كتبهابلال عبد الهادي ، في 1 تشرين الثاني 2010 الساعة: 14:55 م
لم أرد أن
أضع كلمة "قحبة" في العنوان، فحذفت الباء بعد الحاء، من دون قصد اللعب اللغوي. وسوف
يظهر الأمر اثناء توالد مفردات النصّ. لكل كلمة حكاية. ولكل مفردة تجربة في الحياة
وخبرة لا يستهان بها. الكلمة ولدت قبلي وتستمرّ بعدي، تستقبلني وتكون الشاهد على
مغادرتي الفانية. طبعاً، الكلمات كالناس، ظروف حياة كل مفردة خاصّة بها وحدها. هنا،
سأحكي عن كلمة "قحبة" سيئة السمعة. التي لا تعني في الاساس غير السعال. وهل السعال
عيب؟ طبعا لا.السعال نعمة، وسيلة دفاع عن النفس، حين اسعل فلأنّ جسما غريبا قد يكون
دخل من الباب الخطأ إلى قصبتي الهوائية فيكون السعال عملية طرد لهذا الغريب،
الدخيل، الداخل إلى جسدي قصد الأذيّة.
المهمن
ليست هذه هي القصّة، وانما كيف تحولت القحبة التي لا تعني غير"القحّة" أو السعلة
إلى اسم من تمارس أقدم مهنة في العالم؟ نعرف الناس يتواصلون بالكلمات وبالعلامات،
والتواصل بالعلامات أكثر سرّيّة.لأنّ كلّ الناس يسعلون.وعليه، للسعلة ظاهر طبيعيّ
وبريء، ومن براءتها اندسّ المعنى المراد.كانت القحبة تعني السعلة، استثمرت
السعلةبين الساعل والسامع كعلامة على رغبة مكنونة. السعال مستمرّ، ولكن السعال
انتبه إلى المعنى الخبيث المندسّ في لفظ "القحبة"، فسحبه من التداول بمعناها
الأول.وصارت الكلمة من الكلمات المنبوذة على ألسنة الناس في حياتهم الاجتماعية
الطبيعية.
وبما ان
العنوان يتضمّن "مومس"فلا بأس من أن أشير إلى أنّها، بدورها، تحمل قصة لا تخلو من
طرافة.هل للمومس علاقة بالغناء؟ أظنّ ذلك. فمصدرها الأساس يحيل إلى ذلك. إنها مفردة
غير عربية، يونانية الأصل والمنشأ والولادة.حين نقارنها بزميلة لها تعيش في بلاد
موليير، من حيث اللفظ، قد ننتبه إلى الشبه.ان "MUSE"
التي تشير من طرف خفي إلى "musique" الفرنسية تحمل شيئا من نكهة
اللفظ العربي. وبينهما أصل مشترك. تحوّلت الكلمة إلى ما تعنيه اليوم من ممارسة
للدعارة، عبر الصوت الداعر.
أليست
حياة عدد لا بأس به من المغنيات يخلط بين ممارسة الغناء وممارسة
الدعارة؟
لكأنّ
نشوة الأذن تستدعي نشوة الجسد كلّه! فينزلق الصوت إلى التناهيد وأشياء
أخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق