تاء التأنيث
لسان العرب لابن منظور وهو من أجمل المعاجم العربيّة يمكنه أن يخبرك أشياء كثيرة عن الشعر. طبيعة تركيبته تقول لك: أنا معجم اؤمن بالشعر، وأحبّ الشعراء، ولعلّ حبّي للشعر هو ما دفعني إلى اعتماد الحرف الأخير من الجذر وليس الحرف الأوّل، أحببت أن أكون عوناً للشاعر في محنته الشعريّة. ولكنّي أيضاً وبطريقة غير مباشرة ميّزت بين الحرف ذي النفس القصير والحرف ذي النفس الطويل.. انظر إلى عدد صفحات كلّ حرف تأخذ فكرة عن الحرف الذي يصول ويجول بين الشاعر، والحرف الذي يكبة بعد مسافة قصيرة...
لعلّ الحرف الذي لا ينقطع نفسه في ميدان الشعر هو حرف التاء، الحرف الذي اختاره ابن الفارض لتائيته الطويلة التي أراد أن يبسط فيها كل التجلّيات الصوفيّة... وذلك لطبيعة التاء الحربائية، المتلوّنة، فالتاء العربية تاءات وليست تاء واحدة... ولكن تعدّدها في نظر الشعر واحد، وحدة التعدد هو ما أباح ترقيق عجينة التاء على غرار ما رقّقت أليسار جلد الثور لبناء قرطاجة...
فعند التاء الطويلة، والتاء القصيرة، والتاء التي هي من صلب الكلمة والتاء التي تأتي للتأنيث... وما أدراك ما تاء التأيث وقدراتها الفذة فتاء التأنيث رحم منجاب!
الشعر العربيّ يمنح تاء التأنيث الساكنة، الساكنة، صوتاً مرناناً، إذ يمكن للشاعر أن يحوّل تاء التأنيث من تْ إلى تِ، هذه النقلة الإيقاعيّة سرّ النفس الطويل مع تاء التأنيث المربوطة ، كلمة جميل مثلاً التي تنتهي بلام بقدرة تاء التأنيث تصير تنتهي بتاء في "جميلة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق