الجمعة، 3 أبريل 2020

عن الجذر اللغوي العربي


لا أعرف لماذا تخيّلت اليوم الجذر اللغويّ نطفة تتخلّق في رحم، كانت اللغة الفرنسية بعيدة عن ذهني تماما لحظة خطرت ببالي هذه الخاطرة، ولكن ما هي إلاّ لحظات حتّى قفزت إلى ذهني كلمة فرنسيّة تعزّز تشبيهي الجذر اللغويّ بالنطفة.
كنت منذ زمن بعيد لتقوية لغتي الصينيّة أعمد إلى المواضيع العربيّة، كيف ذلك؟
كنت مثلاً أبحث عن مقال يتحدّث عن لبنان في جريدة اللوموند، وهكذا أقرأ أخبار لبنان التي أكون قد اطّلعت عليها من مصدر عربيّ بنقاب فرنسيّ، يكون العائق هناً لغوياً لا دلاليا، وذلك لتمكين نفسي من التعرف على تشكيل اللغة وتركيب الجمل، وتنمية معجمي اللغويّ الفرنسيّ، حتّى النحو ابعربيّ قرأته في كتب فرنسية، وكان كتاب ريجيس بلاشير عن النحو يلازمني، فصرت أعرف مصطلحات النحو العربي ومقابلها الفرنسيّ، كما كنت أقرأ مقالات الموسوعة الإسلامية عن اللغة والأدب والأدباء والمفاهيم الإسلامية بالفرنسيّة، ووقع نظري ذات يوم على ترجمة كلمة جذر ب matrice، وهي كلمة تعني الرحم، فقلت: هذه كلمة تصبّ في مصلحة تشبيهي الجذر اللغوي بالنطفة، فالنطفة لتعيش وتنمو تحتاج إلى رحم، حتّى ولو كان رحماً اصطناعيّاً!
تخيلت تفرعات المعنى بجسد النطفة وهي تنمو وتتعضّى ( أي تنبثق منها أعضاء) ، وهكذا الجذر باشتقاقاته النابعة منه والتي تولد من رحمه!
وأحيانا ألعب بالجذور، وهي لعبة لا يمكن لها إلا أن تكون صرفية، فأجيء إلى جدول الاشتقاقات وهي كثيرة تفوق الألف، مثلا أتساءل: كيف يصير جذر درس حين نضعه في قالب افعوعل، وهي لعبة مسلّية، ولكن بعد حصولي على الصيغة، أتساءل هل ما حصلت عليه كائن افتراضيّ أم هو كائن من لحم وشحم؟ فأحياناً تطلع بين يدي كلمات لا علم لي بوجودها!
من لفت نظري وبشكل فعّال إلى قيمة الصرف شخصان: ابن جنّي، وعبد الله العلايلي.
فهما يلعبان بالجذر ويملكان مهارة في التصريف عجيبة!
الأوّل في الخصائص والتصريف الملوكيّ، والثاني في مقدمة لدرس لغة العرب!
والتصريف العربيّ ليس سهلاً فدونه عقبات صوتية هي بنت طبيعة النظام الصوتي العربي ما بين معتلّ وصحيح، وما بين التنافر الصوتي لأسباب بيولوجية ! فتغيب جذور للأسباب التي تغيب فيها الحركة الإعرابية عن الكلمة، فالغياب غيابان: غياب للثقل، وغياب للتعذّر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق