قال الشيخ الإمام العلامة
ألهُمام سيدي محمّد النفزاوي
رحمه اللّه :
الحمد
للّه الذي جعل اللّذة الكبرى في فروج النّساء وجعلها للنّساء في إيور الرّجال فلا
يرتـاح الفرج ولا يهدأ ولا يقر له قرار إلاّ إذا دخله الإير، فإذا اتصل هذا بهذا
وقع بينهما الكفاح والنّطاح وشديد القتال وقربت الشهوتان بالتقاء ألعانتين واخذ
الأير في الدك والمرأة في الهز، بذلك يقع الإنزال، وجعل لذة التقبيل في الفم
والوجنتين والرقبة والضم إلى الصدر ومص الشفة الطرية مما يقوى الإير في الحال؛
الحكيم الذي زين بحكمته صور صدور النساء بالنهود والرقبة بالقبلة والوجنتين بالحرص
والدّلال وجعل لهنّ عيوناً غانجات واشفاراً ماضيات كالسيوف الصقال وجعل لهن بطوناً
معتقدات وزينهن بالصورة العجيبة والأعكان والأخصار والأرداف الثقال، وأمد الأفخاذ
من تحت ذلك وجعل بينهن خلقة هائلة تُشبّه برأس الأسد في العرض إذا كان ملجما ويُسمى
الفرج فكم من واحد مات عليه حسرةً وتأسفاً من الأبطال وجعل له فماً ولساناً وشفتين
شبه وطأ الغزال في الرّمال، ثم أقام ذلك كلّه على ساريتين عجيبتين بقدرته وحكمته
ليستا بقصار ولا بطوال وزين ذلك السواري بالرّكبة والغرّة واللقب والعرقوب والكعب
والخلخال أغمسهن في بحر البهاء والسلوان والمسرة بالملابس الحقيقية والمحزم البهي
والمبسم الشهي سبحانه من كبير متعال القاهر الذي قهر الرجال بمحبتهن والإستكان
إليهن والارتكان، ومنهن العشرة وفيهن الرّاحة وبهن الإقامة والانتقال المذل الذي
أذلّ قلوب العاشقين بالفرقة وأحرق أكبادهم بنار الوجد والهوان والمسكنة والخضوع
شوقاً إلى الوصال، أحمده حمد عبد ليس له عن محبة الناعمات مروغ ولا عن جماعهن بدلاً
ولا نقلةً ولا انفصال، وأشهد أن لا اله إلا اللّه وحده لا شريك له شهادة أدّخرها
ليوم الانتقال وأشهد أن سيدنا ونبينا ومولانا محمد عبده ورسوله سيد المرسلين صلى
اللّه عليه وعلى آله وصحبه صلاةً وسلاماً أدخرهما ليوم السؤال وعند ملاقاة
الأهوال.
و بعـــد
..
هذا كتاب
جليل ألّفته بعد كتابي
الصغير المسمّى ( تنويع الو قاع في أسرار الجماع ) وهو الوزير وذلك انه أطلع عليه
وزير مولانا صاحب تونس المحروسة باللّه الأعظم وكان شاعره ونديمه ومؤنسه وكاتم سره
وكان لبيباً حاذقا فطنا حكيما أحكم أهل زمانه وأعرفهم بالأمور وكان اسمه محمد عوانه
الزاوي وأصله من زواه ومنشأه الجزائر، تعرّف بمولانا السلطان عبد العزيز الحفصي يوم
فتحه الجزائر فارتحل معه إلى تونس وجعله وزيره الأعظم فلما وقع هذا الكتاب
المذكور بيده أرسل إليّ أن أجتمع به وصار يؤكد غاية التأكيد للاجتماع
بي.
وعندما
اجتمعت به وأخرج لي الكتاب
المذكور وقال لي هذا تأليفك فخجلت منه؛ فقال: لا تخجل فإن جميع ما قلته حق ولا مروغ
لأحد عما قلته وأنت واحد من جماعه ليس أنت بأول من ألّف في هذا العلم وهو واللّه
مما يحتاج إلى معرفته ولا يجهله ويهزأ به إلاّ جاهل أحمق قليل الدّراية، ولكن بقيت
لنا فيه مسائل، فقلت: وما هي؟، فقال: نريد أن نزيد فيه مسائل، وهي أنك تجعل فيه
الأدوية التي اقتصرت عليها وتكمل الحكايات من غير اختصار وتجعل فيه أيضا أدوية لحل
المعقود وما يكبر الذكر الصغير وما يزيل بخوره الفرج ويضيّقه وأدوية للحمل أيضا،
بحيث أنه يكون كاملاً غير مختصر في شىء، فإن ألّفته نلت المراد؛ فقلت له : كل ما
ذكرته ليس بصعب إن شاء اللّه، فشرعت عند ذلك في تأليفه مستعينا باللّه ومصلياً على
سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم وسميته:
الرّوض
العاطر في نزهة الخاطر
واللّه
الموفق للصواب لا ربّ غيره ولا خير إلاّ خيره نســأله التوفيق والهداية، ولا حول
ولا قوة إلاّ باللّه العلى العظيم، ورتّبته على إحدى وعشرين باباً ليسهل على
الطّالب قراءته ويجد الحـاجة التي يطـلبها وجعـلـت لكل بـاب مـا يـليق به من منافع
وأدوية وحكايات ومـكـائــد فـأقـول:-
الباب
الأول المـحـمـود مـن الـرجـال
الباب
الثاني المـحـمـود مـن الـنـســـاء
الباب
الثالث الـمـكـروه مـن الـرجـــال
الباب
الرابع الـمـكـروه مـن الـنـــسـاء
الباب
الخامس ابــتــداء الــجــــمــاع
الباب
السادس كـيـفـيـة الــجــمــاع
الباب
السابع مــضــرات الــجــمــاع
الباب
الثامن أسماء إيــــور الـرجــــال
الباب
التاسع أسماء فــــروج الــنــســاء
الباب
العاشر إيـــــور الحــــــيـوانـات
الباب
الحادي عشر مــــــكـائـــد الـنــــســاء
الباب
الثاني عشر أسئلة ومــنافـع للـنـساء والرجـال
الباب
الثالث عشر أسباب شـهوة الجماع وما يـقـوى عـلـيـه
الباب
الرابع عشر فيما يـســتـدل بـه على أرحام الـنـسـاء
الباب
الخامس عشر أسباب عـقـم الـرجــال
الباب
السادس عشر الأدوية التي تـسـقط الـنـطـفـة من الرحم
الباب
السابع عشر حـل الـمـعـقود و هو ثـلاثة أصناف
الباب
الثامن عشر فيما يـكبر الـذكر الـصغير و يـعـظـمـه
الباب
التاسع عشر فيما يزيل بخوره الـفرج و الإبط و يضيـقه
الباب
العشرون عــلاجات الحمل ومـا تـلـده الـحـامـل
الباب
الحادي والعشرون خاتمة الكتاب في
منافع للبيض وأشربه تعين على الجماع
وقد جعلت
هذا البرنامج ليستعين به القارئ على مراده .
الباب
الأول
المحمود من الرّجال
اعلم
يرحمك اللّه … أيها الوزير إن الرّجال والنّساء على أصناف شتى، فمنهم محمود ومنهم
مذموم. فأما المحمود من الرجال عند النـسـاء فهو كبير المتاع ألقـويّ الـغليظ البطء
الإنزال والسريع الحركة والقوي الشهوة وهذا مستحسن عند النساء والرجال، وأما النساء
وحدهن إنما يردن من الرجال عند الجماع أن يكون وافر المتاع طويل الاستمتاع ضعيف
الصّدر ثقيل الظّهر بطيء الهراقة سريع الأفاقة ويكون إبره طويلاً ليبلغ قعر الفرج
فيسده سدا،ً فهذا محمود عند النساء ……. وقد قال الشاعر:
رأيت النساء يـشـتهين من
الـفتى خصـالاً لا تكاد إلاّ في الرجال تكون
شـباباً ومالاً وانفراداً
وصـحـةً ووفـر مــتـاع في الـنكاح يدوم
ومن بعد ذا عجز ثـقـيل
نزولـه وصدر خفـيـف فـوقـهن يـعـوم
وبطيء الإرهاق لأنّه
كــلـما أطــال أجاد الـفـضـل فـهو يدوم
و من بعد إرهاق يـفـيق
مـعجلاً فـيـأتـي بـإكرام عـلـيـه يـحوم
فـهذا الذي يـشفي النساء
ينكحه ويزداد حبـاً عـنـدهـن عــظـيم
حُكي …
واللّه اعلم …: إن عبد الملك بن مروان التقى يوما بليلى الأخيلة، فسألها عن أمور
كثيرة ثم قال لها يا ليلى: ما الذي تشتهيه النساء من الرجال ؟، فقالت: من خدّه
كخدّنا، فقـال لها: ثم ماذا ؟، فقالت : من شعره كشعرنا، قال: ثم ماذا ؟، قالت: مثلك
يا أمير المؤمنين.
فذلك
الشيخ إذا لم يكن سلطانا أو ذي نعمة فليس له في ودّهن نصيب ولــذا قال
الشاعر:
يردن ثراء الـمال حـيث
علمـنه وصرح الشباب عندهن عجيب
اذا شاب رأس المرء أو قل
مــاله فليس له في ودهن نـصيـب
وأكْيف
الأيور أثنى عشر إصبعاً وهى ثلاث قبضات، وأقلها ستة أصابع وهي قبضة ونصف، فمـن
الرجال من عنده اثنا عشر إصبعا وهى ثلاث قبضات ومن الرجال من عنده عشرة أصابع وهى
قبضتان ونصف، ومنهم من عنده ثمانية أصابع وهى قبضتان، ومنهم من عنده ستـــة أصابع
وهى قبضة ونصف؛ فمن كان عنده أقل من هذا فإنه لا خير للنساء فيه؛ وإنّ استعمال
الطّيب للرجال والنساء يعين كثيراً على النكاح، وإذا استنشقت المرأة برائـحة الطـيب
على الرجال انحلت انحلالا شديداً، وربما استعان على وصال المرأة برائحة
الطــيب.
حُكي …
واللّه أعلم … : إن مسيلمة بن قيس الكذّاب لعنه اللّه ادعى النبوة على عهد رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم، هو وجماعة من العرب فأهلكهم اللّه جميعاً وكان مسيلمة
يعرض القرآن كذبا وزورا، فالسورة التي ينزل بها جبريل عليه السلام على النبي صلى
اللّه عليه وسلم يأتون بها المنافقون إليه، فيقول قبّحه اللّه ( وهو القبيح ) وأنا
أيضا أتاني جـبريل بـسـورةٍ مثلها، فكان مما عرض به القرآن سورة الفيل، فقال لعنة
اللّه عليه "الفيل وما أدراك ما الــفيل له ذنـب وذيـل وخرطوم طويل إن هذا من خلق
ربنا الجليـل" ومما عارض به أيضا سورة الكوثر ((أنا أعطيناك الجماهير فاختر لنفسك
وبادر واحذر من أن تكاثر)) وفعـل ذلك في سورٍ شتى كـذبا وزوراً وكان مما يعارض به
أيضــا إذا سمع أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وضع يده على رأس أقرع فنبت شعره وتفل
في بئرٍ فكثر ماؤها ووضع يده على رأس صبى فقال: عش قرناً عش قرناً فعاش ذلك الصبي
مائة عام؛ فكان قوم مسيلمة إذا رأوا ذلك يأتون إليه ويقولون: ألا ترى ما فعل محمد؛
فيقول: أنا أفعل أكبر من ذلك؛ فكان عدو اللّه إذا وضع يده على رأس من كان شعره قليل
يرجع أقرع من حينه، وإذا تفل في بئر كان ماؤها قليل أيبس أو كان حلواً رجع مُرّاً
بإذن اللّه، وإذا تفل في عـين أرمد كفّ بصره لحينه، وإذا وضع يده على رأس صبي وقال
عش قرناً مـات في وقـتـه؛ أنظروا يا إخواني ما وقع لهذا الأعمى البصيرة، لكن
التوفيق من اللّه تعالى.
وكانت على
عهده امرأة من بني تميم يقال لها شجاعة التميمية أدعت النبوة وسمعت به وسمع بها،
وكانت في عسكر عظيم من بني تميم فقالت لقومها: ألنبوة لا تتفق بين أثنين إما يكون
هو نبي وأتبعه أنا وقومي وإما أن أكون أنا ويتبعني هو وقومه؛ وذلك بعد وفاة النبي
صلى اللّه عليه وسلم؛ فأرسلت أليه كتابا
تقول فيه: أما بعـد فإن النبوة لا تتفق بين اثنين في زمن واحد ولكن نجتمع ونتناظر
في ملأ من قومي وقومك ونتدارس ما أنزل اللّه علينا فالذي على الحق نتبعه، ثم ختمـته
وأعطته للرّسـول، وقالت له: سر بهذا الكتاب
لليمامة ومكّنه لمسيلمة بن قيس وأنـا أسير في أثرك، فسار ذلك الرسول فلما كان بعد
يوم و ليلة ركبت في قومها وسارت في أثره فلما وصـل الرسول إلى مسيلمة، سلم عليه
وناوله الكتاب
ففكّه وقرأه وفهم ما فيه فحار في أمـره وجعل يستشير قومه واحداً بعد واحدٍ فلم ير
فيهم ولا في رأيهم ما يشفي الغليل، فبينما هو كذلك حائراً في حال أمره إذ قام إليه
شيخ كبير من بين الناس وقال: يا مسيلمة .. طب نفساً وقر عيناً فأنا أشـير عليك
إشارة الوالد على ولده. قال: تكلم ما عهدناك إلا ناصحاً. فقال: إذا كان صبيحة الغد
أضرب خارج بلادك قبة من الديباج الملون وافرشها بأنـواع الحرير وانضحها نضحاً عجيبا
بأنواع المياه الممسّكه من الورد والزهر والنسرين والفشوش والقرنفل والبنفسج وغيره
فإذا فعلت ذلك فادخل تحت المباخر المذهبة المملوءة بأنواع الطيب مثل عـود الأقمار
والعنبر الخام والعود الرطب والعنبر والمسك وغير ذلك من أنواع الطيب، وأرخ أطناب
القـبة حتى لا يخرج منها شىء من ذلك البخور، فإذا امتزج الماء بالدخان فاجلس على
كرسيك وأرسل لها وأجتمع بها في تلك القبـة، أنت وهي لا غير، فإذا اجتمعت بها وشمّت
تلك الرائحة ارتخى منها كل عضو وتبقى مدهوشة فإذا رأيتها على تلك الحالة راودها عن
نفسها فإنها تعطيك، فإذا نكحتها نجوت من شرها وشر قومها؛ فقال مسيلمة: أحسنت ..
واللّه نعم المشورة هذه؛ ثم إنه فعل لها جميع ما قال له الشيخ، فلما قدمت عليه
طلبها للدّخول إلى القبة فدخلت واختلى بها وطاب حديثهما فكان مسيلمة يحدثها وهي
داهشة باهتة فلما رآها على تلك الحالة وكأنها اشتهت النكاح قال لها
شعرا:
ألا قـومي إلى الـمـخدع
فقد هيئ لك المضجع
فإن شـئت فــرشــناك وإن
شـئت على أربع
وإن شــئت كما تسجدي وإن
شئت كـما أركع
وأن شـئـت بـثـلاثـة وإن
شــئت به أجمع
فقالت له
: به أجمع .. هكذا أُنزل على نبي اللّه؛ فعند ذلك ارتقى عليها وقـضى منها حاجــته،
فقالت : أخطبني من عند قومي إذا خرجت، ثم إنها خرجت وانصرفت، وأخبرت قومها أنها
سألته فوجدته على حق فاتبعته؛ ثم أتى وخطبها من قومها فأعطوها له وطلبوا منه المهر،
فقال لهم: نترك عليكم صلاة العصر، فكان بنو تميم لا يصلّون العصـر إلى زمننا هذا
(زمن المؤلف)، ويقولون مهر نبيتنا ونحن أحق به من غيرنا، ولم يدّع النبوة من النساء
غيرها، وفي ذلك يقول القائل منهم:
أضحت نبيتنا أُنثى نطوف
بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
فأما
مسيلمة فهلك على عهد أبا بكر رضي اللّه عنه فقتله زيد بن الخطاب وقيل وحشي، وكلاهما
من الصحابة، واللّه أعلم أنه وحشي، وفي ذلك يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية وقتلت
شر الناس في الإسـلام وأرجوا اللّه أن يغفر لي هذا بذاك، ومعنى قتلت خير الناس في
الجاهلية حمزة بن عبد المطلب، وقتلت شر الناس في الإسلام مسيلمة الكذّاب، أي أنه
لمّا كان في الجاهلية قتل حمزة رضي اللّه عنه ولمّا دخل الإسلام قتل مسيلمة. وأما
شجاعة التميمية فإنها رجعت إلى اللّه سبحانه وتعالى وتزوجها رجل من الصّحابة رضوان
اللّه عليهم أجمعين.
والمحمود
عند النساء من الرجال أيضا هو الذي يكون ذا همةٍ ولطافت ومن له حسن القوام والقد،
المليح الشكل، لا يكذب على امرأة أبداً ويكون صدوق اللّهجة، أي اللسان، سخيّ شجاع
كريم النفس خفيف على القلب، إذا قال أوفي وإذا اؤتمن لم يخن وإذا وعد صدق، فهو الذي
يطمع في وصالهن ومعرفتهن ومحبتهن، وأما الرجل المذموم عندهن فأنظره في الباب الذي
بعده عكس ما ذكر.
حُكي …
واللّه أعلم …: إنه كان في زمن ومملكة المأمون رجل مسخرة، يقال له بهلول، وكان
كثيراً ما يتمسخر عليه السلطان والوزراء والقُوّاد، فدخـل ذات يـوم على المأمون وهو
في حكومته، فأمره بالجلوس فجلس بين يديه فصفع عنقه وقال له: ما جاء بك يا أبن
الزانية؟؛ فرد عليه قائلا: أتيت لأرى مولانا نصره اللّه؛ فقال له المأمون: ما حالتك
مع هذه المرأة الجديدة ومع القديمة؟، وكان بهلول قد تزوج امرأة على امرأته القديمة،
فرد قائلاً: لا حاجة لي مع الجديدة ولا حاجة لي مع القديمة ولا حاجة لي مع الفقر،
فقال المأمون: يا بهلول فهل قلت في ذلك شيئا؟ .. فقال: نعم .. قال: أنشد ما قلت في
ذلك !!؛ فقال:
الفقر قيّدني و الفقر
عذّبني والفقر صيرني في أشد الحال
والفقر شتمني والفقر
أهلكني والفقر شمت بي بين أجيال
لا بارك اللّه في فقر
تكون كما فقر فقد شمّت فيّ جميع غزالي
إن دام فقر وكايدني
ومارسني لاشك يترك مني منزلي خال
فقال له:
وإلى أين تذهب؛ قال: إلى اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم ثم إليك يا أمير
المؤمنين؛ فقال له: أحسنت، فمـن هرب إلى اللّه ورسوله قبلناه؛ ثم قال: فهل قلت في
زوجتك وما وقع بينكما شـعراً ؟؛ قال: نعم !؛ قال: أسمعنا؛ فانشــــــد:
فـقـلـت أكـون بينهما
خروفـا أنــعم بين ثديي نـعـجتـيـن
تــزوجت اثنين لفرط جهـلي
فما أشقاك يا زوج اثــنتــيـن
فـصرت كنعجةٍ تضحي وتمسي
تُـعـــذّب بين أخبث ذنـبـين
لـهــذه لـيلة و لـتلك
أخرى عــــــتاب دائم في الليلتين
رضي هذه يهيّج سـخط هذي و
مـا أنجو من إحدى السخطتين
فـإن شـئت أن تعيش عبداً
كريماً خـــلّي الـقلب مملوء اليدين
فـعـــش فرداً فإن لم
تستطعه فـواحدة تقوم بـعـسـكــرين
فلما سمع
المأمون شعره ضحك حتى استلقى على ظهره ثـم خلع عليه ثوباً مذهباً، فسار بهلول مسرور
الخاطر، فأجـتاز في طريقـه على منزل الوزير الأعظم وإذا بجارية في أعلى كوكب وقد
فرعت رأسها فرأت البهلول، فقالت لوصيفتها: هذا بهلول وربّ الكعبة أرى علية ثوباً
وذهباً، فكيف أحتال في أخذه، فقالت لها الوصيفة: يا مولاتي إنه رجل حــازم، فالناس
يزعمون أنـهم يضحكون عليه وهو يضحك عليهم، أتركية يا مولاتي فلا يوقعك في التي
تحفري له، فقالت: لابد من ذلك، ثم إنها أرسلت إليه الوصيفة، فقالت له: إن مولاتي
تدعوك، قال: على بركة اللّه، فمن دعاني أستجب له، ثم قدم عليها فسلمت عليه وقالت
له: يا بهلول ! إني فهمت عنك أنك أتيت لتسمع الغناء، فقال: أجل، وكانت هي نفسها
مغنّية عظيمة، فقالت له: وفهمت عنك أنك بعـد سماعك الغناء تريد الطعام، فقال: نعم،
فغنت له صوتا عجيبا ثم قدمت له الطعام والشراب فأكل وشرب، ثم قالت له: يا بهلول
سمعت عنك أنك تريد أن تنزع الحلّة التي عليك وتهبها لي، فقال: يا مولاتي .. أخلعها
أمام من يبرّ بيميني، فقد أقسمت اليمين أنّي لا أهبها إلاّ لمن أفعل معه ما يفعله
الرجل بأهله، فقالت: تعرف هذا يا بهلول، فقال: و كيف لا أعرفه، فو اللّه إني لأعرف
الناس به، وأنا أعلمهم وأعرفهم بحقوق النسـاء وبنكاحهن وحظهن وقدرهن، ولم يعطي يا
مولاتي للمرأة في النكـاح حقها غيري؛ وكانت حمدونة هذه بنت المأمون زوجة الوزير
الأعظم وهي صاحبة حسنٍ وجمال وقدٍ واعتدال وبهاءٍ وكمال، لم يكن في زمنها أجمل منها
في حسنها وكمـالها، إذا رأتها الأبطال تخشع وتذل وتخضع أعينهم في الأرض خـوف فتنتها
لما أعطاها اللّه من الحسن والجمال؛ فمن حقـق نظره من الرجال فيها افتـتن، وقد هلك
على يدها أبطال كثـيرة، وكان بهلول هذا يكره الاجتماع معها فترسل إليه ويأبى خوفاً
من الفتنة على نفسه فلم تزل كذلك مدة من الزمن إلى ذلك اليوم فأرسلت إليه فأتاها
كما ذكرنا أوّل الحكاية فجعلت تخاطبه ويخاطبها وهو مرة ينظر إليها ومرة يقع بصره في
الأرض خــوفاً من الفتنة، فجعلت تراوده على أخذ الثوب، وهـو يراودها على أخذ ثمنه؛
فتقول: ما ثمنه، فيقول: الوصال، فتقول: له تعرف هذا، فيقول: أنا أعرف خلق اللّه
تعالى بـه، وحـب النساء من شأني ولم يشتغل بهن أحد مثلى، وأكمل قائلاً: يا مولاتي
إنّ النساء تفرقت عقولهن وخاطرهن في أشغـال الدنيا، فهذا يأخذ وهذا يعطي وهذا يبيع
وهذا يشتري إلاّ أنا، فليس لي شغل أشتغل به إلاّ حب الناعمات، أشفي لهن الغلـيل
وأداوي كل فرج عليل؛ فتعجبت وقالت له: هل قلت في ذلك شعراً؛ فقال: نعم قلت في ذلك
…. و أنشد يقول:
غـرقـت الناس في شغل وفي
شغل و في انـبساط و في قبض وفي جسم
و في اضطرابٍ وفي فقرٍ
وثمة وفي غـنـاء مـال و في أخذ و في نعم
و لا غرامي إلا في نكاح
وفي حــب الـنـساء بلا شك ولا وهم
إن أبـطـأ الفرج عن أيري
يعاتبني قلبيى عتاباً شديداً غـيـر مـنصرم
إلاّ أنـا ليس لي في ذلك
مـنفعة في التركات ولا في العرب والعجم
هذا الذي قــام فـانظر
عظم خلقته يـشـفي غليلا ويطفئ ناراً تضطرم
بـالـحل و الدّلك في
الأفخاذ يا أملي يـا قـرة الـعـين بنت الجود والكرم
إن كـان يشفي عليلا زدت
منه ولا عـتب عليك فهذا مصرف الأمم
و إلاّ فأبعديني عنك و
اطرديني طــرداً عـنيـفاً بلا خوف ولا ندم
و انظري فان قلت لا
لأزددت منقصة عـندي فـباللّه اعـذريني ولا تلم
و أدحضي عليك أقاويل
الـعداوة ولا تـصـغـي لـقـول سفيه كان متهم
و أقربي إلي ولا تبتعدي
وكوني كمن أعـطـى دواءً لـمن كان ذا سقم
و اعزمي لكي نرقى فوق
النهود ولا تبخلي بوصل .. إلي قومي بلا حـشم
و اتـركـي عـليك فاني لا
أبوح بذا لـو كـنت أنسر من رأسي إلى قدم
يـكــفيك أنت فـأنت ثم
أنا فأنا عـبـد وأنت مـولاتـي بلا وهم
فـكـيـف أخـرج سراً كان
متكتما أنــا على الـسـر أصم ومنيكم
اللــــه يعلم ما قد حل
بي وكفى مـن الـغـرام فـاني اليوم في عدم
فلـما
سمعت شعره انحلت و نظرت إيره قائماً بين يديه كالعود، فجعلت تقول مرة أفعل ذلك وذلك
في نفسها خفية، وقامت الشهوة بين أفخاذها وجرى إبليس منها مجرى الدم وطابت نفسها أن
ترقد له ثم قالت لنفسها: هذا بهلول إذا فعل هذا معي ثم أخبر فلن يصدقه أحد، ثم قالت
له: انزع الحلّة وادخل إلى المقصورة حتى أقضي أربي منك يا قرة العين، فقامت ترتعد
مما حلّ بها من ألم الشهوة ثم حلت حزامها ودخلت إلى المقصورة وتبعها وهي تتدرج فجعل
بهلول يقول: يا ترى هذا في المنام أم في اليقظة، فلما دخلت إلى مقصورتها ارتقت على
فرش من الحرير وأقامت الحلل على أفخاذهـا وجعلت ترتعد بصحتها بين يديه وما أعطاها
اللّه من الحسن، فنظر بطنها معقدة كالقبـة المضروبة ونظر إلى سرتها في وسع القدح
فمد نظره إلى أسفل فرأى خلقته هائلـة فتعجب من تعرية أفخاذها فقرب منها وقبّلها
تقبيلاً كثيراً فرأى من حسنها وجمالها ما أدهشه وهي تقوم وتلقي إليه بفرجها، فقال:
يا مولاتي أراك داهشة مبهوتة، فقالت: إليك عني يا ابن الزانية، فإني واللّه
كالفريسة الحائلة، وزدت أنت بكلامك، ألم تعلم أن هذا الكلام يتخيل المرأة ولو كانت
أصين خلق اللّه، أهلكتني بكلامك وشعرك !!؛ فقال: ولأي شيء تتحايلي وزوجك معك؛
فقالت: المرأة تتحايل على الرجل كما تتحايل الفرسة على الفرس، سواءً كان عندها زوج
أم لا، خلافاً للخيل، فإنها تتحيل بطول المكث إذا لم يرتم عليها فحل، والمرأة
تتحيّل بالكلام و بطول المدة فكيف أنا وهاتان الخصلتان إلتقيا عندي وأنا غاضبة على
زوجي أعواماً، فقال: لها إن بظهري ألما فلا أستطيع الصعود على صدرك ولكن اصعدي أنت
وخذي الثوب ودعيني أنصرف، ثم إنه رقد لها كما ترقد المرأة للرجل وإيره واقف كالعود،
فارتمت عليه ومسكته بيدها وجعلت تنظر إليه وتتعجب من كبره وعظمته، فقالت: هذا فتنة
النساء وعليه يكون البلاء يا بهلول، ما رأيت أكبر من إيرك، ثم مسكته و قبلته ومشته
بين فرجها ونزلت عليه وإذا هو غائب لم يظهر له خبر ولا أثر، فنظرت فلم ترى منه شيئا
يظهر، فقالت: قبّح اللّه النّساء فما أقدرهنّ على المصائب، ثم جعلت تطلع وتنزل عليه
وتغربل وتكر بل يميناً وشمالاً وخلفاً واماماً إلى أن أتت الشهوتان جميعاً، ثم إنها
مسكته وقعدت عليه وأخرجته رويداً رويداً وهى تنظر إليه وتقول: هكذا تكون الرجال ثم
مسحته، وقام عنها يريد الإنصاف، فقالت: له وأين الحلة ؟، فقال: يا مولاتي تنكحيني
وأزيدك من يدي !!؛ فقالت: ألم تقل لي أن بظهري ألماً فلا أستطيع الفعل؛ فقال لها:
أنت التي ارتقيت عليه وجعلتيه ينزل، فأنت التي نكحتني، أما أنا فلم أرق على صدرك
وأدك أيري بين خدّي فخديك، وأنا أطلب حقي منك !! وإلاّ دعيني أنصرف؛ فقالت في نفسها
إني فعلت ولكنّي لن أدعه يذهب دون الثاني ويذهب عني ثم رقدت له فقال: لا أقبل حتى
تنزعي جميع ثيابك، فنزعت الجميع، وعل يتعجّب من حسنها وجمالها ويقلب فيها عضواً
عضواً إلى أنْ أتى إلى ذلك المحل فقبله وعضه عضةً عظيمةً وقال: آه ثم آه .. يا فتنة
الرجال؛ ولم يزل بها عضاً وتقبيلاً إلى أن قربت شهوتهما، فقربت يدها إليه وأدخلته
في فرجها بكماله، فجعل يدك هو وتهز هي جيداً إلى أن أتت الشهوتان ثم إنه أراد
الخروج، فقالت له: أتهزأ بي ؟؛ فقال لها: لا أنزعها إلاّ بثمنها !؛ فقالت: وما
ثمنها ؟؛ فقال: الأوّل لك والثاني لي وهو عوض الأول وقد تفادينا، وهذا الثالث هو
ثمنه، ثم نزعه وطواه بين يديه فقامت ورقدت له وقالت: افعل ما تشاء؛ ثم إنه ترامى
عليها وأولج إيره في فرجها إيلاجاً مستديماً وجعل يدك وهي تهز إلى أنْ أتت شهوتهما
جميعاً فقام عنها وترك الحلة، فقالت لها الوصيفة: ألم أقل لك أن بهلول رجل حازم فلا
تقدري عليه، وإن الناس يزعمون أنهم يضحكون عليه وهو يضحك عليهم فلم تقبلي قولي؛
فقالت: أسكتي عني، فقد وقع ما وقع وكل فرج مكتوب عليه اسم ناكحه حبّ من حب أو كره
من كره، ولو لا أن اسمه مكتوب على فرجي ما كان يتوصل إليه هو ولا غيره من خلق اللّه
تعالى ولو يهب لي جميع الدنيا؛ فبينما هما في الحديث و إذا بقارع يقرع الباب، فسألت
الوصيفة: من بالباب ؟؛ فرد: أنا بهلول؛ فلما سمعت امرأة الوزير صوته ارتعدت، فقالت
له الوصيفة: ما تريد ؟ قال: ناوليني شربة ماء؛ فأخرجت له الإناء فشرب ثم ألقاها من
يده فانكسرت، فأغلقت الوصيفة الباب وتركته فجلس هناك، فبينما هو جالس إذ قدم عليه
الوزير وقال له: مالي أراك هنا يا بهلول، فقال: يا سيدي كنت في طريقي من هنا فأخذني
العطش فقرعت الباب فخرجت لي الوصيفة وناولتني إناء ماء فسقط من يدي فأنكسر فأخذت
لمولاتي حمدونة الثوب الذي أعطاني مولانا الأمير في حق الإناء، فقال للجارية: أخرجي
له الحلة فخرجت حمدونة وقالت: هكذا كان يا بهلول، ثم ضربت يداً على يد؛ فقال لها:
أنا حدثته بخبالي وأنت حادثتيه بعقلك، فتعجبت منه وأخرجت له الحلة فأخذها
وانصرف.
الباب الثاني
المحمود من النساء
اعلم …
رحمك ألله … أيها الوزير يرحمك اللّه أن النساء على أصناف شتى فمنهنّ محمود ومنهنّ
مذموم، فأمّا المحمود من النساء عند الرجال فهي المرأة الكاملة القد العريضة
الخصيبة، الكحيلة الشعر الواسعة الجبين، زجّة الحواجب واسعة العينين في كحوله حالكة
وبياض ناصع، مفخّمة الوجه أسيلة، ظريفة الأنف ضيقة الفم محمرّة الشفايف واللّسان
طيبة رائحة الفم والأنف، طويلة الرقبة غليظة العنق عريضة الصدر واقفة النهود، ممتلئ
صدرها ونهدها لحما، معقدة البطن وسرتها واسعة، عريضة العانة كبيرة الفرج، ممتلئة
اللحم من العانة إلى الآليتين، ضيقة الفرج، ليس فيه ندوة رطوبة أو سخونة، تكاد
النار تخرج منه وهذا الشرط مختل في بني بياضة، فما فيهن إلاّ النّتن وكثير البرودة،
فمن أراد ضيقة الفرج وسخانته فعليه ببنات السودان وليس الخبر كالعيان، ويكون الفرج
ليس فيه رائحة قذرة، غليظة الأفخاذ والأوراك ذات أرداف ثقال وعكان وخصر جيد، ظريفة
اليدين والرجلين، عريضة الزندين، بعيدة المنكبين، عريضة الأكتاف واسعة المخرم،
كبيرة الرّدف، إن أقبلت فتنت وإن أدبرت قتلت وإن جلست كالقبة وان رقدت كالهضبة
العالية وإن وقفت كالعلم، قليلة الضحك والضحك في غير نقع، ثقيلة الرجلين عند الدخول
والخروج ولو لبيت الجيران، قليلة الكلام معهم، لا تعمل من النساء صاحبة ولا تطمئن
لأحد ولا تركن إلاّ لزوجها ولا تأكل من يد أحد إلاّ من يد زوجها وقرابتها إن كان
لها قرابة، ولا تخون في شىء وتستر على كل حرام وإن دعاها زوجها طاوعته وسبقته إليه،
تعينه على كل حال من الأحوال، قليلة الشاكية والنكاية، لا تضحك ولا تنشرح إلاّ إذا
رأت زوجها ولا تجود بنفسها إلاّ لزوجها ولو قُتلت صبرا ..
حُكي ..
واللّه أعلم .. أنه كان ملكاً فيما مضى قويّ السّلطان يُقال له (علي بن الصقيعي)
أصابه ليلة من الليالي أرق شديد، فدعى بوزيره وصاحب الشرطة وصاحب العسّـة، فحضروا
بين يديه، فقال لهم: إني أصابني أرق شديد، وأردت أن أطوف المدينة في هذه الليلة
وأنتم بين يدي، فقالوا: ألسمع والطاعة؛ ثم تقدم وقال: بسم اللّه وعلى بركة رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وساروا في أثره يطوفون من مكان إلى مكان ومن شارع إلى
شارع، فبينما هم يطوفون إذ سمعوا حساً في زقاق وإذا برجلٍ سكران يقوم ويتمرغ على
الأرض ويضرب على قلبه بالحجر ويقول ضاع الحق؛ فقال الملك لهم: ائتونى به برفق،
وإياكم أن تروّعوه؛ فأخذوا بيده وقالوا له: قم لا بأس عليك ولا خوف لديك غير سلام؛
فقال: يا قوم ألم تعلموا أن أمان المؤمن السّلام، فإذا لم يسلّم المؤْمن على
المؤْمن فقد غدره، ثم قام معهم فأتوا به إلى الملك وهو جالس ضارب النقاب على وجهه
هو وأصحابه، وفي يد كل واحدٍ منهم سيفه يتوكأُ عليه، فلما وصل إلى الملك قال:
السّلام عليك يا هذا، فقال له: لأني لم أعرف لك اسما، فقال له الملك: وإنّا كذلك،
ثم قال الملك: مالي أسمعك تقول في حديثك: آه .. ضاع الحق .. ولا مسلم يعلم السلطان
بما يجري في خلافته .. ما الذي جرى عليك أخبرني؟ فرد قائلا: لا أُخبر إلاّ من يأخذ
الثأر ويكشف عني الذل والعار فقال له الملك: إنّا سنأخذ ثأرك إن شاء اللّه وسنكشف
عنك العار، فقال: حديث غريب وأمر عجيب وذلك لأني كنت أهوى جارية وتهواني ولي محبة
معها وتلاقينا مدة طويلة، فأغوتها بعض العجائز وسارت بها إلى دار الفسق والخنا فذهب
عني النوم وفارقنا الهنا وعُدت في أشد العنا، فقال : وأيُّ الدار .. أهي دار
الخنا؟، وعند من هي هذه الجارية ؟، فقال: عند عبدٍ أسود يسمى الضرغام وعنده أيضا
جوار كالأقمار ليس عند الملك ما يشابههن، فمن محبتها إياه وعشقها له تبعث له ما
يستحق من المأكل و المشرب، والعبد عبده، فقال له الملك: أرني المكان، فقال: إن
أريتك المكان ما تصنع، فقال الملك: الذي نصنع سوف تراه، فقال له: إنك لا تستطيع
لأنّ المكان مكان حرمة وخوف، وإن هجمت عليه تخاف على نفسك من الموت لأن صاحبه ذو
سطوةٍ وحرمةٍ، فقال له الملك: أرني المكان ولا بأس عليك، فقال: على بركة اللّه، ثم
سار أوّلهم وهم يتبعونه إلى أن أتى في زقاق كبير فسار إلى أن قرب من دار شاهقة
الأبواب عالية الحيطان مرتفعه من كل مكان، فنظروا فلم يجدوا فيها مطمعاً، فتعجّبوا
من دعائمها، فالتفت الملك إلى ذلك الرجل وقال: ما أسمك، فقال: عمر، فقال: يا عمر!!
هل فيك قوّة ؟، قال: نعم، ثم التفت إلى أصحابه وقال: هل فيكم من يصعد إلى هذا
الحائط ؟، فقالوا بأجمعهم: لا قدرة لنا على ذلك، فقال لهم الملك: أنا أصعد عليه
بحيلة، وشرط أشترطه عليكم تفعلونه، يكون به الصعود إن شاء اللّه، فقالوا: وما هو ؟،
فقال: أخبروني من القويُّ فيكم ؟، قالوا: صاحب الشرطة والسياف؛ فقال: ثم من ؟،
قالوا: صاحب العس، قال: ثم من ؟، قالوا: الوزير الأعظم؛ هذا كله وعمر بن سعيد يسمع
ويتعجب، فلما علم أنه الملك فرح فرحاً شديداً ثم قال عمر: أنا يا مولاي السّلطان،
فقال الملك: يا عمر إنّك اطلعت على أسرارنا وعرفت أخبارنا فأكتم سرنا تنجو من شرنا
ثم قال للسياف: إجعل يدك على الحائط وأخرج ظهرك، ففعل، ثم قال لصاحب العس: اصعد على
ظهره واجعل رجليك على أكتاف الأول ويديك في الحائط ثم أمر الوزير بالصعود فصعد على
أكتاف الأول ثم صعد على ظهر الثاني فوقف على أكتافه ويداه في الحائط ثم قال الملك:
يا عمر اصعد إلى مكانك الأعلى، فتعجب عمر من هذا التدبير وقال: نصرك اللّه يا أمير
المؤمنين ونصر رأيك السديد ثم صعد على أكتاف السياف ثم على ظهر صاحب العس ثم على
ظهر الوزير ووضع رجليه على أكتاف الوزير ويديه في الحائط، ولم يبقى إلاّ الملك، ثم
إن الملك قال: بسم اللّه ووضع رجليه على صاحب الشرطة وقال له اصبر ولك عندي كذا
وكذا، ووضع رجليه أيضا على صاحب العس وقال له اصبر ولك عندي كذا وكذا ثم صعد على
ظهر الوزير وقال له اصبر ولك عندي كذا وكذا والحظ الوافر ثم صعد على ظهر عمر وقال
له اصبر يا عمر فاني جعلتك كاتماً للسر ولا تقلق، ثم جعل رجليه على أكتافه ورمى
بيديه إلى السطح وقال: بسم اللّه وعلى بركة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قفز
قفزةً وإذا به على السطح ثم قال لأصحابه : ينزل كل واحدٍ منكم على ظهر صاحبه،
فنزلوا و جعلوا يتعجبون في رأى الملك و صحة السياف الذي حمل أربعة رجالٍ بعدتهم ثم
إن الملك نظر إلى المنزل فلم يجد له مسلكا فنزع عمامته من رأسه و ربطها بطاقة هناك
ربطةً واحدة ثم نزل معها إلى المكان و جعل يدور في المكان إلى أن وجد بابا و عليه
قفل كبير فعجب منه و من صعوبته فقال : وصلت ها هنا والأمر للّه، و لكن الذي دبّر لي
في الهبوط إلى هنا يدبر لي في الوصول إلى أصحابي، ثم أخذ يدور في المكان و يعد
المنازل منزلاً منزلاً إلى أن عدّ سبعة عشر منزلاً و كلها مفروشة بأنواع الفرش
المذهبة و القطف و الزرابي الملونة من أولها إلى آخرها، فنظر فرأى منزلاً عالياً
مرتفعا على سبع درجات فأتاه و هو يقول : اللّهم إجعل لي من أمري فرجاً و مخرجاً، ثم
صعد أول درجة وقال : بسم اللّه الرحمن الرحيم، و نظر إلى الدرجة و إذا هي بالرخام
الأكحل و الأبيض و الأصفر و الأزرق و غير ذلك ثم صعد الثانية و قال : نصر من اللّه
و فتح قريب، ثم صعد الثالثة و الرابعة و هو يصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه و سلم
إلى أن وصل إلى الستار الذي بالباب، و إذا هو من الديباج الأحمر، فنظر إلى المكان و
إذا به يتوهج بالضوء و فيه ثريات كبيرة و شمع يوقد في حسكات من الذهب و في وسط
البيت خصه تفور بالماء و سفرة منصوبة من طرف المكان إلى طرفه و مملوءة بأنواع
الغلال و الثمار، و المكان مفروش بأنواع الفرش المذهّبة التي تكاد تخطف الأبصار،
فنظر و إذا على تلك السفرة اثنتي عشرة بكراً و سبع من الجواري كأنهن الأقمار، فتعجب
من ذلك ثم حقق نظره فرأى جاريةً كالبدر المنير كاملة الأوصاف بطرف كحيل و خد أسيل و
قدٍّ يميل، فحار الملك في وصفها و دهش ثم قال في نفسه : كيف يكون الخروج من هذا
المكان .. أتركي يا نفسي عنك التعجب، ثم نظر و إذا بأيديهم زجاجات مملؤة بأنواع
الخمر و هم يأكلون و يشربون و قد امتلئوا خمراً، فبينما هو يدبر في الخلاص إذ سمع
جاريةً من الجواري تقول لصاحبتها : يا فلانة قومي لتوقدي لنا الشمع .. أنا و أنت و
فلانة إلى المكان الآخر لننام فيه، فقامت و أوقدت و سارت هي و صاحبتها إلى بيت آخر
وفتحتا بابه و أوقدتاه، و الملك اختفى في مكان آخر ثم خرجتا لتقضيا الضرورة
البشرية، فلما غابتا دخل الملك ذلك البيت و اختفى في بعض مقاصره و قلبه معلق
بأصحابه و كذلك أصحابه قلقوا عليه و قالوا : إنّ الملك غر بنفسه . فبينما كان الملك
مختبئاً إذ دخلتا وغلّقتا الباب، وهما ممتلئتان خمراً ثم نزعتا ماعليهما من الثياب
و جعلتا تنكحان بعضهما بعضاً، فقال الملك لنفسه : صدق عمر في قوله، دار الخنا و
معدن الزّنا . فقام الملك و طفئ السراج و نزع حوائجه و دخل بينهما، و كان قد عرف
أسمائهما قبل ذلك، فقال لواحدةٍ : أين وضعت مفاتيح الأبواب، و ذلك خفية، فقالت :
أرقد .. المفاتيح مكانها، فقال الملك في نفسه : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه
العليُّ العظيم، ما حصلت على طائل، ثم قال الملك : يا فلانة أخبريني أين وضعت
المفاتيح، فإن النّهار قريب، لكي تغلقي الأبواب إذا طلع النهار و تخمّلي المكان
وتنظفيه، فقالت : المفاتيح في مكانها المعلوم، و المكان أنت تعلمينه، أرقدي حتى
يطلع النهار، فقال : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العليّ العظيم، لولا الخوف من
اللّه لمشيت عليهما بالسيف، فقالت إحداهما : يا فلانة، فردت : نعم، فقالت لها : إن
قلبي ما حدثني على المفاتيح خيراً، أخبريني أين وضعتها ؟، فقالت : يا قحبة ! أكلك
فرجك وأبطأ عليك نكاحك ! فما طقت الصّبر في ليلة واحدة ! فكيف بامرأة الوزير !! لها
ها هنا ستة أشهرٍ و ضرغام في كل ليلة يراودها و هي تأبى .. اذهبي فإن المفاتيح في
جيب العبد ضرغام، بل قولي له أعطيني إيرك يا ضرغام؛ و كان اسم العبد: ضرغام؛ ثم
سكتت و سكت الملك و فهم المقصود، ثم إنه صبر قليلاً حتى نامت الجارية و أخذ أثوابها
و جعلها عليه و تقلد بسيفه من تحت الثياب و تقنّع بقناع من حرير حتى إنه لم يفرق من
النساء، ثم فتح الباب و دخل خفيةً و أتى إلى المكان الأول خفية، و أتى إلى المكان
الثاني فوقف على الباب و دخل تحت الستار فوجدهنّ قد امتلأْن خمراً و البعض رقود و
البعض قعود فقال في نفسه : يا نفس أدحضي، فإنك الملك، فإنك وقعت بين خمارين لا
يعرفون الملك من الرعية و أظهري قوتك، ثم دخل و جعل يترامى كالمخمور إلى أن أتى إلى
السرير فظن العبد و الجواري أنها الجارية التي كان يتكلم معها، فطمع العبد ضرغام في
نكاحها لمّا رآها قصدت الفراش و قال لنفسه : هذه ما أتت هنا و قصدت الفراش إلاّ
مشتهية النكاح، ثم قال لها : يا فلانة أنزعي ثيابك و أدخلي الفراش حتى نأتي، فقال
الملك : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم، صدق عمر؛ ثم جعل يفتش في الثياب
و المكاتب فلم يجد شيئا فقال ما أراد اللّه يكون، و إذا بطاقة عالية فمد يده إليها
فوجد ثوباً مذهّبا فرمى يده في جيبه فإذا هو بالمفتاح و إذا هي السبعة مفاتيح على
عدد الأبواب، فقــال : اللّهم لك الحمد، ثم قال : لن أخرج من هنا إلاّ بحيلة، ثم
جعل يتقيّأ و خرج و هو يتبوّع و يترامى إلى أن حصل في وسط الدار، فقال العبد : بارك
اللّه فيك يا فلانة لو كانت غيرك لتقيأت على الفراش، ثم إن الملك أتى الباب الأول و
فتحه ثم أغلقه خلفه ثم فتح الباب الثاني و أغلقه خلفه إلى تمام سبعة أبواب فوجد
أصحابه في حيرةٍ كبيرةٍ، فسألوه عن الخبر، فقال لهم : ليس هذا وقت السؤال و النهار
قريب فأدخلوا على بركة اللّه و كونوا على حذر فإن المكان فيه سبعة من العبيد و
اثنتي عشرة بكراً و سبعة من الجواري كأنهن الأقمار، فجعلوا يتعجبون من شجاعته، فقال
له الوزير : ما هذا اللّباس يا مولانا، فقال : أسكت فما توصلت للمفاتيح إلاّ بهذه
الكسوة، ثم دخل البيت و نزع ما كان عليه و لبس ثيابه و أتى المنزل الذي فيه العبد و
الجواري و وقفوا قبله خلف الستار و نظروا فقالوا : ليس فيهن من تعي ما حولها إلاّ
المرأة الجالسة على المرتبة العالية، فقال الملك : لا بد لي منها، إن لم يوصلها
أحد؛ فبينما هم كذلك هبط العبد ضرغام من الفراش و هبطت خلفه جارية عظيمة ثم قام عبد
آخر و صعد بجارية أخرى و هكذا إلى السادسة و هم ينكحون فيهن واحدة بعد واحدة و لم
يبق إلاّ تلك المرأة و الأبكار، و كل امرأة تطلع شديدة البأس و تهبط منكّسة الرأس،
ثم إن العبيد جعلوا يراودون تلك المرأة واحداً بعد واحد إلاّ تلك المرأة أبت وقالت
: لا أفعل هذا أبداً، أنا و أولئك الأبكار، فنحن أمانة اللّه عندكم، فقام ضرغام و
إيره واقف كالعود وجعل يلطم وجهها و رأسها و قال : هذه ستة أشهر و نحن نراودك و
تمتنعين، فلا بد من نكاحك في هذه الليلة، فلما رأت منه الجد و هو سكران جعلت تلاطفه
و تواعده، فقال لها : نفذ صبري من الملاطفة و الوعد؛ فقالت له : إجلس ففي هذه
الليلة تبلغ مرادك، فجلس العبد و إيره كالعود، و السلطان يتعجب و هي تقول من صميم
قلـــــبها و تــنشد و تستغيث :
تـمنيت وصل فتى يكون
حـقيقة صـنديد مافيه للناس طميعة
قـوي المتاع كالعود إذا
بدا وفي طوله والعرض في كل جهة
لـه رأس قالقنديل يظهر
للورى غـلـيظ بـلا شـبه في الخليقة
قـويا متينا مستدير دماغه
وحـيا بطول الدهر ليس بميت
فيهوى قيام الليل من فرط
حبه ويـبـك لفرجى ثم يشكو لعانتى
ولا يـستغيث ولا يغاث ولا
يرى صـديقا يقاسى معه عظيم المشقة
و لا يرى ما قد حل فيه من
الأذى فـيخرطه خرطا ويظفر بظفرتى
و يـعـجـن عجنا مستديما
مبلغا امـامـا و خـلفا مع يمينا ويسرة
و يـنـطح نـطحة بعزم و
قوة ويـحيط رأ س الإير باب السكينة
يـقـلبنى ظهرا وبطنا
وجانبا بـبـوس قـوى ثم عض لـشفتى
لمز وتعـنيق في الفراش
ممرضا تـكـون لـديه مثل ضعف الاناثة
فـيـبـدأني بالعض من قرني
الى قـدمـى تـقـبـلاً يكون بحرقة
اذا مـا رآنـى طبت جاء
معجلاً و يـحـل بأفخاذى يقبّل عانتي
و يـمـكنه في يدي لكي ما
تدكه إلى ان يصل رحمي وتقترب شهوتي
و يهز هزا عـجيبا
نـعـيـنه بــهـزي هزاً يكون بعجلة
ثـــم يقول خذي ذا ..
فنجيبه بــأهلاً بك يانور مقلتي
فـيـا سـيد الشبان من
أسرت له روحي وعقلي قف لتسمع وصيتي
فــبـاللّه لاتـنـزعه مني
وخله لـنشفى بذلك اليوم من كل نكبة
أقـسـم باللّه العظيم فما
ترى لـه مـن نزوع منك سبعين ليلة
فـيـكمل
فرحي عند ذلك بما أرى مـن الـبؤس والتعنيق في كل ليلة
فلما فرغت
من شعرها تعجب الملك من ذلك و قال : قبحك اللّه من إمرأة، ثم إلتفت إلى أصحابه و
قال: لا شك أن هذه ليس لها زوج و لا زنت أبداً؛ فقال عمر بن سعيد : صدقت أيها الملك
.. زوجها غائب قريب .. و قد راودها على الزنا كثير من الناس، فأبت؛ فقال الملك :
إني سمعت أن عندك زوجة صالحة ذات حسن و جمال لا تزني و لا تعرف الزنا، فمن تكون
صاحبتك في هؤلاء ؟، فقال : ما رأيتها فيهن أيّها الملك، فقال الملك : إصبر فأنا
أريها لك، فتعجب عمر من فطنة الملك، فقال الملك : هذا هو العبد ضرغام، فقال الوزير
: هو عبدي؛ فألتفت إليه الملك و قال: أسكت ليس هذا محل الكلام؛ فبينما هم كذلك و
إذا بالعبد يراودها على القيام و يقول لها : أعياني كذبك يابدر البدور؛ و كان إسمها
كذلك؛ فقال : الملك صدق من سمّاك بدر البدور و إذا بالعبد يجرها ويلطم وجهها و أخذت
الملك الغيرة و امتلأ غيظا و غضبا ثم قال لوزيره : أما ترى مايفعل عبدك .. فواللّه
لأ قتلنّه شر قتله و لأجعلنّه عبرة للمعتبرين؛ فبينما هم كذلك إذ سمعها تقول :
أتخون الملح وتغدر بإمرأة الوزير !! أين صاحبتك و جميلها التي عملت معك، فقال الملك
للوزير : أتسمع؛ ثم قامت و رجعت لمكانها التي كانت تنشد فيه و أنشدت تقول
:
أوصي الرجال على النساء
لأنهن شــهواتهن بين العيون مسطرا
لاتـركـنـون لـكيد إمرأة
ولو كـانت من ابناء الملوك مـشهرا
إيـاك ان تركن لهن بجمعهن
أو ان تـقـول فلانة نعم المرأه
أو أن تـقول شريكة في
العمر أو كـــبرت فخل عنك من افترا
أو ان تـراها في الفراش
حبيبة حــب النساء في حينه هذا جرا
اذا كنت فـوق الصدر أنت
حبيبها و قت الـنكاح صديقها يا مسخرا
و مـن بـعد ذا أنت العدو
مباين اليها بلا شك وما فيه من مرا
فـيـرقـدن الملوك من بعد
سيد وخـــدامه يشبعن فيهن مشهرا
فــلا خـير فيمن كان هذا
فعاله يبقى بين النساء مغيرا
فان كـنت فحلا في الرجال
حقيقة فـلا تطمئن يوما من الدهر للمرا
قال : فبكى الوزير بعد
ذلك فاشار إليه الملك أنْ يسكت فسكت فأجابها العبد بقوله :
نحن العبيد شبعن في
النساء و لا نخش مكيد كياد و إن قدرا
ان الـرجـال الينا تطمئن
بمن يـعـز عـليهم حقيقة ليس فيه مرا
و انـتـن ايتها النسوان
ليس لكن صبرا على الإير هذا القول مشتهرا
فـيـه حياتك .. أيضا
موتكم و فيه رغبتكم في الـسر والجهرا
إذا غضبتن على الزواج
ترضيكم أزواجـكم بضرب الإير يا حسرا
ثم انه
ترامى عليها و هى تبعده عنها، فأخترط الملك سيفه و كذلك أصحابه و دخلوا عليهم فلم
يشعر العبد والنسوان إلاّ و السيوف تحز رؤوسهم، فقام واحداً منهم و حمل على الملك و
أصابه، فضربه السياف ضربة فصل بها رأسه عن جسده، فقال : الملك اللّه اكبر لا عدمت
يداك، نكب اللّه أعداءك و جعل الجنة مأواك، فقام عبد آخر من بينهم و ضرب السياف
بحسكةٍ من فضةٍ، فتعرض لها السياف بسيفه فأنكسر السيف، و كان السياف عظيماً فلما
رأى سيفه انكسر غضب غضباً شديداً و اختطفه من ذراعيه و رفعه و ضرب به أعلى الحائط
فكسر عظامه، فقال الملك : اللّه اكبر لا شُلّت يداك من سيّاف، بارك اللّه فيك؛ فلما
رأوا العبيد ما وقع بهم سكتوا فوقف الملك على رؤسهم و قال : من رفع يده ضربت عنقه
ثم أمر بربطهم و شد أيديهم لظهورهم الخمسة الباقين ثم قال الملك لبدر البدور : زوجة
من أنت، و لمن يكون هؤلاء العبيد ؟، فأخبرته كما أخبره عمر بن سعيد، فقال لها :
بارك اللّه فيك .. كم تقدر المرأة صبراً على النكاح ؟، فخجلت، فقال لها: تكلّمي و
لا تخجلي، فقالت : يا مولاى الحسيبة الخيرة تصبر على النكاح ستة أشهر و المرأة ليس
لها قرار و لا لها نهاية و لو أصابت رجلاً لا تفلته عن صدرها ولا تنزع إيره عن
فرجها؛ فقال : و نساء من هؤلاء ؟، فقالت : هذه المرأة للقاضى، قال: و هذه ؟، قالت :
إمرأة الكاتب و هذه إمرأة الوزير الأصغر وهذه إمرأة رئيس المفتيين وهذه إمرأة
المتوكل على بيت المال، و النساء الباقيات نساء أضياف و فيهن إمرأة عجوز لهذا العبد
فما زال العبد يراودها عن نفسها إلى الآن؛ فقال عمر: هي التى تكلّمت عليها؛ فقال
الملك : إمرأة من هي ؟، فقالت : إمرأة أمين النجارين، قال : و بنات من هؤلاء ؟
فقالت : هذه إبنة الكاتب على الخزانه و هذه إبنة أمين المؤذنين و هذه إبنة أمين
البنائين و هذه إبنة صاحب العلامات؛ و لم تزل تخبره بواحدةٍ بعد واحدة إلى
الإنتهاء؛ فقال : ما السبب في إجتماعهن؛ قالت : يا مولانا هذا الوصيف ماغرامه إلاّ
النّكاح و الشّراب لا يفتر من النكاح ليلاً و لا نهاراً و لا يرقد إيره إلاّ إذا
نام، قال : فما غذاؤه، قالت : غذاؤه مخاخ البيض مقليةً في السمن مطفيةً في العسل
الكثير برغائف السميد و لا يشرب إلاّ الخمر العتيق الممسّك، قال : فمن يأتيه بنساء
أهل الدولة، قالت : يامولانا عنده عجوز كبيرة تطوف بديار المدينة لا تخفى عليها دار
و لا تختار له و لا تأتيه إلاّ بمن تكون فاتنةً في الجمال و لا تأتي المرأة إلاّ
بالأموال الكثيرة و الحلل و الجواهر و الياقويت و غير ذلك، فقال : من أين يأتيه هذا
المال فسكتت عنه، فقال : أخبريني، فغمزته بطرف عينها من عند إمرأة الوزيرالأعظم،
ففهم الملك ذلك ثم قال : يا بدر البدور أنت عندي صادقة و شهادتك شهادة عدلين،
أخبريني عن شأني، فقالت : سالماً و لو طال الموقع، فقال : هكذا، فقالت : نعم، ففهمت
كلامه و فهم كلامها، و معنى شأني : أي أخبريني هل سلم عرضي أنا .. أي حريمي منه،
قالت : سالماً و لو طال الموقع، و تعني : فلو لم تفعل به هذا الفعل و طال عمره حيا
لتعاطى حريمك، ثم قال لها : و هذا العبد قد تكشّف على نساءٍ كثيرةٍ، إذا شبع منهن
جعل يعرضهن على هؤلاء العبيد كما رأيتم، فقال الملك : ما الرجل إلاّ أمانة عند
النساء، ثم قال : يا بدر البدور و هل هناك شيء ساعدتيه أنت و زوجك على الضّلال و لم
تخبريني به ؟، فقالت له : يا ملك الزمان و يا عزيز السلطان، أمّا زوجي فليس عنده
خبر إلى الآن، و أمّا أنا فلا أقول شيئا إلاّ الأبيات التي سمعتها و التي أوصي فيها
الرجال على النساء لأنهن …. إلخ . فقال : يا بدر البدور!! أخذت بعقلي .. أناشدك
اللّه و سألتك برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أخبريني عن نفسك و لا بأس عليك؛
فقالت : و اللّه يا سلطان الزمان و بربّك و نعمتك و الذى سألتني به أنّي لم أرضى
بزوجي في الحلال فكيف أرضى بالحرام؛ فقال : صدقت، و لكن شعرك المتقدم الذى انشدته
أوقع لي فيك الشك؛ قالت : ما تكلمت إلاّ في ثلاث مسائل، الأولى لما رأيت ما رأيت
تحيلت كما تتحيل الفرسة، و الثانية جرى مني إبليس مجرى الدم، و الثالثة ليطمئن قلب
العبد لكي يسهل اللّه عليّ خلاصي منه؛ قال : صدقت ثم سكت ساعة و قال : يا بدر
البدور ما سلمت إلاّ أنت ؟! أيْ ما سلم أحد من الموت إلاّ هي، ثم ان الملك أوصى
بكتم السر و أراد الخروج فأقبلن تلك النسوة و البنات على بدر البدور و قلن لها
إشفعي فينا فإنك مقبولة عنده، و جعلْن يبكين، فلحقته إلى الباب و قالت له : ما حصلت
منك على طائل، فقال : أما أنت فتأتيك بغلة الملك فتركبي و تأتي، و أما هؤلاء فللموت
جميعاً، فقالت : يا مولانا .. أريد مهري من عندك، قال لها : الذى تطلبي يأتيك؛
فقالت : أريد ان تقسم باللّه العظيم أنّ الذى أطلبه منك تقبله؛ فأقسم لها؛ فقالت :
مهري عندك العفو عن جميع النسوة و البنات لئلاّ تقع ضجةً و فضيحةً كبيرةً في
المدينة؛ فقال الملك : لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم؛ ثم إنه أخرج
أولئك العبيد و ضرب أعناقهم و بقي العبد ضرغام، و كان عظيم الهامة طويل القامة فجدع
أنفه و أذنيه و شفتيه و ذكره و جعله في فيه و صلبه على السور و علق جميع أصحابه
السبعة ثم ذهب إلى قبته فلما طلع النهار و بان ضوءه أرسل إلى بدر البدور فأتت إليه
بأفخر الثياب فأعطاها لعمر بن سعيد وجعله كاتم السر عنده ثم أمر الوزير بطلاق أهله
و أحسن للسياف و لصاحب العس ثم أوصى على منزل الوزير و أرسل خلف العجوز القوادة
فمثلت بين يديه، فقال : أخبرينى بمن يفعل هذا الفعل غيرك و يأتى بالنساء للرجال،
فقالت : عجائز كثيرة؛ فجمعهن و أمر بقتلهن فقتلن، و قطع عرق الزّنا من بلده و أحرق
شجرته و هذا أقل ما يفعل من مكائد النساء و احتيالهن على أزواجهن؛ و لتعلم أنّ
الرجل إذا أوصى على زوجته وقع في أكبر المضرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب
الثالث
المكروه من الرّجال
إعلم …
يرحمك اللّه … أيها الوزير أنّ المكروه من الرجال عند النّساء هو الذي نراه رث
الحالة قبيح المنظر صغير الذكر، فيه رخوة و يكون رقيقا، و إن أتى إلى المرأة لم
يعرف لها قدر و لا حظ؛ يصعد على صدرها دونما ملاعبة و لا بوس و لا تعنيق و لا عض،
يولج فيها ذلك الذكر بعد مشقة و تعب فيهز هزةً أو هزتين و ينزل عن صدرها فتلقى
نزوله عن صدرها أحسن من عمله، ثم يجذب ذكره و يقوم، كما قال بعضهم يكون سريع
الهراقة بطيء الأفاقة صغير الذكر ثقيل الصدر خفيف العجز و هذا الأخير فإن المرأة به
أدرى ..
إعلم …
يرحمك ألله … أن الإير فيه فائدة كبيرة؛ فقد حُكي أنّ رجلا كان صغير الذكر رقيقاً
جداً و كانت له امرأة جسيمة خصيبة اللّحم فكان لا يعجبها في الجماع، فجعلت تشكو به
لجميع أصحابه مدة من الزمان و كانت ذات مال و كان هو ذا فقرٍ، فكان يراودها أنْ
تعطيه شيئاً فتأبى، فذهب إلى أحد الحكماء و رفع أمره، فقال له : لو كان إيرك كبير
لكنت أنت الحاكم على المال، ألم تعلم أنّ النّساء دينهن و عقلهن في فروجهن و لكنْ
أذكر لك ما يكون الدواء، و أتدبر لك فيه، ثم إستعمل له الدواء الذي سأذكره لك،
فيعظم إيرك؛ فاستعمل هذا الرجل ما ذكره له الحكيم فعظم إيره و استمر في استعماله
مدة من الزّمن، فلما رأته زوجته على تلك الحالة تعجبت منه و أعطته مالها و ملّكته
نفسها و جميع أثاثها .
الباب
الرّابع
المكروه من النســـــاء
إعلم …
يرحمك اللّه … أيها الوزير إنّ المكروه من النّساء عند الرّجال : المرأة البارزة
الجبهة الضيقة العينين مع رطوبة كبيرة في الأنف و زرقة الشفتين، واسعة الفم مكمشة
الخدين مفترقة الأسنان نابتة الشعر في الذقن رقيقة الرقبة بعروق خارجة، فيها قلة
عرضٍ في الأكتاف و قلة عرض الصدر، لها نهدين كالجلود الطّوال و لها بطن كالحوض
الفارغ و سرةً طالعةً كالكوز و ضلوع ناطقين كالأقواس و ظهرٍ له سلسول طالع و أترام
ليس فيها لحم و فرج واسع بارد نتن الرائحة أصلع ذو قذارةٍ و عفونةٍ و ماء ؛ كبيرة
الركبتين و الرجلين و اليدين و رقيقة الساقين؛ فصاحبة هذه الخصال لا خير فيها و لا
فيمن يتزوجها و يقربها؛ حفظنا اللّه منها، و المكروه منهن أيضا المرأة كثيرة اللّعب
و الضّحك، فهى زانية قحبة، و المكروه منهن كثيرة الحس عالية الصوت كثيرة الكلام
خفيفة الرّجل كثيرة القال و القيل نقالة الأخبار قليلة كتم الأسرار كثيرة الكذب،
صاحبة الحيل صاحبة الضّلال غمازةً همازةً لمازه إنْ قالت كذبت و إنْ وعدت أخلفت و
إنْ إئتُمنت خانت، صاحبة غيبة و نميمة كاشفة أسرار زوجها، سارقةً فاسقةً غياظةً
كثيرة التدبير كثيرة الإشتغال بالناس و عيوبهم كثيرة البحث و التفتيش عن الأخبار
الباطلة، كثيرة الرقاد قليلة الشغل كثيرة الشماتة بالمسلمين و بزوجها، منتنة
الرائحة إذا أتت قتلت و إذا ذهبت أراحت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب
الخامس
الجمــــاع
إعلم …
يرحمك اللّه … أيها الوزير إذا أردت الجماع فلا تقربه إلاّ و معدتك خالية من الطعام
و الشراب فيكون الجماع أسلم و أطيب، فإذا كانت المعدة مثقلة كانت في الجماع مضرة
على الإنسان، و هو أنّه يولج الفالج و نحوه و أقل ما يكون في البدن يقطع البول و
يقلّلْ من البصر و إذا جامعت خفيفاً من الطعام و الشراب أمنت من ذلك و لا تجامع
إمرأة إلاّ بعد ملاعبتها فإن ذلك يجمع ماءك و ماءها و تقرب الشهوة من عينها و ذلك
أروح لبدنها و أطيب لمعدتها، فإذا قضيت حاجتك فلا تقوم عنها قياما تترامى فيه
بالعجلة و ليكن على يمينك برفق .
الباب
الخامس
كيفيـــــة الجمـــــاع
إعلم …
يرحمك اللّه … أيها الوزير أنّك اذا أردت الجماع فعليك بالطّيب، و إنْ تطيّبْتُما
كان أوفق لكما ثم تلاعبها بوساً و عضاً و تقبيلاً في الفراش ظاهراً و باطناً حتى
تعرف الشهوة قد قربت في عينيها ثم تدخل بين فخذيها و تولج إيرك فيها و تفعل، فإن
ذلك أروح لكما جميعاً و أطيب لمعدتك.
قال بعض
الحكماء : إذا أردت الجماع فألقي المرأة على الأرض و هزّها إلى صدرك مقبلاً لفمها،
و رقبتها مصاً و عضاً، و بوساً في الصّدر و النّهود و الأعكان و الأخصار و أنت
تقلبها يمينا وشمالاً إلى أن تلين بين يديك و تنْحل، فإذا رأيتها على تلك الحالة
فأولج فيها إيرك، فإذا فعلت ذلك تأتى شهوتكما جميعا و ذلك يقرّب الشّهوة للمرأة، و
إذا لم تنل المرأة غرضها لا تأتيها شهوة، فإذا قضيت حاجتك و أردت النزول فلاتقم
قائماً و لكن عن يمينك برفق، فإن حملت المرأة في تلك الساعة يكون ذكراً إن شاء
اللّه تعالى، هكذا ذكره أهل الحكمة، و قال المعلم رضى اللّه عنهم أجمعين إن من وضع
يده في جوف المرأة الحامل و قال بسم اللّه و صلّى اللّه على سيدنا محمد رسول اللّه
صلى اللّه عليه و سلم، و قال أللّهم بحرمة سيدنا محمد صلى اللّه عليه و سلم يكون
هذا الحمل ذكراً فأسميه محمد على إسم نبيك صلّى اللّه عليه و سلم، و بعد النية في
ذلك فإن اللّه تعالى يكوّنه ذكراً ببركة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم, و لا
تشرب عند فراغك من النكاح شربة من الماء فانه يرخى القلب، و إن أردت المعاودة
فتطهرا جميعاً فإن ذلك محمود و إياك أنْ تُطلعها عليك فإني أخاف عليك من مائها و
دخوله في إحلليك فإنه يورث الفتق و الحصى، و الحذر بعد الجماع من شدة الحركة فإنها
مكروهة، و يستحب الهدوء ساعةً، و إذا أخرجت الذّكر من الفرج فلا تغتسله حتى يهدأ
قليلاً، فإذا هدأ فأغسله برفق و لا تكثر غسل ذكرك و لا تخرجه عند الفراغ فتدلكه و
تغسله و تعركه فان ذلك يورث الخمرة . و الفعل له أنواع شتى، قال اللّه تعالى (
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فإن شئت فعلت كذا و كذا والكل في المحل
المعلوم، و أنواع النكاح مايلى :
1- تلقي
المرأة على الأرض و تقيم بين أفخاذها و تدخل بين ذلك و تولج إيرك فيها و أنت جالس
على أطراف الأصابع و هو لمن إيره كاملاً .
2- من كان
قصير الذكر فيلقي المرأة على ظهرها ثم يرفع رجلها اليمنى حذو أذنه اليسرى و ترفع
إلْيتها في الهواء فيبقى فرجها خارجاً فيولج إيره فيه .
3- و هو
أنك تلقي المرأة على الأرض و تدخل بين أفخاذها و تحمل ساقاً على جنبك تحت ذراعك و
تولج فيها.
4- و هو
أنك على الأرض ثم تحمل ساقيها على كتفك ثم تولج فيها .
5- و هو
أنك تلقيها على جانب و أنت على جانب ثم تدخل بين أفخاذها و تولج فيها و لكن هذا
الجماع يورث عرق النساء .
6- و هو
أن تلقي المرأة على ركبتيها و مرافقها و تأتى أنت من خلفها و تولج فيها .
7- و هو
أن تلقي المرأة على جنبها ثم تدخل بين فخذيها و أنت جالس في فراشك ثم تجعل رجلاً
فوق كتفك و الأخرى بين فخذيك و يديك محضنةً فيها .
8- و هو
أن تلقي المرأة فوق الأرض و تحل ساقيها بعضها عن بعض ثم تحمل ركبة من هذا بحيث أنّ
ساقيها يبقيان بين فخذيك و تولج فيها .
9- و هو
أن تلقيها على ظهرها على دكان قصير بحيث تكون رجلاها في الأرض و ظهرها على الدكان و
إليتها على الحائط ثم تولج فيها .
10- و هو
أنْ تأتى إلى سدرة قصيرة فتمسك المرأة في فرع منها ثم تأتى أنت فتقيم ساقيها إلى
وسطك ثم تولج فيها .
11- و هو
أنْ تلقيها إلى الأرض ثم تعمل و سادة تحت إليتها ثم تبعد ما بين فخذيها و تجعل أسفل
رجلها اليمنى على أسفل رجلها اليسرى ثم تولج فيها، و أنواع هذا الباب كثيرة
.
الباب
السابع
مضــــرّات الجمـــــاع
إعلم …
يرحمك اللّه … أيها الوزير إن مضرّات الجماع كثيرة، فأقتصرت إلى مادعت الحاجة اليه
و هى كالتالي : النكاح واقف يورث وهْن الركبتين و يورث الرّعاش، و النكاح على جنب
يورث عرق النساء، و النكاح قبل الفطور يورث العمى و يضعف البصر، و تطليع المرأ ة
على صدرك حتى ينزل المني و أنت ملقى على ظهرك يورث وجع القلب، و إن أصابه شىء من
ماء ألمراة في الإحليل أصابه الأركان و هى القتلة، و صب الماء عند نزوله يورث الحصى
و يعمل الفتق، و كثرة الحركة و غسل الذكر عاجلاً بعد الجماع يورث الحمرة، و وطء
العجائز سم قاتل من غير شك، و كثرة الجماع خراب لصحة البدن لأنّ المني يخرج من خالص
الغذاء كالزبدة من اللبن فيكون الباقي لا فائدة فيه و لا منفعة، و المتولّع به يعنى
النكاح من غير مكابدة يأكل المعاجن و العقاقير و اللّحم و العسل و البيض و غير ذلك
يورث له خصائل و هى الأولى : تذهب قوته، و الثانية : يورث قلة النظر إنْ سلم من
العمى، و الثالثة : يربّي الهزل، و الرابعة : يربّي له رقة القلب إن هرب لا يمنع و
إن طرد لا يلحق و إن رفع ثقيل و إن عمل شغل يعي من حينه؛ و قال : إن المقدار الأصح
في النكاح لأصحاب الطبائع الأربعة الدموي و البلغمي له أن ينكح مرتين أو ثلاثة و
الصفراوي و السوداوي له أن ينكح في الشهر مرة . قلت : و لقد إطلعت على أناس هذا
الزمان سوداوي و صفراوي و دموي و بلغمي لا يفترون عن النكاح لا ليلاً و لا نهاراً،
حتى أورث لهم عللاً كثيرةً ظاهرةً و باطنة لا يُعرفون إلاّ بها . و قد جمعنا منافع
و مضار بني آدم في هذه الأبيات على سبيل الإقتصار و ذلك لأن هارون الرشيد أرسل إلى
حكيم أهل زمانه و أعرفهم بالطب فسأله فجمع ذلك في أبيات من النّظم و جعلها في غاية
الإختصار لتكون في ورقةٍ واحدةٍ تحمل في الحضر و السفر سهلة للحفظ و هي كالتالي :
تـوقّ إذا شــئت إدخال
مطعم على مـطـعم من قبل فعل الهواضم
و كـل طعام يعجز السن
مضغه فـلا تبتلعه فهو شر المطاعم
و لا تـشرب على طعامك
عاجلا فـتـقـود نـفـسك للأذى بزمام
ولا تحبس الفضلات عند
اجتماعها و لو كنت بين المرهقات الصوارم
و لا ســـيما عند المنام
فدفعها إذا مـا أردت الـنــوم ألزم لازم
و جدد على النفس الدواء و
شربه و ما ذاك إلاّ عند نزول الـعظائم
و وفر على الـنفس الواء
لأنها لـصـحبـة أبدان و شد الدعائم
و لا تكُ في وطء الكواعب
مسرعا فإسرافنا في الوطء أقوى الهدائم
فـفـيـه دواك و يـــكفيك
أنه لـمـاء حياة مورق في الأرحام
و إيـــاك إياك العجوز
ووطئها فـمـا هي إلاّ مـثـل سـم الأراقم
و كن مستخفيا كل يوم
وليله وحـافظ على هذي الخصال وداوم
بــذاك أوصانا الحكيم
يبادر أن أخا الفضل والإحسان غير الأعاجم
و أجمع
الحكماء و الأطبّاء أن كل آفه تقع لبني آدم أصلها من النكاح فإنه البلاء الأكبر
.
البابان الثامن و التاسع
أســــــماء إيـــــور الرّجال
أســــماء فروج النســـــاء
أولاً :
أسماء إيــور الرّجال …
إعلم …
يرحمك اللّه ..أن للإيور أسماءً كثيرةً منها :
الكمره؛
الذكر؛ الإير؛ الحمامه؛ الطنانه؛ الهرمان؛ الزب؛ الحماس؛ البدلاك؛ النغاس؛ الزدام؛
الخباط؛ مشفي الغليل؛ الخراط؛ الدقاق؛ العوام؛ الدخال؛ الخراج؛ الاعور؛ الدماع؛ أبو
رقبه؛ الفرطاس؛ أبو عين؛ أبو قطايه؛ العنزي؛ الفصيص؛ الكاشف؛ البكاي؛ الهزاز؛
اللّزاز؛ أبو عمامه؛ الشلباق؛ الهتاك؛ النشاش؛ الحكاك؛ المتطلع؛ الكاشف ….. و غير
ذلك .
فأمّا
{الكمرة} و {الذّكر} فهما أصلان في أسمائه، فالذّكر مشتق من ذكر الإنسان، فإذا وقعت
له نائبة فيه و انقطع أو وقع له فيه ما أبطل تحريكه، يقال مات ذكره و انقطع و فرغ
أجله، و الذكر هو ذكر الإنسان، فإذا رأى في المنام أن ذكره إنقطع فذلك دليل على
سنينه فرغت و أجله قرب، و الظّفر دليل على الظفر فإذا رأى الانسان أن أحد أظفاره
انعكست سار الأعلى أسفل و الأسفل أعلى فذلك دليل على الظفر الذي كان له على الأعداء
إنعكس و كان غالباً فصار مغلوباً، و إذا رأى ظفر عدوه إنعكس فذلك دليل الظفر الذي
لعدوه عليه راجع له، والوسوسه تدل على سوء يبقى سنة، و إنّ رؤية الناعيات غير صالحه
لأن إسمها مشتق من النعي، ونعي أي هلك، و النكافة تصحيفة آفة والمعنى أنه تأتي آفه
إن رآها في المنام، و الورد الطريّ يدل على ورود خبر يقطع القلب، و الياسمين تصحيفة
اليأس ضد الطّمع، و اللّبن هو الكذب فمن رآه فإن الياس الذي فيه كذب فيظفر بحاجته
لأن الياسمين إذا هبّت عليه عواصف الرياح لا تغيّره بخلاف الورد فإنه يتغير بأدنى
عاصف من الريح، و قال بعضهم الياسمين من اليأس، و الياس ليس من ثياب الرجال، أمّا
المرام فإنه يبعد النوم، و النوم يدل على إنبرام الأمر الذي هو فيه، و قال أبو جهل
لعنة اللّه عليه أن أموره كلها تنبرم بالليل، والخابيه تدل على الخيبه في كلّ أمر
إلاّ إذا كانت خابية وقعت في بئر أو نهر أو إنكسرت فإن الخيبه الّتي كانت به زالت،
و الستور معناها ستر أمور، فهو يستتر في أمره كله، و النشاره تدل على البشاره، و
الدواة تدل على الدواء و شفاء العليل بخلاف إذا انكسرت أو تلفت بالعمى و العياذ
باللّه، و المكحله كذلك إذا ضاعت أو وقعت بخلاف إذا وجدها و كانت سالمه فإنها تدل
على الشفاء و في إصابتها صلاح الظاهر و الباطن، و قيل إذا ضاعت أو فتش عنها و لم
يجدها فإنها تدل على عمى العينين و عمى القلب، و الطاق إذا رأى أنه خرج من طاق فإنه
يخرج من الأمر الذي كان فيه بقدر الطاقة كبيره أو صغيره، و إن رأى المشقه فإنه يخرج
من الهم الذي هو فيه على قدر مشقة في الطاقة، و النّارنج تدل على نار تأتي ذلك
المكان في أي مكان كان رأى ذلك و هي الفتنه، و الأشجار تدل على المشاجره، و إذا
رأيت الفئران في مكان كثر طعامه و بالعكس، و الوداع إذا رأيت أنه يودّع غائبين
فإنهما عائدين إليه، و أنشدوا في ذلك :
إذا رأيـت الوداع فافرح و
لا ينهك البعاد
و أنظر العود عن قريب فإن
قلب الوداع عاد
حُكي …
يرحمك اللّه … أن الرشيد كان جالسا ذات يوم مع ندماته فقام و تركهم، و أتى لبعض
جواريه فوجد عليها الحيض فرجع و جلس، فلم يكن إلا هنيهةً فتطهّرت تلك الجاريه و
أرسلت اليه سكرجة مملوءه كسبرا مع وصيفةٍ لها، فأتت فوجدته بين ندمائه فأعطته تلك
السكرجه فأخذها و جعل ينظر فيها فلم يفهم مقصودها فناولها لبعض شعرائه فأخذها من
يده فنظرها و أنشد:
بعثت إليك بكسبرا بيضاء
مثل السكري
فجعلت فيه راحتي و جعلت
فيه تفكري
فــأجابني تصحيفة يـاسيدي
كس بري
و الدم دم
فإن كان خائفا فخائف و إن كان طاهراً فطاهر، و السيف إذا سل من غمده يدل على
الفتنه، و الغايه واللّحيه اذا كبرت تدل على الجاه و المال، و قيل إذا وصلت إلى
الأرض تدل على الموت، و قيل ما كبرت إلاّ و العقل يخرب، و رأى بعضهم على ظهر الكتب
ما نصه " من كبرت لحيته نقص عقله " و كان هناك رجلاً كبير الذقن فقرأ ذلك و كان
ليلاً فأخذ قبضةً من لحيته بيده و ألقى الفاضل في القنديل فأكلت النار الزائد على
القبضه و وصلت إلى يده فهرب و ترك ذقنه فكاد يحترق كله ؛ و كتب رداً على العبارة
السابقة هو كالتالي : النص صحيح مجرب فإن من كبر ذقنه نقص عقله ..
حُكي ..
يرحمك اللّه .. أن الرشيد كان في مكان ما فنظر فرأى رجلاً طويل اللّحيه فقال : عليّ
به، فجيئ به، فقال : ما إسمك، قال : حمدون، قال : ما حرفتك، قال : باحث عن العلم،
قال : ما تقول في رجل إبتاع تيساً فخرجت من إسته بعره ففقأت عين المبْتاع، فعلى من
تكون الدّيّه؟؛ قال : على البائع، قال : و لم ؟؛ قال : لأنه باع تيساً و لم يعلم أن
في إسته بعراً !!، فضحك الرشيد حتى استلقى على قفاه و أنشد يقول :
إذا كبرت للفتى لحيته
فطالت و صارت إلى صرته
فنقصان عقل الفتى عندنا
بمقدار ماطال من لــحـيته
الأسماء
حامد و حمدونه و محموده تدل على ما تحمد عقيبته، و عاليا و عليّا يدلاّن على العلو
و الإرتفاع، و نصر و ناصر و منصور و نصراللّه و أبو النصر يدل على صرافي جميع
الأمور، و فتح اللّه و فتاح يدل على الفتح، و ما أشبه ذلك من الأسماء جميعاً،
فالخير للخير و الشر للشر و دليل ذلك قول النبي صلى اللّه عليه و سلم [ إذا تشابهت
عليكم الرؤيا فخذوا الأسماء] و هذا ليس له محل هنا و لكن الكلام يأتي بعضه بعضاً، و
لنرجع إلى الأوّل (الإير) هو الأكبر، قلبت الكاف باء فصار الإير، و يسمى أبو نفخه و
فشه إذا انتفخ قام و إذا نفش نام، و أبو حمامه سُمي بذلك لأنه إذا كان نائما يحضن
على البيض كالحمامه الراقده على بيضها، و الطنّان سُمي بذلك لأنه إذا دخل في الفرج
يسمع له طنين في دخوله و خروجه، و الهرماق يسمى بذلك إذا انتفخ و انتصب بقي يهرمق
برأسه و يرفل في باب الفرج حتى يصل إلى قعره، و الدب معناه الدب سمي بذلك لأنه إذا
دخل بين الأفخاذ و العانه و الفرج يبقى يدب في الفرج حتى يتمكن فيطمئن بنزول مائه
في داخل الفرج، و الحمّاش سمي بذلك لدخوله و خروجه، و الفدلاك أي الكذاب لأنه إذا
أتى إلى المرأه وقف و انتصب، يقول بلسان حاله للفرج اليوم أشغف بك ياعدوي فهو يتحرك
و يتعجب بنفسه بما أُعطي من الصحة و القوه فيرتعد عند ذلك الفرج و يتعجب من كبره و
يقول من يقدر على هذا فإذا دخل عليه يهز و يقول له لا تكذب في ذلك الهز و هو حسن
قليل فعند دخوله و خروجه تجيبه بلسان الحال الأنثيين تقولان مات مات فإذا أفرغ من
الشهوه و هو يقيم في رأسه و يحكي ما عندي سوء بلسان الحال، و النعّاس سمي بذلك لأنه
إذا قام و اشتد فيأخذ في حالة الرجوع فيبقى يتناعس إلى أن ينام؛ و الزدّام هو
الخبّاط لأنه لا يدخل حتى يخبط فم الفرج و يطبطب؛ و مشفي الغليل و هو أنه قبل
الدخول و الإلتقاء يتأسف و يتحلف فإذا دخل و نال مراده فلا يخرج حتى يشفي غليله؛ و
الخراط و الدقاق لأنه يخرط باب الفرج ثم يدقه و يقضي منه إربه من غير حياء؛ و
العوّام سمي بذلك لأنه إذا دخل إلى الفرج يتمرغ و يعوم يمينا و شمالاً؛ و الدخّال و
الخرّاج معناهما معروف؛ و الأعور لأن عينه لا تشبه العيون كالحفرة المقعورة؛ و
الدماع سمي بذلك لكثرة دموعه لأنه إذا قام بكى و إذا رأى و جها جميلا بكى؛ و أبو
رقبه لأن رقبته طويلة و ظهره عريض و أملس، له عروق منتشره و عروق متغيبه؛ و الفرطاس
لأن رأسه ليس عليه شعر البته؛ و أبو عين و هذه معلوم معناها؛ و العنْزي و هذا لأنه
إذا قام لا يبالي بأحد و لا يستحي، يرفع الأثواب على رأسه و يمسكهم، و الإسم يطلق
على القصير الغليظ؛ و أبو قطايه و هو كثير الشعر؛ و القصيص لأن صاحبه يأخذه الحياء
و هو لا يأخذه؛ و المستحي يرفع لقلة إنكشافه؛ و الباكي و الهزاز و اللزاز لأنه يهز
و يلز و لو صاب لدخل بالبيضتين معه إذا التقى بالفرج فيجب أن يشد عليه بالشجاعة؛ و
أبو لعابه لأنه يسيل لعابه في كلا الحالتين إذا وقف و إذا دخل، خصوصاً إذا كان ماؤه
كثيراً؛ و الشلباق لأنه إذا دخل في الفرج الحلو تسمع له تشلبيق كتشلبيق الغدير؛ و
الهتاك و هو القوي الشديد السفاك للدماء؛ و الفتاش لأنه اذا دخل الفرج لا يستقر في
مكان واحد بل يفتش في الوسط؛ و الحكاك و هو لايدخل حتى يحك باب الفرج؛ و المرخي
نسأل اللّه السلامه و العافيه و هو الذي لا يدخل أبداً بل يحك حكا إلى أن ينزل؛ و
المتطلّع الذي يطّلع على أمور و يصل إلى الأماكن الغريبه؛ و المكاشف الذي لا يأخذه
رخو و لا تقع له دهشه و لا حشومه أبداً فهو صحيح شديد إلى غير ذلك من الإيور و
أسماؤهم كثيره جدا .. انتهى و كفى.
ثانياً
: أسماء فروج النســـــــاء …
إعلم …
يرحمك اللّه … أن لفروج النساء اسماء كثيره فمنها :
الفرج،
الحر، الطبون، التبنه، الكس، الغلمون، العص، الزرزور، الشق، أبو طرطور، أبو خشيم،
القنفود، السكوتي، الدكاك، الثقيل، الفشفاش، البشيع، الطلاب، الحسن، النفاخ، أبو
جبهه، الواسع، العريض، أبو بلعوم، المقعور، أبو شفرين، أبو عنكره، الغربال، الهزاز،
المودي، المعبن، المغيب، المسبول، الملقي؛ المقابل؛ الصنار، الناوي؛ المصفح؛
المغمور؛ العضاض؛ وغير ذلك ..
فأما
الفرج سمي بذلك الإسم لإنحلاله و ميله، يطلق على المرأه و الرجل، قال اللّه تعالى
"و الحافظين فروجهم و الحافظات " و الفرج هو الشق، يقال إنفتحت لي فرجة في الجبل أي
شق و هو بفتح الفاء و سكون الراء و يطلق على فرج المرأه و أما بفتح الفاء و الراء
فيراد به تفريج الكربه، و من رأى في منامه فرج المرأه و كان في كربه فرج اللّه
كربته و إن كان في شدة زالت عنه و إن كان فقيراً إغتنى و إن طلب حاجة قُضيت له و إن
كان ذا دين أُدّي عنه دينه و إن رءاه مفتوحا أحسن و إن رأى فرج الصبية الصغيره فإنه
يدل على أن باب الفرج مخلوق و الباب الذي يطلب لا تقضي منه حاجته، و قيل أنه يقع في
شدة و نكبة و لا خير في هذه الرؤيا، و إن رأى فرج الصبية الصغيره غير الدخول بها
تقضي له بعد اليأس فيسهل عليه قضاؤها في أقرب وقت، و من رأى قعر الفرج أو لم يره و
لكنه مفتوح الفم يعلم أن صعب الحوائج يخطر بباله، و إن رأى رجلاً دخل على صبيه ثم
قام عنها ثم رأى فرجها فإن حاجته تقضى على يد ذلك الرجل بعد التعريض، و إن دخل هو
وحده عليها و رأى فرجها فإن أصعب حوائجه تقضى على يده أو يكون هو السبب في قضائها
بشيء من الأشياء، و رؤيته على كل حال حسنه ورؤية النكاح أيضا إذا رأى أنه ينكح و لم
ينزل منه شيء فالحاله التي يطلبها لا تقضى، و قيل أنّ الناكح ينال غرضه من المنكوح،
و إن رأى نكاح ذوي الأرحام مثل الأم و الأخت معناه أنه يطأ مكاناً محرماً و قيل يحج
إلى بيت اللّه الحرام و يرى الأماكن الشريفه، و أما الذكر فتقدم ذكره يدل على قطعه
من الأرض و قطع نسله، و رؤية السراويل تدل على الولايه، و رأى بعضهم أن الأمير
أعطاه سروالاً فتولى القضاء و يدل أيضا على ستر العوره و قضاء الحاجه، فمن رأى
اللوز فإن كان في شدة زالت عنه شدته و إن كان مريضاً زال عنه ذلك المرض أو كان ذا
منصب زال عنه، و رأى بعضهم أنه يأكل لوزاً فأخبر بعض عدوه فانهزم، فمن رأى أن ضرسه
سقط فقد مات له عدو، و لذلك سمي بعضهم العدو به فيقول فلان ضرس لفلان أي عدو له، و
قراءة القرآن الكريم تدل على ورود مسلم و تعبّر على قدر ما رأى إن كان خيراً فخير و
إن كان شراً فشر، و القرآن الكريم و الحديث تفسيره ظاهر الآيه مثل نصر من اللّه و
فتح قريب فهذا يدل على النصر و الفتح، و استفتحوا يدل على الفتح، و آية العذاب مثل
غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب ذي الطوْل، و الخيل و البغال و الحمير يدل على
الخير و قال صلى اللّه عليه و سلم "الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامه" و
قال تعالى "لتركبوها وزينة "، و إذا رأى أنه راكب على حمار سيار فإنه يدل على أنه
وقف جدُّه و سعده في كل شيء، و إن سقط به و كان قليل السير أدبر جدُّه و سعده
خصوصاً إذا سقط إلى الأرض فإنه تلحقه معركة أو نكبة، و سقوط العمامة من الرأس تدل
على الفضيحه لأن العمائم تيجان العرب، و المشي حافياً يدل على ذهاب الزوجه، و إذا
رأسه عرياناً يدل على موت أحد الوالدين إلى غير ذلك و قس على ذلك؛ و أما الكس فيسمى
به فرج المرأه الشّابه من النساء و من المنعم الملحم؛ و القلمون للصبية الغليظة
الفرج؛ و العص يطلق على كل فرج؛ و الزرزور للصغيره جداً و قيل للمرأه المريضه؛ و
الشق للمرأة الرقيقه؛ و أبو طرطور هو الذي له طربوشه كالديك؛ و أبو خشوم هو الفرج
الذي يبقى فيه ضربة اللسان؛ و القنفود للعجوز الكبيره إذا كان مشعوراً؛ و السكوتي
لقلة كلامه؛ و الدكاك لتدكيكه على الإير إذا دخله تنفس؛ و الثــقيل هو الذي يثقل
على خاطره فلو دخلته إيور جملة الرجال لما أهمه ذلك و لو أصاب لزاد فيكون الإير في
الهرب و هو و راءه في الطلب فلو لم يثقل عليه ما هرب منه؛ و الفشفاش هو الذي يطلق
على بعض النساء دون بعض لأن بعضهن إذا بالت يسمع له تشفيش كثير؛ و البشيع و الحسن
معناهما واحد لأنهما أحسن ما تنظر في النساء و أبشع ما تنظر في بعضهن؛ و النفاخ سمي
بذلك الإسم لإنحلاله و انغلاقه إذا أتته الشهوه فيبقى يصل ويعلق فاه حتى يتم؛ و
الطالب هو يطلب كبعض النساء دون بعض و هي المرأة التي تكون طلابة الإير فلو أصابت
ما فارقها طرفة عين؛ و المقور هي المرأه الواسعه الفرج التي لا يشبعها إلاّ الإير
الكامل من الرجال؛ و أبو شفرين هي التي يبقى أشفار فرجها رقاقاً من الضعف طويلةً
كاملةً؛ و أبو عنكره هو الذي يكون في رأسه ليّة كليّة الكبش و يدير الأفخاذ يميناً
و شمالاً؛ و الغربال هي التي إذا صعد الرجل عليها و أدخل إيره في فرجها تبقى تغربل
بفرجها كحركة الغربال؛ و الهزاز إذا دخلها و حست في إرجاعه تبقى تهز من غير فتور و
لا إعياء حتى تأتي لشهوتها؛ و المؤدي هي المرأة التي تؤدي بفرجها و تأخذ في مساعدة
الإير إذا كان داخلاً و خارجاً؛ و المعين تعين الرجل في التظهير و الرفع و التدخيل
و التخريج إذا كان بعيد الشهوة بطيء المني فيأتي سريعاً؛ و المقبّب هو الذي تبقى
عليه لحمة كأنها قبة منصوبة على رأسه رطوبة شديدة؛ و المسبول هو الذي يمتد تحت
الأفخاذ فينزل إذا نزلت و يرتفع إذا إرتفعت، و قيل مسبولاً بين الأوراك على أصل
حلقته؛ و الملقي هو لبعض النساء دون البعض لأن بعضهن إذا أتاه الرجل يصير كالرجل
الزعيم إذا التقى بقرينه وكان قرينه في يده سيف وكان عارفاً بأمور الحرب والآخر
بأمور الدفاع فصار كلما ضربه لقيه بالدرقه؛ و المقابل يطلق على المشتاقه للإير و
قيل من لا يروّع و لا يستحي بل يقابل قبولاً حسناً؛ و الهراب و يطلق هذا على من
كانت لا تتحمل النكاح و التقت برجل زعيم شديد الإير كاملا فتصير هي تهرب منه يميناً
و شمالاً؛ و الصبّار لمن إلتقت برجالٍ شتى و نكحوها واحداً بعد واحدٍ و تصبر و
تقابلهم بالصبر من غير كره بل تحمد ذلك؛ و الماوي هي التي بفرجها الماء الكثير؛ و
المصفّح هي المرأه الضيقه الفرج طبيعة من اللّه فتلقى فمه محلولاً و قعره بعيداً لا
يدخله الإير إلاّ بكل كلفة و شدة و قيل غير ذلك؛ و العضاض من إذا أتته الشهوه و كان
الإير فيه يبقى يعض عليه و هو الذي يكون عريضا؛ و عريضة العانه أحسن ما تنظر اليها؛
و أبو بلعوم لمقدرته على إستقبال الإير الكبير؛ و أبو جبهه هو الذي تكون له عرعره
كبيرة غليظة؛ و العريض يطلق هذا الإسم على المرأه التي تكون جسيمة خصيبة اللحم إذا
امتدت أفخاذها و وضعت فخذاً على فخذ يبقى بين أفخاذها طالعاً و إذا تربعت يبقى بين
أفخاذها كالصّاع حتى إنّ الذي يكون جالساً يبصره طالعاً و إذا مشت و أبدلت الخطوه
يكون خارجاً من تحت الحوائج و هذه المرأة لا يشبعها إلاّ الإير الكامل العريض
الشديد الشهوه ..
حُكي …
يرحمك اللّه … أنه كان على عهد هارون الرشيد رجل مسخره يتمسخر عليه جميع النساء و
يضحكن معه و يقال له الجعيد، و كان كثيراً ما يُشبع في فروج النساء، له عندهن حظ و
مقدار و عند الملوك و الوزراء والعمال لأن الدهر لا يرفع إلاّ من هو كذلك، و قيل
شعراً في ذلك :
يادهر ما ترفع من مجد
إلاّ صغير الدهن أو مسخره
و من تكون زوجته قحبة أو
تكون ثقبته محبره
أو من يكون قواداً في
صغره يجمع مابين رجل وإمرأه
قال
الجعيد كنت مولعاً بحب امرأة ذات حسن و جمال و قدٍ و إعتدال و بهاءٍ و كمال و كانت
سمينةً ملتحمةً إذا وقفت يبقى كسّها ظاهراً و هو في الوصف كما تقدم في الكبر و
الغلظ و العرض قال : و كانت جارة لي و كنّ معشر النسوان يلعبن و يتمسخرن عليّ و
يضحكن من كلامي و يفرحن بحديثي فأشبع فيهن بوساً و تعنيقاً و عضاً و مصاً و ربما لا
أنكح إلاّ هذه المرأه، فكنت إذا كلمتها على الوصال تقول لي أبياتاً لا أفهم لها
معنى و هي هذه الأبيات :
بين الجبال رأت خيمة شيدت
في الجو يظهر طولها بين الورى
و خلت من الوتد الذي في
وسطها فبقت مثل الدلو ليس له عرى
مرخية الاطناب حتى و سطها
و قاعتها مثل النحاس مقزدرا
قال :
فكنت كلّما أكلمها في نكحها تقول هذه الأبيات فلا أفهم لها معنىً و لا أجد لها
جواباً، أسأل كل من أعرفه من أهل الحكمة و المعرفة بالأشعار فلا يرد عليّ ما يشفي
غليلي فلم أزل كذلك حتى أُخبرت بأبي نواس بمدينة بغداد فقصدته و أخبرته بما وقع
بيننا و أنشدته هذه الأبيات، فقال لي : هذه المرأه قلبها عندك و هي غليظة سمينة
جداً؛ فقلت : نعم؛ فقال: و ليس لها زوج؛ فقلت: صدقت؛ فقال : ظنت أن إيرك صغير و
الأير الصغير لا يعجبها و لا يبرّد عليها و أنت ليس كذلك؛ فقلت : نعم؛ فقال : أمّا
قولها بين الجبال فهي تعني الأفخاذ، و قولها خيمة شيدت تعني بالخيمه الفرج و قولها
يظهر طوله بين الورى يعني إنها إذا مشت يبقى طالعا تحت الثياب و قولها خلت من الوتد
الذي في و سطها تعني أنها ليس لها زوج فشبهت الإير بالوتد لأنه يمسك الخيمه كما
يمسك الإير فرج المرأه، و قولها فبقت مثل الدلو ليس له عري تعني أن الدلو إذا لم
يكن له معلاق فلا فائدة فيه و لا منفعه له فشبهت نفسها بالدلو و الإير بالمعلاق و
كل ذلك صحيح و قولها مرخية الأطناب حتى وسطها مرخي و كذلك المرأه إذا لم يكن لها
زوج فهي كذلك، و قولها و قاعتها مثل النحاس مقزدرا فقد مثلت نفسها بالنحاسة
المقزدرة و هي التي تتخذ للثريد إذا صنع فيها ثريد فلا يستقيم إلا بمدلك كامل و
مشابعة و يدين و رجلين فبذلك يطيب، بخلاف المغرفه فإنها لا تطيّبه و تحرقه، و
المرأة هي التي تصنعه يا جعيد إذا لم يكن أيرك كامل مثل المدلّك الكامل و تحبسها
باليدين و تستعين عليها بالرجلين و تحوزها للصدر فلا تطمع نفسك بوصولها، و لكن ما
إسمها يا جعيد ؟؛ قال : فاضحه؛ فقال : إرجع اليها بهذه الابيات فإن حاجتك تقضي إن
شاء اللّه، ثم أخبرني بما جرى بينكما فقلت نعم، فأنشدني هذه الأبيات :
فـاضحة الحال كوني مبصرا
إني لقولك سامع بين الورى
أنـت الحبيبه الرضية من
له فيه النصيب فقد غدا متنورا
يـاقرة العين تحسب أنني
عجزت عن رد الجواب مختبرا
لكن حبك قد تعرض في الحشا
فـولهني بين العباد كما ترى
يـسـموننا كل العباد
بأحمقا و قالوا هبيل ثم غاو و مسخرا
فواللّه مابي من غواء و
لم يكن لا يرى مثل هاك قسه لكي ترى
فمن ذاقه يغنّي عليه
صبابة و وجداً بلا شك و مافيه من مرا
أرى طوله مثل العمود إذا
بدا و إن قام اتبعني و صرت محيرا
فخذيه و أجعليه بخيمتك
التي شيدتها بين الـجـبال مـشتهرا
فتمسكها مسكا عجيبا فلا
ترى لـه رخوا مادام فيه مصمرا
و أجعليه في آذان دلوك
الذي ذكرت لنا خال وما فيه من عرا
و آتيه فانطوي و قسه
بعجلة تـجده غـايظا و اقفا و مؤترا
فخذيه و أعمليه وسطا
لخيمتك و لا بأس مولاتي نكون مقزدرا
قال: ثم
حفظت هذه الأبيات و سرت إليها فوجدتها وحدها، فقالت لي : ياعدو اللّه ما الذي جاء
بك؛ فقلت: الحاجه يا مولاتي؛ فقالت : أذكر حاجتك؛ قلت : لا أذكرها إلا إذا كان
الباب مغلقا؛ قالت : كأنك جئت اليوم شديداً؛ قلت : نعم؛ قالت : و إن غلقت الباب و
لا أتيت بالمقصود فكيف أعمل لك؟!؛ فجعلت أعبث معها و بعدما أنشدت لها الأبيات؛ قلت
: يا مولاتي ما تعرفي كيف تعملي أعملي لي و أنا راقد، فضحكت ثم قالت : أغلقي الباب
يا جاريه، فغلقت الباب فبقينا أنا و هي في أخذ و عطاء على وجه الوطء و طيب أخلاق و
شيلان ساق و حل وثاق و بوس و عناق حتى نزلت شهوتنا جميعا و هدأت حركتها و ذهبت
روعتها فأردت أن أنزعه منها فحلفت أن لا أنزعه، ثم أخرجته و مسحته و ردته لمكانه ثم
بدأت في الهز و اللز و اللعيق و الأخذ و العطاء على ذلك الوطء ساعة زمانية، ثم قمنا
فدخلنا البيت قبل الكمال فأعطتني عرفاً و قالت لي : ضعه في فمك فلا يرقد لك إير
مادام في فمك، ثم إنها أمرتني بالرقاد فرقدت لها فصعدت فوقي و أخذته بيدها و أدخلته
في فرجها بكماله، فتعجبت من فرجها و قدرتها على إيري لأني ما جامعت إمرأة إلا لم
تطقه و لم تدخله كلّه إلاّ هذه المرأه، فلا أدري ما سبب قدرتها و تحملها له إلاّ
أنها كانت سمينه ملحمة و فرجها كبيراً و أنها مقعورة أو غير ذلك، ثم إنها جعلت تطلع
و تنزل و تتعصر و تشخر و تقوم و تقدم ثم تنخار ثم تسأل هل فصل منه شيء ثم تنزعه حتى
يظهر كله ثم تنزل عليه حتى لا يظهر منه شيء، و لم تزل كذلك إلى أن أتتها الشهوه
فنزلت و رقدت و أمرتني بالطلوع على صدرها فطلعت و أدخلته فيها كله و لم تزل كذلك
إلى الليل؛ فقلت : في نفسي الأمر لله ما تركت لي صحه و لكن إذا طلع النهار أُدبر، و
بت عندها و لم تزل كذلك طول الليل و لا رقدنا منه ساعه أو أقل فحسبت الذي منها بين
الليل والنهار سبعا و عشرين، الواحد في الطول ماله مثيل فلما خرجت من عندها قصدت
أبا نواس و أخبرته بذلك كله فتعجب و دهش، و قال : يا أبا جعيد إنك لا تطيق و لا
تقدر على هذه المرأه و كل ما عملت بالنساء تفديه منك هذه، ثم أنشد هذه الأبيات
:
قالت و قد حلفت بلله ما
بصرت عيناي خيرا وهو بالفقر معروف
في كل يوم تقول هات يارجل
قم وأكثر واشتر وأمسك بمعروف
فإن رأت منك شيئا عندك
انقلبت وباهتنك من بين الناس مكنـوف
لا يرفقن إلى الملوك ان
وقفت نفوسهن كذا الخـدام معـروف
إن النساء لهن فروج مفتحة
يفتشن عن سدهن بالإير موقوف
أعوذ بالله من كيد النساء
و من شر العجائز بين الناس معروف
و في هذا يقول أبو نواس
في وصفهن :
إن النساء شـياطين خـلقن
فلا تـركـن لهن فهذا القول معروف
إذا أحبوا امرءا أحبوه عن
غرض و إن جـفوه غدا ياقوم مـشغوف
أهل الخداع وأهل المكر
أخدع من زا نــيــــة بالحب متلوف
من لم يقل لله صدوق أنت
يقف على قولي ويبقى الدهر مـشغوف
لو كنت تحسن للأنثى بما
ملكت يداك دهر طويل غير معروف
قال : ثم
جعلت فاضحة الجمال تفتش على زوج الحلال و أنا أفتش على الحرام، فاستشرت أبو نواس؛
فقال لي : إن تزوجتها تقطع صحتك و يكشف اللّه حالك، و إياك ياجعيد أن تأخذ المرأه
الطلاّبه فيفتضح أمرك؛ قلت : و هذا حال النساء لا يشبعن من نكاح و يشبع فيهن من هو
مسخرة أو وصيف أو خديم أو محقور .
الباب
العاشر
إيــــــور الحيـــــــوان
إعلم …
يرحمك اللّه … أن الحيوان لها إيور كإيور الرجال، فلذي الحوافر خلقة عظيمه و هي
الخيل و البغال و الحمير، و ذوي الأخفاف و هي الجمال، و ذوي الأظلاف و هي البقر و
العنز و غيرهما، و من الوحوش و هي الأسد و النمر و الثعلب و الكلب و غير ذلك؛ فأما
أيور ذوي الحوافر فهي إحدى عشر فيقال له [الغرمول] و [الكس] و [الفلقا] و [أبو
دماغ] و [أبو برنيطه] و [القنطره] و [الرزامه] و [أبو شمله]؛ و أما ذوي الأخفاف
فعددها ثمانيه فيقال له (المعلم) و (الطويل) و (السريطه) و (المستقيم) و (البرزغال)
و (المنجي) و (الشفاف) و (ذليل الافاقه)؛ و أما ذو الاظلاف خمسه يقال له (العصبه) و
(القرفاج) و (الشوال) و (رقيق الرأس) و (الطويل)؛ و أما الغنم فيقال (العيسوف)؛ و
أما الأسد و غيره فيقال له (الغضيت) و (الكموس) و (المتمغط)؛ و قيل إن الأسد أعرف
خلق اللّه و أبغضهم بأمور النكاح إذا اجتمع باللبوة و نظر اليها قبل أن يجامعها
فليعلم انها منكوحة فيشم رائحتها فإن نكحها خنزيز يشم رائحته عليها و قيل يشم داءه
فيسخط و يدفع يمينا و شمالاً، فكل من في طريقه يقتله ثم يأتي فتفهم منه أنه عرف ما
عملت فتخاف على نفسها منه، فتقف له فيأتي ثم يشمها ثانيا و يزئر زئرةً واحده فترتعد
منها الجبال ثم ينثني عليها فيضربها بكفه فيقطع ظهرها، و قيل لا أحد أغير منه و
أفهم بخلاف غيره من الحيوان، و قيل إن الأسد من خادعه بالكلام الجميل إنخدع و من
كشف عن عورته حين يلتقي به يذهب عنه و من نادى باسم دانيال عليه السلام ذهب عنه
لأنه عليه السلام أخذ العهد عليه أن من ذكر اسمه لن يضره و قد جرب فصح
.
الباب
الحادي عشر
مكايـــــــــد النســـــــــــاء
إعلم …
يرحمك اللّه … أن النساء لهن مكائد كثيرةً و كيدهم أعظم من كيد الشيطان قال اللّه
تعالى "إنّ كيدهن عظيم " و فال تعالى " إنّ كيد الشيطان كان ضعبفا "؛ فعظّم كيد
النساء و ضعّف كيد الشـــــــــيطان ..
حُكي …
يحفظك اللّه … أن رجلاً يهوى إمرأة ذات حسنٍ و جمال فأرسل إليها فأبت فشكى و بكى ثم
غفل عنها، ثم أرسل لها مراراً متعددةً فأبت و خسر أموالاً كثيرةً لكي يتصل بها فلم
ينل منها شيئا فبقي على ذلك مدةً من الزمن ثم رفع أمره إلى عجوزٍ و اشتكى لها حاله،
فقالت له: أنا أبلّغك مرادك منها، ثم إنها مشيت إليها لكي تراودها فلمّا وصلت إلى
المكان، قالوا لها الجيران : إنك لا تطيقين الدخول لدارها لأن هناك كلبة لا تترك
أحداً يدخل و لا يخرج، خبيثةً لا تعض إلاّ من الرجلين و الوجه، ففرحت تلك العجوز و
قالت : الحاجه تقضى إن شاء اللّه، ثم ذهبت إلى منزلها و صنعت قصعة رقاق و لحماً ثم
أتت إلى تلك الدار فلما رأتها تلك الكلبة قامت لها و قصدتها فأرتها القصعه بما فيها
فلمّا رأت اللّحم و الرّقاق فرحت بذلك و رحّبت بذيلها و خرطومها، فقدّمت لها القصعة
و قالت لها : كُلي يا أختي فإني توحشتك و لا عرفت أين آتى بك الدّهر، و أنا لي مدة
و أنا أفتش عنك فكلي، ثم جعلت تمسح على ظهرها و هي تأكل، و المرأة صاحبة الدار تنظر
و تتعجب من العجوز، ثم قالت لها : من أين تعرفين هذه الكلبه؟، فسكتت عنها و هي تبكي
و تمسح على ظهر الكلبه، ثم قالت : كانت صاحبتي و حبيبتي مدة من الزمن فأتت إليها
امرأه و استأذنتها لعرسٍ فلبست هذه الكلبه ما زانها و نزعت ما شانها و كانت ذات
حسنٍ و جمال، ثم خرجت أنا و هي فتعرّض لها رجل و راودها عن نفسها فأبت، فقال لها :
إن لم تأتيني أدع اللّه أن يمسخك كلبة، قالت له : أدعُ بما شئت؛ فدعى عليها، ثم
جعلت تبكي و تنوح، و قيل أنها عملت لها الفلفل في ذلك الطعام فأعجب الكلبة و أشتغلت
بأكله، فلما أحرقها في فمها دمعت عينا الكلبه، فلما رأت العجوز الدموع تسيل من
عينيها جعلت تبكي و تنوح ثم قالت لها المرأه : و أنا يا أمي أخاف أن يصير لي مثل
هذه الكلبه، فقالت لها العجوز : أعلميني ماذاك، اللّه يرعاك؛ قالت : عشقني رجل مدة
من الزمن و لا أعطيته سمعاً و لا طاعةً حتى نشف ريقه و خسر أموالاً كثيرة و أنا
أقول له لا أفعل هذا، و إني خائفه يا أمي أن يدعو عليّ؛ قالت لها العجوز : أرفقي
بروحك يا ابنتي لئلاّ ترجعي مثل هذه الكلبه؛ فقالت : أين ألقاه و أين أمشي إليه؟؛
فقالت لها العجوز : يا بنتي أنا أربح ثوابك و أمشي له؛ فقالت لها : أسرعي يا أماه
قبل أن يدعو عليّ؛ فقالت لها العجوز : اليوم نلتقي به و الأجل بيننا في الغد؛ ثم
سارعت العجوز و التقت بذلك الرجل في ذلك اليوم و عملت لها الأجل معه إلى غد، يأتيها
إلى دارها، فلما كان الغد أتت المرأة إلى دار العجوز فدخلت و جلست تنتظر الرجل،
فبطأ عليها و لم يظهر له أثر و كان قد غاب في بعض شؤونه، فنظرت العجوز و قالت في
نفسها : لا حول و لا قوة إلا باللّه العليّ العظيم، ما الذي أبطأه، فنظرت إلى
المرأة فإذا هي قلقة، فعلمت أن قلبها تولع بالنكاح، فقالت لها : يا أمي مالي أراه
لم يأت ؟؛ فقالت لها : يا إبنتي لعلّه اشتغل في بعض مهماته، لكن أنا أخدمك في هذه
القضيه، ثم سارت تفتش عليه فما وجدت له أثر، فقالت في نفسها إنّ المرأة تعلق قلبها
بالنكاح فمالي لا أرى لها شاباً يبرد مافي نفسها من النار اليوم، هذا يسترني و
يسترها، و رأت شاباً فقالت له : يا ولدي إذا وجدت إمرأة ذات حسنً و جمال فهل تنكحها
؟؛ قال لها : إنْ كان قولك حقاً فلك ديناراً من الذهب؛ فأخذته و سارت به إلى مكانها
فإذا به زوج تلك المرأة، و العجوز لم تعرفه حتى وصلت فقالت لها : أنا لم أجد الرجل
و لكن هذا غيره يبرّد نارك اليوم، وفي الغد أُدبّر الآخر؛ فرأت عينها وجهه و ضربت
على صدرها و قالت : ياعدو اللّه و عدو نفسك، ما أتيت إلى هنا إلاّ بقصد الزّنا، و
أنت تقول ما زنيت أبداً و لا أحب الزنا، و لذلك أستأجرت العجائز حتى أتيت إلى يديّ
اليوم؛ يجب أن أتطلّق من عندك و لا أجلس معك بعد أن ظهر لي العيب؛ فظن أن كلامها
حقا … فأنظر يا أخي ما تفعل النساء .
حُكي …
عافاك اللّه … أن امرأةً كانت تهوى رجلاً صالحاً و كان جاراً لها فأرسلت له، فقال :
معاذ اللّه إني أخاف اللّه ربّ العالمين؛ فجعلت تراوده مراراً فيأبى مراتٍ متعددةٍ،
فجعلت تنصب له المصائد فلم يحصل، فلما كانت ليلةً من الليالي أتت لوصيفتها و قالت
لها : إفتحي الباب و خلّيه، فإني أردت المكيدة بفلان، ففعلت ما أمرتها، فلما كان
سطر الليل قالت : أخرجي هذا الحجر و أضربي علي البيت و أنظري لئلا يبصرك أحد، فإذا
رأيت الناس فادخلي، ففعلت ما أمرتها، و كان هذا ناصحاً لخلق اللّه، ما رأى منكراً
إلاّ غيره و لا استغاث به أحد إلاّ أغاثه فلمّا سمع الضرب و الصياح قال : لإمرأته
ماهذا ؟ قالت : له هذه جارتنا فلانه أتتها اللصوص، فخرج ناصراً لها فلما دخل الدار،
غلّقت الوصيفة الباب و أقفلوه و جعلوا يضحكون فقال لهم : ماهذا الفعل؛ قالت له : و
اللّه إنْ لم تفعل معي كذا و كذا لقلت إنك راودتني عن نفسي؛ فقال : ماشاء اللّه كان
و لا رادّ لأمره و لا معقب لحكمه، فاحتال لكي تُطْلقه فأبت و جعلت تصيح فأتوها
الناس و خشي على نفسه، و قال لها : أستريني و أنا أفعل؛ فقالت له : أدخل إلى
المقصوره و أغلق عليك إن أردت أن تنجو و إلاّ أقول لهم فعلت هذا الفعل معي؛ و مسكته
فدخل المقصوره و أغلقت عليه الباب لما رأى الجد منها، فخرج الناس من عندها و قد
تغيّروا لحالها و انصرفوا فغلّقت الأبواب و حصرته أسبوعا عندها و لم تُطلقته إلاّ
بعد مشقة .. أنظر مكائد النساء و ما يفعلن .
حُكي …
أطال اللّه في عمرك … أنّ إمرأة كان لها زوج جمّال له حمار يحمل عليه و كانت المرأه
تبغض زوجها الجمّال لصغر ذكره و قصر شهوته و قلة عمله و كان ذميما و كانت هي عظيمة
الخلقه مقعوره الفرج لا يعجبها آدمي و لا تعبأ ببشر و لا بجماعة، و كانت كل ليلةٍ
تخرج العلف لذلك الحمار و تُبطأ على زوجها، فيقول لها : ما الذي أبطأك؛ فتقول له :
جلست بإزاء الحمار حتى علف لأني وجدته مريضاً تعباناً، فبقيت على تلك الحال مدة من
الزمن و زوجها لا يشك فيها بسوءٍ لأنّه يأتي تعباناً فيتعشى و ينام و يترك لها
الحمار تعْلفه، و كانت هذه المرأه لعنها اللّه مولعة بذلك الحمار، و إذا رأت وقت
العلف تخرج إليه و تشد بردعته على ظهرها و تشد الحزام عليها ثم تأخذ شيئا من بوله و
زبله و تمرس بعضه في بعض ثم تدهن به رأس فرجها ثم تقف قبالة الحمار فيأتي الحمار و
يشم فرجها من خلفها فيظن الحمار أنها حُمارة فيرتمي عليها، فتحبس إيره في فرجها و
تجعل رأسه في باب فرجها و توسع له حتى يدخل شيئا فشيئا، إلى أن يدخل كله، فتأتي لها
شهوتها، فوجدت راحتها مع ذلك الحمار مدة من الزمن، فلما كان في بعض الليالي، نام
زوجها ثم إنتبه من نومه و وقع في مراده الجماع، و كان مراده أن ينكحها فلم يجدها
فقام خفيةً و أتى إلى الحمار فوجده فوقها يمشي و يجيء فقال لها : ما هذا يا فلانه
فخرجت من تحته بالعلف و قالت : قبح اللّه من لم يشفق على حماره؛ فقال : لها و كيف
ذلك؛ فقالت : لما أتيته بالعلف أبى أن يعلف فعلمت أنه تعبان فرميت يدي على ظهره
فتقوس، فقلت في نفسي يا تُرى هل يحس ثقلا أم لا، فأخذت البردعه و حملتها على ظهري
لكي أجربها، فحملتها فإذا هي أثقل من أي شيء، فعلمت أنه معذور، فإذا أردت أن يسْلم
لك الحمار فارفق به في الحال .. فانظر مكائد النساء.
حُكي …
أمد اللّه في عمرك … أنّ رجلان كانا يسكنان في مكان واحد و كان لأحدهما إير كبير
شديد غليظ و الآخر بالعكس إيره صغير رقيق مرخي فكانت امرأة الأول تصبح زاهيه منعمه
تضحك و تلعب و الأخرى تصبح في غيرةٍ و نكدٍ شديد، فيجلسان كل يوم و يتحدثان
بأزواجهن، فتقول الأولى : أنا في خيرٍ كثيرٍ و أنّ فرشي فرش عظيم و أنّ إجتماعنا
إجتماع هناءٍ و أخذٍ و عطاء، إذا دخل إير زوجي في الفرج يسده سداً و إذا إمتد بلغ
القعر و لا يخرج حتى يولج التراكين و العتبه و الأسكبه و السقف و وسط البيت فتهبط
الدمعتان جميعا؛ فتقول الأخرى : أنا في هم كبير و إنّ فرشي فرش نكد و إنّ إجتماعنا
إجتماع شقاءٍ و تعبٍ و نصبٍ إذا دخل إير زوجي في فرجي لا يسده و لا يمده و لا يصل
لقعره، إن وقف أخلى و إن دخل لا يبلغ المنى، رقيق لا تهبط لي معه دمعه فلا خير فيه
و لا في جماعه، و هكذا كل يوم يتحدثان، فوقع في قلب تلك المرأه أنْ تزني مع زوج تلك
المرأة الأخرى، و قالت : لا بد لي من وصاله و لو مره فجعلت ترصد زوجها إلى أن بات
خارج المنزل، فتطيّبت و تعطّرت، فلما كان الثلث الأخير من الليل دخلت على جارتها و
زوجها خفية، و رمت بيدها فوجدت تلك فرجة بين الزوجين فجعلت ترصدها إلى أن نامت زوجة
الرجل فقربت من الرجل و ألقت لحمها إلى لحمه، فشم رائحة الطيب فقام إيره فجذبها
إليه فقالت له بخفية : أُتركني؛ فقال : لها أسكتي لئلاّ يسمع الأولاد، و ظنّ أنّها
زوجته، فدنت إليه و بعدت من المرأه، و قالت له: إن الأولاد تنبهوا فلا تعمل حساً
أبداً، و هي خائفه أن تفطن زوجته فجذبها إليه، و قال لها : شمي رائحة الطيب، و كانت
ملحمةً ناعمة الكس، ثم صعد على صدرها، وقال لها : أحبسيه و جعلت تتعجب من كبره و
عظمه، ثم أدخلته في فرجها فرأى منها وصالاً ما رآه من زوجته أبداً و كذلك هي ما رأت
مثله من زوجها أبداً فتعجب، و قال في نفسه : يا تُرى ما هو السبب، ثم فعل ثانياً و
هو مدهوش متعجب و نام، فلما رأته نائما قامت خفيةً و خرجت و دخلت بيتها، فلما كان
الصباح قال الرجل لإمرأته : ما رأيت أحسن من وصالك البارحه و طيب رائحتك؛ فقالت :
من أين رأيتني أو رأيتك، و إنّ الطّيب ما عندي منه شئ، أظنك تحلم فجعل الرجل يكذّب
و يصدّق …… أنظر مكائد النساء فإنها لا تُعد و لا تُحصى … يُركبن الفيل على ظهر
النمله ….
الباب
الثاني عشر
منافع
للرجال و النســــــاء
إعلم …
يرحمك اللّه … ان هذا الباب فيه منافع لم يطّلع عليها أحد إلاّ من إطّلع على هذا
الكتاب و
معرفة الشئ خير من الجهل به، و إذا كان هناك أشياء رديئة فالجهل أردى و خاصة معرفة
ما خفي عليك من أمور النساء ..
حُكي …
رحمك اللّه … عن امرأة يقال لها المعربده، كانت أعلم أهل زمانها و أعرفهم فقيل لها:
أيتها الحكيمه، أين يجدن العقل معشر النّسوان ؟؛ قالت : في الأفخاذ !! قيل لها :
والشهوه؟؛ قالت : في ذلك الموضع!! قيل لها : أين تجدْن محبة الرجال و كرههم ؟؛ قالت
: في ذلك الموضع، فمن أحببناه أعطيناه فرجنا و من أبغضناه أبعدناه منه، و من
أحببناه زدناه من عندنا و استقنعنا منه بأدنى شئ، و إن لم يكن ذا مال رضينا به، و
من أبغضناه و لو أعطانا و أغنانا ليس له نصيب عندنا؛ و قيل لها : أين تجدْن العشق و
المعرفه و اللذه و الشوق ؟؛ قالت : في العين و القلب و الفرج؛ فقيل لها : بيّني لنا
ذلك !! فقالت : العشق مسكنه القلب و المعرفه مسكنها العين و الذوق مسكنه الفرج،
فإذا نظرت العين إلى من كان مليحاً و استحسنته و تعجبت من شكله و حسن قوامه فإن
محبته تسري في القلب، فحينئذ يتمكن من العشق و يسكن فيه فتتبعه و تنصب له الأشراك،
فإذا حصل و اتصلت به أذاقته الفرج، فحينئذ تظهر حلاوته من مرارته بمليق المرأه لأن
مليق المرأة فرجها، فبه تعرف المليح من القبيح عند المذاق؛ و قيل لها أيضا : أيُّ
الإيور أحب إلى النساء ؟ و أيُّ النساء أحب إلى النكاح ؟ و أي النساء أبغض في
النكاح ؟ و أي الرجال أحب إلى النساء و أبغض ؟؛ فقالت : النساء لا يشبهُ بعضهن
بعضاً في الفروج و النكاح و المحبه و البغض، فأمّا النساء فيهن قصار و طوال، و
طبائعهن مختلفه، فالمرأه القريبة الرحم تحب من الإيور القصير الغليظ الذي يسده سداً
من غير تبليغ، و إذا كان غليظاً كاملاً لا تحبه، و أمّا البعيدة الرّحم الفارقة
الفرج فإنها لا تحب من الإيور إلاّ الغليظ الكامل الذي يملؤه ملئاً، و إذا كان
قصيراً رقيقاً لا تحبه أبداً و لا يعجبها في النكاح، و في النساء صفراوية و سوداوية
و بلغمية و ممتزجة؛ فمن كانت من النساء طبيعتها الصفراء و السوداء فإنها لا تحب
كثرة النكاح و لا يوافقها من الرجال إلاّ من تكون طبيعته كطبيعتها، و أمّا التي
طبيعتها دمويه أو بلغميه فتحب كثرة النكاح و لا يوافقها من الرّجال إلاّ من تكون
طبيعته كطبيعتها، و إنْ تزوج منهن صاحب الطبيعتين المتقدمتين فله ما يشفي، و أمّا
الممتزجه فما بين ذلك في النكاح، و أمّا المرأة القصيره فتحب النّكاح و تعشق الإير
الكبير الغليظ أكثر من الطويلهةعلى كل حال كان ولا يوافقها من الأيور إلاّ الغليظ
الكامل ففيه يطيب عيشها و فراشها؛ و أمّا الرّجال في النكاح و كثرته و قلته فإنهم
كالنساء في الطبائع الأربعه، و لكن النساء أشد محبة في الإيور من الرّجال في
الفروج؛ و قيل للمعربده الحكيمه أخبرينا عن شر النّساء؛ قالت: شر النساء من إذا
زادت من مالها في عشائك شيئا تغيّرت عليك، أو إذا أخفيت شيئاً و أخذته كشفتك؛ فقيل
: ثم من ؟؛ قالت : كبيرة الحس و الغيرة، و من ترفع صوتها فوق صوت الزوج، و هي
نقالةً للأخبار و ناشرة للحزازات، و هي التي تظهر زينتها للكل، و الكثيرة الخروج و
الدخول، و إذا رأيت المرأة تكثر من الضّحك و وقوف الأبواب فأعلم أنها قحبة زانية، و
أشر النساء من تشتغل بالنساء، و كثيرة الشكايه، و صاحبة الحيل و النكايه و السارقه
من مال الزوج و غيره، و أشر النساء أيضا من تكون سيئة الأخلاق كثيرة الحمق و
النّكّارة للفعل الجميل، و التي تهجر الفراش، و كثيرة المكر و الخداع و البهتان و
الغدر و الحيل، و المرأة التي تكون كثيرة النفور خائنة الفراش و التي تبدأ زوجها و
تراوده عن نفسها، و كثيرة الحس في الفراش و صحيحة الوجه دون حياء، و كذلك ناقصة
العقل و الناظرة لما بيد غيرها؛ فهؤلاء أشر النساء فأعرف ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــ
الباب
الثالث عشر
أسباب
شـــهوة الجمـــاع و ما يقوّيـــــها
إعلم …
يرحمك اللّه … أن أسباب شهوة الجماع سته : حرارة الصّبا ؛ وكثرة المني؛ و التقرب
ممن يشتهي؛ و حسن الوجه؛ و أكل الأطعمه المعروفه؛ و الملامسه ….. و ثمانية أشياء
تقوّي على الجماع و تعين عليه و هي : صحة البدن؛ و فراغ القلب من الهموم؛ و خلاء
النفس؛ و كثرة الفرح؛ و حسن الغناء؛ و إختلاف الوجوه و الألوان .
و مما
يقوّي على الجماع : يؤخذ حبّ القمح و يُدق و يُصب عليه الزيت و العسل المنزوع من
الرغوه ثم يؤكل على الريق فإنه يقوي على الجماع ( قال جالينوس الحكيم : من ضعف عن
الوطء فليشرب عند نومه كأساً من العسل الخاثر، و يأكل عشرين حبة من اللّوز و مائة
حبة من الصنوبر، يداوم على ذلك ثلاثة أيام ) و مما يقوّي على الجماع أيضا إذا طُلي
الذّكر و الفرج بمرارة الذئب فإنه يزيد في قوة الجماع، و كذلك بذر البصل يُدق و
يُنخل و يُخلط بعسل و يُلعق على الريق في الصباح، وكذلك شحم ذروة الجمل يُذوّب و
يُطلي به الذّكر و قت إرادة الجماع، فإن المرأة المنكوحه ترى به عجباً، و إذا أردت
أن تطيب لك الشهوه فامدغ الكبابة و أجعل منها على رأس ذكرك و جامع، فإنه يورث لذةً
عظيمةً للذكر و الأنثى، و كذلك يعمل دهن البيلسان، و إذا أردت القوة على الجماع تدق
شيئاً من عاقر قرحا وهي اللوز و الزنجبيل دقاً ناعماً و تخلطها بدهن الزنبق و تدهن
العانه و القصبه فإنك تجد القوة على الجماع، و إذا أردت القوة على الجماع و يزيد
منيك و تقوى باءتك و يكثر انعضاضك، فكل من الشاي وزن خردله فإنك تـنعض إنعاضا
شديداً و يزيد في كل ما ذكرنا، و إذا أردت أن تحبك المرأة في النكاح خذ شيئا من
الكبابه و عاقر قرحا و أمضغه عند الجماع و أدهن به ذكرك و جامع فإنها تحبك حباً
شديداً، و إذا دهن الذكر بلبن حماره كان أعظم و أقوى، و من أخذ الحمّص مع البصل و
طحنه جيداً و طحن معه عاقر قرحا و أخذ من الزنجبيل شيئاً و يذره ذراً على الحمّص و
البصل، و يأكل منه كثيراً فإنه يرى عجباً في النكاح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب
الرّابع عشر
العقــــــــــــــــــر و علاجـــــــه
إعلم …
يرحمك اللّه … أن أهل الطب خاضوا في هذا البحر و مشى كل واحدٍ منهم على رأيه، فإن
العقر له أمور كثيرةً مختلفةً و متشابهةً، فمنها ما يعرض للنساء من قبل انسداد
أرحامهم من الدّماء من احتراق ماء المرأه و عدمها من الرجال، فتدخل لها أوجاع من
داخل الأرحام و إحتباس دم حيضها و ماءها، أو من شدة في الأرحام أو من يبوسة أو رخو
أو ريح منعقدة أو فساد حيضها أو من سحر عملته لأرحامها أو من ضرر يكون من قبل الجان
أو من التوابع و كذلك من تكون من النساء سمينة فان الرّحم لا يقبل النطفة خصوصاً
إذا كان إير زوجها صغير أو تكون الزوجه سمينة فلا ينال مقـصوداً في الجماع
.
الــعـــلاج : مخ قصب الجمل يجعل في قطنة و تدهن به المرأه
على خدود الفرج بعد الطهر من الحيض و يأتيها زوجها، و تجعل جزءاً من عدب الذئب
مسحوقاً منخولاً في زجاجةٍ و تغمسه بالخل و تشرب منه سبعة أيام على الريق، و إن
زادت معه مهسماً و تدقه حتى يخرج فاذا إغتسلت من تلك الحيضه تأخذ من ذلك الدهن جزءا
و تأخذ من الزرنيخ الأحمر قدر فولة و تخلط و تشرب منه ثلاثة أيام و يجامعها زوجها
في الشراب الأول واحدةً و هذا بعده فإنها تحمل إن شاء اللّه؛ أو تأخذ مرارة شاة و
عنز و شيئاً من الزريعة و تجعله في صوفة و تتدهن به المرأة على خدود فرجها بعد
الطّهر ويأتيها زوجها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب الخامس عشر
أســـــباب عقم
الرّجــــــال
إعلم …
يرحمك اللّه … أن من الرجال من تكون نطفته فاسدة باردة و كذلك به مرض السلس
والنوازل، و منه من يكون إيره معوجّ الثقب إلى أسفل و لا يُخرج الماء مستمراً و لكن
ينزل إلى أسفل، و منهم من يكون ذكره صغير لم يصل فرج المرأه، أو يكون ممن يعجلون
بنزول الماء قبل نزول ماء المرأة، و لم يتفق أن يلتقيا جميعاً، فمن ذلك تكون قلة
الحمل و منهم من يكون عنيناً و هو في القصر، و أمر آخر و هو أن يأخذ من التسخين و
التبريد مع الخلاف بينهما، فالذي يقبل الداء هو الذي تكون نطفته فيها من البرودة و
السلس و النوازل و غير ذلك، و الذي يعجّل بالنزول و عنده إير قصير، والمبتلى في
إيره بقروح أو بغيرها فعليه بالمعاجين الحارّه مثل العسل و الزنجبيل و الثوم و
القرفة و جوزه الطيب و لسان عصفور و دار صيني و دار فلفل و غير ذلك من المواد
الحارة فإنه يعافي بحول اللّه و قوته و غير ذلك مما ذكرنا مثل العنين و معوج الثقب
و غيرهما .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الباب
السادس عشر
الأدويــــة التي تســـــقط النطفـــــة من
الرّحــــــم
اعلم …
يرحمك اللّه … أن الأدوية التي تسقط النطفة و الجنين من بطن المرأة كثيرةً لا تحصى
و إنما أذكر هنا ما أحفظه و أعرف صحته ليعرف الناس مضارّها و مصالحها، فمن ذلك عرق
القوة إذا أدخلته المرأة في فرجها رطباً يابساً مهشماً مبلولاً فإنه يفسد ماء الرجل
و يقتل الجنين و يسقطه، وكذلك جذر الكرنب إذا تدخنت به المرأة في أنبوبه و أدخلتها
في فرجها أسقط الجنين، و كذل الشب إذا أدخلته في فرجها قبل الجماع أو طُلي به
الذّكر قبل الإيلاج لم تحمل المرأة بإذن اللّه و إذا واظبت عليه كثيراً صارت عقيمة
و لم تحمل أبداً، و كذلك القطران إذا مسح به الذكر فإنّه يفسد النطفة وقت الجماع و
في وقت الحمل و هو أبلغ من الأدوية، حتى أن المرأة إذا استعملته كثيراً صارت عقيمة
لأنه يفسد الجنين في الرحم فيسقط ميتاً، و من شرب من النساء ماء الروند الطويل مع
شئ من الفلفل نقي الرّحم من الخبائث و إن كانت حامل أُسقط الجنين و إن كانت نافساً
أسرع في إخراج المشيمة و نقي الرحم من الفضلات الغليظة، و الدار الصيني مع المر
الأحمر إذا شربته المرأة و كانت حاملاً ثم وضعت شيئاً منه و أدخلته داخل الفرج قتل
الجنين و سقط ميتاً بإذن اللّه تعالى، و ذلك صحيح مجرب لا شك فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب
السابع عشر
حل
المعقــــــــــــــــــود
اعلم …
يرحمك اللّه … إذا كان هناك امرأة أو رجل معقود أو فاشل أو يسبقه الماء فإنه يتبع
التالي : فأما المعقود فيأخذ الخودنجال الهندي و القرفة و الطر طار الهندي و جوزه
الشرق و جوزه الطيب و الكبابة الهندية و لسان العصفور و الدار الصيني و الفلفل
الرومي و السلاس الهندي و عاقر قرحا و نوار القرنفل، و يسحق سحقا ناعما و يشرب مع
المرفه و إن كانت مرقه الدجاج فلا بأس بذلك فهو أفضل و يأكله في الصباح و المساء
بقدر الاستطاعة، و إن كان ممن يسبقهم الماء فيأخذ جوزه الطيب و اللوبان و يلقيهما
في العسل، و إن أخذه الفشل فيأخذ عاقر قرحا و زريعة الخروب و شيئا من الزنجبيل
الأخضر و يلعقه بالعسل فانه يزول فشله و يحل بذلك كل عقد … و هذا مجرب صحيح
.
الباب
الثامن عشر
تكبير
الإير الصغير و تعظيمه - حاجة جلّ الرّجال
اعلم …
يرحمك اللّه … أيها الوزير أنّ هذا الباب لتغليظ الذكر نافع للرجال و النساء، لأن
الذكر الصغير تكرهه المرأة عند الجماع كما تكره اللّين الضعيف المسترخي، و إن لذّة
المرأة في الذكر الكبير، فمن كان ذكره صغيراً و أراد أن يعظمه و يقويه على الجماع
فليدلّكه بالماء الفاتر و هو الحار حتى يحمرّ و يجري فيه الدم و يسخن ثم يمسحه بعسل
مربى الزنجبيل، و يتقدم حينئذٍ للجماع فان المرأة تتلذذ به لذة عظيمة؛ و إن شاء
فليزن من الفلفل و السنبل و المسك و الخولجان وزناً واحداً بعد الدق و التنخيل، و
يعجن ذلك بعسل مربى الزنجبيل و يمسح به الذكر بعد أن يدلكه بالماء الفاتر دلكاً
جيداً فانه يغلّظ، و تتلذذ به المرأة لذةً عظيمةً إن شاء اللّه؛ أو يأخذ ماءاً
فاتراً و يدلكه حتى يحمر و ينتصب ثم يأخذ قطعة من الرف الرقيق و يجعل عليه من الزفت
المسخن ثم يلقيها على الذكر و هو واقف منتشر حتى يبرد ذلك الزفت و ينام الذكر و
يفعل ذلك مراراً متعددة، فإنه يعظُم و يكبُر إن شاء اللّه، ثم يأخذ من العلق قدراً
معلوماً و هو الذي يبقي في الماء ثم يجعل منها في زجاجه ما استطاع و يصب عليها
الزيت و يجعلها في الشمس ثم يدهن بذلك الزيت ذكره أياما متوالية فان ذكره يكبُر و
يعظُم .
الباب
التاسع عشر
إزالة
بخوره الإبط و الفرج و تضييقه
اعلم …
يرحمك اللّه … أن الرائحة الرديئة في الفرج و الإبط، و هو من أكبر المصائب، فإن
أردت أن تزيل تلك الرائحة فدق المرّ الأحْمر و أنخله و أعجنه بماء الأس ثم تتدهن به
المرأة و الرجل فإنه يزيل بخوره الفرج و الإبط و كذلك يدق السنبلة و ينخل و يعجن
بماء الورد الطيب و تغمس فيه صوفه و يتدهن به، فإنها تزيل الرائحة الرديئة التي في
الفرج و تضيّقه؛ أو تحل الشّب في الماء و تستنجي به مع ماء السواك فانه يضيق الفرج؛
و لرد الرحم البارز يطبخ الخروب طبخاً ناعماً بعد إزالة نواه مع قشور الرمان ثم
تجلس المرأة عليه دائماً بقدر الاحتمال، فإذا برد تسخنه و تعيد الجلوس عليه، و تفعل
ذلك مراراً، ثم تبخره بروث البقر فانه يرجع إنْ شاء اللّه؛ و لعفونة الإبط تأخذ
الحديدة و ألمسكه و تسحقهما جميعاً و تجعلهما ناعماً ثم تضعهما في شئ من الماء حتى
يحمر، و يدهن به الإبط فإنها تزيل عفونة الإبط بالدهن لعدة مرات … و هذا مجرب صحيح
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب
العشرون
عــــــلامات الحمل و ما تلده الحامل
اعلم …
يرحمك اللّه … أن علامات الحمل معروفه عند النساء، و كذلك المرأة اذا يبس فرجها حتى
لا يكاد يسع المرود أن يدخل فيه، و تسود حلقة ثديها، ثم يؤيد ذلك قطع الحيض عنها؛ و
علامات ما تلده يظهر إذا تغير لون المرأة عندما يتبين حملها، فإذا لم تتغير و كان
وجهها حسنا منيراً و قل الكلف من وجهها فذلك علامة تدل على الذكر، و انتفاخ حلمة
الثدي تدل على الذكر أيضا، و خروج الدم من الأنف الأيمن يدل عل على الذكر، و حمرة
الثدي تدل على الذكر أيضا، و إذا كانت أنثى فتكثر الكلف و يتغير اللون و يسود الرحم
و الحلمة و يثقل جنبها الأيسر من الأنف فذلك كله يدل على الأنثى، و ذلك مأخوذ من
أقوال أهل العلم فيما جربوه و صح و اللّه تعالى أعلم.
الباب
الحادي و العشرون
منافع
البيض و أشربة تقوّي على الجماع
اعلم …
يرحمك اللّه … أيها الوزير أن هذا الباب فيه منافعُ كثيرةً و جميلةً تقوّي على
الجماع للشيخ الكبير و الطفل الصغير و هؤلاء قال فيهم الشيخ الناصح لخلق اللّه : من
داوم على مخاخ البيض كل يوم بلا بياض على الريق هيّج الجماع، و من سلق أهيلول أو
قلاه بالسّمن و صب عليه صفار البيض مع الإبزار الموقوف و هي العطرية و داوم على
أكلها قوي الجماع و هاج عليه و اشتاقه شوقاً عظيماً، و من دقّ البصل و وضعه في
برمةٍ و جعل عليه الإبزار العطرية و قلاها فيه بزيت مع صفار البيض و داوم عليها
أياما رأى من القوة على الجماع ما لا توصف به، و لبن النوق أيضا ممزوج بعسل و داوم
عليه يرى من القوة عجباً و لا ينام عليه إيره ليلاً و لا نهاراً، و من داوم على
ألمشوي مع البُر و الدار الصيني و الفلفل أياما زاد قوة في الجماع و دام عنده
الانتشار حتى لا يكاد ينام، و من أراد النكاح بالليل كله و أتاه ذلك على غفلة قبل
أن يستعمل جميع ما ذكرنا فليأخذ من البيض قدر ما يجد به شبعاً ثم يلقيه في طاجين و
يضع معه سمناً طرياً أو زبداً و يلقيه في النار حتى يطيب في ذلك السمن و يكون
كثيراً ثم يلقي عليه ما يغمره عسلاً و يخلط بعضه على بعض و يأكله بشي من الخبز
شبعاً فإنه لا ينام إيره في تلك الليلة، و قال بعضهم في ذلك أبياتا :
و حبي أبو الهيلوج قد قام
إيره ثلاثين يوما من تقوية البصل
و أيضا أبو الهيجاء قد
اقتض ليله ثمانين بكرا عن تمام ولم يكل
و كـان أبالهيجاء يأكل
حمصا ويشرب لبناً النوق ممزوجا بالعسل
و لا تـنس ميمونا فقد بلغ
المنى على نكحها خمسين يوما بلا مهل
فما برح الميمون يوما
لشرطها و زاد على الخمسين عشراً ولم يبل
و كان غذاء العبد ميمون
دائما مخاخ اصفرار البيض بالخبز إن أكل
و حُكي …
يرحمك اللّه … أنّ أبي الهيجاء و العبد ميمون و أبي الهيلوج مشهور و قصتهم معروفه،
و حكايتها هي أن الشيخ النّاصر لدين اللّه قال : كان فيما مضى قبلكم من سالف
الأزمان و قديم العصر و الأوان ملك عظيم السلطان كثير الجنود، و كان له سبع بنات
بارعات في الحسن و الجمال و البهاء و الكمال و الدّلال، و سبعة على رؤوس بعضهم
بعضاً ليس بينهن ذكر؛ خطبهن ملوك الزمان فأبين أن يتزوجن و كنّ يلبسن ملابس الرجال
و يركبن على الخيول الموسومة و يتبارزن بالسيوف و يقاتلن الرجال في ميدان الحرب و
كان لكلّ واحده منهن قصر عظيم و خدام و عبيد قائمون بأمور القصر في كل ما يحتجن
إليه من أكل و شرب و غير ذلك، فإذا أتى خطيب إلى أبيهن يبعث إليهن و يشاورهن، فيقلن
هذا لا يكن أبداً، فأخذ الناس يتكلمون في أعراضهن، فبعض الناس يقول فيهنّ الخير و
بعضهم يقول فيهنّ الشر و ذلك مدة من الزمان، و لكن لم يطلع أحد على أخبارهن إلى أن
توفي أبوهنّ فاستولت البنت الكبيرة على الملك و كان اسمها فوتر و اسم الثانية
سلطانة الأقمار و الثالثة البديعة و الرابعة ورده و الخامسة محمودة و السادسة
الكامله و السابعة الزهرة و هي أصغرهن و أرجحهن عقلاً و أوفقهن رأياً و كانت مولعةً
بالصيد فبينما هي يوما في صيدها و قنصها إذْ التقت في طريقها بفارس و معه عشرون
مملوكاً فسلم فردت عليه السلام امرأة ثم أتى لبعض عبيدها و استخبر هم فأخبروه
بالقضية كلها فسار معها فسمع كلامها و هي ضاربة النقاب؛ فقال : ليت شعري من يكن هذا
؟ أهو رجل أو امرأة ؟، إلى أن أتى فصل الغداء فجلس معها للأكل يريد أن ينظر وجهها
فأبت أن تأكل و قالت : إني صائمة؛ فلمح عينيها و يديها فتمكن قلبه من تغنيج عينيها
و قدّها و إعتدالها فقال لها : هل لك في الصّحبة من شئ ؟؛ فقالت: صحبة الرجال لا
تليق بالنساء لأنه اذا التقت الأنفاس وقع في قلوبهما الهواس و دخل بينهما الوسواس و
وصلت أخبارهما للناس؛ فقال : صحبة الوفاء بلا غش و لا هفاء؛ فقالت له : إذا صحبت
النساء الرجال كثرت فيهم الأقوال فيرجعون بأسوأ الأحوال فيقعون في نكال و أهوال؛
فقال: تكون صحبتنا خفية و أمورنا هنية و نلتقي في هذه البادية؛ فقالت : هذا شئ لا
يكون و أمراً لا يهون و إن وقع وقعنا في الظنون و تغامزت بنا العيون؛ فقال لها :
تكون صحبة وصال و متعة و جمال و تعنيق و دلال و بدل نفس و مال؛ فقالت : حديثك شهي و
نظرك بهي فلو كنت عن هذا نهي؛ فقال لها : حديثك يفوت و خبرك منعوت و وجهك في قلبي
منبوت، و إن فارقتني لا شك أموت؛ فقالت : تروح لمكانك و أروح لمكاني و إن قدّر
اللّه نراك و تراني؛ ثم افترقا و تواعدا و سارا كل واحدٍ منهما إلى منزله، فلم يطق
الصبر و كان منزله منفرداً خارج البلد التي هو بها و كان أبوه تاجراً عظيماً له
أموال لا تحصى يقال له حبرور و إبنه هذا أسمه أبو الهيجاء و بينه و بين منزله يوم
المجد، فلما جنّ اللّيل نزع ثيابه و ركب جواده و تقلّد سيفه و استصحب أحد عبيده
يقال له ميمون و سار خفية تحت الظلام و لم يزل سائراً الليل كله إلى أن قرب الصبح
فنزل على جبل و دخل في مغارة هناك و عبده ميمون و جوداه ثم أوصى العبد على الجواد و
خرج يسير إلى أن قرب من القصر الذي فيه الزاهرة فوجد جداراً زاهراً شاهقاً فرجع و
جعل يرصد من يخرج منه إلى أنْ تناصف الليل فنام و رأسه على ركبة العبد فبينما هو
نائم و إذا بالعبد ميمون يوقظه، فقال : ما الخبر؛ فقال : يا سيدي إني أسمع حساً
داخل المغارة و رأى ضوءاً قليلا فقام و نظر إلى الضوء فخرج هو و العبد و أتى إلى
مغارة أخرى بعيداً عنها و قال لعبده إجلس حتى أرى ما الخبر، ثم غاب ساعةً و قصد
المغارة التي كان بها و دخل إلى أقصاها فوجد دهليزاً فهبط إليه فإذا فيه ضوء يخرج
من بعض الثقب فوضع عينه في ثقبه و نظر فإذا هو بتلك البنت و معها ما يقرب من مئة
بكرٍ في قصرٍ عجيبٍ في ذلك الجبل، و فيه أنواع الفرش المذهبة على أشكال شتى و هنّ
يأْكلن و يشربن و يتنادمن، فقال للعبد ميمون : آتني بأخي في اللّه أبا الهيلوج،
فركب العبد و سار اللّيل كلّه، و كان أبو الهيلوج من أقرب أصحابه و أعزّهم عليه، و
هو أبن الوزير، و كان أبو الهيلوج و أبو الهيجاء و العبد ميمون لم يكن في زمانهم
أقوى منهم و أشجع، و كانوا من الطغاة الذين لا طاقة لأحد عليهم في الحرب، فلما وصل
العبد ميمون أخبره بما وقع، فقال : إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، ثم ركب جوداه و
أخذ معه أعز عبيده و سار إلى أن وصل المغارة فدخل و سلّم، فأخبره بما وقع له من حب
الزاهرة و أخبره بما وقع في قعر المغارة، فتعجب أبو الهيلوج من ذلك و أخبره أيضاً
أنه أراد الهجوم على قصرها فوجده نافذاً إلى هذه المغارة تحت الأرض، فلما جنّ الليل
سمع لغط و كثرة الضحك و الحديث فقال له أدخل و أنظر لكي تعذر أخاك، فدخل و نظر
فافتتن من حسنها و جمالها، فقال له : من الزاهرة من هذه البنات الأبكار ؟، فقال :
هي صاحبةُ القد البهي و المبسم الشهي، صاحبة الخد الأحمر و التاج المجوهر و الجبين
الأزهر و الحلّة المذهبة و الكرسي المرصع الذي ترصيعه كثير و مساميره من فضّه و
أحلاقه من ذهب، ألتي يدها على ثغرها؛ فقال : إني رأيتها بينهن كالعلم، و لكن يا أخي
أخبرك بشي أنت عنه غافل !! قال : ما هو ؟، قال : يا أخي لا شك أنّ هذا القصر عندهنّ
للخلاعة لأنّهنّ يدْخلن فيه من اللّيل إلى اللّيل، و هو محل خلوه و أكل و شرب و
خلاعة، و إنْ حدثتْك نفسك أن تصل إليها من غير هذا المكان فإنك لا تقدر على شئ
لأنها مولعة بحب البنات، فلذلك لا تلتفت إليك و لا إلى صحبتك؛ فقال : يا أبا
الهيلوج، ما عرفتك إلاّ عارفاً ناصحاً و لهذا بعثت لك، لأني لم أستغن عن رأيك و
مشورتك؛ فقال له : يا أخي لولا أن اللّه منّ عليك المكان لما كنت تتصل بها أبداً، و
لكن من هنا يكون الدخول لهذا القصر إنْ شاء اللّه، فلما أضاء الصباح أمر العبيد
بحفر ذلك المكان، فهدموا منه قدر الحاجة ثم أنهم غيّبوا خيولهم في مغارةٍ و زربوا
عليها من الوحوش و اللصوص ثم رجعوا و دخلوا هم و العبيد لتلك المغارة، و بلغوا إلى
القصر و كل واحدٍ منهم بسيفه و درقته و ردّوا الثقب كما كان و دخلوا القصر فوجدوه
مظلماً، فقدح أبو الهيلوج الزناد و أشعل شمعة كانت هناك، و جعلوا يدورون يميناً و
شمالاً فوجدوا فيه عجائب و غرائب و فرش عجيبة و مساند على كل لون و ثريات و موائد و
أطعمة و أشربة و فواكه و فرش عظيمة، فتعجبوا من ذلك و جعلوا يدورون فيه و يعدّون
منازله، فوجدوا فيه منازل كثيرة، و وجدوا في آخره بابا داخله خوخةً صغيرةً مقفولةً
بقفل؛ فقال أبو الهيلوج: أظن هذا هو الباب الذي يدخلن منه، ثم قال : يا أخي تعال
نمكث في بعض منازل هذا القصر؛ فمكثوا في منزلٍ عظيمٍ مستورٍ عن الأبصار إلى أن أتى
الليل و إذا بجارية فتحت الخوخة و خرجت و بيدها شمعة، فأشعلت تلك الثريات جميعاً و
رتبت الفرش و نصبت الموائد و أحضرت تلك الأطعمة و صففت الأقداح و قدمت تلك الزجاجات
و بخرته بأنواع الطيب، فلم تكن إلاّ ساعة و إذا بتلك الجواري و الأبكار يدخلن،
يتبخترن في مشيتهن على الفرش، و مدت لهن الموائد بالأطعمة و الأشربة، فأكلن و شربن
و غنين بأنواع الألحان، فلما امتلأن خمراً خرج الأربعة من أماكنهم و كل ضارب نقابه
على وجهه؛ فقالت الزاهرة : من هؤلاء الهاجمين علينا في هذا الليل ؟ أمن الأرض خرجتم
أو من السماء نزلتم ؟ و ما الذي تريدون ؟؛ قال : الوصال؛ قالت الزاهرة : ممن ؟، قال
أبو الهيجاء : منك؛ فقالت : من أين تعرفني؟؛ فقال لها : أنا الذي التقيت بك في
الصيد؛ فقالت : من أدخلك لهذا المكان ؟، قال : قدّرت فخمّنت ما الذي نفعل؟، و كان
عندها أبكار مصفحات لم يقدر على دخولهن أحد و عندها امرأة يقال لها المنى لم
يهيّجها رجل في نكاحها؛ فقالت في نفسها : ما لي لا أكيدهم بهؤلاء الأبكار و أنا
أنجو، ثم قالت : ما نفعل إلاّ بشرط؛ فقالوا لها : شرطك مقبول؛ قالت : و إنْ لم
تقبلوه، فأنتم الآن عندي أسرى، و نحكم فيكم بما نريد؛ فقالوا : نعم؛ فأخذت المواثيق
و العهود عليهم ثم ضربت يدها على يد أبي الهيجاء و قالت له : أمّا أنت فشرطك أن
تدخل في هذه الليلة على ثمانين بكراً من غير إنزال؛ فقال : قبلت هذا الشرط؛ فأدخلته
إلى بيت و جعلت ترسل إليه واحدةً بعد واحدة و هو يدخل بهن إلى أن دخل على الجواري
كلهنّ و لم ينزل منه مني، فتعجّبت من قوّته و جميع من كان حاضراً، ثم قالت له : و
هذا العبد ما أسمه ؟ فقال : ميمون؛ فقالت : ينكح هذه المرأة خمسين مرةً بلا فتور
سواءً أنزْل أو لم يُنزل إلاّ إذا أتته الضرورة التي لا بد منها؛ فتعجّبوا من هذا
الشرط؛ فقال العبد ميمون : أنا أفعل، و كان يحب النّساء كثيراً، فدخلت معه المنى
إلى أحد البيوت و أمرتها إذا تعب أن تخبرها، ثم قالت للأخير : و أنت ما أسمك ؟،
فقال : أبو الهيلوج؛ فقالت له : نريد منك أن تدخل على هؤلاء النساء الأبكار ثلاثين
يوماً و إيرك واقف لا ينام ليلاً و لا نهاراً، ثم قالت للرابع : ما أسمك ؟، فقال :
فلاح؛ فقالت : و أنت نريد منك أن تخدم بين أيدينا، و يبقى عليّ شرطكم، فشرطوا عليها
أن تحضر لهم حليب النوق و عسل صافي شراب من غير ماء لأبي الهيجاء و غذاؤه الحمص
مطبوخا باللحم و البصل، ثم طلب أبو الهيلوج البصل الكبير مع اللحم و شرابه البصل
المدقوق مع بعض ماؤه و يوضع في العسل، و تأتي صفة ذلك إن شاء اللّه، ثم قالت : ما
تريد من الأغذية يا ميمون؛ فقال : غذائي مخاخ البيض مع الخبز؛ ثم أوفت لكل واحدٍ
بما طلب، فقال أبو الهيجاء : قد أوفيت لك شرطك فأوفي لي الوصال يا زهرة فقالت :
هيهات شرطكم سواء عندي أنت و أصحابك، فان كمل شرط أصحابك قضيت حوائجكم جميعاً و إنْ
عجز واحداً منكم نقضت و أسرتكم بحول اللّه، ثم أن أبا الهيجاء جلس مع المرأة و
البنات و الأكل و الشرب إلى أن أوفى أصحابه بالشرط، و كانت قبل ذلك طامعةً في
أسرهم، و هي في كل يوم تزداد حسناً و جمالاً و فرحاً إلى أن اكتملت عشرون يوماً
فتغيرت، فلمّا بلغوا الثلاثين بكت و كان أبو الهيلوج قد تمم الشّرط، و أتى و جلس مع
صاحبه و هم في أكل و شرب و هي طامعة في العبد ميمون لعله يكلّ أو يتعب من النكاح، و
في كل يوم ترسل إلى المنى و تسألها عنه فتقول لها كل يوم يزداد قوة، و ما أرى هؤلاء
إلاّ غالبين، ثم خرجت و قالت لهم : إني سألت عن العبد فقالوا لي إنه تعب و مرض،
فيقول لها أبو الهيجاء : إن لم يوف شرطه و يزيد فوقه عشرة أيام لأقلتنه؛ و لم يزل
كذلك حتى كملت الخمسين يوماً ففرحت المنى لأنه كان أهلكها في نكاحها فتعدّت الخمسين
يوماً و لم يبعد عنها، فبعثت المنى للزهرة تقول لها : يا مولاتي الشرط تعداه و لا
أراه يفارقني، سألتك باللّه العظيم إلاّ ما أرحتني مما أنا فيه، فقد انفكت أفخاذي و
أصبحت لا أقدر على الجلوس؛ فحلف أنْ لا يخرج إلاّ بعد عشرة أيام زيادةً فوق شرطها
عشرة أيام، فتعجبوا من ذلك؛ و بعد الوفاء بالشروط جميعهاً حازوا على ما في القصر من
أموالٍ و بناتٍ و خدمٍ و نساءٍ و حشمْ؛ و قسّموا ذلك بالسواء فيما بينهم، و سبب هذه
الغنيمة من البنات المتقدم ذكرهن هو الأشربة التي تهيج على الجماع و ذلك مما
يستحسنه العقل، و هو أن تدق البصل و تعصر ماؤه و تأخذ من ذلك الماء كيلاً و من
العسل المنزوع الرغوة كيلاً فتخلط الجميع و تطبخه بنار لينة حتى يذهب ماء البصل و
يبقى العسل في قوام الأشربة فتنزله من فوق النار و تبرده في زجاجة لوقت الحاجة، فخذ
منه أوقية و أمزجها مع ثلاثة آواق من ماء قد نُقّع فيه ماء الحمّص يوماً و ليلةً، و
يشرب في ليالي الشتاء قبل النوم قليلاً، فإن من يشربه لا يهدأ تلك الليلة، و من
داوم عليه لا يزال قائما إيره منتشراً متيقظاً لا ينام، و من كان حار المزاج فلا
يشرب منه لأنه يولد الحمى، و لا ينبغي لأحد أن يداوم عليه ثلاثة أيامٍ إلاّ أن يكون
شيخاً أو بارداً في مزاجه و لا يشرب في الصيف أبداً .
انتهى و أنا استغفر اللّه
من أضاليل اللّهو و أباطيل اللّغو و هو حسبي و نعم الوكيل
و لا حول و لا قوة إلا
باللّه العلي العظيم و صلى اللّه على سيدنا محمد
و على آله و صحبه و سلم
تسليما؛ لا اله إلا اللّه
محمد رسول
اللّه
انتهى الكتاب
المستطاب بعون الملك الوهاب.