وقفات
مع النوادر والملح العربية
إعداد:
د. وسمية عبد المحسن المنصور
أستاذ
مشارك- جامعة الملك سعود
نشر في: (الكتاب التذكاري للمرحوم محمد رجب النجار –
جامعة الكويت ـ كلية الآداب – قسم اللغة العربية الطبعة الأولى 2006م).
مدخل
يتجاذب موضوع النوادر والملح في العربية
أكثر من درس: الدرس التاريخي والدرس اللغوي والدرس الاجتماعي، مما يقود الباحث إلى
دروب ومسالك تتشابك تارة وتنفرج تارة أخرى وهي ما بين التشابك والانفراج تعزف نغما
شائقا ينقلنا إلى إيقاع العصر، ويكشف مؤثرات فعلت فعلها في ثقافته، ويرسم بكل دقة
تفاصيل الشخصية الإنسانية لأفراد المجتمع، وطبيعة حركة الحياة فيه، أحيوية هي أم
جامدة متزمتة منغلقة أم متخففة من القيود منفتحة؟ بل إن الناظر في الملح والنوادر
يرى ذلك الجانب السمح في العقلية العربية القديمة في عصورها المتلاحقة، الذي كان
لا يخلط الجد بالهزل بل يراوح بينها، فلكل مقام مقال. ويفسر التنقل من جد إلى هزل
بغاياته التي يفرضها مقتضى الحال، كأن يقصد إلى التخفف من السأم الذي يصاحب بعض
أحوال الجد، أو يكون نتيجة خطأ ناجم عن جهل أو حمق، أو مفارقة لغوية أو سلوكية، أو
خصوصية خلقية، أو تَزَيٍّ بهيئة تـثير انتباه من حولها، أو رغبة في التخلص من حرج
وقع فيه المتكلم من حيث لا يدري، لذا لا
يمتنع عن الهزل عِلْيةُ القوم وأجلاؤهم من ملوك وأمراء، ووعاظ وقضاة، وزهاد وأهل
الحديث، والمعلمين والحرفيين المهنيين، كما يرصد لنا درس النوادر والملح في
العربية شقا من مادته تتصل بالأنبياء عليهم السلام.
مصادر الدراسة والدراسات السابقة
حفلت المكتبة العربية بمدونات مختلفة
المباحث وجلها لا يخلو من مادة الملح والنوادر إن كان قصدا أو عرضا، تصريحا أو
تلميحا؛ فكتب الأدب العربي على مخـتلف عصوره وصنوفه، المجالس والمقامات والهفوات
النادرة وكتب النقد والبلاغة والمعاجم...إلخ وكتب التاريخ وكتب سير الرجال، وكتب
الحديث النبوي، وكتب العلوم الطبيعية وحتى كتب التفسير وأسباب النـزول تجد فيها
شيئا من الملح متناثرا هنا وهناك.
يغذي درس النوادر والملح في العربية ما وصلنا
عن الرسول r وعن صحابته tم
وكذلك ما توالى على قيادة الأمة من خلفاء وقادة، وهذه المادة على ثرائها وتنوع
مصادرها تُشْكِلُ على الباحث إذ يجد نفسه أمام بحرٍ عاتيةٍ أمواجُه، لا يتمكن من
انتقاء موجة يركبها إلا داهمته أخرى يأخذه بريقها ووهجها، ويشده تناغمُ دَفْعِها
وجذبها، وهو ما ترك آثارَه في الدراسات السابقة قديمِها وحديثِها؛ فبعضها اقتصر
على جزئية مثل الطرف اللغوية التي تتخذ الخطأ النحوي فقط ميدانا لها
مثال: (الطرائف اللغوية- صالح الوهيبي، مجلة الدارة العدد الثالث /الرياض 1415هـ)
و(قراءة في الطرائف النحوية – أبو أوس
إبراهيم الشمسان مجلة العقيق، العدد 7،
8/ المدينة المنورة 1415هـ) أو اكتفى بنمط من أنماط السبك اللغوي مثل الأجوبة
المسكتة: (الأجوبة المسكتة ابن أبي عون الكاتب ت 322هـ تحق. محمد عبد
القادر أحمد مكتبة النهضة المصرية / القاهرة 1985م) و(الأجوبة المسكتة – محمد
إبراهيم سليم دار الطلائع/ القاهرة 1996م ) وبعضها اهتم بالمهن مثل نوادر
القضاة، وطرائف الأطباء (الحكيم راجي عباس التكريتي الناشر دار الأندلس ط
2 بيروت/ 1984 ) وطرائف العاملين (علي مروة؛ الناشر رياض الريس لندن) وكانت الصفات
السلوكية مادة لرصد النوادر مثل البخلاء (الجاحظ) والأذكياء والحمقى
(ابن الجوزي) وكذلك الصفات الخلقية
مثل البرصان والعرجان والعميان والحولان (الجاحظ) ونكت الهميان في نكت
العميان- الصفدي/القاهرة 1911م وبعض الكتاب اهتم بجنس المخلوق
موضوعا للطرفة فجعلوا للنساء مؤلفات في هذا الحقل مثل:
(كتاب أخبار النساء- ابن قيم ابن الابن الجوزية؛ شمس الدين محمد أبو بكر
أيوب بن سعد / مصر 1319هـ)و (بلاغات النساء – ابن أبي طاهر؛ طيفور أبو الفضل أحمد
/ النجف 1361هـ) وكذلك جعلوا الحيوان موضوعا للنوادر والطرف. ومنهم من رصد ظاهرة
اجتماعية مثل الشحاذة والتسول: (أدب المعدمين في كتب الأقدمين- تأليف سالم
الدباغ/ بغداد 1971م) و(الظرفاء والشحاذون في بغداد وباريس- صلاح الدين المنجد
الناشر دار الكاتب الجديد / بيروت 1969م) ويقابل الشحاذة ظاهرة الكرم (التنوخي –
المستجاد من فعلات الأجواد / دمشق 1946م ). ويأتي في الظواهر الاجتماعية تتبع طرف الطعام
(فكيه الكلام في طرائف السفرة والطعام – حماد السالمي ط1 دار الحارثي/
الطائف1411هـ) وبعضهم آثر تتبع أحوال القلب والوجدان مثل: (نوادر
العشاق – إبراهيم زيدان دار الهلال / القاهرة 1900م) وآخرون اضطربت عليهم بحور
الطرائف فسلكوا طريق السلامة فحشدوا ضروبا متنوعة منها لا يجمعها
إلا أنها تسري عن المرء مثل: (غرائب الأخبار ونوادر الحكم واللطائف والأشعار- أحمد
عيسى عاشور مكتبة القرآن / القاهرة 1987) (نوادر من التاريخ- صالح بن محمد الزمام
ط2 مطابع الصايغ الفينة/ الرياض 1404هـ) و(طرا ئف من التراث العربي – عبد الأمير علي
مهنا دار الفكر اللبناني / بيروت 1990م)
هذا البحث
أما هذا البحث فهو محاولة متواضعة تستفيد
من تلك المناهج جميعها، ويهتم بالتأصيل اللغوي المعجمي لألفاظ الملح والنوادر
فيكشف عن دلالاتها وما يترادف منها وما يختص بمعانيه ثم يجول في الميدان اللغوي
لتلك الطرف ويحاول الخلوص إلى مكمن الطرافة ومنشئها: أمفارقة لغوية هي تنشأ عن
خطأ، أم وضعُ الكلام في غير سياقه، أم الطرافةُ وليدة موقف اجتماعي، أم نتيجةُ نقص
معرفي أو ثقافي كطرف الفقهاء والمعلمين، وقد تكون الطرف والنوادر مصنوعة من وضع
الرواة، أو من الموروث الشعبي الذي تُنُوسِيَ قائله، أو تكون مزجا من هذا وذاك.
أشكال الطرف والنوادر:
تأخذ الطرف أشكالا لغوية تتفاوت بين الأخبار
التي تروي الحكاية والقول المقتضب، منها أخبار تروى في مطولات، ومنها مواقف طريفة
تأخذ شكل السؤال والجواب، ومنها ما يندرج في حكم الأجوبة المسكتة، ويمكن أن نجعل
نوادر الإبداع الفني اللغوي في هذا السياق فتدخل المقامات وزخارف القول.
وبديع اللغة من جناس وطباق وغيرها من أشكال الفن اللغوي المنطوق والمكتوب فقد كان
للرسم الكتابي تأثير على بعض النصوص يخرجها إلى نسق النوادر والطرف.
القسم الأول: ألفاظ النوادر والملح:
يتميز معجم النوادر بثراء مفرداته التي تتصل
بنسب يربطها بالطرافة والفكاهة وهي مرتبة أبجديا:
الدُعابة- الطُرَف –
المُضْحِكات - الفُكَاهة
- المُجُون - الُملَح – النَوادر – الهَزْل.
-
الدُّعابةُ والـمُداعَبَةُ: الـمُـمازَحَةُ.
وفـي الـحديث: أَنه rقال لـجابرٍ، t،
وقد تَزَوّجَ: أَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَم ثَـيِّبًا؟ فقال: بل ثَـيِّب. قال:
فَهَلاَّ بِكرًا تُداعِبُها وتُداعِبُكَ؟ وفاعل المداعبة الدُّعْبُبُ وله دلالة
أخرى وهو الـمُغَنِّـي الـمُـجِيدُ. ويظهر من استعمالات اللفظ في السياق أنه للهو
الترفيهي ومنه اللَعِب فالدَعَّابٌ هو اللَعّابٌ. وتتسع دلالة المداعبة لتتصل
بالدلال يقال: تَدَعَّبْتُ علـيه تَدَلَّلْتُ.
- (الطُرْفَة) تدور تفريعات دلالة لفظ
(طرف) على تجديد الحركة والانتقال إلى حال أخرى تثير العجب والقبول، قال الأزهري
"الطُرَف والطرائف جمع واحدته الطُّرْفَة، وأصل الطرف طرف العين والطرف
الناحية من النواحي، وقال الليث: الطرف تحريك الجفون"
وتأتي الدلالات الأخرى تدور في فلك التجدد و الإقبال عليه بنسيان القديم:
"فطريف النسب إذا كان كثير الآباء إلى الجد الأكبر... والعرب تقول فلان ماله
طارف ولا تالد، فالطارف والطريف، ما استحدثت من المال واستطرفته.والطريفة الخبر
الجديد. والطُرْفَة: كل شيء استحدثته فأعجبك، وأطرفت فلانا شيئا أي أعطيته شيئا لم
يملك مثله فأعجبه". ومن هنا اكتسبت الطرفة دلالتها فهي تجدد لحالة
الركود فمن يستمع ستطرفه الحكاية ويعجب بها وينسى كآبته وما كان عليه. وكي تكتسب
الطرفة هذه الدلالة الخاصة وتفعل فعلها المؤثر لا بد أن تحمل في سياقها الجدة.
والغرابة قد تكون في لفظ تلميح دون تصريح أو مخالفة شخصية تنحرف عن الاستعمال
المعياري الذي تعارفت عليه الجماعة اللغوية. فالتجدد في الكلام مما يحمد للمتكلم
" خير الكلام ما طرفت معانيه، وشرفت مبانيه، والتذّتَه آذان سامعيه."
ومن لا يثبت على أمر فهو رجل طِرف ومتطرف ومستطرف، أما المرأة المطروفة بالرجال
إذا كانت لا خير فيها تطمح عينها إلى الرجال وتصرف بصرها عن بعلها إلى سواه.
ويدل الجمع (طرائف الحديث) على المختار فهو غير نمطي في سياقه وأثر دلالته.
- (المضحكات) تتعدد مصادر الفعل (ضَحِك) فهي ضَحْكا وضِحْكا
وضِحِكا وضَحِكا، والأضحوكة ما يضحك منه. وفرقوا في الأبنية الصرفية بين الرجل
الذي يكثر الضحك فهو الضُحَكة ومن يُضحك منه هو رجل ضُحْكَة وتفصح اشتقاقات اللفظ
المتعددة وكثرة استعمالاتها أن العرب أمة تكترث للضحك والابتسام رغم صعوبة بيئتهم
الصحراوية القاسية، وإن كانوا يرون في كثرة الضحك عيبا فقد لحظوا ما يظهر من
الأسنان عند الضحك فأسموها الضواحك واحدها الضاحكة، وهي السن التي بين الأنياب
والأضراس، ويبدو أن دلالة الظهور والإبانة للأسنان التي تصاحب الضحك قد انتقلت إلى
ما فيه ظهور بعد خفاء أو انكشاف بعد تغييب فاستعير له من لفظ (الضحك) مرادفات أخرى
فَضَحِكَتْ بمعنى طمثت في أحد الأقوال في تفسير قوله U
﴿ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ﴾ (هود: من الآية71) ويورد الأزهري
استعمالات كثيرة للعرب تستعير لفظ الضحك جميعها تتضمن دلالة الظهور والإبانة منها:
الطلع في النخلة إذا ظهر بعد خفاء وإذا
فاض الحوض بعد امتلاء فقد (أضحكت حوضك) لأن الماء قد ظهر وبان، وكذلك ضحكت الأرض
إذا أخرجت نباتها وزهرتها.
-
(الفُكَاهة) بالضم المزاح، وهو اسم حَمَل في أصله دلالة الوصف (الناعم) و(الطَيِّب) قد يكون وصفا كما في
قوله: ﴿ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾ (يّـس: من الآية55) ناعمون أو مما يعجب به
فيتَفَكَّهُونَ به وتقول : تفكَّهنا من كذا وكذا تعجبنا ومنه قوله تعالى: ﴿فَظَلْتُمْ
تَفَكَّهُونَ ﴾ (الواقعة: من الآية65) أي
تعجبون. وفَكِه من كذا و كذا وتفكَّه: عجب.
والعجب قد يكون مثيره أمر إيجابي كالطيب والناعم
وقد يكون أمر سلبي فيه تعريض بالآخرين لكن نفس الفَكِه تطيب لذلك فلا ترى حرجا
" تقول العرب للرجل إذا كان يتفكه بالطعام أو بالفاكهة أو بأعراض الناس (إن
فلانا لفَكِهٌ بكذا وكذا). وقال أبو زيد الفَكِه الطيب النفس الضَحُوك...والفكه
المازح والاسم الفكاهة".
ويوصف الذي يُحَدث أصحابه ويُضحكهم بالفكيه استغنوا بالصفة المشبهة عن اسم الفاعل
(فاكه) الذي قصروه على من كثرت الفاكهة عنده وعن (فَكْه) الذي يأكل الفاكهة
أما الفعل فهو فعَّل (فَكَّه) المتعدي بمعنى جعلهم يتفكهون بالملح "وفَكَّههم
بمُلَح الكلام : أَطْرَفَهم،..." والمصادر متعددة منها ما توافق مع فعله
المجرد منه والمزيد: كالفَكَاهة من فَكِه و التَفاَكُه من تَفاَكَه أي تمازح
والمُفاكَهة: المُمَازحة فعلها " فاكهت القوم مُفَاكهة بمُلَح الكلام و
المُزاح" وبالنظر إلى أفعال اللفظ ومصادره نلحظ اتساع الدلالة تتضمنها صيغة
الفَعَالة التي تدل على المدى الواسع مثل (الجلالة) وصيغة المطاوعة في تَفَاعَل
(تَفاَكَه) والمشاركة في المُفاعَلة (المُفاكَهة) تشي بأن الفعل قصدي بين اثنين
حدث واستجابة فمن يقول بالفكاهة يوجه فعل المتلقي إلى أثر الفكاهة فيضحك مما يؤثر
في الفاعل الأول فكلاهما أثر في الثاني.
-(المُجُون): من مَجُن التي تصف الغلظة
فلا يبالي الماجن بما يصنع أو يقول وقد أشكل على اللغويين في توافق أصلها مع دلالة
المجون المعروفة التي هي ضد الوقار مما حدا بابن دريد أن يجعلها من الدخيل.
ومما أثاره اللفظ من إشكال صرفي وجود الميم في أوله فلو كان فُعُولا من مجن فهو
إما مصدر وإما صيغة جمع وفِعْلها (مَجُن مُجُونا فهو ماجن والجمع مُجُون)
مثل (حضور من حضر حضورا فهو حاضر والجمع حضور) وقد تكون من جنن وهي الاستتار
فانتقل المعنى إلى الصلابة والغلظة التي تستر الاستحياء فيظهر الماجن ما ينافي
الحياء ولذا أطلق على المعجب بنفسه مجنونا لأنه لا يبالي ويظهر الغلظة في التكبر
" وفي الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ به،
ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر: أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال: ما هذا؟
فقالوا: مَجْنونٌ، قال: هذا مُصابٌ، إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيه
وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه.
وقد
تكون من (جنن) وهي الاستتار فانتقل المعنى إلى الصلابة والغلظة التي تستر
الاستحياء ولذا أطلق على المعجب بنفسه مجنونا لأنه لا يبالي ويظهر الغلظة في
التكبر" ومنه اشتقاقُ الماجِن لصلابة وجهه وقلة استحيائه "
فاللفظ مجون بجذريه (مجن) و(جنن) فيه الاستتار وعدم المبالاة التي تصاحب غلظة
الخلق من إعجاب بالنفس أو عدم اكتراث للآخرين فالفعل. مَجَنَ،بالفتح، يَمْجُنُ
والمصدر (المُجُون) و(المُجْن) و(المَجانَةُ) "أَن لا يُباليَ ما صَنَع وما
قيل له؛."
وقد كان المجون مما يقلل من المروءة عند العرب فيُنَبَهُ الماجن على ذلك بل يُوبخ
ويُرْدَع . "والماجِنُ عند العرب: الذي يرتكب المَقابح المُرْدية والفضائح
المُخْزِية، ولا يَمُضُّه عَذْلُ عاذِلِه ولا تَقْريعُ من يُقَرِّعُه. والمَجْنُ:
خَلْطُ الجِدِّ بالهزل. يقال: قد مَجَنْتَ فاسْكُتْ"
قال الأَزهري:" سمعت أَعرابيّاً يقول لخادم له كان يَعْذِلُه كثيراً وهو لا
يَرِيعُ إِلى قوله: أَراك قد مَجَنْتَ على الكلام؛ أَراد أَنه مَرَنَ عليه لا
يَعْبأُ به".
-
(المُلَح): جمع واحدته المُلْحَة من الأحاديث وهي من الحُسْن أي الملاحة
فدلالتها الطرائفية جاءت من تميزها بالحسن.
في اللسان: "وقد مَلُح يَمْلُح مُلُوحة ومَلاَحة.ومِلْحاً أي: حسُن
فهو مَلِيح ومُلاَح ومُلاَّح...والمُلْحة والمُلَحة: الكلمة المَلِيحة وأَمْلَحَ:
جاء بكلمة مَلِيحة.
-
(النوادر): جمع نادرة وهي من النُدْرة، وفيها معنى الخروج فالنادر هو
الخارج أو السقوط أو الشذوذ "قال الليث: يقال نَدر الشيء إذا سقط، وإنما يقال
ذلك لشيء يسقط من بين شيء أو من جوف شيء، وكذلك نوادر الكلام يندر..
وأشار الجوهري إلى دلالة الشذوذ فقال: نَدَر الشيء يَنْدُر نَدْراً: سقط وشذ
ونَوادِر الكلام تَنْدُر، وهي ما شذ وخرج من الجمهور.
- (الهَزْل): نقيض الجدّ، فدلالة الفعل
تُخرج الحدث عن جادة الصحة وهذا الخروج تتنوع مسالكه فقد يخرج إلىسياق الكذب
المصاحب للهو، قالوا: " فلان يَهْزلِ في كلامه: إذا لم يكن جادّاً، وقد يكون
الخروج بفعل مهارة فردية تميز صاحبها، فالمُشَعْوِذُ إذا خَفَّتْ يَدهُ
بالتَّخاييل الكاذبة، فَفِعْلُه يقال له: الهُزَّيْلَيْ، لأنها هَزْل لا جِدَّ
فيها. يقال أجادٌّ أنت أمْ هازِلٌ،
ومن الخروج عن الصحة أن يكون الهزل هذيانا وهو ما جاء في تفسير قوله (وما هُو
بالهَزْل) [الطارق 14] أي ما هو بالهذيان".
ويضيف الأزهري دلالة أخرى وهي "استرخاء الكلام، وتَفْنيِنُه"
فكل هذه المخارج توصف بالهزل.
القسم
الثاني: الظواهر اللغوية في النوادر العربية
يمكن تفسير منبع الطرافة بما تقوم عليه من
ملمح لغوي إما في خطأ في الإعراب أو في الإبدال الصوتي أو في صوغ مثال على غير
قياسه، وقد تأتي الطرافة من الجانب الدلالي الذي يضع المعنى خارج سياقه. وتمثل
المفارقة بين المستويات اللغوية للمتحاورين عاملا فاعلا في تشكيل مجرى الطرافة،
فالعالم الذي هو على دراية بسبك اللغة كالأعراب وغيرهم، أو من يعرف من علومها شيئا
تمكنا أو عرضا؛ مثله إذا ما تبادل الحديث مع المتقعر والجاهل والأحمق فإن الخطأ
والانحراف اللغوي يكون مادة ثرة للطرافة. " قال رجل لسعيد بن عبد الملك
الكاتب: أتأمر بشيئا قال: نعم؛ بتقوى الله وبإسقاط ألف شيء."
فالرجل من العامة ممن لا يحسن إقامة الإعراب ويجهل بقواعده، والكاتب يسوؤه هذا
اللحن فناشده تقوى الله وإصلاح الخطأ فكأنما الخطأ الإعرابي خروج على تقوى الله.
وسنعرض لمنـتقيات من أمثلة علي تلك النوادر.
الخطأ في استخدام المصطلح:
ينبغي أن يكون للمصطلح حد يزوي مفهوما جامعا
لأفراده مانعا لغيرها، وبعض الناس يلتقط المصطلح ولا يحسن استخدامه؛ إما لعدم فهم
معناه أصلا، أو لأن مفهومه اختلط بغيره، أو لأن المتحدث بالمصطلح أراد أن يظهر
أمام السامع أنه على دراية بالعلم. ومن الناس من يستخدم المصطلح مأخوذا بجرسه لا
لحاجة الكلام إليه، وفي الأمثلة القادمة نلحظ وضع المصطلح العلمي في غير سياقه.
1-حكى أبو محمد التميمي أن أبا الحسن السماك
الواعظ دخل عليهم يوما وهم يتكلمون في أبابيل
فقال في أي شيء أنتم؟ فقالوا نحن في ألف أبابيل هل هو ألف وصل أو ألف قطع؟ قال لا
ألف وصل ولا ألف قطع، وإنما هو ألف سخط ألا ترون أنه بلبل عليهم عيشهم.
مكمن الطرافة الخروج من مجال البحث اللغوي إلى
مجال الوعظ، وليس فعله من قبيل الخطأ بدليل إضافته على ما أراد الوعظ به وهو
(سخط)، فجاء مصطلح (ألف سخط) رديفا لمصطلح قطع ووصل، ذلك أن المجيب كان جاهلا
بمباحث الدرس اللغوي ومنها همزة الوصل وهمزة القطع، ولم يكن معنيا بالفرق بينهما
أما ما يثيره في أبابيل أنها سبب نكبة على من أرسلت عليهم وهذا مما يدفعه إلى تصنيف
ألف أبابيل أنها ألف سخط .
2-
قيل لمريض: كيف نجدك؟ قال: أنا علة، قيل: وما معنى علة؟ قال: أليس يقال في الصحيح
ليس به علة؟ قالوا نعم، قال: أنا كما قال؛ علة.
في تعريف الكلمة الصحيحة اسما أو فعلا نقول أن
الصحيح ليس به علة والصحيح المعني هو لفظ والموقف يتحدث عن شخص مريض وعلة اللفظ
غير علة المرض، ويظهر أن المريض استعمل المصطلح (علة) وهو يدرك دلالته الصرفية
لكنه خلط بين مضادها في المصطلح الصرفي وهو (صحيح) وبين دلالة اللفظ ذاته على وصف
من لا يعاني من المرض، والموقف يتحدث عن شخص مريض وعلة اللفظ غير علة المرض.
3-
قال الجاحظ: أنشدني بعض الحمقى
إِنَّ
دَاءَ الحُبِ سَـقمٌ لَيـْس
يَهْنِيهِ القـَرارُ
وَنَجَا
مَنْ كَانَ لاَ يَعِ شُقّ مِنْ
تِلْكَ المَخَازِي
فقلت إن القافية الأولى راء والثانية زاي؟
فقال: لا تنقط شيئا فقلت: إن الأولى مرفوعة والثانية مكسورة، فقال: أنا أقول لا
تنقط وهو يشكل.
المتحدث يدرك معنى المصطلح (نقط) الذي يشمل نقط
الإعجام والإعراب، فوظفه ليدرأ سقطه، لكن اعتراض الجاحظ جاء من وجهين كل منها علة
في إضعاف شعر الرجل القافية وحركتها والطرافة أن الرجل توهم أن إلغاء واحدة تلغي
الأخرى.
في مستوى الأصوات :
1-عن
ابن الأعرابي قال: قال رجل من الأعراب لأخيه أتشرب الخازر من اللبن ولا تتنحنح فقال: نعم. فلما شربه آذاه فقال:
كبش أملح، ونبت أقبح، وأنا فيه أسجح. فقال أخوه: قد تنحنحت. فقال: من تنحنح فلا
أفلح
منبع الطرافة هو الوعي
وحسن التصرف، فاللبن الخازر شديد على الحنجرة والأعرابي قد قطع عهدا ألا يتنحنح
لكن مهارته اللغوية أسعفته باختيار قول من جمل بسيطة تتضمن في أخبارها كلمات يكون
صوت (الحاء) وقفة عليها فترتاح الحنجرة لهذا الصوت الحلقي الذي ينقيها مما علق بها
ولأنه وقع طرقا في نهاية الكلمات (أملح، أقبح، أسجح) فقد صاحب حركته الإعرابية
(الضمة) عند الوقف شيئا من هاء السكت التي تتيح للنفس استراحة تساعد المتكلم على
التخلص من آثار شدة اللبن الخازر. ولما فطن أخوه لهذا التصرف اللغوي واستدرك عليه
واصل الأعرابي بجملة شرطية مركبة حملت أفعالها صوت الحاء أيضا فجاء الوقوف بالسكون
على الحاء في (تنحنح)، متضافرا مع التضعيف في اللفظ ليشعرَ بمواصلة النطق بالحاء،
وكذلك الفتحة على لفظ (أفلح) التي تقوي من حضور هاء السكت مما تتيح للنفس امتدادا
يستريح له المتكلم.
2-وعن
المدائني قرأ إمام ﴿ولا الضالين﴾ بالظاء المعجمة، فرفسه رجل من خلفه فقال الإمام
آه ضهري فقال له الرجل خذ الضاد من ضهرك واجعلها في الظالين وأنت في عافية.
الخلط بين الضاد والظاء
شائع في اللهجات العربية القديمة ومازال متصلا في لهجاتنا المعاصرة،
لكن الخطأ في النص القرآني ينكر من العوام فكيف بمن وقف إماما في المصلين لذا جاء
الخطأ في مستويين قلب الضاد ظاء (الظالين) وقلب الظاء ضادا في (ظهري) والطرافة في
رد المصحح الذي فطن لقدرة الإمام على نطق كل من الصوتين (الضاد) و (الظاء) ومع هذا
فالمتكلم يعجز عن توظيف كل صوت منهما في لفظه المسموع فجاء الخلط لا عن عدم قدرة
لنطق كل صوت مميزا عن أخيه وإنما عن خطأ في توظيف الصوت المنطوق في بنية كلمة تطلب
الصوت الآخر.
3-
الإبدال الصوتي ينقل الكلمة من معنى إلى آخر لأن الإبدال يتيح جذورا لغوية مختلفة،
روي أن المأمون خرج منفردا فلقي أعرابيا فقال: ما أقدمك؟ قال الرجاء من الخليفة،
وقد قلت أبياتا أستمطر بها فضله. قال: أنشدنيها. قال: يا ركيك أويحسن أن أنشدك ما
أُنشد الملوك؟ وبينما هو كذلك إذ أحدقت الخيل بهما وسلموا على المأمون بالخلافة
فعلم الأعرابي أنه قد وقع، فقال: يا أمير المؤمنين؛ أتحفظ شيئا من لغات اليمن قال:
نعم، قال: من يبدل القاف كافا؟ قال: بنو الحارث بن كعب. قال: قبحها الله من لغة لا
أعود إليها بعد اليوم فضحك المأمون.
ظاهرة قلب القاف كافا من الظواهر اللهجية
القديمة التي ما زالت تسمع في مجتمعاتنا العربية المعاصرة، ففي أوساط النساء في
مصر نسمع إحداهن تقول أنا ركيكة وتعني رقيقة وتقول الكاهرة والكرآن والمقصود
القاهرة والقرآن، وتشيع ظاهرة قلب القاف كافا في بعض مناطق الأردن وفلسطين فيقولون
(أكول) بدلا من (أقول) وهذا الإعرابي كان واعيا لظاهرة الإبدال التي وجد فيها
مخرجا ينجيه من الحرج الذي وقع فيه مع المأمون.
في مستوى بنية الكلمة
(الصرف)
1-التصغير
من خصائص الاسم ويدرس في المستوى الصرفي ومما جاء التصغير في سياق الطرف ما رواه
الجاحظ:" قال رجل لرجل هب لي دريهما. قال أتـُصَغِّره، لقد صَغَّرت عظيما،
الدرهم عشر العشرة، والعشرة عشر المئة والمئة عشر الألف والألف عشر الدية".
لقد استطاع هذا الحريص
أن يرد على من صغر الدرهم بالرجوع إلى مضاعفاته العددية حتى تستبين قيمته وأهميته،
والمضاعف من الأعداد لا متناه ومن هنا نبعت الطرافة فالصيغة التي كانت للمصغر تفقد
قيمتها الدلالية بعد أن أصبح الدرهم وحدة يُبْدَأُ بها في انطلاقة العدد إلى
مضاعفاته.
2-النكرة
تدخل الاسم في التعميم والمعرفة تنقله إلى التخصيص ويروي الجاحظ: كنت جالسا عند
أحد الوراقين ببغداد فاقترب مني أبو العباس أحمد بن يحي (المبرد) وكان من أئمة
النحو في عصره فسألني الظبي معرفة أو نكرة يا جاحظ؟ فقلت: إن كان مشويا على
المائدة فمعرفة وإن كان في الصحراء فهو نكرة، فقال أبو العباس: ما في الدنيا أعرف
منك بالنحو.
يشير كلام الجاحظ على أحد دلالات (ال) التعريف، منها دلالاتها على العهد الحضوري
كما تدل على الجنسية التي لا تحدد فردا معهودا، ولذلك هو كالنكرة فقد لا يكون هناك
فرقا بين رأيت الظبي ورأيت ظبيا إن كان القصد واحدا من الظباء. ويستبعد أن تكون دلالات (ال) التعريف قد غابت
عن المبرد ولكنها صناعة الطرافة وإظهار البراعة في معرفة احتمالات التركيب. وقد
كان المبرد واعيا أن الجاحظ بظرفه المعهود سيأتي بجواب نادر فالسؤال ليس من أسئلة
الفقه النحوي وإنما مما يدرج في الاستعمال التداولي الذي يجعل للمتكلم فسحة في
الخروج عن صرامة الدلالة المعهودة إلى خصوصية الفهم، ولما كان السياق بين طرفين
مشهود للمسؤول (الجاحظ) بقدراته العلمية مع سرعة البديهة، وظرف التصرف؛ فإن السائل
الذي لا يغيب عنه هذا الفهم يستنطق مثل تلك الإجابة الظريفة بوعي شديد، يدل على
ذلك ما ختم به المبرد من تعليق يتمازج فيه الظاهر بالباطن (ما في الدنيا أعرف منك
بالنحو) فظاهر التعليق أن الجاحظ أعرف الناس بالنحو وباطنه أن الإجابة من الطرف
التي يتندر بها .
في مستوى العامل النحوي:
أولا:
إعمال هذا عمل كان:
ذكر أن رجلا دعا المبرد بالبصرة مع جماعة فغنت
جارية من وراء الستار وأنشأت تقول:
وَقَالوا
لهَا هَذَا حَيِبُكِ مُعْرِضَا
فَقَالتْ إِلى إِعْرَاضِهِ أَيْسَرُ الخَطْبِ
فَمَا
هِـي إلاَ نَظْرَةٌ يَتَبَسَُّم
فَتَصْطَكُ رِجْلاَهُ وَيَسْقُطُ لِلْجَنْبِ
فطرب كل من حضر إلا المبرد فقال له صاحب المجلس
كنت أحق الناس بهذا الطرب فقالت الجارية: دعه يا مولاي فإنه سمعني أقول: (هذا حبيبك معرضا) فظنني لحنت، ولم يعلم أن ابن
مسعود قرأ (هذا بعلي شيخا) قال فطرب المبرد إلى أن شق ثوبه.
يعمل
الكوفيون هذا عمل كان ويطلقون عليه (التقريب).
ولما كان المبرد بصري المذهب فقد أنكر على الجارية نصب (معرضا) وهي قد اختارت ذلك
لما يتيحه لها صوت الألف من مد يناسب الأداء الغنائي، ولم يكن اختيارها اعتباطيا
فهي على علم بالقراءات التي اتخذتها حجة على اختيارها مذهب الكوفيين.
ثانيا:عمل إن:
سمع أعرابي مؤذنا يقول: أشهد أنَّ محمدا رسولَ
الله بنصب رسول، فقال: ويحك! يفعل ماذا؟
لدى الأعراب ذائقة لغوية حساسة، ومعرفة بدلالة
اللفظ على المعنى، فنصب لفظ (رسول) في هذا السياق جعله وصفا لمحمد مما يجعل المسند
مفتقرا إلى مسند إليه يتم معناه، لذا كان سؤال الأعرابي: ويحك! يفعل ماذا؟ وقد
أشار التوحيدي إلى فطنة الأعراب بمجرى نظم الكلام في" معرفة العرب بالمعاني
التي اختلف لها الإعراب، وتلك المعاني هي العلل."
ثالثا:
عمل حرف الجر
1-
حدث ميمون بن هارون قال: قال رجل لصديق له: ما فعل فلان بحمارِه؟ قال: باعِهِ،
قال: قل: باعَهُ، قال: فلم قلت بحمارِه؟ قال: الباء تجر، قال: فمن جعل باءك تجر
وبائي ترفع؟
المحاورة تعكس اختلافا في مستوى تمكن الرجلين
من علم النحو فأحدهما يعرف وظيفة حرف الجر الباء عندما يدخل على الاسم ويميزها عن
الباء التي من جذر الكلمة، أما الآخر فكل باء في الاسم لها دلالة واحدة عنده، فقد
أخذه الجرس الصوتي وأراد المشاكلة والإتباع الصوتي فهو يتعامل مع صوت الباء لا
وظيفته النحوية أو أصالته. والطرافة ليست مقتصرة على الخطأ وإنما تنبع من سذاجة في
ذهن الرجل المتكلم الذي ظن أن عمل حروف المعاني متصلا بشخصية مستعملها.
2-حدث
أبو القاسم الحسن قال كتب بعض الناس: "كتبت من طيس" يريد
"طوس" فقيل له في ذلك فقال: لأن "من" تخفض ما بعدها، فقيل،
إنما تخفض حرفا واحدا لا بلدا له خمسمئة قرية.
تنوب الحروف كعلامة إعرابية عن الحركات في
الأسماء الستة وفي جمع المذكر السالم فالواو علامة الرفع والياء علامة الجر
والنصب، فالكاتب توهم أن العلم (طوس) مما يعرب جرا بالواو والطرافة ليست في جهله
فقط وإنما في سياق الرد الذي جاء فقد وهم أن حرف الجر (من) كما يلزمه أن يجر ما
بعده فإنا الكلمات الثلاثية واواوية العين تماثل الأسماء الستة التي تجر
بالياء.
رابعا:
إعراب الأسماء الستة
1- لقي نحوي رجلا من أهل الأدب وأراد أن يسأله
عن أخيه، وخاف أن يلحن فقال: أخاك، أخيك، أخوك هنا؟ فقال الرجل: لا، لو، لي ما هو
حضر.
مكمن الطرافة من منبعين الأول: احتراز السائل
الذي خشي أن يلحن فظهر جهله جليا و هو ما يطلق عليه المحدثون (فوبيا اللحن)،
والمكمن الآخر من رد المجيب الذي كشف جهل السائل، فالمتحدث لجأ إلى ذكر كل
الإمكانات اللفظية في أحواله الإعرابية رفعا ونصبا وجرا وترك للسامع حرية اختيار
ما يناسب موقع الاسم (أخاك، أخيك، أخوك هنا؟). أما السامع الذي كان على بصر بأحوال
الأسماء الستة رفعا ونصبا وجرا فقد أراد أن يواجهه بهذا الجهل فجاء الرد بالنفي
(لا) لكن بصور صوتية توافق علامات إعراب الأسماء الستة (لا، لو، لي)، فلون إجابته
هذا التلوين غير المعتاد بأصوات مد تناسب ما تعرب به الأسماء الستة، وليست الطرافة
في إيراد كلمات تحتمل الألف والواو والياء وإنما إعادة صياغة حرف النفي (لا) بمد
آخر وهو الواو والياء مما جعل تتابع (لا، لو، لي) يضفي تنغيما صوتيا يماثل غطرفة
النساء عند الفرح، ولم يكن الخطأ النحوي مناسبا للفرح وإنما التضاد في استعمال
أصوات الفرح في سياق الخطأ وذلك منبع الطرافة.
2- روى ابن الجوزي: "كان شيخنا أبو بكر
محمد بن عبد الباقي البزار يقول: قال رجل لرجل:
قد عرفت النحو إلا أني لا أعرف هذا الذي يقولون: أبو فلان وأبا فلان وأبي
فلان فقال له: هذا أسهل الأشياء في النحو، إنما يقولون: أبا فلان لمن عظم قدره،
وأبو فلان للمتوسطين، وأبي فلان للرذلة".
كان اختلاف أحوال الأسماء الستة باختلاف
موقعها الإعرابي دافعا ليكشف المجيب عن الفوارق بين الطبقات الاجتماعية فجعل
الانفتاح في حالة الألف واستطالتها دليلا على علو مكانة من ينادى (أبا فلان)، أما
الواو الطبقية فتوسطها يناسب الطبقة المتوسطة (أبو فلان) ولعله لمح أنها أول صوت
في كلمة (وسط)، وتأتي الياء الخلفية لتدل على أسفل القائمة في الطبقات
الاجتماعية(أبي فلان) أو لأنها ما تبقى لقاع المجتمع بعد أن اختصت الألف لعلية
القوم والواو للمتوسطين.وفي هذا التفسير بعد فلسفي أرى أنه بعيد التناول على
المسؤول، والأرجح أن الرجل يخبط خبط عشواء ويتعالم بما لا يعلم. والطرفة تكشف عن
أن علم النحو كان مطلبا يستعصي على قوم يعرفون جيدا قيمة اللحاق به والتمكن منه،
مما يجعل العامة يقفون عند بعض مسائله يستفسرون عنها عند من أخذ علم النحو، أو من
بدأ في طلبه، أو من يتوسم أنه على دراية به وهو في الحقيقة بعيد عنه.
خامسا:عمل
النداء
كان عمر بن عبد العزيز جالسا عند الوليد بن عبد
الملك، وكان الوليد لحانا، فقال: يا غلام أدعُ لي صالح؛ فقال الغلام يا صالحا؛
فقال الوليد: انقص ألفا فقال عمر بن عبد العزيز: وأنت يا أمير المؤمنين فزد ألفا.
يعني أن الوليد أغفل نصب (صالح) إذ وقف عليه بالسكون وحقه أن يقف عليه بالألف لأنه
مفعول به، وغلامه أقحم ألفا على العلم المنادى وحقه أن يبنى على الضم لأنه علم
منادى. والطرافة أن الوليد الذي فطن لخطأ غلامه،كان واعيا بكيفية التصحيح اللغوي
فحين نبه الغلام على التصويب قد وقع هو نفسه في خطأ لغوي حين وقف على المنصوب
بالتسكين. ولعله تابع قبائل من العرب تقف على المنصوب بالتسكين. والطرفة لا تقتصر
على الخطأ وتصحيحه وإنما المفارقة التي استدركها طرف ثالث الذي كان واعيا لخطأ
الطرف الأول وخطأ الثاني فنبه المصحح وهو الطرف الأول على خطئه.
سادسا:تعليل الممنوع من الصرف
1-
سئل بعض الوعاظ لم لا تنصرف أشياء فلم يفهم ما قيل له ثم سكت ساعة فقال أنت تسأل
سؤال الملحدين، لأن الله يقول ﴿لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ (المائدة 101)
الواعظ لم يستطع مواجهة جهله المعرفي بالعلة
النحوية لمنع لفظ (أشياء) من الصرف فتخلص من ذلك بظاهر لفظ الآية مستعينا به على
قطع الطريق أمام محاوره، فهو نظر إلى ظاهر لفظ أشياء في سياق الآية فجاء الخطأ من
أنه فهم الآية أن النهي منصب على لفظ أشياء من حيث بنائها الصرفي، ومفهوم دلالة
أشياء في سياق الآية النهي عن كثرة السؤال فيما سكت عنه المشرع فالسكوت يعني سعة
والسؤال يعني تضييقا لواسع, وفي تفسير الآية﴿
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ
لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ
لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [المائدة 101-102] قال
ابن عباس: "معناه لا تسألوا عن أشياء في ضمن الإخبار عنها مساءة لكم إما
لتكليف شرعي يلزمكم وإما لخبر يسوؤكم."
2-روي أن رجلا اسمه عمر قال لعلي بن سليمان
الأخفش: علمني مسألة من النحو. قال تعلم أن اسمك لا ينصرف. فأتاه يوما وهو على شغل
فقال من بالباب ؟ قال عمر.قال: عمر ينصرف. قال أوليس قد زعمت أنه لا ينصرف.؟ قال
ذاك إذا كان معرفة وهو الآن نكرة.
لقد كشفت الطرفة عن
قيود الممنوع من الصرف ففي عمر قيد بالعلمية والعدل فإذا كان الاسم مشتركا لا يعين
معهودا للسامع فقد دخل في دائرة التنكير فغاب شرط من شروط منع الصرف. والأخفش قد
استفاد من هذه الحجة التي جاءت على طريقة التورية فهو يريد أن يعلم الطارق أنه لا
يعرفه فهو نكرة عنده، وغايته التخلص من الطارق وإن كان معلوما لديه.
الفروق
الدلالية
نرصد في هذه المجموعة من الطرائف ما جاء من
ألفاظ مختلفة في اللفظ ومتفقة في المعنى عند العامة وهي ما يعرف بالترادف لكن أهل
العلم يدركون الفروق الدلالية الدقيقة، وثمة فروق دلالية نتجت عن لحن في نطق
الكلمة أدى تغير بنيتها الصرفية إلى نقل معناها من حقل دلالي إلى آخر، وقد يعوز
المقام المتكلم الحاجة إلى أن يستعير لفظا لا حرج في التلفظ به كأن يقتضي السياق
لفظا من ألفاظ التابو فيستبدله المتحدث بلفظ ذي دلالة أخرى يقتضي معها تأويل
الكلام.
1-
قالت السيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما يوما لعائشة بنت طلحة: أنا أجمل منك،
فقالت عائشة: بل أنا أجمل منك، واختصما إلى عمر بن أبي ربيعة فقال: لأقضين بينكما،
أما أنتِ يا سكينة فأملح، وأما أنت يا عائشة فأجمل. فقالت سكينة قضيت لي والله
عليها.
يقضي الاختلاف الدلالي للفظ بالتخصيص أو
التعميم أو التضاد وكانت سكينة بنت الحسين على دراية بالفروق الدلالية لذا أرضاها
الحكم عندما خصها بلفظ (أملح) وهو ما يحفظ لها دوام انعكاس جمالها على الآخرين.
ويوضح هذا قولهم: الجميلة هي التي تأخذ ببصرك جملة على البعد، فإذا دنت لم تكن
كذلك، والمليحة هي التي تأخذ بقلبك على القرب، أو التي كلما كررت فيها بصرك زادتك
حسنا.
2-
قال رجل لأعرابي كيف أهلِك؟ - بكسر اللام - يريد
كيف أهلُك؟ -بضم اللام- فقال الأعرابي: صلبا، ظن أنه سأله عن هلكته كيف
تكون إن الخطأ اللغوي صدر من رجل يلحن فلا يقيم ضبط
الأسماء فهو يقصد تحية الأعرابي وسؤاله عن قومه (أهل) وبإضافتها إلى ضمير المخاطب
(ك) تصبح أهلُك. ولما كان الموضع موضع رفع فهي مبتدأ مؤخر (كيف أهلُك؟). وقد انتهى لحن الرجل بالاسم (أهلك) –بعد أن كسر
اللام- أن حوله إلى فعلٍ مضارع من مادة الهلاك مسند إلى ضمير المتكلم، لذا جاءت
إجابة الأعرابي ملائمة لمنطوق السؤال بالمعنى الذي يسوقه ظاهر اللفظ ولعله كان
يدرك ما يقصده الرجل لكن الأعراب كانوا يأنفون من اللحن فأراد أن ينبه الرجل إلى
خطئه.
3 -سأل رجل بلالا مولى أبي بكر رحمه الله وقد أقبل جهة الحلبة،
فقال له من سبق؟ قال سبق المقربون. قال إنما أسألك عن الخيل. قال وأنا أجيبك عن
الخير. فترك بلال جواب لفظه على خبر هو أنفع له.
الطرافة هنا إعجاب ببلاغة المجيب الذي ترك الظاهر من سؤال السائل إلى التوجه
الإيماني فالسبق للمقربين وجاء التوافق الصوتي بين الخيل والخير معززا هذه البلاغة
ومؤكدا على التوجه الإيماني الذي اختاره المسؤول. باستغلال الجناس الجزئي بين
اللفظين مذكرا بالأثر: "الخيل معقود بنواصيها الخير".
4- ومن الطرافة المتولدة عن الخطأ
اللغوي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سأل رجلا يحمل بيده ثوبا جديدا أتبيعه؟
فأجاب الرجل لا رحمك الله، فقال أبو بكر: لو تستقيمون لقُـوِّمت ألسنتكم، هلا قلت
لا ورحمك الله، ومنه: ما حكي أن المأمون سأل يحيى بن أكثم عن شيء، فقال: لا، وأيد
الله أمير المؤمنين، فقال المأمون: ما أظرف هذه الواو وأحسن موقعها. وكان الصاحب
يقول: هذه الواو أحسن من واوات الأصداغ.
الخطأ الظاهر للسامع سببه التركيبي غياب الواو، وهو ما عبر عنه المأمون (ما أظرف
هذه الواو وأحسن موقعها) ونعزو الخطأ في حقيقة الأمر لتضافر الأداء والتركيب فلو
أن المتكلم توقف عند لفظ أداة النفي (لا) وصاحب الوقف راحة في النَفَس ثم استطرد
بنغم مغاير لما جاء مع النفي كنبرة التأكيد القوي المصاحب للدعاء (رحمك الله) في
حالة تحقق ذلك كله لن يشعر السامع بغياب الواو، إلا أنه يبدو أن النطق المعتاد كان
متصلا يقرن الدعاء بالنفي السابق، وهو ما توارثناه إلى يومنا المعاصر ولا أدري
ماذا سيقول أبو بكر لو سمع الناس اليوم وهم يسقطون هذه الواو التي عدت أحلى من واوات الأصداغ.
التقعر مع العامة
1-
وقف نحوي على زجاج فقال بكم هاتان القنينتان اللتان فيهما نكتتان خضراوتان؟ فقال
الزجاج ﴿ مُدْهَامَّتَانِ ` فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا
تُكَذِّبَانِ﴾ (الرحمن 64- 65)
وذكر أحد الكتاب المعاصرين أن أحد نحاة هذا
العصر سأل بائع البطيخ: "بكم تانك البطيختان اللتان بجنبهما السفرجلتان،
ودونهما الرمانتان فقال البائع بضربتان وصفعتان ولكمتان ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ "
يتضح من الحكايتين التقعر الذي التزمه
المتحدثان في موقفين لا يقتضيان مثل هذا التقعر فالعرب تعرف أن لكل مقام مقال، لذا
جاء الرد استحقاقا لتقعر المتحدث حيث جاءت المفارقة في استخدام كلمات تنتهي
باللاحقة (ان) أفعالا كانت أم أسماء بتقعر لا ينفك عنه الخطأ النحوي، ففي الحكاية
الأولى جاء المثنى بعد كم الاستفهامية مرفوعا وحقه النصب، وفي الثانية زاد التقعر
فيها استخدام لفظ الإشارة (تانك) الذي استغربه البائع العامي مع ما في التركيب من
غرابة على السامع وهو البائع البعيد عن مستويات الفصحى، فالأول استشهد بالآية
القرآنية التي لا تجيب عن السؤال لكنها تأتي صوتيا على مثال نطق المتحدث، ولعل
النحوي يشير إلى لغة القصر في إعراب المثنى التي تلتزم بالألف رفعا ونصبا وجرا.
2-قال
عبد الله بن مسلم: دخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب فقال له: أمتع الله بك،
إني أكلت من لحوم هذه الجوازل فطسأت طسأة فأصابني وجع من الوالبة إلى ذات العنق
فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الخلب والشراسيف فهل هناك دواء؟ فقال أعين: خذ حرقفا
وسلقفا فزهرقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه، فقال أبو علقمة: لم أفهم عنك فقال
أعين أفهمتك كما افهمتني.
3-قال
بشر انقطع إلى أبي علقمةغلام يخدمه فأراد أبو علقمة البكور في حاجة
فقال: ياغلام أطعمت العتاريف؟ فقال له الغلام زقفيلم فقال أبو علقمة: وما زقفيلم؟
قال: وما العتاريف؟ قال: الديوك، قال: ما صاح شيء منها بعد
أبو علقمة نحوي اشتهر بولعه بغريب اللغة مما
وسمه بميسم الظرف،لم يكن يتعمد إضحاك الناس لكنه مولع بغريب اللغة يتقعر في كلامه
دون مراعاة حال السامع ومدى تمكنه من الإلمام بالمترادفات، فيباغت من يستمع إليه
بما ينتقيه من مفردات لغوية غريبة نادرة فتأتي ردود المستمعين أكثر غرابة فهناك من
يجاريه بصياغة غريب لا معنى له ليعلمه باحتجاجه على هذا الغريب البعيد عن إدراك
السامع وفهمه كما هو حاله مع الطبيب.
ومنهم من يعلن غضبه واستهجانه لغريب اللغة الذي يتحدث به أبو علقمة فيجاريه
بغريب مصنوع يشفعه برأيه في النحاة فهم عنده ابتلاء لا قبل له بهم فقد تذمر منه
أحدهم يوما فقال (يا أيها الناس من بلي بمثل ما نحن فيه؟)
ومنهم من يظن أن الرجل يريد أن يتقعر بما لا معنى له فيجاريه في ذلك ولكن عندما
يكتشف صدق الرجل ويفهم الغريب يعود للغة الواضحة. فأبو علقمة يعرف من مرادفات
الديك (العتاريف) جمعا لعُترُفان، وما كان ينتظر أن يجيبه الغلام بهذا اللفظ (زقفيلم)، فلما سأله عن معنى
هذه الكلمة الغريبة كشفت إجابة الغلام أنه أراد أن يجاري سيده في ابتداع ألفاظ لا
دلالة لها، وهنا مكمن الطرافة، في مجاراة السامع للمتحدث وإن لم يكن يفقه
اختياراته.
3- يكون لغرابة الصيغة على أذن المستمع العادي
الذي لا دراية له بعلم الصرف والاشتقاق ردود فعل تمثل طرافة غير متوقعة، من ذلك ما
روي عن أبي حاتم أنه سأل في إحدى حلقات العلم في مسجد من مساجد بغداد عن تصريف
الفعل ( وَقَى ) في قوله تعالى ﴿ قُوا
أَنفُسَكُمْ ﴾ [التحريم 6] مسندا إلى الواحد والاثنين والثلاثة، ويأتي الجواب قِ،
قيا، قوا، فلما صادف هذا التدريب اللغوي أن سمعه أحد العامة الذي لم يدرك إلا النص
القرآني راعه سماع شيء غريب على أذنه، فظن أن القوم يأتون بشيء مستحدث على القرآن،
فمضى إلى صاحب الشرطة، وقال:" إني ظفرت بقوم زنادقة يقرأون القرآن على صياح
الديك"، فلما ظهرت حقيقة الأمر لم يسلم النحاة من العقوبة حيث عنفهم صاحب
الشرطة، وعذلهم، وضرب بعضهم، وقال لأبي حاتم موبخا: مثلك يطلق لسانه عند العامة
بمثل هذا؟
نوادر في الأعلام
يكون العلم أحيانا محور الطرفة وعليه تبنى،
وتكون صياغته اسما أو لقبا أو كنية متضمنة تداعيات دلالة السياق الفكاهي وهو ما
نتوقف عنده.
بعض الأعلام ترد في الطرفة ولا تكون هي منبع
الطرافة وإنما اكتسب الاسم الطرافة من جملة الظروف التي أحاطت بالموقف. روي أن
إماما قرأ في صلاته ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً﴾ [نوح: من الآية1] فأُرتج عليه
وكان خلفه أعرابي فقال: لم يذهب نوح فأرسل غيره وأرحنا.
المفارقة التي قادت الأعرابي إلى هذا الرد جهله بأن النص القرآني ملزم، ولما كان
الأعراب يتصفون بالعجلة في أمورهم كافة كما كانت الفصاحة والطلاقة معيارا يقيمون
به محدثيهم فقد ساء هذا الأعرابي أن يُرْتَجَ على الإمام وبدا له أن أي اسم لرسول
آخر يكفي في هذا المقام ويعالج النسيان.
أولا:
من أقسام العلم الكنية واللقب
1-قال
الجاحظ كان أبو خزيمة يكنى (أبا جاريتين ) فقلت له يوما: كيف اكتنيت بهذه الكنية
وأنت فقير لا تملك جاريتين؟ أفتبيعهما الساعة بدينار وتكنى أي كنية شئت قال لا
والله ولا بالدنيا وما فيها. المفارقة بين الدال والمدلول سمة في كثير من
الأعلام، فكم من تسمى بجميل وهو قبيح ،وكم من تسمى بحجر وهو رقيق. وكانت العرب
تختار الأسماء الرقيقة تطلقها على غلمانها وعبيدها كمسرور وسعيد، وتطلق الأسماء
ذات الدلالات الشديدة على أبنائها كفاتك وجسور. وقديما قالت العرب: أسماء عبيدنا
لنا وأسماؤنا لأعدائنا. وأبو الجاريتين ممن يفارق اسمه صدق الدلالة على حاله وجاء
من تمسكه بالاسم ورفضه التنازل عنه ولو بيعا مثيرا للطرافة فالأسماء مشاعة تختار
ولا تشترى. 2- سأل رجل رجلا فقال له أبو
عبيد القاسم بن سلام البغدادي هو أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري فقال له الرجل
:"والله ما أدري فإنك ما أبقيت لي علامة أفرق بها بينهما لا من اسم ولا كنية
ولا نسب".
من أقسام العلم الاسم والكنية واللقب وإذا
اختلطت الأسماء يميز بينها إما بالاسم أو باللقب أو الكنية وفي الطرفة السابقة
خالف السائل بين الاسم والكنية واللقب في سؤاله عن الشخصيتين المسؤول عنها
والمفسرة، كما أن طول الأسماء لتعاقب الاسم والكنية واللقب مرتين أدى إلى مضاعفة
الطرافة في الموقف، لأنهما اختلفا في كل عناصر العلمية مما لا يجعل مجالا للبس مما
ينتهي بالسؤال إلى غير إجابة.
3-
قال رجل لأعرابي: ما اسمك؟ فقال فران بن البحر بن الفياض. قال: ما كنيتك؟ قال: أبو
الغيث. فقال له الرجل: يجب أن نلقي فيك زورقا وإلا غرقنا.
أثار انتباه الأعرابي ما في اسم الرجل واسم
والده وكنيته من دلالة على الماء فاستدعى المعنى المصاحب لكثرة الماء وهو الغرق
فكان جوابه يجب أن نلقي فيك زورقا وإلا غرقنا، والمخالفة أن الشخص لا يلقى فيه
الزورق وإنما حوله.
4-عن
عبد الرحمن بن داره قال لقي تاجر تاجرا فقال له: ما اسمك؟ ولا تطول، فقال: (أبو
عبد منـزل القطر عليكم من السماء تنـزيلا، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا
بإذنه) فقال: مرحبا بك يا ثلث القرآن.
مكمن الطرافة في المفارقة الناجمة من طلب
السائل (ولا تطول) فتأتي الإجابة مغرقة في الطول تعبيرا عن لفظ واحد (الله)
وتستكمل بتعليق السامع (ثلث القرآن) ملمحا إلى أن هذه الصفات لله سبحانه مستحضرا
في وعيه أن سورة (قل هو الله أحد) (ثلث القرآن).
ثانيا:
الجهل في خلط الأسماء المتعاطفة
1-دخل
بعض المغفلين على رجل يعزيه بأخ له فقال: أعظم الله أجرك ورحم أخاك وأعانه على ما
يرد عليه من مساءلة يأجوج ومأجوج فضحك من حضر وقالوا: ويحك يأجوج ومأجوج يساءلان
الناس؟ فقال لعن الله أبليس، أردت أن أقول: هاروت وماروت.
منبع الطرافة استقرار قوالب لفظية في ذهن
المتحدث يستدعيها في الموقف المناسب لها فالرجل يعلم أن مساءلة الميت في قبره يقوم
بها ملكان أسماؤهما متقاربة (منكر ونكير) فلما غاب عن المتحدث اسماهما إما لجهل
منه أو لنسيان ذهب لسانه إلى اسمين متقاربين صوتيا، متعاطفين في القرآن وهما يأجوج
ومأجوج وهو ما عمل على إثارة الطرافة في
الحكاية فلما استدرك الناس عليه خطأه عزاه إلى وساوس إبليس وأراد التصحيح بقوله
(هاروت وماروت) مستعينا بأدواته السابقة وهي التقارب الصوتي ؛ فأخطأ مرة أخرى مما
ضاعف كم الطرافة في الموقف.
ثالثا:
الأسماء المتقاربة صوتيا
1-
قال أبو حاتم:سأل رجل أبا عبيدة عن اسم رجل فقال: ما أعرف اسمه فقال له بعض
أصحابه: أن أَعْرَفُ الناس به اسمه خراش أو خداش أو رياش أو شيء آخر.
المفارقة
جاءت من اشتراك الأسماء في الوزن على فِعَال وتوحد لام الجذر وهي الشين وقد تقاسم
الاسمان خداش و رياش فاء الاسم رياش وعينه، والطريف أنه ظهر للسامع أن المتحدث
أجهل الناس بالرجل فقد عدد أسماء وقال بعد ذلك: (أو شيء آخر).
رابعا:
دلالات الأعلام
للعلم
تداعيات دلالية تكمن في أصل اشتقاقه أو في المفهوم الذي صاحبه
1-العلم (مجرم): صلى بعض الأعراب خلف بعض الأئمة
في الصف الأول وكان اسم الأعرابي (مجرما) فقرأ الإمام ﴿وَالْمُرْسَلاتِ﴾ إلى قوله
﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ﴾ فتأخر البدوي إلى الصف الآخر فقال: ﴿ ثُمَّ
نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾ فرجع إلى الصف الأوسط فقال: ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ
بِالْمُجْرِمِينَ﴾، فولى هاربا وهو يقول: ما أرى المطلوب غيري.
عند بدء معرفة الأعراب بالإسلام دخلوه ولما
يتمكنوا من الإحاطة بكثير من تعاليمه أو معرفة أحكامه، ومنهم من كان يتلقى القرآن
ويعجب ببلاغته كتلقيه للشعر، فيفطن إلى وظيفة الاستشهاد بالشعر في مقام معين
مقصود، لذا قادت هذا الإعرابي فطنته اللغوية إلى فهم الآيات التي تلاها الإمام على
أنها مناسبة لمقام حضوره الشخصي للصلاة وراء هذا الإمام، ولم يدرك أنها آيات تتلى
ويتعبد بها في كل زمان ومكان.
2-( مطابقة العلم على المسمى): قيل لأبي صدقة:
ما أكثر سؤالك وأشد إلحاحك فقال وما يمنعني من ذلك: اسمي مسكين، وكنيتي أبو صدقة،
وامرأتي فاقة وابني صدقة.
مكمن الطرافة من مطابقة
حال الفقر التي يعانيها الرحل لاسمه ولقبه وكنيته واسم أفراد أسرته: زوجته وابنه
وكأنما الفقر محيط به من كل الجهات.
نوادر
ناتجة عن الخطأ في الاستخدام الوظيفي اللغوي:
أولا:
خطأ في استخدام القاعدة
كان لبعض الأدباء ابن أحمق، وكان مع ذلك كثير
الكلام، فقال له أبوه ذات يوم يا بني لو اختصرت كلامك إذا كنت لست تأتي بالصواب!
قال نعم، فأتاه يوما فقال من أين أقبلت يا بني قال من "سوق" قال: لا
تختصر هنا، زد الألف واللام، قال: من "سوقال" قال قدم الألف واللام قال
من: " ألف لام سوق" قال وما عليك لو قلت "السوق" فوالله ما
أردت في اختصارك إلا تطويلا.
ذاك الابن الأحمق لم يحسن فهم الإسهاب
والإيجاز فأخل بالقاعدة فأنقص من حيث يتطلب الإكمال وزاد على ذلك أنه عندما أراد
أن يتابع التصحيح فارق المعرفة بموضع الزيادة نتيجة لمتابعة محدثه متابعة ظاهرية
عمياء لا تفطن إلى المقصود حقيقة مما أخل بحرف التعريف في لفظه ومعناه ولزوم تقدمه
على الاسم.
ثانيا:
خطأ في استخدام التركيب على غير وجهه
1-
وقع جرف في بعض السنين فقال بعض المغفلين مات في هذه السنة من لم يمت قط
يشيع بين الناس في سياق التعجب من كثرة الشيء
أن يأتوا بتركيب على نمط قولهم (فعل هذا
من لم يفعله قط ) لكن هذا التركيب لا يساق فيما لا يحتمل التكرار فهو لا يناسب
معنى الموت الذي لا يحدث إلا مرة واحدة، والطرافة نبعت من باب القياس الخاطئ.
2-
قيل لمغفل: لقد سرق حمارك، فقال: الحمد لله ما كنت عليه.
المفارقة جاءت من استخدام تركيب (ما كنت عليه) في سياق ينتقض لو تحقق المفهوم من
نص التركيب فلو كان الرجل على حماره ما سرق.
3-
أُجريت خيل فطلع منها فرس سابق فجعل رجل يثب من الفرح ويكبر فقال له رجل إلى
جانبه: أهذا الفرس لك؟ قال: لا، ولكن اللجام لي.
وهذا موقف من يفتخر بما ليس له.
ويمكن أن نطلق عليه الفرح السبـبي تمثلا بالتشبيه السبـبي.
ثالثا:
الخطأ في الوصف
- جاء رجل إلى أبي حكيم الفقيه وأنا حاضر، ومع
الرجل ابنته ليزوجها من رجل، فقال له الشيخ: أبكر ابنتك أم ثيب؟ فقال: والله يا
سيدي ما هي لا بكر ولا ثيب ولكنها واسطة فقال الشيخ فإيش هي: عوان بين ذلك؟ فضحك
الجماعة وأنا حاضر وذلك الوالد لا يدري.
الطرافة جاءت من وجهين: عدم إدراك الوالد لمعنى بكر وثيب والوجه الآخر
استخدام القاضي للوصف عوان وهو وصف استدعى البقرة المذكورة في القرآن﴿إِنَّهَا
بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ ﴾ (البقرة: من الآية68)
وهو ما يدل على التوسط في العمر فلا يحسن توظيفه في هذا السياق.
رابعا:
الإجابة بما لاينتظر:
1-قيل لبعضهم أتحب أن تموت امرأتك؟ قال: لا،
قيل: لم؟ قال أخاف أن أموت من الفرح.
لا ينتظر السائل أن تكون
إجابة الرجل (أخاف أن أموت من الفرح) تعليلا لرغبته عن موت زوجته فالسائل ينتظر أن
تكون الإجابة مناقضة وهي أنه يحبها أو أنه لا يستغني عنها فهي تخدمه وترعاه أو
أنها صاحبة فضل فهي أم أولاده وقد تكون صاحبة مال أو ذات صفات فاضلة كالتقوى
والذكاء وغير ذلك من الصفات أما أن تكون الإجابة خشيته على نفسه أن يموت فرحا
لخلاصه منها فهذا مكمن الطرافة.
2-سأل
الكافي أبا العيناء: كيف أكتب اللؤم بلام أو بلامين، فقال صور نفسك.
كان السائل جادا في سؤاله يطلب فتوى إملائية
لذا فقد كان مغيبا عما أجاب به أبو العيناء الذي غمز السائل في صفة اللؤم محور
السؤال.
كراهية
الإسهاب وإطالة الكلام
1-
قال: وجعل ابن السماك يوما يتكلم، وجارية له حيث تسمع كلامه، فلما انصرف إليها قال
لها: كيف سمعت كلامي؟ قالت : ما أحسنه، لولا أنك تكثر ترداده. قال أردده حتى يفهمه
من لم يفهمه. قالت إلى أن يفهمه من لا يفهمه يكون قد ملَّه من فهمه.
2-
يروى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه صعد المنبر فأرتج عليه، فقال: إن أبا بكر وعمر
كانا يعدان لهذا المقام مقالا ، وأنتم إلى أمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال.
وشبيه بهذا ما روي عن يزيد بن أبي سفيان لما أتى الشام واليا لأبي بكر الصديق رضي
الله عنه خطب فأرتج عليه، فعاد إلى الحمد فأرتج عليه، فعاد إلى الحمد ثم أرتج
عليه، فقال: يا أهل الشام عسى الله أن يجعل بعد عسر يسرا ومن بعد عي بيانا وأنتم
إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قائل.
العرب أمة بليغة تعلي من شأن اللغة وترى
أن في الإسهاب في غير موضعه قصور، ولما كانت اللغة تنقل مشافهة اهتموا بالشعر لأنه
مُغَنَّى يسهل حفظه، أما النثر فقد راعوا فيه الإيجاز ورشاقة اللفظ مع وضوح المعنى
حتى يتمكن السامع من تلقي الرسالة دون ملل وهو ما أشارت إليه الفتاة في تعليقها،
فجاءت عبارة الخطيب في الحكاية الثانية مشعرة ببلاغة النص مع إشراق الدلالة، أما
الطرافة فقد جاءت في حسن التخلص من موقف يحتاج إلى قوة بيان مع حالة أرتج فيها على
المتحدث، فصدور مثل هذه العبارات الموجزة البليغة مع ما فيها من بساطة اللفظ وجمال
التقسيم يدخلها في الأجوبة المسكتة التي تجمع البلاغة والطرافة معا.
نوادر
الرسم الكتابي:
للرسم الكتابي مشكلات منه تقارب رسم حروفه مما يجعل التصحيف أمرا شائعا في
الحقبة التاريخية التي لم تعرف النقط، وتعمل صورة ضبط الكلمات بالشكل من تعقيد
المسألة لتقاربها على الحرف وتداخل رسمها مع نقط الحروف فالفتحة لا تختلف عن الضمة
إلا برأسها والكسرة تتداخل مع نقط الياء. وقد عني العلماء بدراسة ظاهرة التصحيف
ورصدوا أشهر التصحيفات وفيما رصدوه تولدت طرف ونوادر كانت مادة وموضوعا في مؤلفات
عديدة، وتحفل مكتبتنا العربية بشواهد كثيرة على التصحيف التي رصدت في كل مستويات
الكلام فصيحه وعاميِّه بليغه وغيره. وإلى جانب التصحيف يعمل تجاور الكلمات على
إتاحة إمكانات القراءة المختلفة، ذلك الاختلاف الذي يغير المعنى وينقله إلى سياق
بعيد عن القصد من الكتابة. واستغل بعض المبدعين هذه الإمكانات فتفننوا في تصريف
بعض النصوص على صور كتابية مبدعة أطلقوا عليها زخارف الكلام " وهذه الميزات
التي تمتاز بها الحروف الهجائية العربية جعلت بعضا من الشعراء والأدباء والكتاب
يكتبون قصائد أو مقطوعات أو أبياتا أو مقالات أو جملا أو كلمات يحاولون فيها إبراز
براعتهم أو براعة اللغة العربية... نجد قصائد تستطيع أن تقرأها طردا وعكسا أي
يمكنك أن تقرأ كل بيت فيها من الشمال إلى اليمين، ومن اليمين إلى الشمال حرفا حرفا
أو كلمة كلمة. ونجد قصائد في المدح إذا غيرت فيها نقط بعض الحروف صارت هجاء، ونجد قصائد أخرى جميع حروفها منقوطة، وأخرى
جميع حروفها خالية من النقط. ونجد قصائد أخرى إذا قرأتها طردا كانت مدحا وإذا
قرأتها عكسا صارت هجاء".
1-
حدث أبو فزارة الأسدي قال: قلت لسعيد بن هشيم: لو حفظت عن أبيك عشرة أحاديث سدت
الناس وقيل هذا ابن هشيم فجاؤوك فسمعوا منك، قال: شغلني عن ذلك القرآن، فلما كان
يوم آخر قال: قل لي جبير كان نبيا أم صديقا؟ قلت: من جبير؟ قال قوله عز وجل فاسأل
به جبيرا وصحتها ﴿ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾ (الفرقان: من الآية59) قال قلت يا
غافل، زعمت أن القرآن أشغلك.
الطرافة جاءت مركبة من جهل وتصحيف فالرجل صحف
خبيرا ويضاف إلى هذا جهله بأسماء الأنبياء.
2-كتب
سليمان بن عبد الملك إلى عثمان بن حيان المري: أحص المخنثين، فوقعت فوق الحاء نقطة
فأخذهم المري وخصاهم.
إن التباين بين فعلي الأمر أحص وأخص لا يقتصر
على اللفظ وإنما المفارقة جاءت في اختلاف الدلالة التي نقلت تنفيذ الفعل إلى حالة
لم يطلبها الآمر.
3-
من أشهر الطرائف المروية عن تشابه رسم الحروف قصة بيت الشعر الذي كتبه أبو نواس
على باب خالصة محظية الرشيد فقد هجاها بقوله
لقد
ضاعَ شِعْري على بابِكُمْ كما ضاعَ
حَلْيٌ على خالِصَهْ
"يقال
إنها لمّا بلغها ذلك غضبتْ وشكته إلى الرشيد، فأمر بإحضاره، وقال له: يا ابن
الزانية تعرِّض بمحظيتي، فقال: وما هو يا أمير المؤمنين، قال: قولك: لقد ضاع
شعري...البيت، فاستدرك أبو نواس وقال: يا أمير المؤمنين لم أقلْ هذا وإنما قلت:
لقد
ضاءَ شِعري على بابِكُمْ كما ضاءَ
حَليٌ على خالصَه
فسكن
غضب الرشيد ووصله، ويقال: إن هذه الواقعة ذكرت بحضرة القاضي الفاضل، رحمه الله
تعالى، فقال: بيتٌ قُلِعَتْ عيناه فأبصرَ.
الشاعر فطن إلى أن الهمزة تمثل في الرسم الكتابي رأس العين فكان سهلا عليه
أن يتخلص من حرجه مع الخليفة بمسح ذيل العين والإبقاء على رأسها مما نقل اللفظ من
ضاع إلى ضاء، هذا في صورته الكتابية أما في النطق فمخرج العين الحلقي قريب من مخرج
الهمز الحنجري، وفي الحالين المكتوب والمنطوق تحولت الدلالة من مدح إلى هجاء. وقيل
في عمله ذاك أنه" من التحريف الذي نفَع ونجّى من الهلاك. "
الخاتمة
l
تعدد ألفاظ النوادر
يكشف عن مستويات الهزل والمزاح في مجتمعاتنا العربية.
l
شخصيات النوادر تمثل
جميع طبقات المجتمع وأفراده.
l
تكشف مادة النوادر عن
المسكوت عنه في الأخلاق العربية.
l
جاءت لغة النوادر
متخففة من الالتزام بالفصحى.
l
في نصوص مادة النوادر
معجم لغوي للحياة الاجتماعية: مظاهرها، طبقاتها، والظواهر الشائعة فيها.
l
ما زالت مادة النوادر
ميدانا خصبا لدراسات متعددة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
والمراجع
الآبي؛ أبو سعد منصور بن الحسين (433 ھ)
نوادر أبي العيناء ومخاطباته،
تحقيق نعمان محمد طه (ط1 مطبعة المدني / القاهرة 1972م).
الأزهري؛ أبو منصور محمد بن أحمد، (ت 370 ھ)
تهذيب اللغة،
تحقيق عبد السلام هارون وآخرين (دار العربي / القاهرة).
ابن
الأندلسي؛ ابن عاصم (القرن الثامن)
حدائق الأزهار، تحقيق. عفيف عبد
الرحمن (دار المسيرة / بيروت 1987م).
البرقوقي؛
عبد الرحمن
دولة النساء (/ مصر 1945م).
التوحيدي؛
أبوحيان علي بن محمد بن العباس (414 ھ)
البصائر والذخائر تحقيق إبراهيم الكيلاني
(دار الكتب الثقافية/ الكويت د.ت).
ثعلب؛
أبو العباس أحمد بن يحيي، (291 ھ)
مجالس ثعلب. تحقيق عبد السلام هارون
(دار المعارف / مصر 1948م).
الجاحظ؛
أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (255هـ)
البيان والتبيين. تحقيق. عبد
السلام هارون (ط3 مكتبة الخانجي/القاهرة 1966م).
الجوهري؛
إسماعيل بن حماد، (392 ھ)
الصحاح. تحقيق: أحمد عبدالغفور
عطار(ط1، دار العلم للملايين/ بيروت،1979م).
ابن
الجوزي؛ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، (597 ھ)
- كتاب الأذكياء، تحقيق محمد مرسي
الخولي(معهد المخطوطات /القاهرة 1970م).
- أخبار الحمقى والمغفلين، (ط3
منشورات دار الآفاق الجديدة/ بيروت 1979م).
- أخبار
الظراف والمتماجنين، تحقيق عبد الأمير مهنا (طا دار الفكر اللبناني/
بيروت1990).
الحصري؛
أبو إسحاق إبراهيم
بن علي القيرواني
جمع الجواهر في الملح والنوادر(طبعة
عيسى الحلبي 1953م).
الخطيب؛ عبد اللطيف
ضاد العربية (ط1عالم الكتب / القاهرة
1422هـ - 2001م).
زاهر؛
أبو داود
الفكاهة الهادفة في الإسلام ( ط
1 مكتبة دار المحبة/ دمشق 1991م).
الزمام؛ صالح بن محمد
نوادر من التاريخ ( ط2 مطابع الصايغ الفينة/ الرياض 1404هـ).
المحكم والمحيط الأعظم في اللغة،
تحقيق: مصطفى السقا وآخرين (ط1، مصطفى البابي الحلبي/ القاهرة، 1958م).
السيوطي؛
الحافظ جلال الدين عبد الرحمن (ت 911ﻫ)
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة،
تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (ط1 مطبعة عيسى البابي الحلبي / القاهرة 1964م).
الشمسان؛ أبو أوس إبراهيم
قراءة في الطرائف النحوية، مجلة العقيق، (
العدد 7، 8/ المدينة المنورة 1415هـ).
الصفدي؛
صلاح الدين (764ﻫ)
-الغيث المنسجم في شرح لامية العجم (ط1 دار الكتب العلمية / بيروت 1975م).
- تصحيح التصحيف وتحرير التحريف
(سلسلة ج عيون التراث، منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، يشرف عليها
فؤاد سزكين – جامعة فرانكفورت / حمهورية ألمانيا الاتحادية 1985م ).
الصديقي؛
الشيخ محمد بن عبد الرحمن.
النبراس (ط1 1384هـ د.ت).
صمود؛
نور الدين
زخارف عربية، (الشركة التونسية
للتوزيع /تونس 1976).
ابن
عبد ربه؛ أبو عمر أحمد بن محمد الأندلسي (ت 327 ھ)
العطري؛ عبد الغني
أدبنا الضاحك (دار النهار للنشر/
بيروت1970م).
بهاء الدين عبد الله بن عقيل(ت 672 ھ)
شرح ابن عقيل على
ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (ط 10 –المكتبة التجارية
الكبرى / القاهرة 1378هـ - 1958م).
معاني القرآن، تحقيق: أحمد يوسف
نجاتي ومحمد علي النجار وآخرين (ط1، دار الكتب المصرية/ القاهرة، 1955م).
ابن قتيبة؛
أبومحمد عبدالله بن مسلم (276 ھ)
عيون الأخبار (نسخة مصورة عن طبعة
دار الكتب، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر/ مصر 1963م) .
معروف؛
نايف
طرائف ونوادر (ط 3 دار النفائس/ بيروت 1989م ).
ابن منظور؛ جمال الدين محمد بن مكرم (ت 711ھ)
لسان العرب (بولاق / مصر 1308هـ).
الجوهري؛ إسماعيل بن حماد، (392 ھ)الصحاح.
تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار(ط1، دار العلم للملايين/ بيروت،1979م.) (دعب)
االأزهري؛
أبو منصور محمد بن أحمد، (ت 370 ھ) تهذيب اللغة، تحقيق عبد السلام هارون وآخرين
(دار العربي / القاهرة) و ابن سيده؛ علي بن
إسماعيل(458هـ) المحكم والمحيط الأعظم في
اللغة، تحقيق: مصطفى السقا وآخرين (ط1، مصطفى البابي الحلبي/ القاهرة، 1958م) وابن منظور؛ جمال الدين محمد بن مكرم (ت 711ھ) لسان العرب
(بولاق / مصر 1308هـ). (دعب)
وكذلك يأتي في مادة (دلل) في اللسان : أَدَلَّ علـيه وتَدَلَّل: انبسط. قال شِمَر:
الدَّلال للـمرأَة والدَّلُّ حسن الـحديث وحسن الـمَزْح والهيئة
الأزهري التهذيب (ندر) 4/3541
العطري؛ عبد الغني أدبنا الضاحك (دار النهار للنشر/ بيروت1970م)
84
الفراء؛ أبوزكريا يحيى بن زياد(207هـ) معاني القرآن، تحقيق: أحمد
يوسف نجاتي ومحمد علي النجار وآخرين (ط1، دار الكتب المصرية/ القاهرة، 1955م).1/
12 ثعلب؛ أبو العباس أحمد بن يحيي، (291 ھ)
مجالس ثعلب. تحقيق عبد السلام هارون (دار المعارف / مصر 1948م) 1/ 43-44 و2/ 359- 360
ابن قتيبة؛ أبومحمد
عبدالله بن مسلم (276 ھ)عيون الأخبار (نسخة
مصورة عن طبعة دار الكتب، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر/ مصر
1963م) 2/ 158
التوحيدي؛ أبوحيان علي بن محمد بن العباس (414 ھ)
البصائر والذخائر تحقيق إبراهيم الكيلاني (دار الكتب الثقافية/ الكويت د.ت) 3/ 98
بهاء الدين عبد الله بن عقيل(ت 672 ھ)
شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (ط 10
–المكتبة التجارية الكبرى / القاهرة 1378هـ - 1958م)1/ 53
نور الدين صمود؛ زخارف عربية
ص 10