راح #دانيال_إيرفيت إلى قبيلة البيراها ليتعلّم لغتهم.
البيراها قبيلة تعيش في غابات الأمازون.
عانى الأمرّين لتعلّم هذه اللغة التي باء كلّ من سبقه في تعلّمها بالفشل والإحباط، كان يصيبهم بعد فترة من الزمن ما يشبه الجنون، تظهرهم عاجزين رغم تفوّقهم في دراسة اللغات.
ما لفت نظري وقوفه عند كلمة موام في لغتهم، الكلمة ليست كلمة ، إنّها جملة: ما في رأسك عند النوم. لو توقّف الأمر هنا لما أثار الاستغراب، فكلّ اللغات يمكنها أن تحوّل كلمة إلى جملة، أو مجموعة كلمات، على طريقة تحويل القطعة النقدية الواحدة إلى عدّة قطع، فالألف ليرة فرد شقفة، قد تحولها إلى قطعتين نقديتين من فئة الخمسمائة ليرة، أو إلى ثلاث قطع، قطعة من فئة الخمسمائة ليرة، وقطعتين من فئة المائتين والخمسين، أو أربع قطع مثلا. دائما هناك إمكانيّة تعدّد في المفرد.
ظنّ إيفرين أنّه اكتسب مفردة جديدة، ولكنّه لاحظ فيما بعد أنّ هذه الكلمة لا تعني المنام، قد تعني شيئاً آخر لا علاقة له بالمنام، ولا علاقة له بما نتخيّله، بل هو كأي شيء يصادفونه في اليقظة، فهي أي كلمة منام تستعمل لما تراه في اليقظة، فالمنام حدث كأي حدث فتلي يصادفونه في عالم اليقظة.
لا حدود فاصلة، على الصعيد اللغوي، بين عالم اليقظة وعالم النوم، وأعمالك المناميّة تعامل معاملة الأشياء اليوميّة!
لقد زعزعت نظريته التي استخرجها من صلب لغة قبيلة شبه مجهولة نظريّة تشومسكيّ حول الكلّيّات النحويّة.
أخذته معايشته الحميمة واليوميّة لتفاصيل حياة أهل البيراها إلى أن يصير واحدا منهم، فدرسهم من الداخل، ورأى العالم بعيونهم، وحتّى يتقن لغتهم تقمّص روح طفل بيراهيّ وأظهر دور الثقافة في تشكيل اللغة.
حين ذهب إيفرين ، بداية، ذهب بهدف تعلّم لغتهم لترجمة الإنجيل، ذهب بروح مبشّر ديني، فهو كان قسّاً، وكان من غاياته الوصول إلى تنصيرهم، ولكن بعد معايشته معهم، تخلّى عن الهدف الأساس، واعتبر أن تنصيرهم سيفسد حياتهم وسعادتهم، كما سيشوّش لغتهم، وانفصل عن الكنيسة في نهاية المطاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق