هذه مجموعة من الأخبار المتفرقة، ليست مقالاً ولكنها مشاهدات ومسموعات وتعليقات على أحداث أرجو ان لا تكون باردة الطعم:
عملية سطو
قال لي أحدهم: أفلاطون سرق من ابن خلدون كتابه: «آراء أهل المدينة الفاضلة»!.
قلت متعجباً: ولكن أفلاطون مات قبل ولادة ابن خلدون بقرون!.
قال: إنهم يزوّرون تاريخنا ويلعبون، تقديماً وتأخيراً، بسجلاّت موتانا!.
لحْن مبرّر!
إستغرب التلميذ وهو يسمع الأخطاء النحوية تتدفّق من فم أستاذه الذي يعلّمهم جماليات الأدب العربي. لم يقدر الطالب على الصمت، أصيبت أذناه بالغثيان، وتململ منه اللسان، فنبّه الأستاذ الى بعض هذه الأخطاء التي ترتكبها شفتاه. اشتدّ استغرابه وهو يسمع ردّ الأستاذ بنبرة شديدة البراءة: أنا أستاذ أدب لا أستاذ لغة.
مجنون ليلى
إشتاقت ليلى للمجنون فذهبت اليه من غير موعد. دقّت باب البيت وانتظرت ثم دقّت الباب ثانية وانتظرت. دقّت ثالثة بعنف وانتظرت لا صدى في الداخل لطرْقاتها. رجعت خائبة الأشواق.
في اليوم التالي التقيا سألته، أين كنت بالأمس؟ قال: كنت في البيت!.
إستغربت ليلى. لم تصدّقه ولكن قسم لها بجنونه فصدّقته. ولمْ لم تفتح لي؟.
لم أسمع طرق الباب، ربما جئت في الوقت الذي كنت مستغرقاً في التفكير بك.
حبّ من سيليكون
أحبّ لون شعرها ولكنه اكتشف فيما بعد أنه لون مستعار.
أحبّ لون عينيها ثم اكتشف أنه مستعار من لون العدستين اللاصقتين.
أحبّ اكتناز شفتيها ثم اكتشف أنه اكتناز مستعار من عيادات التجميل ومادة السيليكون.
أحبّ حديثها ثم اكتشف أنه حديث مستعار من ألسنة غيرها.
أصيبت حواسّه الخمس بصدمة نفسية حادّة فقرر، على إثرها، رسم صورة امرأة بالأبيض والأسود على جدار غرفة نومه، وأخرى في غرفة السفرة وثالثة علّقها كالتعويذة تحت مرآة سيارته ليأمن من حوادث السير والنظر.
لوئح الشطب
وصلته أنباء وهو راقد في ضريحه الرطب أنهم يسرقون هويته وصوته وينتخبون من يخالفه الرأي. راودته نفسه ان يتمرّد على ألاعيبهم الصوتية التي تقلق بين وقت ووقت بقايا جثمانه، فقرّر ان يخوض لعبة الانتخابات، قائلاً لنفسه المرفرفة فوق ضريحه بنبرة لا تخلو من المنطق: ما دمت قادراً على التصويت في هذا البلد، فهذا يعني ان الترشّح حق من حقوقي الشرعية، وهكذا قرّر بعد استخارة ليلية ان يترشّح منفرداً في الانتخابات (لم يخطر بباله الرماديّ، فيما يبدو، تشكيل لائحة) وينسى لفترة من الوقت وحشة القبر. استغرب بعد فرز الأصوات فوزه الساحق في المعركة. زال عجبه حين علم ان كل الموتى - مثله - وقفوا الى جانبه وتبنّوا ترشّحه ووضعوا اسمه في صناديق الاقتراع باعتبار أنه كان أكثر المرشحين انسجاماً مع رفاتهم.
طالب راسب
لم يعرف ماذا يكتب. تلعثم القلم بين أصابعه. الأسئلة لم تمرّ عليه أجوبتها، ولم يرد ان يكتب كيفما اتفق او ينسخ الأسئلة على امتداد الصفحات البيض كما يفعل بعض الكسالى لاعتقادهم ان الأستاذ يقع فريسة الكمّ! فقدّم الورقة بيضاء بلا دنس. ظهرت النتائج، فكان من بين الراسبين، ولكن علا صوته مستنكراً النتيجة، ومطالباً بمراجعة المسابقة لمعرفة سبب «تسقيطه» لا «سقوطه» كما قال. راجعها الأستاذ ثم كتب بقلم أحمر عريض على بياضها المديد: خارج على الموضوع.
معسّل
لم يكن يحبّ تدخين المعسّل، كان يعتبره اعتداء وانتهاكاً لحرمة التنبك العجمي الأصيل. كان يفاخر بأنه لا يدخّن إلاّ التنبك المستورد من بساتين إيران، ولكن الدنيا كما المذاقات تتغيّر. انتبه الى ان مصدر التنبك الذي اعتادت عليه شفتاه ليس إيران وإنما بلاد الفرس والمجوس، والكلمات غدّارة، فغيّر علاقته مع «الأرجيلة»، وصار، بين ليلة وضحاها، أمام استغراب أصدقائه في المقهى يتناول المعسّل ويطنب في مديحه، وتبيان مزاياه المنعشة لحاسّة الشم، ويتأمل بحفاوة عالية رسوم الغيوم الطالعة من منخريه وفرجة شفتيه، كما صار أنفه يتأفّف من رائحة التنبك العجميّ المنبعة كالنتن، في ظنّه، من بعض الأراجيل.
تيار
التيارات يكثر عددها يوماً بعد يوم، دبّت في طموحاته الغيرة، فقرر إنشاء تيار خاص به. استورد مولّدات كهرباء ووزّعها بالمجّان، لوجه الضوء، على الأحياء والحارات الفقيرة. صار تياره الأكثر سطوعاً في ليالي وطنه.
انقطاع «نسل» الكهرباء
بعد تسعة أشهر بلياليها من انقطاع الكهرباء اختلطت في مستشفيات الأمهات صرخات الأطفال الأولى بصرخات الطلق وبأصوات مولدات الكهرباء التي تعكّر صفو الليل، فعلّق أحد الخبثاء قائلاً: إن الضوء من ألدّ أعداء تحديد النسل.
ذكريات فأرة
فأرة عجوز راحت تتذكّر أيامها الخوالي، وفجأة افترّ ثغرها عن بسمة ساخرة، إذ تذكرت أول منام تعيه ذاكرتها. وهو المنام الذي رأت نفسها فيه قطّة تداعب فأراً بأطراف مخالبها.
عملية سطو
قال لي أحدهم: أفلاطون سرق من ابن خلدون كتابه: «آراء أهل المدينة الفاضلة»!.
قلت متعجباً: ولكن أفلاطون مات قبل ولادة ابن خلدون بقرون!.
قال: إنهم يزوّرون تاريخنا ويلعبون، تقديماً وتأخيراً، بسجلاّت موتانا!.
لحْن مبرّر!
إستغرب التلميذ وهو يسمع الأخطاء النحوية تتدفّق من فم أستاذه الذي يعلّمهم جماليات الأدب العربي. لم يقدر الطالب على الصمت، أصيبت أذناه بالغثيان، وتململ منه اللسان، فنبّه الأستاذ الى بعض هذه الأخطاء التي ترتكبها شفتاه. اشتدّ استغرابه وهو يسمع ردّ الأستاذ بنبرة شديدة البراءة: أنا أستاذ أدب لا أستاذ لغة.
مجنون ليلى
إشتاقت ليلى للمجنون فذهبت اليه من غير موعد. دقّت باب البيت وانتظرت ثم دقّت الباب ثانية وانتظرت. دقّت ثالثة بعنف وانتظرت لا صدى في الداخل لطرْقاتها. رجعت خائبة الأشواق.
في اليوم التالي التقيا سألته، أين كنت بالأمس؟ قال: كنت في البيت!.
إستغربت ليلى. لم تصدّقه ولكن قسم لها بجنونه فصدّقته. ولمْ لم تفتح لي؟.
لم أسمع طرق الباب، ربما جئت في الوقت الذي كنت مستغرقاً في التفكير بك.
حبّ من سيليكون
أحبّ لون شعرها ولكنه اكتشف فيما بعد أنه لون مستعار.
أحبّ لون عينيها ثم اكتشف أنه مستعار من لون العدستين اللاصقتين.
أحبّ اكتناز شفتيها ثم اكتشف أنه اكتناز مستعار من عيادات التجميل ومادة السيليكون.
أحبّ حديثها ثم اكتشف أنه حديث مستعار من ألسنة غيرها.
أصيبت حواسّه الخمس بصدمة نفسية حادّة فقرر، على إثرها، رسم صورة امرأة بالأبيض والأسود على جدار غرفة نومه، وأخرى في غرفة السفرة وثالثة علّقها كالتعويذة تحت مرآة سيارته ليأمن من حوادث السير والنظر.
لوئح الشطب
وصلته أنباء وهو راقد في ضريحه الرطب أنهم يسرقون هويته وصوته وينتخبون من يخالفه الرأي. راودته نفسه ان يتمرّد على ألاعيبهم الصوتية التي تقلق بين وقت ووقت بقايا جثمانه، فقرّر ان يخوض لعبة الانتخابات، قائلاً لنفسه المرفرفة فوق ضريحه بنبرة لا تخلو من المنطق: ما دمت قادراً على التصويت في هذا البلد، فهذا يعني ان الترشّح حق من حقوقي الشرعية، وهكذا قرّر بعد استخارة ليلية ان يترشّح منفرداً في الانتخابات (لم يخطر بباله الرماديّ، فيما يبدو، تشكيل لائحة) وينسى لفترة من الوقت وحشة القبر. استغرب بعد فرز الأصوات فوزه الساحق في المعركة. زال عجبه حين علم ان كل الموتى - مثله - وقفوا الى جانبه وتبنّوا ترشّحه ووضعوا اسمه في صناديق الاقتراع باعتبار أنه كان أكثر المرشحين انسجاماً مع رفاتهم.
طالب راسب
لم يعرف ماذا يكتب. تلعثم القلم بين أصابعه. الأسئلة لم تمرّ عليه أجوبتها، ولم يرد ان يكتب كيفما اتفق او ينسخ الأسئلة على امتداد الصفحات البيض كما يفعل بعض الكسالى لاعتقادهم ان الأستاذ يقع فريسة الكمّ! فقدّم الورقة بيضاء بلا دنس. ظهرت النتائج، فكان من بين الراسبين، ولكن علا صوته مستنكراً النتيجة، ومطالباً بمراجعة المسابقة لمعرفة سبب «تسقيطه» لا «سقوطه» كما قال. راجعها الأستاذ ثم كتب بقلم أحمر عريض على بياضها المديد: خارج على الموضوع.
معسّل
لم يكن يحبّ تدخين المعسّل، كان يعتبره اعتداء وانتهاكاً لحرمة التنبك العجمي الأصيل. كان يفاخر بأنه لا يدخّن إلاّ التنبك المستورد من بساتين إيران، ولكن الدنيا كما المذاقات تتغيّر. انتبه الى ان مصدر التنبك الذي اعتادت عليه شفتاه ليس إيران وإنما بلاد الفرس والمجوس، والكلمات غدّارة، فغيّر علاقته مع «الأرجيلة»، وصار، بين ليلة وضحاها، أمام استغراب أصدقائه في المقهى يتناول المعسّل ويطنب في مديحه، وتبيان مزاياه المنعشة لحاسّة الشم، ويتأمل بحفاوة عالية رسوم الغيوم الطالعة من منخريه وفرجة شفتيه، كما صار أنفه يتأفّف من رائحة التنبك العجميّ المنبعة كالنتن، في ظنّه، من بعض الأراجيل.
تيار
التيارات يكثر عددها يوماً بعد يوم، دبّت في طموحاته الغيرة، فقرر إنشاء تيار خاص به. استورد مولّدات كهرباء ووزّعها بالمجّان، لوجه الضوء، على الأحياء والحارات الفقيرة. صار تياره الأكثر سطوعاً في ليالي وطنه.
انقطاع «نسل» الكهرباء
بعد تسعة أشهر بلياليها من انقطاع الكهرباء اختلطت في مستشفيات الأمهات صرخات الأطفال الأولى بصرخات الطلق وبأصوات مولدات الكهرباء التي تعكّر صفو الليل، فعلّق أحد الخبثاء قائلاً: إن الضوء من ألدّ أعداء تحديد النسل.
ذكريات فأرة
فأرة عجوز راحت تتذكّر أيامها الخوالي، وفجأة افترّ ثغرها عن بسمة ساخرة، إذ تذكرت أول منام تعيه ذاكرتها. وهو المنام الذي رأت نفسها فيه قطّة تداعب فأراً بأطراف مخالبها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق