饿 è الجوع الصينيّ
كتبهابلال عبد الهادي ، في 21 تشرين الثاني 2010 الساعة: 03:35 ص
ضمير المتكلم هنا لا يلعب دور العنصر الصوتي في الكلمة، ومفتاح الأكل يتكفل بالدلالة. طرحت على نفسي سؤالا هو التالي: ما مبرر وجود ضمير المتكلم في الجوع إن لم يكن عنصرا صوتيّاً؟ رحت اخمّن الجواب لسبب بسيط ان اللغة الصينية لغة زئبقية تطير الخطوط من رأسك ان لم تربط كل خطّ بخيط .فقلت ان ضمير المتكلم ضروري لأن الاحساس بالجوع ينبع من بطنك انت، لا احد يجوع عن الآخر ( في الختام سوف انسف ما اقوله هنا) وعليه فان الكلمة تتحول الى عبارة من قبيل (أنا جوع) أو (انا جائع)، الجوع مسألة ذاتية محض، ومن هنا تمّ اختيار ضمير الشأن او المتكلم.
ولكن الا يجوع الانسان ببطن غيره؟
قرأت مرّة عبارة في نص عربي، لا تزال تحفر في رأسي.وهي عبارة شكر وجهها شخص لآخر قدّم له خدمة لا تنسى فشعر انه من واجبه استخدام عبارة شكر لا تنسى، وهي عبارة لا تزال حيّة بدليل استخدامي لها. قال الرجل لصاحبه: "لا جوّعك الله ببطن غيرك". كيف يجوع انسان ببطن غيره لا ببطنه؟ الا تنسف هذه العبارة فلسفة الجوع الصيني؟ بلى، ولكن من حيث الظاهر، والظاهر ماهر في الخداع. ما كان لي لأفهم العبارة لولا مساعدة كاتب الكتاب نفسه، وهو من كتب التراث ولكن للأسف لم اعد أذكر اي كتاب. وكنت قد كتبت العبارة على دفتري الشخصي. ولكن اي دفتر من الدفاتر؟ يقول الكاتب بما معناه ليس في أمرالجوع ببطن غيرك اي تفلسف ولكنّه تعبير أو توصيف صادق عن واقع مؤلم قد يعيشه لا سمح الله أب او ام. لا يعيش هذه الحالة الا من كان له صفة الأب أو الأم. وقارىء هذه العبارة قد لا يتكشّف له كل معناها اذا كان لم ينعم بعد بالأبوة أو الأمومة. ماذا يفعل أب - أب طبيعي، اقصد بذلك من يعيش حالة الأبوّة كما يجب- يرى أمام عينيه ابنه يتضوّر ألما من الجوع أمام ناظريه وهو لا يملك ما يقيم به أود ولده؟ من يحسّ بالجوع أكثر الأب غير الجائع أم الابن الجائع؟
في التعابير العربية الشائعة تعبير يمثل الحالة الموصوفة " بشيل اللقمة من تمو تيطعميها لابنو" وآخر "بيحرم حالو كرمال ابنو". هل هذا الحرمان يعتبر حرمانا؟ غريزة البقاء تدفع الأب إلى تنمية شروط البقاء لابنه لا له لان فترة بقائه على قيد الحياة عن طريق ابنه أكبر من فترة بقائه الشخصيّ على قيد الحياة. المسألة حسابية محض إلاّ إذا كان للمقادير رأي آخر!
لغريزة البقاء تجليات كثيرة منها ان لا اكون كي أكون. (ان لا اكون بشخصي كي أكون بابني) . وعليه جوعي ببطن غيري هو جوع ببطني الآخر، جوع لجزء من معدتي لا يضمّه بطني مباشرة. ما كان ليخطر لي الربط بين الجوع الصيني وهذا الدعاء العربي لو لم يكن ضمير المتكلّم جزءا من تكوين الرمز الصيني.
والكلمات تداعي دلالات.
أرجو أن لا تثير تدوينتي هذه الاحساس بالجوع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق