الإنسان يشوّه الأشياء كي يحميها... أو يشوّه نفسه كي يحمي نفسه، وهذا ما كتبته في
مقال نشرته في كتابي لعنة بابل من وحي قول مأثور: لأمر ما جدع قصير نفسه. والكلام فيه عن شخص اسمه قصير جدع أنفه كي لا يموت..
الأنسان يشوّه نفسه أحيانا حفاظا على روحه، يضحّي ببعض الجسد للحفاظ على بقية الجسد...
ومن يتابع ما يكتبه الناس يجد أن هناك تشويها لبعض الكلمات، وهو تشويه مقصود ليس مبعثه بالصواب، بل يشوّه من باب الاحتياط وحساب خط الرجعة...
في اللغة باب لطيف جدا يعرف بأسماء متعددة ، التابو اللغوي، المحظور اللغوي، تلطيف التعبير، ويقصد به أنّ هناك كلمات لا نتلفّظ بها لأنّ المجتمع لا يتقبلها، وينظر شذرا إلى من يستعملها، أو لأنّه يخاف أن يستعملها لما سيناله جراء ذلك من عقوبات لا يتحمّلها.
فلنتأمّل ما يفعله غوغل أو تويتر أو الفايسبوك,,, غزاء ما لا يرضيهم من مواقف، يسلطون عليك سيف الحظر... أو الإقفال ، إقفال الحساب مؤقتا أم بشكل دائم...
وهناك كلمات وتعابير محظور استعمالها ، ومن التهوّر أو الغفلة احيانا استعمالها لأّنها تهددك بالططرد أو بالحظر.
فما يفعل المرء؟
أمامه خيارات كثيرة، طرق ملتوية، فرعية، تشه تلك الطرق التي يستعملها المرء في سيارته للهروب من الزحام أو من حاجز طيّار... الزَوْرَبَة سلاح في مواجهة الحظر، وفي مواحهة المنع، وفي مواجهة الملاحقة..
يعمد الكاتب إلى حيل لغوية، كأن يقطّع أوصال الكلمة، فبدلا من أن يكتب الحظر مثلا يختار بديلا هو الح ظ ر ، أو يستعين بحروف العلّة الألف والواو والياء كبدائل للحركات، كأن يكتب الحوزب بدلا من الحزب، وقد يختار حرفا له علاقة ما مع الحرف المحذوف كاختار الصاد بدلا عن السين، وقد يستعين بحرف لاتيني ويدخله بين الحروف العربية من قبيل كلمة حzب، فهنا تعرف أن المقصود بالكلمة هي كلمة حزب، أو يبدل القول بثياب الحرف اللاتيني، فيصير كالنقاب، النقاب الشفاف في أي حال،
هناك وسائل تشويهية وهناك وسائل تنكّرية، وهناك وسائل أيقونية حيث يمكن لأيقونة ما أن تقوم بدور الكلمة في النصّ ....
وهناك وسائل تتطلّب دراية لغوية ... وأعود إلى كلمة الزوربة ... على من يزورب أن يكون ماهرا وخبيرا بالمسالك العديدة وخارطة المكان بشبكة مواصلاتها قابعة في دماغه... وهكذا الزوربة اللغوية ، فهي تتطلّب معرفة المترادفات والكنايات والأساليب البلاغية والمجازات والاستعارات التي تسمح للواحد أن يسلك بين النقاط دون أن يبتلّ ....
والعلاقة بين اللغة والشوارع أو وجه الشبه بين اللغة والشوارع كنت قد تناولتها في مقال شعريةة الترادف في الكتابة على جلدة الرأس....
اللغة صورة عن الحياة، وما تجده في الحياة فتّش عنه في اللغة فهو بانتظارك على مفرق طريق...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق