لا أحبّ أبداً
عبارة " طرابلس مدينة العلم والعلماء"، ليس لأنّي لا أحبّ مدينتي لا سمح
الله، وأنا أعرف ان لحم كتفيّ من خيرها العميم، ولكن لا أحبّ هذه العبارة لأنّ الرسول عليه
السلام أوصانا بعدم الكذب. وهذه العبارة تنتمي الى ماضٍ سحيق كان زاهراً ولا تنتمي
الى حاضر جريح، طريح الفراش المذهبية والخرافيّة الدامية!
ولا احبّ الصفة التي تتصّف بها مدينتي طرابلس وهي صفة " الفيحاء "
لأنّ الصفة بنت موصوف قضى نحبه في المدينة بسبب غباء مستعر. والصفة في غياب
الموصوف شبح موصوف! الصفة بنت شجرة الليمون، ومنطقة الضمّ والفرز وغيرها من
المناطق التهمت بِشره أحمقَ كلّ الشجرات التي كانت تمنح المدينة عطراً وأريجاً
بهيجاً.
ولكني اعرف ان طرابلس لن تستعيد مستقبلها الاّ باستعادة هاتين العبارتين.
أعشق الرموز، فالانسان كائن رمزيّ حتّى قبل أن يكون كائناً ناطقاً. وعليه
ان يتشبّث بالرموز ليس بالتشدّق اللفظيّ وانما بالفعل الخلاّق والمبتكر.
أحبّ مدينتي طرابلس وما قلته أعلاه هو ابن حبّي لمدينتي النازفة.
هناك من يعمل لتحويل طرابلس من عاصمة الشمال الى مدينة عادية على المتوسّط.
المطلوب من عقلاء المدينة وحكمائها ان يعززوا حضورها المتنوّع، المتعدّد، طائفياً
ومذهبيّاً وفكريّاً وروحيّاً.
مدينة من لون مذهبيّ واحد مدينة
كابية الألوان، وأحبّ أن تكون مدينتي على مثال قوس قزح الملوّن، فالألوان من آيات
الرحمن.
بلال عبد الهادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق