. جان عبدالله توما jeantouma@yahoo.com
تناول الزميل جان توما في زاويته في جريدة الانشاء مقالا كتبته عن الملك ميداس.
سطّر الزميل بلال عبد الهادي الأسطورة وجعلها مفردة واردة الى اللغة فيما الأسطورة كما يوضح تسكن أفئدة المرء وتمدّه بشيء من الحضور الموحي. وفي شرحه يتوقف الزميل بلال عبد الهادي عند أسطورة الملك ميداس المغرم بالذهب في حياته «تتذهب» أيامه وتصبح أسلس وهادئة، فالقرش «الذهبي» لأيام «التنك»، وما أكثرها في حياة كثيرين.
من المفارقات الحلوة أنك لست بحاجة الى ان يصير من تحبّ ذهباً، كابنة الملك، بل العبرة في ان من تحبّ هو بحدّ ذاته ذهب بالنسبة إليك اذا ما بادلك حبّه، وكنتما لبعضكما في مساندة ورعاية مباركة. ليست القضية في أن تحصل على الذهب او أن تمتلكه لأنك اذا حصلت على الذهب ستصير عبداً له ويمتلكك بكليتك. فمن يملك الذهب تلتمع عيناه ولا يعود يرى إنسانية غيره، بل «ذهبيته» المادية.
جمال الذهب أن لا يبقى في باطن الأرض، بل ان يستخدم علاجاً في الأدوات الطبية او يزيّن معاصم النساء أساور، كما البترول ما قيمته إن بقي أسير عمق الأرض والبحر ولم يستعمل وقوداً لمحركات السيارات والطائرات؟ فبالتالي ماذا ينفع إن امتلك المرء بئر بترول ولم يخرجه او آلاف الليرات الذهبية ولم يستعملها؟ ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟.
في قصة الملك ميداس تتحول ابنته النابضة بالحياة الى تمثال من الذهب. ما نفعه؟ إن لم تتحرك فيه الحياة ويشعر الآخرين بالحنان والحبّ والاهتمام؟ هذا جوهر أسطورة الملك ميداس: الذهب قاتل أصم أبكم، لا يعرف المشاعر ولا العواطف ولا الأحاسيس. يحوّل الذهب شفّتي المرء الى متكلم بالغائب، هو يتحدث عن لمعانه لا عن لمعان الحياة، وهو يسمعك رنينه الخلاّب كي لا تسمع خرير السواقي ورفّة جناح الطير وزقزقة العصافير.
كثيرة هي الأساطير ولكن أجملها ما يدرك المرء معانيه ومغزاه. كثيرون يرون في الأساطير قصصاً مروية عنيفة هدفها ان تعوض الانسان عن نواقص نفسه، فيعيش حالماً لو يكتشف مغارة علي بابا ويمتلك الفانوس السحري ويعثر على قبّعة الإخفاء او على بساط الريح. غريب أمر الانسان لا يكتفي بما لديه، بل يريد لو يخضع الخيال الى سلطته، وأن يحجب الأحلام عن الآخرين، وأن يغرق في بحار من الأساطير إن كانت تعيد له توازنه وقدراته النفسية. كل الأحلام تأتي ليل نهار ولكنها تبقى في البال كالأساطير التي لا ينتهي رواتها، ولكن لا تصبح الأحلام صالحة اذا رأى المرء، حسب قول الزميل بلال، ذهباً لأنها تحمل معنى الذهاب. هذا يؤكد ما ذهبنا اليه ان عدم الحلم بالذهب يبقي النفس هادئة مستكينة تنعم بالحبّ وتقوم بالحنان والرعاية بدل الغرق في عالم الأساطير والأحلام.
تناول الزميل جان توما في زاويته في جريدة الانشاء مقالا كتبته عن الملك ميداس.
سطّر الزميل بلال عبد الهادي الأسطورة وجعلها مفردة واردة الى اللغة فيما الأسطورة كما يوضح تسكن أفئدة المرء وتمدّه بشيء من الحضور الموحي. وفي شرحه يتوقف الزميل بلال عبد الهادي عند أسطورة الملك ميداس المغرم بالذهب في حياته «تتذهب» أيامه وتصبح أسلس وهادئة، فالقرش «الذهبي» لأيام «التنك»، وما أكثرها في حياة كثيرين.
من المفارقات الحلوة أنك لست بحاجة الى ان يصير من تحبّ ذهباً، كابنة الملك، بل العبرة في ان من تحبّ هو بحدّ ذاته ذهب بالنسبة إليك اذا ما بادلك حبّه، وكنتما لبعضكما في مساندة ورعاية مباركة. ليست القضية في أن تحصل على الذهب او أن تمتلكه لأنك اذا حصلت على الذهب ستصير عبداً له ويمتلكك بكليتك. فمن يملك الذهب تلتمع عيناه ولا يعود يرى إنسانية غيره، بل «ذهبيته» المادية.
جمال الذهب أن لا يبقى في باطن الأرض، بل ان يستخدم علاجاً في الأدوات الطبية او يزيّن معاصم النساء أساور، كما البترول ما قيمته إن بقي أسير عمق الأرض والبحر ولم يستعمل وقوداً لمحركات السيارات والطائرات؟ فبالتالي ماذا ينفع إن امتلك المرء بئر بترول ولم يخرجه او آلاف الليرات الذهبية ولم يستعملها؟ ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟.
في قصة الملك ميداس تتحول ابنته النابضة بالحياة الى تمثال من الذهب. ما نفعه؟ إن لم تتحرك فيه الحياة ويشعر الآخرين بالحنان والحبّ والاهتمام؟ هذا جوهر أسطورة الملك ميداس: الذهب قاتل أصم أبكم، لا يعرف المشاعر ولا العواطف ولا الأحاسيس. يحوّل الذهب شفّتي المرء الى متكلم بالغائب، هو يتحدث عن لمعانه لا عن لمعان الحياة، وهو يسمعك رنينه الخلاّب كي لا تسمع خرير السواقي ورفّة جناح الطير وزقزقة العصافير.
كثيرة هي الأساطير ولكن أجملها ما يدرك المرء معانيه ومغزاه. كثيرون يرون في الأساطير قصصاً مروية عنيفة هدفها ان تعوض الانسان عن نواقص نفسه، فيعيش حالماً لو يكتشف مغارة علي بابا ويمتلك الفانوس السحري ويعثر على قبّعة الإخفاء او على بساط الريح. غريب أمر الانسان لا يكتفي بما لديه، بل يريد لو يخضع الخيال الى سلطته، وأن يحجب الأحلام عن الآخرين، وأن يغرق في بحار من الأساطير إن كانت تعيد له توازنه وقدراته النفسية. كل الأحلام تأتي ليل نهار ولكنها تبقى في البال كالأساطير التي لا ينتهي رواتها، ولكن لا تصبح الأحلام صالحة اذا رأى المرء، حسب قول الزميل بلال، ذهباً لأنها تحمل معنى الذهاب. هذا يؤكد ما ذهبنا اليه ان عدم الحلم بالذهب يبقي النفس هادئة مستكينة تنعم بالحبّ وتقوم بالحنان والرعاية بدل الغرق في عالم الأساطير والأحلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق