كتبهابلال عبد الهادي ، في 29 نيسان 2011 الساعة: 18:25 م
ثم
يتلو التعريض بالقول إذا وقع القبول والموافقة: الإشارة بلحظ العين، وإنه ليقوم في
هذا المعنى المقام المحمود، ويبلغ المبلغ العجيب، ويقطع به ويتواصل، ويوعد ويهدد،
ويقبض ويبسط، ويؤمر وينهى، وتضرب به الوعود ، وينبه على الرقيب، ويضحك ويحزن،
ويسأل ويجاب، ويمنع ويعطى.
ولكل واحد من هذه المعاني ضرب من هيئة اللحظ لا يوقف على تحديده إلا بالرؤية، ولا يمكن تصويره ولا وصفه إلا بالأقل منه. وأنا واصف ما تيسر من هذه المعاني:
فالإشارة بمؤخر العين الواحدة نهي عن الأمر، وتفتيرها إعلام بالقبول، وإدامة نظرها دليل على التوجع والأسف، وكسر نظرها آية الفرح، والإشارة إلى إطباقها دليل على التهديد، وقلب الحدقة إلى جهة ما ثم صرفها بسرعة تنبيه على مشار إليه، والإشارة الخفية بمؤخر العينين كلتهما سؤال، وقلب الحدقة من وسط العين إلى الموق بسرعة شاهد المنع، وترعيد الحدقتين من وسط العينين نهي عام، وسائر ذلك لا يدرك إلا بالمشاهدة.
واعلم أن العين تنوب عن الرسل، ويدرك بها المراد، والحواس الأربع أبواب إلى القلب ومنافذ نحو النفس، والعين أبلغها وأصحها دلالة وأوعارها عملا. وهي رائد النفس الصادق، ودليلها الهادي، ومرآتها المجلوة التي بها تقف على الحقائق وتميز الصفات وتفهم المحسوسات. وقد قيل: ليس المخبر كالمعاين، وقد ذكر ذلك افليمون صاحب الفراسة وجعلها معتمدة في الحكم.
وبحسبك من قوة إدراك العين أنها إذا لاقى شعاعها شيئا ما مجلوا صافيا، إما حديدا مصقولا أو زجاجا أو ماء أو بعض الحجارة الصافية أو سائر الأشياء المجلوة البراقة ذوات الرفيف والبصيص واللمعان يتصل أقصى حدوده بجسم كثيف ساتر مناع كدر، انعكس شعاعها فأدرك الناظر نفسه ومازها عيانا. وهو الذي ترى في المرآة، فأنت حينئذ كالناظر إليك بعين غيرك. ودليل عيان على هذا انك تأخذ مرآتين كبيرتين فتمسك إحداهما بيمينك خلف رأسك والثانية بيسارك قبالة وجهك ثم تزويها قليلا حتى يلتقيا بالمقابلة، فإنك ترى قفاك وكل ما وراءك، وذلك لانعكاس ضوء العين إلى ضوء المرآة التي خلفك، إذ لم تجد منفذا في التي بين يديك، ولما لم يجد وراء هذه الثانية منفذا انصرف إلى ما قابله من الجسم، وإن كان صالح غلام أبي إسحاق النظام خالف في الإدراك فهو قول ساقط لم يوافقه عليه أحد.
ولو لم يكن من فضل العين إلا أن جوهرها ارفع الجواهر وأعلاها مكانا، لأنها نورية لا تدرك الألوان بسواها، ولا شيء أبعد مرمى ولا أنأى غاية منها، لأنها تدرك بها أجرام الكواكب التي في الأفلاك البعيدة، وترى بها السماء على شدة ارتفاعها وبعدها، وليس ذلك إلا لاتصالها في طبع خلقتها بهذه المرآة، فهي تدركها وتصل إليها بالطفر ، لا على قطع الأماكن والحلول في المواضع وتنقل الحركات، وليس هذا لشيء من الحواس مثل الذوق واللمس، لا يدركان إلا بالمجاورة، والسمع والشم، لا يدركان إلا من قريب. ودليل على ما ذكرناه من الطفر أنك ترى المصوت قبل سماع الصوت، وإن تعمدت إدراكهما معا، ولو كان إدراكهما واحدا لما تقدمت العين السمع.
ولكل واحد من هذه المعاني ضرب من هيئة اللحظ لا يوقف على تحديده إلا بالرؤية، ولا يمكن تصويره ولا وصفه إلا بالأقل منه. وأنا واصف ما تيسر من هذه المعاني:
فالإشارة بمؤخر العين الواحدة نهي عن الأمر، وتفتيرها إعلام بالقبول، وإدامة نظرها دليل على التوجع والأسف، وكسر نظرها آية الفرح، والإشارة إلى إطباقها دليل على التهديد، وقلب الحدقة إلى جهة ما ثم صرفها بسرعة تنبيه على مشار إليه، والإشارة الخفية بمؤخر العينين كلتهما سؤال، وقلب الحدقة من وسط العين إلى الموق بسرعة شاهد المنع، وترعيد الحدقتين من وسط العينين نهي عام، وسائر ذلك لا يدرك إلا بالمشاهدة.
واعلم أن العين تنوب عن الرسل، ويدرك بها المراد، والحواس الأربع أبواب إلى القلب ومنافذ نحو النفس، والعين أبلغها وأصحها دلالة وأوعارها عملا. وهي رائد النفس الصادق، ودليلها الهادي، ومرآتها المجلوة التي بها تقف على الحقائق وتميز الصفات وتفهم المحسوسات. وقد قيل: ليس المخبر كالمعاين، وقد ذكر ذلك افليمون صاحب الفراسة وجعلها معتمدة في الحكم.
وبحسبك من قوة إدراك العين أنها إذا لاقى شعاعها شيئا ما مجلوا صافيا، إما حديدا مصقولا أو زجاجا أو ماء أو بعض الحجارة الصافية أو سائر الأشياء المجلوة البراقة ذوات الرفيف والبصيص واللمعان يتصل أقصى حدوده بجسم كثيف ساتر مناع كدر، انعكس شعاعها فأدرك الناظر نفسه ومازها عيانا. وهو الذي ترى في المرآة، فأنت حينئذ كالناظر إليك بعين غيرك. ودليل عيان على هذا انك تأخذ مرآتين كبيرتين فتمسك إحداهما بيمينك خلف رأسك والثانية بيسارك قبالة وجهك ثم تزويها قليلا حتى يلتقيا بالمقابلة، فإنك ترى قفاك وكل ما وراءك، وذلك لانعكاس ضوء العين إلى ضوء المرآة التي خلفك، إذ لم تجد منفذا في التي بين يديك، ولما لم يجد وراء هذه الثانية منفذا انصرف إلى ما قابله من الجسم، وإن كان صالح غلام أبي إسحاق النظام خالف في الإدراك فهو قول ساقط لم يوافقه عليه أحد.
ولو لم يكن من فضل العين إلا أن جوهرها ارفع الجواهر وأعلاها مكانا، لأنها نورية لا تدرك الألوان بسواها، ولا شيء أبعد مرمى ولا أنأى غاية منها، لأنها تدرك بها أجرام الكواكب التي في الأفلاك البعيدة، وترى بها السماء على شدة ارتفاعها وبعدها، وليس ذلك إلا لاتصالها في طبع خلقتها بهذه المرآة، فهي تدركها وتصل إليها بالطفر ، لا على قطع الأماكن والحلول في المواضع وتنقل الحركات، وليس هذا لشيء من الحواس مثل الذوق واللمس، لا يدركان إلا بالمجاورة، والسمع والشم، لا يدركان إلا من قريب. ودليل على ما ذكرناه من الطفر أنك ترى المصوت قبل سماع الصوت، وإن تعمدت إدراكهما معا، ولو كان إدراكهما واحدا لما تقدمت العين السمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق