صورة جماعية للمشاركين في الملتقى الصيني اللبناني الأوّل للترجمة بين العربية والصينية |
يبدو في الصورة من اليمين المستعربة الصينية نرجس يو ماي، بلال عبد الهادي( 比拉勒。阿卜杜哈迪)، مديرة الجلسة السيدة سحر علم الدين، الدكتورة ديمة حمدان، المستعرب الكبير صاعد تشونغ جيكون |
البحث الذي ألقيته في الملتقى الصيني
اللبنانيّ الأوّل للترجمة بين العربيّة والصينيّة
كلية الدراسات
العربية، جامعة الدراسات الأجنبية ببكين
31، مايو/ أيار،
2016
" الحكمة ضالّة
المؤمن. والصين، منذ ما قبل الميلاد،
أرض الحكمة، منبعاً ومرتعاً،
وعليه لا يمكنها إلاّ أن تكون أرض المؤمنين".
بلال عبد الهادي
العلاقات الصينيّة العربيّة
علاقات قديمة، حميمة، طيّبة، هادئة، لم تشهد على امتداد التاريخ تلك التوتّرات والصراعات
التي شهدتها مع حضارات وشعوب أخرى. ولكن هذه العلاقة بقيت، أغلب الأحيان، للأسف،
علاقات تجاريّة، اقتصاديّة، تقوم على استيراد وتصدير البضائع، ونادراً ما قامت على
استيراد وتصدير الأفكار والآداب أو ترجمة كنوز الفكر الصينيّ الكلاسيكيّ الغنيّة.
وهذا ما أثار لديّ رغبة في معرفة الأسباب التي حرمت تراثنا العربيّ، ولقرون عديدة،
من التواصل الخصيب مع إبداعات الفكر الصينيّ وجماليّات المؤلّفات الصينيّة العريقة
والعميقة، فرحت أنقّب في كتب التاريخ والجغرافيا والملل والنحل والأخبار والأسفار
والنوادر والتراجم والمعاجم عن طرف خيط يحمل ولو نتفاً من الإجابة. وبحثي
المتواضع، هذا، عرضٌ لبعض ما قطفت من ثمرات الأوراق.
1-
الصين بين طبقات الأمم
وضع صاعد الأندلسيّ ( 420هـ
- 462هـ) كتاباً لطيف الحجم سمّاه " طبقات الأمم". عنوان الكتاب يوحي بمضمونه، ولقد دأب العرب على
وضع كتب في ميادين شتّى أدبيّة ودينيّة من منظور الطبقات، وسمّوا هذه الباب من
التأليف "علم الطبقات ، أي طبقات كلّ صنف من أهل العلم كالأدباء والأصوليين والأطبّاء
والأولياء والبيانييّن والتابعين والحفّاظ والحكماء والحنفيّة والحنابلة والمالكية
والشافعيّة والمفسّرين والمحدّثين والخطّاطين والرواة والخواصّ والشعراء والصحابة والمجتهدين
والصوفيّة والطالبين والأمم والعلوم والفرسان والعلماء والفقهاء ورؤساء الزمن والقرّاء
والنحاة واللغوييّن والمتكلّمين والمعبّرين والمعتزلين والممالك والنسّابين والنسّاك
إلى غير ذلك "([1]) .
يعرض لنا صاعد الأندلسيّ
أحوال الأمم، وتحديداً أحوال الأمم التي ساهمت على تعاقب الأزمان في إنشاء الصرح
المعرفيّ العالميّ. وخصّص، في كتابه هذا، عدّة فقرات تناولت رأيه في أحوال الصين
وأهل الصين ومعتقدات الصين. لم تكن نظرة صاعد الأدلسيّ للأمم نظرة ذاتيّة بمعنى أنّها
لم تكن نظرة ينفرد بها صاعد، وإنّما هي نظرة يشاركه بها كثيرون من الكتّاب العرب
القدامى، وهي نظرة لا تخلو من إجحاف معرفيّ فيما يخصّ الفكر الصينيّ. ويعترف المطهّر
بن طاهر المقدسي في كتابه "البدء والتاريخ" بالقول: " لا بدّ ان
للهند والروم انتساقاً وتأريخاً، وكذلك الصين لكن لم نر العلماء تكلّفوا ذلك
وذكروه في كتبهم"([2])
يقول صاعد الأندلسيّ تحت
باب" الأمم القديمة": " وزعم من عُني بأخبار الأمم، وبحث في سير
الأجيال، وفحص عن طبقات القرون، أنّ الناس كانوا في سالف الدهور، وقبل تشعّب
القبائل، وافتراق اللغات سبعَ أمم". ثمّ يذكر أسماء هذه الأمم وفق الترتيب
التالي، وهم :1- الفرس، 2- الكلدانيّون، 3- اليونانيّون، 4- القبط، 5- الترك، 6-
الهند ، 7- الصين([3]).
ويعيد صاعد الأندلسيّ، في كتابه، نسب الصينيين إلى حفيد نوح ( عامور بن يافث بن نوح([4])،
ويعلّق بالقول:" مملكتهم واحدة، ولغتهم واحدة"([5]).
نشعر أنّ الخلفيّة الدينيّة لم تغب عن بال صاعد وهو يصنّف طبقات الأمم بناء على من
تبقّى من أبناء نوح بعد الطوفان، وهذا التصنيف ذو خلفيّة توراتيّة أكثر ممّا هي
خلفيّة إسلاميّة([6]).
أما في الباب الثاني من
كتابه وهو بعنوان :" اختلاف الأمم وطبقاتها بالأشغال"، يقسم صاعد الأندلسيّ
الأمم إلى طبقتين، ومعياره في هذا التقسيم نصيب هذه الأمم من العلم. يقول صاعد
الأندلسيّ: "وجدنا هذه الأمم على كثرة فرقهم، وتخالف مذاهبهم طبقتين: طبقة
عنيت بالعلم فظهرت منها ضروب العلوم، وصدرت عنها فنون المعارف، وطبقةً لم تعنَ
بالعلم عناية تستحقّ منها اسمه، وتعدّ بها من أهله، فلم ينقل عنها فائدةُ حكمة، ولا دوّنت لها
نتيجةُ فكرة، أمّا الطبقة التي عنيت بالعلوم فثمان أمم: الهند والفرس والكلدانيّون
واليونانيّون والروم وأهل مصر والعرب والعبرانيّون"([7]).
يضع
الصين في الطبقة الثانية، الطبقة التي لم تعن بالعلوم، فيقول:" وأمّا الطبقة
التي لم تعن بالعلوم فهي بقية الأمم بعد من ذكرنا، كالصين..."([8]). ويذكر أمماً أخرى تنتمي إلى الطبقة التي لم
تعنَ بالعلوم من قبيل "الصقالبة والروس "([9]).
بعد نفي
عناية أهل الصين بالعلم نجده يشير إلى نباهة صينية، نباهة تميّزت بها الصين من
سائر الأمم، ولكن في مجال آخر لا يعتبره يمتّ بصلة إلى العلم، فيقول: "وأنبه
هذه الأمم التي لم تعنَ بالعلوم الصين والترك. فأمّا الصين فأكثرُ
الأمم عدداً، وأفخمُها مملكة، وأوسعُها داراً، ومساكنُهم محيطةٌ بمشارق الأرض
المعمور... وحظُّهم من المعرفة التي بزّوا فيها سائر الأمم إتقانُ الصنائع
العمليّة، وإحكامُ المهن التصويريّة، فهم أصبر الناس على مطاولة التعب، وتجويد
الأعمال، ومقاساة النصب في تحسين الصنائع"( [10]).
ونظرة صاعد نظرة شاعت في الكتابات العربيّة عند غير كاتب بل
قل إنّ نظرته أخذها من كتّاب عرب سبقوه في الكتابة عن الصين. فهذه العبارة ، مثلا،
وردت في كتاب يعتبر من أوائل الكتب التي تناولت الصين في اللغة العربية إذ تعود
موادّ الكتاب كما يقول المستشرق جان سوفاجيه محقّق الكتاب إلى عام 237 للهجرة،
تقول العبارة:" وليس لأهل الصين علم، وإنّما أصل ديانتهم من الهند"([11] )،
ويعلّق سوفاجيه بالقول: إنّ الفكر الصينيّ بقي مغلقاً إغلاقاً تامّاً عن
العرب([12])، ولكن ثمّة عبارة أخرى تظهر لنا معرفة مؤلف
الكتاب ببعض الأحوال ذات الصلة بالصين، وهي التعليم وانعدام الأمية " فالفقير
والغنيّ، من أهل الصين، والصغير والكبير يتعلّم الخطّ والكتابة([13]).
وهنا، أحبّ التجوال في بعض تلك العبارات التي تذهب مذهب عبارة
صاعد عند بعض من كتب عن الأمم من كبار المؤلفين العرب.
2- نظرة
أبي حيّان التوحيديّ إلى الصين:
فإذا ما ذهبنا إلى ما
قاله أبو حيّان التوحيديّ الذي منحه ياقوت الحموي لقب " أديب الفلاسفة
وفيلسوف الأدباء" وليس بالقليل ذا اللقب! فإنّنا نجد جملة من العبارات في
كتابه "الإمتاع والمؤانسة "، وفي كتابه "المقابسات"، وهما
كتابان يتضمّنان ما كان يشهده عصره من حراك ثقافيّ و نشاط فكريّ وغنى فلسفيّ. في
فاتحة الليلة السادسة من كتاب "الإمتاع والمؤانسة" يكتب التوحيديّ
الجملة التالية :" الأمم عند العلماء أربع: الروم، والعرب، وفارس،
والهند"([14])، وهي عبارة لا يمكن أن
يتبنّى مضامينها، اليوم، أحد من العلماء.
محاضرتي في بكين |
3- نظرة ابن المقفّع إلى الصين:
ونلحظ في مقولته ذات الأضلاع
الأربعة غياب الصين من بين الأمم التي يعتدّ بها، ثمّ يدرج التوحيديّ رأي ابن
المقفّع حين يسأل، ولا أعرف إن كان ابن المقفّع مجرّد قناع يمرّر من خلاله
التوحيديّ رأيه الشخصيّ أم لا؟ ينقل التوحيديّ كلام ابن المقفّع عن شبيب بن شبّة.
يسأل ابن المقفّع الحضور وهم من أهل الحلّ والعقد فكريّاً عن أعقل الأمم، فيظنّ
الحضور ان ابن المقفّع إنّما قصد من سؤاله إثبات جواب يجعل الفرس هم من يمتلكون
هذه الميزة الفضلى، فيكون جواب الحاضرين بلسان واحد: فارس أعقل الأمم. وخلفيّة هذا
الجواب كما ورد في النصّ كانت ضرباً من المجاملة، فالتوحيديّ يلحق الجواب بالعبارة
التالية التي دارت في خلد الحاضرين في المجلس" نقصد مقاربته، ونتوخّى
مصانعته". لكنّ ابن المقفّع يفجأ الحاضرين بجوابه الوجيز والرافض: كلاّ، ثمّ
ثنّوا بالروم فلم يختلف جوابه الثاني عن جوابه الأوّل، وحين طرحوا اسم الصين
جواباً عن سؤاله قال معلّقاً في جملة صادمة: "أصحاب أثاثٍ وصنعة، لا فكر لها
ولا رويّة"([15])،
ثمّ يتوقّفون عن الإجابة تاركين له أن يحدّد أعقل الأمم، فيقول: "
العرب". " فتلاحظنا – يقول الراوي-
وهمس بعضنا إلى بعض، فغاظه ذلك منّا، وامتقع لونه، ثم قال: كأنّكم تظنّون
في مقاربتكم، فوالله لوددت أنّ الأمر ليس لكم، ولا فيكم، ولكن كرهت إنْ فاتني
الأمر أن يفوتني الصواب، ولكن لا أدعكم حتى أبيّن لكم لم قلت ذلك، لأخرج من ظنّة
المداراة، وتوهّم المصانعة".([16]) ويبدأ بشرح الأسباب التي حدت
به إلى اعتبار العرب " أعقل الأمم" .
يبدو كما لو أنّ التوحيديّ
لجأ الى استعارة ابن المقفّع الفارسيّ ليمنح كلامه سمة الموضوعيّة في تفضيل العرب
على سائر الأـمم من حيث العقلانية. وفي كتابه الثاني "المقابسات" ترد
عبارة يكون مدار الكلام فيها عن الحكمة،
وسوف نكتشف أنّ الحكمة متعددة المنابت، وهذه المرّة يقول التوحيديّ بلسان أبي
سليمان المنطقيّ أستاذِه في ميدان الفلسفة ما يلي:" نزلت
الحكمة على رؤوس الروم، وألسن العرب، وقلوب الفرس، وأيدي الصين"([17]). اليد الصينيّة([18]) تطلّ في هذا النصّ مقابل
الرأس الروميّ، واللسان العربيّ، والقلب الفارسيّ. وإذا ما أردنا تفكيك العبارة
نجد أنّها تتماشى والفكرة التي طرحها صاعد من حيث إنّ الحكمة الصينيّة حكمة
"حرفيّة"، وهنا تأخذ " الحكمة" معنى مغايراً لمعنى الحكمة
المتعارف عليه، فليست حكمتهم حكمة أهل اليونان القائمة على الفلسفة والمنطق، وليست
حكمة العرب القائمة على الفصاحة والبلاغة والبيان. كان لأغلب العرب نظرة حول مفهوم
الفصاحة تكاد تجعلها حكراً على العرب وحدهم، وإن كنّا نجد قلّة من المفكرين العرب
القدامى تفنّد هذا الزعم العربيّ في جعل الفصاحة محميّة عربية خالصة أو ملكية
خاصّة، كما في هذا النصّ الذي ذكره التوحيديّ نفسه حول ما اذا كانت البلاغة حكراً
على العرب، من خلال ذلك السؤال الذي كان يتوقع جوابًا من طينته، إلاّ أنّ الإجابة
جاءت متماسكة منطقياً، بحيث تصل إلى اتهام من يتبنّى مقولة أنّ بلاغة العرب أحسن
البلاغات بأنّه " ذو عاهة". فيقول التوحيديّ: "فقلت لأبي سليمان: فهل
بلاغةٌ أحسن من بلاغة العرب؟ فقال: هذا لا يبين لنا إلاّ بأن نتكلّم بجميع اللغات
على مهارة وحذق، ثم نضع القسطاس على واحدة واحدة منها حتى نأتي على آخرها وأقصاها
ثم نحكم حكماً بريئاً من الهوى والتقليد والعصبية والميْن، وهذا ما لا يطمع فيه
إلاّ ذو عاهة؟"([19]).
أحبّ التوقّف عند كلمة
" الأيدي" التي وردت في نصّ التوحيديّ حين تكلّم على حكمة الصينيّين
التي ظهرت في أيديهم، وفكرة اليد أي المهارة اليدوية فكرة مهيمنة على أغلب النصوص
التي تناولت الصين وجعلت تفوّقها تفوّقاً في الأعمال" اليدوية" لا غير،
وهو تفوّق يحرمها في المقابل ممّا هو أرقى من العمل اليدويّ.
4- نظرة الجاحظ إلى الصين:
انظر الآن في نصوص الجاحظ لاستخراج رأيه في الفكر الصينيّ. الجاحظ كاتب نهم،
وقارىء نهم، وهو في الخيال العربيّ قارىء لا يملّ من التعرّف والاكتشاف وتحرّي
الحقائق وعدم الرضوخ للمزاعم المرويّة. فضوله دفعه حتى الى قراءة سلوك الحيوانات
كبيرها وصغيرها، كما كان له اهتمام بقراءة الشعوب وعاداتها وعقد مقارنات في ما
بينها، فله رسائل عديدة منها رسالة عن مناقب الترك، وأخرى عن السودان، وسأستشهد
بعدّة عبارات وردت في كتبه لمعرفة المكانة التي تحتلّها الصين في نظره، وهل له
نظرة خاصّة أم مختلفة عن غيره؟ ترد هذه العبارة للجاحظ : "إنّ الأُممَ التي فيها الأخلاقُ
والحِكمُ والعِلمُ أربعٌ، وهي: العَرَبُ، والهِندُ، وفارِسٌ، والرُّوم"([20])،
وهي لا تختلف كثيراً
عن عبارة ابي سليمان المنطقيّ في نصّ أبي حيّان التوحيدي، ولكن فيها إضافات مهمّة
وتفصيلات تحدّد الدوافع التي حدت بالجاحظ إلى كتابتها وصوغها هذه الصياغة المحكمة
وكأنّها حقيقة منزلة، وهي هنا ثلاث نقاط أو ثلاثة معايير: الأخلاق والحكم والعلم.
ولا نجد حضوراً للصين بين هذه الأمم. والغياب دالّ وقوّال. وفي نصّ آخر وردت الصين
كمثال عن الغاية في الصناعة في الرسالة التي وضعها حول مناقب الترك، فيقول:"
ان كل امة امتازت بشيء ، فأهل الصين في
الصناعات، واليونان في الحكم والآداب، والفرس في الملك والسياسة"[21]
والصناعة يقصد بها "الحرفة اليدويّة" أو " العمل اليدويّ".
يفترض أن لا يغيب عن البال ان عبارة "صناعة" لم تكن تحمل في زمن
الجاحظ ما تحمله من إيجابيات وقدرات
تكنولوجيّة! كان يرى في الترك قدرات كامنة لم تتوفّر لها ظروف الظهور والتألقّ، فيقول: "ولو كان في شقّهم
أنبياء، وفي أرضهم حكماء، وكانت هذه الخواطر قد مرّت على قلوبهم، وقرعت أسماعهم،
لأنسوك أدب البصريين، وحكمة اليونانيين، وصنعة أهل الصين"([22]). وفي هذه العبارة ثلاثة
عناصر: الأدب، والحكمة، والصنعة، واعتبر لكلّ واحد من هذه العناصر نموذجاً تمثّله
أمّة من الأمم بلغ الغاية في الجودة والإتقان، فالأدب للبصرة، أي للعرب عامّة،
وللمدينة التي شهدت ولادة الجاحظ نفسه، وهي كانت مدينة ناشطة ثقافياً وفكرياً
ولغوياً وأدبياً في عهد الجاحظ، قبل أن تأخذ بغداد منها وهجها المعرفيّ، أمّا
الحكمة فهي ذاهبة الى اليونان، مسقط رأس الفلسفة والمنطق، ولم يترك للصين إلاّ ميدان
الصنعة، أي الصنعة اليدوية وعدم ملاحظة مهارات فكريّة أو أدبيّة أو حكميّة لها.
ولا تختلف نظرة الجاحظ في هذه النقطة عمّا لمحه صاعد، وأشار إليه أبو حيّان. وتظهر
بوضوح أكثر في هذا الشاهد: "فأما
سكّان الصين فإنّهم أصحاب السبك والصياغة، والإفراغ والإذابة، والأصباغ العجيبة، وأصحاب
الخرط والنجر والتصاوير، والنسج والخطّ، ورفق الكفّ في كلّ شيء يتولّونه ويعانونه،
وإن اختلف جوهره، وتباينت صنعته، وتفاوت ثمنه. فاليونانيّون يعرفون العلل ولا يباشرون
العمل، وسكّان الصين يباشرون العمل ولا يعرفون العلل، لأنّ أولئك حكماء، وهؤلاء فَعَلَة"([23])
وكلمة " فعلة" التي يستعملها
الجاحظ ، ترد في خلال عقد مقارنة أهل الصين بأهل اليونان الحكماء حيث إنّ الحكمة
بمعنى التفكير الفلسفيّ غاب عن أهل الصين بسبب غياب معرفتهم بالعلل.
5- التباس المعنى في عبارة "اطلبوا العلم ولو في الصين".
البعد حجاب، والصين عالم بعيد، قصيّ، كانت الصين أقصى ما يمكن أن
يتخيّله العربيّ من بعد جغرافيّ، ولقد ورد اسم الصين في نادرة رويت عن أحد معاصري
الجاحظ، قيل لأبي هفّان: لِمَ لا تهجو الجاحظ، وقد ندّد بك
وأخذ بمُخنَّقك؟ فقال: أمثلي يخدع عن عقله؟ والله، لو وضع رسالة في أرنبة أنفي لما
أمست إلاّ بالصين شهرة، ولو قلت فيه ألف بيت لما طنّ منها بيت في ألف سنة([24]).
النادرة تحكي عن شهرة الجاحظ المستطيرة وانتشار مؤلفاته انتشار النار في الهشيم،
والتضاد الحادّ بين ابن هفّان والجاحظ هو الفارق ما بين يوم وألف سنة، ولم يكن
يوجد في ذلك الوقت إلاّ قدرة سحريّة توصل أرنبة أنف ابن هفّان الى الصين.
وهنا أحبّ أن أقرأ قراءة
مختلفة العبارة المأثورة، والمنسوبة للرسول، وقلت منسوبة لأنّ كتب الأحاديث
الصحيحة لا تأتي على ذكر هذا الحديث. ولقد أورد ابن قيّم الجوزية هذا الحديث ضمن
الأحاديث الموضوعة، والإمامان الألبانيّ والشوكانيّ اعتبراه موضوعاً أو ضعيفاً[25]. العبارة معروفة، وشائعة،
تقول:" اطلبوا العلم ولو في الصين". هذا التعبير إذا ما دقّقنا النظر في دلالته البعيدة نجد أنه يضع
الصين والمستحيل في حيّز واحد، أي أنّ على المرء أن يتحمّل في سبيل العلم كلّ
المشقات. ولا تزال الصين، إلى اليوم، ذلك المكان القصيّ، البعيد جدّاً. هذا ما
نلمحه في عبارة وردت على لسان أبي حامد الإسفرايينيّ :" لو سافر رجل الى
الصين حتّى يحصل له كتاب تفسير محمّد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا" . والعبارة
لا تقصد الذهاب الى الصين وإنّما تريد إظهار قيمة تفسير الطبريّ الذي يستحقّ
الحصول عليه بذل المستحيل وقطع الأبعاد. وفي أحد التعابير الشائعة الطريفة التي
نسمعها في لبنان نجد أنّ الصين تدخل في أحد الأقوال التي تنبت على اللسان حين نريد
أن نظهر للشخص الذي نحدّثه أنّه غائب تماماً عن مجرى الأحداث أو إنّه لا يعرف شيئاً
عما يحيط به، ويقال التعبير في صيغة استفهام استنكاري وينمّ عن استغراب" شو
جايي من الصين"؟ أمن الصين أنت آت؟ وكأنّ المجيء من الصين يشبه يقظة أهل
الكهف!
في الحديث المنسوب للنبيّ تبرز" لو" على شاكلة السور الصينيّ
المتعذّر خرقه. عبارة "اطلبوا العلم ولو في الصين" عبارة لم تحثّ العرب
على طلب العلم من الصين أو في الصين، وأنا أتحدّث، هنا، عن مرحلة ماضية، ولكنّها كانت
على المستوى الحضاريّ مرحلة عربية ذهبيّة.
6- أسباب الغياب
ما السبب الذي منع العرب من
أخذ العلم من الصين؟ ما سبب هذا الجهل العربيّ الكبير بثقافة الصين وأدب الصين
وفكر الصين وحكمة الصين؟ شاءت الأقدار أن لا يكون بين العرب شخص على غرار أبي
الريحان البيرونيّ يخطر بباله أن يولّي وجهه شطر الصين، ويعيش بين أهل الصين،
ويتقن لغة أهل الصين، ويشتغل على نقل الفكر الصينيّ من الداخل. وقصدت البيرونيّ
بالتحديد لأنّ العرب في أماكن كثيرة كانوا يربطون لغوياً بين الهند والصين كما
يظهر ذلك في كتاب "أخبار الهند والصين". ولا أحد ينكر أنّ حضور الهند في
الثقافة العربيّة أعمق من حضور الصين، رغم دنوّ الصين من الهند. فكتاب "كليلة ودمنة" مثلاً، وإن نقل
من الفارسية إلى العربية على يد ابن المقفّع إلاّ أنّ جذوره أو أصوله هنديّة وهو
كتاب كما ورد في مقدّمته كتاب في الحكمة، وكاتبه ينعت بالحكيم. ومن حسن حظّ الفكر العربيّ وجود البيرونيّ الذي عاش في
الهند وكتب " في تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" . كان كتاباً الى حدّ
بعيد موضوعيّ وموسوعيّ، يحكي عن مناقب ومثالب الهند كما يبدو من عنوان الكتاب
المفصّل، ويتناول لغتها السنسكريتية التي أتقنها واطلّع على الكتب الهندية من
معينها الأصليّ. لم نجد في تراثنا العربيّ ولو شخصاً واحداً تطرّق إلى اللغة
الصينيّة من منطلق العارف بها أو الخبير بها أو المترجم عنها أقوال حكمائها.
وحكماء الصين حكماء من طراز رفيع ومدهش وأكتفي بذكر واحد منهم وهو " تشوانغ
تزه 庄子". وإن
كان ابن النديم أتى على ذكر الخطّ الصينيّ في كتابه الفهرست وأظهر بعض خصائص الخطّ
الصينيّ والأداة التي يكتبون بها، فيقول :" والصين يكتبون بالشعر يجعلونه في رؤوس الأنابيب
كما يعمل المصوّرون"([26])،
ويقول عن الكتابة الصينية إنّها
" تجري مجرى النقش يتعب كاتبها الحاذق الماهر فيها، وقيل: إنه لا يمكن الخفيف
اليد أن يكتب منها في اليوم أكثر من ورقتين أو ثلاثة ، وبها يكتبون كتب ديانتهم
وعلومهم في المراوح""([27])،
وهكذا نراه يجعل من فعل الكتابة الصينية عملاً مرهقاً بحيث إن " الحاذق
الماهر" لا يمكنه أن يكتب أكثر من ثلاث ورقات في اليوم الواحد، وهو تصوّر
بيّن البطلان، تصوّر متخيّل أكثر ممّا هو تصوّر واقعيّ، ولكن بالإمكان أن نرى البعد
الخفيّ لهذا القول، وما يمكن أن يتولّد عنه من دلالات، وهو ندرة الكتابات الصينيّة
أو المؤلفات الصينيّة. ويشير ابن النديم في نصّه إلى نقطة يبدو أنها غمضت عليه وهي
طبيعة الكتابة الصينية نفسها التي تكتب المعنى والأفكار وليس الصوت بخلاف الكتابة
الألفبائية، فكان تعليقه على كتابتهم بحسب قوله: " ولكلّ كلام يطول شكل من الحروف يأتي على المعاني الكثيرة، فإذا
أرادوا أن يكتبوا ما يكتب في مائة ورقة كتبوه في صفْحٍ واحد بهذا القلم"([28]).
ومن يتأمّل عبارة ابن النديم وهو الضليع بالكتب بسبب معاشرته الحميمة لها، وبسبب
مهنته التي اعتاش منها وهي النسخ والوراقة يجد شيئاً من البلبلة في تصوّره لطبيعة
الكتابة الصينيّة، تصوّر يجنح به نحو المبالغة حين اعتبر أنّ ما يكتب في مائة ورقة
يكتب في اللغة الصينية بورقة واحدة.([29])
ويقول ابن النديم واصفا كتابه :" "فهرست كتب جميع الأمم، من العرب والعجم، الموجود منها بلغة العرب،
ونعوت أقلامها، وأنواع خطوطها، وأشكال كتاباتها"([30]) ولكن نلحظ غياباً كاملاً لكتب منقولة عن لغة الصين، في
وسط هذا الكمّ الجمّ من عناوين الكتب. نجد في الفهرست عدّة أبواب تحمل العناوين
التالية: أسماء النقلة من الغات إلى اللسان العربيّ، أسماء النقلة من الفارسيّ إلى
العربيّ، نقلة الهند والنبط"([31])
ولا نرى ذكراً لأي ناقل ذي صلة بالصين!، والغياب قول دالّ. رغم أنّ هناك عرباً
مسلمين في عهد أسرة منغ ( 1368-) ، بحسب ما يقوله بدر الدين و. ل. حيّ الذي كان
مستشار السفارة الصينيّة في جدّة، أخذوا " يلبسون الملابس الصينيّة ويتزيّنون
بأزيائهم حتّى تعوّدوا على عادات الصينيّين، ومالوا إلى دراسة اللغة الصينيّة،
وفهم الثقافة الصينيّة بالرويّة والدقّة، فتصيّنوا مع مرور الزمان في الآداب
الصينيّة والمعيشة اليومية، وأصبحوا صينيين تماماً في مظاهر الحياة
وعاداتها"([32]) ،
ولكن ثمّة عبارة وردت في الفهرست، ولعلّها من العبارات النادرة في تراثنا العربيّ
وهي " فلاسفة الصين وعلماؤها"([33])،
وعبارة أخرى عن " لغة الصين" حين التعليق على كلمة " بغبور"،
و" معنى بغبور بلغة الصين ابن السماء، أي نزل من السماء" ([34]).
والطريف في الأمر أن هذه الكلمة " بغبور" التي وردت على أنّها كلمة
صينيّة ليست من مفردات اللغة الصينيّة، وإنما هي ترجمة لعبارة " ابن السماء"
عن اللغة الفارسية بحسب ما يقول سوفاجيه في هوامش تحقيقه وترجمته الى الفرنسية
لكتاب أخبار الصين والهند([35]).
7- الثقب الأسود في
التراث العربيّ
التراث العربيّ تراث غنيّ، والتراث الصينيّ
تراث غنيّ، ولكن في تراثنا العربيّ ما يمكن أن يسمّى بالثقب الأسود، الثقب الأسود
هو غياب التراث الصينيّ، ولا أقول تغييبه، أحياناً يظنّ المرء أنّ ما لا يعرفه لا
وجود له. والعرب لم يعرفوا الفكر الصينيّ، ولم يطّلعوا عليه من منبعه، وعليه
استنتجوا "عدم وجوده"، هذا العدم المتوهّم أو المتخيّل ساهم في تجذّر
الثقب الأسود. سآخذ عيّنة من كتاب لطيف الحجم وهو " الأحاديث المطربة"
لأبي الفرج جمال الدين بن العبريّ، والكتاب مجموعة أخبار وحكم. سأحكي فقط عن بعض
جوانب فهرس الكتاب وسأكتفي بالأبواب الخمسة الأولى منه، وهي التالية: كلام مفيد
لفلاسفة اليونان، كلام مفيد لحكماء الفرس، كلام مفيد لحكماء الهند، كلام مفيد
لحكماء العبرانيين، كلام مفيد لبعض الملوك الحكماء"([36])، ولا نجد بين الأبواب باباً
عن " الكلام المفيد لدى الحكماء الصينيين" مثلاً. وهناك نقطة مشابهة لما
ذكرت حول الحكمة، يمكن أن تلفت النظر في ما يخصّ البلاغة. كان البلاغيّون العرب أو
الذين تناولوا علوم البلاغة يستشهدون في كتبهم بآراء الشعوب الأخرى حول تعريف
البلاغة، نجد تعريفات لهنود وروم ويونانيين وفرس ترد في طيّات الشواهد التي تتوخّى
ضبط دلالة البلاغة، وهذه عيّنة منها " قيل لليونانيّ: ما البلاغة؟ قال: تصحيح الأقسام، واختيار
الكلام .وقيل للرومي: ما البلاغة؟ قال: حسنُ الاقتضاب عند
البَدَاهة، والغزارة يومَ الإطالة .وقيل للهندي: ما البلاغة؟ قال: وضوح الدلالة،
وانتهاز الفرصة، وحُسْن الإشارة .وقيل للفارسيّ: ما البَلاَغة ؟ قال: مَعْرِفة
الفَصْل من الوصل([37]). ولكن لم تقع عيني ولا على
أيّ شاهد حول مفهوم البلاغة الصينيّة في الكتب العربيّة التي تناولت البلاغة([38])، أو حاولت عقد مقارنة بين
البلاغة العربيّة والبلاغة الصينيّة. وكنت غالباً ما أتساءل عن هذا الغياب الغريب
لشاهد ولو يتيم حول نظرة الصينيّين للبلاغة.
هل فكرة "الصناعة" الحرفية
واليدوية هي التي منعت العرب من رؤية ما كان المحرّك الفعليّ لهذه الصناعة المتقنة
والمحكمة؟ أي الفكرَ الصينيّ نفسه، وكلامَ حكماء الصين عن إتقان الأعمال. فلم
" يرد على بال مثقّف مسلم أن يسأل عما قد يكون وراء فنون الصين وصناعاتها من
معرفة عقليّة"([39]).
7- مفاجأة الغياب
إذا قارنّا بين اليونان والصين من ناحية
ترجمة العلوم والفلسفة اليونانية إلى العربية وعدم ظهور مقابل لذلك بالنسبة للعلوم
الصينيّة والفكر الصينيّ، نجد أنّ هناك من اعتبر أنّ السبب في ذلك هو غياب الوسيط
السريانيّ، وهذا ما يقوله هادي العلويّ الذي قام بجهد مشكور في نقل بعض التراث
الصينيّ إلى العربيّة، وكان من أوائل من عرّف العرب على أعمال الفلسفة الطاوية
متمثّلة بكتاب لاو تزه (dào dé jīng 道德经) وكتاب دجوانغ تزه (庄子zhuāng
zǐ ). كما أنّ كتابه ذا العنوان اللافت
"المستطرف الصينيّ" الذي استوحى عنوانه من كتاب عربيّ تراثيّ شهير للأبشيهيّ
:" المستطرف في كلّ فنّ مستظرف" وكأنّه من خلال هذه التسمية يحاول أنْ
يسدّ النقص الذي رآه في المستطرف العربيّ. يلحظ هادي العلويّ أنّ الفكر الصينيّ
مجهول، ويحاول البحث عن سرّ غياب الفكر الصينيّ الغنيّ في تراثنا العربيّ،
فيقول:" ما سرّ هذا الانقطاع عن ثقافة عريقة عاشت في جوارنا متزامنة مع مكتبة
آشور بني بعل، ثم مكتبات الكلدانيّين فالآراميّين فالمسلمين، ولئن كان ما قبل
الاسلام معدوداً
في التاريخ المتقطّع الذي يسم مدنيات وحضارات الغابر فإنّ القرابة القريبة التي
جمعت بين الحضارتين الصينيّة والإسلاميّة تزيد من عنصر المفاجأة، ومن ثمّ التساؤل
عن هذا السرّ الذي جعل المسلمين يبحثون عن مصادر إضافيّة لمعرفتهم فلا يجدون غير
فلسفة اليونان. إنّ الجواب المعتاد في حالة كهذه هو الحاجز اللغويّ، إذ لم يتهيّأ
للفلسفة الصينية سريان يقومون بالوساطة بينها وبين الفكر الإسلاميّ. لكن السؤال
يبقى مطروحاً للإجابة مع الاتصال الوثيق بالصين على جبهات السياسة والتجارة
والعلوم ومع تدفّق المسلمين على الصين بعد مدّة وجيزة من وصول جيوش قتيبة إلى
كاشغر لترسم خطّ الحدود المشترك ما بين امبراطورتَي الأرض في ذلك الزمن"([40]).
8- دلالة غياب أسماء أعلام
الحكّام
كثيرا ما كنت أتساءل عن اسم
حكيم الصين الأكبر " كونفوشيوس" ، لم أكن أفكّر قبل اهتمامي العميق
والحميم بالفكر الصينيّ واللغة الصينيّة بمصدر اسم كونفوشيوس، فهو اسم اعتدنا عليه
في ثقافتنا العربيّة المعاصرة، بل وقد عثرت على بيت شعر لأمير الشعراء يشكّل اسم
كونفوشيوس أحد عناصره، والقصيدة في مديح غاندي، وليس من قبيل العبث ربط اسم غاندي
باسم كونفوشيوس على غرار ما ربط العرب في مؤلفاتهم بين الهند والصين.
نبيٌّ
مثلُ كونفشيوس، أو من ذلك العهْدِ
قريبُ القوْلِ والفعلِ من المنتظَرِ المهْدي
شبيه الرسْل في الذَّوْدِ عن الحقِّ، وفي الزهْدِ
قريبُ القوْلِ والفعلِ من المنتظَرِ المهْدي
شبيه الرسْل في الذَّوْدِ عن الحقِّ، وفي الزهْدِ
اكتشفت، وكان ذلك اكتشافاً ساذجاً ولكنّه دالّ، وهو أنّ
اسم كونفوشيوس العربيّ لم يصل إلينا من مصدر صينيّ، وكان على الأرجح أن تكون ملامح
اسم كونفوشيوس العربيّ مغايرة لملامحه الصوتية المستعملة راهناً لو أنّه وصل إلينا
من مصدر صينيّ مباشر، أو مصدر شرقيّ أو من مصدر عربيّ كلاسيكيّ على غرار ما وصلنا
لقب الامبراطور الصينيّ عن طريق اللغة الفارسيّة مثلاً وهو " البغبور"ّ([41])
ومعناه ابن السماء، ولكن ابن السماء في اللغة الصينية كلفظ بعيد كل البعد عن لفظ
البغبور، ويقول محقق الكتاب المستشرق جان سوفاجيه ان بغبور تهني في اللغة الفارسية
ابن السماء، البعد، صوتيا، بين " بغبور" و " تيان تسه 天子" بعد الأرض عن السماء!.
لا أعرف من هو أوّل من عرّب
وأدخل اسم كونفوشيوس إلى العربية في هذه الصيغة. وأتساءل: ما هو اسمه العربيّ؟ وهل
كان له في تراثنا العربيّ اسم آخر لا يزال طيّ المغمور من تراثنا العربيّ،
فالتسمية العربيّة لكونفوشيوس ليست تسمية عربية وليست تسمية صينية بل هي ترجمة
لاتينيّة لاسمه دخلت إلى العالم العربيّ بعد اتصاله بالغرب في عصر النهضة؟ وهي بحد
ذاتها دالّة. هل كونفوشيوس وأمثاله لهم حضور في الكتب العربية على غرار ما نجد
اسماء سقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم من
فلاسفة الإغريق؟ وهل وصلنا ما وصلنا من فكر صينيّ وأدب صينيّ في الزمن المعاصر عن
طريق الصين أم أنّ أغلبه وصلنا عبر الغرب، وعبر مستشرقين اهتموا بالصين وترجموا
أعمالها؟
هل كانت نظرة العرب إلى
الصينيين في كونهم أهل صناعة لا أهل حكمة وعلم هي التي منعت من ترجمة مؤلفات
كبارهم من أمثال "لاو تزه" و" ليه تزه" و "تشوانغ تزه"
و "مانغ تزه" و"شون تزه" و"هان فيه تزه" وغيرها من
أمّهات الكتب الرائعة والبديعة وذات الغنى الفكريّ والاجتماعيّ والسياسيّ
والاستراتيجيّ؟
9- فاتحة التحوّلات
والانفتاح
تغيّر الوضع مع فاتحة القرن
الحادي والعشرين وبدأنا نرى انفتاحاً جميلاً على ثقافة الصين وبشكل مباشر من دون
حاجة إلى وسيط غربيّ. فأغلب الكتب المترجمة من الأدب الصيني والفكر الصينيّ كانت
تتمّ عبر وسيط لغوي غربيّ، فرنسيّ أو انكليزيّ أو ألماني، ولكنّنا اليوم بدأنا
نشهد وجود عرب يدرسون اللغة الصينية في الجامعات الصينيّة، أو في بعض الجامعات
العربية ككلية الألسن في جامعة عين شمس التي يعتبرها حسانين فهمي " قلعة
اللغة الصينية في مسصر والعالم العربي" ([42])
وهؤلاء يتقنون لغة كونفوشيوس، ويقومون بترجمة مباشرة من اللغة الصينيّة من أمثال
محسن فرجاني([43])،
وحسانين فهمي حسين([44])،
وعبد العزيز حمدي عبد العزيز([45])،
وحسين إسماعيل ويارا المصري، ينقلون كتباً أدبية وفكرية، حديثة وتراثيّة.
إنّ ترجمة الفكر الصينيّ
بقديمه وحديثه ورشة عمل كبرى، فالتراث الصينيّ تراث ضخم جدّا يفوق بضخامته تراث
أمم معاصرة كثيرة بسبب عراقته المتواصلة والممتدّة في الزمان، وهو يتطلّب جهوداً
جبّارة تتخطّى الطابع الفرديّ. من يعرف أيّ لغة أجنبية ويذهب إلى ما كتب حول الصين
وما ترجم من مؤلفات تشكّل لبّ التراث الصينيّ يذهل لتلك الجهود الجبّارة التي
بذلها الفرنسيّون والبريطانيّون والألمان في سبيل التعرّف إلى التراث الفكري
الصينيّ مثلاً، فنادراً ما تغيب أمّهات الكتب الصينية الأدبية والدينية والفكرية
عن واحدة من هذه اللغات، ولكن اللغة العربيّة ما تزال تفتقر إلى كتب كثيرة من دوحة
الكتب الصينية الكلاسيكية فضلاً عن المعاصرة. وليس المطلوب أن تكون غايات
الاهتمامات العربية بالصين على غرار الاهتمامات الغربيّة بالصين.
ولا نزال كعرب عالّة على
اللغات الأخرى في نقلنا للكتب الصينيّة وذلك لندرة من يتقن الصينية إتقاناً كاملاً
يخوّله التقاط الروح الصينية فيما ينقله إلى لغة الضاد. فما هو عدد الأقسام التي
تعلّم اللغة الصينية والأدب الصينيّ في الجامعات والمعاهد العربيّة مقارنة
بالمعاهد الغربيّة التي تعلّم اللغة الصينيّة أو اللغات الشرقيّة. ومن المستغرب
ورود هذه العبارة في كتاب يحمل العنوان التالي" الكونفوشيوسية: ماضيها
حاضرها/ موقف الإسلام منها" وتقول العبارة" ولم تذهب الدراسات التي قام
بها الأوروبيون في العصر الحديث حول الصين وشعبها عن جوهر ما ذهب إليه ابن المقفّع
وصاعد الأندلسيّ والمسعوديّ وابن بطّوطة"([46])،
علماً أنه إذا اكتفينا بكتب العلاّمة البريطانيّ جوزيف نيدهام الذي كرّس عمره
العلميّ في دراسة تاريخ الصين العلميّ والحضاريّ لتبّين لدينا النقصان الفادح في
معرفة تاريخ العلوم وتاريخ الفكر في الصين([47]).
أعتقد أنّه علينا الاعتراف بالتقصير، والتقصير الكبير في مجال الترجمة من الصينيّة
إلى العربيّة. وقد يمنحنا هذا الإحساس بالتقصير زخماً واندفاعاً لردم ذلك الثقب
الأسود.
يقال إنّ الترجمة خيانة، وهي خيانة لا مفرّ
منها، الخيانة في الترجمة ضريبة لا بدّ من دفعها برحابة صدر. فالمعنى ليس ابن
المعنى فقط بل ابن الأصوات التي تختارها هذه اللغة أو تلك، وفي اللغة الصينيّة ما
يميّزها عن غيرها هو كتابتها التي تساهم مفاتيحها الدلالية المكوّنة للرموز
والكلمات في صبغ المعنى وتلوينه بظلال يعسر نقلها حتّى ولو كان معرفة المترجم
للغته العربية في وزن ومعرفة أبي القاسم الحريريّ صاحب المقامات.
قلت إذا كانت الترجمة
خيانة، فإنّ ترجمة الترجمة خيانتان اثنتان وليست خيانة واحدة، ونأمل أن يتقن العرب،
قريباً، متعة ارتكاب خيانة واحدة في نقلهم للتراث الصينيّ.
وسأنهي بحثي هذا بالكلام
على رواية صينيّة هي " الرحلة الى الغرب xī yóu jì 西游 记 " وهي منسوبة للكاتب wú
chéng ēn吴承恩) )عاش في القرن السادس عشر، وهي
رواية شيّقة يعرفها كلّ صينيّ، بل يعرفها كلّ من له صلة روحيّة بالصين من دول
الجوار الآسيويّ الرحيب من قبيل كوريا واليابان مثلاً. ولهذه الرواية حضور جميل في
هذا العام، ولا يمكن أن لا يكون لها توهّج هذا العام في الصين، وهو عام القرد،
وإحدى الشخصيات الجذّابة والمهمّة في هذه الرواية هو القرد وو كونغ sun wu kong ذو القدرات
الأسطوريّة الخارقة. ولهذه الرواية حضور فنّي ملهم يطال كلّ الأشكال الفنية، من
رسم ونحت ومسرح وسينما ومسلسلات وشعر
وشرائط مصوّرة وألعاب فيديو وقصص أطفال.
سأتوقف، هنا، عند شخصية
واحدة من شخصيّات الرواية وهي شخصيّة شوان تزانغ (玄奘 xuán zàng ) الراهب البوذيّ الذي عاش
في القرن السابع الميلاديّ ( 602-664)
وذهب الى الغرب وبقي فيه حوالي اثني عشر عاما ليحضر نصوص بوذا المقدّسة (
السوترا )، وقام بتدوين رحلته في كتاب يتألف من مائة وعشرين ألف رمز صينيّ بعنوان (大唐西域记 Dà Táng Xīyù Jì الرحلة الى
الغرب في زمن سلالة تانغ)، ويقال إنّه " قام وحده بترجمة ما يقرب من ثلث
الشريعة البوذيّة وإنْ بمساعدة فريق من المعاونين وضعهم الامبراطور الثاني من
سلالة تانغ( تاي تزونغtàizōng 太宗) الذي حكم
ما بين 627-649([48]).
([49])
كلمة " غرب " في النصّ قد تدخل المرء في الحيرة، فالغرب في عنوان
الرواية، ليس " الغرب" الأوروبيّ، ولا الغرب " الأميركيّ" .
إنّه الغرب الشرقيّ!، الغرب الذي نهل منه البيرونيّ([50])
موادّ كتابه. ويعلّق جوزيه فْريش على ذلك بالقول:" من الغرب وليس من الشرق
تأتي الأشياء التي تنعش الروح"([51]).
أنهيت بشخصيّة شوان تزانغ
لأقول إنّنا، في العالم العربيّ، نحتاج إلى " شْوانْ تْزانْغْ عربيّ"
ولكن لا ليذهب إلى الهند وإنّما إلى ليذهب إلى رحاب الصين الفكرية، ويكون هاجسه
نقل التراث الفكريّ الصيني الغنيّ والجميل إلى لغة الضاد، وإن كان شوان تزانغ معه
مرافقون يذلّلون له الصعاب ومشقات الرحلة، مرافقون لهم طابع سحريّ وأسطوريّ وهم
القرد (孙悟空 sūn wù kōng ) والخنزير( zhū bā jiè猪八戒 ) والتنين龙王三君lóng wáng sān jūn) )، والكاهن البوذيّ الرمليّ ) 沙和 尚shā hé shang ) فإننّا، اليوم، نعيش في عصر لا تخلو قدراته
من طابع سحريّ بفعل وفضل التكنولوجيا الرقميّة التي تسهّل عملّية الترجمة، ونقل
المعارف، لمدّ خطوط تواصل روحية وفكريّة "المتوسّط" و"دولة الوسط 中国" .
د. بلال عبد الهادي
أستاذ في الجامعة اللبنانية
قسم اللغة العربية وآدابها / الفرع الثالث،
مسرد المصادر والمراجع:
- ابن الأثير، المثل السائر
في أدب الكاتب والشاعر، نهضة مصر للطباعة والنشلر والتوزيع، القاهرة، د.ت.
- أحمد أمين، ظهر الإسلام،
دار الكتاب العربي، بيروت،1969.
- أندريه ليفي، معجم الأدب الصينيّ، تر: محمّد حمود،
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2008.
- ابن
بطوطة، تحفة النظّار في غرائب الامصار وعجائب الأسفار،
- بدر
الدين و. ل. حيّ، تاريخ المسلمين في الصين، في الماضي والحاضر، دار الإنشاء
للطباعة والنشر، طرابلس- لبنان، 1394 هـ.
- البيروني، في تحقيق ما
للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/4/40
pdf
- توني
بارنستون وتشاو بينغ، فنّ الكتابة، تعاليم الشعراء الصينيين، تر: عابد إسماعيل،
دار المدى، دمشق، 2004.
- التوحيديّ،
المقابسات، تحـ: محمد توفيق حسين، دارر الآداب، بيروت، 1989.
- التوحيديّ،
الإمتاع والمؤانسة، توزيع المكتبة العصرية، بيروت،1953.
-
الجاحظ، البيان والتبيين، تح. عبد السلام هارون، دار الفكر، بيروت، د.ت.
- الجاحظ،
الرسائل، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، 1991.
- جفري بارندر، المعتقدات
الدينية لدى الشعوب، تر: إمام عبد الفتاح إمام، عالم المعرفة، الكويت، العدد 173،
1993.
- جوزيف نيدهام، موجز تاريخ العلم والحضارة في
الصين، تر. محمد غريب جودة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1995
- خه جاو وو (وآخرون)، تاريخ تطوّر الفكر الصينيّ، تر:
عبد العزيز حمدي عبد العزيز،المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2004.
- أبو إسحاق إبراهيم بن علي
الحصريّ القيروان، زهر الآداب وثمر الألباب، دار الجيل، بيروت، 1972.
-
شمس الدين الكيلاني، صورة شعوب الشرق الأقصى في
الثقافة العربيّة الوسيطة (الصين والهند وجيرانهما)، منشورات الهيئة العامّة
السوريّة للكتاب وزارة الثقافة ، دمشق 2008
- السيرافيّ، اخبار الصين
والهند، تحقيق وترجمة جان سوفاجيه، باريس، نشرة
les belles
letters , 1948
- زوو يوكي، المروحة في
الثقافة الصينية، تر:حسانين فهمي حسين، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2009
- صاعد الأندلسيّ، طبقات الأمم، تح:
حياة العيد بوعلوان، دار الطليعة، بيروت، 1985 .
-
صديق بن حسن القنّوجي، أبجد العلوم، ، دار ابن حزم، بيروت، لبنان.
- فهمي هويدي،الاسلام في الصين، عالم المعرفة، العدد
43، الكويت، 1981.
- فؤاد محمّد شبل، حكمة الصين، دراسة تحليلية لمعالم
الفكر الصيني منذ أقدم العصور، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1968.
- قوه ينغ ده، تاريخ العلاقات العربيّة الصينيّة،
تر: تشانغ جيا مين
-
كونفوشيوس، محاورات، تر: محسن سيد فرجاني، ضمن الكتب المقدّسة الأربعة، المركز
القومي للترجمة، القاهرة، 2009.
- لاو
تسو، كتاب التاو تي تشينغ، تر: فراس سوّاح،دار علاء الدين للنشر والتوزيع
والترجمة، دمشق، 1998.
- لاو
تزه، كتاب الطاو، تر: محسن فرجاني، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2005.
ليو
شيانغ، سياسات الدول المتحاربة جـ1، تر: محسن فرجاني، المركز القومي للترجمة، القاهرة،
2008، جـ2، 2010.
- المسعوديّ،
مروج الذهب ومعادن الجوهر، الجزء الأول، تح: شارل بلاّ، منشورات الجامعة
اللبنانية، بيروت، 1966.
-
المطهر بن طاهر المقدسي، البدء والتاريخ، دار صادر، بيروت، د.ت.
- منشيوس،
تر: محسن فرجاني، ضمن الكتب المقدّسة الأربعة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة،
2009
- ناصر
بن فلاح الشهراني، الكونفوشيوسيّة ماضيها، حاضرها، موقف الإسلام منها، مركز الملك
فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض،2011.
- ابن
النديم، الفهرست، تحـ: ابراهيم رمضان، دار المعرفة، بيروت، 1997.
- هادي العلوي، كتاب التاو،
دار المدى، دمشق، 2002.
- هادي العلوي، المستطرف
الصينيّ، دار المدى، دمشق، 2000.
- وو قن يو، جذور الثقافة
والقيم الصينية، تر: حسين اسماعيل، مراجعة: دو تشونغ، مؤسّسة الفكر العربيّ،
بيروت، 2012.
- وانغ كه بينغ، جواهر التقاليد الصينيّة، تر: عبّاس
جواد عليّ ولي وانغ يا، مؤسّسة الفكر العربيّ، بيروت، 2012.
- José Frèches, Dictionnaire amoureux de la
chine,
Plon, Paris,
2013
[2] البدء
والتاريخ، جـ3، ص 208
[4] - طبقات الأمم، ص 38. وفي كتاب المسعوديّ " مروج الذهب"
نلحظ شيئاً من الأسطورة في أعمار ملوك الصين فما بين ملك عاش " ثلاثمائة
ونيف" ص 156 ج 1، او مائتي سنة ص 157 ج واحد، ويحاول شارل بلاّ أن يجد ما
يطابق الاسماء التي أوردها المسعوديّ في كتابه من ملوك الصين فقال: ان كلامه كان
على ملوك الصين في دولة تانغ التي ملكت من 618 الى 907، جـ7، مروج الذهب ص 433.
والملاحظ أنّ الأسماء أصابها تحريف وتصحيف بين نسخة وأخرى. فمثلا نقرأ اسم "عدون"
أو "غدون"، ويطابقه بلاّ مع الإمبراطور kao tong الذي حكم في عام ،618 وهو مؤسّس حكم تانغ ص 433،
جـ6.
[5] - صاعد، ص 39
[6] - هناك مصطلح عربي قديم هو " الإسرائيليات" ويقصد به
تفسير بعض آيات القرآن على ضوء الأخبار التي وردت على لسان الأحبار اليهود.
[7] - وردت العبارة التالية، في
نسخة أخرى من نسخ الكتاب، على الشكل التالي:" الهند والفرس والكلدانيّون
والعبرانيّون واليونانيّون والروم وأهل مصر والعرب". ورّبما كان هذا الترتيب
أقرب الى منطق التسلسل الزمني، إلاّ أنّ محقّق الكتاب قد يكون وجد غضاضة في أن يأتي
ذكر العبرانيّين قبل ذكر العرب، ص 40.
[14] - الإمتاع والمؤانسة، جـ1،ص 70
[15] - الإمتاع والمؤانسة، جـ1، ص71.
[18] - " اليد" وردت في عدّة نصوص عربية
حين الكلام على الصين، كما في هذه العبارة لابن الأثير، " فطر أهل الصين على
الإحسان في صنعة اليد فيما يباشرونه من مصوغ أو خشب أو فخار أو غير ذلك ".
" المثل السائر في أدب الشاعر والناثر"، جـ2، ص4
[20]- البيان والتبيين، ص
[22]- مناقب الترك، ص 210. " وعبارة الصنعة ومترادفاتها
تتكرّر في مواقع كثيرة، منها " كأهل الصين في الصناعات" ص 214.
[24]- الفنّ ومذاهبه في
النثر العربي، http://shamela.ws/browse.php/book-11544/page-158، نقلا عن معجم الأدباء جـ 16
ص 99.
[26] - الفهرست،
ص35، وفي كتاب ربيع الأبرار للزمخشريّ عبارة لا تختلف كثيرا عنمّا قاله
الزمخشريّ:" والصين أقلامهم أنابيب قد شدّت على
رؤوسها شعيرات كالتي يستعملها النّقاشون.
[27] - الفهرست، ص 29. وورد
النصّ، أيضاً، في كتاب ابجد العلوم مع تغيرات طفيفة . الخط الصيني خطّ لا يمكن تعلمه في زمان قليل لأنّه
يتعب كاتبه الماهر فيه ولا يمكن للخفيف اليد ان يكتب به في اليوم اكثر من ورقتين
او ثلاثة وبه يكتبون كتب ديانتهم وعلومهم ولهم كتابة يقال لها كتابة المجموع وهو
ان كل كلمة تكتب بثلاثة احرف أو أكثر في صورة واحدة ولكل كلام طويل شكل من الحروف
يأتي علم المعاني الكثيرة فإذا أرادوا أن يكتبوا ما يكتب في مائة ورقة كتبوه في
صفحة واحدة، ص ص 387- 388 من أبجد العلوم.
[31] -
الفهرست، صص 302-303.
[36] - الأحاديث المطربة، 49.
[38] -
ترجم عادل اسماعيل كتاب " فن الكتابة، تعاليم الشعراء الصينيين" لـ توني
بارنستون و تشاو بينغ ، وفيه معلومات قيّمة عن أساليب الكتابة..
[39] -
المستطرف الصيني، ص 8.
[42] - من مقابلة مع الدكتور حسانين فهمي حسين في
جريدة الحياة، http://www.alhayat.com/m/story/15386690
[47] - ينظر كتاب موجز تاريخ العلم والحضارة في الصين، جوزيف نيدهام،
تر. محمد غريب جودة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995 .
[48]- أندريه ليفي، ص:267،
وينظر: كتاب المعتقدات الدينية لدى الشعوب، تحرير جفري بارندر، تر: إمام عبد
الفتاح إمام، عالم المعرفة، العدد 173، ص. ص 317-319.
[50] - شوان تزانغ درس على
غرار البيروني السنسكريتية وعاش بين الهنود، ومن الشيّق دراسة وجوه الشبه بين
البيروني وشوان تزانغ.