الخميس، 24 نوفمبر 2022

مايسترو الأقدار

 


الحياة وجهة نظر بكلّ معنى الكلمة.

ومن يقلّب النظر في مفردات النظر ومترادفاتها واشتقاقاتها يلحظ الغنى الذي يرافقها.

فالرأي أي ما هو مسألة فكرية مضمّخة أغلب الأحيان بالعاطفة أو أشياء أخر هو ابن العين، ابن شرعيّ للعين،  فالرأي من الرؤية.

سكنت في بداية إقامتي  في باريس في استديو مؤلّف من غرفة ومطبخ صغير وحمّام صغير. زارني والدي مع والدتي خلال إقامتي في الاستديو، حين خرج من الحمّام علّق على حجمه بالعبارة التالية:

والله حلو هالحمّام، أكبر  وأوسع من حمّام الطائرة.

رغم أنّ الحمّام صغير جدّاً، إلا أنّه استعمل أفضل التفضيل " أكبر"، و" أوسع"، وتوارت كلمة " ضيّق" أو " صغير" أو " أصغر" ، أو " أضيق" عن الاستعمال.

الغياب، هنا، دالّ على نمط في التفكير.

هذا ما قصدته بأنّ الحياة وجهة نظر.

كان ينظر رحمه الله إلى الناحيّة الإيجابية في الأشياء، حتى في النواحي السلبيّة كان يستخرج منها حسناتها وفوائدها، لم يقارن بين حمّام الاستديو وحمّام بيت وإنّما بين حمّام الاستديو وحمّام الطائرة.

تعجبني تلك النظرة الرحبة التي يمكنها أن تسلّط الضوء على جمال العالم لا على قبحه، على حسنات الحياة لا على سيئاتها.

وكم تعجبني العبارة المأثورة: تفاءلوا بالخير تجدوه.

ما تجده هو ما تبحث عنه ، بوعيك أو بلا وعيك ، في الأخير، وما تعيشه هو ما تتمنّاه حتى ولو أنكرت ذلك.

فكلمات المرء هي، عند التعمّق، مايسترو العمر.


هناك تعليق واحد: