السبت، 2 مارس 2013

عربدة الطين من شعر ايليا ابو ماضي

قصيدة الطين - إيليا ابو ماضي :
**********************
نسي الطين ساعة أنه طين حقير فصال تيها و عربد

و كسى الخزّ جسمه فتباهى ، و حوى المال كيسه فتمرّد
...

يا أخي لا تمل بوجهك عنّي ، ما أنا فحمة و لا أنت فرقد

أنت لم تصنع الحرير الذي تلبس و اللؤلؤ الذي تتقلّد

أنت لا تأكل النضار إذا جعت و لا تشرب الجمان المنضّد

أنت في البردة الموشّاة مثلي في كسائي الرديم تشقى و تسعد

لك في عالم النهار أماني ، وروءى و الظلام فوقك ممتد

و لقلبي كما لقلبك أحلا م حسان فإنّه غير جلمد

********

أأماني كلّها من تراب و أمانيك كلّها من عسجد ؟

و أمانيّ كلّها للتلاشي و أمانيك للخلود المؤكّد !؟

لا . فهذي و تلك تأتي و تمضي كذويها . و أيّ شيء يؤبد ؟

أيّها المزدهي . إذا مسّك ألا تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟

و إذا راعك الحبيب بهجر ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟

أنت مثلي يبش وجهك للنعمى و في حالة المصيبة يكمد

أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ و بكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟

وابتسامتي السراب لا ريّ فيه ؟ و ابتسامتك اللآلي الخرّد ؟

فلك واحد يظلّ كلينا حار طرفي به و طرفك أرمد

قمر واحد يطلّ علينا و على الكوخ و البناء الموطّد

إن يكن مشرقا لعينيك إنّي لا أراه من كوّة الكوخ أسود

ألنجوم الني تراها أراها حين تخفي و عندما تتوقّد

لست أدنى على غناك إليها و أنا مع خصاصتي لست أبعد

********

أنت مثلي من الثرى و إليه فلماذا ، يا صاحبي ، التيه و الصّد

كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو حين أغدو شيخا كبيرا أدرد

لست أدري من أين جئت و لا ما كنت ، أو ما أكون ، يا صاح ، في غد

أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟

********

ألك القصر دونه الحرس الشا كي و من حوله الجدار المشيّد

فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا فوقه ، و الضباب أن يتبلّد

وانظر النور كيف يدخل لا يطلب أذنا ، فما له يطرد ؟

مرقد واحد نصيبك منه أفتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟

ذدتني عنه ، و العواصف تعدو في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد

بينما الكلب واجد مأوى و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد

فسمعت الحياة تضحك منّي أترجى ، و منك تأبى و تجحد

********

ألك الروضة الجميلة فيها الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟

فازجر الريح أن تهزّ و تلوي شجر الروض – إنّه يتأوّد

و الجم الماء في الغدير و مره لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد

إنّ طير الأراك ليس يبالي أنت أصغيت أم أنا إن غرّد

و الأزاهير ليس تسخر من فقري ، و لا فيك للغنى تتودّد

********

ألك النهر ؟ إنّه للنسيم الرطب درب و للعصافير مورد

و هو للشهب تستحمّ به في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد

تدعيه فهل بأمرك يجري في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟

كان من قبل أن تجيء ؛ و تمضي و هو باق في الأرض للجزر و المد


********

ألك الحقل ؟ هذه النحل تجي الشهد من زهرة و لا تتردّد

و أرى للنمال ملكا كبيرا قد بنته بالكدح فيه و بالكد

أنت في شرعها دخيل على الحقل و لصّ جنى عليها فأفسد

لو ملكت الحقول في الأرض طرّا لم تكن من فراشة الحقل أسعد

أجميل ؟ ما أنت أبهى من الور دة ذات الشذى و لا أنت أجود

أم عزيز ؟ و للبعوضة من خدّيك قوت و في يديك المهند

أم غنيّ ؟ هيهات تختال لولا دودة القز بالحباء المبجد

أم قويّ ؟ إذن مر النوم إذ يغشاك و الليل عن جفونك يرتد

وامنع الشيب أن يلمّ بفوديك و مر تلبث النضارة في الخد

أعليم ؟ فما الخيال الذي يطرق ليلا ؟ في أيّ دنيا يولد ؟

ما الحياة التي تبين و تخفى ؟ ما الزمان الذي يذمّ و يحمد ؟

أيّها الطين لست أنقى و أسمى من تراب تدوس أو تتوسّد

إنّ قصرا سمكته سوف يندكّ ، و ثوبا حبكته سوف ينقد

لايكن للخصام قلبك مأوى إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد

أنا أولى بالحب منك و أحرى من كساء يبلى و مال ينفد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق