الأحد، 3 مارس 2013

تاء المربوطة مذكّراً

نعرف ان التاء المربوطة تخصّ المؤنثات. هذا من حيث المبدأ، ولكن واقع اللغة العربية يدحض ذلك، فعندنا من الرجال "طلحة" و" معاوية"، و"عنترة"، وما ادراك ما عنترة في الفحولة الشعرية والحربية على السواء! وغيرهم من الاعلام المذكرة.

ما سبب تذييل الاسم المذكر بالتاء المربوطة.  اليست اهانة للرجل ان يلطّخ اسمه بهذه التاء في مجتمع يكنّ للرجولة ما لا يكنه للأنوثة ؟قرأت اليوم سببا طريفا او قل وجهة نظر لا تخلو من وجاهة .

التاء المربوطة في اسم الرجل تعبير خفيّ عن عدم حبّ البنات. نحن نعرف  تاريخ "الوأد" القاتم في الجاهلية. والبعض يقول ان الوأد سببه الحبّ لا الخوف، فالرجل يحب ابنته ويخاف عليها من السبي، فلا يجد غير ما يقوله المثل:" دفن البنات من المكرمات"، او ما يقوله مثل اخر:" ومن الحبّ ما قتل" أو وأد.

والانسان يؤمن بالخرافات، وويؤمن بالعيون الآثمة التي تصيب مقتلا بنظرات كالسهام المسمومة، وقد تعتدي العيون على الاشخاص كما تعتدي على الاسماء، ومن هنا تتحوّل " التاء المربوطة" الى درع واق من الموت. متراس لغوي يحمي الرجولة من عين تتربّص شرّا او غيرة.

كيف؟
يقول "شتيفان فيلد" في بحثه الطريف:" الاعلام العربية" من كتاب "الاساس في فقه اللغة العربية" ص82 ما يلي:" " ثمة ميزة لافتة للنظر لاسماء الاشخاص العربية هي ان عددا كبيرا من اسماء الرجال هي اسماء جنس، وهي مؤنثة نحويا مثل: " عبدة" ( مذكر)، و" ثعلبة" ( مذكر). ومن المحتمل انّ هذا يتّصل بانهم ارادوا ان يخفوا الابناء الذين يقدرونهم اكثر من البنات، الى حدّ ما خلف اسم مؤنث."

كلمة " اخفاء" في النص تلفت النظر، فالاسماء ليست دائما لاظهار الشيء وانما  احيانا لاخفائه، اليست هذه هي وظيفة " التنكر" في اسم مستعار؟

هل يمكن للمرء ان يغير هويته دون ان يغيّر اسمه؟
الاسم هوية ولكن يسهل خلعها ولبس اسم آخر.
وتغيير اسم الصبي تغيير لهويته الجنسية، وحماية له من " صيبة العين" او اشياء اخر.
والله اعلم!

ويقال ان احد اسباب تسمية العرب لابنائهم باسماء تغاير طبيعتهم هو حمايتهم، واذكر هنا ان احد الخلفاء ولعله المتوكل كان يملك جارية فائقة الجمال فقام بحماية جمالها بغلالة اسمية منفّرة، قرّر اعطائها اسم " قبيحة"، اسم يقوم بوظيفة " بادي غارد".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق