الخميس، 29 أكتوبر 2015

من حسنات سياسة إنجاب الولد الواحد في ‫#‏الصين‬:


على مدى اربعين عاما تقريبا مارست الصين طريقة جائرة ودكتاتورية في تحديد النسل. سياسة الولد الواحد. ولكن الصين تنعم اليوم بنهضة ميمونة بفضل هذه السياسة الجائرة التي فرضاها على ارحام النساء.
التفت الأهل الى الاهتمام الكبير بالولد الذي سمّي في اللغة الصينية " الامبراطور الصغير" تدفّق عليه الدلال من والديه، ومن جدّيه، ومن جدّتيه، وراح الاهتمام في تعليمه وتفتيق قدراته ما أثمر عن جيل فتيّ خبير، متعلّم، مثقّف، ساهم مساهمة فعّاتلة في نهضة الصين، وسيرها الحثيث نحو أخذ مكانتها في القمّة التي تليق بحضارتها العريقة.
قدر الصين في هذا القرن أن تخطف الأضواء من بلاد العم سام، فالشمس لن تشرق الى الأبد من سماء الغرب!
ترى هل كان بمقدور الصين ان تحارب الجوع والتخلّف لولا القرار التعسفّي في الاكتفاء بولد واحد؟
وهل كان بمقدور الديمقراطية تنفيذ قرار من العيار الثقيل كهذا القرار؟
فتح باب الإنجاب على مصراع واحد وليس على مصراعين منعطف استراتيجي في سياسة الصين الناهضة والقابضة على القرن الواحد والعشرين من قرنيه!

الشعر والاخلاق

ليس بمعيار الأخلاق يحكم على الفنّ الشعري، وإلاّ فإنّ المكان اللائق بأبي نواس وشعره هو سلّة النفايات ومزابل الفنّ

نقطة على العين

للنقطة قدرة على تغيير الدلالات في اللغة العربيّة.
وهناك ‫#‏مثل_عربيّ‬ يستثمر طاقات النقطة في توليد ‫#‏الدلالات‬ أو توصيف الحالات، وهو:‫#‏ربّ_غيْثٍ_عَيْثٌ‬.
ومن وحي واقع الحال اللبناني اليوم، يمكن ‫#‏الكلام‬ على العيث بالقول:
حين ينزل غيث السماء في فصل الشتاء يتحوّل ‫#‏لبنان‬ بلد ‫#‏أرز_الربّ‬ إلى نهر ضفتاه‫#‏نفايات‬ لها صفات مسؤوليه .

Einstein's Relativity in 2 minutes / sadir abdulhadi/ سديرعبد الهادي





الله يوفقك يا حبيبي سدير.

سدير عبد الهادي

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

داء النقطة ( د.)

هناك من يشعر أن ( د.) ينقصها شيء من البوتوكس فيسبقها بـ ( أ.) ليمنحها بعض الفيتامينات البوتوكسية.
في أي حال، ليس على المريض حرج كما قال ربّ العالمين سبحانه وتعالى في محكم تنزيله.

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

اسم الجلالة ( الله) على العلم الإيراني




اسم الجلالة

هناك من لا يريد أن يرى في اسم الجلالة المخطّط بشكل فني وجميل على العلم الايراني اسم الجلالة بل يرى فيه أشياء لا علاقة لها باسم الجلالة.
شعوره السني الشديد يعميه عن رؤية ما ما مبسوط أمام عينيه,
الحب اعمى
الكره اعمى
من منطلق طائفي يحكمون على الفنّ.
وهم ينطبق عليهم المثل " عنزة ولو طارت"
اسم الجلالة لا هو عربي ولا هو فارسي ولا هو فرنسي ولا هو باكستاني.
وانطلاقا من حبي للعربية والحرف العربي احب كل من اتخذ الحرف العربي ملعبا لهواياته الفنية في الخط والزخرفة.
قلت ان ايران بعد الثورة الايرانية او الخمينية او الاسلامية او المجوسية او الفارسية وسمها ما شئت، فأنا هنا لا يعنيني امر توصيف الثورة.
ما يعنيني هنا هو اسم الجلالة.
استوحى من الهلال ( تكوين اسم الجلالة) وهو رمز اسلاميّ، ولكن هناك من نكر ان يكون الهلال رمزا اسلاميا ، هو حرّ، له ان شاء ان يرى في الصليب رمزا اسلاميا وله ان يرى في الهلال رمزا فارسيا او مجوسيا او شيعيا.
ومن عدّة اهلة تمّ بناء اسم الجلالة وضع في وسط العلم الايراني المحاط بعبارة الله اكبر


ولكن اسم مدروس جدا من وجهة نظر اناس ضليعين في الخط او من وجهة من خطّه على ما اظن.
حين ندخل في عالم اللوغو لا تعود الاشياء حيادية.
هناك من قام بتفكيك اسم الجلالة فوجد ان الكلمة جملة متعانقة بشكل فني، وهذه العبارة هي شهادة التوحيد.

عبارة تعلن ان لا اله الا الله
وهناك من يفككها على الطريقة التالية:


ولكن هناك من لا يرى فيها الا رمزا سيخيا لأنها على شبه بعلامة سيخية مع اختلافات جذر ية.


ولكن من اين لك ان تري الأعمى؟
فلا حول ولا قوة الا بالله





صنطلون



لفت نظري اليوم كلمة طريفة مركبة من صندل ومن بنطلون
قد يرى كثيرون ان هذه الكلمة لا طعم لها او مبرر لوجودها.
بكل بساطة اقول:
لا يمكن لأحد أن يقتل كلمة.
ان وجدت الكلمة طريقا الى الحياة فلن يمنتعها احد من العيش الرغيد.
الكلمة مهضومة، من الممكن ان يراها المرء ثقيلة على اللسان او غليظة في الكتابة أو....
ولكن لا يمكن لأحد ان يقول انها شاذّة او خارجة على اعراف تكوين المفردات العربية.
فهي على شاكلة الحوقلة مثلا او العبشمة...
شكرا لمن اقترح هذه الكلمة ايا كان.
فكلمات كثيرة لقيطة ولا يمنعها ذلك من ان تعيش مثل العالم والناس.

ألقاب خاوية

مِمَا يُزهَدني في أرْضِ أندَلس 
أسمــاء مـُقتدِرٍ فيها ومُعتضِدِ

ألقابُ سَلطَنةٍ في غيرِ مَملكَةٍ 
كالهِرِّ يَحْكِي انتِفاخا ًصَوْلةَ الأسَدِ

وقائع الندوة حول كتاب لعنة بابل للدكتور بلال عبد الهادي على يوتيوب youtube





يمكن لمن يرغب الاستماع الى وقائع الندوة التي أقيمت حول كتاب " لعنة بابل" وشارك فيها كل من الدكتور مصطفى الحلوة، والدكتور بسام بركة، وكلمة لي، وكلمة لناشر الكتاب الاستاذ مايز ادهمي رئيس تحرير جريدة الانشاء.على الرابط التالي:


https://www.youtube.com/watch?v=bTC49IW8whw

ملحوظة: يمكن لمن يرغب الحصول على نسخة الكترونية من كتاب " لعنة بابل" ارسال عنوانه لتزويده  مجّاناً بالنسخة.

خاطرات بال بلال

أعوذ بالله من البنتاغون والكبتاغون.
***
العلوم الدنيوية علوم دينيّة.
قيل عن اينشتاين انه كان يعبد الله بمعادلات رياضيّة.
***
التوفير الغبيّ تبذير مخفيّ.
***
لو استطاعت أمجادنا القديمة أن تتبرّأ منّا لما قصّرت.
***
التعارف سنّة الله في خلقه.
***
سمعت هذا المثل من خالتي #‏أم_حميد #‏سليمى_الأيوبي تغمّدها الله برحمته:
" #‏العفة بالسيقان مش بالحيطان".
***
القراءة فرض عين، السذّج يظنونها فرض كفاية!
***

Top of Form

حمص بطحينة





حمص بطحينة


يطيب لي تحضير الحمص في البيت وتزيينه.

التيس البريطاني

التيس البريطاني
كلمة " بريطاني " ، هنا ، لا تعود الى بريطانيا وإنما إلى منطقة فرنسية Bretagne.
والتيس ، هنا، هو مقطع من مثل لبناني يتكلم على شخص عنيد. في لبنان هناك تعبير يقول : عنيد مثل ‫#‏التيس‬.
ما علاقة التيس اللبناني ببريطانيا؟
العلاقة هي ان كلمة بريطاني تحل محل التيس في التعبير اللبناني.
في فرنسا يقولون : ‫#‏عنيد‬ ( راسو يابس) مثل البريطاني.
‪#‎Têtu‬ comme un ‪#‎Breton‬.

كيف ننقذ اللغة العربية؟

من وسائل إنقاذ اللغة العربية الفصحى في أفواه الصغار هو تحويلها إلى لعبة فاتنة. لا تعلّمه اللغة، لعّبه باللغة. اخترع لعبة. ضع نقطة غين اللغة بجوارها من تحت بين العين والتاء! بين اللغة واللعبة فرق شكلي بسيط لم يستثمر بعد. حروف من شوكولا أو بسكويت أو مصاصات! أو كبايات على شكل حروف، أو أرغفة خبز ساخنة على شكل حروف. أو صحون على شكل حروف . طفل يأكل من طبق له شكل اسمه. شموع عيد الميلاد على شكل حروف. الحياة لعبة. اللغة صورة ملونة عن الحياة. لا قيمة لشعب لا يعرف قيمة لغته!

الاثنين، 26 أكتوبر 2015

كلام الأزياء والأشياء






بلال عبد الهادي:



هل تفضحنا أشياؤنا؟ وما هو الكلام الذي تقوله عنّا؟ وهل علاقتنا بالأشياء بريئة أمْ أنها تنمّ عن خفايانا؟ ماذا تحكي سيجارتنا عنّا؟ وكيف يعبّر تحريكنا للملعقة في فنجان القهوة عن مكنون النفس؟ وما هو المعنى الذي تكتبه الخواتم على أصابعنا؟ هذه بعض الأسئلة التي يحاول الإجابة عنها عالم النفس الفرنسيّ جوزيف ميسنجر(Joseph Messinger) المتخصّص في قراءة دلالات التواصل غير اللفظي بشتّى أشكاله وقراءة الطرائق المفعمة بالمعنى التي نتعامل بها مع الأشياء، في كتابه اللطيف:"هذه الأشياء التي تشي بنا، لغة المظهر"، (Ces objets qui vous trahissent,le langage du look) الصادر حديثاً بالفرنسيّة عن دار "فيرست إديسيون" في باريس.
وللكاتب باع طويل في تفسير دلالات الأشياء التي يعقد الإنسان بينه وبينها أواصر ودّ وتعلّق إذْ يندر أنْ تجدَ مخلوقاً لا تربطه بشيء من الأشياء علاقة عاطفيّة، حميمة. والكاتب يستلهم أدوات عمله من فتوحات العلوم الإنسانيّة والنظريّة السيميائيّة التي أتاحتْ للعين رصد كلّ المظاهر الاجتماعيّة باعتبارها مجازات لغويّة، فتحلّلها تحليلاً سيميائيّاً فاتناً بلْ تعتبر أنّ كلّ ظاهرةٍ اجتماعيّة لا تختلف إلاّ من حيث الشكلُ عن اللغة التي هي أداة التواصل الأولى ولكن ليست الوحيدة، فالأشياء ليست صمّاء أو خرساء، إنّها ناطقة من غير حنجرة. مفردات لغة السيمياء هي الأشياء التي تلتصق بالإنسان وتشكّل إطاراً مُبْرِزاً لخصائصه وامتداداته، والأشياء تملك ما تملكه اللغة المنطوقة نفسها من قدرة على التخفّي أي الخداع أو إظهار الأمور بدلالات مخالفة لدلالاتها الحياديّة، فالإنسان لا يتعامل مع الأشياء بحياديّة وينقل إليها العدوى فتصير على طَرْزِهِ ملتبسة المعنى، غامضته.
وطرافة كتاب جوزيف ميسنجر أنّه من الكتب النادرة في هذا الميدان الجديد حيث يكرّس حوالي أربعمائة صفحة لقراءة أغلب امتدادات الإنسان الحميمة، كاللباس الذي لا يرى فيه الكاتب مجرد وسيلة لمكافحة مزاج الطبيعة، فالكاتب ينظر إلى اللباس على أنّه طبقة جلديّة أخرى فوق البشرة الطبيعيّة، طبقة تنطِق برغباتنا ومكبوتاتنا على السواء، إنّها شبيهة بالوشوم التي ترسم على الأجساد، ويتعامل مع الثياب على أنّها ضرب من العناية بالبشرة، بل هي بحسب قوله أشبه بـ" صور الأشعّة" التي تكشف خفيّ عواطفنا ومواقفنا وحالاتنا النفسيّة أيضاً. ولا يمكن لنا تجريد الملابس من ملابساتها أوْ سياقاتها التي تمنحها دلالتها الراهنة. والمعروف على الصعيد الاجتماعيّ أنّ اللباس مظهر إنسانيّ بامتياز بل ثمّة كلمة طريفة للكاتب المصريّ عباس محمود العقاد يقول فيها:"إنّ الإنسانَ حيوانٌ لابسٌ"، وهذا ما يؤكّده الكتاب.كما أنّه يدرس بتفصيل ممتع كثيراً من "الإكسسوارات" الضروريّة وغير الضروريّة التي تلازم وجود الإنسان، ويكشف كيف أنّها بمجرّد تحولها إلى امتداد للجسد الذي لا يكتفي بحدوده البيولوجية حتى تتحوّل إلى سجلّ حافل بالمعنى الموصول بنفس صاحبها، وهو يعتبر الأشياء الذي يرتبط بها الإنسان ويبني علاقته معها على نوع من الطقوس، كقلم معيّن أو قدّاحة، "أغراضاً فيتيشيّة " تشبه جسر عبور إلى تماسك الشخصيّة. فكم من كاتب نفرت منه كلماته بمجرّد تغيير قلمه مثلاً. فهو يعتبر أنّ كلّ شيء في حياة الإنسان دالّ، وتكفي فقط الملاحظة المستمرّة لإنطاق هذه الطاقات الدلاليّة. وما يدهشك حقّاً، وأنت تقرأ الكتاب، عينا الكاتب ذاتَا المقدرة الذي تشبه عيني بصّاص لا تغيب عنه دلالات التفاصيل.
تتناثر، على امتداد الكتاب، القطع المستعملة في حياة الإنسان التي ليس لها على مستوى الظاهر أيّ حقل دلاليّ جامع يوحّد بين أشتاتها، ولكن في العمق يتبيّن لنا أنّ الإنسان هو الخيط الناظم لكلّ هذه القطع المتناثرة التي لا تكتسب معناها الثريّ إلا من التصاقها بحياة الإنسان. فيتوقّف عند دلالات التعاويذ والخواتم والأساور والسلاسل والخلاخل والأقراط والجواهر والنظّارات، ويُنْطِقُ الماكياج وإصبع الحمرة وطلاء الأظافر، ويسترسل في الكلام عن السيجارة والقدّاحة وأعواد الثقاب، وعن طريقتنا في تمشيط الشعر وأسرار المحفظة من خلال مقولة:"إفتحْ محفظتك أقلْ لك من أنت" وكذلك الهاتف والحزام والملعقة والقهوة، ويصغي لكلام الألوان والأشياء المكروهة، وكيفيّة تحوّل بعض الأشياء إلى عناصر محظورة، وما تتلفّظ به الجيوب والأقلام والوشوم. هذه عيّنة من الأمور التي يتناولها الكاتب، إلاّ أنّ كلّ هذه الأمور ترتبط بشكل من الأشكال بعضو من الأعضاء الجسدية، وطريقة ارتباطها به تفصح عن دلالات قد لا تخطر ببال، وتولد تراكيب عديدة تصل إلى الألف كما هو الحال مع الخواتم. ولا يمكن تناول كلّ ما يقوله الكاتب بطلاقة عالية تغريك أنْ تصدق أحياناً كلّ ما يقوله بل أنّه يدفعك دفعاً بعد ختام القراءة إلى محاولة البدء برحلتك الخاصّة في تضاعيف دلالات ما تراه وتحياه.
كما أنّه يدرس اللحية أيضاً، ويشير إلى بعض الطرائف من خلال إطلالته التاريخيّة على علاقة الإنسان الأوّل مع لحيته. يقول إنّ وجوه الرسوم والتصاوير القديمة للآلهة كانتْ ملتحية، والى أنّ بعض النسوة كنّ يعمدنَ إلى استخدام لحى مستعارة لتوكيد سلطانهنّ، وهذا ما يقوله الكاتب عن الملكة حتشبسوت، وكيف أنّ إزالة اللحية كانت إذلالاً للأسرى والعبيد أو وسيلة عقاب. ويقول الكاتب إنّ حلق اللحية ربّما كان تعبيراً، في البداية، عن رضوخ الإنسان للآلهة. ولم يصر حلق اللحية عادة شائعة إلاّ بعد أنْ فرض الإسكندر ذلك على جيشه ليكون على أهبة قتاليّة عالية حين تلاحم الأعداء، أمّا الرومان فكانوا يحلقون لحاهم تمييزاً لهم عن البرابرة، أي أنّها كانت لهم بمثابة إثبات هويّة وتفرّد. ويذكر الكاتب أنه كان لا يحقّ لأي بريطاني في عصر اليزابيت أنْ يطلق لحيته لأنّه لا بدّ لمطلقها من أنْ يدفع عليها ضريبة مما أدّى إلى صيرورتها مع الوقت حكراً على الطبقة الأرستقراطية. ويرى الكاتب أنّ اللحية صارت تدلّ، اليوم، على التغيّرات التي تطرأ على حياة الإنسان المهنيّة أو النفسيّة، وبحكم وجود نوعين على الأقلّ لوجه الرجل: وجه ملتحٍ وآخر غير ملتحٍ فثمّة قراءتان ولكن مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار البيئة الغالبة لالتقاط الدلالة. ويشير الكاتب كيف أنّ اللحية كما ترخى لإخفاء ندبة ما في الوجه فإنّها ترخى أحيانا للتمويه، من خلال إخفائها لبعض تعابير الوجه، وهذا ما يقلّص القدرة على القراءة الصحيحة لنَصّ الوجه.
يتوقّف الكاتب عند أعواد الثقاب وطريقة إشعالها لأنّها برأيه قادرة على الوشاية بنفسيّة مستخدمها.ويبدأ كلامه عنها بتساؤل غريب عن الصلة بين الكرم وخيط الكبريت ؟ وبعد ان يمهّد الدرب بالكلام عن النار ورمزيّتها عن الطاقة الحياتيّة، يقول إنّ طريقة إشعال خيط الكبريت ليست واحدة، والإنسان عادة يتصرّف مع خيط الكبريت تصرّفاً عفويّاً، ولكنْ تكمن وراء هذه العفوية بعض ملامح الشخص، فمنهم من يشعلها بتوجيه الشعلة نحو الخارج ومنهم من يوجّهها نحو الداخل، وليس للأمرين دلالة واحدة، فإنْ كانت نحو الداخل فهي تشي بأنانية مستترة، وان كانت نحو الخارج فهي تشي باجتماعيّة الشخص، والأشخاص الاجتماعيّون يصعب عليهم الحياة دون وسط اجتماعيّ أيْ أنّ حياة العزلة بالنسبة لهم لا تحتمل، والكاتب يروي هنا قصص بعض المساجين الذين لا يمكنهم العيش إلاّ في حياة اجتماعيّة فيكون الإفراج عنهم عبئاً ثقيلاً عليهم، لأنّ المجتمع يعزلهم أو ينبذهم فيعودون إلى عالم الجريمة ليس حبّاً بالجريمة وإنّما بهدف العودة إلى السجن لأنّه يشكّل لهم ملاذاً اجتماعيّاً فيؤثرونه على الحريّة المقيّدة بالعزلة.
ولا ريب في أنّ التعاويذ عالم شديد الغنى الاجتماعيّ، ويعتبر الكاتب أنّ من يحمل تعويذة ما، إنّما يفصح عن ضعف وهشاشة في الشخصيّة وعن عدم قدرة على تحمّل المسؤوليّة كاملة، فهو اتكاليّ وتكون التعويذة أشبه بمرشدٍ أو وليّ أمرٍ لإنسان قاصر.
ومن الطريف كلامه عن الحلقة التي تزيّن السُرَّة، وتاريخ استخدام هذه الحلقة والدلالات المتغيّرة التي عبرتها على امتداد التاريخ. لا أحد ينكر رمزيّة السُرّة، بل أنّ ظهورها كان، بحسب القوانين الأمريكية، ممنوعاً على شاشة السينما بين عامي 1930 و1940. من هنا كان تزيينها، بدايةً، بدافع تغطيتها من باب الحشمة، إلا أنّ معنى الحشمة سرعان ما انقلب إلى معنى إغرائيّ. ويشير الكاتب إلى رسالة وجّهتها السلطة الأمريكية إلى مخرج فيلم "ألف ليلة وليلة" الأمريكيّ تتضمّن إعلان حصر الفيلم بالراشدين مع الإشارة إلى إزالة كلّ الصور التي تظهر فيها السُرّة. والكاتب يطرح تساؤلاً عن سُرّة آدم، واحتمال عدم وجودها في بطنه، لأنّه لم يخرج من رحم، ويقول إنّه يكتفي بالإشارة إلى ذلك دون الخوض في التفاصيل.
وحين كلامه عن الأحذية يقول إنّها كانت، بدايةً، تميّز الأحرار من العبيد لأنّه لم يكن للعبد حقّ الانتعال. كما يتكلّم على التعامل مع الأحذية لدى بعض الحضارات كما في اليابان مثلاً حيث لا يحقّ لها الدخول إلى حرم البيت. ويحاول الكاتب، بشكل طريف، قراءة أحوال النفس الإنسانيّة من خلال استهلاك كعب الحذاء، فهو يقول إنّ الطموحين تتآكل أكعاب أحذيتهم من الأطراف الخارجيّة، أمّا استهلاك الأطراف الداخليّة فهي تعني أنّ الإنسان خجول، كتوم، لأنّه يكبح مشيته. ويعرج الكاتب في الكلام على دلالة الخطوة الأولى، فهي بالقدم اليمنى لها دلالات ايجابيّة بخلاف اليسرى.
وللسيجارة أيضاً أحاديثُ وقدرةٌ على الإفصاح ويسمّيها الكاتب "الإصبع الحادية عشرة".ويرصد جوزيف ميسنجر بتمهّل غنيّ أشكال التعامل مع السيجارة وعلاقة السيجارة مع الأصابع ومع المنفضة، والدلالات المختلفة لطرائق إطفاء السيجارة رابطاً كلّ ذلك بحالات النفس المتلوّنة.
للكاتب، لا ريب، جَلَدٌ على تفكيك أدقّ التفاصيل، وهي شيّقة. وما يجعلها مقبولة هو أنّ الكاتب يسردها بأسلوب ألفبائيّ، يسهّل على القارىء مهمّة السياحة في حدائق الأشياء الدالّة عن مكنون السلوك الإنسانيّ ليتوقّف ويقطف ما شاء من مفردات لغة المظاهر التي تمنحنا، أيّاً كان موقفنا منها، هويّتنا الفرديّة وتغلّفنا كالجلد.

مسيّر أم مخّير

لا احد يختار حياته، ولكن لا احد يعرف ذلك.
من فكّر أو نقّب في الأسباب التي جعلته يختار ما اختار يكتشف خلف قناع الاختيار الشخصيّ أسباباً تفلت من يديه.
ما الذي جعله " يختار" اسماء الأبناء؟
ما الذي جعله يختار " المهنة" التي اختارها؟
ما الذي دفعه الى اختيار صديقه الحميم، أو شريكة العمر؟
ما الذي جعله يحبّ ما يحبّ؟ سوف يكتشف أن الاسباب التي جعلته يحب ما يحبّ ظروف لا علاقة له بها.
ولكن الانسان" نكّار جمي...
ل".
مثلاّ أحبّ " الطبخ" ولكن هل أنا من اختار حبّ الطبخ؟
أتراني كنت أحبّ الطبخ لو لم يكن أبي يحبّ الطبخ، وصاحب مطعم الدنون، وكنت أراه ، في المطبخ، يصنع المعمول والسيوا والغرَيْبة، والأرز بالحليب، وحلاوة الجبنة، وحلاوة الأرز، ويحولم الجبنة، " ويحشي المقانق" ، ويلفّ زنود الستّ على مرأى من عينيّ الصغيرتين، ويقرّص أقراص اللحمة بعجين وووو.
كلّ ما نحبّه لم " نختر" حبّه.
ولكن الانسان اذا عرف انه لم يختر ما يحبّه قد يفقد اللذة في ممارسة ما يحبّ.
والله لا يحبّ أن نعيش تعساء وبؤساء.

الأحد، 25 أكتوبر 2015

الرجل والفراشة



لا يزال الانسان الى اليوم يحاول الكشف عن أسرار الحيوانات لا حبّاً بأسرارها وانّما حباً بكشف أسرار ذاته المتوارية في سلوك الحيوان، أو معرفة بعض نواحي قوّته التي لا يمكن أن تفصح عن فحواها الا من طريق معرفة بنية الحيوان، فجزء كبير من الإنجازات العلميّة الراهنة هي بنت كشف اللثام عن الطريقة التي تتدبّر بها الحيوانات شؤون نفسها. فكليلة ودمنة في نظري هو ترجمة عملية لكتاب الحيوان أحد أشهر نصوص الجاحظ سيّد النثر العربيّ الذي يبثّ في تضاعيفه فضل الحيوان على الانسان. وهذا ما يضمره نصّ " الرجل والفراشة"، ونصّ" السلطعون والثعلب"، ونصّ "السلحفاة والثعلب" وهي حكايات صينيّة المصدر والأنفاس. وأبدأ بـ" الرجل والفراشة".

ذات يوم ظهرت فتحة في شرنقة عالقة على غصن شجرة، وصدف ان انتبه رجل الى الأمر، فجلس لساعات وهو يحدَّق في الفراشة الصغيرة، توقفت الفراشة عن التقدّم فجأة وهي تجاهد في دفع جسمها من فتحة الشرنقة. يبدو أنها تقدمت قدر استطاعتها ولم تستطع أكثر من ذلك، قال الرجل، حينها قرّر ان يمدّ يد المساعدة للشرنقة التي تعاني من آلام المخاض، فاخذ مقصّاً وفتح الشرنقة، خرجت الفراشة بسهولة، لكنّ جسمها كان مشوهاً وجناحيها منكمشان ! ظَلّ الرجل ينظر متوقّعا ً في كلّ لحظة أن تنفرد أجنحة الفراشة وتكبر وتتسع وحينها فقط يستطيع جسمها الطيران بمساعدة أجنحتها، لكن توقعاته أصيبت بخيبة أمل.

 لقد قضت الفراشة بقية حياتها كسيحة الأجنحة وعاجزة عن ممارسة حياتها الطبيعية. لم يفهم الرجل بالرغم من طيبة قلبه ونواياه الحسنة أن الشرنقة المضغوطة وصراع الفراشة للخروج منها، كانتا وسيلة رحمانيّة لضغط سوائل معينة من الجسم إلى داخل أجنحتها، لتتمكّن من التحليق على ذوقها الفاتن.

السلطعون والثعلب

كان ثعلب يقتفي أثر بطّة فانزلقت أقدامه في مجرى نهر عميق، وكاد يلقى حتفه لولا أنه التقط غصن شجرة صفصاف كان يتدلى قريباً من المجرى، فخرج إلى الضفة غير مصدّق  عينيه أنه نجا من براثن النهر الفتّاكة. ومنذ ذلك الحين أصبح الماء في نظر الثعلب عدوّا لا يؤمن غدره السيّال.

وذات مرّة، وبينما كان يغطّ في نوم عميق أحسّ بلسعة  أثارت غيظ عينيه فأفاق على أثرها مذعورا فوجد سلطعوناً منهمكاً في قرض ذيله. ومن شدة غضبه من هذا السلطعون الملعون قرّر أن ينتقم منه أشدّ الانتقام فانقضّ عليه وحمله إلى مجرى نهر قريب ورماه في الماء قائلاً له: هذا جزاء من يعتدي على الثعلب يا صاحب المقراض القذر، ولكن طنّت في اذن الثعلب كلمات غير مفهومة من فم السلطعون الذي قال له: ألف شكر يا سيّدي الكريم.

ولا يزال الثعلب إلى هذه الساعة غير مدرك لكلمات السلطعون وهو ذاهب إلى موته المحتوم.

السلحفاة و الثعلب


كانت سلحفاة تتهادى في مشيتها على الطريق وهي سارحة في أفكارها حين اعترض طريقها  ثعلب تزقرق عصافير بطنه. وما إن رأت السلحفاة الثعلب حتى أدخلت رأسها ورجليها داخل قوقعتها واستكانت في مكانها .كان الثعلب في جوع شديد، فقد رجع هذا اليوم خائباً من رحلة صيد كادت تزهق روحه. ولكن ما حيلته وقوقعة السلحفاة أشدّ من الصخر.

بعد مدة من التفكير قرّر أن يصبر على فريسته، فالصبر، في ظنّه، مفتاح الشبع، فجلس قريباً منها يراقب تحركاتها، فكرامته لم تسمح له ان تضحك عليه سلحفاة رعناء. ظنّت السلحفاه أنّ الثعلب قد ذهب في حال سبيله. هكذا افتكرت السلحفاة بعد زمن طويل من الترقّب، فأخرجت رأسها بحذر شديد من داخل القوقعة. وفي لمح البصر، انقضّ الثعلب على رأسها وأمسك به بين أنيابه. أين حنكتك أيتها السلحفاة، أنت يا من كنت تظنين نفسك حكيمة حكماء هذه الغابة. ها أنت الآن بين أنياب الثعلب . الماكر هكذا ظلّت السلحفاة تردّد على مسمع الثعلب المزهو بانتصاره .فردّ عليها ساخراً: ها أنت ترين بعينيك أيتها السلحفاة أنّ الثعلب هو الأذكى في هذا العالم. وما إن فتح فمه للكلام حتى أدخلت السلحفاة رأسها داخل قوقعتها الآمنة، وصاحت :أنت غبيّ أيها الثعلب، فما إن تفتح فمك للكلام حتى يعود إليّ حكمتي.

وظلّ الثعلب مدّة بلا حراك، لا يدري ماذا يفعل ثم حرّك السلحفاة يمنة ويسرة تحريك يائس والغيظ يقدح من فكّيه الخائبين وطوى ذيله ثمّ راح باحثاً عمّا يقيم به أود أمعائه الخاوية.


القنطرة والتمثال

كانت ثلاثة تماثيل كبيرة من الخشب المزخرف منتصبة في مدخل معبد بوذي. وكان المعبد محاطاً بخندق عميق من جميع الجهات. ذات يوم، وبينما كان مسافران يمرّان من المكان وجدا أن الخندق يقطع عليهما الطريق فراحا يفكران في حيلة تمكنهما من صنع قنطرة تسهل عليهما اجتياز الخندق.  تذكرا أنهما شاهدا ثلاثة تماثيل من الخشب المنقوش عندما كانا يتجولان داخل المعبد فاتفقا على اختيار واحد منها كقنطرة لاجتياز الخندق .ولكن أي من هذه التماثيل سيختار الرجلان، والثلاثة على قدر بعضها في الطول؟ فبدآ في تأملها واحدا بعد الآخر،  كان الأول على شكل عفريت خبيث مرعب فلم يجدا الشجاعة في الاقتراب منه، أما الثاني فقد كانت تظهر عليه علامات الهيبة والوقار. وكانت عيناه تلمعان تحت جبهته فهابه المسافران وتجنبا ازعاجه .بينما كان الثالث ذا وجه رحيم، تطفح أمارات الطيبة على محياه فقالا: لو استعملنا هذا التمثال الطيب قنطرة لن يلحق بنا الأذى على ما تقول تقاسيم وجهه الوديع. وبدون أن يجدا في البحث عن تعليل يزيد في اقناعهما انقضّا على تمثال بوذا الوديع وجرّاه خارج المعبد ليضعاه فوق الخندق. في لمحة البصر كان الرجلان في الضفّة الأخرى من الخندق. راح تمثال بوذا الطيب يحدّث نفسه وهو ممدّد بين ضفتي الخندق قائلاً: يكفي أن تكون طيباً حتّى تتحوّل الى مداس لأقدام الناس.


بلال عبد الهادي