كلمة " استشراق" هي ترجمة من مصطلح
غربيّ ملتبس، وقد اشتغل المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد على تفكيك هذا المصطلح
بمضامينه ومدلولاته الخفية أو المعلنة تفكيكاً أشعل سجالا طويلاً عريضاً في عالم
الاستشراق، ولم يهدأ إلى اليوم أوار هذا السجال حتّى بعد رحيل إدوارد سعيد. وبما
أنّه لا يخلو خير من شرّ، ولا شرّ من خير، فإنّي، هنا، أتناول الجانب الجميل من
مفهوم الاستشراق. طبعا حين نقول كلمة استشراق فإننا نذهب الى الغرب، وليس الى
الشرق، نذهب إلى طريقة الغرب في النظر الى الشرق. ومن البديهيّ أن تتغيّر النظرة
بتغير وجهة النظر. هناك كلمة مألوفة اليوم
ومستعملة هي عبارة " دراسات شرقية" ، وهي عند التدبّر كلمة تحاول أن
تكون حيادية، وعامّة. أن أنها فيما اظن تزيل الحدود القائمة بين منابع الدارسين
ومنطلقات الدارسين. مما يعني وضع كل الدراسات الشرقية في سلة واحدة. فلا يعود ثمة
فرق بين دارس شرقيّ للشرق ودارس غربي للشرق. عبارة "دراسات شرقية" تضع
جانبا خلفيات الدارسين، ولكن، عمليا، هل يدرس الشرقي الشرق كما يدرسه الغربيّ؟ هل
ستكون دراستي انا العربي للصين مثلا على غرار دراسة الفرنسي او الالماني لها؟
أسئلة كثيرة راودتني وأنا أعد هذه الورقة.
منذ سنتين بالتمام والكمال كتبت هذه العبارة: للغرب فضل كبير
في تعريفنا بالشرق!
وبمحض المصادفة جملة من بحثي الذي سأقدّمه في جامعة بكين
للدراسات الدولية تكاد تكون هي نفسها.
فمن عرّفنا إلى اللغة الهيروغليفية شخص فرنسيّ على سبيل المثال،
ويمكن تكثير الأمثلة من ميادين أخرى غير لغويّة. الغرب حاجة شرقيّة، تماما كما الشرق
حاجة غربية.
والعلاقة بين الشرق
والغرب تشبه العلاقة بين الين واليانغ في المفهوم الصينيّ.
فكرة الموضوع الذي أقدمه، اليوم، هي ، في الحقيقة، من وحي عنوان المؤتمر
"الحفاظ على التعددية الثقافية في آسيا" أو " حوار الحضارات
والثقافات الآسيوية" وكلمة " حوار في صيغتها العربية كلمة طريفة جدا،
وقد ألمح الشاعر ابن زيدون في بعض قصائده اليها حيث قال:
ما جالَ بَعْدَكِ
لحْظي في سَنا قمــرٍ
إلا ذكرتُكِ ذكرَ العَيْـن بالأَثَرِ
فهمتُ معنى الهوى من وَحْي طَرفِكِ لي
إن الحِوارَ لمفهومٌ
من الحَوَرِ.
ستكون كلمتي بنت تجربة شخصيّة بسيطة، تتخلّلها ملاحظات
شخصية من منطلق كوني إنساناً عربيّاً يعيش في منطقة مكتظّة بالنزاعات والصراعات
بين الأكثريات والاقليات. ولا ادّعي أنها بحث مفصّل وكامل الأوصاف. فهي تعبّر عن
هواجس ت بالضرورة أن تكون ذاتيّة، ولا أنكر أن كثيرين في هذه القارّة الآسيوية
العريقة يشاركونني هذه الهواجس، ولكنها هواجس أو أفكار لم تشكّل بعد تيّارا فاعلا
في محيطنا العربي، وإن كان هناك بعض البوادر التي سيكون لها أثر على مختلف الصعد
الاقتصادية والفكرية والروحية، كتلك الخطوة الرائعة التي أقدمت عليها المملكة
السعودية في إدراج تعليم اللغة الصينية في المناهج التعليمية.
فتنة الغرب
عشت كغيري من أهل الشرق تحت تأثير الغرب،
وفتنت، فترة مديدة من الزمن، كما فتن غيري بالغرب المزدهر، المفعم بالحيوية
الفكرية والاقتصادية، وهو غرب، عمليا، ذو وجهين: أوروبيّ وأميركيّ. وعشت، على الصعيد
الشخصيّ، في عالمين هما عالمان لم أختر
أيّا منهما . فقد أحببت لغتي العربيّة، وأحببت التخصّص في مجال اللغة العربيّة
وآدابها. ولكنّي لم أختر بلدي لبنان لمتابعة دراساتي العليا كما لم أختر بلداً
عربياً له هالة ثقافيّة كبيرة وقصدت مصر، وهي البلد التي مدّت ظلّها الأدبي والثقافيّ
والفكريّ في ربوع العالم العربي من بدء نهضتها برجالاتها الكبار الذين كان لهم
تأثير كبير وعميق من رفاعة الطهطاوي والإمام محمّد عبده مروراً بالعقاد والمازني
والزيّات ونجيب محفوظ ومحمد مندور وصولاً إلى صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي
حجازي. بدلاً من اختياري جامعة القاهرة قرّرت أن أذهب إلى باريس لمتابعة دراستي
الجامعية، ونلت من باريس : الماجستير والدكتوراه. كانت باريس تمثّل لي حلماً أدبيّا
لسببين: الأوّل وهو أنّ لبنان بلد فرنكوفونيّ، واللغة الأجنبية الإجباريّة التي
نتعلّمها في لبنان هي الفرنسية، وليست الانكليزية ( كانت الانكليزية في حال وجدت تشكّل
جزءاً اختياريّاً هامشيّاً في أغلب المدارس)، ولهذا لم يكن عندي حلم الذهاب إلى بريطانيا، ولم
يداعب مخيّلتي الحلمُ الأميركي الذي فتن الكثيرين ولم يزل يفتن الكثيرين، وإنّما كان
حلمي هو الذهاب إلى باريس، ولقب " الأم الحنون" كان يحفر عميقاً في
اللاوعي اللبنانيّ لدى كلّ الطوائف. وهذا ما جعل خيار الذهاب إلى باريس خياراً
كالقدر لا سلطان لك عليه. والسبب الثاني هو أنّي كنت معجباً أشدّ الإعجاب بعميد
الأدب العربيّ الدكتور طه حسين، ولا أبالغ
إن قلت أنّ كتاب "الأيّام" كان منعطفاً في قراءاتي، ومنعطفاً في خياراتي
لذلك الوقت. وعلاقة طه حسين مع فرنسا تجسّدت عبر زواجه من الفرنسيّة سوزان فصار
نسله ، بيولوجيّا، يحمل أثر هذه البيولوجيا، وحلمت أن أسلك الدرب العلميّ الذي
سلكه. فتنني كفاحه وطموحه فتوجّهت شطر السوربون على غرار ما فعل. اختيار الأمكنة
التي نختارها كالعدوى لا نعرف كيف تصيبنا ولا متى تصيبنا.
ما حصل معي حصل مع كثيرين من أبناء الشرق الكبير
الحالمين، والحاملين لطموحات علمية أو أدبيّة، أو فنية.. هذا ما يمكن أن نلحظه لدى
أدباء من الصين أو اليابان أو الهند أو كوريا وكذلك طبعاً من البلدان العربيّة...
ولكن حين ذهبت الى الغرب ( وفرنسا عيّنة من
هذا الغرب) حيث قضيت ما يناهز العقد من الزمان ( 1983- 1993) بدأت بالتعرّف، من
جهة، بالطبع، على الغرب، ولكن بدأت
بالتعرف، من جهة أخرى ، على الشرق الكبير. ذهبت إلى الغرب فانفتح لي باب طويل عريض
إلى الشرق.
أدهشتني معرفة الغرب بالشرق، بأدقّ تفاصيله،
بلغاته، بلهجاته، بثقافاته، بمذاقاته. مكتبات باريس كانت عامرة بالكتب التي تتناول
شؤون الشرق، بينما مكتباتنا العربيّة كانت شحيحة في هذا المجال. وأدهشني معهد
اللغات الشرقيّة في باريس، ذلك الصرح العلميّ المرموق والعريق الذي يعلّم لغات
الشرق، لغات الشرق الحيّة ولغات الشرق الميتة. ورحت في الغرب أكتشف الشرق، ليس
شرقي الشخصيّ، أي شرقي العربيّ، فشرقي جزء من فسيفساء الشرق وليس كلّ الشرق. وكان
هذا الصرح وأمثاله بوّابة عبور الغرب إلى الشرق. ورحت أتساءل: لماذا لا توجد في
بلادي صروح علميّة من هذا الطراز. ولا أنكر أنّي كنت أنظر إلى هذه المسألة من زاوية
ضيقة نسبيا، هي زاوية لبنانية وليست عربية. وكنت أشعر بشيء من الحزن، وأنا أرى اهتمام
الغرب بالشرق، على صعيد التنقيب في الآثار، والتنقيب في الأفكار ، والتنقيب في
اللغات، بينما لا أرى في الشرق أيّ اهتمام
بالشرق، شرق مهمل ذو حضور باهت بينما
الشرق في الغرب ذو حضور باهر . ولم أكن أرى في شرقي اهتماماً بالشرق المختلف،
الشرق الآخر الذي يفترض أن نعتبره امتداداً لشرقنا، بل ولا
أرى في شرقي العربيّ اهتماماً بماضيه، بذاته المتوارية تحت الرمال تحتاج إلى من
ينقّب وينفض عنها الغبار. فلغاته من مسمارية وهيروغلوفية وفينيقيّة ظلّت على
امتداد قرون كالأميرة النائمة التي تنتظر قبلة أمير، وقبلة الأمير لم تكن قبلة
شرقية بل كانت قبلة غربيّة، قبلة فرنسيّة أو بريطانيّة أو ألمانيّة، ولم تكن للأسف
قبلة عربيّة. لغاتٌ هي لغاتنا، هي ميراثنا، ومنطلق تاريخنا، والبنية التحتية لراهننا العربيّ، هي بعض
جيناتنا الفكرية والروحية والأدبية والدينيّة، ولكنها لغات لم نفكّر في فكّ
رموزها، والكشف عن مكنونها المعرفيّ الزاخر، ولا سيما المسمارية والهيروغليفية.
وهما لغتان غابرتان ولكنّهما قد يكونان جسراً خلاّقا بين رموزنا الصورية الغابرة،
ورموز اللغة الصينية الصورية التي لا تزال حاضرة وناضرة بكامل بهائها وفتوّتها.
أليس في تاريخنا ما يجمع على الصعيد الكتابيّ المحض بين الصين والشرق الأوسط؟ ألا
يمكن أن تكون اللغة الهيروغليفية مثلا عامل جذب إلى الرموز الصينيّة التي تخيف
الكثير منّا. لا أعلم إن كان هناك دراسات مقارنة بأقلام عربيّة وأحدّد بأقلام
عربيّة بين تراثنا الكتابيّ التصويري والكتابة الصينية. وهي دراسات قد تغرينا
بالانفتاح اللغوي على الصين، وتوقف تلك الحيرة التي تبلبل عيوننا ونحن نقف أمام
الكتابة الصينية التي نعاملها معاملة الطلاسم.
كنت تحت تأثير الانبهار بالغرب أهزأ ممّن
يدرس في الشرق. لم تكن الدراسة في الشرق تحسب
على كونها قيمة مضافة بل على العكس كانت انتقاصاً من القيمة، وانتكاسة معرفية. ولم
يكن موقفي السلبيّ من الذي يدرس في الشرق موقفا شخصيّا بل كان موقفا يخضع للمزاج
العام السائد في محيطي العربيّ وهذا من الآثار الجانبيّة السلبيّة لانبهارنا
بالغرب. كان موقفي السلبيّ متأثراً بمن يسبقني في العمر ويسبقني في المعرفة. كنت،
على سبيل المثال، أعرف أستاذة في الجامعة نالت شهادة الدكتوراه من إحدى جامعات باكستان،
وكنت لا أزال طالبا، آنذاك، في الجامعة، وكان يتناهى إلى سمعي من أساتذة درسوا في فرنسا أو إسبانيا أو أميركا ذلك
الكلام الذي يطال سمعتها الأدبيّة فقط لأنّها درست في إحدى جامعات الشرق. وكأنّ الشرق،
ونحن ننتمي إليه، حرف ناقص. وللأسف لم يتزعزع كثيراً هذا الموقف إلى الآن، فعلامات
استفهام كثيرة لا مبرّر لها تحوم كالشبهات حول من يحصل على شهادة من باكستان أو إيران
أو دولة شرقيّة أخرى. وأظنّ أنّ هذه النظرة لا تخصّ بلداننا العربية وحدها، بل هي
نظرة سائدة لدى أغلب الدول المنتشرة على امتداد رقعة القارة الآسيوية. سرّ هذه
النظرة الغريبة هو الانبهار. ومن طبيعة الانبهار بأيّ شيء أن يعمي البصائر
والأبصار. والانبهار بالغرب أعمى البصائر والأبصار وأوقعنا في الغفلة.
تجربة اليابان
لم ننبهر
بالغرب فقط ، بل انبهرنا ببعض الشرق، وبعض الشرق الأقصى، وتحديداً اليابان، التي حيّاها، ذات يوم، حافظ إبراهيم بقصيدة "غادة
اليابان". فحتى اليابان التي أبهرتنا بنهضتها وقدرتها على هضم العلوم
الغربية، والصناعة الغربيّة، كان انبهارنا بها انبهارا سطحيّا، ساذجاً لأنّه
انبهار مبعثه شيء شرقيّ، وهو انبهار لا يستحق أن نكرّس له ما يليق به من درس وجهد،
نفينا انبهارنا باليابان عبر اعتبارها بلدا بعيدا، منفصلا عنّا، وعن مشاغلنا، فسمّيناها
" كوكب اليابان"، وكثيراً ما استوقفتني هذه العبارة الكوكبية، وكأن اليابان
تنتمي الى الفضاء لا إلى الأرض . كم عدد من تخصّص في دراسة اليابان لغة وحضارة
وديناً وسياسة؟ أو عدد من ذهب الى اليابان لمتابعة دراسته مقارنة بعدد من ذهب الى
فرنسا أو إيطاليا او فرنسا او المانيا دع عنك أميركا؟ وما هو عدد من دفعهم الفضول الى
تعلّم لغة اليابان؟ حتّى في علاقتنا مع اليابان نحن عالّة على الغرب، رأينا اليابان
بعيون الغرب، ولكن لم نسر على خطى الغرب في التعرّف على ثمرات الكوكب الياباني العلمية
الباهرة. وهنا أشيد بالأعمال الجليلة التي قام بها رفيقي في هذه الرحلة الممتعة الدكتور مسعود عبر مجموعة من الكتب القيّمة عن
اليابان، وعلاقتنا معها من وجوه متعددة تجلو فيما أظنّ بعض ما ورد في فقرتي هذه.
من هنا، راودتني فكرة العمل على إيجاد علم
عربيّ يتخصّص في الدراسات الشرقيّة، علم يأخذ ثمرات
الاستشراق الغربيّ الجيّدة والصالحة للاستعمال، ويفنّد بأسلوب علميّ وموضوعيّ سيئات
الاستشراق الغربيّ. ولا اعتقد أنّه من الممكن نكران الفضل الغربيّ على معرفة
" الشرق". فالاستشراق الغربيّ قدّم لنا معارف جليلة تخصّ بلداننا ، وتاريخنا، وتراثنا، وهنا أشير إلى
عدّة نقاط بسيطة تتعلّق بالشرق الأوسط: الكشف عن لغات منطقتنا الميتة، الكشف عن
نصوص حضارات منطقتنا القديمة وإعادة الحياة إليها، كملحمة جلجامش مثلا، وتحقيق جزء
كبير من مخطوطاتنا العربية تحقيقاً علميا رصينا وفاتناً ينمّ عن تفانٍ جليل، وجهد
يثير الاعجاب.
الاستشراق المطلوب،
اليوم، هو استشراق عربيّ النجار، عربي المنطلقات، عربيّ الأهداف والمقاصد.
ما هو المقصود
بالاستشراق العربيّ؟
هو وضع أسس وأركان
علم يولد في الشرق العربيّ لدراسة الشرق غير العربيّ.
الشرق غير العربي
كنز معرفيّ، واقتصاديّ، وفنّي للشرق العربيّ.
الاستشراق إنتاج
غربيّ، له ظروف ولادة خاصّة، وله أهداف ليست بالضرورة أن تصبّ كلّها لصالح الرقعة
الشرقية المدروسة، ولكن يمكن أن نستوحي من الاستشراق الغربيّ استشراقاً عربيّ الملامح
والمنطلقات والأهداف، بالاعتماد على الشقّ النبيل منه. فالاستشراق عند التدبّر، استشراقان
: استشراق مغرض، لا يتوخّى العلم لغايات علميّة، فالعلم أي علم شأنه شأن أيّ شيء،
سيف ذو حدّين كما يقال. ولكن هناك استشراق
موضوعيّ. وعلينا كعرب أن نعمل على إنتاج استشراق عربيّ نبيل الغايات، استشراق عربيّ
يكون متمّما لعلم الاستغراب الذي تحدث عنه طويلاً الدكتور حسن حنفي. علم الاستشراق
العربي علم يهدف إلى بناء جسور تعارف بين دول الشرق : الهند، اليابان، الصين، الفليبين،
كوريا، فيتنام، منغوليا، كمبوديا، أندونيسيا، ماليزيا، سنغافورة، تايلاند... عملاً بمقولة قرآنية سامية: يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ . إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (تفسير سورة الحجرات - الآية
13).
معرفة الشرق
بالشرق.
سأطرح سؤالا
ورد إلى ذهني من دون عصر دماغ، سؤال يحمل ردّ الفعل عليه جزءا من واقعنا
العربيّ الراهن ، والسؤال هو : كيف يمكن لنا
أن نعرف علاقتنا الراهنة مع كمبوديا مثلا؟ كان يمكن أن نأخذ أي دولة أخرى من آسيا ،
ولكن هنا أستثني الصين، لأنّها بدأت لحسن الحظّ تكسر قاعدة الإجابة على السؤال
أعلاه.
فلينزل أيّ شخص
عربي من أي منطقة عربية، ولتظهير الصورة بألوانها الفاقعة أكثر، أقول من أي عاصمة
عربيّة، لينزل ذلك العربيّ إلى أهمّ مكتبة في العاصمة التي يريدها من عواصم العرب ويطلب
، على سبيل المثال، كتاباً عن الثقافة الكمبودية أو اللغة الكمبودية، أو الطعام الكمبودي،
أو الأدب الكمبوديّ أو الديانة الكمبوديّة، وليخبرني ماذا يقول له صاحب المكتبة، وماذا
يعرض عليه صاحب المكتبة، وكيف سيكون ردّ فعل صاحب المكتبة؟ سينظر صاحب المكتبة ،
أغلب الظنّ، بريبة وحيرة إلى طالب الكتاب، وينظر إليه باستغراب. من هنا أثير بعض
الأسئلة البسيطة ولكنها جارحة معرفيّا:
هل نعرف الشرق
بمداه الآسيويّ الرحيب والخصيب؟
ماذا نعرف عن الشرق؟
ما هو عدد المستشرقين
العرب في عالمنا العربيّ وأقصد أشخاصاً من بلادنا العربيّة الشاسعة يتقنون لغات
الشرق، ويدرسون حضارات الشرق، ويتعمقون في فهم ديانات الشرق وآداب الشرق، وعادات
وتقاليد الشرق، وينشغلون بالدراسات المقارنة بين حضارات الشرق الغنية والحضارة
العربيّة ؟
ما هي الخسائر
المادية والروحية التي يتكبدها العرب إزاء هذا الجهل الطامي بالشرق الكبير بدءا من
شرق آسيا؟
ماذا يعرف الشرق
العربي عن الشرق غير العربي؟
ماذا نعرف عن كوريا
غير السيارات والهواتف المحمولة؟
ماذا نعرف عن اليابان؟
ماذا نعرف عن الفيليبين؟
ماذا نعرف عن الهند؟
ماذا نعرف عن تايلاند؟
ماذا نعرف عن فيتنام؟
ماذا نعرف عن سيريلانكا؟
ماذا نعرف عن كازاخستان؟
ماذا نعرف عن أندونيسيا؟
ماذا نعرف عن الصين
غير بضاعتها الرخيصة؟
لن أعدد كل دول
الشرق غير العربية التي لا يعطيها الشرق العربي حقها من الدرس؟
ماذا نعرف عن الشرق
غير المسلم: البوذيّ، الهندوسيّ، السيخيّ، الطاويّ، الكونفوشيّ، الشانتويّ...؟
الاستشراق العربي
المأمول هو الاستشراق ذو الملامح العربية الذي لا تغيب عنه لا شاردة ولا واردة من مشرق
العالم الخصيب والرحيب.
مطلوب في كلّ بلد عربيّ إنشاء معهد بعنوان " معهد
اللغات والحضارات الشرقية" حيث يصير بإمكان كلّ مواطن عربيّ راغب في درس الشرق
أن يدرس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق