الثلاثاء، 7 يناير 2020

الحياة ضرب من الجنون


الحياة ضرب من الجنون، وكلّ إنسان يعيش جنونه الشخصيّ الذي يشبه بصمة إبهامه. وأكثر الناس جنوناً هو ذلك الذي يدّعي العقلانيّة بل يتحوّل في نظر من يراه إلى مهرّج مقنّع، مهرّج يث ير الشفقة والغيظ معا.
تخيّل نفسك كاميرا خفيّة تطارد الناس في سكناتهم وخلجاتهم، وكواليسهم ومناماتهم وكوابيسهم، وأنا أضمن لك أنّك ستفقع من الضحك، ستنقلب على قفاك من الضحك وكأنّك في فيلم كوميدي يطقّ الخواصر.
والجنون فنون.
كان ذلك الرجل غير المبالي لا يكفّ عن الضحك، وكان يستعين على ممارسة جنونه بالمعجم.
ما علاقة المعجم بالجنون والضحك واللامبالاة؟
كان يقول هذه الأشياء الثلاثة هي شرط السعادة.
وكان يريد أن يعيش سعيداً رغم أنف الناس، ورغم أنف المصائب، ورغم أنف الحياة.
خطر بباله خاطر، خاطر بسيط، لنيل سعادة وهمية، سعادة معجمية.
قرّر أن يسحب من المعجم كل المفردات التي تشير الى السعادة، إلى الأشياء الحلوة في الحياة. ويضعها في معجم خاصّ هو معجم السعادة.
كان يقضي الوقت في لملمة هذه الكلمات، وقال: معجم السعادة لا ينتهي، ولن ينتهي، يوميّا يضيف إليه كلمة أو كلمتين أو أكثر، ولا يستعمل قلماً واحدا في كتابتها، كان يستعين بالكبيوتر لا ليكتب وإنما ليسحب الكلمات، ويخطّها بيده، حرفا حرفا، منوعاً في الأحجام والألوان، فكانت الصفحة تبدو كرقصة هندية في المروج!
كان يعرف أن تحقيق غايته لا يكفيه عمره، ولكن لم يشغل ذلك باله.
فمن أين لحياة واحدة أن تستوعب حياة كلمة؟
كان يتمتّع بهوايته، أو بجنونه، أو بمشروعه. وكانت الأوراق الملونة التي يستعملها لكتابة معجم السعادة تلوّن حياته ، وكان يترك فراغات في الورقة ليضيف صور وجوه تبتسم، أو أيقونات البسمات.
عاش حياته وهو يبني قصرا من كلمات السعادة.
كانت كلمات السعادة كاسه وناسه، ملاذه وملاذّه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق