الماضي مخطوطة تحتاج إلى تحقيق،بعض حروفها مطموس، بعض صفحاتها نخرتها الأَرَضَة، وبعض الصفحات نالت منها الرطوبة، وبعضٌ من صفحاتها سقطت وضاعت. الماضي مخطوطة تتطلّب جهدا بشريّا جبّارا. أحياناً بالمصادفة السرنديبيّة ( وفي المصادفات خيرٌ كثير، فربّ صدفة خير من ميعاد كما يقال في الأمثال) نكتشف ورقات من هذه المخطوطة مطمورة تحت الرمال. فالقشرة الأرضيّة أرشيف وأسرار تشبه الوصايا التي لا تزال مغلقة. متحجرة هنا تكون بمثابة شمعة في ليل المخطوطة الطويل، قطعة من عظم تكون بمثابة اعتراف بين يدي كاهن، قرأت ان المجاعات التي عصفت بأناس كثيرين في ما مضى من زمان، وأمراض كثيرة وأوبئة نالت من البشرية في العهود القديمة وأنواع الطعام التي كان يأكلها الناس في غابر الأوقات قد تفصح عنها جميعا قطعة من هيكل عظميّ، وهكذا يكون اكتشاف عظمة مثلا كشفا عن سرّ كان مكنونا. كم سنة ظلّت الكتابة الهيروغولفية سرّا من الأسرار وهي في متناول الأنظار؟ أو كم سنة بقيت اللغة السومرية طلّسما من الطلسمات حتى جاء العصر الحديث وكشف لنا حياة غابرة كانت في طيّ الكتمان فقلبت معالم التاريخ وملامح الأخبار وأعادت #جلجامش الى حيّز الوجود بعد عدم دام لقرون؟ أحيانا السرّ يتوارى في المرئيّ، فما بالك باللامرئيّ؟
#بلال_عبد_الهادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق