الخميس، 2 أبريل 2015

حرف لاتينيّ

 لا يمكن لأحد ان يستغني عن الحرف اللاتيني، اليوم، الا اذا اراد ان يعيش أعزل، بعيداً عن متطلبات العصر الراهن. أيا كانت لغتك الأم، فإنه لا يمكنها أن تدير ظهرها للحرف اللاتينيّ، ومهما كانت انتماؤك إلى لغتك شديداً فإنّه محكوم عليك أن تتعامل مع الحرف الللاتينيّ رغما عن أنفك وحرفك الأمّ. يعيش الحرف اللاتينيّ عزّا لم يسبق له أن عاشه من قبل. غيّر الأنترنت حياته. تجده حاضراً ناضراً في عقر دار كلّ اللغات التي لا تعتمد الحرف اللاتيني، تجده في الدول المتحضرة منها والدول النامية، يطلّ برأسه في اليابان وفي الصين وفي الهند وطبعاً في العالم العربيّ. يكفي ان تنظر الى عنوان بريدك الالكتروني لتعرف ان الحرف اللاتيني هو وسيلتك للتواصل عبر البريد. مفتاح صندوق بريدك الرقميّ حرف لاتينيّ، هذه واقعة لا يمكن دحضها أو تجنّبها. الحرف اللاتينيّ والتقويم الميلاديّ شيئان لا يمكن الاستغناء عنهما حتى في أكثر الدول انغلاقا او عنصريّة. نعيش اليوم في زمن الحرف اللاتيني، كما نعيش في زمن التقويم الميلاديّ. انظر الى اي مجلة عربية او جريدة عربية او كتاب عربي تجد في مكان ما يقبع الحرف اللاتيني حتّى ولو صدر الكتاب في الرياض أو مكّة المكرّمة او المدينة المنوّرة. الاعتراف بالواقع لا يعني أنّ الواقع راسخ رسوخ الجبال، ولن يتغيّر. فجبال الواقع الراسخة ليست، عند التدبّر، أكثر من كثبان. تاريخ الحروف كتاريخ اللغات دولاب لا يكفّ عن الدوران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق