سأتّخذ من الياسريّة توطئة إلى عالم المذاقات... وليس بالضرورة إلى عالم الياسريّة... وما سأقوله عن الياسريّة يمكن أن يقال عن أي طبق آخر...
الأكل أذواق...
والأكل استثناء في عالم الأذواق ، استثماء جميل... هذا ما يفصح عنه قول مأثور: كل على ذوقك والبس على ذوق الناس...
إذا دقّقنا في القول، ولا يمكن الأخذ بهذا القول على عواهنه، كما لا يمكن أخذ أي قول على عواهنه...
فالقول كالأكل أيضاً أذواق... فقد تكون مدمناً على القراءة، ولكنّك مدمن على قراءة الشعر، وقد يكون غيرك مدمناً على القراءة ولكن لا يطيق العر، فقراءته تجنح إلى كتب الاقتصاد لا القصائد...
والأكلة الواحدة هي أكلات.. فطبخة أمّك ليست كطبخة أمّي... وطبخة أختك ليست كطبخة أمّك.. وقد تحبّ تبّولة هذا المطعم ولا تحبّ تبّولة مطعم آخر...
جملة عناصر تدخل في ذوق الآكل، بل قرأت ذات يوم أن المرأة الحامل يتغيّر مذاقها تبعاً لنموّ الجنين في رحمها...
ما هو الوحام؟
علاقة طارئة مع المذاق... وهو أي الوحام بحسب بعض علماء الأجنّة ما يرغب بأكله ذوق الجنين فيستدرج والدته عبر الوحام إلى نيل مأربه!
أقول ذلك، لأنّي أعرف أنّ هناك من ستكون علاقته مع الياسريّة غير ميسورة لأنّها تعارض مذاقه وعاداته... ولكن أعرف أنّ هناك من لا يحبّ البقدونس ولكنّه استذوقه مع الياسريّة... بحسب ما قاله لي... البقدونس هنا دخل في سياق جديد.. فتغيّرت مذاقاته كما يتغيّر معنى قول بتغيّر سياقاته... وكما تتغيّر قيمة شيء ما بتغيير ما يجاوره...
ألا يقول المثل: عاشر السعيد تسعد؟؟
وللدردشة الياسريّة تتمّات..
فلا ينفد قول ولا ينفد مذاق....
فالواحد متعدّد...
والنعمة الواحدة نِعم، بحسب قول ذي العزّة والملكوت:
وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها!
أليست حبّة الحمّص نعمة من ربّ الأكوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق