياس الكتب عندهم لاتابع التجوال. في جردة اسماء الكتب ادناه التي اقتنيتها بالأمس
عينة عن اهتماماتي القرائية.ثمّة دائما ما يشدني الى التراث العربي، والى مؤلفات
القدامى، وفي الوقت نفسه اجدني مشغوفا بالدراسات التي تتناول الأمور من وجهة نظر
حديثة، كما يفتنني الدماغ باسراره واحب متابعة جديد امره ، وجديد الدماغ لا
ينفد.كما ان اهتمامي بالشرق الاقصى وتحديدا الصين واليابان يدفعني الى مطاردة
الجديد حولهما.واعرف ان الكتب التي اراها في المعرض وتخص الشرق الاقصة نادرة
واغلبها ليس تأليفا مباشرا وانما نقلا عن لغة اجنبية. وهناك كتب تخص الأدب العربي
القديم، شعرا ونثرا وتاريخا. ولا اعرف لماذا لا تميل نفسي كثيرا الى الشعر الحديث،
وانظر اليه اغلب الاحيان بعين الريبة والحذر.افضل قضاء وقت مع الدراسات التواصلية
والنفسية على تمضية الوقت في قراءة الحديث جدا من المنتوج الشعري. وان كنت من محبي
الشعر، فنفسي ترتاح مع اللزوميات والسيفيات والخمريات والزهديات. ولعل انشغالي
خاليا بتحضير محاضرات علم السيمياء هو ما يبرر وجود عناوين سيميائية في مقتنيات
الأمس. وان كان قد سبق وقرأت اعمالا لمؤسسي هذا العلم اما بالفرنسية وامّا
بالعربية كاعمال غريماس، وبارت، وايكو الذي تدهشني طرافته في الكتابة على صرامة
الأمور التي يتناولها.
سألني مرّة احد الأشخاص: هل قرأت كل ما في مكتبتك من
كتب؟
بالنسبة لي هذا سؤال لا يسأل. ولكن دائما ما تكون اجابتي
على السؤال، لا يقرأ كل مكتبته الاّ جاهل او كذّاب. واقصد بالجاهل هو الذي كتبه
يمكن ان تقرأ، وإذا قرئت كلّها فهذا يعني انها كتب قليلة العدد إذ من المستحيل ان
يسمح العمر بقراءة مكتبة في آلاف الكتب، لا اقول الوقت لا يسمح وانما العمر نفسه لا
يسمح ولو عاش المرء ما عاش نوح. ثمة ما هو ممكن وثمّة ما هو غير ممكن، مثلا لنفترض
ان شخصا مدمن على التبغ لا يمكن له حتى ولو لم يتوقف فمه عن مصّ نيكوتين التبغ ان
يستهلك في النهار "كروز" دخان. لا لأنّه لا يحبّ مثلا وانما لأن وقت استهلاك "كروز"
يتطلّب وقتا يتعدّى المتاح لهذا المدمن. الانسان أسير الوقت ولأنه اسير الوقت لا
يمكنه ان يقرأ كل مكتبته. مثلا اذا ذهبت إلى شخص عنده من الكتب ما عندي من حيث
الكمّ وقال لي: قرأت كلّ الكتب التي في مكتبتي، لقلت له: انت كذاب من سلالة مسيلمة
ولو بلع المصحف أمامي. من هنا، أقول: للأسف لا يمكنني ان انهي قراءة الكتب التي في
مكتبتي حتى ولو بقيت حبيس أوراقها أربعاً وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة إلى حين
أن يستردّ الله أمانته من بين ضلوعي. سأعطي مثالا عن كتاب اشتريته بالأمس لسبب جملة
فيه،" وعن أبي هريرة انه قال:" المرأة كلّها عورة حتى ظُفْرها" ]ص216
[ وهي جملة لن تتقبلها امرأة على ما أظنّ، وانا أعرف طبعا
ان فيه جملا اخرى سوف تفيدني في تعزيز فكرة او اضاءة على شرح او اضفاء طرفة على
محاضرة. الكتاب هو" كتاب أدب النساء الموسوم بكتاب الغاية والنهاية". الكتاب لا
يتكلم هنا على أدب النساء بمعنى الأدب. فنحن نعرف ان كلمة أدب بمعناها الراهن هي
وليدة العصر الحديث بتأثير من انفتاح العربي على الغرب. حقق الكتاب كاتب احترم يعيش
في العرب هو عبد المجيد تركي وله اهتمامات بنظرة العربي الى المرأة من خلال الذكورة
الاسلامية التراثية. اعجبتني ّعورة الظفر" وهي عورة لم اسمع بها من قبل. والعورة
الظفريّة ليست عورة عابرة إذ هناك من يعتبر الظفر فعلا عورة. وهنا اتذكر حكاية
روتها لي جدتي عن نساء كنّ يعتبرن ان صوت المرأة عورة وعليه كنّ اذا اضطررن للكلام
يضعن طرف منديلهن بين شفاهنّ فيخرج الصوت من شفاههن غير صوتهن. اي ان تشويه الصوت
ينقله من حيّز الحرام الى حيّز الحلال. ويروي لي ابي ان والدته كان بعد ان تمشط
شعرها وتسقط بعض الشعرات تجمعهن وتذهب بهن سرّا الى الحديقة لتقوم بدفن الشعرات (
أو وأدهن) حتى لا ترى الشعرات عين رجل فترتكب الحرام من غير ان تدري لأنّ " الشعرة
عورة " وكلمة عورة لها صلة بالعين ولكن من ناحية سلبية، إذ الأعور هو من فقد عينه.
وعليه فانّه من الطريف دراسة "العورة" من باب حاسّة النظر. ولكن اضيف ان الكتاب
غنيذ بالمعلومات. وليس بالضرورة ان تكون مع المعلومة او ضدّها لتكون المعلومة
معلومة أو تنتفي عنها سمة المعلومة. فأنا لا أقرأ فقط ما احبّ، أحيانا اتلذّذ
بقراءة ما أكره اكثر مما اتلذذ بقراءة ما احبّ.فالمعلومة لا علاقة لها بالأخلاق،
والا كان يجب مثلا ان انفي ديوان ابي نؤاس من مكتبتي، وكتاب الف ليلة وليلة، وكل
الكتب التي تتناول أمورا لا احبّذها على المستوى الحياتيّ، ولكان عليّ ان أرمي
بكتاب "يتيمة الدهر" للثعالبي من الشبّاك لأن فيه حكايات او ابيات شعر من تحت
الزنار، وان اضع شعرالفرزدق في سلّة المهملات لأنّه بذيء اللسان لا يتورّع عن
استخدام أقذع الألفاظ في شعره. ولست من محبّذي من يريد أن يكون ملكا اكثر من الملك،
ولو كان كل الفحش الموجود في التراث العربي يستدعي الحذف لكان فعل ذلك أبو حنيفة،
او الشافعي، أو الخلفاء الأتقياء. ووجوده الى اليوم لهذا التراث الفاحش يعني غضّ
نظر الأخلاقيين عن اعمال غير الأخلاقيين. وليس هناك تفسير آخر يبرر بقاء خمريّات
أبي نؤاس وغلمانيّات أبي نؤاس على قيد الحياة.
التراث كوكتيل متعدد النكهات.
احيانا انظر الى التراث نظرتي الى اي بيت او قصر، فأقول ما
قيمة قصر ليس فيه حمّام؟ واين تطيب الحياة أكثر في بيت بسيط لا يخلو من حمّام أو
الإقامة في قصر ولكن يخلو من الحمّام، لأنّ صاحب القصر لا يريد تلويث قصره الطاهر
بمكان مخصص للقاذورات. الكلّ فيما أظن يفضل البيت المتواضع على القصر المنيف الخالي
من "الكنيف"( والكنيف كلمة عربية تعني الحمّام). هكذا ارى تراثنا، لا يمكن
الاستغناء لا عن الصالون ولا عن الحمّام بل يمكن ان تقوم غرفة الجلوس بدور الصالون
ولكن من يقوم بدور الحمّام؟
وهناك كتاب "اخبار النحويين البصريين" للسيرافي وهو من
كبار النحاة اشتريته كرمى لعيني قصيدة، وهي ليست قصيدة بكل معنى الكلمة ولكنذها
معاناة الناس مع النحو، وكيف يمكن للنحو ان يوصل من يشتغل عليه الى حافّة
الجنون.
تفكرت في النحو حتى مللت
وأتعبت نفسي له والبدن
فكنت بظاهره عالما
وكنت
بباطنه ذا فطن
خلا أن بابا عليه العفا
ء للفاء ياليته لم يكن
وللواو
باب إلى جنبه
من المقت أحسبه قد لعن
إذا قلت هاتوا لماذا يقا
ل لست
بآتيك أو تأتين
أجيبوا لما قيل هذا كذا
على النصب قيل لإضمار " أن
"فقد كدت يابكر من طول ما
أفكر في أمر أن أن أجن
والآن أضع عناوين الكتب التي
اشتريتها امس مع أسماء مؤلفيها أو مترجميها.
1.
سيمياء المرئي: جاك
فونتاني
2.
سيميائيات الانساق البصرية: امبرتو
ايكو،
3.
استراتيجيات التواصل الاشهاري: سعيد
بنكراد وآخرون
4.
كتاب الانصاف والتحرّي، في الظلم
والتجرّي عن ابي العلاء المعري: ابن العديم الحلبي
5.
التواصل والتحادت باللغة
الصينية:
6.
الدماغ وكيف يطور بنيته وأداءه:
نورمان دويدج
7.
حكم صينية:
8.
الشاي في الثقافة
الصينية
9.
علم اللغة النفسي: اعداد عبد العزيز
العصيلي
10. مدخل الى المناهج النقدية في التحليل الادبي: مجموعة
مؤلفين، اعداد الصادق قسومة
11. سيمياء الكون: يوري لوتمان، ترجمة: عبد المجيد نوسي،المركز
الثقافي العربي
12. جوهر ديانة الشينتو، قلب اليابان الروحي"
موتوهيزا ياماكاجي، تر.امال الحلبي، المركز الثقافي العربي
13. خطاب الجنس: هيثم سرحان، المركزالثقافي
العربي.
14. القاموس الموسوعي الجديد لعلوم اللسان: اوزوالد ديكرو وجان
ماري سشايفر، تر. منذر عياشي
15. معجم مصطلحات السيميوطيقا: برونوين ماتن و فليزيتاس
رينجهام، تر. عابد خزندار
16. تاريخ الفلسفة في الاسلام: ت.ج. دي بور، تر. محمد عبد
الهادي ايو ريدة
17. في علم الكتابة: جاك ديريدا، تر.انور مغيث و منى
طلبة
18. محاضرات في علم الدلالة: نواري ابو زيد
فصول في السيميائيات: نصر الدين بن
غنيسة
19. التحليل النصي: رولان بارت
20. علم العنونة: عبد القادر رحيم
21. جوجل عندما تتحدى اوروبا: جان بويل جانيني
22. الكتابة فعل حب: حول اندرسن
23. ذم ّالثقلاء: محمد بن المرزبان، منشورات
الجمل
24. سيميائيات الاهواء: غريماس، تر. سعيد بنكراد
25. في اللسانيات العامة، مصطفى غلفان، دار الكتاب
الجديد
26. العرب والانتحار اللغوي: عبد السلام المسدي، دار الكتاب
الجديد، تونس
27. موسوعة الامثال الشعبية المصرية: محمد البطل
28. الاحاديث المطربة: ابن العبري، دار المشرق
29. رسالة آداب المؤاكلة: بدر الدين محمد الغزي، منشورات
الجمل
30. اثر الديارات في النتاج الادبي العباسي: كارين صادر، دار
المشرق
31. قطب السرور: ابو اسحاق القيرواني، منشورات
الجمل
32. كلمات: يوسف زيدان، مكتبة الاسكندرية
33. الفصاحة: توفيق علي الفيل، الكويت
34. من قضايا المشترك في اللغة العربية، دراسة دلالية، صابر
محمود الحباشة
35. التواصل غير اللفظي في الحديث النبوي، مهدي
عرار
36. طرق العرض في القرآن: بن عيسى باطاهر
37. نحاة القيروان: يوسف احمد المطوع
38. موت النص: محمد ابو الفضل بدران
39. الغناء والقيان والمغنون في شعر ابن الرومي
40. الاحتباك واساليب الاحتجاج في القرآن الكريم: ثناء
عيّاش
41. المساواة وقضية الاداء في البلاغة العربية:محمد مشرف
خضر
42. المصطلح النقدي في القرن الثالث بين النظرية والتطبيق:
محمد علي الشريدة
43. عمائر المنمنمات الاسلامية: محمد مهدي حميدة
44. تاريخ العباسيين : ابن وادران، دار الغرب
الاسلامي
45. كتاب المجالس والمسايرات: القاضي النعمان بن محمد (مؤرخ
الاسماعيلية في العصر الفاطميّ، دار الغرب الاسلامي
46. كتاب ادب النساء: عبد الملك بن حبيبادب العلماء: محمد
سويسي، دار الغرب الاسلامي
47. الحقيقة والمجاز، الخط العربي في ميزان الجماليات
الانسانية المعاصرة: مجموعة مؤلفين
48. فيم تفكر الصين: مارك ليونارد، تر.هبة عكام، الدار العربية
للعلوم ناشرون
49. من اسرار اللغة: ابراهيم انيس، مكتبة الانجلو
المصرية
50. اعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس:محمد دياب
الاتليدي، دار صادر
51. صنع في الصين: دونالد سول، و يونغ وانغ، تر. هلا الخطيب،
الدار العربية للعلوم ناشرون
52. نظرية المعنى بين التوصيف والتعديل والنقد: احمد
الودرني
53. الشعر والمال: بحث في اليات الابداع الشعري عند العرب من
الجاهلية الى نهاية القرن الثالث الهجري: مبروك المناعي.
54. انبئوني بالرؤيا: عبد الفتاح كيليطو، دار
الآداب
55. اخبار النحويين البصريين: السيرافي، دار
الجيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصنيفات : أسماء, قراءة, مقتطفات من سيرة ذاتية | السمات:كتب،أرسل الإدراج
| دوّن الإدراج
يناير 1st, 2011 at 1:40 م
العمل الحقيقي والتغيير الفعلي بدءًا من السياسيين لينتهي بالأماكن وملحقاتها.
يناير 1st, 2011 at 1:46 م
المسائل رمزيّة.
والانسان كائن رمزيّ بامتياز.
شكر للتعليق اخت ميرنا