الأحد، 10 مايو 2020

#حبّة_البن



حبّة البنّ لا تعيش مصيراً واحدا ، فقد يراها شخص دوّارة في المصبّات، وقد يراها شخص آخر في محلات ستاربوكس.
الأشياء ليست حيث هي بل حيث تضعها.
ومكانها تحدّده عيناك.
قد يستصغر شخص ما حبّة البنّ فتبادله استصغارا باستصغار، وقد يرفع شخص ما من قيمتها ومكانتها فتضعه حيث وضعها، صاحب محلات ستاربوكس احترم حبّة القهوة، قدّرها، رفع من شأنها فرفعته إلى المكانة التي هو فيها.
لا أنسى قراءتي ، ذات يوم، لقصيدة صينية بديعة نسيت للأسف اسم كاتبها ، والعصر الذي قيلت فيه، ولكن ما تزال دلالاتها محفورة في ذاكرتي. لم يتناول الشاعر في قصيدته قضيّة كبرى، ولم يتغزّل بملكة جمال الكون. كانت قصيدة تحكي سيرة حياة حبة أرز واحدة، حبّة لا غير، حبّة أرز تحولت بين يدي ذلك الشاعر إلى ملحمة شعرية وانسانية حافلة بالدلالات ، وكأنّها ذاكرة الإنسان أو سيرة ذاتيّة للمزارعين والحصّادين والعتّالين والمسوّقين والطبّاخين لغاية وصولها إلى طبق الآكلين.
أعشق ذلك الذي يهتم بالأمور الصغيرة، نملة، نحلة، جرثومة، بكتيريا، فيروس، خلية دماغية، فونيم . فالأشياء الصغيرة هي سرّ هذا العالم، ومقدرتها على البقاء أكثر بكثير من مقدرة الأشياء الضخمة، انقرض الديناصور بخلاف البعوضة

هناك تعليق واحد: