الاثنين، 18 مارس 2013

الأضداد اللغوية من كتاب المزهر للسيوطي

السادس والعشرون معرفة الأضداد هو نوع من المشترك.


قال أهلُ الأصول: مَفْهُوما اللَّفْظِ المشترك إما أن يَتَباينا، بأن لا يُمْكِن اجتماعُهما في الصِّدق على شيء واحد، كالحيْض والطُّهْر، فإنهما مدلولا القُرْء، ولا يجوز اجتماعهما لواحدٍ في زمن واحد. أو يتواصلا، فإمّا أن يكونَ أحدُهما جزءًا من الآخر كالممكن العام للخاص، أو صفةً كالأسود لذي السواد فيمن سمّي به.
وذكر صاحب الحاصل: أن النقيضين لا يُوضع لهما لفظٌ واحدٌ؛ لأنّ المشتركَ يجبُ فيه إفادة التردُّدِ بين معنييه؛ والتردُّد في النقيضين حاصل بالذات لا من اللفظ.
وقال غيره: يجوز أن يُوضع لهما لفظٌ واحد من قبيلتين.
وقال ألِكْيا في تعليقه: المُشْترك يقعُ على شيئين ضدين، وعلى مختلفين غير ضدين، فما يقع على الضدين كالجَوْن، وجلَلَ؛ وما يقع على مختلفين غير ضدين كالعين.
وقال ابن فارس في فقه اللغة: من سُننِ العربِ في الأسماء أن يُسَمُّوا المتضادَّين باسمٍ واحد، نحو الجَوْن للأسود، والجَوْن للأبيض. قال: وأنكرَ ناسٌ هذا المذهَب، وأن العربَ تأتي باسمٍ واحدٍ لشيءٍ وضدّه، وهذا ليس بشيء؛ وذلك أنّ الذين رَوَوا أن العربَ تسمِّي السيفَ مُهنََّداً، والفرسَ طِرْفاً هم الذين روَوا أن العربَ تسمِّي المتضادَّين باسمٍ واحد.
قال: وقد جرَّدْنا في هذا كتاباً ذَكرْنا فيه ما احتَجُّوا به، وذكرنا ردَّ ذلك ونَقْضَه فلذلك لم نكرره.
وقال المبرد في كتاب ما اتَّفَقَ لفظُه، واختلف معناه.
مِنْ كلام العرب اختلافُ اللفظين لاخْتِلاف المَعْنَيَيْن؛ واختلافُ اللفظين والمعنى واحد؛ واتفاقُ اللفظين واختلاف المعنيين؛ فأما اختلافُ اللّفظين لاختلاف المعنيين فقولك: ذَهَب، وجاء، وقام، وقعد، ورجل، وفرس، ويَدٌ، ورِجل.
وأما اختلافُ اللّفظين والمعنى واحد فقولك: ظَنَنت وحسبْتُ؛ وقعَدت وجلست؛ وذِرَاع وسَاعِد؛ وأنف ومَرْسن.
وأما اتِّفَاقُ اللفظين واختلافُ المعنيين فقولك: وَجدت شيئاً إذا أردت وِجْدان الضَّالة، ووجَدْت على الرجل من المَوْجدَة، ووجدْتُ زيداً كريماً أي علمت.
وكذلك ضربتُ زيداً، وضربتُ مَثلاً، وضربتُ في الأرض إذا أبعدت، وكذلك العين؛ عينُ المال، والعين التي يُبصر بها، وعينُ الماء، والعينُ من السحاب الذي يأتي من قِبَل القِبلة، وعين الشيء إذا أردتَ حقيقته، وعين الميزان.
وهذا الضَّرب كثيرٌ جداً؛ ومنه ما يقعُ على شيئين متضادين كقولهم: جَلَل للكبير والصغير وللعظيم أيضاً؛ والجَوْن للأسود والأبيض وهو في الأسود أكثرُ، والقوي للقوي والضعيف؛ والرجاء للرغبة والخوف وهو أيضاً كثير. انتهى.
وقال ابن فارس في فقه اللغة: بابُ أجناس الكلام في الاتفاق والافتراق. يكونُ ذلك على وجوه: فمنه اختلافُ اللفظ والمعنى، وهو الأكثرُ والأشهر؛ مثل رجل، وفرس ، وسيف، ورمح.
ومنه اختلافُ اللفظِ واتّفاقُ المعنى، كقولنا: سيفٌ وعَضْب؛ وليثٌ وأسد، على مذهبنا في أنّ كلَّ واحدٍ منها فيه ما ليس في الآخر من معنى وفائدة.
ومنه اتفاقُ اللفظ واختلافُ المعنى، كقولنا: عينُ الماء، وعين المال، وعين الرَّكبَة، وعين الميزان.
ومنه قَضَى بمعنى حتَم، وقضَى بمعنى أمَر، وقضَى بمعنى أعْلَم، وقضى بمعنى صنَع، وقضى بمعنى فرَغ؛ وهذه وإن اختلفت ألفاظها فالأصل واحد.
ومنه اتفاقُ اللفظين وتضادُّ المعنى، وقد مضى الكلام عليه.
ومنه تقاربُ اللفظين والمعنيين، كالحَزْم والحَزْن، فالحزم من الأرض أرفع من الحَزْن، وكالخَضْمِ وهو بالفم كلّه، والقَضْم وهو بأطراف الأسنان.
ومنه اختلافُ اللفظين وتقارب المعنَيَيْن؛ كقولنا: مدحَه إذا كان حيّاً، وأبَّنه إذا كان ميّتاً.
ومنه تقارب اللفظين واختلاف المعنيين، وذلك قولنا: حَرِج إذا وقع في الحَرَج، وتحرَّجَ إذا تباعد من الحرج. وكذلك أثِم وتَأثَّم، وفَزِع إذا أتاه الفَزَع، وفُزِّعَ عن قَلْبه إذا نُحِّي عنه الفزَع. انتهى.
وقال أبو عبيد في الغريب المصنف: باب الأضداد: سمعت أبا زيد سعيد بن أوس الأنصاري يقول: النَّاهِل في كلام العرب: العَطْشان، والناهل: الذي قد شرِب حتى رَوي، والسُّدْفة في لغة تميم: الظّلمة، والسُّدْفة في لغةِ قيس: الضوء. وبعضهم يجعلُ السُّدْفة اختلاطُ الضوء والظلمة معاً. كوقتِ ما بين صلاة الفجر إلى الإسفار.
وقال أبو زيد: طلَعتَ على القوم أطلع طلوعاً إذا غبتَ عنهم حتى لا يروك، وطلَعت عليهم إذا أقبلتَ عليهم حتى يَرَوْك.
وقال: لَمَقت الشيء ألْمُقهُ لَمْقاً إذا كتبتُه، في لغة بني عقيل؛ وسائر قيس يقولون: لَمَقته: مَحَوْته.
وقال: اجْلَعَبَّ الرجل إذا اضطجع ساقطاً، واجلعَبَّت الإبل إذا مضت حادَّةً، وبعت الشيء إذا بعتَه من غيرك. وبعتَه: اشتريتَه. وشريت: بعت. واشتريت، وشعَبْت الشيء أصلحته وشَعَبته شَقَقتُهُ. وشَعُوب منه. وهي المنيّة؛ لأنها تفرِّق. والهاجد: المصلّي بالليل، والهاجد النائم.
وقال الأصمعي الجَوْن: الأسود، والجَوْنُ: الأبيض، والمشِيح: الجادّ، والمشيح: الحذر، والجَلَل: الشيء الصغير، والجلَلَ: العظيم، والصَّارِخ: المستغيث،. والصارخ: المُغِيث. والإهْماد: السرعة في السير، والإهماد: الإقامة.
وقال أبو عبيد: التِّلاع: مجاري الماء من أعالي الوادي، والتِّلاع: ما انهبط من الأرض. وأخَلفْتُ الرجل في موعده. وأخلفته: وافقتُ منه خُلْفاً. والصّريم: الصّبح. والصَّريم: الليل. وعطاء بَثرٌ: كثير. والبَثْر: القليل أيضاَ. والظّنُّ: يقينٌ وشكّ. والرَّهْوة: الارتفاع، والرَّهوة: الانحدار. ووراء تكون خَلْف وقدّام، وكذلك دون فيهما. وفرّع الرجل في الجبل: صَعِد. وفرّع: انحدر. ورَتَوْتُ الشيء: شددته وأرْخيته.
وقال الكسائي: أفَدْتُ المال: أعطيتهُ غيري، وأفَدْتُه: استفَدْتُه، وأودعتُه مالاً إذا دفعتُه إليه يكون وديعةً عنده، وأودعتَه إذا سألك أن تقبلَ وديعته فقبلتها. وغَبِيت الكلام، وغَبِي عني.
وقال الأمويّ: ليلةٌ غاضِيةٌ: شديدة الظلمة، ونارٌ غاضِية: عظيمة.
وقال غيرُ واحد: الحيّ خلوف: غُيَّب، والخُلوف: المتخلِّفون.
وقال أبو عمرو: الماثِل: القائم. والماثِلُ: اللاَّطِئُ بالأرض.
وقال الأحمر: أشْكَيْتُ الرجلَ: أتيتُ إليه ما يَشكُوني فيه، وأشْكَيْتُه إذا رجَعْتُ له من شكايته إلى ما يحبّ. وسوَاء الشيء: غيرُه، وسواؤُه: نَفْسُه ووَسَطه. وأطْلَبْتُ الرجل: أعطيتُه ما طلَب. وأطْلبتُه: ألْجأتُه إلى أن يطلب. وأسررْتُ الشيءَ: أخفيتُه، وأعلنته. و وبه فُسِّر قوله تعالى: "وَأَسَرُّواْ النَّدَامةَ لمَّا رَأواْ العَذَابَ": أي أظهروها. والخشِيبُ: السيف الذي لم يحكم عمله، والخَشِيب: الصقيل، وتهيَّبتُ الشيء، وتهيَّبني سواء. والأقْراء: الحيض. والأقراء: الأطهار. والخناذِيذ: الخِصْيان والفُحُولة. وأخفَيْت الشيء: أظْهرته وكتمتهُ. وشِمْتُ السيف: أغمدتُه وسَلَلْتُه. انتهى ما أورده أبو عبيد في هذا الباب.
وقال ابن دريد في الجمهرة: البَكّ: التفريق، والبَكّ: الازدحام، كأنه من الأضْدَاد.
قال: وللشّرَاشِر موضوعان: يقال ألْقى عليه شِرَاشِرَه إذا حماه وحَفِظه، وألقى عليه شَرَاشِره إذا ألْقَى عليه ثقله.
قال: وسوى الرجل: غيره، وسوَى الرَّجل: الرجلُ بعَيْنِه. يقال: هذا سوى فلان، أي فلان بعينه بكسر السين؛ قال حسان بن ثابت:


أتانا فلم نَـعْـدِل سِـوَاه بـغَـيْرهِ نبيّ أتى من عند ذي العَرْش هاديا

قال: والغابِرُ الماضي، والغابِر: الباقي؛ هكذا قال بعضُ أهل اللغة، وكأنه عندهم من الأضداد.
قال: والنَّبهَ من الأضداد يقال للضائع نَبَهٌ، وللموجود نَبَه.
وقال أبو زيد في نوادره: البَسْلُ: الحرام، والبَسْل أيضاً: الحلال، وهذا الحرف من الأضداد.
وفي أمالي القالي: الجَادي: السائل، والمعطي؛ وهو من الأضداد.
وفي ديوان الأدب للفارابي: المُغَلَّب: المغلوب كثيراً، والمُغلَّب: المَرْمِيُّ بالغلبة، وهذا الحرف من الأضداد. وناء: نَهضَ في ثقل، وناءَ: سقط، من الأضداد. ووَلّى: إذا أقبل: وولَّى إذا أدْبر، من الأضداد. والبَيْن: القطع، والبَيْنُ: الوَصْل، من الأضداد. وأكْرى: زادَ، وأكْرى: نقص، من الأضداد. والمعبَّد: المُذلَّل، والمعبَّد: المُكْرَم، من الأضداد. ويقال عزّ عليّ أن تفعل كذا أي اشتدّ، وعزَّ أي ضَعُف، من الأضداد. والضَّمْدُ: رَطْب الشجر، ويابسه، والضَّمْد: صَالِحة الغنم وطَالِحتُها، والنَّبَل: الكبار، والنَبَل: الصغار، من الأضداد. والصريخُ: صوتُ المُسْتَصْرخ، والصريخُ: المغيث، وهو من الأضداد. والشفّ: الربح، والشف أيضاً: النقصان، من الأضداد. ونصَل الخِضَابُ من اللِّحية: سقط منها، ونصَلَ السَّهْم فيه: ثبت فلم يخرج، من الأضداد. وغَرْض القربة ملؤها، وكذا غَرْضُ الحَوْض، والغَرْضُ أيضاً: النُّقْصان عن المَلْءِ، من الأضْداد. وأفْزَعْتُ القوم: أنزلت بهم فَزَعاً، وأفزعتهم: إذا نزلوا إليك فأغَثْتَهم، من الأضداد.
وفي القاموس: الحَوْزُ: السَّوْقُ اللَّيِّن والشديد، ضدّ.
وفي الصحاح: الرَّسُّ: الإصلاح بين الناس والإفساد أيضاً، من الأضداد. وعَسْعَس الليلُ: إذا أقبلَ بظلامه، وعَسْعَس أدْبر، وتقول: أمرست الحبل إذا أعَدْتُه إلى مَجْرَاهُ، وأمْرَسْتُه إذا أنْشَبْتُه بين البَكَرَةِ والقَعْوِ، وهو من الأضداد. والأشْراط: الأرْذال، والأشراط أيضاً: الأشرافُ، من الأضداد. والغابِر: الباقي: والغابرُ: الماضي، وهو من الأضداد. وفلان قِفْوتي أي خِيرتي ممن أُوثره، وفلان قفوتي أي تُهمَتي كأنه من الأضداد. والمُكلِّل: الجادُّ، يقال: حمل فكلَّلَ أي مضى قدماً ولم يُحْجِم، وقد يكون كلَّلَ بمعنى جَبُن، يقال: حمل فما كلَّلَ أي فما كذب، وما جَبُن، كأنه من الأضداد. ونصلَ السَّهمُ: إذا خرج من النَّصل، ومنه قولهم: رماه بأفوق ناصل، ويقال أيضاً نصل السهمُ: إذا ثبتَ نصلُه في الشيء فلم يخرج، وهو من الأضداد. ونصَّلْت السهم تَنْصيلاً نزعتُ نَصْله، وكذلك إذا ركبتَ عليه النَّصْل، وهو من الأضداد.
وقال ثعلب في كتاب مجاز الكلام وتصاريفه: من الأضْداد مَفازة مَفْعَلة من فَوْز الرجل إذا مات، ومَفازة من الفوز على جنس التفاؤل كالسليم، والمُنَّةُ: القوّة والضَّعف. والساجد: المُنْحَني والمنتصب. والمتظلِّم: الذي يشكو ظُلامته، والظالم. والزُّبْية: المكان المرتفع وحفرةُ الأسد. وعَفَا: دَرَس وكَثُر. وقِسط: جارَ وعدَل. والمسجور: المملوء والفارغ. ورَجَوْت: أمَّلت وخِفت. والقَنِيصُ: الصائد والصيد، والغَريم: المُطالِب والمُطالَب.
وفي أدب الكاتب لابن قُتَيبة: من ذلك فَوْق؛ تكونُ فوق، وتكون بمعنى دون، ومنه قوله تعالى: "بَعُوضةً فما فَوْقها"؛ أي فما دُونها.
وفي نوادر ابنِ الأعرابي: من ذلك: القَشِيب: الجديدُ والخَلَق. والزَّوْج: الذكرُ والأنثى. ويقال: جُزْتُك وجُزْتُ بك، ومَرَرْتُك، ومررتُ بك.
وفي كتابِ المقصور والممدود للأندلسي: الشَّرَى: رُذال المال وأيضاً خِياره، من الأضْداد، جمع شراة.
وفي المجمل لابن فارس: المجانيق: الإبل الضمّر ويقال: هي السّمان، وإنها من الأضداد.
وفيه حكى ابن دريد: تَظَاهَر القومُ: إذا تَدَابرُوا، فكأنه من الأضداد.
وفيه: العَقُوق: الحامل، وكان بعضُهم يقول: إن العَقُوق: الحائلُ أيضاً، وذهب إلى أنه من الأضْداد.
وفي كتاب المشاكهة في اللغة للأزدي: يقال: حبلٌ متين، من الأضداد، يقال ذلك للقويِّ والضعيف.
وفي الأفْعال لابن القوطية: أقْنَع: رفع رأسه، وأقْنعَ أيضاً: نكس رأسه، من الأضداد. وظَنَنْتُ الشيء ظناً: تيقَّنته، وأيضاً شككتُ فيه، من الأضداد. وأشجذَ المطرُ: أقلع ودام، من الأضداد.
وفي القاموس: أكْعَتَ: انطلق مسرعاً وقَعَد، ضد. وقَعثَ له العطيةَ: أجزَلها، وقَعَثَ له قَعْثةً: أعطاه قليلاً، ضدٌّ. والسَّبْح: النَّوم، و السّكون، والتَّقلب والانتشارُ في الأرض، ضد. والشَّحْشَح من الأرض: ما لا يَسيلُ إلا من مطرٍ كثير، والذي يسيل من أدْنى مطر، ضد. وكَشَح الشيءَ: جمعه وفرَّقه، ضد. والمَسْح: أن يخلق اللّه الشيء مُباركاً أو ملعوناً، ضد. والنَّجادة: السخاء والبخل، ضد. ونشَح نَشْحاً ونشُوحاً: شرب دون الرِّيِّ، أو حتى امتلأ، ضد. وأسِد: دَهِش وصار كالأسد، ضد. وأفِد: أسرع وأبْطأ، ضد. وأسْوَدَ: ولَد غلاماً أسْود، أو غلاماً سَيّداً، ضد. والعِرْبَدُّ: حيةٌ تَنْفُخُ ولا تُؤْذي، وحية حمراء خَبيثة، ضد. وغَمِدت الرَّكيَّة: كثُر ماؤُها وقلّ، ضد. وقَعَد قامَ، ضِدٌّ. والقُعْدُد: القريبُ الآباء من الجَدِّ الأكبر، والقُعْدُد: البعيدُ الآباء منه، ضد. والمَصْدُ: شدة البرد والحرّ، ضد. وأنْشد الضالة: عرَّفها، واسْتَرْشَد عنها، ضد. والنَّكْدُ: الغزيرات اللبن من الإبل، والتي لا لبَن لها، ضد. والمُخاوذة: المخالفة، والموافقة ضد. والأْزرُ: القوَّة والضعف، ضد. وثَأْثَأ الإبل: أرْواها وعطَّشها، ضد. وثأثأت الإبلُ: رَويت وعطِشتْ، ضد. وجَفا الباب: أغْلقه وفتحه، ضد. ودَرَأْتُه: دافعتُه ولايَنْتُه، ضد. والحَوْشَبُ: الضامرُ والمنتفخ الجَنْبيْن، ضد. وخشَبَه يخشِبُه: خلطه وانْتقاه، ضد. والسَّاقِبُ: القريب والبعيد، ضد. والطَّرَب: الفرح والحزن، ضد. والعَجْباءُ: التي يُتَعجَّب من حسنها أو من قبحها، ضد. والإعراب: الفُحْشُ وقبيحُ الكلام، والدَّرْءُ عن القبيح، ضد. والتَّغْرِيب: أن يأتي بِبَنين بيضٍ وبنينَ سُودٍ، ضد. وقرْضَبَ اللحم في البُرْمَة جمعه، والشيء فرَّقه، ضد. وأنْجَبَ: جاء بولدٍ جبان، وشجاع، ضدّ. والهَلُوبُ: المُتقرِّبة من زوجها والمُتَجنِّبة منه، ضد.
فائدة - قال ابنُ درستويه في شرح الفصيح: النَّوء: الارتفاع بمشقّة وثِقَل، ومنه قيل للكوكب قد ناءَ إذا طلع، وزعم قومٌ من اللغويين أن النَّوْء السقوط أيضاً، وأنه من الأضداد؛ وقد أوضحنا الحجة عليهم في ذلك في كتابنا في إبطال الأضداد. انتهى.
فاستفدنا من هذا أن ابنَ درستويه ممن ذهبَ إلى إنكار الأضداد وأنَّ له في ذلك تأليفاً.
تنبيه - قال في الجمهرة: الشَّعْب: الافتراق، والشَّعْب: الاجتماع؛ وليس من الأضداد، وإنما هي لغة لقوم؛ فأفاد بهذا أنَّ شرط الأضداد أن يكون استعمالُ اللفظ في المعنيين في لغةٍ واحدة.
وقال الأزدي في كتاب الترقيص: أخبرنا أبو بكر بن دريد: حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال: خرج رجلٌ من بني كلاب، أو من سائر بني عامر بن صَعْصعة، إلى ذي جَدَنٍ، فأُطلع إلى سَطْح، والملكُ عليه؛ فلما رآه الملك اختبره، فقال له: ثِبْ أي اقعد. فقال: لِيَعْلم الملكُ أنِّي سامعٌ مطيع، ثم وثب من السَّطْح فقال الملك: ما شأنُه? فقالوا له: أبيتَ اللَّعْن إن الوثب في كلام نزار الطَّمْر. فقال الملك: ليست عربيَّتُنا كعربيتهم؛ من ظفر حَمَّر. أي من أراد أن يقيم بظَفَار فليتكلم بالحمْيريَّة.
وقال القالي في أماليه: الصَّرِيم: الصّبح، سُمِّي بذلك؛ لأنه انْصَرَم عن اللَّيْلِ، والصَّرِيم الليل؛ لأنه انصرَم عن النهار، وليس هو عندنا ضداً.
وقال: النُّطْفة: الماءُ تقع على القليل منه والكثير، وليس بضدّ.
فائدة - ألَّف في الأضداد جماعةٌ من أئمةِ اللغة، منهم قطرب، والتوّزي، وأبو بكر بن الأنباري، وأبو البركات بن الأنباري، وابن الدّهان، والصغاني.
قال أبو بكر بن الأنباري في أول كتابه: هذا كتابُ ذكر الحروف التي تُوقِعها العرب على المعاني المتضادّة؛ فيكون الحرفُ منها مؤدّياً عن معنيين مختلفين.
ويظنُّ أهلُ البدع والزَّيْغ والازدراء بالعرب أن ذلك كان منهم لِنُقْصانِ حكمتهم، وقلَّةِ بلاغتهم، وكثرة الالتباس في محاوراتهم عند اتصال مخاطباتهم؛ فيسألون عن ذلك، ويحتجون بأن الاسم مُنْبئٌُ عن المعنى الذي تحته، ودالٌ عليه، وموضحٌ تأويله؛ فإذا اعتور اللفظةَ الواحدة معنيان مختلفان لم يَعْرِف المخاطَبُ أيُّهما أراد المخاطِب، وبطل بذلك معنى تعليق الاسم على هذا المسمَّى؛ فأجيبوا عن هذا الذي ظنوه وسألوا عنه بضروب من الأجوبة:


أحدها - أن كلامَ العرب يُصَحِّحُ بعضهُ بعضاً، ويرتبطُ أوَّلُه بآخره، ولا يُعْرَف معنى الخطاب منه إلا باستيفائه واستكمال جميع حروفه؛ فجاز وقوعُ اللفظة الواحدة على المعنيين المتضادين؛ لأنها تتقدمها ويأتي بعدها ما يدلُّ على خُصُوصيَّة أحد المعنيين دون الآخر، فلا يُراد بها في حال التكلم والإخبار إلا معنًى واحد؛ فمن ذلك قولُ الشاعر:

كلُّ شيء ما خَلا الموت جَلَلْ والفتى يَسْعَى ويُلْهيه الأمَل

فدلّ ما تقدم قبل جَلل، وتأخر بعده، على أن معناه كلُّ شيء ما خلا الموت يسيرٌ، ولا يتوهَّم ذو عقل وتمييز أن الجلَلَ هنا معناه عظيم، وقال الآخر:

يا خَوْلَ يا خَوْلَ لا يَطمع بك الأملُ فقد يكـذِّب ظـنَّ الآمِـلِ الأجَـلُ
يا خَوْل كيف يذوق الغمض معترِف بالموت والموتُ فيما بعده جَـلَـلُ

فدلَّ ما مضى من الكلام على أنَّ جَلَلاً معناه يسير، وقال الآخر:

قومي هُمُ قتلوا أُمَـيْمَ أخـي فإذا رميتُ يصيبني سهمـي
فلئن عفوتُ لأعفونْ جَـلـلاً ولئن سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي

فدلَّ الكلام على أنه أراد: فلئِنْ عفَوْتُ لأعفونّ عفواً عظيماً؛ لأنّ الإنسان لا يفخرُ بصَفْحه عن ذنب حقير يسير. فلما كان اللَّبس في هَذين زائلاً عن جميع السامعين لم يُنكَر وقوع الكلمة على معنيين مختلفين في كلامين مختلفي اللفظين. وقال تعالى: "الذين يظنُّون أنهم مُلاقُو ربهم". أراد الذين يتيقَّنون ذلك، فلم يذهب وهمُ عاقلٍ إلى أن اللّه تعالى يمدحُ قوماً بالشك في لقائه.
وقال تعالى حاكياً عن يونس: "وذَا النُّونِ إذْ ذَهب مُغاضِباً فظنّ أن لن نَقْدِر عليه". أراد رَجا ذلك وطَمِع فيه. ولا يقول مسلم: تَيَقَّن يونس أن اللّه لا يقدر عليه.
ومجرى حروف الأضداد مجرى الحروف التي تقع على المعاني المختلفة وإن لم تكن متضادة، فلا يُعْرف المعنى المقصود منها إلا بما يتقدَّمُ الحروفَ ويتأخرُ بعده مما يوضح تأويلَه؛ كقولك: حَملٌ للواحد من الضأن، وحَمَل اسم رجل لا يُعْرَفُ أحدُ المعنيين إلا بما وصفنا.
وكذلك غسَقَ، يقع على معنيين مختلفين: أحدُهما أظْلم من غسق الليل، والآخر سال من الغَسَاق وهو ما يَغْسِق من صديد أهل النار، وفي ألفاظٍ كثيرةٍ يطولُ إحصاؤها، تُصْحبها العرب من الكلام ما يدلُّ على المعنى المخصوص منها؛ وهذا الضرب من الألفاظ هو القليلُ الظريفُ في كلام العرب.
وأكثرُ كلامهم يأتي على ضربين آخرين: أحدهما - أن يقع اللفظان المختلفان على المعنيين المختلفين؛ كقولك: الرجل، والمرأة، والجمل، والناقة، واليوم، والليلة، وقام، وقعد، وتكلم، وسكت؛ وهذا هو الكثير الذي لا يُحاط به.
والضرب الآخر - أن يقعَ اللفظان المختلفان على المعنى الواحد؛ كقولك البُرُّ والحنْطة، والعَيْر والحمار، والذئب والسيِّد، وجلس وقعد، وذهب ومضى.
وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي: كلُّ حرْفين أوقَعَتْهُما العربُ على معنى واحد في كلِّ واحد منهما معنًى ليس في صاحبه، ربما عرفناه فأخْبَرْنا به، وربما غمض علينا، فلم نلزم العرب جهله.
وقال: الأسماء كلّها لعلّةٍ خصَّت العربُ ما خصَّت منها، من العلل ما نعلمه ومنها ما نجهَلُه، قال أبو بكر يذهب ابنُ الأعرابي إلى أن مكة سمِّيت مكة لجذْبِ الناس إليها، والبصرة سمِّيت البصرة للحجارة البيض الرِّخْوة بها، والكوفة سمِّيت الكوفة لازْدِحام الناس بها، من قولهم: تكوّف الرمل تكوُّفاً: إذا ركب بعضُه بعضاً، والإنسان سمِّي إنساناً لنِسْيانِه، والبهيمة سمِّيت بهيمة، لأنها أُبهِمَت عن العَقْل والتمييز، من قولهم: أمر مُبْهَم إذا كان لا يُعرَف بابه، ويقال للشجاع بهمة، لأن مُقاتله لا يدري من أي وجه يوقع الحيلة عليه.
فإن قال قائل: لأي علّة سمّي الرجلُ رجلاً، والمرأةُ امرأة، والمَوْصِلُ الموصل، ودَعْد دَعْداً? قلنا: لِعللٍ علِمَتْها العربُ، وجَهِلْناها أو بعضَها، فلم تَزُل عن العرب حكمةُ العلم بما لحقَنا من غموض العلة وصعوبة الاستخراج علينا.
وقال قطربٌ: إنما أوْقَعت العربُ اللَّفظتين على المعنى الواحد؛ ليدلُّوا على اتَّسَاعهم في كلامهم، كما زَاحفوا في أجزاءِ الشعر؛ ليدلّوا على أن الكلامَ واسعٌ عندهم، وأن مذاهبَه لا تضيقُ عليهم عند الخطاب والإطالة والإطناب، وقولُ ابن الأعرابي هو الذي نذهب إليه للحجة التي دللنا عليها والبرهان الذي أقمناه فيه.
وقال آخرون: إذا وقع الحرفُ على معنيين متضادّين فالأصلُ لمعنى واحد، ثمَّ تداخل الاثنان على جهة الاتساع؛ فمن ذلك الصَّريمُ، يقال للَّيل صريم، وللنَّهار صريم؛ لأنّ الليل يَنْصَرِمُ من النهار، والنهارَ ينصرم من الليل؛ فأصلُ المعنيين من باب واحد وهو القَطْع، وكذلك الصارخُ: المُغِيث، والصَّارِخُ المستغيث، سمِّيا بذلك لأنَّ المغيثَ يصرخ بالإغاثة، والمستغيث يصرخُ بالاستغاثة؛ فأصلهما من باب واحد.
وكذلك السُّدفة: الظلمة، والسدفة الضَّوء؛ سمِّيا بذلك؛ لأن أصلَ السدفة الستر، فكأنَّ النهار إذا أقبل ستر ضوْؤه ظلمةَ الليل، وكأنَّ الليلَ إذا أقبل سترت ظلمتُه ضوء النهار.
وقال آخرون: إذا وقع الحرف على معنيين متضادّين فمحال أن يكون العربيُّ أوقعَه عليهما بمساواة منه بينهما، ولكنّ أحدَ المعنيين لحيٍّ من العرب والمعنى الآخر لحيٍّ غيره، ثم سَمِع بعضُهم لغةَ بعض فأخذ هؤلاء عن هؤلاءِ، وهؤلاء عن هؤلاء. قالوا: فالجوْنُ الأبيض في لغة حيٍّ من العرب، والجوْن الأسود في لغة حيّ آخر؛ ثم أخذ أحدُ الفريقين من الآخر كما قالت قريش: حَسِب يَحْسِبُ. و أخبرنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء قال: قال الكسائي: أخذوا يَحْسِب بكسر السين في المستقبل عن قوم من العرب يقولون: حسَب يحسِب، فكأنَّ حَسِب من لُغتهم في أنفسهم، ويَحْسِب لغة لغيرهم، سَمِعوها منهم فتكلَّموا بها، ولم يقَعْ أصل البناء على فعِل يَفْعِل.
وقال الفراء: قوَّى هذا الذي ذكره الكسائي عندي أني سمعتُ بعضَ العرب يقول: فَضِل يفضُل.
قال أبو بكر يذهبُ - الفراء - إلى أن يَفْعُل لا يكون مستقبلاً لفعِل، وأن أصل يَفْضُل من لغة قوم يقولون فضَل يَفْضُل، فأخذ هؤلاء ضمّ المستقبل عنهم.
وقال الفراء: الذين يقولون: مِتَّ أمُوت، ودِمت أدوم. أخذوا الماضي من لُغة الذين يقولون: مت أمَات، ودمت أدامُ؛ لأن فَعِل لا يكون مستقبله يفعُل.
قال أبو بكر: فهذا قولٌ ظريف حسن. انتهى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق