الأحد، 19 يناير 2020

دراسة اللغة الصينية

Aucune description de photo disponible.



.أنظر إلى هذا الرمز الصيني نظرة عربية
ولا تختلف نظرة الصينيّ عن نظرة العربيّ، وعن نظرة حتّى الغربيّ إلى المرأة، وإن تراءى للسذّج أن احترام الغرب للمرأة لا مراء فيه ولا مراءاة!
اللغة ، في نظر العربيّ، لغتان. ومن يقول ذلك هو الاستعمال اللغويّ. الأشياء تستمدّ قيمتها من واقعها الفعليّ، لا من واقعها النظريّ، فالمدينة الفاضلة هراء لأنّها، بكل بساطة، تتحول إلى جحيم في حال تطبيقها.
وما أكثر الكوارث التي خرجت من رحم المدن الفاضلة، والأفكار الفاضلة، والآيديولوجيّات الفاضلة!
قلت: اللغة لغتان.
التعابير التي يتفوّه بها الناس، والتي تشيع بين الناس ليست مجرّد كلمات ، إنها حقائق ووقائع، حقائق تتصل بعادات وتقاليد ووجهات نظر.
اللغة مسرح اجتماعيّ، على خشبة اللغة تتحرّك كما أشياء المجتمع، وعلى غرار خشبة المسرح تعمل خشبة اللغة.
خشبة المسرح تحركها كواليس المسرح الخفية، من الكواليس المسرحية تفيض الأحداث ، ومن كواليس اللغة تفيض حركات الناس، وأفكار الناس والمجتمعات، وهذا ما صار علما برأسه يتناوله علم اللغة الاجتماعي بالدرس، ولا يغيب عن بال علم اللغة النفسي.
وهما علمان شيقان تلخّصمها عبارتان عربيتان قديمتان أعتبرهما مفاتيح لطوايا القول وخبايا الكلام.
فالكلام نقاب وسفور، أو قل : نقاب سافر، فاللغة كالحياة ملتقى الأضداد ومجمع التناقضات، وهما:
ما فيك يظهر على فيك.
- وإذا فتحت فاك عرفناك.من يظنّ أنّه يمكنه أن يتخبّأ خلف الكلام كمن يدقّ الحرس ويسدّ أذنيه فيظنّ أنّ الجرس كاتم للصوت. الاختباء خلف الكلام يشبه الاختباء خلف لوح زجاج شفّاف. فيصول المخادع ويجول خلف هذا الزجاج وهو يظنّ أنّه غير مكشوف، وينجح في كثير من الأحيان في إيقاع السامع ، وإفتانه. الكلام هنا لقراءة رمز صيني له شبه بقول عربي، فنحن نفصل بين الحكي والكلام، نستخفّ بالحكي، ونعلي من شأن الكلام، وجعلنا الكلام على نفيض الحكي، وهذا يستشفّ من تعبيرين متداولين: حكي نسوان حيث لا يعادله في القول : حكي رجال، وإنّما " كلام رجال". قولان يشيران إلى نظرة ذكورية، للذكر الكلام وللأنثى الحكي. ولو قيل حكي رجال لكان ذلك على نقيض حالة المجتمع الذكوريّ المهيمن. حال الكلام، هنا، يشبه حالة الكتابة. بقيت الكتابة حكراً على الذكور، وظلّت إلى يومنا هذا كتابة النسوة مشوبة بالشكّ، ومن يطالع ما قيل عن كتابة أحلام مستغانمي مثلاً أو سعاد الصباح تنكشف له ذكورية الكتابة، فلقد اتهمت احلام مستغانمي بأنّها ليست هي من تكتب نصوصها، واتهمت سعاد الصباح بالتهمة نفسها، وكأن الذكر لا يستوعب عقله مقدرة المرأة على امتلاك ناصية الكتابة ، لأنها ميدان فحولته، ومنذ القديم حين خصصنا الشاعر المفلق بالفحل، كنّا في الوقت نفسه قد حجرنا على فحولة المرأة، فالفحولة رمز الذكورة لا رمز الأنوثة، ولا أظنّ أنّ أحداً من النقاد القدامى تكلم على فحولة الشواعر أو الشاعرات الإناث كما تكلم على فحولة الشعراء الذكور. كان المعرّي قد نصح بإبعاد أدوات الكتابة عن مرأى المرأة ، فقال:

عَلِّموهُنَّ الغَزلَ وَالنَسجَ وَالرَد

نَ وَخَلّوا كِتابَةً وَقِراءَه

فَصَلاةُ الفَتاةِ بِالحَمدِ وَالإِخ

لاصِ تُجزي عَن يونُسَ وَبَراءَه

تَهتِكُ السِترَ بِالجُلوسِ أَمامَ السِ

ترِ إِن غَنَّتِ القِيانُ وَراءَه

من وحي الرمز الصيني كان هذا الكلام.
فالرمز الصيني 信 مؤلف من مفتاحين دلاليين : المفتاح الأول، هو الرجل 亻، والمفتاح الثاني هو 言 ، ومن هذا التوليفة بين المفتاحين ولد معنى، يحيل إلى كلام الرجال بحرفية الرمز التي انبثقت كنه دلالة راهنة هي: ثقة. وكأنّ كلام الرجل محلّ ثقة بخلاف حكي النسوان، بل عبارة " حكي نسوان" لا تعني "حكي نسوان" بل تعني الكلام الخفيف، السخيف، الكلام الذي لا يقوى على حمل الأمانة وحمل الثقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق