من الصفات التي تحفل بها كتب التراث نعت المرء بأنه حاضر البديهة، فهي دليل النباهة والفطنة، وسلاح يجعل المرء قادرًا على الخروج من المواقف ظافرا، أو سالما من سهام الخصوم.
وكان العرب يسمّون ذلك برشَقات اللسان، أو الأجوبة المُسكِتة.
ومن الأمثِلة ما رواهُ الأبشيهي في “المستَطرَف”عن رجل دخَلَ مرّةً على معاوية، فقال له معاوية: إنك لَدَميم والجميلُ خيرٌ من الدّميم، وإنك لَشَريك وما للهِ مِن شَريك، وإنّ أباكَ لأعور والصحيحُ خيرٌ من الأعور، فكيفَ سُدْتَ قَومَك؟ فقال له الرجل: إنّكَ معاوية، وما معاوية إلا كلبةٌ عَوَتْ فاستَعْوَتِ الكلاب، وإنك لابنُ صخْر، والسهْلُ خيرٌ من الصخر، وإنك لابنُ حَرْب، والسّلمُ خيرٌ من الْحَرب، وإنّكَ لابنُ أميّة، وما أميّةُ إلا أمَةٌ صغيرة، فكيف صِرْتَ أميرَ الْمُؤمنين؟ أكَفاكَ أم أزيدُك؟ فقال معاوية: لا أكثرَ اللهُ في الناسِ مثلَك! فقال له الرجل: قُلْ معروفًا، فإنّ شَرَّ الدعاءِ مُحيطٌ بأهلِه.
تلك الأجوبة المفحمة التي تصدر فورا في نبرة مشوبة بالسخرية المبطنة، لا تعدمها ثقافة، إذ نجدها في أدبيات الشعوب قديمها وحديثها، يتناقل الناس شذراتها تناقلهم للحكم والأمثال، كدليل على ذكاء الإنسان، حيثما كان. ففي سويسرا مثلا، قال أحد المعجبين لموزارت “أريد أن أكتب سيمفونية. هل لك أن تقترح عليّ الطريقة التي أتوخاها؟” فقال له موزارت “السيمفونية شكل موسيقي بالغ التعقيد. من الأفضل في رأيي أن تبدأ بـأغنية شعبية قبل المرور إلى السيمفونية”. فقال له المعجب “ولكنك ألّفت سيمفونيات وأنت في الثامنة!” فرد عليه موزارت “صحيح، ولكن دون أن أسأل أحدا كيف أفعل”.
وفي إنكلترا، يروى أن الفيلسوف جورج برنارد شو قال لونستون تشرشل “احتفظت لك بتذكرتين للعرض الأول من مسرحيتي. يمكنك أن تجيء بصديق… إن كان لديك صديق”. فرد عليه تشرشل “لن أستطيع حضور العرض الأول. سآتي للعرض الثاني… إن كان ثمة عرض ثانٍ”.
وفي فرنسا، وقف أوتو أبيتز، سفير ألمانيا النازية أمام لوحة “غرنيكا” خلال المعرض العالمي الذي أقيم في باريس عام 1937، وقال لبيكاسو: “أنت الذي اقترفت هذه الفظاعة؟” فرد عليه بيكاسو: “كلا، بل أنتم”. ولعل أشهر الأجوبة المسكتة عبر التاريخ ما قاله الإسبرطيون لفيليب الثاني ملك مقدونيا حين هددهم قائلا: “لو أنتصر في هذه الحرب فسوف تصيرون عبيدي”، إذ قالوا له “لَوْ”.
حبّذا لو ينهض من بيننا من يعنى بجمع الأجوبة المسكتة في أوساطنا الثقافية والفنية والسياسية، بوصفها من التراث اللامادي، فقد يفيد المهتمين بها.
وكان العرب يسمّون ذلك برشَقات اللسان، أو الأجوبة المُسكِتة.
ومن الأمثِلة ما رواهُ الأبشيهي في “المستَطرَف”عن رجل دخَلَ مرّةً على معاوية، فقال له معاوية: إنك لَدَميم والجميلُ خيرٌ من الدّميم، وإنك لَشَريك وما للهِ مِن شَريك، وإنّ أباكَ لأعور والصحيحُ خيرٌ من الأعور، فكيفَ سُدْتَ قَومَك؟ فقال له الرجل: إنّكَ معاوية، وما معاوية إلا كلبةٌ عَوَتْ فاستَعْوَتِ الكلاب، وإنك لابنُ صخْر، والسهْلُ خيرٌ من الصخر، وإنك لابنُ حَرْب، والسّلمُ خيرٌ من الْحَرب، وإنّكَ لابنُ أميّة، وما أميّةُ إلا أمَةٌ صغيرة، فكيف صِرْتَ أميرَ الْمُؤمنين؟ أكَفاكَ أم أزيدُك؟ فقال معاوية: لا أكثرَ اللهُ في الناسِ مثلَك! فقال له الرجل: قُلْ معروفًا، فإنّ شَرَّ الدعاءِ مُحيطٌ بأهلِه.
تلك الأجوبة المفحمة التي تصدر فورا في نبرة مشوبة بالسخرية المبطنة، لا تعدمها ثقافة، إذ نجدها في أدبيات الشعوب قديمها وحديثها، يتناقل الناس شذراتها تناقلهم للحكم والأمثال، كدليل على ذكاء الإنسان، حيثما كان. ففي سويسرا مثلا، قال أحد المعجبين لموزارت “أريد أن أكتب سيمفونية. هل لك أن تقترح عليّ الطريقة التي أتوخاها؟” فقال له موزارت “السيمفونية شكل موسيقي بالغ التعقيد. من الأفضل في رأيي أن تبدأ بـأغنية شعبية قبل المرور إلى السيمفونية”. فقال له المعجب “ولكنك ألّفت سيمفونيات وأنت في الثامنة!” فرد عليه موزارت “صحيح، ولكن دون أن أسأل أحدا كيف أفعل”.
وفي إنكلترا، يروى أن الفيلسوف جورج برنارد شو قال لونستون تشرشل “احتفظت لك بتذكرتين للعرض الأول من مسرحيتي. يمكنك أن تجيء بصديق… إن كان لديك صديق”. فرد عليه تشرشل “لن أستطيع حضور العرض الأول. سآتي للعرض الثاني… إن كان ثمة عرض ثانٍ”.
وفي فرنسا، وقف أوتو أبيتز، سفير ألمانيا النازية أمام لوحة “غرنيكا” خلال المعرض العالمي الذي أقيم في باريس عام 1937، وقال لبيكاسو: “أنت الذي اقترفت هذه الفظاعة؟” فرد عليه بيكاسو: “كلا، بل أنتم”. ولعل أشهر الأجوبة المسكتة عبر التاريخ ما قاله الإسبرطيون لفيليب الثاني ملك مقدونيا حين هددهم قائلا: “لو أنتصر في هذه الحرب فسوف تصيرون عبيدي”، إذ قالوا له “لَوْ”.
حبّذا لو ينهض من بيننا من يعنى بجمع الأجوبة المسكتة في أوساطنا الثقافية والفنية والسياسية، بوصفها من التراث اللامادي، فقد يفيد المهتمين بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق