الخميس، 30 مارس 2017


التقى بقارىء للمستقبل، عرض عليه قارىء المستقبل خدماته، طلب منه أن يكتب ما يريد أن يقوله له.
بعد أن أنهى قارىء الطالع كتابة مستقبله، ثنى الأوراق ووضعها في مغلّف وناوله إياها. وضع المغلّف في جيبه وعاد إلى بيته .
سحب المغلّف ووضعه في خزنته، لم يسمح للفضول أن يغريه بقراءة الأوراق.
مرّ العمر، وشاخ الرجل، وتضعضعت صحته، وانتظر أيّامه الأخيرة، هنا أحبّ أن يطّلع على الأوراق. أحضرها وراح يقرأها، انتابه ذهول، شعر أنّه يقرأ مذكراته، مذكرات ليست بخطّ يده ...!

فرضت وسائل التواصل على الناس الكتابة.


فرضت وسائل التواصل على الناس الكتابة.
لم تكن الكتابة ضرورة كما هي اليوم.
وسائل التواصل غير اللغوية فتحت الباب واسعا أمام الكتابة.
كثيرون كانوا قد طلّقوا الكتابة، ونسيت أصابعهم القبض على القلم أو معاشرة الورق.
جاءت لوحة المفاتيح وفلشت أمام أصابعهم الأبجديات والألفبائيات !
وصارت الكتابة إثبات حضور في حضارة الصورة، وصارت الكتابة ضرورة في عصر النقل الصوتي!
وصار من لا يعرف أن يكتب يحاول أن يتعلّم الكتابة، وينتبه لأخطائه.
الكتابة تتطلب القراءة، بل احيانا كثيرة تكون الكتابة بنتا شرعية للقراءة.
فكلّ التعليقات هي كتابة على مقروء، تعليق على مقروء، ردة فعل على مقروء، توضيح لمقروء، استفهام عن مقروء.
المقروء حاضر، أي القراءة حاضرة وناضرة.
زادت نسبة القراء زيادة عظيمة بخلاف ما يتصوّر.
عبارة " الناس بطّلوا يقرو" عبارة مغلوطة، ومغالطة غير واعية، كما كلمات كثيرة تدرج في الأفواه وتعامل معاملة البدائه.
زادت نسبة القراءة ، وزادت نسبة القرّاء.
وزاد أيضا استهلاك الورق في عصر الكتابة الرقمية بفضل الكتابة الرقمية.
صارت الكتابة مثل الحكي، والإنسان مخلوق يحبّ الحكي لأنه يحب الحكايات.
الكتابة اليوم تشبه مياه الأمطار التي تنزل في الأنهار، تتعكّر المياه ، واعكرها إيجابيّ جدا، أليس من طمي الأنهار ولدت " دلتا النيل" بخصوبتها الخضراء!
البعض يرى الطمي ولا يرى الأخضر القادم.

معنى كلمة إصطفل

 إصطفل فعل عاميّ مستخدم في لبنان، فعل طيّع، يدور على ألسنة الناس ، لا شيء يقول إنه من أرومة غير عربية. فعلّ مصرّف، وشائع، وقد يظنّ اليعض انه عاميّ بلا اصل، مقطوع من شجرة، أو عربيّ فصيح لا يخطر ببال أحد أن يعيد تأهيله في الكتابة الفصيحة. ولكنّ لهذا الفعل أصلا وفصلا ، كوت قد تناولت في أوقات سابقة مسألة الفصل والوصل في الكلمات، وأقصد كلمة تصير كلمتين حين تغادر مسقط رأسها وتعيش في أرض جديدة ولغة جديدة، أو تحوّل كلمتين إلى كلمة واحدة كما هو حال كلمة شاي الصينية التي هي كلمتان في الأصل 茶叶 أو تشا+ يه فتم نحت كلمة واحدة منهما هي الشاي. ففي الصين يقولون " هل تشرب تشا؟" ولا يقولون " هل تشرب ورق تشا؟". وكلمة اصطفل هي ايضا من هذا المنوال، كان اصلها تركيبا من كلمتين فرنسيتين: laissez_faire ، والكلمة حين تنتقل الى لغة ثانية تبدّل من سحنتها الصوتية بخضوعها الى عمليات تجميل او تشويه ان شئت لتصير ذات ملامح شبيهة بملامح جوارها الجديد.

من أخطاء الجاحظ

الكبار يرتكبون الأخطاء، وهذه عينة من الأخطاء التي وردت في كتابات كبير الكتّاب العرب #الجاحظ رضوان الله عليه، يقول: " وفضيلة الشعر مقصورة على العرب، وعلى من تكلّم بلسان العرب". وهي عبارة تخلو من الصواب، وهي إلى العنصرية العمياء أقرب. فلكلّ أمّة شعرها وشعراؤها، وما حرم الله أمّة من الشعر!

انواع الكتب


الكتب كالأبناء أنواع:

- ابن يرفع الرأس،
 - ابن يجلب العار.

ولكن الواقع يتبنّى المثل الشائع: القرد في عين أمّه غزال.

شوقي أبي شقرا يتذكّر

يبدو أن شوقي أبي شقرا نسي استخدام القلم الأحمر وهو يكتب مذكراته. كما أنّي أحمد الله على عدم محبتي لشعره الذي يحتاج إلى تخصص في التنجيم المغربيّ، ومهارة في قراءة فناجين القهوة.

الثلاثاء، 28 مارس 2017

مطبخ التواصل اللغوي

 #التواصل_اللغويّ يشبه #الطبخة من حيث أن الطبخة تمتصّ أشياء كثيرة أو تخفي أشياء كثيرة.  ولا أنكر التشابه الكبير بين #الأكل واللغة، تشابه تولّده العلاقة البيولوجية الحميمة بين التواصل اللفظيّ والطعام! اللسان يعني في لغات كثيرة " #اللغة"، ولكن #اللسان هو أيضاً مستقرّ حاسّة الذوق، وكلمة ذوق نستعملها للكلام وللطعام، نتذوّق الطعام من جهة، ولكن نتذوّق #الحروف من جهة أخرى بحسب تعبير #الفراهيديّ نفسه. قلت التواصل اللفظي يخفي أشياء كثيرة كمااسم " المآكل"، ولننظر إلى هذه العبارة:" أكلت صحن #فاصولياء". عبارة بسيطة ولكنها تخفي " الملح، ماء البندورة، اللحمة، السمنة، الماء وأشياء أخرى". والمحذوف من مكونات الفاصولياء هو ما يمنح صحن الفاصولياء مذاقه! وكذلك الأمر في التواصل اللفظي، فهي عبارة تشبه عبارة صحن الفاصولياء من حيث تخفي التواصل غير اللفظي من إشارات جسدية وإشارات غير جسدية: لباس مثلا. وما يمنح التواصل اللفظي قوامه هو المحذوف، المتواري تماما كما يمنح مذاق أو قوام الطبخة المحذوف من اسمها والمتواري.  كل لفظ هو بشكل من الأشكال مجاز مرسل، والمجاز المرسل لبابه الحذف ، والاستعاضة عن الجزء بالكلّ، المجاز أشبه بعنوان كتاب والمعنى يفيض حكما عن مساحة العنوان.

الطبيعي واللاطبيعي

 كل ما هو طبيعيّ يمكن أن يوظّف لأسباب لا علاقة لها بطبيعته، كالمطر والبرق والرعد، فهي ظواهر طبيعية ، ولكنها حين تدرج في مشهد سينمائيّ لا تدرج بهدف الإشارة إليها وإنّما بهدف الإشارة إلى شيء آخر،. وظيفتها على سبيل المثال هي لفت النظر إلى وقوع حدث سيء في مكان ما: عملية قتل، أو خطف. ولا ذنب للمطر بحدوث جريمة القتل. أو حين يسلّط المخرج الكاميرا على ذبالة شمعة تنطفىء فتعرف أنّ روحا ما قد لفظت أنفاسها الأخيرة، وليس في نيّة أي شمعة في حياة الناس اليومية أن تقوم بدور الناعي! كثيرا ما نرى ما هو طبيعي يقوم بأدوار مهمّة  غير طبيعية في مفاصل السرد وانعطافات الأحداث، في الأعمال الروائية أو السينمائية .

يواقيت المواقيت

تعجبني القراءة اللغوية للمنامات، فالمنامات تستعين بالمفردات لفكّ شيفرة الدلالات. المنام كاليقظة نصّ لغويّ. وكلّ مشهد وإن كان مناميّاً هو مشروع  واللعب باللغة لتوليد المعنى المناميّ يظهر في كلمة "نصّ لغويّ.
ليس هناك علاقة ظاهرة بين كلمة "ياقوت" وكلمة " وقت"، ولكن ليس هذا ما تقوله التفاسير المناميّة، فلمفسّري المنامات كما نرى ذلك في كتب تعبير الرؤيا التراثيّة ومنها كتاب ابن سيرين  رأي آخر. رأي هو ابن العلاقة اللغوية المحض، رأي هو ابن الطبيعة اللغوية. الأدوات اللغوية  كثيرة منها أداة الجناس، ولا تفلت لغة من قبضة الجناس! ولا تفلت المنامات، فيما يبدو، أيضاً من قبضة الجناس، وحتى تفاسير فرويد المناميّة لم تفلت من سطوة الجناس !
جزء من التفاسير المنامية يستمدّ سلطانه من سلطان اللغة، ومن أسماء الأشياء، ومن الحروف التي تتكوّن منها أسماء الأشياء.
بالنسبة إلى كلمة ياقوت، فهي ليست من حيث الظاهر غير اسم لنوع من أنواع الحجارة التي أراد الإنسان العربيّ أن يمنحها صفة الكرامة، فالحجر، هنا، كريم، ثمين كالوقت، ولكنّه أي الياقوت ليس زمنا كريماً أو غير كريم، ومع هذا فهو لغويّاً ومناميّا له صلة بالوقت! ما الذي كان وراء بناء علاقة متينة بين الياقوت والوقت، علاقة هي التي حدّدت وتحكّمت بمسار المعنى؟ إنّها التركيبة اللغويّة للمفردتين، لا أكثر ولا أقلّ. ما يخفيه المفرد قد يكشف عنه الجمع! فالياقوت، في حالة الجمع، يواقيت، والميقات أي الوقت في حالة الجمع مواقيت، والعلاقة الجناسية بين يواقيت ومواقيت لا تغيب عن عين الناظر، هذا الجناس شبه التامّ بين الجمعين لفت نظر المعبّرين إلى دلالة مناميّة ما كان لها أن توجد ربّما لو لم تقع الدلالتان في فخّ الجناس.  ومن هنا، يرى مفسر المنام في الياقوتة وقتا، وليس اي وقت، وقت يحمل كرم محتد الياقوت .وهذا ما تؤكّده تفاصيل المنام التالي الذي ورد في أحد كتب التراث العربيّ:
قال سعيد بن عثمان: " رأيت آتيا أتاني في منامي وقال لي: أخبر أمير المؤمنين أنه يعيش ثلاثين سنة في الخلافة، وآية ذلك أنه يرى في ليلته هذه في منامه كأنه يقلّب يواقيت، ثم يعدّها فيجدها ثلاثين ياقوتة كأنها قد وهبت له". الياقوتة الواحدة في عالم المنام هي سنة كاملة في عالم اليقظة! هل كان للياقوتة المناميّة هذه القيمة الزمنيّة لو لم تتشابه صوتيّاً مع رنين الوقت؟

التفسير اللغويّ للمنامات لا نجده فقط في تفاسير المنامات العربية، بل هو خيط جامع لكلّ الألسنة! وهو خيط يحرّك الكثير من التفاسير.

البِكْسِل



النحت اللغويّ لا يستهوي اللغة العربية  كثيراً بسبب وجود بديل لغويّ حيويّ ذي مقدرة فذّة على توليد الكلمات وهو الاشتقاق. والاشتقاق خصيصة من أهمّ الخصائص اللغوية التي تتمتّع بها اللغات الساميّة. وكان الراحل عبد الله العلايليّ قد فصّل هذه الناحية في كتابه الفذّ " مقدمة لدرس لغة العرب"، ولكن هذا لا يعني عدم قدرة العربية على استخدام مخزونها الاحتياطيّ من  النحت اللغويّ.
هنا سأتناول طواعية العربية وقدرة معدتها على هضم النحت. فهو أي النحت، في أي حال، موجود منذ زمن بعيد، ومن اللغويين من يعتبر النحت أصل الجذور العربية الثلاثية والرباعية والخماسية، ولكنه، اليوم، يشبه الخلايا النائمة، ولا أحد يعرف متى أو كيف يستيقظ من نومه العميق، فقد تكون حالته شبيهة بحالة الأميرة النائمة.
سأتناول النحت من خلال كلمة إنكليزية هي : بكسل" التي عبرت اللغات بفضل الحاسوب، والهاتف المحمول، والانتقال في فنّ التصوير من الفضّي إلى الرقميّ الذي اختلف في جوهره، فصارت الصورة تتعامل مع البكسل.
والبكسل غيّر من طبيعة الصورة ومن طبيعة التصوير، وكان ما يعرف بالـ " فلو flou" أي عدم وضوح الصورة خطأ تصويريا استثمره بعض كبار التصوير في توليد بورتريهات رومانسية تشبه غباش الحلم الملفّع بالضباب، وكان البعض يتقصد " الفلو" ضمن مقدار معيّن لتوليد جمالية خاصة، وما عدت أذكر اسم ذلك المصوّر الاميركي الذي أدهش العالم بصوره " الفلو" الضبابية الحالمة الممتعة للناظر!
البكسل نقطة، ولكنّه عمليا وفعليا ليس نقطة، الانتقال الى العالم الرقمي ربّع الدوائر، فالبكسل هو أصغر عنصر مربّع مكوّن للصورة، وهو من حيث المبدأ لا يرى لضآلة حجمه وإن كنت ترى أثره، ولكن يكفي تكبير أي صورة على شاشة الحاسوب مهما كانت نقيّة، وواضحة لتظهر على سطح الصورة تلك المربعات الملوّنة التي تتكوّن من تراصفها الصورة!
وكلمة بكسل pixel  ليست كلمة قديمة، فهي كلمة انكليزية منحوتة من كلمتين ، هما:  picture   و element ، أخذ قسم من الكلمة الأولى pic  التي تحوّلت إلى pix شكلاً مع الحفاظ على النطق، وقسم من الكلمة الثانية هو el فصار عندي كلمة جديدة.
النحت، هنا، يلعب دور الرحم في إنجاب أولاد جدد. حاول العرب توليد كلمة منحوتة وإن بدا للناظر أنها ليست منحوتة، والكلمة العربية ترجمت الكلمتين الانكليزيتين قبل أن يُعمل مقصّ النحت عمله، وهما: عنصر وصورة وأسفر النحت عن " عُنْصورة " بمعنى بكسل.  الغلبة اليوم في الاستعمال العربيّ هو للبكسل، ولكن لا يمكن معرفة مَن من الاثنين سينتصر فيما بعد! وهذا النحت العربيّ طريف، وطرافته في الصاد التي نراها في " عنصر" وفي " صورة"  ، ممّا يجعل المرء لا يعرف إن كان حرف الصاد في " عنصورة" هو صاد " عنصر" أم صاد " صورة"؟ فهنا، على قولة أهل النحو، يجوز الوجهان.
ليس هناك انتصار حاسم في مسائل لغوية كثيرة كما في مسائل حياتية كثيرة. كلّ انتصار هو انتصار مؤقت، وكلّ هزيمة حتّى وإن كانت ماحقة هي هزيمة مؤقتة، ومن يقلّب صفحات التاريخ بين يديه، يعرف هذا التداول للقوّة في العالم!  كم من هزيمة ماحقة كان موّلدها انتصارات ساحقة! فالأضداد يتوالد بعضها من بعض! فهل يكتب لكلمة  عنصورة" " العمر الطويل؟ الله أعلم! أعمار الكلمات بيد الله، والكلمة التي لها عمر لا تقتلها شدّة! ما أودّ قوله هو أن كلّ إنسان يشهد في حياته ولادة أشياء، وولادة كلمات! ونحن في عصر نشهد فيه ولادات أشياء كثيرة، وكلمات كثيرة، فالعصر عاصف بتحوّلاته الرائعة والمروّعة!



kamkalima

  #أهنفت_بالبكاء!!! أحببت فكرة kamkalima لتعليم اللغة العربية عبر استخدام الوسائل التكنولوجية. وكنت أتصفّح بشغف موقعها على الفايسبوك ، ولكن صدمتني هذه الصورة، وهي معمولة من حيث المبدأ للصغار، بحضور كلمة " #أهنف" ، وما نفع هذه الكلمة لطفل؟ ما قيمة حشو رؤوس الطلاب بكلمات تحتاج معرفتها إلى فتح قاموس؟ ما معنى تعليم طالب كلمة في حال استعملها تحوّل إلى مهرّج في عيون سامعيه؟ الكلمات درجات!

اللغة بين التابع والمتبوع

كيف تعرف معنى الكلام الذي يخرج من فم فلان أو علاّن في لبنان إن كنت تجهل مرجعيّة القائل السياسيّة؟ الجملة الواحدة تتغيّر دلالتها بتغيّر الناطق بها. فالجملة الطالعة من فم أحد أتباع حزب الله لا تعني ما تعنيه حين تطلع من فم أحد أتباع تيّار المستقبل على سبيل المثال. وعليه فحين لا تعرف ( المتبوع) تفقد عبارة (التابع ) دلالتها الفعلية وتصبح عبارة شبيهة بورقة الجوكر. في علم اللغة الحديث فرع هو " التداولية" أو " البراغماتية" وهو بالمختصر فرع لا يقيم وزنا للكلام إذا ذهلت عن أسبابه وأصحابه. وغالباً ما يميل أتباع فلان أو علان إلى استخدام ما يسمّى " التحيّز المستتر" لتمرير رغبات ذاتية أو حزبية أو ايديولوجية في إهاب موضوعيّ قشيب!

فلاديمير_پْروپ

 #فلاديمير_پْروپ صانع ثورة فعلية في دراسة الحكاية الخرافية، ودراسة الفولكلور من خلال كتابه الثريّ " #مورفولوجيا_الحكاية".. ثورته بسيطة جدّاً، ولكنها ثورة لم يعد بعدها النظر إلى الحكاية كما كان من قبل. هل لداروين علاقة؟ قد يستغرب المرء إدراج اسم دارون العالم البيولوجيّ في ميدان الحكاية، وميدان الفولكلور، ولكن هذا ما اعترف به پروپ نفسه، إذ قال بكل بساطة إنه بالإمكان دراسة الحكايات على غرار طريقة داروين في دراسة الأجناس والأنواع. ولداروين فضل في ميادين أخرى لا علاقة لها بعالم النبات أو الحيوان. تطوّر علم ما يعني اكتشاف أدوات جديدة في تناول الأشياء، وهذه الأدوات الجديدة يمكن أن تستخدم في تناول أشياء أخرى، فالأدوات لا تنحبس في وظيفة واحدة تماما كما الألفاظ لا يمكن أن تحبس في دلالة واحدة! وكانت أدوات داروين صالحة للدراسة اللغوية فأنبت ذلك ما يعرف بعلم اللغة التاريخي وعلم اللغة المقارن، وهذا النظر الجديد إلى اللغة ساهم في ولادة ما يعرف بالألسنية أو علم اللغة الحديث.

شراب جثة ميت

لتخلّص من جثّة الميت أشكال ألوان، هناك مجموعات بشرية تحرق جثمان الميت ثمّ توزّع رفاته على ذويه الذين يقومون بوضع الرفات في أكواب الحليب ويشربونها! وهكذا يتوزّع رفاته بالتساوي بينهم ليظلّ معهم على امتداد حياتهم يستفيدون من حكماه التي تشرّبوها مع جرهات الحليب. قلوبهم لا تطاوعهم أن ينثروا رفاته أو يتركوها مرتعا للدود ونهباً للعراء!

حواس خاصة

لكل انسان طريقته الخاصة في استخدام حواسّه، وطريقته الخاصة في إدراك العالم تتجلّى في تفضيله لحاسة دون حاسّة، وهذا التفضيل عفويّ، وهو يتبدى من كلام المتكلّم. فلكلّ حاسة معجمها الخاص بها، وهو معجم لا يمكن حصره لأنه معجم مفتوح. المعجم هنا يشبه الألفباء المحدودة في اللغات ولكنها مفتوحة على ما لا يحصر من مفردات، والمفردات لا تعيش حياتها الطبيعية إلا في بيئة متحركة ونشيطة هي الجمل، ولا يمكن لأي مخلوق مهما أوتي من مقدرة أن يضع كل الجمل المحتملة للغة من اللغات بين دفّتي كتاب.

يد الإنسان

يد الإنسان #عدسة_كاميرا (حين تكتب). 
وكلمة " صورة" ليست غريبة عن عالم الكتابة، فنقول " صورة شعرية". والكاتب حين يصف فإنّما يقوم بضرب من " التصوير"!

العائش في لغتين

 العائش في لغتين عائش في عالمين! قامت #سوزان_ارفين_تريب المتخصصة في علم اللغة النفسي بتجربة بسيطة ودالة على كيفية تأثير اللغة على رؤية العالم على أشخاص ثنائيي اللغة ( يابانية وإنكليزية). وضعت جملة واحدة بلغتين، جملة ناقصة وطلبت من المشاركين بالدراسة اتمام الجملة. الجملة هي التالية: "عندما تتضارب تمنياتي مع تمنيات عائلتي....". كان اتمامها باللغة اليابانية هو التالي: هي فترة تعيسة جدا. وكان اتمامها باللغة الانكليزية من قبل الطالبة نفسها، هي: انه الوقت المناسب لأقوم بما أريده. اختلاف اللغة أدّى الى اختلاف الرؤية والتصوّر.

عز اللغة الانكليزية

إنّ العزّ الذي تعيشه اللغة الإنكليزيّة عزّ لم تعرفه على امتداد التاريخ لغة من اللغات، عزّ لم تعرفه اليونانية، ولا اللاتينية، ولا الفرنسية، ولا الإيطالية، ولا الإسبانية، ولا الصينية، ولا السريانية، ولا العبرية، ولا الفارسية، ولا التركية، ولا العربية.

سيرة كتاب

ثمّة كتب لا يمكن لأحد أن يكتب سيرتها !

اللامتوّقع

اللامتوّقع وليس المتوقّع هو من يرسم للإنسان خارطة طريقه!

اللغة العربية

طريقتنا في الدفاع عن اللغة العربية تشبه طريقتنا في الدفاع عن فلسطين!

تأثير سوير Sawyer

تأثير سوير Sawyer

 أخطر ما يمكن أن يصيب حياة إنسان هو أن يحبس نفسه وعينيه في وجهة نظر واحدة. ولنا في "زوم" الكاميرا أسوة حسنة، ولكن هذا يتطلب، في أي حال، تدريبات ومهارات. كل الكاميرات اليوم تمتلك العدسة المتحركة، ولكن ليس كل ّمن صوّر عنده مهارة في لقط الصور. الزوم أستاذ ماهر في تعليم الإيجاز/ التقريب، والإطناب/ التبعيد، والحذف والإضافة. ويمكن الاستفادة، هنا، من كتاب الناقد الفرنسيّ اللامع رولان بارت " الغرفة المضيئة"  المخصّص لدراسة الصورة. 
 في فنّ التصوير مصطلح "إعادة التأطير recadrage"  وتمّت استعارته من قبل  ميادين معرفية مختلفة، وهو يعني وضع مشكلة ما ضمن إطار جديد. نحن أحيانا ضحايا لأنفسنا، ولطريقتنا في التفكير، وضحايا الإطار المتجمّد. هناك أساليب كثيرة يعمل عليها متخصّصون في إدارة الأعمال وعلم الاجتماع والنفس، منهم بول فاتسلافيك ( Paul Watzlawick  ) أحد علماء مدرسة بالو آلتو في كاليفورنيا وهو يرى أن علاج مشاكل كثيرة نفسية أو اجتماعية تكمن في عملية تغيير وجهة النظر إلى الأشياء. أشياء العالم تشبه المفردات اللغوية، والمفردات يتغير وقعها وقيمتها ودلالتها من الجوار أو الإطار الموضوعة فيه. السياق هو الإطار الذي من تضاعيفه ينبثق المعنى. فما يحزنك قد يتحول إلى مصدر سعادة فقط لأنك غيرت طريقة تعاملك معه أي غيّرت " نظرتك" إليه ووضعته في " إطار جديد".
 نعرف هناك مصطلحات كثيرة تولد من رحم روايات وقصص واقعية أو خيالية أو خرافية. فرويد مثلاً استوحى من أوديب الشخصية اليونانية الأسطورية مصطلح "عقدة أوديب" لتشريح العقد النفسية. ووقع تحت نظري مصطلح " أثر سوير l'effet sawyer "، و"سوير" شخصية طفولية فاتنة وقريبة إلى القلب لعبت دور البطولة في رواية "مغامرات توم سوير" للكاتب الأميركيّ  مارك توين الذي لا يخلو أدبه من نبرة ساخرة ولاذعة.
الرواية تحكي مغامرات فتى صغير، عفريت وخفيف الظلّ، ولكن علماء كثيرين وجدوا في تضاعيفها أفكارا وعلاجات ومصطلحات، منها مصطلح " أثر سوير"، ويقصد بالمصطلح "إعادة تأطير" مشكلة ما، والنظر اليها من زاوية أخرى عبر وضعها في " إطار جديد".
تشاجر، ذات يوم، " توم" مع أحد أولاد الحيّ، وعاد الى البيت ممزق الثياب، فقررت عمته التي كان يعيش في كنفها ان تعاقبه. كان العقاب هو طلاء سور الحديقة وطوله ثلاثون متراً. توقيت العقاب ( وقت الإجازة) زاد من وقعه الكئيب. الأطفال يلعبون، بينما هو يقوم بهذا العمل الشاقّ. تضادّ جارح بين حاله وحال أترابه.  ولقد صوّر مارك توين هذا التضادّ المؤلم في الفقرة الأولى من الفصل الثاني: " وجاء صباح يوم السبت، وكان يوما مشرقا، منعشا، مملوءا بالبهجة، وكانت السعادة  تملأ كلّ قلب ما عدا قلب توم".
  مرّ من قرب توم " بن" ، وهو من أثقل الأطفال ظلاّ على قلب توم، صديق لئيم، فراح يسأله أسئلة تنمّ عن شماتة وتشفّ. ماذا يفعل توم؟ كيف يقلب الظروف لصالحه؟ كيف ينتصر على صديقه الشامت؟  لمعت بباله فكرة، فكرة بسيطة، ولكن غيّرت كلّ شيء. لقد استثمر عقابه  بطريقة فذةّ، حول عقابه إلى مصدر رزق دسم ولذّة في آن من خلال ما عرف بـ"أثر سوير" أي إعادة التأطير. وضع "عقابه" في إطار جديد، نقله من إطار العقاب إلى إطار المتعة. حوّل السور إلى " قماشة رسّام"!
لم يرد على صديقه الشامت، بل راح يدنو ويبتعد عن السور وهو يتأمله بشغف يشبه شغف الرسام أمام لوحة تولد على يديه. سمع صديقه وهو يسأله، ولكن تظاهر بأنه لم يسمع. وبعد فترة تظاهر بأنه انتبه الى صديقه الثقيل" بن" وأسئلته الناعرة، ولكنه حول أسئلة صديقه إلى شبكة صيد سحريّة، فكان ردّ توم ان ما يقوم به فرصة ذهبيّة نزلت عليه من السماء، وهي لا تسنح لمن هم في عمره، فرصة جميلة وممتعة. الشاقّ والسخيف تحوّل إلى جميل وممتع، والسخرة إلى نعمة.  أظهر لصديقه انه يمارس متعة نادرة المذاق. كان يدير ظهره لصديقه وهو يتكلّم، وبين الحين والحين كان يتراجع ليتأمّل البياض، ثم يضيف لمسة هنا أو هناك كما لو أنه رسّام عن حقّ وحقيق. طلب منه  صديقه أن يسمح له بطلاء السور، وتجربة هذه المتعة، ولكن توم تمنّع، أظهر رفضا قاطعا، فهذه المتعة لا يحب أن يفرط بها. كان في يد الصديق تفاحة  شهية، اثارث لعاب توم، كما أثارت الفرشاة رغبة صديقه في ممارسة متعة الدهان. انقلبت الأدوار بين توم و"بن" الشامت. تحولت الشماتة إلى حسد أو غيرة  بعد أن قام توم بـ"إعادة تأطير" العقاب. اقترح " بن" أن يعطي توم التفاحة في مقابل السماح له بالمساهمة في طلاء السور، لم تكن موافقة توم سريعة، فهو لن يستغني بسهولة عن " متعة" الطلاء، ولكنه وافق بعد مماطلة متعمّدة، وأخذ توم التفاحة، وأعطى بن الفرشاة، وقلبه يكاد يطير من صدره من الفرحة، وهكذا " بينما كان بن يعمل في جدّ ومشقة، والعرق يتصبّب منه، جلس الفنان المتقاعد توم على برميل في الظل، واضعا ساقا فوق ساق، وهو يقضم التفاحة في لذّة، مفكرا فيمن يكون ضحيته التالية بعد بن".
 توالى الأصدقاء واحداً إثر آخر، وهم يتلهّفون على انتهاز الفرصة التي يقدمها لهم توم لقاء أجر، فتحقق لتوم بعد أن نفد الدهان ثروة محترمة من ذلك العقاب. غيّر " توم" مسار "العقاب"، فأنقذ نفسه من الشماتة، ومن العمل الشاقّ، وملأ جيبه بالنقود، وكلّ ذلك بفضل " إعادة التأطير" أو ما بات يعرف أيضاً بـ "أثر سَوْيَر".
 ويدبو أنّ مسار الأقدار ليس أكثر من وجهات في الأنظار!


بلال عبد الهادي

الفكر العربيّ

الفكر العربيّ الراهن يشبه ال #Ripped_Jeans

الكتب نوعان

الكتب نوعان: كتب تعلّم الغباء، وكتب تعلّم الذكاء. ولكن لا بدّ هنا من أخذ الحذر، فكتاب يحكي عن الغباء قد يصنّف ضمن النوع الذي يعلم الذكاء، وكتاب يحكي عن الذكاء قد يصنّف ضمن الكتب التي تعلّم الغباء.

الكلمة

 الكلمة تنشطر إلى شطرين: شطر معجمي، وشطر شخصيّ. الشطر المعجمي تتكفّل به المعاجم، أما الشطر الشخصيّ فهو الشطر الذي يحمل علاقتك الشخصية بالكلمة، ذكرياتك معها، طريقة استخدامك لها، عاطفتك تجاهها، الكلمات كالأسماء، أسماء العلم تحديدا. والأسماء لا تحب أو تكره لذاتها بقدر ماتحب أو تكره بسبب حامليها، فقد يكون الاسم جميلا، نبيلا، طاهر الذيل، ولكنك تمقته لأنّه وسم شخصا لا تحبّه. وقد تتغير علاقتك بكلمة سلبا أو إيجابا كما تتغيّر علاقتك مع الأشخاص والطعومات، فما تكرهه اليوم قد يكون خيارك المفضّل غدا.

صوت فيروز

جميل ما هو عابر للطوائف والمذاهب والأحزاب والمعتقدات مثل حال صوت #فيروز، صوت يجمع بين الأضداد والمتناقضات والأعمار!

الخرافة

الخرافة تتخلّى عن اسمها بمجرّد إيمانك بها.

#المجاز يتمتّع برحابة الصدر!

المجاز يتمتّع برحابة الصدر!

شهادة ملوّثة بالجهل!

لن تحصل على العلم إذا كان هدفك الشهادة. ستكون شهادة ملوّثة بالجهل!
عدد الأفكار التي ستغيّر العالم بعدد الكلمات التي لم تولد بعد من رحم الأبجديّات!

مدينة فاضلة

 السعي إلى بناء " مدينة فاضلة" سعيٌ شيطانيّ! 
كوارث كثيرة حصلت في العالم نتيجة هذا السعي الحثيث والخبيث!

صياغة الخبر

الخبر في الجريدة لا يأتيك عارياً من الحكم عليه. الخبر يغلّف أحيانا بورق سيلوفان إيديولوجيّ يغيب عن العين العجول! الأخبار لا تستهويها البراءة، ولا الموضوعيّة، ولا الحياديّة. في لبنان نشرات الأخبار تبدأ بمقدمّة عرمرميّة تحفر مجرى لسيل الأخبار التي تصبّ في النشرة، مقدّمة تسكب في السيل صبغتها، وتضيف منكّهات تمتص طعمة الخبر، وتلبسه طعماً بمذاق المقدّمة. الأخبار مبرد طيب المذاق يغريك بلحسه!

صورة البروفايل

صورة البروفايل تحكي، لسانها طويل، لا تترك ستراً مغطّى، غيابها كحضورها لا يكفّان عن القول. ولكن صورة البروفايل يتحكّم بها إطارها، وإطارها هي الصور والأقوال والمنشورات والمأثورات والاقتباسات التي تنسدل في صفحات مواقع التواصل.

اساطير

بعض الأساطير حقائق يجهلها العلم!

اكتساب اللغة

التوائم يتأخرون عن غيرهم في اكتساب اللغة بعدّة شهور. هذا ما لاحظه العلماء.