كان سعد زعلول من زعماء مصر الكبار، ومن خطباء مصر
الكبار. ولقد عرفت اسمه لأوّل مرّة عن طريق الكاتب الذي فتن عينيّ في بداية علاقتي
مع القراءة وأقصد عباس محمود العقّاد. وكان العقاد وفديّا اي من أنصار حزب الوفد
الذي يتزعمه سعد زغلول. ما علق في ذهني من سيرة سعد زغلول عبارة قرأتها له، وهي:
" اعذروني
للإطناب فلا وقت لديّ للإيجاز".
قد لا تكون العبارة هي هي بحذافير اللفظ ولكن هي هي
بحذافير المعنى، عبارته من الكلمات التي لم تفارق ذاكرتي منذ اكثر من ثلاثين سنة.
اعجبني معناها الملتبس الذي لا يرد الى الخاطر مباشرة، ولكنّها سليمة جدا جدا. ويقصد
ان الايجاز يحتاج الى وقت، بمعنى ان كتابة سطر واحد عن موضوع ما اصعب من كتابة
صفحة عن الموضوع نفسه. هناك عليك ان تختصر، ان تحذف، ان تصقل، ان تلغي. الكتابة
كالرقص. والرقص على مسرح ضيّق اصعب من الرقص على مسرح كبير. في المسرح الكبير
للجسد حريّة الحركة، في المسرح الضيّق يشعر الجسد بعدم الراحة، لا يأخذ حريته
كاملا.
نحن في عصر تقنية النانو، اي الاشياء الصغيرة، اي
زمن الايجاز. اختراع الاشياء الصغيرة استغرق وقتا اكثر من اختراع الاشياء الكبيرة،
اللابتوب لم يولد قبل الحاسوب العادي، الراديو الترانزستر ولد بعد الراديو الكبير.
الاطناب اسهل من الايجاز. ولأنّه اسهل يستغرق وقتا قصيرا. بينما الايجاز لأنّه
اصغر يصير أصعب فيحتاج الى وقت أطول.
ضيق الوقت لا يسمح بالايجاز.
كتابة الهايكو اليابانية اصعب من كتابة قصيدة
يابانية.
تصوير لحظة واحدة يتطلب من الخيال وقتا طويلا.
هذا رأي سعد زغلول.
وهو رأي جدير بالتأمّل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق