كتبهابلال عبد الهادي ، في 29 نيسان 2011 الساعة: 18:22 م
ولابد
لكل مطلوب من مدخل إليه، وسبب يتوصل به نحوه، فلم ينفرد بالاختراع دون واسطة إلا
العليم الأول جل ثناؤه . فأول ما يستعمل طلاب الوصل وأهل المحبة في كشف ما يجدونه
إلى أحبتهم التعريض بالقول، إما بإنشاد شعر، أو بإرسال مثل، أو تعمية بيت، أو طرح
لغز، أو تسليط كلام.
والناس يختلفون في ذلك على قدر إدراكهم، وعلى حسب ما يرونه من أحبتهم من نفار أو أنس أو فطنة أو بلادة. وإني لأعرف من ابتدأ كشف محبته إلى من كان يحب بأبيات قلتها. فهذا وشبهه يبتدئ به الطالب للمودة، فإن رأى أنسا وتسهيلا زاد، وإن يعاين شيئا من هذه الأمور في حين إنشاده لشيء مما ذكرنا، أو إيراده لبعض المعاني التي حددنا، فانتظاره الجواب، إما بلفظ أو بهيئة الوجه والحركات، لموقف بين الرجاء واليأس هائل، وإن كان حينا قصيرا، لكنه إشراف على بلوغ الأمل أو انقطاعه.
ومن التعريض بالقول جنس ثان، ولا يكون إلا بعد الاتفاق ومعرفة المحبة من المحبوب، فحينئذ يقع التشكي وعقد المواعيد بالتغرير ، وإحكام المودات بالتعريض، وبكلام يظهر لسامعه منه معنى غير ما يذهبان إليه، فيجيب السامع عنه بجواب غير ما يتأدى إلى المقصود بالكلام، على حسب ما يتأدى إلى سمعه ويسبق إلى وهمه، وقد فهم كل منهما عن صاحبه وأجابه بما لا يفهمه غيرهما، إلا من أيد بحس نافذ، وأعين بذكاء، وأمد بتجربة، ولا سيما إن أحس من معانيهما بشيء قلما يغيب عن المتوسم المجيد، فهنالك لا خفاء عليه فيما يريدان.
وأنا اعرف فتى وجارية كانا يتحابان، فأرادها في بعض وصلها على بعض ما لا يجمل، فقالت: والله لأشكونك في الملأ علانية ولأفضحنك فضيحة مستورة. فلما كان بعد أيام حضرت الجارية مجلس بعض أكابر الملوك وأركان الدولة وأجل رجال الخلافة، وفيه ممن يتوقى أمره من النساء والخدم عدد كثير، وفي جملة الحاضرين ذلك الفتى، لأنه كان بسبب من الرئيس، وفي المجلس مغنيات غيرها، فلما انتهى الغناء إليها سوت عودها واندفعت تغني بأبيات قديمة وهي : [من الوافر]
والناس يختلفون في ذلك على قدر إدراكهم، وعلى حسب ما يرونه من أحبتهم من نفار أو أنس أو فطنة أو بلادة. وإني لأعرف من ابتدأ كشف محبته إلى من كان يحب بأبيات قلتها. فهذا وشبهه يبتدئ به الطالب للمودة، فإن رأى أنسا وتسهيلا زاد، وإن يعاين شيئا من هذه الأمور في حين إنشاده لشيء مما ذكرنا، أو إيراده لبعض المعاني التي حددنا، فانتظاره الجواب، إما بلفظ أو بهيئة الوجه والحركات، لموقف بين الرجاء واليأس هائل، وإن كان حينا قصيرا، لكنه إشراف على بلوغ الأمل أو انقطاعه.
ومن التعريض بالقول جنس ثان، ولا يكون إلا بعد الاتفاق ومعرفة المحبة من المحبوب، فحينئذ يقع التشكي وعقد المواعيد بالتغرير ، وإحكام المودات بالتعريض، وبكلام يظهر لسامعه منه معنى غير ما يذهبان إليه، فيجيب السامع عنه بجواب غير ما يتأدى إلى المقصود بالكلام، على حسب ما يتأدى إلى سمعه ويسبق إلى وهمه، وقد فهم كل منهما عن صاحبه وأجابه بما لا يفهمه غيرهما، إلا من أيد بحس نافذ، وأعين بذكاء، وأمد بتجربة، ولا سيما إن أحس من معانيهما بشيء قلما يغيب عن المتوسم المجيد، فهنالك لا خفاء عليه فيما يريدان.
وأنا اعرف فتى وجارية كانا يتحابان، فأرادها في بعض وصلها على بعض ما لا يجمل، فقالت: والله لأشكونك في الملأ علانية ولأفضحنك فضيحة مستورة. فلما كان بعد أيام حضرت الجارية مجلس بعض أكابر الملوك وأركان الدولة وأجل رجال الخلافة، وفيه ممن يتوقى أمره من النساء والخدم عدد كثير، وفي جملة الحاضرين ذلك الفتى، لأنه كان بسبب من الرئيس، وفي المجلس مغنيات غيرها، فلما انتهى الغناء إليها سوت عودها واندفعت تغني بأبيات قديمة وهي : [من الوافر]
غزال قد حكى بدر التمام … كشمس قد تجلت من غمام
سبى قلبي بألحاظ مراض … وقد الغصن في حسن القوام
خضعت خضوع صب مستكين … له وذللت ذلة مستهام
سبى قلبي بألحاظ مراض … وقد الغصن في حسن القوام
خضعت خضوع صب مستكين … له وذللت ذلة مستهام
فصلني
يا فديتك في خللا … فما أهوى وصالا في حرام وعلمت أنا هذا الأمر فقلت: [من
الوافر]
عتاب واقع وشكاة ظلم … أتت من ظالم حكم وخصم
تشكت ما بها لم يدر خلق … سوى المشكو ما كانت تسمي
تشكت ما بها لم يدر خلق … سوى المشكو ما كانت تسمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق