السبت، 23 مارس 2013

علي مولا والكتاب

ليسمغنياً أو نجماً تلفزيونياً أو كاتباً مشهوراً. لكن مع ذلك، يحظى علي مَولا بكمّ لا بأس به من المعجبين. فعلياً، هم معجبون «افتراضيّون»، يتابعون المشروع التنويري لرجل رفع نحو 10 آلاف كتاب إلكتروني، إلى شبكة الإنترنت. مولا المقيم منذ 1987 في بودابست، يعدّ واحداً من أهمّ مَن يزوّدون متصفّحي الإنترنت العرب بالمعرفة. هناك، في العاصمة الهنغارية، كان
على الرجل السوري أن يروّض شهوته للقراءة شهوراً، في انتظار عددٍ من الكتب التي قد يرسلها أو يحملها إليه أحد أصدقائه. لم تكن مجموعة الكتب تلك تكفيه، ولم يكفه أيضاً ما كان على الشبكة العنكبوتية من عناوين عربية، تتراوح مواضيعها بين الدين والتراث، إضافةً إلى «روايات أحلام»، و«روايات
عبير»، و«سلسلة رجل المستحيل»، وبعض كتب ما وراء الطبيعة.تلبّس مولا هوَسُ إنشاء مكتبة إلكترونية خاصة به؛ مكتبة معاصرة، ومنفتحة على الإصدارات الجديدة عربيةً وعالمية مترجمة. لذا، كان لا بدّ من حلٍّ سيتحوَّل لاحقاً إلى مشروع مميّز لإتاحة القراءة مجاناً لملايين الناس. «وضعت قائمة تحوي
500 عنوان، ورحت أبحث عن مصدر للحصول عليها. كان ذلك في عام 2004». لم يمض وقت طويل، حتى وجد ضالته في شاب أحضر له 360 كتاباً من القائمة بعد شهرين. «كانت تلك البداية التي أعتقد أنها أحدثت نقلة نوعية في عالم الكتـب الإلكترونية العربية. حينها، تركت عملي (حتى اليوم) وانصرفت إلى تصوير
الصفحات وتنسيقها في صيغة pdf قبل رفعها إلى الشبكة»، يقول. بعد ثلاث سنوات من العمل اليومي، ورفع كتب «طازجة» إلى الإنــترنت، سيــبدأ الرجل مرحلة أخرى من مشروعه، تتمثل في إتاحة آلاف العنــاوين التي تضــمّها مكتبة الإسكندرية. أصدقاء جدد، من سوريا ومصر، سيساعدونه في جمع الكتب وتصويرها
ونشرها، ما سيوسّع المشروع الذي يمكن قطف ثمراته من مواقع مثل 4shared
وmediafire و«مكتبة الإسكندرية» alexandra.ahlamontada.com وغيرها. لم يتلــقَّ علي مولا دعماً مادياً من أحد. يموّل نفسه بنفسه. ونستطيع أن نتخيَّل المبلــغ المالي الهائل الذي صرفه لتقــديم الكتب مجاناً إلى
مريديهــا، حينما نعرف أنه دفع قبل مدة 700 دولار ثمناً لستة كتب نادرة وصلته من مصر. «هذا هاجسي. لا أحد يندم على تحقيق رغبته ومصدر سعادته». وهذه السعادة، كما يقول، «ستزداد أكثر لو أنّ العرب يتعــرفون أكثر إلى
عالم الكتــاب الإلكــتروني». تبدو الكتب التي ينسّقها مولا احترافيةً، بالمقارنة مع تلك التي ينجزها أشخاص آخرون. يحاول أن يُخرج الكتاب الرقمي كما لو أنَّه ورقيّ: دقّة عالية، ولا أخطاء في التصوير والتنسيق، فضلاً عن تصميمه أغلفة لكتب قديمــة. وخلافاً لما ينــادي به بعض الكتاب، يرى مولا أنّ للكتاب الإلكــتروني الفضل الأكبر في ازدياد عدد القرّاء العرب اليوم.
ويشير إلى أنَّه «لولا كتب الـpdf، لظل كثير من أعلام الفكر الغربي، مثلاً،مجهولين بالنسبة إلى كثير من العرب، فيما يعــرفهم أساتذة الجامعات والمختصّون ومَن يستطيعون القراءة بلغات عالمية». ثمانية أعوام مضت على بدء
علي مولا مشروعه المعرفيّ. إنها مدّة طويلة قد تنــهك أكثر الناس إصراراً على تحقيق أحلامهم. لكنّ الرجل يعمل وكأنّه قد بدأ في الأمس. «أعمل أكثر من16 ساعة في اليوم، وهو ما خفّف وقت قراءاتي الجدية التي أسعى إلى تعويضها قريباً. لا أخرج من المنزل إلا للضرورة القصوى، وأعود سريعاً لممارسة طقوسي
في صناعة الكتاب الرقمي». يسابق الزمن، رغبةً منه في رفع أكبر عدد ممكن من الكتب إلى الإنترنت، قبل أن تُشرّع حكومات الدول العربية قوانين حماية الملكية الفكرية على الشبكة العنكبوتية... وهذا هو «الشبح» الذي يخافه علي
مولا.
محمود الحاج محمدhttp://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2281&articleId=1491&ChannelId=54764&Author=%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC%20%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق