هناك صور من
الحياة كثيرة في المجتمع العراقي في عصر بني العباس ، منها ما استمدت من واقع
البيئة ، ومنها ما كانت ترجع إلى ما قبل الإسلام ، ومنها ما اقتبست من الأمم
الأجنبية وخاصة الفرس ، وهذه الصور ممكن أن يطلق عليها اسم العادات والتقاليد التي
سيطرت على عقول الناس ، ولا تزال مسيطرة حتى اليوم ،هذا وتختلف هذه العادات
والتقاليد باختلاف المناسبات ، فثمة عادات تظهر في مناسبات الأفراح والأعياد ،
وهناك عادات أخرى تبرز في حالات الأتراح والأحزان ، ومنها ما لها علاقة بالحياة
الاجتماعية بصفة عامة.
ففي مناسبات
الأفراح كما هو الحال في الأعياد الدينية كعيد الأضحى جرت العادة أن يستقبل الحجاج
عند عودتهم من مكة المكرمة ، وتقدم التهاني لهم بسلامة الوصول وأداء فريضة الحج
(1) وقد يشترك الخليفة نفسه في هذا الاستقبال. حكي في سنة واحد وتسعين وثلاثمائة
أن استقبل القادر بالله أهل خراسان القادمين من الحج الذاهبين إلى المشرق (2) وفي
عيدي الفطر والأضحى تقام الولائم خاصة في قصور الأغنياء ، وعرفت أسمطة الخلفاء
والوزراء بسعتها وبكثرة كميات وأنواع الطعام التي تقدم عليها.
ومن صورة الحياة
أيضاً الاحتفال بختمة القرآن ، ويكون مقصوراً على الأحداث ، وتعمل بذلك المواكب ،
ويظهرون فيها بأحسن الأزياء ، ويجوبون طرق المدينة ، ينشدون الأناشيد وقد لبسوا
آخر الثياب (3) ثم تقام المآدب ، وتوزع الخلع على المقربين والمؤدبين ، وتقام مآدب
يدعى إليها بعض العلماء ، وتوقد فيه النيران (4) ويحضر أيضاً إلى هذه الاحتفالات
الرجال والنساء على السواء ، من الأقارب وأصحاب المحلة (5)..
وهذه العادات
كانت شائعة عند العباسيين ، واهتم بها الخليفة المستنصر بصورة خاصة في القرن
الخامس الهجري (6) وكذلك عادات الاحتفال بختان الأولاد ، واشتهر في التاريخ
الاحتفال الذي أقيم في ختام المعتز بن المتوكل ، وكذلك ختان أولاد الخليفة المقتدر
، إذ أنفقت أموال كثيرة في هذه المناسبة.
وهناك احتفالات
تقام في الأعياد الفارسية مثل النيروز والمهرجان (7) ، ويشترك فيها الناس جميعاً
في العراق، إذ تتبادل الهدايا بينهم ، كما تغير الأدوات والفرش وكثير من الملابس
(8)..
ومن الطريف أن
الخلفاء العباسيين أنفسهم كانوا يتوقعون أن ترسل إليهم الهدايا من حاشيتهم
وموظفيهم في جميع أنحاء المملكة عندئذ ، وأكثر من ذلك يطالبون بها ، فالمتوكل جلس
في يوم النيروز لاستقبال المهنئين واستلام الهدايا ، فدخل عليه الطبيب بختيشوع ابن
جبرائيل ، وكان من المقربين له فقال له المتوكل : ما ترى في هذا اليوم ؟ فقال :
مثل جرباشات الشحاذين ...، وأقبل ما معي ، ثم أخرج من كمه درج أبنوس مضبب بالذهب
وفتحه عن حرير أخضر انكشف عن ملعقة كبيرة من جوهر لمع منها شهاب ، ووضعها بين يديه
، فرأى المتوكل ما لم يشهد له بمثله (9) ..
وقد تبلغ قيمة
هدايا النيروز والمهرجان للخلفاء ولعائلاتهم مبلغاً كبيراً ، قد يتجاوز خمسة
وثلاثين ألف دينار (10) وهذه العادة اتبعت لدى جميع أفراد المجتمع ، وكما نعلم
أبطلها الإسلام في بادئ الأمر حتى جاء معاوية وقبل الهدايا ، وفي العصر العباسي
أرجعت الهدايا مع الاحتفال بالعيد رسمياً.
هذا ، وقد
يتهادون بالقصائد الشعرية أيضاً ، خاصة إلى من هم أعلى منهم منزلة، وهكذا فعل إسحق
الصابي وهو في سجنه ، إذ كتب إلى عضد الدولة قصيدة أرسلها إليه مع درهم خردانى
وجزء من كتاب ، فكان مطلعها (11)
تصبح بعز
واعتلاء حدود وابشر بخير واطراد سعود
وقال :
أتتك الهدايا
فيه بين موفر على قدر المهدى وبين زهيد
وقال :
فكان احتفالي في
الهداية درهما يطير من الأنفاس يوم ركود
وجزءاً لطيفاً
ذرعه ذرع محبسى وتقييده بالشكل مثل قيودي
وكتب إليه في
يوم نيروز فقال (12) :
تهن بهذا اليوم
واحظ بخيره وكن أبداً بالعود منه على وعد
أرى الناس يهدون
الهدايا نفيسة إليك ولم يترك لي الدهر ما أهدى
سوى سكر يحلو لك
العيش مثله وآس أخي عمر كعمرك ممتد
وبينهما من ضرب
قومك درهم وأبيات شعر من ثنائي ومن حمدي
فإن كنت نرضي ما
به انبسطت يدي وتقبله منى فهذا الذي عندي
أما حفلات
التشريف – والتي اقتصرت على الخلفاء بصورة خاصة – فالعادة جرت أن يخلع الخليفة على
الأمير أو الوزير والنقيب أو الوالي لإحدى المقاطعات أو غيرهم خلعاً وألقاباً ،
وقد عرفت عادة الألقاب أولا منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إذ لقب صلى الله
عليه وسلم جماعة من أصحابه بألقاب تتفق مع ما قاموا به من الأعمال وما يتصفون بها
، فلقب أبي بكر (بالصديق) وعثمان (بذى النورين) وعلي (بأبي تراب ) وجعفر (بالطيار)
وحمزة (أسد الله) وهكذا (13) ..
ولم تستعمل
ألقاب في العصر الأموي حتى جاء العصر العباسي ، فسمى كل خليفة باسم ، واعتبرت
ألقاباً دينية ، فأبو العباس (بالسفاح) وهارون بالرشيد وهكذا ، والباقون كالمهدى
والمتوكل والمستعين والمآمون (14) وغيرهم حتى الوزراء والقواد أعطيت لهم ألقاب ،
فالمأمون أعطي الفضل بن سهل لقب (ذي الرئاستين) ولقب المعتمد صاعد بن مخلد بذى
الوزارتين ، ولقب المقتدر بن الحسن ابن الفرات بولى الدولة ، وهكذا بقية وزراء
وأمراء الدولة (15) ..
هذا وقد كانت
الألقاب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تعطى لأهل التقوى والدين ولكنها تغيرت
في العصر العباسي فأصبحت تعطى لرجال السياسة ، وفيها تعظيم وتفخيم (16)
ولم يكتف العصر
العباسي بمنح الألقاب ، بل أعطيت معه خلع بلغت إلى السبعة مع الطوق والسوار (17)
وأعطيت للأمير بجكم لواء (18) وجعل أمير الأمراء ، وكذلك لابن رائق (19) وغيرهم من
الأمراء والقواد ، وكانت العادة أيضاً أن يخطب على المنابر للخلفاء ويذكر أسمهم
فقط ، ولكن في القرن الرابع شارك الأمراء الخلفاء في ذكر اسمهم مع اسم الخليفة
(20) فقط ، ثم أخذت تضرب للأمراء أيضاً ، وقبل أول من ضربت له الدبادب هو عضد
الدولة (21) ثم استمرت طيلة فترة حكم بني بوبه (22) .
أما عادات
الأحزان فهي كثيرة ولا تزال متبعة حتى اليوم في المجتمع ، وتبدأ عند تشييع المتوفى
، إذ يخرج الأهل والأصدقاء والمعارف ويسيرون خلف الجنازة (23) فالمرأة تخرج وتبكى
وتنشر بشعرها وتلطم وتنشد الأشعار ، وهكذا فعلت عند مقتل الخليفة المسترشد (24)
وقد تخرج نائحة خاصة خلف الجنازة (25) وربما يخرج رجال من أصحاب الذكر يسيرون خلف
الجنازة ، وهم يقومون بالتهاليل وترتيل الألحان (26)..
أما بالنسبة
للنصارى فيشيعون موتاهم بالنواح وضرب الطبول والنفخ بالرموز (27) ويسير الرهبان في
المقدمة ، ثم حاموا الصلبان والشموع ، ثم بقية الناس من أهل وأصدقاء ومعارف.
وفي حالة الدفن
اعتاد البعض من أهل بغداد أن يدفن موتاه خارج أسوارها ، والبعض الآخر يدفن موتاه
في النجف الأشرف ، وهؤلاء أصحاب المذهب الشيعي ، وتنقل الأموات إلى هذا المقر حتى
من الأماكن البعيدة ، ولا زالت هذه العادة متبعة ليومنا هذا ، وذكر أن عضد الدولة
الأمير البويهي نقل جثمانه إلى النجف الأشرف في القرن الرابع الهجري (28) وكذلك
استمرت عادة قراءة القرآن على القبور لدى جميع طبقات المجتمع ، حكي أن امرأة فقيرة
دفعت إلى رجل رغيفاً وطلبت منه أن يقرأ عند القبور فقال لها ، أيش أردت أن أقراء
(متكئين على فرش بطائنها من إستبرق ) فذاك بدرهم (29).
وعلى ذكر طريقة
دفن الموتى نشير إلى عادة دفن النقود أيضاً تحت الأرض خوفاً من ضياعها ، فالأمير
الذي يحكم كان يحفظ أمواله في الصحراء (30) وهكذا كان يفعل التجار ، حكي أن تاجراً
قدم من خراسان متأهباً للذهاب للحج ، وبقي من ماله ألف دينار ولا يحتاج إليها ،
فقال إن حملتها خاطرت بها وإن أودعتها خفت مغبة المودع ، فمضى إلى الصحراء ودفنها
تحت الشجرة ، وعندما عاد لم يجدها فوصل الخير إلى عضد الدولة فاستطاع بمهارته وعمق
تفكيره أن يهتدي إلى السارق (31).
أما المآتم التي
تقام على الأموات ، فكانت على نوعين ، منها الخاصة بالرجال والأخرى بالنساء ، يقرأ
فيهما القرآن ، ويختار لمجالس النساء قراء عميان أو قارئات (32) يلبس فيها الثياب
ذات اللون الأسود ، وهي تمثل شعار الحزن.
وعلى ذكر ثياب
العزاء فإن المؤرخين وغيرهم من الكتاب لم يمدونا بمعلومات وافية عن لونها ووصفها ،
على أننا نستطيع أن نقول : إنه كان يغلب عليها اللون الأسود ، وذلك على ضوء ما
ذكره بعض المؤرخين عن وفاة الخليفة المستنصر العباسي سنة 640هـ ، وارتداء رجال
الدولة الثياب السوداء في يوم وفاة هذا الخليفة (33)..
ومن بين
التعاليم الدينية التي تمثل صورا من المجتمع العراقي زيارة قبور الأئمة والشهداء
من أهل البيت ، وكذلك قبر الإمام أبي حنيفة ومشهد الصحابي سلمان الفارسي ، وقد زار
بعض الخلفاء قبور أهل البيت ، وكانت تنفق أموال كثيرة على قبور الشخصيات التي
تتمتع بصفة دينية ، فالخليفة المستنصر عند زيارته لقبر الإمام موسى بن جعفر أعطى
ثلاثة آلاف دينار لنقيب الطالبين لصرفها على المعنيين في مشهد الأئمة (34)..
وفي حالة وفادة
شخصية كبيرة كالخليفة أو الأمير فالحزن يعم بغداد كلها ، إذ تغلق الأسواق ، وتعلق
الأقمشة السوداء على جدرانها ، وتقام المآتم في كل مكان ، وحدث مثل ذلك في القرن
الخامس الهجري عند وفاة الخليفة القائم بأمر الله فأظهرت علائم الحزن لمدة ثلاثة
أيام (35) على المستوى الرسمي والشعبي ، وكذلك عند وفاة الأمير البويهي عضد
الدولة.
هذا وقد يظهر
أصحاب المذهب الشيعي الحزن الشديد في ذكرى استشهاد الإمام الحسين يوم عاشوراء (36)
ولا تزال عادة إظهار الحزن مستمرة في العراق حتى الوقت الحاضر.
وهناك صور أخرى
تمثل نواحي الحياة في المجتمع ، نذكر منها شيئاً فيما يخص الطعام واللباس وبعض
الأمور الأخرى ، فمن العادات المتبعة عند الطعام ولا تزال - خاصة عن طبقة
المتدينين – هي غسل الأيدي قبل الطعام وبعده ، ويكون في وعاء واحد (37) يمسى
بالطشت (38) ويبدأ رب البيت بالغسيل (39) ويذكر متز : إن العادة جرت أن يبدأ الغسل
من جهة اليسار حتى ينتهي بصاحب البيت (40) ، بينما يغسل يديه بعد الضيوف عند
الانتهاء من الطعام (41) واستعمل عادة الأشنان في الغسل (42) ويذكر كشاجم أن عامة
الناس تعودوا على إجلال رؤسائهم وخلفائهم بعد غسل أيديهم بحضرتهم ، وأجازوا ذلك مع
نظرائهم ليكون بذلك (43) أليق ، يحكي أن القائد الأفشين أكل عند الخليفة المعتصم
يوماً وبعد الانتهاء من الطعام غسل يديه بحيث يراه المعتصم فأزعجه بهذا التصرف
(44)..
هذا وبعد الغسيل
تنظيف الأسنان حكي أن المأمون كان يصرف ساعتين كل يوم يستمع فيهما للشعراء أثناء
تنظيف أسنانه ، كما يستعمل السواك لتنظيف الأسنان (45)
هذا وقد اهتم
الكتاب بآداب الطعام ، فكتب الغزالي خمسة قواعد الآداب الطعام (46) وكذلك كشاجم
(47) كتب في هذا الموضوع ، إضافة إلى عدد كبير من الكتاب والمؤرخين ممن هتموا بذلك
، فالخطيب البغدادي ذكر أنه بعد الانتهاء من الطعام على صاحب الدعوة أن يبخر
المدعوين (47) وعلى المدعوين أن يشكروا صاحب الدعوة عند مغادرتهم للبيت (49) هذا
وهناك عادات كثيرة جداً في الأصول وقواعد الطعام لا مجال لذكرها هنا خاصة بموائد
الخلفاء ورجالات الدولة.
أما عادات
اللباس فهي كثيرة أيضاً ، فلكل طبقة زي خاص بها ، فالخلفاء اتخذوا السواد (50) ولا
يمكن تغييره لأنه أصبح شعاراً لدولتهم ، وكذلك الوزراء وغيرهم من الداخلين لدار
الخلافة عليهم أن يتخذوا الأقبية السوداء لباساً لهم (51) وحتى محضرو مجالسهم
لبسوا الأثواب الخاصة بها أيضاً (52) وجرت العادة أن يلبس القضاة والفقهاء المطبعة
والطيلسان الأسود والدراعة السوداء والقلانس المستديرة حتى أبدلت بعد ذلك بالعمائم
السود المصقولة (53).
ومن التقاليد
والعادات العائلية في ذلك الوقت والتي استمرت حتى يومنا هذا لدى بعض الناس هي أن
لا تخرج المرأة كاشفه الوجه أو حاسرة الرأس في الطرقات ، فعليها أن تغطى وجهها
(54) وأن تتخذ التحفظ والاحترام والحشمة والابتعاد عن الرجال الغرباء عند حضورها
مجالس الوعظ (55) وفي الذهاب للحمام أو الأسواق (56).
وكان للزواج عادات
وتقاليد سيطرت على المجتمع ، ومع إنها قد تسبب مشاكل ومصاعب للأسرة ، لكن ليس من
السهل تغييرها أو إزالتها من عقول الناس ، فمن هذه التقاليد التي أصبحت عادات بعض
الزمن (الخطبة) التي اتبعت فيها طريقتان : إحداهما تتم بالتفاهم بين الرجل والمرأة
مباشرة (57) وهذا نادر الحدوث ، حتى خلال القرنين الثالث والرابع بعد الهجرة ، حيث
انتشرت الجوارى وانحطت منزلة المرأة.
أما الطريقة
الثانية ، وهي المتبعة لدى جميع طبقات المجتمع فهي جعل الخطبة عن طريقة الوساطة ،
وذلك بأن يعهد إلى سيدة من الأقارب أو من صديقات الأسرة بالذهاب إلى أهل الفتاة
لطلب يدها (58) وكان من مستلزمات الزواج الصداق ، وقد جرت العادة بأن يكون نقداً ،
وكان مقدراه يختلف حسب طبقات المجتمع ، فالأثرياء يقدمون صداقا كبيراً ، يتناسب مع
ما يملكون من ثروة (59) وكانت طبقة العامة تحرص أيضاً على تقديم الصداق بقدر ما
تستطيع (60) وهذا دليل على أن هذه العادة كانت مسيطرة على عوائل المجتمع.
ومن العادات
التي كانت تراعى في الزفاف أن تزف المرأة إلى بيت الرجال (61) حيث يقام احتفال
ووليمة ينفق عليها الزوج حسب إمكانياته (62) وقد يشترك مع المدعوين أشخاص يحضرون
بدون دعوة ، يعرفون بالطفيليين ، والظاهر أنها عادة متبعة مع المجتمع ، ويسمي
الواحد منهم بطفيلي العروس ، ولا يجسر أحد من المدعويين أن يطلب منه الخروج ،
ويحكي أن طفيلياً أوصى ابنه إذا دخلت عرساً فلا تلتفت تلفت المريب وتخير المجالس ،
فإن كان العرس كثير الزحام فلا تنظر في عيون أهل المرأة ولا في عيون أهل الرجل
ليظن هؤلاء أنك من أهل هؤلاء ، فإن كان البواب غليظاً صلفا .. فمره وانه من غير أن
تعنف به ، وعليك بكلام بين النصيحة والإدلال (63).
وجرت العادة عند
الأمراء والطبقات الثرية أن ينثر على الحضور النقود الذهبية والفضية والحلويات في
حفلات الزفاف وقد عرف ذلك بالنثار ، وتجلت هذه المظاهر في حفلي زواج زبيدة بهارون
الرشيد وبران بالمأمون (64) وظلت عادة النثار متبعة طيلة العهد العباسي (65)
فشوهدت في حفلي ختان المعز بن المتوكل (66) وأولاد المقتدر ، حتى قيل إن النفقات
بلغت في يوم ختان أولاد هذا الخليفة ستمائة ألف دينار ، حيث وزعت دراهم وكسوة (67)
وقد اتبع سائر الناس عادة النثار ، وصاروا فضلا عن ذلك يقدمون الهدايا إلى العروس
في صباح يوم زواجها ، وتسمى بالصبحية ، قيل سئل أحد بعد أن زفت له امرأة قبيحة
بماذا تصبحها فقال بالطلاق (68)..
وكان أغلب هذه
العادات متبعاً لدى كثيرين من أفراد المجتمع العراقي ، ولم يختلف عنهم بصورة واضحة
سوى طائفة الصائبة (ففي الزواج كانوا كالمسلمين يتبعون نظام الخطبة عن طريق أحد
الوسطاء من الأقارب أو المعارف ، ثم يقوم علماء الدين بعقد القرآن ، ويقدم الصداق
حسب ثروة الزوج ، بإشراف علماء الدين ، وعلى رأسهم الفقيه ، وقد جرت العادة عند
الصائبة أن يحتفل بتعميد العروسين عند زواجهما ، فيرتديان ملابس خاصة ، ويجلسان
على حافة النهر ، ثم تغطس رأسيهما ثلاثة مرات ، ويرش الماء على جسديهما ، ويتناول
كل منهما ثلاث جرعات من الماء ، ثم يرتديان ملابس أخرى ، ويعودان إلى دراهما ،
وهناك تجري طقوس دينية يتولاها أحد علماء الصائبة ، يتناول بعدها العروسان نوعاً
خاصاً من الطعام ، يتكون من الجوز والتمر والزيت والكشمش والملح والبصل ، وبعد
الانتهاء من هذه المراسيم يصبح الزواج مقبولا (69)..
الهوامش :
1- ابن الجوزي : تلبيس إبليس ص 140 – 382
2- ابن الجوزي : المنتظم ح 7 ص 215
3- الشيبي : الفن القوطى ج 2 ص 106
4- ابن الجوزي : تلبيس إبليس ص 382
5- ابن الجوزي : تلبيس إبليس ص 110
6- ابن الفوطي: الحوادث الجامعةص 71
7- القلقشندى : صبح الأعشى ج 2 ص 42
8- البيروني : الآثار الباقية من 222
9- ابن أبي أصيبعة : طبقات الأطباء من 207
10-مسكويه : تجارب الأمم ج 1 ص 155 – 156
11-الثعالبي : يتيمة الدهر ج2 ص 288
12-الثعالبي : يتيمة الدهر 2 ص 282
13-الصابئ : ﺭﺴﻭﻡﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ص 128
14-القلقشندى : صبح الأعشى ج د ص 476
15-الصابئ : ﺭﺴﻭﻡ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ص 131
16-السيوطى : تاريخ الخليفة ص 164
17-القلقشندى : صبح الأعشى ج 5 ص 491
18-السيوطى : تاريخ الخلفاء ص 164
19-الصولى : الأوراق ص 209
20-ابن كثير الدمشقى : البداية والنهاية ج 11 ص
292
21-هلال بن الصابئ : رسوم دار الخلافة من 131
22-ابن كثير الدمشقي : البداية والنهاية 11 ص 299
23-ابن الجوزي : المنتظم ج 7 ص 340
24-ابن الجوزي : ذم الهوى 278
25-ابن الجوزي : المنتظم ج 10 ص 46
26-الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ج 3 ص 31
27-ابن الفوطى : الحوادث الجامعة والتجارب النافعة
في المائة السابقة ص 237
28-ابن الجوزي : المنتظم ج 7 ص 362
29-ابن الجوزي : المنتظم ج 8 ص 317
30-ابن الجوزي : الظراف ص 98
31-ابن كثير الدمشقي : البداية والنهاية ح 11 ص
301
32-ابن الجوزي :الأذكياء ص 53
33-الفوطى: الحوادث الجامعة ص 68
34-ابن الجوزي : المنتظم ج 8 ص 295
35-ابن الفوطى : الحوادث الجامعة ص 104
36-ابن الجوزي : المنتظم ج 8 س 165
37-ابن الجوزي : المنتظم ج 7 ص 15
38-كشاجم : أدب النديم ص 27
39-الهمذاني : مقامات ص 135
40-الغزالي : إحياء علوم الدين ج 2 ص 16
41-كشاجم : أدب النديم ص 27
42-الغزالي : إحياء علوم الدين ج 2 ص 7 – الأزدى :
حكاية أبي القاسم ص 41
43-آدم متر : الحضارة الإسلامية ج 2 ص 232
44-كشاجم : أدب النديم ص 27
45-آدم متر :، الحضارة الإسلامية ج 2 ص 232
46-الأزدى : حكاية أبي القاسم ص 41 – الغزوني :
مطالع البدور ج 802
47-الغزالي : إحياء علوم الدين ج 2 ص 16 – 18
48-كشاجم ، أدب النديم ص 27
49-الخطيب البغدادي : التطفيل وحكايات الطفيليين ص
68
50-الغزالي : إحياء علوم الدين ج 2 ص 5
51-الصابئ، الوزراء والكتاب ص 261
52-الصابيء : رسوم الوزراء ص 91
53-الموشى الوشاء : ص 183 التمدن ج 5 ص 83
54-الصابى ، رسوم الوزراء ص 90
55-الاصبهاني ،
ج 5 ص 390
(انظر المقالة
عن الملابس لصاحبة المقال نشرت في المجلد الثالث عشر سنة 1967 من المجلة التاريخية
المصرية)
56- الغزالي : إحياء علوم الدين ج 2 س ، 230
57- الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ج 12 ص 76
58- الماوردى : الأحكام السلطانية ص 123 أو 222
59- ابن الجوزي : ذم الهوى ص 366 – 386
60- ابن الجوزي : الأذكياء ص 428
61- السيوطى : تاريخ الخلفاء ص 149
62- ابن الجوزي : الأذكياء ص 77
63- الثعالبي : ثمار القلوب ص 319 – 321
64- ابن الجوزي : الأذكياء ص 182
65- ابن الجوزي : الأذكياء ص 183
66-
67- محمد رضا الشيبي : مؤرخ العراق ابن الفوطى ج ص
97
68- الشابشتي ، الديارا ت ص 100
69- ابن الجوزي ، المنتظم ج 7 ص 127
70- ابن الجوزي
، أخبار الظراف ص 79
71 ـ عبد الرزاق الحسنى ، الصائبون ص 102 – 104
المصدر : المجلة التاريخية المصرية ـ المجلد 17 ـ
العدد 1 ـ سنة 1970
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق