الأحد، 29 نوفمبر 2015

لغة «أرابيش» أغرب مبتكرات العرب في لغة الإنترنت


لغة «أرابيش» أغرب مبتكرات العرب في لغة الإنترنت
الدمام: عبير جابر
لا يجيد محمد الحديث باللغة الإنجليزية ومع ذلك فهو من مدمني المحادثة في منتديات الإنترنت. يتنقل بين غرف «الشات» بثقة، يحادث هذا ويسامر ذاك ويتناول في محادثاته مواضيع متعددة. ويقول محمد «لا توجد لدي مشكلة لغة، إذ يكفي أنني أعرف الأحرف الأجنبية لكي استخدمها كما لو أنني أقول الكلمات العربية ولكن بأحرف أجنبية». وهناك الكثيرون في العالم العربي مثل هذا الشاب السعودي ممن يعتمدون لغة تسمى «لأرابيش» في مراسلاتهم عبر الإنترنت وفي غرف المحادثة.
يعرّف مستخدم الإنترنت عبد الله الحميدان هذه اللغة المسماة «الأرابيش» بأنها «هجين لغوي قائم على كتابة اللغة العربية بأحرف وبأرقام إنجليزية، لذا تعارف مستخدموها على تسميتها بـ«الأرابيش» أي الجزء الأول من كلمةArabic والجزء الأخير من كلمة English . ويمكن ملاحظتها بكثرة في المنتديات الإلكترونية العربية وفي أسماء بعض المواقع العربية المكتوبة بحروف أجنبية.
فعلى نسق العقبة التي كانت تعترض كتابة بعض أسماء العلم العربية التي تحتوي أحرفاً لا بديل لها باللغة الأجنبية مثل حرف الخاء الذي كان يكتبKH بالانجليزية أو الفرنسية، كانت لغة «الأرابيش» الحل المبتكر الذي يقوم على كتابة الأحرف العربية المنطوقة ودلالاتها الصوتية بأحرف وأرقام إنجليزية. وكان هذا الحل الإلكتروني أذكى وأكثر ابتكاراً حيث استطاع إيجاد بدائل إنجليزية لكل الأحرف العربية دون استثناء، فحرف الحاء أصبح يرمز له بالرقم 7 لتقارب رسميهما وبدل القول مرحبا بحرف H بات يكتب بالرقم وصار من الممكن قول mar7aba أثناء المحادثة الإلكترونية فيفهم أنها «مرحبا» وبنطقها العربي. وكذلك هي الحال بالنسبة لحرف العين الذي يشبه رقم 3 ، فيمكن القول "3ala" بدل كلمة "على". ويسري الأمر على الهمزة التي تستبدل بالرقم 2، وحرف الطاء الذي يشبه الرقم 6 والصاد التي يستعاض عنها بالرقم 9 المشابه لها.كما يعمد المتحدثون بـ«الأرابيش» الى إضافة نقاط في أعلى هذه الأرقام لترمز الى حرفي الضاد أو الظاء.
لم يكن هذا الابتكار بالأمر السهل، لكن الحاجة دائماً أمّ الإختراع، فمن خلال الملاحظة الدقيقة توصل مستخدمو الإنترنت الى اكتشاف التشابه بين رسم عدد من الأرقام الإنجليزية وبين شكل بعض الأحرف العربية التي لا يقابلها أحرف تشابهها بالنطق باللغة الإنجليزية أو الفرنسية، مما أوصلهم الى ابتكار لغة عربية كاملة وبالأحرف الإنجليزية هي لغة «الأرابيش».
ولا يقتصر استخدام هذه اللغة المبتكرة على من يجهل اللغة الأجنبية، فقد لجأ مستخدمو الإنترنت العرب الذين يعيشون في دول أجنبية الى هذه الوسيلة أيضاً للتعبير باللغة العربية عن أفكارهم ولكن بأحرف أجنبية. وكانت هذه اللغة الهجينة هي الأسلوب المبتكر للتغلب على عقبات عدة واجهتهم مع بداية طفرة الإنترنت وأهمها كان عجز بعض برامج تصفح الإنترنت عن قراءة الحرف العربي. «عندما كنت أتابع دراستي في الولايات المتحدة الأميركية، كنت أتواصل مع صديقاتي في المملكة عبر الإنترنت، ولأنهن يفضلن الرسائل باللغة العربية كنت أجد صعوبة في استخدام الأحرف الأجنبية لهذه الغاية لأن الأجهزة لم تكن مدعمة باللغة العربية» تقول سمية الحفار. لكن الوضع لم يستمر على هذه الحالة «علمت من إحدى زميلاتي في الجامعة أن هناك وسيلة مبتكرة تسهل علي التواصل عبر الإنترنت». واليوم بعد التغلب على مشكلة تصفح الانترنت باللغة العربية ما يزال مستخدمو الإنترنت يلجأون الى «الأرابيش» في مراسلاتهم ومحادثاتهم بعد ان اعتادوا على هذه اللغة. «الموضوع سهل بالنسبة لنا، خاصة اننا نتواصل بغتنا وبطريقة بسيطة وسهلة» يقول وليد. لكن البعض ممن يتعاملون بشكل يومي مع الإنترنت ما زالوا يجهلون هذه اللغة «عندما وصلتني رسالة من صديق فيها أرقام بين أحرف الكلمات لم أفقه ماذا يقصد من هذه الكلمات» تقول هيفاء، «كان شكل الكلمات غريبا بالنسبة لي، لكن بعد أن استفهمت منه عن مقصده أطلعني على تفاصيل هذه اللغة الغريبة». لكن معرفة أسرار «لأرابيش» لم يغرِ هيفاء كثيراً فهي تجيد اللغة الانجليزية وتتواصل من خلالها عبر الإنترنت مع أصدقائها، أما من لا يجيدون الانجليزية «فاللغة العربية متوفرة في الكومبيوتر، فلماذا أكتب بلغة معقدة». ويعتبر البعض أن لغة «الأرابيش» ساهمت في تردي أساليب المحادثة خاصة عندما تصبح اللغة الوحيدة التي يتحاور بها مستخدو الإنترنت «يجب عدم تجاهل أن هذه اللغة ما هي إلا وسيلة غير عملية للمحادثات الرسيمة مثلا» يقول عبد العظيم، «لأنها لغة ركيكة في حال كانت الرسائل مهنية أو مع أشخاص ذوي شأن». ومع ذلك لا يستغي الآلاف عن هذه اللغة لأنها بنظرهم الابتكار الفريد من نوعه الذي يشدهم إلى استخدامه، فالكثيرون يعجبون بما هو غريب وخارج عن المألوف.


عن مجلة الشرق الاوسط
http://archive.aawsat.com/details.asp?article=229673&issueno=9276#.VlrAiXYrLIU

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق