الثلاثاء، 19 مارس 2013

سلطان الفاسوخ



الضغف، الخوف، الخيانة كلّها أمور تدفع المرء، أحياناً، إلى الإيمان بأشياء تثير الضحك أو الهزء. لا يمكن الغاء ايمان الناس بالخرافات- متابعة ميشال الحايك ومن لفّ لفّه ليلة رأس السنة شاهد-. كان هذا ردّ فعلي على العبارة التالية التي سمعت شخصاً يلقيها في أذن والدته: تذهبين عند العطّار، وتطلبين منه الـ"فاسوخ" وهو صمغ عشبيّ، ووظيفة هذا الصمغ الفاسخ ابطال مفعول المكتوب. كان الرجل – وهو، بالمناسبة، حائز على ليسانس بالمحاسبة - يخاطب الوالدة المقهورة على ابنتها التي يعذّبها زوجها اللعوب، وله علاقة غير شرعيّة مع امرأة أخرى.

تريد الأمّ المحروق قلبها على ابنتها أن تعيد الرجل إلى بيته وأولاده وتنقذ عائلة ابنتها من تهتّك الوالد عبر وسيط "الفاسوخ" الذي من مهمته "فسخ" العلاقة الحرام.

لفت نظري اسم العقار النباتيّ " الفاسوخ" الذي أخذه من وظيفته السحرية وقدرته على محو المكتوب وإعادة الامور سيرتها الأولى أو على فسخ الأحداث غير المرغوبة .عدد لا بأس به من الناس يؤمنون بـ"الفاسوخ" و" الكْتيبة". ولا أنسى، هنا، كيف أنني سمعت من فم أحد المؤمنين بفعالية "الكْتِيبة" عبارة لا تزال يرنّ صداها في أذني" الكتيبة حقّ"، واعتراضك عليها يضعك في خانة "الشكّاكين" بالحقّ المبين!

الإيمان الخرافيّ، هنا، يمنح الحبر سلطة غيبية وسحرية لا تقهر إلاّ بسلطة غيبية سحرية مضادّة .والضعف طبيعة بشرية لا ينجو منها حتّى الاقوياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق