الخميس، 12 مايو 2016

لي تشينغ تشاو (1084 - 1155م) شاعرة من أسرة سونغ الملكية



ولدت الشاعرة المشهورة (لي تشينغ تشاو) عام 1084م لأسرة مثقفة. كانت في صغرها تحفظ أكثر من مئة قصيدة عن ظهر قلب. وفي عنفوان شبابها كانت بارعةً في الكتابة ونَظْمِ الشعر. تزوجت وهي في سن الثامنة عشرة من (تشاو مينغ تشنغ) المولع بالتعلم وصاحب الطموحات العالية، وقد كان مولعاً بجمع التحف ودراستها، خصوصاً دراسة كتابة النقوش (الأبيغرافيا). احترمت (لي تشينغ تشاو) زوجها ودعمته في عمله، كما أن زوجها أعجب بموهبتها الأدبية أيضاً، وعاشا حياة بسيطةً سعيدةً.

وفي عام 1117م أتَمَّ زوجُها مسوَّدة المؤلَّف الأدبي الضخم (حكايات عن دراسة النقوش)، ولكن الحروب أفسدت حياتهما، ففي عام 1128م تحول منزلهما بما فيه من مقتنيات إلى رماد، ثم مات زوجها بسبب المرض في عام 1129م، فلجأت (لي تشينغ تشاو) إلى مدينة (هانغتشو) ومعها بعض الرسوم والكتب والنقوش الباقية وبعض مخطوطات زوجها الأصلية، ثم رتبت وراجعت ودققت وصححت مخطوطاته وأضافت إليها، حتى صدر أخيراً المؤلف الضخم (حكايات عن دراسة النقوش)[1].

أبدعت (لي تشينغ تشاو) كثيراً من القصائد. وكان هناك مدرستان في الشعر آنذاك:
1- مدرسة الشعر السلس.
2- مدرسة الشعر الحر الجريء.

ولكن قصائدها كانت مختلفة عنهما. كان أسلوبها متجدداً طليقاً طبيعياً، وقد أطلقت الأجيال التالية على أسلوبها: (مدرسة يي آن) و(يي آن) هو الاسم الآخر لها[2].

تُعَدُّ (لي تشينغ تشاو) أشهر شاعرة صينية في الأدب الصيني القديم، ومن الملاحظ أنها في شعرها تعبر عن وفائها المؤثر لزوجها وحزنها الشديد عليه مؤكدة على سمو الحب بين الزوجين. وقد أطلق بعض الدارسين عليها لقب (خنساء الصين).[3]

المساءُ الحزين
تفكيرٌ يَحْدُو تفكيراً
وبَحْثٌ يَتْلُو بَحْثاً
وعُزْلةٌ تَلفُّ عُزْلَةً
ووَحْشَةٌ تُواكِبُ وَحْشَةً..
آلامي تنضحُ ألماً
وحُزْني يُمْعِنُ في الحُزن..
موجةٌ دافئةٌ تَتْلُوها مَوْجاتٌ باردةٌ
ما أصْعَبَها وما أقْساها..!
أنَّى ليْ أن أُقاوِمَ الرِّيحَ الْهَوْجاءَ
وأسْرابُ الإِوَزِّ البَرِّيِّ
الذي طالَما حَمَلَتْهُ أشواقي
يَمُرُّ مُثِيراً بِحَفِيفِهِ ذِكْرياتِ الماضي..
وها أنا واقفةٌ بِجانِبِ الشُّبَّاكِ
فأنَّى ليَ القُدْرَةُ على مُجابَهَةِ الظُّلُماتِ وَحْدِي؟!
أشجارُ الدُّلْبِ الشاحبةُ
وهذا المطرُ الناعمُ.. الناعمُ
المتساقطُ معَ المساءِ قطرةً قطرةً
في مِثْلِ هذهِ الحالِ
أحزاني تَعجزُ عن إدْراكِ معانِيْها
كَلِماتُ الحُزْن..[4]


ترنِيمَة المشرَّدة
تَوقَّفَتْ حِدَّةُ الرياح
وفاحَ عِطرُ الزهرِ الذابلِ
وانْسابَ حتى في ثنايا الغُبارِ
وكُلَّما امْتدَّ رواقُ الظَّلامِ
أُحِسُّ بِالفُتُورِ
أُحاوِلُ التعبيرَ عن هَمِّي
لكنَّ دَمْعِي يَسْبِقُ الكلام
سَمِعْتُ أنَّهُ في روابي الرَّافِدَيْن
ما زالَ طَلْقاً مَوْسِمُ الربيع
وَدِدْتُ لو أقْصِدُها
بِقارِبي الرَّشِيقِ
لكنَّنِي أخْشَى أنْ يَنُوءَ القارِبُ الرَّشيقُ
بِحمْلِ أحْزانِي...[5]


أشواقٌ إلى الرَّاحِلِ بَعِيداً
صَدْرِيْ مُفْعَمٌ بِالشَّكْوَى
لكنَّ لِسانِي لا يَقْوَى
نَحَلَ جِسْمِي
والْمَرَضُ ليسَ هُوَ السَّبَب
ولا أحزانُ الخريفِ
كُلُّ شيءٍ انْتَهَى
انْتَهَى
في هذهِ الْمَرَّةِ ارْتَحَلَ بعيداً
ولم أقْدِرْ على إبْقائِهِ
حتى لوْ تَوسَّلْتُ
بألْفِ أُغْنِيَةٍ مِنْ أغاني الوَداعِ...
وها أنا في أواخِرِ الربيعِ
أطِيرُ بأفكاري إليهِ
وأمامَ بيتي الْجَدْوَلُ الرَّقْرَاقُ
يَظَلُّ شاهِداً
على تِلْكَ الأيَّامِ الطَّوِيلَة
يَتَسمَّرُ فيها نَظَرِي
في البَعِيدِ البَعِيدِ..
وهُناكَ حيثُ يَتَسمَّرُ نَظَرِي
هُناكَ مَجْمَعُ أشْواقِي وأحْزانِي...[6]

[1] مجلة (الصين اليوم) العدد 2 شباط 2004م.
[2] مجلة (الصين اليوم) العدد 2 شباط 2004م.
[3] مختارات من الشعر الصيني القديم ـ سلسلة كتب سور الصين العظيم ـ الناشر: مجلة بناء الصين.
[4] مختارات من الشعر الصيني القديم ـ سلسلة كتب سور الصين العظيم ـ الناشر: مجلة بناء الصين.
[5] مختارات من الشعر الصيني القديم ـ سلسلة كتب سور الصين العظيم ـ الناشر: مجلة بناء الصين.
[6] مختارات من الشعر الصيني القديم ـ سلسلة كتب سور الصين العظيم ـ الناشر: مجلة بناء الصي


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/25537/#ixzz48S2uRK7D

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق