كتبهابلال عبد الهادي ، في 21 نيسان 2012 الساعة: 06:15 ص
لفت نظري
المقال لمقاربته الكلام من باب الاقدام:
في هذا
الموضوع أود أن أتحدث عن بعض المصطلحات التي يستعملها المتخصصون في كرة القدم
الأوروبية و الاتينية أثناء وصفهم لبعض مراكز و مهام الاعبين و التي آمل أن تساعد
المتابع العربي في فهم ما يدور حوله عندما يكون في الأستماع لهم أو عندما يقرأ
جريدة أو مجلة .
كذلك الكيفية
التي أثرت بها اللغة في خلق مفردات و معاني بل و مراكز جديدة فقط لتفهم الطريقة
التي تلعب بها كرة القدم .
قد يستوقف
المشاهد أو القارئ العربي كلمات لا يوجد تفسير لها في معاجم اللغة و لا ترجمة حرفية
تساعد في فهم مايدور أو ما يوصف و أردت بهذا العمل الذي هو ليس بالكبير بل بسيط في
المساعدة في فهم كرة القدم كما تُرى و تُسمع في أوروبا و أمريكا الاتينية
.
و لكي نعي ما
أتحدث عنه دعوني أسرد نبذة بسيطة عن ما يؤثر به فهمنا للغة عن مدى علمنا عن كرة
القدم بالخصوص ، هناك نظرية لغوية أسسها أستاذ في علم الإنسانيات anthropologist يدعى إدوارد سابير
و طالبه بينجامين وورف تقول تلك النظرية التي أوجداها
عام 1929 (( بإن اللغة لا تخدمنا بشكل كبير في وصف ما نراه على
أرض الواقع و لكن اللغة تشكل لنا منظورنا عن ذلك الواقع )) أي أننا نستخدم
مصطلحات لا تصف بتاتاً و ليس لها صلة فيما نراه و لكنها تشكل لنا معنى عن ذلك الذي
نراه ، أرجو أن تكون قد أتضحت الفكرة
لنأتي عما
أردت أن أتحدث عليه في هذا الموضوع ، كرة القدم لعبة يحكمها 17 قانوناً تختلف
معانيها و طرق فهمها من دولة لأخرى و نظرية سابير - وورف تجعل من تشكيل اللغة لما
نراه في كرة القدم طريقة فهم موحدة لجميع سكان العالم ، فنحن و سكان أمريكا
الاتينية مثلاً نفهم كرة القدم بطريقة مختلفة و نستخدم مصطلحات خاصة مختلفة يتم بها
التعرف على ما ننعنيه ، فمثلاً نحن نستخدم كلمة صانع الالعاب لوصف الاعب المحوري
الذي يقوم بصناعة اللعب و إمداد المهاجمين بالكرات و لكن في إمريكا الاتينية لا يتم
إسخدام تلك الكلمة بترجمتها الحرفية بالإسبانية أو البرتغالية بل يتم إستخدام
كلمة Enganche و التي إن ترجمتها حرفياً ستعني الذي
يقوم بتعليق أو توصيل الشئ وهي كلمة ستتوقف عندها كثيراً أن لم تعرف مالذي تُستخدم
لأجله و لن تجد لها علاقة بكرة القدم ، Enganche هي
المعنى لصاحب الرقم عشرة في الفريق الاعب الذي يقوم بكل
شئ كماردونا و ريكيلمي و زيدان و توتي و أليساندرو ديل بيرو و على ذكر الطليان
فإنهم بستخدمون كلمة trequartista لوصف من يشغر خانة
صانع الالعاب في الفريق و إن ترجمتها حرفياً فهي ستعني ثلاثة أرباع فما علاقة تلك
الكلمة بما يدور في كرة القدم ؟
كلمة أخرى
توصف لحدث ما في كرة القدم إلا وهي la plancha بالإسباني و تعني ترجمتها حرفياً المكواة فمالذي تعنيه عندما تقال في
حوار خاص بـ كرة القدم و لماذا أستخدمت تلك الكلمة بالذات ؟
أنها تعني
الخطأ أو foul بالأنجيلزية و خصوصاً ذلك الذي ترفع فيه
القدم عالياً في الهواء و قد أستخدمت تلك الكلمة رغم وجود أخرى تصف المعنى بشكل
أقرب و اكثر واقعية و لكنها تعتبر كلمة مسيئة او تخدش الحياء لدى الإسبان إن تم
إستعمالها فوجد لها البديل إلا وهو la plancha ، و
المضحك أنها تكوي صاحبها بالكرت الأحمر في دوري بلد كالأرجنتين و لا ينال من يقوم
بها حتى توبيخ عندما تستخدم تلك الحركة الخطيرة في الدوري الممتاز
الأنجليزي.
تلك فقط بضع كلمات و أمثلة وُجدت ليس فقط لكي
تعطي معنىً أو وصف عما يريد المتحدثون بها بل إيضاً زرعت في أذهانهم شكلاً معيناً
يرتبط دوماً بذلك الوصف ، قد تكون كرة القدم لعبة بسيطة و عالمية و لكن نرى كيف أن
لغة و بنظرية سايبر - وورف جعلتنا نراها مختلفة عما
يراها الآخرون في العالم .
فرانز بيكينباور لاعب له طابع خاص و فريد في
كرة القدم كذلك المركز الذي لعب فيه كان جديداً عما كانت عليه تكتيكات و أماكن
اللعب التقليدية في ذلك الوقت فبدايته كانت كلاعب وسط بعدها تأخر قليلاً ليكون
مدافعاً ، فرانز لم يرضى بمكانه الجديد وراء زملائه بل آثر أن يتقدم للأمام و يندفع
للهجوم فأصبح لا يُعرف مكانه فهو ليس بلاعب وسط ولا مدافع و لذلك تم أستحداث
كلمةlibero لوصف ما كان يقوم به
فرانز ، و التي تعني الحر بالإسبانية و لذلك عندما ظهر لاعبون أمثال ماتيوس و
باريزي و رونالد كومان يقومون بما كان يفعله بكينباور تم بسهولة وصفهم
بـlibero و بهذا تم إيجاد مركز جديد في كرة القدم نتيجة
لظهور تلك التسمية الجديدة و أصبح جميع من في العالم يعرف مالذي تعنيه كلمة libero
و ماهي المهام التي تناط بصاحبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق