صديق من فيتنام
قرأت هذه الحكاية، وهي من حكايات
فيتنام القديمة، وتروي قصّة صديقين: الاوّل، نشيط، مجتهد، طموح، بينما الآخر كسول،
لا يعطي أيّ اهتمام للدرس. كانت الامتحانات الامبراطورية ممرا اجباريا لمن يريد ان
يشغل وظيفة في الدولة، على غرار ما كان عليه الأمر في الصين. ومن الطبيعيّ أن يرسب
الكسول، وينجح المجتهد، فليس في الامتحانات الامبراطورية وساطات على شاكلة ما هو
عليه الحال في لبنان. نال الصديق المجتهد وظيفة تليق بنجاحه، بينما الآخر رسب،
وترك الدرس.
فرّقت الدنيا الصديقين فترة من الزمن. وذات يوم
تذكّر الصديق الكسول صديقه الحميم، وكانت الحال قد ضاقت به وقرّر الذهاب إليه
طلباً للمساعدة. ولكن الصديق الذي حظي بمركز مرموق في الدولة نهره على كسله،
وتسكعه، وأمر بطرده من مكتبه. خرج الصديق حانقا، ومجروحا، بعد ان أهانه صديقه
إهانة لم يشعر بها من قبل، وقرّر الانتقام من هذا الصديق الذي لا يعرف للصداقة
حرمة.
خرج من عند صديقه الغدّار، ودخل
خمارة، وراح يكرع لينسى الإهانة التي الحقها به صديقه. وبينما هو يشرب دنت منه
فتاة فائقة الجمال والدماثة، واستأذنته بالجلوس، ومن حديث لحديث راح يقصّ عليها
قصته ورغبته في الانتقام، اقترحت عليه أن تساعده في النيل من ذلك الصديق الجاحد.
قالت له المرأة التي شعر كما لو انها جاءته من ابواب السماء: سأساعدك على تحقيق
انتقامك، انا أسكن بمفردي، تعال واسكن معي، ولا تعتلّ إلاّ همّ انتقامك، فوضعي
الماديّ مرتاح. ولكن عندي شرط واحد، وهو ان تنجح في الامتحان الامبراطوريّ نجاحا
مؤزرا بحيث تنال بناء لعلاماتك على وظيفة أهم من تلك التي يشغلها صديقك الغدّار،
فتق الانتقام رغبته في الدرس، وراح يدرس ليل نهار على مدى ثلاث سنوات نجح بعدها
نجاحا ملفتا للنظر فشغل وظيفة أهمّ من وظيفة صديقه.
قال للفتاة التي رافقته طيلة
السنوات الثلاث: جاء دور الانتقام، سأذهب الى صديقي الجاحد. قالت الفتاة : ارجو ان
تسمح لي خلال فترة غيابك ان اذهب الى صديقة لي لم أرها منذ مدّة، وابقى عنها الى
حين عودتك، فلم يعترض الرجل، فالرغبة في الانتقام سحبت الموافقة من بين شفتيه.
وصل الى عند صديقه ولكنّ صديقه استقبله،
بخلاف المتوقّع، استقبالاً يليق بخلاّن الوفاء وإخوان الصفاء ، وما هي إلاّ هنيهة
حتّى دخلت فتاة لتضييف الشاي الى الزائر، ولكم كانت دهشته حين رأى الفتاة التي
ساعدته على الانتقام هي التي تقوم بتقديم فنجان الشاي للضيف الذي لم تصدّق ما يدور
أمام عينيه المذهولتين. وهنا قال له صديقه الذي طرده في المرّة الاولى والبسمة
تعلو شفتيه: أظنّك قد قابلتها من قبل، أليس كذلك؟ أعرّفك عليها ، إنّها زوجتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق