أدهشني حضور حرف الجرّ " مع" في هذه الآية الكريمة :"
إنّ مع العسر يسراً". هذا العسر المعرّف يرافقه، يلازمه، يأتي معه
"يسر"، يسر غير معرّف، يسر لا يحتاج الى تعريف، يسر غريب، فاتن، غير
مرئيّ للعين العجول، وللشعور الخامد، قد لا يكون مألوفا، قد لا تتعرّف إليه، ولكنه
موجود في تلافيف العسر او في ثنية مجهول لا تعرفه. الإيمان بأن العسر لا يكون
بمفرده وإنّما يأتي مشفوعاً بيسر ما يبعث في النفس المتوترة اطمئنانا جميلا، لا
يحسّ به الاّ من يعمر قلبه الإيمان. والايمان بحضور" مع" يحتاج الى
مكابدة ايمانيّة، وتدبّر لغويّ وبلاغيّ ونفسيّ وروحيّ.
"مع"
ليست، في هذا الموضع، مجرّد "حرف جر" يرضى أن يكون معناه في غيره!
تكرير الآية مرتين متتاليتين يعمّق حضور هذه
الـ"مع" البهيّة، الألهيّة، في هذا المقام، فهي تقلّم مخالب العسر
الناهشة في الروح، وليس بمقدور أيّ كان أن يرى الخفيّ في الجليّ!
فسبحان الله!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق